
اتفاق أوروبي بريطاني جديد.. هل يُصلح أعطاب البريكست أم يفتح جروحه؟
لندن – رغم أن ذاكرة العلاقات السياسية بين بريطانيا وجيرانها الأوروبيين لا تحفظ إلا تاريخا صعبا من المفاوضات الشاقة، فإن الجانبين استطاعا تجاوز تلك العقدة وإبرام اتفاق جديد يحاول طي صفحة خروج لندن من الاتحاد الأوروبي ويستدرك الأزمات التي تسبب فيها ذلك القرار.
لكن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بدا حريصا خلال حديثه أمس الاثنين عن الاتفاق إلى جانب زعماء الاتحاد على وصفه بالصفقة التي عُقدت بين بلاده بوصفها دولة مستقلة والاتحاد بوصفه كتلة، والتي لا تخضع لقوانين الاتحاد وتفاوضه تحقيقا لمكاسب متبادلة.
وعُقدت القمة البريطانية الأرووبية لأول مرة بعد توقيع اتفاق بريكست عام 2020 القاضي بفك الارتباط بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبعد أسابيع من مفاوضات صعبة امتدت للساعات الأخيرة قبل إعلان الاتفاق.
مكاسب وتنازلات
ويصر ستارمر على إن إعادة تأهيل العلاقة مع الاتحاد لم تكن سوى وفاء بوعد انتخابي قطعه للناخبين بفتح أبواب الأسواق الأوروبية مجددا أمام السلع الغذائية البريطانية، وهو امتياز يلمّح رئيس الوزراء البريطاني إلى أن اتفاق البريكست فشل في الحفاظ عليه قبل 5 سنوات.
لكن الاتحاد الأوروبي ألزم -في المقابل- السلع الغذائية البريطانية بالانضباط للمعايير الأوروبية الصارمة، وقبول تحكيم المحكمة الأوروبية في حال نشوب أي خلاف، مما يراه منتقدو الصفقة عودة غير معلنة للاتحاد وخضوعا لقوانين لا يشارك البريطانيون في صياغتها.
ولم يتأخر رئيس الوزراء السابق وزعيم حزب المحافظين بوريس جونسون ، الذي قاد مفاوضات خروج لندن من الاتحاد قبل 5 سنوات، في تصويب سهام النقد الحاد للخطوة، معتبرا أن ستارمر جعل من بريطانيا دولة منزوعة صلاحيات التصويت في الاتحاد.
ووافقت المملكة المتحدة على التوقيع على اتفاق جديد مع الاتحاد يسمح للقوارب الأوروبية بالصيد في المياه الإقليمية البريطانية لمدة 12 سنة إضافية بعد انتهاء صلاحية الاتفاق الحالي العام المقبل.
ومثّل منح الأوروبيين حقوقا للصيد طويلة الأمد التنازل الذي فضل المفاوضون البريطانيون تقديمه مقابل رفع قيود التفتيش المعقدة على الحدود على الصادرات البريطانية إلى دول الاتحاد وتأمين حركة أسهل للسلع الغذائية.
يحاول ستارمر الترويج لمنجزه السياسي بوصفه زعيما براغماتيا قادرا على خوض المفاوضات الصعبة، مستغلا لحظة التوقيع على الاتفاق الذي يقول إنه الثالث على التوالي الذي ينتزعه في غضون 3 أسابيع بعد تأمينه صفقة تجارية مع كل من الهند والولايات المتحدة.
قطيعة تاريخية
ولم تُخف وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفيز طموحها بأن يدفع هذا التقارب التجاري الأوروبي البريطاني لعقد شراكات تجارية أوسع مع الاتحاد تسمح بتسهيل أكبر للتبادل التجاري بين الجانبين، في إشارة إلى رغبة حكومة حزب العمال في مواصلة جسر الهوة مع الجيران الأوروبيين.
