
درعا تستقبل نازحي السويداء من عائلات عشائر البدو
سورية
بأنّ ما لا يقلّ عن 93 ألفاً و400 شخص نزحوا داخل محافظة السويداء بمعظمهم، وكذلك إلى خارجها، في اتجاه محافظتَي درعا وريف دمشق، على خلفية الحوادث الدامية في الأيام الأخيرة.
وتعيد مشاهد عائلات
عشائر البدو
النازحة التي وصلت إلى محافظة درعا جنوبي سورية، فجر اليوم الاثنين، بعدما اضطرّت إلى ترك منازلها في محافظة السويداء الجنوبية، إلى الأذهان مشاهد النزوح الذي عاشه السوريون في السنوات الماضية، لا سيّما على أيدي النظام السابق. وهذه المرّة يأتي التهجير بعد الاشتباكات الدامية، وبعد احتجاز نحو 200 عائلة من عشائر البدو في السويداء، وفقاً لما نقلته الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) عن محافظ السويداء مصطفى البكور الذي أوضح أنّ العائلات وصلت على متن 13 حافلة، وقد وُزّعت على مراكز الإيواء. وأشار محافظ السويداء إلى أنّ ثمّة عائلات انتقلت إلى مناطق سكن أقارب لها، فيما توجّهت أخرى إلى دمشق بعد تلقّي دعم، لتُستضاف 800 عائلة أخرى من قبل سوريين في درعا في تعبير عن التضامن.
التقى "العربي الجديد" عدداً من العائلات النازحة من السويداء أخيراً، التي تحدّث أفرادها عن ظروف صعبة عاشوها قبل المغادرة. أم محمد من هؤلاء النازحين، تخبر: "غادرنا السويداء من دون أيّ شيء، بعدما شرّدونا في الأراضي الوعرة وبقينا من دون خبز أو طعام أو غيره". بدورها، تؤكد خيرية الجاسم، من بين الذين خرجوا من السويداء في القافلة: "خرجنا من دون أن نحمل معنا أيّ شيء"، وتضيف: "كان الله بعوننا وعون باقي الناس".
الصورة
في مركز إيواء عائلات عشائر البدو النازحة من السويداء في بصرى الشام، درعا، 21 يوليو 2025 (فيصل الإمام)
من جهته، يتحدّث نازح من عشائر البدو لـ"العربي الجديد" عن التعايش في محافظة السويداء قبل الحوادث الأخيرة. ويلفت إلى أنّه غادر منزله خلال الحوادث، لكنّه وجده محروقاً عند عودته. ويعبّر النازح الذي فضّل عدم الكشف عن هويته عن مخاوف لديه، إذ إنّ أفراداً من عائلته ما زالوا محاصرين في السويداء. في الإطار نفسه، يخبر نازح آخر، يعرّف عن نفسه باسم أبو محمد، "العربي الجديد": "كنّا نعيش في حيّ المقوس في السويداء وقد هاجمتنا مجموعات مسلحة". يضيف: "قيل لنا بعدها إنّ الجيش قد يدخل لحمايتنا، لكنّنا أُعلمنا لاحقاً أنّ الجيش انسحب".
وبدأ أهالي محافظة درعا بمساندة النازحين من خلال تبرّعات أهلية محلية. ويوضح رئيس بلدية بلدة السهوة في ريف درعا مرعي الحسن لـ"العربي الجديد" أنّهم عمدوا إلى توزيع النازحين على عائلات في البلدة، ووفّرت لهم المواد الغذائية بمساعدة الأهالي وجهودهم.
ويوضح الحقوقي وعضو "تجمّع أحرار حوران" عاصم الزعبي لـ"العربي الجديد" أنّ "عشرات العائلات وصلت إلى محافظة درعا، بالإضافة إلى العائلات المهجّرة اليوم"، مضيفاً: "ولا بدّ من التأكيد أنّهم من سكان السويداء الأصليين". ويتابع أنّ العائلات النازحة إلى درعا قصدت مراكز الإيواء في المدارس وغيرها، ومساعدتها تجرى من خلال "تبرّعات عن طريق الدفاع المدني السوري والهلال الأحمر العربي السوري. والعمل مستمرّ على ذلك". ويشير إلى أنّ "العائلات النازحة لم تستقرّ حتى الآن"، مرجّحاً أن "تتّضح الصورة بطريقة أفضل خلال الساعات الـ24 المقبلة".
