logo
اليسار الفرنسي غير مرحب به في إسرائيل… والتهمة 'معارضة حرب غزة'

اليسار الفرنسي غير مرحب به في إسرائيل… والتهمة 'معارضة حرب غزة'

الناس نيوز٢٥-٠٤-٢٠٢٥

ميديا – الناس نيوز ::
باريس – الشرق – طوني شاميّة – أثار قرار إسرائيل إلغاء تأشيرات دخول نواب يساريين فرنسيين ورؤساء بلديات، كانوا يعتزمون زيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية، غضباً واسعاً في الأوساط السياسية الفرنسية، وسط اتهامات لتل أبيب بالتمييز بسبب المواقف المناهضة لحرب غزة.
وفيما تلتزم باريس الصمت، يُحمّل المعنيون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مسؤولية الرد.
ويأتي الموقف الإسرائيلي بعد أسبوعين من استقبال شخصيات سياسية فرنسية من اليمين واليمين المتطرف، يتقدمهم رئيس حزب 'التجمع الوطني' جوردان بارديلا، الداعم المُستجد لإسرائيل، ورئيس الوزراء الفرنسي السابق جابرييل أتال، المنتمي إلى تيار ماكرون.
ورغم أن اليمين المتطرف الفرنسي كان في الماضي من الداعمين لقيام دولة فلسطينية ومناهضاً للسياسات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، إلا أنه انقلب في السنوات الأخيرة بالكامل ليضع كامل تركيزه على قضايا الهجرة والمسلمين، وأصبح داعماً أساسياً لإسرائيل.
وفي المقابل برزت أحزاب اليسار الفرنسي كداعم رئيسي للفلسطينيين، ووهي تعارض الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، خصوصاً حزب 'فرنسا الأبية' الذي يقوده جون لوك ميلونشون، وأيضاً أحزاب 'البيئة' و'الشيوعي'.
دعم ماكرون للدولة الفلسطينية
وألغت إسرائيل تأشيرات عدد من النواب والشخصيات الفرنسية لمنعهم من زيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن بين المستهدفين نواب عن حزبي 'البيئة' و'الشيوعي'، وذلك قبل يومين من الموعد المقرر لهذه الزيارة.
واعتبر النائب أليكسي كوريير عن حركة 'لابريه' (نائب سابق في فرنسا الأبية)، والذي سُحبت منه التأشيرات، أن هذه الخطوة سببها 'الوضع المتوتر بين فرنسا وإسرائيل'، خصوصاً بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن عزمه الاعتراف بالدولة الفلسطينية في يونيو المقبل.
وأبدت إسرائيل انزعاجها من إعلان ماكرون، وأبلغت فرنسا بأنها ضد هذا الإجراء.
ومن بين الشخصيات التي كانت ستشارك في هذه الزيارة قبل إلغائها، نوابٌ من الجمعية الوطنية (البرلمان)، مثل فرانسوا روفان، وجولي أوزين (عن حزب البيئة)، والنائبة الشيوعية سُميّة بوروحا (وهي من أصول جزائرية)، وعضو مجلس الشيوخ ماريان مارجات، إلى جانب رؤساء بلديات ونواب محليين من التيار اليساري، وهم من أحزاب تؤيد الاعتراف بدولة فلسطينية، وأبدت دعمها لمقترح ماكرون.
وأصدر النواب ومن معهم، من الذين أُلغيت تأشيراتهم، بياناً وصفوا فيه ما أقدمت عليه اسرائيل بـ'القطيعة الدبلوماسية الكُبرى'.
وطالبوا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتدخل، وسط توتر متصاعد بين باريس وتل أبيب على خلفية تصريحات ماكرون الأخيرة بشأن قرب اعتراف فرنسا بدولة فلسطينية.
مطالبة بالتحرك الحكومة الفرنسية
وقال النائب أليكسي كوربيير، في تصريحات لـ'الشرق'، إن 'على الرئيس ماكرون التحرك من أجل وضع حد للتصرفات الإسرائيلية'.
