
"الحرة": مَن أطفأ الكاميرات وسرق الحقوق؟
لم يكن أحد من العاملين في قناة "الحرة" يتخيّل أن تُختم رحلته المهنية برسالة إلكترونية باردة تُبلغه بأن كل شيء قد انتهى. بعد سنوات من العمل المتواصل، وتغطية الحروب والاحتجاجات والتحولات، تواجه القناة لحظة انهيار صادمة، وسط تسريحات جماعية وارتباك إداري، واتهامات متصاعدة بسوء إدارة وحرمان الحقوق.
خلف القرار الرسمي المعلن إنهاء التمويل الفديرالي بموجب سياسة تقشفية تعود إلى إدارة الرئيس دونالد ترامب، تكمن روايات عديدة سردها موظفون سابقون في القناة، تحدثوا إلى "النهار" عن ظروف وصفوها بالتعسفية وغير القانونية.
بحسب هؤلاء، وصلهم قرار الصرف عبر رسالة إلكترونية جماعية، أُرسلت إلى 92% من العاملين في الشبكة الإعلامية من دون سابق إنذار، ولا أي تسويات مالية. لم تُدفع لهم الرواتب المتأخرة، ولا تعويضات نهاية الخدمة، ولا حتى مستحقات الإجازات السنوية التي تم تجاهلها كليا.
في مكتب بيروت وحده، تم تقليص عدد الموظفين من 39 إلى 17 في المرحلة الأولى، ثم إلى 3 فقط بعقود جديدة لم تتضح ماهيتها أو شروطها. واللافت أن موظفين اكتشفوا بعد صرفهم أن زملاء لهم قد أُعيد توظيفهم عاملين مستقلين (freelancers) ضمن ترتيبات غامضة، ما أثار الشكوك في معايير الاختيار، والنية الحقيقية خلف ما يحدث.
على الورق، تقول القناة إن التمويل توقف والمؤسسة غير قادرة على الاستمرار. في الواقع، تشير مصادر مطلعة إلى أن تمويلاً من الكونغرس الأميركي كان قد وصل في منتصف آذار/مارس، أي بعد يوم واحد فقط من إعلان الإدارة عجزها المالي. ورغم توافر المال، لم تُصرف الرواتب ولا التعويضات، بل بقيت الإدارة تعمل بنصف طاقتها، مع الاحتفاظ بنحو 30 موظفاً فقط موزعين بين فرجينيا ودبي وبيروت.
الأسوأ من ذلك، بحسب شهادات الموظفين، هو امتناع الإدارة عن دفع الاشتراكات للضمان الاجتماعي، رغم اقتطاعها من رواتبهم شهرياً، وهو ما يحول دون حصولهم على تعويضات نهاية الخدمة من الجهات الرسمية. هذا التجاهل لم يتوقف عند حقوق العاملين فقط، بل تعدّاه إلى الحديث عن نية الإدارة تصفية أصول القناة من سيارات ومعدات عبر التبرعات أو الشحن، بدلاً من بيعها لصرف مستحقات الموظفين.
المدير التنفيذي للقناة جيفري غدمين، وجّه لوما مباشرا إلى المستشارة الخاصة للوكالة الأميركية للإعلام، متهماً إياها بتجميد التمويل عمدا ورفض التواصل. لكن الموظفين يعتقدون أن الإدارة الحالية تحاول ببساطة كسب الوقت للحفاظ على مواقعها، ورواتبها المرتفعة جداً، حتى آخر دولار في الحساب المصرفي للمؤسسة، وفق تعبير أحدهم.
من واشنطن إلى دبي وبيروت، تتصاعد التحركات القانونية التي تهدف إلى مقاضاة الإدارة الحالية على ما يصفه المتضررون بأنه "انتهاك صريح لقوانين العمل وحقوق الإنسان". كما أن بعض العاملين السابقين المقيمين في الولايات المتحدة مهددون بالترحيل بعد فقدانهم الوضع القانوني الذي كانت القناة تؤمنه لهم، في غياب أي خطة بديلة أو دعم انتقالي.
موظفو "الحرة" الذين تحدثوا إلى "النهار" أبدوا حسرة على ما آل إليه وضع القناة، لا فقط بسبب فقدان وظائفهم، بل للطريقة التي تمت بها العملية، والتي وصفوها بـ"الإهانة المباشرة لتاريخ مهني طويل". وقال أحدهم: "لم نكن موظفين عاديين، كنا نبض الشارع، غطّينا أصعب المحطات في تاريخ المنطقة، من الحروب إلى الثورات. لم نكن نتوقع أن تكون النهاية بهذا الشكل".