الصورة
خلال توزيع مساعدات لعائلات عشائر البدو النازحة من السويداء في بصرى الشام، درعا، 21 يوليو 2025 (فيصل الإمام)
وبخصوص عملية نقل عائلات عشائر البدو من السويداء إلى درعا، يشدّد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني على ضرورة توفير تفاصيل أكثر حولها. ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "في العمليات التي تحدث في السويداء حالياً، إذا كان الاتفاق يقضي بترحيل 1300 شخص منها إلى الخارج من دون عودة، فهذا تهجير قسري من دون شك". ويوضح أنّهم "خرجوا من دون إرادتهم وفي اتّجاه واحد، علماً أنّهم يعيشون هناك (السويداء) منذ مئات السنين، ولديهم أعمالهم وأملاكهم وجيرانهم وأحياؤهم وأراضيهم. وهم ليسوا سكان خيام قطّ؛ هم سكان مدن ولديهم علاقاتهم وأصدقاؤهم".
يضيف عبد الغني أنّ "هذا الاتفاق في حاجة إلى توضيح أكبر من قبل الحكومة: لماذا خرجوا وكيف؟ وهل هو اتفاق ريثما تهدأ الأوضاع؟ وهل هذا مباح في القانون الدولي؟". أضاف: "لاحقاً، يجب أن يعودوا. وعلى الرغم من أنّه قد يكون اتفاقاً مؤقتاً وليس دائماً، تتحمّل الأطراف المتنازعة إيواء هؤلاء، وكذلك الحكومة السورية التي هي طرف في هذا الخطاب". ويتابع: "في المقابل، يجب إصدار توضيح بهذا الخصوص من قبل الحكومة، ومن خلال مؤتمر صحافي خاص"، مؤكداً أنه "لم نرَ أيّ نصّ اتفاق، ونحن نحلّل بناءً على المعطيات الشحيحة المتوفّرة، ونرجو أن تنشر الحكومة تفاصيل الاتفاق وأن تعتني بهؤلاء الذين غادروا السويداء".
ولم تُسجَّل أيّ مستجدات اليوم بخصوص إدخال المساعدات الإنسانية الحكومية إلى السويداء، علماً أنّه سُمح بإدخال جزء من المساعدات، أمس الأحد، من خلال جمعية الهلال الأحمر العربي السوري حصراً. وفي هذا الإطار، ردّت الجمعية على اتّهامات وُجّهت إليها من مواقع محلية موالية لشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في سورية حكمت الهجري في السويداء، تدّعي وصول مساعدات إنسانية منتهية الصلاحية يوم أمس من ضمن القافلة التي سُمح لها بالدخول.
قضايا وناس
التحديثات الحية
الجثث تتكدّس في مستشفى السويداء بانتظار تحديد الهويات
وأوضحت جمعية الهلال الأحمر أنّ تسجيل الفيديو المتداول حولها على مواقع التواصل الاجتماعي، الذي تظهر فيه مواد منتهية الصلاحية يُزعَم أنّها أُرسلت في قافلة المساعدات الإنسانية إلى السويداء يوم الأحد، إنّما هو يُظهر مواد كانت موجودة في مستودعها بمدينة السويداء ومعَدَّة للتلف.
وإذ أفادت الجمعية بأنّها تقدّر الاحتياجات الإنسانية الكبيرة في السويداء غير القابلة للانتظار، تدعو إلى التأكد من دقّة المعلومات وصحتها قبل تداولها، والانتباه إلى عدم الوقوع ضحية المنشورات المضلّلة وتداولها بغير قصد، إذ من شأن ذلك أن يتسبّب في مزيد من الذعر والخوف في حالات الأزمات وزعزعة الثقة بالمؤسسات التي تهدف إلى مساعدة المتضرّرين وتخفيف معاناتهم.