وأضاف أن وفداً من نواب وأعضاء مجلس شيوخ و بلديات منتخبين تم منعهم من السفر إلى إسرائيل. وتابع: 'كنا ننوي السفر من باريس إلى إسرائيل، ومنها إلى الأراضي الفلسطينية، (وتحديداً) إلى الضفة الغربية، ومن ثم إلى غزة'.
وأوضح أن 'هذا ما كنا نحاول القيام به، لأن هذا الوفد كان مكوناً من نواب فرنسيين، وأعضاء في مجلس الشيوخ، ورؤساء بلديات، ومنتخبين محليين'.
وتابع كوربيير: 'كنا نتوقع أن نُستقبل في الضفة الغربية من قبل ناشطين فلسطينيين، وفي إسرائيل من قبل جمعيات مثل Standing Together، أو حتى نواب إسرائيليين، يرغبون في لقائنا'.
ووصف أعضاء من الوفد ينتمون إلى حزبي 'البيئة' و'الشيوعي'، في مؤتمر صحافي، الخطوة الإسرائيلية بأنها 'عقاب جماعي'، وطالبوا ماكرون بالتدخل، مشددين على رغبتهم في معرفة دوافع القرار المفاجئ.
ووصفوا ما جرى بأنه 'قطيعة كبيرة في العلاقات الدبلوماسية'، وحذروا من أن منع مسؤولين منتخبين من السفر 'لا يمكن أن يمر بلا عواقب'، واضعين الكرة في ملعب ماكرون، الذي دعوه مع الحكومة، إلى التحرك لضمان دخولهم إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، كما قالت النائبة سميّة بوروحا، التي أخذت على الحكومة الفرنسية صمتها المطبق منذ 5 أيام.
'إخفاء معاناة الشعب الفلسطيني'
وأشارت بوروحا، في تصريح لـ'الشرق'، إلى أنها كانت ضمن الوفد الذي كان من المفترض أن يتوجه إلى إسرائيل وفلسطين، واعتبرت القرار الإسرائيلي بسحب التأشيرات بأنه 'مصدر استغراب كبير'.
واعتبرت بوروحا الخطوة بـ'السابقة في هذا السياق، خاصة بالنسبة للمنتخبين (النواب)'، وقالت إن ذلك 'يُعد قطيعة دبلوماسية، بل وإهانة لفرنسا، لأنه، كما قيل، لقد مُنع ممثلو الشعب، ولا نفهم هذا القرار، لأننا كنا متجهين إلى هناك برسالة سلام وتضامن، ولمواصلة العمل على مشاريع قائمة تستحق الاستمرار'.
وأضافت بوروحا لـ'الشرق': 'ما نطالب به الآن هو تحرك حكومي'، مشيرة الى أن 'كل ما قُدم لسحب التأشيرات ليس إلا مبررات واهية، ولا يوجد سبب حقيقي'.
أما النائب كوربيير فأعرب عن اعتقاده أن 'الوضع متوتر بين فرنسا وإسرائيل، خصوصاً بعد تصريحات الرئيس ماكرون (بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية)، وربما أيضاً لأننا نواب برلمانيون، ولنواب البرلمان صوت مسموع'.
واعتبر كوربيير أن السلطات الإسرائيلية تريد 'إسكات هذا الصوت، ومنعنا من الشهادة على ما يحدث فعلياً، ومواصلة سياسة تهميش وإخفاء معاناة الشعب الفلسطيني، لا سيما وأنه كان من المقرر أن نلتقي بإسرائيليين أيضاً، ممن يؤمنون بالسلام، وهم كذلك كانوا ينتظروننا، لأن هدفنا من الرحلة كان لقاءهم والتعاون معهم'.
وذكر الوفد أن القنصلية الفرنسية في القدس كانت وجّهت لهم دعوة لزيارة تستمر خمسة أيام، بهدف 'تعزيز التعاون الدولي وثقافة السلام'، في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، مؤكدين أن السلطات الإسرائيلية ألغت قبل يومين من بدء الزيارة التأشيرات التي كانت صدرت قبل شهر كامل.
وزعمت وزارة الداخلية الإسرائيلية أن القرار يستند إلى قانون يسمح بحظر دخول من 'قد يعمل ضد إسرائيل'، وفق وصفها.