في خضم كل ذلك، لا يزال بث القناة مستمراً بصيغته المحدودة، لكن كل المؤشرات تدل على أن النهاية قريبة جداً. قناة وُلدت في لحظة سياسية حاسمة، يبدو أنها تموت اليوم وسط حسابات جديدة، وتحت غبار فساد يُقال إنه سيصل إلى المحاكم الفديرالية قريباً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المدن
منذ 16 دقائق
- المدن
"حماس" تندد بتصريحات فاين: تحريض صريح على الإبادة الجماعية
وصفت حركة "حماس"، دعوة النائب الجمهوري الأميركي راندي فاين إلى قصف قطاع غزة بالسلاح النووي، بأنها "جريمة مكتملة الأركان وتحريض صريح على الإبادة الجماعية"، مؤكدة أن هذه التصريحات "تعكس عنصرية فاشية تحكم عقل بعض الساسة الأميركيين". انتهاك صارخ للقانون الدولي وفي بيان رسمي، قالت الحركة، إن "هذه الدعوة المتطرفة تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، وتحريضاً علنياً على استخدام أسلحة دمار شامل ضد أكثر من مليوني مدني في غزة"، داعية الإدارة الأميركية والكونغرس إلى التنديد الفوري بالتصريحات، التي عدّتها "استمراراً لتحول الكونغرس إلى منصة لتبرير جرائم الاحتلال وتشجيعها، لا سيما بعد استقباله مجرم الحرب بنيامين نتنياهو". وأكدت الحركة أن "مثل هذه الدعوات الوحشية لن تضعف عزيمة شعبنا الفلسطيني ولا إيمانه بعدالة قضيته، بل تفضح الوجه الحقيقي للاحتلال وداعميه". وكان عضو مجلس النواب الأميركي عن ولاية فلوريدا راندي فاين، قد دعا خلال مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز"، إلى التعامل مع غزة كما تعاملت الولايات المتحدة مع اليابان في الحرب العالمية الثانية، عبر قصفها بالقنابل النووية لتحقيق "استسلام غير مشروط". ووصف فاين القضية الفلسطينية بأنها "شر مطلق"، مضيفاً: "في الحرب العالمية الثانية، لم نتفاوض مع النازيين ولا مع اليابانيين، بل استخدمنا القنابل النووية مرتين وهذا ما ينبغي أن يحدث هنا أيضاً". وجاءت تصريحاته رداً على سؤال بشأن جدوى مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية في غزة، على خلفية حادثة إطلاق نار في السفارة الإسرائيلية بواشنطن، والتي أسفرت عن مقتل اثنين من موظفيها. إدانة غير رسمية أميركية من جهته، أدان مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (CAIR) بشدة تصريحات فاين، واصفاً إياها بأنها "تحريض على الإبادة الجماعية"، داعياً الكونغرس إلى "إبعاده من جميع اللجان والكتل البرلمانية". وقال المجلس في بيان، إن "تصريح فاين يُمثل أحد أخطر التصريحات وأكثرها إهانة للإنسانية من قبل عضو حالي في الكونغرس، ويُعرض حياة المسلمين الأميركيين والفلسطينيين للخطر المباشر". وكان فاين قد فاز بالمقعد النيابي في انتخابات خاصة بولاية فلوريدا مطلع نيسان/أبريل الماضي، ويُعرف بدعمه الشديد للصهيونية، كما أثار جدلاً خلال حملته الانتخابية بعد مهاجمته خصمه الديمقراطي جوش ويل بسبب ديانته الإسلامية، واصفاً إياه بـ"الجهادي".