في سياق متصل، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في سورية، في تقرير صادر أمس الأحد، أنّ "المستشفيات والمراكز الصحية في السويداء خارج الخدمة"، وأنّ ثمّة "نقصاً واسع النطاق في الغذاء والمياه والكهرباء، فضلاً عن تقارير حول وجود جثث غير مدفونة، الأمر الذي يثير مخاوف صحية عامة خطرة". وأكد المكتب الأممي أنّ "الوصول الإنساني إلى محافظة السويداء ما زال شديد التقييد"، وأنّ "على الرغم من مناقشة فتح ممرّات، فإنّ الوصول الميداني الفعلي لم يجرَ تأمينه بشكل كامل لتنفيذ عمليات إنسانية واسعة النطاق".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
الحكومة السورية تعلن تشكيل لجنة للتحقيق في انتهاكات السويداء
أعلنت وزارتا الدفاع والداخلية في سورية أنهما تتابعان الانتهاكات التي حصلت خلال العملية العسكرية في السويداء جنوبي البلاد، بما في ذلك تلك المرتكبة من جانب عناصر تابعين للوزارتين، وأنه سيتم محاسبة جميع المتورطين. وذكرت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع ، في بيان أوردته وكالة الأنباء الرسمية "سانا" أنّ الوزارة، ممثلة بوزيرها اللواء مرهف أبو قصرة، "تتابع تقارير عن انتهاكات صادمة وجسيمة ارتكبتها مجموعة غير معروفة ترتدي الزي العسكري في مدينة السويداء". وأضافت أنه "بناءً على التعميمات الصارمة التي أصدرتها الوزارة بعدم دخول أي تشكيلات غير تابعة لها إلى منطقة العمليات العسكرية، تم تشكيل لجنة لمتابعة الانتهاكات التي حصلت في مدينة السويداء، والتحقيق في تبعية وخلفية الأفراد المرتكبين لها". وأكدت الوزارة أنه "سيتم اتخاذ أقصى العقوبات بحق الأفراد المرتكبين للانتهاكات في مدينة السويداء، بعد التعرف عليهم". وأوضحت أنّ التحقيقات "ستشمل كل من ظهر في التقارير الصادمة والمروعة، وستُعرض النتائج حالما تنتهي أعمال اللجنة"، مشيرة إلى أن وزير الدفاع مرهف أبو قصرة "سيتابع تحقيقات لجنة الانتهاكات العسكرية بشكل مباشر". ونقلت إدارة الإعلام عن وزير الدفاع قوله: "لن يتم التسامح مع أيٍّ من مرتكبي الانتهاكات، حتى لو كان منتسبًا لوزارة الدفاع". قضايا وناس التحديثات الحية الأمم المتحدة تستعد لإخلاء دفعة ثانية من سكان مدينة السويداء السورية من جانبها، دانت وزارة الداخلية السورية "بأشد العبارات المقاطع المتداولة التي تُظهر تنفيذ إعدامات ميدانية من قبل أشخاص مجهولي الهوية في مدينة السويداء"، وأكدت عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي أنّ "هذه الأفعال تمثل جرائم خطيرة يُعاقب عليها القانون بأشد العقوبات". وأضافت الوزارة أنّ "الجهات المختصة باشرت تحقيقًا عاجلًا لتحديد هوية المتورطين في هذه الجرائم، والعمل على ملاحقتهم وإلقاء القبض عليهم". وأكدت أنه "لا أحد فوق القانون، وأن كل من يثبت تورطه سيُحال إلى القضاء المختص لينال الجزاء العادل وفقًا لأحكام القانون". وكان ناشطون قد بثوا العديد من المشاهد المصورة التي تُظهر إطلاق نار من جانب مسلحين لم يتم التأكد من هويتهم على مدنيين في مناطق مختلفة من محافظة السويداء، إضافة إلى إحراق منازل وسرقة محلات تجارية. وأثار مقطعٌ مصوّرٌ يُظهر عملية إعدام ميداني لمواطن من محافظة السويداء، على يد مجموعة مسلحة ترتدي زياً عسكرياً، استنكاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي. ويُظهر الفيديو مجموعة من العناصر وهم يسألون الضحية: "أنت مسلم ولا سنّي؟"، فيُجيب: "سوري أنا سوري". ثم يُعاد عليه السؤال ليُجيب: "درزي أنا يا أخي"، قبل أن يُطلق عليه الرصاص مباشرة ويسقط قتيلاً. بعد مقتله ترتفع التكبيرات الصادرة عن العناصر، ويتضح من المشهد المصوّر أن الحادثة وقعت في ساحة إحدى المدارس في السويداء، وهو ما أثار موجة استنكار واسعة على صفحات التواصل الاجتماعي. عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة التلفزيون العربي Alaraby TV (@alarabytv) ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير صدر عنها مساء أمس الاثنين، مقتل ما لا يقل عن 558 سورياً، بينهم 17 امرأة و11 طفلاً، وستة من الطواقم الطبية بينهم ثلاث نساء، واثنان من الطواقم الإعلامية، وإصابة ما يزيد عن 783 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة في محافظة السويداء.