ريما حسن.. أبرز الأصوات المعارضة للحرب
وسبق لإسرائيل أن منعت دخول النائبة الفرنسية في الاتحاد الأوروبي ريما حسن، وهي من أصول فلسطينية، و تعتبر من الأصوات البارزة المنتقدة للحرب الإسرائيلية على غزة.
وفي فبراير، توجهت ريما حسن، وهي من حزب 'فرنسا الأبية' مع زميلتها في البرلمان الأوروبي لين بويلان إلى إسرائيل بهدف زيارة الضفة الغربية لإجراء لقاءات مع مسؤولين فلسطينيين، ولكن تم منعها من الدخول، وتم ترحيلها.
وتواجه ريما حسن حملة من اليمين واليمين المتطرف في فرنسا، بسبب معارضتها لحرب غزة، ويتم اتهامها بشكل متكرر بـ'معادات السامية'، رغم أنه لم يتم إدانتها قط بهذه التهمة من قبل القضاء.
وتم استدعاء ريما حسن من قبل الشرطة الفرنسية للتحقيق معها في هذه الاتهامات، الأسبوع الماضي، ورغم أنها تمتلك حصانة برلمانية تؤهلها لرفض هذا الاستجواء، إلا أنها قررت الحضور، وتم استجوابها 11 ساعة كاملة.
وقالت حسن إنه رغم حصانتها النيابية إلا أنها قررت المثول أمام الشرطة لأنها 'مع الحق، ومن هو مع الحق لا يخشى شيئاً'.
وأضافت أنها 'لم ولن تصرح بأي كلام من شأنه إثارة النعرات أو ينم عن معاداة السامية، وإنما من أجل وقف حمام الدم المستمر في غزة والضفة الغربية، ودفاعاً عن المدنيين الفلسطينيين'.
اليمين الفرنسي مرحب به في إسرائيل
في المقابل، رحب السلطات الإسرائيلية بزيارة جوردان بارديلا، رئيس حزب 'التجمع الوطني' الفرنسي، اليميني المتطرف، ورئيس الوزراء السابق جابرييل أتال، المنتمي إلى تيار ماكرون.
وزار بارديلا في 26 مارس الكيبوزات المحيطة بقطاع غزة، والتي شهدت هجوم 'حماس' في 7 أكتوبر 2023، وقال إن 'فرنسا وإسرائيل لديها نفس الخصوص'.
كما ذهب بارديلا إلى أكثر من ذلك في تصريحاته بوصف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي قتلت أكثر من 51 ألف شخص أغلبهم من الأطفال والنساء، بـ'صراع الحضارة ضد البربرية'.
ورغم الدعم الكامل الذي أبداه بارديلا لإسرائيل في هذه الحرب، إلا أن العديد من الشخصيات اليهودية في فرنسا لا تزال متشككة من اليمين المتطرف الفرنسي، والذي سبق إدانة العديد من شخصياته سابقاً، على غرار جان ماري لوبان، بـ'معادة السامية'.
استبعاد القطيعة بين البلدين
من جانبه، استبعد الخبير في العلاقات الفرنسية-الإسرائيلية إريك جوزلان، في تصريح لـ'الشرق'، تفاقم الأزمة بين البلدين في ضوء قضية منع المشرعين الفرنسيين من دخول إسرائيل، معتبراً أن الجميع مركز حالياً بما يجري بين الولايات المتحدة وإيران، ووفاة بابا الفاتيكان فرانسيس، وغيرها من الملفات الجيوسياسية.
كما استبعد تدهور العلاقات أو أي قطيعة، متوقعاً أقصى ما قد يصدر عن الجانب الفرنسي، بيان من الخارجية الفرنسية أو من الإليزيه لتخفيف حدة ما حصل.
ولكنه استبعد حصول ذلك في الوقت القريب، بسبب وجود ماكرون خارج فرنسا، فيما يُحضر وزير الخارجية جان نويل بارو لزيارة المغرب.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حل الدولتين والشراكة الإستراتيجية.. على طاولة ماكرون في زيارته لدول جنوب شرق آسيا
حل الدولتين والشراكة الإستراتيجية.. على طاولة ماكرون في زيارته لدول جنوب شرق آسيا