لكن مثنى العبد الله، الباحث في السياسات الدولية وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن، يرى أن قرار خروج بريطانيا من الاتحاد كان لحظة قطيعة تاريخية يصعب جبرها بالتوقيع على اتفاق عمل عبره الأوروبيون كما البريطانيون بجهد لإصلاح أعطاب البريكست، لكن دون القدرة على التراجع عنه.
ويضيف للجزيرة نت أن الدبلوماسية الدؤوبة لستارمر ونجاحه في إعادة بريطانيا بزخم أكبر للفعل السياسي على الساحة الدولية، فضلا عن نجاحه في إبرام اتفاقيات تجارية كان أبرزها مع واشنطن، لم تعوض حاجة البريطانيين الماسة للتنسيق مع الأوروبيين وطرق أبواب السوق الأوروبية من جديد التي يصعب أن استبدالها بأخرى.
لكن حكومة حزب العمال يُتوقع أن تجد نفسها تحت ضغط لا يهدأ لأنصار فك الارتباط بالاتحاد الأوروبي الغاضبين مما يصفونها بخيانة لعقيدة البريكست التفافا على الإرادة الشعبية التي صوتت عليه.
فقد فتح السجال بشأن البريكست شهية الزعيم اليميني "المتطرف" نايجل فاراج ، أحد أبرز الداعمين لخيار فك الاتباط مع الاتحاد، لانتقاد زعيم حزب العمال، مذكرا الناخبين البريطانيين بأن إرضاء الاتحاد أصبح يمثل نهجا ثابتا للحكومة العمالية.
ورغم الاندفاع البريطاني لرص الصفوف مع الاتحاد في لحظة جيوسياسية بالغة الحساسية، بدا رئيس الوزراء البريطاني حذرا في الموافقة على أي قرار يعيد فتح أبواب الهجرة في وجه الأوروبيين.
واكتفت الحكومة بوعد تسهيل حركة الشباب دون سن الـ30 دون أن تتورط في اتفاق قد يناقض وعودها بتقليص أعداد المهاجرين، ويضفي شرعية على سردية اليمين الشعبوي الصاعدة بقوة على الساحة السياسية البريطانية، والتي تتهم الحكومة بالتقصير في حماية البلاد من تدفق المزيد من أفواج المهاجرين.
استسلام وتراجع
وقالت زعيمة حزب المحافظين كيمي بادينوك إن الاتفاق استسلم لشروط الاتحاد الأوروبي وتراجع عن مكاسب البريكست عبر منح الاتحاد اليد العليا في فرض شروطه وقوانينه، والاندفاع لشراكة دفاعية معه على حساب مركزية حلف شمال الأطلسي (ناتو).
ورغم مواطن الخلاف الكثيرة بين الأوروبيين والبريطانيين، فإن الرغبة في تشكيل حلف دفاعي جديد شكلت قوة دفع شجعت الجانبين -على حد سواء- على إعادة ضبط العلاقات بينهما. حيث يحاولان تجاوز خلافاتهما في لحظة جيوسياسية لا يتردد الحليف الأميركي في تذكير الأوروبيين باستعداده للتخلي عن عبء توفير مظلة حماية لأمنهم الجماعي.
ويمنح الاتفاق الدفاعي شركات الصناعات الحربية البريطانية إمكانية دخول سوق السلاح الأوروبية والظفر بعقود مغرية، كما سيمنح أيضا للجيش البريطاني فرصة تحديث ترسانته العسكرية عبر شراء معدات من الاتحاد الأوروبي بكلفة أقل.
ويرى نايك ويتني، الباحث في شؤون الدفاع الأوروبي بالمركز الأوروبي للسياسات الخارجية، أن توقيع اتفاق دفاعي جديد سيسهم في تعزيز الوحدة الأوروبية، ويُعد ضرورة سياسية وتقنية لتجاوز تباينات عدة بين بريطانيا والاتحاد لبناء منظومة دفاعية أوروبية صلبة، في وقت يبدو فيه أمن القارة مهددا أولا بالتخلي الأميركي عن توفير غطاء الحماية قبل أن يكون محاصرا بالخطر الروسي.