القدس العربي
منذ 2 ساعات
- القدس العربي
الولايات المتحدة تنسحب من اليونسكو وإسرائيل ترحب- (تدوينة)
القدس: أعلنت الولايات المتحدة، الثلاثاء، انسحابها من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، بزعم 'انتشار الخطاب المعادي لإسرائيل داخل المنظمة'، وهي الخطوة التي رحبت بها تل أبيب. ويتزامن قرار واشنطن مع دعمها المتواصل لحرب الإبادة الجماعية التي تشها إسرائيل في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وهو ما خلف أكثر من 200 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان إن واشنطن أبلغت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، بقرارها 'الانسحاب من المنظمة'، مضيفة أن 'استمرار المشاركة في اليونسكو لا يخدم المصلحة الوطنية للولايات المتحدة'. واعتبرت الخارجية الأمريكية 'قرار اليونسكو بقبول دولة فلسطين كدولة عضو (عام 2011) إشكاليا للغاية، ويتعارض مع السياسة الأمريكية'، زاعمه أنه 'ساهم في انتشار الخطاب المعادي لإسرائيل داخل المنظمة'. وأضافت أنه 'بموجب المادة الثانية (6) من دستور اليونسكو، سيدخل انسحاب الولايات المتحدة حيز التنفيذ في 31 ديسمبر/كانون الأول 2026″، دون تقديم تفاصيل أخرى. على الفور، أشاد وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر بقرار واشنطن، قائلا في منشور على منصة 'إكس': 'نرحب بقرار الإدارة الأمريكية الانسحاب من اليونسكو'. وادعى أن 'هذه خطوة ضرورية صُممت لتعزيز العدالة وحق إسرائيل في معاملة عادلة في منظومة الأمم المتحدة'، معتبرا ذلك 'حقٌّ لطالما انتُهك بسبب التسييس في هذا المجال'. وشكر الولايات المتحدة على 'دعمها المعنوي وقيادتها، لا سيما في الساحة متعددة الأطراف التي تعاني من التمييز ضد إسرائيل' على حد زعمه. وقال إن الأمم المتحدة تحتاج إلى 'إصلاحات جوهرية للحفاظ على أهميتها'. We welcome the US administration's decision to withdraw from UNESCO. This is a necessary step, designed to promote justice and Israel's right for fair treatment in the UN system, a right which has often been trampled due to politicization in this arena. Singling out Israel and… — Gideon Sa'ar | גדעון סער (@gidonsaar) July 22, 2025 (الأناضول)


القدس العربي
منذ 6 ساعات
- القدس العربي
خصخصة الإبادة: شبكة من الشركات الأمريكية والأمريكيين الإسرائيليين دعموا مؤسسة غزة الإنسانية على أمل التربح منها
لندن- 'القدس العربي': كشفت صحيفة 'واشنطن بوست' في تقرير أعدته كارين دي يونغ وكيت براون عن شبكة التربح من إبادة غزة والجهات التي تأمل من تحقيق الأرباح من استمرار عمل المؤسسة الغامضة والمثيرة للجدل 'مؤسسة غزة الإنسانية' التي أصبحت المشروع الأمريكي- الإسرائيلي البديل عن منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة والجهات الدولية الإنسانية الأخرى. وقالت الصحيفة إن موضوع استمرار غزة الإنسانية هي مشكلة عالقة في المفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، حيث تصر الأولى على عودة منظمات الأمم المتحدة وتصر الأخيرة على استمرار المشروع الذي تنتقده المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة بأنه عجلة لدفع الفلسطينيين السفر عبر مناطق خطيرة وتنظيف شمال القطاع من السكان ودفعهم للهجرة. وقُتل أكثر من 800 فلسطيني منذ بداية المشروع المثير للجدل العمل في شهر أيار/ مايو، وذلك جراء إطلاق النار من الجنود الإسرائيليين المحيطين بمراكز التوزيع الأربعة والوحيدة في جنوب القطاع والتي تحرسها وتديرها جماعات مرتزقة أمريكية، عادة ما تطلق الرصاص التحذيري على القادمين إلى المراكز ورذاذ الفلفل لمنع الازدحام. وتقول الصحيفة إن مؤسسة غزة الإنسانية أصبحت في مرمى المحادثات الأخيرة. وتريد حماس عودة نظام الأمم المتحدة الذي طبق في القطاع على مدى عقود. وتزعم إسرائيل أن حماس أفسدت النظام هذا. وتريد حكومة نتنياهو السيطرة الكاملة على المساعدات الإنسانية من خلال مؤسسة غزة الإنسانية. وهو ما يجعل مجتمع الإغاثة الإنسانية، بما فيه الأمم المتحدة شاكا في أغراض هذه المؤسسة وأنها خلقت من أجل تعزيز أهداف الحرب الإسرائيلية وتقديم المساعدات بشكل انتقائي وغير كاف وإجبار سكان غزة على تعريض حياتهم للخطر من أجل الحصول على رزمة مؤن. وكما هو الحال مع الكثير مما يحدث داخل غزة، حيث منعت إسرائيل المراسلين الدوليين إلا في جولات قصيرة ينظمها الجيش لإسرائيلي، لا تزال جذور وعمليات مؤسسة غزة الإنسانية غامضة. والأكثر غموضا هو تمويلها، حيث تقول المؤسسة إنها تلقت حوالي 100 مليون دولار كأموال لبدء التشغيل من حكومة رفضت الكشف عن هويتها. وفي أواخر حزيران/ يونيو، قالت إدارة ترامب إنها ستقدم 30 مليون دولار لعمليات مؤسسة التمويل الدولية. وتكشف وثائق التخطيط الداخلية أن الإمارات العربية المتحدة كانت ستتبرع بمبلغ كبير للمؤسسة، وهو ما لم يتحقق حسب الخطط التي اطلعت عليها صحيفة 'واشنطن بوست'، ونفت الحكومة الإسرائيلية أن يكون لها يد في تمويل هذه المؤسسة. وتقف وراء مؤسسة غزة الإنسانية المسجلة كمنظمة غير ربحية تقف وراءها شبكة مترابطة من الأفراد الأمريكيين والإسرائيليين والشركات الأمريكية الخاصة، بما فيها تلك الشركات التي تأمل في نهاية المطاف بتحقيق الأموال من جهود الإغاثة، وفقا لوثائق عامة وخاصة اطلعت عليها 'واشنطن بوست' ومقابلات مع 12 مسؤولا أمريكيا وإسرائيليا وممثلي أعمال وغيرهم من المعنين بالمشروع، وكلهم تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم. ومن بين الجهات المهيأة للاستفادة من عقود 'مؤسسة غزة الإنسانية' شركة أسهم خاصة في شيكاغو اسمها 'ماكنالي كابيتال' التي ساعدت واحدة من شركاتها وهي 'أوربيس أوبريشنز' في إنشاء 'مؤسسة غزة الإنسانية' وكذا 'سيف ريتش سوليوشنز'، شركة التعهدات الأمنية التي تشرف على عمليات 'مؤسسة غزة الإنسانية' في غزة، وهي شركة أنشئت العام الماضي لهذا الغرض. ويملك شركة 'سيف ريتش سوليوشنز' صندوق ائتماني مقره في ولاية وايومينغ، تعتبر شركة 'ماكنالي كابيتال' المستفيد الأول منه. كما شاركت شركة 'بوسطن كونسالتينغ غروب' في جهود إنشاء 'مؤسسة غزة الإنسانية' على افتراض أنها مؤسسة غير ربحية. ففي آذار/مارس وقعت هذه الشركة عقدا مدته شهران بأكثر من مليون دولار مع شركة ماكنالي، لمواصلة مساعدة