عكاظ

timeمنذ 11 ساعات

  • عكاظ

حل الدولتين والشراكة الإستراتيجية.. على طاولة ماكرون في زيارته لدول جنوب شرق آسيا

تابعوا عكاظ على تمهيداً لمؤتمر حول حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية المقرر انعقاده في الأمم المتحدة في يونيو، والذي سترأسه فرنسا إلى جانب السعودية، يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غداً (الأحد)، جولة تستمر 6 أيام في جنوب شرق آسيا، تشمل فيتنام وإندونيسيا وسنغافورة. وذكر قصر الأليزيه أن جولة ماكرون تؤكد أن فرنسا شريك موثوق يحترم سيادة واستقرار دول المنطقة، مبيناً إن الزيارة تكرس إستراتيجية بلاده في منطقة المحيطين الهندي والهادي كـ«قوة توازن». ويبدأ ماكرون جولته من العاصمة الفيتنامية هانوي، ومن المقرر أن يجري لقاءات سياسية (الاثنين)، قبل أن يجتمع (الثلاثاء) مع مسؤولين في قطاع الطاقة، كما سيلتقي في جاكرتا، بالأمين العام لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، كاو كيم هورن يوم (الأربعاء) لبحث سبل تعزيز التعاون بين فرنسا والتكتل الإقليمي. وسيزور إندونيسيا -أكبر دولة ذات غالبية مسلمة- لبحث ملف حل الدولتين في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تمهيداً لمؤتمر ستنظمه الأمم المتحدة في يونيو برعاية فرنسية سعودية مشتركة، حيث يعتبر ملف الاعتراف بدولة فلسطين جزءاً من القضايا المطروحة خلال المحطة الإندونيسية. ومن المقرر أن يختتم ماكرون زيارته الجمعة بكلمة في افتتاح منتدى «حوار شانغريلا» الأمني في سنغافورة، إحدى أبرز المنصات الإقليمية لمناقشة قضايا الأمن والدفاع. وتشكّل زيارة ماكرون فرصة للدفاع عن رؤية باريس كشريك يحظى بثقة الأطراف المتنازعة في المنطقة. أخبار ذات صلة /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} ماكرون

حملة فرنسا ضد "الإخوان".. جدل متصاعد والحكومة تحذر من "مشروع الجماعة"
حملة فرنسا ضد "الإخوان".. جدل متصاعد والحكومة تحذر من "مشروع الجماعة"

الشرق السعودية

timeمنذ يوم واحد

  • الشرق السعودية

حملة فرنسا ضد "الإخوان".. جدل متصاعد والحكومة تحذر من "مشروع الجماعة"

