
الدعوة إلى الفيدرالية تعمق الانقسام في ليبيا: مناورة أم حل؟
أثارت تصريحات نائب رئيس المجلس الرئاسي موسى الكوني عن النظام الفيدرالي الذي اعتبر أنه الضامن لتحقيق الاستقرار في أنحاء ليبيا كافة، وأن العمل بنظام الأقاليم الثلاثة ومجالس تشريعية مستقلة من شأنه أن يحقق الاستقرار، كثيراً من الردود السياسية المتفاوتة بين المرحب والرافض، فخلال لقاء جمعه مساء أمس الأحد بسفير بريطانيا لدى ليبيا مارتن لونغدن، رأى الكوني أن "العمل بنظام المحافظات كسلطة تنفيذية يضمن نيل كل مناطق ومكونات الشعب الليبي حقوقهم، ولا سيما بتسلمها موازناتها لإدارة مشاريعها وتقريب الخدمات للمواطنين في مناطقهم، حتى تتفرغ الدولة لممارسة دورها السيادي وتخفيف الضغط على العاصمة".
انقسامات
هذه التصريحات أشعلت شبكات التواصل الاجتماعي في ليبيا وعمقت الانقسامات بين مؤيد ورافض، إذ يعتبر المواطن فرج أبو راوي أن الحديث عن الفيدرالية هو بمثابة دعوة إلى تقسيم البلاد، مؤكداً أن دعوة الكوني تمس الأمن القومي للدولة الليبية، بينما يقول المواطن محمد حسن إن نظام المحافظات أفضل حل لخروج البلاد من حال الانقسام بين الشرق والغرب.
أما المواطن إسماعيل عزومي فيتساءل "من قال إن الفيدرالية شر مطلق سيعمق انقسام ليبيا؟" لافتاً إلى أن "الفيدرالية ناجحة ومعمول بها في كثير من الدول على غرار سويسرا"، ويربط عزومي نجاح النظام الفيدرالي بتوفر جملة من الشروط، مثل التوزيع العادل لثروات البلاد حيث لا يجري تفضيل إقليم على حساب آخر، مع ضرورة تشديد الرقابة والمحاسبة منعاً للتلاعب والفساد.
ولكن المواطن عبدالله حكيم اختصر حل الإشكال الليبي في تنظيم استفتاء على الدستور ومن ثمة إجراء انتخابات وطنية تقطع الطريق أمام وجوه سياسية تصدرت المشهد الليبي منذ أعوام طوال.
الحل الأمثل
ويعتبر المحلل السياسي وسام عبدالكبير أن المركزية والصراع على الإيرادات المالية للدولة هما أساس المشكلة في ليبيا، ولا سيما أن الإدارة المحلية لا تتمتع بأي صلاحيات بلدية، باعتبار أن الإجراءات المتعلقة بالمواطن كافة تمر عبر الحكومة المركزية ووزاراتها، منوهاً بأن نظام الأقاليم الثلاثة هو الحل لانتشال ليبيا من حال التشتت المستمرة منذ عام 2011.
ويعتبر عبدالكبير أن اقتراح الكوني سيفتت المركزية التي غرقت فيها الدولة الليبية منذ عقود ماضية، إذ أصبحت بحاجة إلى نظام حكم محلي موسع وصلاحيات تمنح للمحافظات، يرافقها تقسيم عادل للإيرادات النفطية بين الأقاليم الثلاثة، برقة وطرابلس وفزان، واصفاً دعوة نائب رئيس المجلس الرئاسي إلى تطبيق نظام الفيدرالية بالحل الأمثل للحال الليبية، لأنه سيخفف حدة الصراع على رئاسة السلطة التنفيذية ويوفر هامشاً من العدالة بين جميع المناطق الليبية.