ويضيف للجزيرة نت أن هناك تعقيدات قانونية وتمويلية كثيرة ترتبط بتنزيل هذا الطموح البريطاني الأوروبي بالاستقلال عن التبعية لمنظومة الدفاع الأميركية، لكن الاتفاق سيصبح إطارا مناسبا للبدء في هذا المشروع المؤجل لسنوات.
وحسب الباحث ويتني، فإن استثمار هذه الحاجة للتعاون دفع كلا من لندن والاتحاد الأوروبي إلى خوض مفاوضات بحساسيات سياسية أقل ونزعة براغماتية واضحة للعمل على تجاوز العقبات التجارية التي فرضها البريكست والتمهيد لمسار تعاون أشمل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
محللون: على العرب تلقف الموقف الأوروبي وتحويله إلى رؤية سياسية
دعا محللون تحدثوا لبرنامج "مسار الأحداث" إلى ضرورة أن تستثمر الدول العربية في الموقف الأوروبي الحالي المساند لحقوق الشعب الفلسطيني، وأن تتواصل مع الأوروبيين لتحويل موقفهم إلى رؤية سياسية وليس إنسانية فقط، لخدمة القضية الفلسطينية. وفي خطوة متقدمة وغير مسبوقة، أقدمت الحكومة البريطانية على اتخاذ سلسلة من الإجراءات العقابية بحق الحكومة الإسرائيلية للضغط عليها لوقف الحرب على قطاع غزة ووقف المجاعة التي تفرضها على السكان. كما صدّق البرلمان الإسباني على النظر في مقترح حظر تجارة الأسلحة مع إسرائيل. وقبل هذا القرار، دعا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى استبعاد إسرائيل من الفعاليات الثقافية الدولية بسبب عدوانها المستمر على قطاع غزة، مثلما جرى استبعاد روسيا بعد حربها على أوكرانيا. ودعت هولندا، إلى جانب فرنسا ودول أخرى، إلى فرض عقوبات جديدة من جانب الاتحاد الأوروبي على المستوطنين الإسرائيليين العنيفين ومنظماتهم في الضفة الغربية. بينما دعت باريس المفوضية الأوروبية إلى النظر فيما إذا كانت إسرائيل تفي بالتزاماتها بموجب اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إن بلاده تدعم مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. ووصف أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف الدكتور حسني عبيدي التغير في الموقف الأوروبي بأنه بداية تحول وقطيعة مع إسرائيل، بعد مساندتها سابقا من دون شروط، لافتا إلى أن محاولة الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على قطاع غزة وتفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع شكلت نقطة التحول الأساسية في الموقف الأوروبي. وأشار عبيدي إلى أن الدول الأوروبية تعوّل على موقف أميركي علني من أجل الضغط على إسرائيل، مشيرا إلى أن أوروبا كانت السباقة إلى إعلان رفضها للممارسات الإسرائيلية، وعارضت أيضا تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". وعلى صعيد الموقف الأميركي، نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين بالبيت الأبيض أنّ "الرئيس ترامب يشعر بالإحباط بسبب الحرب المستمرة في غزة، وأنه عبر عن انزعاجه من صور معاناة الأطفال الفلسطينيين"، وأفاد مسؤولون بالبيت الأبيض بأن الرئيس ترامب طلب من مساعديه أن يخبروا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه يريد منه إنهاء الأمر. الاعتراف بالدولة الفلسطينية ومن جهته، يؤكد الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي أن التحول في الموقف الأوروبي سببه إمعان إسرائيل في القسوة والتدمير، وفي استخدام سلاح التجويع ضد الغزيين، وهي وسائل تنتهك القانون الدولي، حيث رأى الأوروبيون أن موت الأطفال جوعا لا يمكن السكوت عنه. وبرأي مكي، فإن هذه المواقف الأوروبية يجب تلقفها واستثمارها، وتحويل الغضب الأوروبي والغربي إلى مواقف سياسية تخدم القضية الفلسطينية، من خلال العمل على دفع الاتحاد الأوروبي كله للاعتراف بالدولة الفلسطينية. ومن جهته، شدد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف على أهمية أن تستثمر الدول العربية في الموقف الإيجابي الأوروبي إزاء ما يحدث في غزة من أجل أن تعترف دول الاتحاد بالدولة الفلسطينية. وعن الموقف الإسرائيلي من التحول الجاري في الموقف الأوروبي، أشار الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى إلى قلق الإسرائيليين من الضغوط المتزايدة عليهم، ويرى أنهم يعتقدون أن "الجرأة" الأوروبية على مستوى اللهجة وعلى مستوى التلويح بالعقوبات نابع من صمت أميركي. وقال إن جميع الشراكات الإسرائيلية في مختلف المجالات هي مع الاتحاد الأوروبي وليس مع الولايات المتحدة الأميركية، ورغم تعويل إسرائيل على مسألة أن إلغاء الشراكة يحتاج إلى إجماع داخل الاتحاد الأوروبي، فهي تخشى عقوبات على مستوى الدول الأوروبية، كما أوضح مصطفى.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
رئيس الوزراء الفرنسي: التحرك للاعتراف بدولة فلسطينية لن يتوقف
أكد رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو اليوم الثلاثاء أن التحرك للاعتراف بدولة فلسطينية، كما تنوي فرنسا و المملكة المتحدة و كندا ، "لن يتوقف"، في أعقاب تلويح تلك الدول باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل إذا لم توقف حربها المدمرة على قطاع غزة. وقال بايرو أمام الجمعية الوطنية خلال جلسة أسئلة الحكومة "للمرة الأولى، قررت 3 دول كبرى أنها ستعترض معا على ما يحدث" في غزة و"أن تعترف معا بدولة فلسطين، وهذا التحرك الذي انطلق لن يتوقف". وجاء كلامه في معرض رده على زعيمة كتلة حزب "فرنسا الأبية" ماتيلد بانو التي سألته عما إذا كان ينوي "الاعتراف بدولة فلسطين بعدما لم يبق هناك من فلسطينيين". وأضاف رئيس الحكومة الفرنسي الذي يؤيد حل الدولتين"هذه الإدانة، وهذه التحذيرات المتكررة واضحة تماما في وجهتها وواجبة علينا". وأشار بايرو إلى أن هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023 هو الصاعق الذي تسبب بهذا الانفجار ومآسيه. وكان قادة فرنسا والمملكة المتحدة وكندا حذروا أمس الاثنين من أنهم "لن يقفوا مكتوفي الأيدي" في مواجهة "الأفعال الشائنة" التي ترتكبها حكومة بنيامين نتنياهو في غزة، مهددين باتخاذ إجراءات ملموسة إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري ولم تسمح بدخول المساعدات الإنسانية. وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، في وقت سابق في حديث إذاعي، أن باريس عازمة على الاعتراف بدولة فلسطين، مؤكدا أن ذلك "يصب في مصلحة الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء". وأضاف بارو "لا يمكننا أن نترك لأطفال غزة إرثا من العنف والكراهية، لذلك يجب أن يتوقف كل هذا، ولهذا السبب نحن عازمون على الاعتراف بدولة فلسطين". وأكد وزير خارجية فرنسا أن بلاده تدعم مراجعة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وذلك للتحقق مما إذا كانت إسرائيل تحترم التزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان. وشدد على أن الوضع في غزة "لا يحتمل لأن العنف الأعمى ومنع الحكومة الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية حوَّل غزة إلى مكان يحتضر فيه الناس، حتى لا نقول إلى مقبرة". ووصف هذه الممارسات بأنها انتهاك بالمطلق لكل قواعد القانون الدولي، "وهذا يتعارض مع أمن إسرائيل الذي تحرص عليه فرنسا، لأن من يزرع العنف يحصد العنف". وكرر الوزير الفرنسي دعوة إسرائيل إلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية "بكميات كبيرة" ومن "دون عوائق"، في حين قال رئيس الحزب الشيوعي الفرنسي فابيان روسل إن الحزب "سيستقبل وفدا كبيرا من منظمة التحرير الفلسطينية في الرابع من يونيو/حزيران لإطلاق حملة أوروبية للاعتراف بدولة فلسطين".