كشف الاجتماع الأخير لمجلس الدفاع الفرنسي عن تصاعد المخاوف لدى السلطات الفرنسية من اتساع نفوذ "جماعة الإخوان" داخل البلاد، لا سيما في عدد من القطاعات الحكومية، فيما حذرت منظمات إسلامية من استخدام التقرير غطاءً لاستهداف عموم المسلمين. وجاء الاجتماع الذي عُقد الأربعاء برئاسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في أعقاب تقرير مشترك أعدّته عدة وزارات وأجهزة أمنية واستخباراتية، تضمن ما اعتُبر "معطيات مقلقة" بشأن أنشطة الجماعة وتحركاتها "السرّية والعلنية"، التي يُعتقد أنها تمثل تهديداً مباشراً لـ"تماسك المجتمع الفرنسي". وفي ضوء التقرير طلب ماكرون من الحكومة اتخاذ إجراءات للحد من نفوذ "جماعة الإخوان"، التي تعمل، بحسب التقرير، "تحت أسماء ومسميات مختلفة"، من بينها جمعيات وتجمعات تتمتع بتراخيص رسمية داخل فرنسا. ولهذا الغرض، تم تشكيل خلية أمنية-قضائية مختصة بـ"إجراء عمليات متابعة"، مع تركيز خاص على قطاعات مثل الخارجية، والمالية، والتعليم، والرياضة. كما ستُدرج خطة لتدريب الموظفين الحكوميين والمنتخبين المحليين، إلى جانب إطلاق "استراتيجية للتوعية العامة". من جانبه، أعرب المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عن قلقه من تعميم الاتهامات، محذراً من "وصم جميع المسلمين في فرنسا"، ومؤكداً أن "جماعة الإخوان" لا تمثل سوى أقلية داخل الطيف الإسلامي في فرنسا. وسلّط التقرير الضوء على ما اعتبر "تهديداً للتماسك الوطني" في ظل تنامي نفوذ "الإسلام السياسي على المستوى المحلي"، مشيراً إلى أن نشاط الجماعة بات يجمع بين "التحركات العلنية والسرية"، ما يشكل "مزيجاً خطيراً" على المجتمع الفرنسي. ووفقاً لبيان صادر عن الإليزيه، فإن ماكرون، وبالنظر إلى "خطورة المعطيات المثبتة" في التقرير، أوعز إلى الحكومة بإعداد سلسلة من المقترحات لمناقشتها خلال الاجتماع المقبل لمجلس الدفاع مطلع يونيو. كما قرر الرئيس الفرنسي نشر التقرير كاملاً قبل نهاية الشهر الجاري، في خطوة نادرة بالنسبة لاجتماعات مجلس الدفاع التي عادة ما تبقى طي الكتمان. "خلية خاصة ومراقبة مشددة" وفي السياق، عرض وزير الداخلية برونو ريتايو أمام مجلس الشيوخ، طرقاً أولية تهدف إلى تشديد الرقابة على أنشطة "جماعة الإخوان" في فرنسا. وتتضمن الخطة تعزيز التنسيق بين أجهزة الاستخبارات، وتنظيم جهودها لمراقبة تحركات الجماعة واجتماعاتها، ووضعه تحت أعين المراقبة الحثيثة والقريبة. وبهدف تجاوز ما وصفه بـ"العوائق الإدارية"، تم تشكيل خلية أمنية-قضائية تضم مكتب المدعي العام الإداري داخل وزارة الداخلية، لتسهيل تنفيذ المتابعات الأمنية، لا سيما في الملفات التي "تشكل خطراً" على تكوين المجتمع الفرنسي. ودعا ماكرون، ورئيس الوزراء فرانسوا بايرو، عدداً من الوزراء المعنيين بقطاعات الخارجية، المالية، والتعليم، بما في ذلك التعليم العالي والرياضة، إلى اجتماع خاص، على خلفية ما اعتبره قصر الإليزيه "محاولات اختراق هرمي تبدأ من القاعدة وتمتد تدريجياً نحو قمة هذه المؤسسات". أما وزير الداخلية روتايو، الذي يترأس حزب "الجمهوريين" (يمين وسط) ويُتوقع ترشحه للانتخابات الرئاسية في 2027، فقد تعهّد بخوض "معركة حاسمة ضد الإسلاموية"، من خلال تفعيل أجهزة الاستخبارات ومكتب المدعي العام الإداري، وتسهيل الإجراءات القانونية لحظر الجمعيات أو الكيانات المرتبطة بالجماعة. كما أعلن روتايو عن برامج لتدريب الموظفين الحكوميين والمسؤولين المحليين المنتخبين، إلى جانب اعتماد "استراتيجية توعية عامة" لمواجهة ما اعتبره خطراً على نسيج المجتمع الفرنسي. وبحسب التقرير، فإن "جماعة الإخوان"، "تُعد تهديداً حقيقياً للنسيج الاجتماعي الفرنسي ولمبادئ الجمهورية، بما في ذلك التماسك الوطني والمؤسسات الديمقراطية". وذكر التقرير أن الجماعة تسعى لـ"تقويض النسيج الوطني والمؤسسات الجمهورية عبر مشروع إسلاموي ذا طبيعة تخريبية، ينمو أولاً على المستوى المحلي"، فيما سُمي بـ"الإسلاموية البلدية". واعتبر التقرير أن "جماعة الإخوان" تعتمد على "بنية متينة لنشر الإسلام السياسي، الذي لوحظ أنه ينمو ويترعرع أولاً على المستوى المحلي"، ويرى أن انتشار هذا الفكر "الإسلاموي من الأسفل"، أي من القاعدة، يُشكل "تهديداً على المدى القصير والمتوسط". وسلّط الضوء على "طبيعة مشروع جماعة الإخوان"، والذي يهدف، بحسب الوثيقة، إلى "العمل على المدى الطويل للحصول تدريجياً على تغييرات في القواعد المحلية أو الوطنية"، وخاصة تلك المتعلقة بالعلمانية والمساواة بين الجنسين. وأضاف معدو التقرير، بعد مقابلات مع 45 أكاديمياً، و10 رحلات في فرنسا، و4 إلى أوروبا، أن ما سموه بـ"الإسلاموية البلدية" قد يكون لها "تأثيرات متزايدة في المجال العام والساحة السياسية المحلية"، مع "شبكات تعمل إلى حد خلق أنظمة بيئية إسلاموية متزايدة العدد". ويسلط التقرير الضوء أيضاً على نفوذ "جماعة الإخوان" في بعض المؤسسات التعليمية، مثل "مدرسة الكِندي" المتوسطة في ديسين شاربيو، قرب ليون، والتي تضم 650 طالباً، والتي أنهت الحكومة عقدها. علماً أن هذه المدرسة طعنت لدى المحكمة في قرار الحكومة. كما استنكر أولياء التلاميذ والمعلمون في مدرسة الكِندي، ما أسموه "الاضطهاد الذي يتعرضون له". من جانبه، استنكر "اتحاد المسلمين الفرنسيين"، الاتهامات "التي لا أساس لها من الصحة"، محذراً من "الخلط الخطير بين الإسلام والتطرف الإسلامي". وانتقد هذا التقرير، الباحث فينسنت جيسير، مدير معهد الأبحاث والدراسات حول العالمين العربي والإسلامي في مدينة آكس أون بروفانس، جنوب شرق فرنسا، معتبراً أنه يتخذ "نهجاً سياسياً"، ويحظى بدعم خاص من وزير الداخلية الحالي برونو روتايو، الذي يصفه اليسار الفرنسي بـ"المعادي للمسلمين". المنظمات الإسلامية كما حدّد التقرير منظمة "مسلمو فرنسا" كفرع محلي لـ"جماعة الإخوان" في البلاد. واستنكرت المنظمة هذه الاتهامات، وقالت إنها "تلاحظ بدهشة عميقة وقلق بالغ" العناصر الواردة في هذا التقرير، مؤكدة في بيان أنها "قدّمت كل المعلومات المطلوبة، من دون تحفظ، بشأن توجهاتها وأفعالها وحوكمتها ومبادئها الأساسية". الخبيرة في علم الأنثروبولوجيا، فلورنس بيرجود بلاكلير، وصفت نشر التقرير بـ"الحدث المهم"، وقالت: "نملك الآن الدليل على أن منظمة، مسلمو فرنسا، التي كانت تابعة لاتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية سابقاً، ليست قريبة من جماعة الإخوان، بل هي جماعة الإخوان نفسها". وفي حديث لـ"الشرق"، شدّدت بلاكير، وهي باحثة في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، ورئيسة المركز الأوروبي للأبحاث والمعلومات حول الحرية (CERIF) على أهمية التقرير الذي يعكس "حقيقة السيطرة الإيديولوجية لجماعة الإخوان على المجتمع الفرنسي"، بحسب تعبيرها. واتهمت الباحثة أعضاء اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا بأنهم "كانوا ينكرون دائماً عضويتهم في الجماعة، لكن مع هذه الوثيقة لا يوجد أي شك". وأضافت: "اتحاد المنظمات الإسلامية الأوروبية- مسلمو فرنسا، هو فرع من اتحاد المنظمات الإسلامية الأوروبية- مجلس المسلمين الأوروبيين (UOIE-CEM)، والذي يمثل الأخوة السرية في أوروبا". وأشارت بلاكير إلى أن ما جاء في التقرير يتناسب