وحول إمكان تفتت البلاد في حال الذهاب إلى العمل بنظام الأقاليم الثلاثة ومجالس تشريعية مستقلة، يقول المتخصص في الشأن الليبي إنه "على العكس من ذلك تماماً، لأن الاتجاه إلى المحافظات كسلطة تنفيذية يضمن توزيع الموارد والخدمات بصورة عادلة، باعتبار أن نقل الصلاحيات إلى الأقاليم عبر نظام حكم محلي ومحافظات بكامل الصلاحيات المالية والإدارية، مع توزيع الايرادات بين المحافظات، كلها تعزز استقرار البلاد وتخفف حدة الصراع على الإيرادات والسلطة".
ويستشهد عبدالكبير بنجاح الفيدرالية سابقاً في ليبيا خلال فترة حكم الملك إدريس السنوسي، إذ كان لكل إقليم مكتب تنفيذي بمثابة حكومة محلية بكامل الصلاحيات، وكانت ليبيا في تلك الفترة أكثر استقراراً، وفق تعبيره.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تخبط سياسي
ويتفق المستشار السياسي إبراهيم لاصيفر مع ما ذهب إليه المحلل السياسي وسام عبدالكبير من أن ليبيا شهدت فترة من الرخاء والاستقرار تحت راية النظام الفيدرالي خلال فترة حكم الملك إدريس السنوسي، إلا أنه يقول "إن العمل بنظام الأقاليم الثلاثة الذي طبقته ليبيا بعيد الاستقلال لا يمكن تطبيقه حالياً، لأن الظروف التي كانت عليها ليبيا إبان فترة المملكة بعيد الاستقلال عام 1951، مغايرة تماماً عن الظروف التي تمر بها ليبيا الآن، وعلى رأسها انقسام المؤسسات الاقتصادية والمالية والسياسية والأمنية، إضافة إلى عدم وجود دستور عام ينظم الحياة السياسية في البلاد".
ويتابع لاصيفر خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية" بأن النظام الفيدرالي الذي انتهي العمل به في ليبيا منذ الـ 26 من أبريل (نيسان) 1963 له إيجابيات وسلبيات، شأنه شأن أي شكل حكم سياسي آخر، مشدداً على أنه في حال تقرر التوجه نحو هذا الشكل من الحكم وحده فإن الشعب الليبي هو من يملك القرار في ذلك، لأنه ليس من حق موسى الكوني الكلام عن العمل بنظام الأقاليم الثلاثة، والموضوع لم يعرض على الاستفتاء من قبل الشعب الليبي الذي يعد صاحب القرار الأول والأخير في هذه القضايا، موضحاً أن الكوني وبقية الأطراف الليبية المتربعة على سدة الحكم يستشعرون الخوف بعد تشكيل اللجنة الاستشارية التابعة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ولافتاً إلى أن "الخوف ليس من اللجنة الاستشارية بحد ذاتها، بل من الأمم المتحدة التي بدأت تطبيق خطتها بتشكيل اللجنة الاستشارية ومن بعدها تسلم المبعوثة الأممية الجديدة حنا تيتيه مهماتها، ولذلك لاحظنا خلال الفترة الأخيرة أن كل المتربعين على سدة الحكم في الشرق والغرب يكثرون من التصريحات والمقترحات لحل الأزمة الليبية، ومن ثم بدأت رحلات كل من قائد قوات الشرق خليفة حفتر نحو بيلاروس وفرنسا، في حين توجه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة إلى الدوحة، في إطار سعيهما إلى الحفاظ على المشهد ذاته، وإطالة مدة بقائهما في منصبيهما".
ويطالب لاصيفر بضرورة عقد صفقة سياسية بين الفرقاء الليبيين قبل الحديث عن نظام فيدرالي، لأن الشعب الليبي هو المعني الوحيد باختيار شكل الحكم للدولة الليبية، معتبراً "أن الشعب الليبي وقع ضحية هذه الطبقة الحاكمة التي لا تريد حل الأزمة الليبية بل تحاول الحفاظ على حال الانسداد والفوضى والتقسيم، فنجدها تصرح بما لا تعمل وتعمل بما لا تصرح، حتى أضحت السلطة التنفيذية والتشريعية القضائية تقتات على الأزمة الليبية التي لا تعاني مشكلة في شكل نظام الحكم، سواء كان فيدرالياً أو برلمانياً أو غيره، لأن طبيعة النظام السياسي يحددها الشعب الليبي وليس الكوني الذي زادت تصريحاته الفردية تعميق حال الفرقة".