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
اقتراح أوروبي بتخفيف قيود إعادة طالبي اللجوء
اقترحت المفوضية الأوروبية ، اليوم الثلاثاء، تخفيف قيودها بشأن إعادة طالبي اللجوء، استجابة لدعوات متكررة من الدول الأعضاء لتشديد سياستها المتعلقة بالهجرة. وينص القانون الأوروبي حاليا على أنه يمكن إعادة طالبي اللجوء إلى بلدان لم يأتوا منها، لكنها مصنفة "آمنة" بالنسبة للبلدان الأوروبية المعنية، في حين يتطلب الاقتراح الجديد حتى يدخل حيز التنفيذ، حصوله على موافقة البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء. ومع ذلك، يجب أن يكون هناك "رابط" كافٍ بين الشخص المعني والبلد الثالث، إذ يجب أن يكون أحد أفراد الأسرة مقيما هناك، أو أن يكون طالب اللجوء -مثلا- قد عمل سابقا في هذا البلد، في حين يقترح الاتحاد الأوروبي حاليا إلغاء شرط "الرابط" هذا، ما من شأنه تسريع عملية الإرجاع. وتثير هذه القضية قلق منظمات غير حكومية ترى أن الإجراء المقترح غير ذي جدوى، إذ تحذر من أنه في حال إرسال طالبي اللجوء إلى بلد ليس لديهم ارتباط به، فإنهم قد يحاولون العودة إلى أوروبا مجددا. وحذرت سارة تشاندر من "مبادرة إكينوكس للعدالة العرقية"، في بيان، من أن " الاتحاد الأوروبي يشوه مفهوم "الأمان" ليناسب أهدافه القمعية"، فيما وصفت جوزفين سولانكي من معهد "ترانسناشونال" هذا المفهوم بأنه "خيال سياسي". وترى هذه المنظمات أن الحكومات الأوروبية ستتعرض هي الأخرى للابتزاز من جانب هذه الدول، التي قد تضع جملة مطالب سياسية ومالية في مقابل استقبال طالبي اللجوء هؤلاء. وترفض المفوضية هذه الانتقادات، مؤكدة أن الهدف الرئيسي من هذا الاقتراح هو تسريع معالجة طلبات اللجوء، وأن البلدان التي ستتم إعادتهم إليها تحترم الحقوق الأساسية. وتتعرض بروكسل لضغوط من الدول الأعضاء لتشديد سياستها المتعلقة بالهجرة، في ظل صعود اليمين بأنحاء القارة. وتتخذ المفوضية الأوروبية خُطا سريعة في هذا الشأن، إذ كشفت في منتصف مارس/آذار الماضي عن تدابير أولية لتسريع عملية طرد المهاجرين غير النظاميين. وكانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت إطارا قانونيا لإنشاء مراكز للمهاجرين خارج حدودها، أُطلق عليها اسم "مراكز العودة". وتأتي الدعوات إلى فرض سياسة أكثر صرامة بشأن الهجرة في الاتحاد الأوروبي، في وقت انخفض عدد المهاجرين غير النظاميين عبر حدود الاتحاد بشكل كبير. وفي العام 2024، وصل عدد هؤلاء إلى أدنى مستوى له منذ عام 2021، عندما كانت تدفقات الهجرة لا تزال ضعيفة بسبب جائحة كورونا، وفق بيانات الوكالة الأوروبية "فرونتكس"، ووكالة الصحافة الفرنسية.