جيداً مع الثلاثية المميزة التي وصفتها في كتاب "الحرية وشبكاتها: رؤية، هوية، خطة". وأوضحت أن "البُعد البرامجي لمشروع الجماعة، الذي تجاهله معظم زملائي الباحثون في تحليلاتهم، يظهر جلياً في هذا التقرير، حيث يتبين أن الهدف الأعلى لجماعة الإخوان هو إقامة الخلافة"، مشيرة إلى أنه "لتحقيق هذا الهدف يتم وفق خطة منهجية". جدل سياسي أعرب عبد الله زكري، نائب رئيس "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية"، في حديث لـ"الشرق"، عن قلقه العميق من "الانتهاكات المحتملة، وإساءة استخدام ما جاء في التقرير، بحيث يتم استهداف المسلمين في فرنسا"، مشدداً على أن "المطلوب هو محاسبة الحركات المرتبطة بجماعة الإخوان". وأضاف أن "التقرير يفتقر إلى تحديد دقيق للمفاهيم"، معتبراً أنه يبقي يُبقي الباب مفتوحاً أمام جعل المواطنين المسلمين عرضة لـ"الشكوك الدائمة". ورأى أنه "لا يجب وصم كل مسلمي فرنسا بوصمة الإخوان. كما لا يجب الدمج بين الإسلام والإسلامويين"، معتبراً أن "هذا الخطاب من مسؤولين فرنسيين، يُعزز الشكوك ويعمم النظرة بشأن المسلمين في فرنسا". وأكد زكري، بصفته نائب رئيس "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية"، "ضرورة العمل بشكل كامل ضد الإسلاموية المتمثلة بحركة الإخوان"، لكنه شدد أيضاً على ضرورة أن لا يُتهم كل المسلمين بـ"أنهم متطرفون وإخوانيون"، وناشد "المسؤولين، ومنهم من لديه طموحات رئاسية"، أن يهتموا بـ"المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تُعاني منها فرنسا، وأن لا يكون تركيزهم سوى على الإسلام والمسلمين والمهاجرين". وخلص إلى أنه "لا يجب وضع كل المسلمين في فرنسا بخانة واحدة، خاصة وأن الإخوان أقلية"، وفق قوله. اتهامات متبادلة وتحذيرات لم ينتظر الساسة الفرنسيون صدور التقرير بشكل رسمي، بل سارعوا إلى التفاعل معه والتنافس في إطلاق المواقف والمقترحات. ودعا جوردان بارديل، رئيس حزب "التجمّع الوطني" اليميني المتطرف، إلى "حظر جماعة الإخوان"، و"محاربة جميع فروعها إدارياً". لكن التصريح الذي أثار أكبر قدر من الجدل جاء من داخل "حزب النهضة"، حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، على لسان أمينه العام ورئيس الوزراء السابق جابرييل أتال، الذي نُقل عنه قوله في أروقة الجمعية الوطنية، إن التقرير "يُظهر وجود هجوم منظم ومنسق على القيم والمبادئ الجمهورية". ويُذكر أن أتال، اتخذ قراراً مثيراً للجدل بحظر العباءات في المدارس، حين كان وزيراً للتربية، وسعى لاحقاً إلى فرض حظر ارتداء الحجاب في الأماكن العامة للقاصرات تحت سن 15، إلا أن هذا المقترح لم يلق دعماً كافياً من داخل كتلته السياسية. من جهته، انتقد النائب فرانسوا روفين، المنتمي سابقاً إلى "فرنسا الأبية" (أقصى اليسار)، ما وصفه بـ"الانتهازية السياسية" لجابرييل أتال، معتبراً أنها تصب في "مصلحة الإسلامويين"، رغم إقراره بأن التقرير يحتوي على نقاط "جديرة بالاهتمام"، وتحذيرات "يجب أخذها بجدية"، سواء من حيث مضمونها أو التوصيات المرافقة لها. ولكن زعيم "فرنسا الأبية" جان لوك ميلانشون، اعتبر أن "الإسلاموفوبيا تتجاوز عتبة خطيرة" في فرنسا، معتبراً أن مجلس الدفاع الوطني برئاسة ماكرون "يضفي الشرعية على الأطروحات المتهورة لروتايو وماري لوبان"، زعيمة "التجمع الوطني". وحذّر ميلانشون من ما وصفها بـ"محاولة تدمير فرنسا" و"وحدة البلاد"، معتبراً أن "هذا النوع من الأساليب استخدم في الماضي، أولاً ضد البروتستانت ثم ضد اليهود". وذكر أن هذه الخطوة تؤدي مباشرة إلى ما وصفها بـ"محاكم التفتيش القاسية ضد الأشخاص".