شركة 'سيف ريتش سوليوشنز' وتمديد للعقد في أيار/مايو. وكانت صحيفة 'فايننشال تايمز' أول من كشف عن تورط مجموعة بوسطن. وقد انسحبت هذه الشركة من الترتيبات. وقالت المتحدثة باسم الشركة إنه لم يتم قبول أي مال، مقابل الخدمات. وبدأت غزة الإنسانية عملياتها في نهاية أيار/ مايو، حيث قدمت وجبات معدة في صناديق كافية لإطعام 5.5 شخص لمدة 3.5 يوم، لكن تناقص الموارد حد من عدد الشاحنات المتاحة لإحضار الطعام إلى القطاع إلى حوالي 70 إلى 80 شاحنة يوميا، مقارنة بالخطط المبكرة لأكثر من 300 شاحنة، حسب أشخاص على معرفة بالخطط. وتم تأجيل إنشاء مراكز جديدة بسبب نقص التمويل والعمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة والحاجة إلى إزالة الذخائر غير المنفجرة في جميع أنحاء غزة. كما أدت المشاكل المالية والنتيجة غير المعروفة لمفاوضات وقف إطلاق النار إلى تعليق خطط لتقديم اقتراح أكثر شمولا، ومثيرة للجدل، لنقل سكان غزة، والذي تم تلخيصه في عرض تقديمي من 19 صفحة تم توزيعه في السفارة الأمريكية في تل أبيب في أيار/ يناير، وفقا لعدة أشخاص. بالإضافة إلى توزيع الغذاء، تضمنت الخطط إنشاء مجمعات سكنية واسعة النطاق داخل غزة، وربما خارجها، حيث يمكن لسكانها الإقامة فيها أثناء 'نزع سلاح القطاع وإعادة إعماره'. وأشارت الشرائح المقدمة في الخطة إلى أن هذا النهج سيسمح للمؤسسة كسب ثقة سكان غزة، وهي فرصة يمكن استغلالها 'لتسهيل رؤية الرئيس ترامب' للقطاع المتضرر من الحرب. وتقول الصحيفة إن فكرة 'مؤسسة غزة الإنسانية' كانت جزءا من جهد أكبر قامت به مجموعة من المسؤولين العسكريين الإسرائيليين ورجال الأعمال الإسرائيليين والشركاء الأجانب لدعم الجهود العسكرية الإسرائيلية والتخطيط لمستقبل غزة. وقد بدأ أفراد المجموعة لقاءاتهم بعد وقت قصير من بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة وفي أعقاب هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وقد قطعت المساعدات الإنسانية عن القطاع مع بدء الحرب، حيث بررت حكومة نتنياهو التي طالما كانت غير واثقة من الأمم المتحدة، التي نسقت عمليات تسليم الغذاء والوقود والإمدادات الطبية، الحصار بزعم أن حماس تسيطر على توزيع المساعدات وتستفيد منها. ورغم ضغوط إدارة بايدن والمنظمات الإنسانية وتحذيرها من منع المساعدات عن القطاع والذي سيعتبر جريمة حرب إلا أن مسؤولا مطلعا أخبر الصحيفة قائلا: 'كانت هناك حاجة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة'، لكن كان من الضروري أن يتم ذلك 'بطريقة غير تابعة للأمم المتحدة'. وأشارت الصحيفة إلى جهود مجموعة العمل الخاصة بغزة، حيث طلبت في كانون الثاني/يناير 2024، المشورة من مايكل فيكرز، وهو جندي سابق في القوات الخاصة الأمريكية وعضو سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي أي إيه)، ووكيل وزارة الدفاع لشؤون الاستخبارات خلال إدارة أوباما. كان فيكرز عضوا في مجلس إدارة شركة 'أوربيس أوبيريشنز'، وهي شركة استشارية مقرها ماكلين، فرجينيا، أسسها خبراء سابقون في الأمن القومي والجيش والاستخبارات، واشترتها ماكنالي كابيتال عام 2021. وكان رد فيكرز على المجموعة التي