يذكر أن كلاً من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وقائد القيادة العامة للقوات المسلحة في الشرق الليبي خليفة حفتر يشتركان في رفضهما تطبيق النظام الفيدرالي في ليبيا، على اعتبار أنه يعزز تقسيم البلاد التي توجد فيها حكومتان تتنافسان على الأرض، واحدة في الشرق بقيادة أسامة حماد، وأخرى في الغرب برئاسة الدبيبة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
إدارة ترمب تفرض قيودا جديدة على الصحافيين في البنتاغون
أصدر وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث أوامر تلزم الصحافيين بأن يكون معهم مرافقون رسميون داخل جزء كبير من مبنى وزارة الدفاع (البنتاغون)، وهي الأحدث في سلسلة من القيود التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترمب على الصحافة. وتمنع هذه الإجراءات، التي دخلت حيز التنفيذ على الفور، الصحافيين المعتمدين من دخول معظم مقرات وزارة الدفاع في أرلينجتون بولاية فرجينيا، ما لم يكن معهم موافقة رسمية ومرافق. وقال هيغسيث في مذكرة أول أمس الجمعة "بينما تظل الوزارة ملتزمة بالشفافية، فإنها ملزمة بالقدر نفسه بحماية المعلومات المخابراتية السرية والمعلومات الحساسة، والتي قد يؤدي الكشف عنها غير المصرح به إلى تعريض حياة الجنود الأميركيين للخطر". وأضاف أن حماية المعلومات المخابراتية الوطنية السرية وأمن العمليات "أمر لا غنى عنه بالنسبة للوزارة". وقالت رابطة صحافة البنتاغون، وهي منظمة تمثل مصالح الصحافيين المسؤولين عن تغطية الأنباء المتعلقة بالجيش الأميركي، إن القواعد الجديدة تبدو كما لو كانت "هجوماً مباشراً على حرية الصحافة". وأضافت في بيان "يقال إن القرار يستند إلى مخاوف بشأن أمن العمليات. ولكن كان بوسع السلك الصحافي في البنتاغون الوصول إلى الأماكن غير المؤمنة وغير السرية هناك على مدار عقود، في عهد إدارات جمهورية وديمقراطية، وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، من دون أي قلق بشأن أمن العمليات من قيادة وزارة الدفاع". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ورداً على طلب للتعليق، قال المتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل "هذه الإجراءات الجديدة هي خطوة ضرورية لحماية المعلومات الحساسة وحماية أفراد الجيش الأميركي من المخاطر التي يمكن تفاديها". ومنذ عودة ترمب إلى الرئاسة في يناير (كانون الثاني)، بدأ البنتاغون تحقيقا في تسريبات مما أسفر عن منح ثلاثة مسؤولين إجازة إدارية. كما طلب البنتاغون من مؤسسات إعلامية قديمة، مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست و"سي أن أن" و"أن بي سي نيوز"، إخلاء مكاتبها في البنتاغون في نظام تناوب جديد جلب مؤسسات أخرى، منها وسائل إعلام صديقة بوجه عام لإدارة ترمب مثل نيويورك بوست وبرايتبارت وديلي كولر وشبكة وان أميركا نيوز. وتقول إدارة ترمب إن الهدف من تلك الخطوة هو إتاحة الفرصة لوسائل الإعلام الأخرى لإعداد تقاريرها بينما تحظى بصفة أعضاء مقيمين في السلك الصحافي. وأوردت "رويترز" أول أمس الجمعة أيضا أن إدارة ترمب نشرت أجهزة كشف الكذب للتحقيق في تسريب المعلومات غير المصنفة على أنها سرية، وتم إبلاغ بعض مسؤولي وزارة الأمن الداخلي بأنهم معرضون للفصل من العمل لرفضهم الخضوع لاختبارات كشف الكذب. ويقول البيت الأبيض إن ترمب لن يتهاون مع تسريب المعلومات لوسائل الإعلام وإن الموظفين الاتحاديين الذين يفعلون ذلك يجب أن يخضعوا للمساءلة. وجاء في المذكرة التي أصدرها هيغسيث أول أمس الجمعة أنه يتعين على السلك الصحافي في البنتاغون الإقرار بمسؤوليته عن حماية معلومات المخابرات الوطنية والمعلومات الحساسة ومنحهم تصاريح جديدة تبرز هويتهم الصحافية بشكل أوضح. وذكرت المذكرة "نتوقع أيضا إعلانا قريبا عن تدابير أمنية إضافية وتشديد الرقابة على إصدار (التصاريح)".