ماكرون عقد اجتماعا في الإليزيه لمناقشة الأزمة مع الجزائر
ماكرون عقد اجتماعا في الإليزيه لمناقشة الأزمة مع الجزائر

Independent عربية

timeمنذ يوم واحد

  • Independent عربية

ماكرون عقد اجتماعا في الإليزيه لمناقشة الأزمة مع الجزائر

عقد اجتماع خصص للأزمة مع الجزائر ليل أول من أمس الأربعاء داخل الإليزيه في خضم تعليق كل صور التعاون بين باريس والجزائر، وفق ما أفادت مصادر حكومية أمس الخميس. وقالت هذه المصادر إن "اجتماعاً عقد في الإليزيه لمناقشة الوضع مع الجزائر"، موضحة أن الاجتماع ضم إلى الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس الوزراء فرنسوا بايرو ووزير الخارجية جان نويل بارو ووزير الداخلية برونو ريتايو ووزير العدل جيرالد دارمانان. تشهد العلاقات بين فرنسا والجزائر منذ نحو 10 أشهر أزمة دبلوماسية غير مسبوقة تخللها طرد متبادل لموظفين، واستدعاء سفيري البلدين، وفرض قيود على حملة التأشيرات الدبلوماسية. وأدى تأييد ماكرون خلال الـ30 من يوليو (تموز) 2024 خطة للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية للصحراء الغربية إلى أزمة حادة بين الجزائر وفرنسا. والصحراء الغربية مصنفة من ضمن "الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي" بحسب الأمم المتحدة، وهي مستعمرة إسبانية سابقة مطلة على المحيط الأطلسي ويسيطر المغرب على 80 في المئة من أراضيها. وتطالب الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب "بوليساريو" المدعومة من الجزائر باستقلالها منذ 50 عاماً. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في مطلع أبريل (نيسان)، أحيا اتصال هاتفي بين ماكرون ونظيره الجزائري عبدالمجيد تبون الأمل في إرساء مصالحة. لكن مجدداً قُطعت كل قنوات التواصل. وفي حين كان من الممكن الإبقاء على مستوى معين من التعاون في مجال الهجرة بداية العام، على رغم الخلافات تراجع هذا التعاون إلى أدنى مستوى. تسعى وزارة الداخلية إلى ترحيل عشرات الجزائريين الصادرة في حقهم قرارات إبعاد، لكن السلطات الجزائرية تعيد من هؤلاء أكثر مما تستقبل خشية تخطي الطاقة الاستيعابية لمراكز الاحتجاز. إلى ذلك يشكل مصير الروائي بوعلام صنصال مصدراً إضافياً للتوتر. أوقف صنصال (75 سنة) في مطار الجزائر خلال الـ16 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وحكم عليه في الـ27 من مارس (آذار) الماضي بالحبس خمسة أعوام لإدانته بتهمة "المساس بوحدة الوطن" في تصريحات لصحيفة "فرونتيير" الفرنسية المعروفة بقربها من اليمين المتطرف، تبنى فيها موقف المغرب الذي يفيد بأن أراضيه سلخت عنه لمصلحة الجزائر تحت الاستعمار الفرنسي. وإلى الآن لم تلق دعوات فرنسية عدة أطلقت، لا سيما من جانب ماكرون شخصياً، من أجل إطلاق سراحه أو منحه عفواً رئاسياً، أي تجاوب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store