طلبت مشورته: 'لست الشخص المناسب، لكنني أعرف من يمكنه التحدث إليكم'، وذلك حسب شخص مطلع على الخطة. وأضاف فيكرز أن الشخص الذي يحتاجونه هو نائب رئيس شركة' أوربيس' آنذاك، فيليب رايلي، وهو ضابط عمليات بارز سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يتمتع بخبرة واسعة في عمليات الأمن الخاصة. وسرعان ما اكتسب رايلي ثقة الجيش الإسرائيلي ومجموعة التخطيط لحرب غزة، وقضى معظم عام 2024 منغمسا في تفاصيل الحرب. ولم يجب فيكرز ولا رايلي على استفسارات حول مشاركتهما في مبادرة غزة. وتشير الصحيفة إلى أن إدارة بايدن كانت تعرف أن الحكومة الإسرائيلية وإسرائيليين وأمريكيين من القطاع الخاص، كانوا يعملون معها على خطة لفرض نظام جديد لإيصال المساعدات. وبينما أبدى بعض أعضاء الإدارة دعمهم، كان معظمهم متشككا. لكنهم لم يتدخلوا مباشرة في المشروع. وبحلول خريف ذلك العام، كانت الخطوط العريضة لخطة مساعدات بديلة جاهزة في دراسة جدوى مطولة أعدتها شركة 'سيلات تكنولوجيز'، وهي شركة تابعة لأوربيس. وتصورت إنشاء كيان غير ربحي، هو 'مؤسسة غزة الإنسانية'، 'لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة بأمان'. وذكرت وثائق التخطيط الموزعة على مدى الأشهر القليلة التالية أن قيادة المؤسسة ستشمل شخصيات إنسانية مرموقة مثل ديفيد بيزلي، الرئيس السابق لبرنامج الغذاء العالمي، وتوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق الذي يدير الآن معهدا لتقديم المشورة للقادة السياسيين. وعلى الرغم من وصف الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة غير الحكومية الرئيسية العاملة بالفعل في غزة بأنها جزء لا يتجزأ، إلا أن دورها المقترح لم يكن واضحا. وسيشمل برنامج متطور للتواصل على وسائل التواصل الاجتماعي والعلاقات العامة التواصل مع صحافيين مختارين لتقديم صورة إيجابية عن مؤسسة غزة الإنسانية. وبناء على التصور، ستعين المؤسسة متعهدا 'رئيسيا' لتنظيم والإشراف على بناء المواقع وعملية الإغاثة داخل غزة. وبعد ذلك، تقوم هذه الشركة بالتعاقد مع شركة أمنية خاصة، ويفضل أن يكون مقرها في الولايات المتحدة، لتكون هي الحارس والمنقذ على الأرض، وتحرس المساعدات أثناء نقلها إلى مراكز التوزيع وحماية المراكز نفسها. وشملت الشركات الخاصة التي اصطفت لخدمة المؤسسة المخطط لها أيضا 'بوسطن كونسالتينغ غروب'حيث كان كل من رايلي وفيكرز مستشارين رئيسيين لها. وتوقعت مجموعة بوسطن التي صرحت لاحقا بأن خدماتها الأولية كانت تقدم مجانا، ملياري دولار كتكاليف تشغيل أولية لمؤسسة غزة الإنسانية. وفي تشرين الثاني/نوفمبر، تم تسجيل شركة جديدة في جاكسون بولاية وايومينغ باسم 'سيف ريتش سوليوشنز'، ووضعت تحت إدراة صندوق إئتماني وهو 'تو اوشين تراست'، وبينما لم تشر معلومات في وثائق التسجيل إلى طبيعة عمل الشركة الجديدة أو من يديرها أو من ستوظفه أوالمستفيد من الصندوق الائتماني أو الأموال التي ستجنيها. ورفض متحدثون باسم 'تو أوشين تراست وسيف ريتش سوليوشنز التعليق. ولكن ماكنالي كابيتال قالت في بيان للصحيفة إنها 'لم تستثمر في سيف ريتش سوليوشنز ولم تدرها بنشاط'، لكنها قالت إن لديها 'مصلحة