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
تقويض وحدة "الناتو"... إسبانيا آخر الرافضين لرفع نسبة الإنفاق العسكري إلى 5%
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب بقيت إسبانيا آخر الدول الرافضة لخطة "الناتو"، التي تقضي برفع نسبة الإنفاق العسكري من الناتج المحلي إلى 5%، والتي اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقال أربعة مسؤولين مطلعين على الاستعدادات، إنّ مدريد تتعرّض لضغوط للالتزام بهذا الهدف وتمكين "الناتو" من الإعلان عن وفاء جميع أعضائه بهذا التعهّد في اجتماع لوزراء دفاعه في بروكسل في 5 حزيران. ويبذل الدبلوماسيون جهوداً حثيثة لتأمين دعم إجماعي من "الناتو" قبل قمة قادة الحلف في لاهاي في 24 حزيران، حيث يأمل الكثيرون أن يقبل ترامب بوعود زيادة الإنفاق ويؤكّد الضمانات الأمنية الأميركية لأوروبا. بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إنه "حثّ إسبانيا على الانضمام إلى حلفائها في تخصيص 5% من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع"، وذلك بعد لقائه وزير الخارجية الإسباني في واشنطن هذا الأسبوع. كما قال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، بعد اللقاء، إنه تبادل الآراء مع روبيو، حيث عبّر كلاهما عن آرائه بوضوح تامّ، ولفت ألباريس إلى أنه أصرّ على أن الوصول إلى نسبة 2% يتطلّب "جهداً هائلاً"، وأنّ "النقاش الحالي يجب أن يركّز على القدرات". ولم تؤكّد إسبانيا، بعد، دعمها لتعهّد الـ 5%، حسبما قال المسؤولون، مما قد يعيق صدور بيان بالإجماع، ويقوّض وحدة التحالف، ويُعقّد الاستعدادات لقمة لاهاي. مؤسس شركة "جيوبوليتيكال إنسايتس" (شركة استشارية مقرها مدريد)، برناردو نافازو، قال إنّ إسبانيا تدرك ضرورة إنفاق أكثر من 2% على الدفاع، لكنها اضطرّت إلى كسب الوقت "للعمل على خطاب عامّ مصاحب، لأننا كدولة ننتمي إلى تقاليد أكثر سلمية ومعادية للعسكرة". ولكن، نافازو، يرى أنّ الهدف الأميركي "غير واقعي"، مضيفاً: "بالنسبة لدول مثل إسبانيا وإيطاليا، سيكون من الصعب للغاية حثّ شعوبها على دعم نسبة 5%، في سياق لا يشعر فيه الناس بأيّ تهديد وشيك، حتى لو أعلن قادتها أنهم جزء من الاتحاد الأوروبي، وأنّ الاتحاد يواجه تهديداً أمنياً من روسيا". وكان ترامب قد طالب دول "الناتو" بالوصول إلى نسبة 5% وإلا ستخاطر بفقدان الحماية الأميركية، في مسعى "لمعادلة" تكلفة الدفاع عن التحالف.


الديار
منذ 2 ساعات
- الديار
الاتحاد الأوروبي يدرس فرض حزمة عقوبات جديدة مشددة ضد روسيا
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب يعتزم الاتحاد الأوروبي فرض حزمة عقوبات موسّعة تشمل استبعاد أكثر من 20 بنكاً روسياً من نظام "سويفت" للمدفوعات الدولية، بالإضافة إلى خفض سقف أسعار النفط الروسي، إلى جانب حظر خط أنابيب "نورد ستريم"، في خطوة جديدة لزيادة الضغط على موسكو. وتجري المفوّضية الأوروبية حالياً مشاورات مع الدول الأعضاء بشأن هذه الخطط، بهدف صياغة حزمة جديدة من العقوبات الأوروبية ضدّ روسيا، بحسب ما نقلته وكالة "بلومبرغ" عن مصادر مطّلعة اشترطت عدم الكشف عن هويّتها. ووفقاً للمصادر نفسها، لم يُحسم توقيت فرض العقوبات بعد، وقد يشهد المقترح تعديلات خلال المداولات الجارية قبل اعتمادها رسمياً، فيما تتطلّب عقوبات الاتحاد الأوروبي موافقة جميع الدول الأعضاء. وتشمل العقوبات المقترحة، فرض حظر إضافي على المعاملات على نحو 24 بنكاً روسياً من نظام "سويفت" للمدفوعات الدولية، وقيود تجارية جديدة بقيمة 2.5 مليار يورو (2.84 مليار دولار)، في سعيه إلى تقليص إيرادات روسيا وقدرتها على الحصول على التكنولوجيا اللازمة لصنع الأسلحة. وفي إطار الحزمة قيد المناقشة، تخطط الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي أيضاً لاقتراح خفض سقف سعر النفط الروسي الذي تفرضه مجموعة السبع إلى نحو 45 دولاراً للبرميل، وحظر خط أنابيب الغاز "نورد ستريم" المعلّق منذ تفجيره في 2022، بحسب المصادر. وتسعى بروكسل اليوم إلى توسيع هذه القائمة لتشمل مزيداً من البنوك، في إطار محاولاتها "لكبح قدرة روسيا على تمويل عملياتها العسكرية في أوكرانيا".