اقتصادية' فيها. وقد أسس وورد ماكنالي من عائلة راند ماكنالي، الشركة عام 2008 وهي مختصة في الاستحواذ على شركات الطيران والدفاع والتكنولوجيا. وترى الصحيفة أن عملية نتساريم أثناء وقف إطلاق النار الهش كانت بمثابة اختبار تجريبي لعملية توزيع الغذاء، وكانت 'يو جي' و'سيف ريتش شوليوشنز' في وضع جيد لتوليها نيابة عن 'مؤسسة غزة الإنسانية' التي سجلت في 2 شباط/ فبراير، كمنظمة إنسانية غير ربحية في سويسرا وديلاوير. وكان لدى حكومة نتنياهو كل الأسباب للاعتقاد بأن ترامب سيدعم المبادرة. وعندما انهار وقف إطلاق النار في 18 آذار/مارس، واستأنف الجيش الإسرائيلي العمليات البرية والغارات الجوية، منعت إسرائيل مجددا جميع المساعدات الإنسانية من دخول غزة. ومع مرور الأيام والأسابيع، تراكمت آلاف الأطنان من المواد الغذائية والسلع في مستودعات خارج حدودها وبدأ برنامج الأغذية العالمي وغيره من الجهات الفاعلة الإنسانية في إحصاء تقارير المجاعة في الداخل. وبحلول أوائل أيار/ مايو، تعرضت إسرائيل لضغوط دولية متزايدة لإنهاء حصارها للمساعدات، وكان ترامب يتطلع إلى إحراز تقدم بشأن وعده بإنهاء الحرب بينما كان يستعد لرحلة إلى الخليج العربي. وفي مؤتمر صحافي في 9 أيار/مايو عقده السفير الأمريكي في تل أبيب، مايك هاكابي زعم أن مؤسسة غزة الإنسانية هي 'مبادرة' من ترامب. وسعى ممثلون أمريكيون، بمن فيهم أرييه لايتستون، وهو مسؤول يعمل الآن مع المبعوث الأمريكي الخاص، ستيف ويتكوف، وشغل سابقا منصب مساعد لديفيد فريدمان عندما كان سفيرا للولايات المتحدة لدى إسرائيل، إلى إقناع الأمم المتحدة والشركاء الإنسانيين بالتوقيع على الخطة. لكن المعارضة للخطة تزايدت ورفضت الأمم المتحدة ومعظم شركاء الإغاثة، وأدانوا علنا الاقتراح باعتباره غير أخلاقي ويهدف إلى تعزيز خطط إسرائيل الحربية ضد حماس من خلال 'عسكرة' المساعدات لأكثر من مليون مدني محصورين في 'مناطق آمنة' متقلصة باستمرار حددها الجيش الإسرائيلي في جنوب غزة. لم يوافق بيزلي ولا بلير على العمل معها. وعشية بدء عمليات غزة الإنسانية، نشر جيك وود، المدير التنفيذي الجديد للمؤسسة، وهو جندي مخضرم في مشاة البحرية الأمريكية ورئيس مجلس إدارة مشارك مؤسس لفريق روبيكون، وهي منظمة إنسانية تعمل في مناطق الكوارث، عن استقالته، حيث قال في بيان إن بعض الخطط لا تتوافق مع 'المبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية'. كما استقال ديفيد بيرك، وهو زميل ذو خبرة في مشاة البحرية وموظف سابق في فريق روبيكون، والذي عين رئيسا للعمليات في مؤسسة غزة الإنسانية. وقامت مؤسسة غزة الإنسانية بترقية جون أكري، المسؤول السابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والذي عين في البداية رئيسا لعمليات المؤسسة داخل غزة، إلى منصب المدير التنفيذي المؤقت للمؤسسة. أثار افتتاح المواقع مشاكل جديدة، حيث اندفع عشرات الآلاف من سكان غزة اليائسين نحو الطعام الموعود. في الأسبوع الأول من عمليات مؤسسة غزة الإنسانية ، قال شهود عيان إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار باتجاه الفلسطينيين المصطفين خارج مواقع التوزيع المسيجة ثلاث مرات على الأقل.