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
قبة ترمب الذهبية ستذكر كواحدة من أفظع حماقاته
تحت وجه رونالد ريغان المبتسم في اللوحة المعلقة داخل المكتب البيضاوي، أعلن الرئيس دونالد ج. ترمب أن حلم "حرب النجوم" الذي كان يراود سلفه ببناء نظام دفاع صاروخي شامل لحماية الولايات المتحدة سيبصر النور. يطلق ترمب على المشروع اسم "القبة الذهبية"- وهو مشروع ترمبي إلى أبعد الحدود. وهذا ليس شيئاً جيداً. أولاً، لا بد من أن يكون المشروع "ذهبياً". لدى ترمب هوس أشبه بولع لويس الـ14 الفرنسي بالذهب. اكتسى مكتبه اللون الذهبي حرفياً وبوتيرة منتظمة بفضل إضافة التماثيل الصغيرة المبهرجة التي نبشت من أقبية البيت الأبيض وجاءت لتكمل التفاصيل المذهبة المفرطة في الزخارف الجصية والستائر. حتى جهاز التحكم بالتلفاز من بعد أصبح مكسواً باللون الذهبي. وفيما استفاد الإسرائيليون كثيراً من منظومة "القبة الحديدية" الدفاعية الصاروخية التي زودها بهم الأميركيون - والتي صدت فعلياً الهجمات الإيرانية - فإن ما لدى أميركا نفسها لا يمكن تشبيهه بمعدن أساس [أي مجرد حديد وليس معدناً ثميناً كالذهب]. فالرسومات المبهرجة التي استخدمها البيت الأبيض في التعريف عن المنظومة تبدو أقرب إلى إعلان لعملة مشفرة أخرى يطلقها ترمب. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وثانياً، تعد القبة الذهبية مشروعاً طموحاً بصورة مبالغ بها، كما هو المعتاد من ترمب. مثل جدار ترمب سيئ السمعة، غير المنجز، وغير النافع على الحدود مع المكسيك، فإن قبته الذهبية التي يفترض أنها "رؤيوية" مليئة في الواقع بالعيوب وكلفها باهظة. لا سبب يدعو إلى تكبير منظومة القبة الحديدية الصغيرة نسبياً، والمصممة للتصدي لصواريخ المديين القريب والمتوسط، إلى الحد المطلوب لمواجهة هجوم متواصل من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات أو الصواريخ التي تطلق من الفضاء الخارجي. وحتى لو صنعت بنجاح، فربما لن تكون فعالة 100 في المئة، كما هي الحال مع القبة الحديدية في إسرائيل-ولن ترغبوا بأن تكونوا في وضع يحتم عليكم اكتشاف فاعليتها. فبحلول ذلك الوقت، ستكونون قد أنفقتم مبلغاً أكبر بكثير من تقديرات ترمب المتفائلة، أي 175 مليار دولار، في سبيل أن تكتشفوا ذلك. ربما عليه أن يسأل صديقه إيلون ماسك، الذي لوحظ غيابه الغريب عن الساحة، إن كانت القبة الذهبية توظيفاً جيداً لأموال دافعي الضرائب الأميركيين. وهنا نصل إلى المشكلة الثانية، وهي إحدى مشكلات ترمب النموذجية: إن المشروع غير مدروس جيداً. عندما طرح ريغان مقترح مبادرة الدفاع الإستراتيجي Strategic Defence Initiative (SDI) عام 1983، كان من الواضح أنه يفكر بالروس. لكن ترمب الآن يريد أن يصادقهم ويكون شريكاً مع بوتين، وربما حتى الرئيسين شي وكيم وغيرهما في تحالف دولي للرجال الأقوياء. إن كان هدف القبة الذهبية حماية أميركا، فممَّن ستحميها؟ من المنطقي أن يكون الجواب من أعداء غير معروفين وغير متوقعين حتى الآن، لكن ليس إن كان ترمب يريد مصادقتهم جميعاً. ولو فشلت هذه الصداقات، قد تكون القبة الذهبية مفيدة، لكن لا شيء يمنع الصينيين في المبدأ من تطوير قبتهم الخاصة - فهم يمتلكون المال وربما التكنولوجيا حتى - وتصديرها إلى حلفائهم في موسكو وبيونغ يانغ وغيرها من الأماكن. ولا أحد يعرف انعكاس ذلك على التوازن الإستراتيجي العالمي في مجال السلاح. وكما تثبت لنا القبة الحديدة كذلك، فإن الابتكار العسكري يمكن أن يؤدي إلى تبعات غير مقصودة. فبفضل كفاءتها العالية، أسهمت القبة الحديدية في كبح العدوان الإيراني ورعاية طهران الحوثيين وغيرها من الجماعات الإرهابية، وهو أمر إيجابي. لكنها، في المقابل، حررت إسرائيل من أية قيود في شن حروبها. إذ قضت على تأثير الردع في السياسة الإسرائيلية بسبب المخزون الصاروخي الذي تمتلكه إيران وحلفاؤها، مثل "حزب الله"، وقد انفلت الوضع تماماً. قد تكون إسرائيل أكثر أمناً من أحد الجوانب بفضل القبة الحديدية، لكن زعزعة المنطقة نتيجة لذلك لم تسهم في أمنها على المدى البعيد. ربما يجعل ذلك إيران أكثر عزماً حتى على الحصول على سلاح نووي- إضافة إلى قبة خاصة بها. مع تطوير القبة الذهبية، كما حدث مع مبادرة الدفاع الأستراتيجي التي طرحها ريغان قبل ذلك، سيظهر قانون العواقب غير المقصودة بطرق مخيفة. فإذا زالت مفاهيم الردع و"التدمير المتبادل المؤكد" إلى غير رجعة، لا يمكن التنبؤ بما يحدث بعدها. باستثناء ربما أن الصين وروسيا لن تجلسا من دون تحريك أي ساكن، بل ستسعيان إلى إيجاد طرق لاستعادة توازن القوى. قد لا يؤدي هذا المشروع، كما تخيل ريغان في السابق وربما يعتقد ترمب اليوم، إلى نزع شامل للسلاح النووي. ففي ثمانينيات القرن الماضي، رأت روسيا أن "مبادرة الدفاع الإستراتيجي" استفزاز مباشر، مما زاد من حدة الحرب الباردة. وقد استغرق الأمر أعواماً – ساعدت فيها الصعوبات التقنية في تنفيذ المشروع – حتى أعيد فتح باب المحادثات في شأن ضبط التسلح بين ريغان وميخائيل غورباتشوف، وتوج ذلك باتفاق الأسلحة النووية المتوسطة عام 1987. على سبيل التفاؤل، قد تكون نهاية مشروع ترمب لإنشاء القبة الذهبية، نهاية سعيدة. إن كان السلام هو الهدف، فلا يمكن اعتباره مسعى غير نبيل- بل مستقبل ذهبي. لكن إن أخذنا في الاعتبار تذبذب الرئيس وكلفة البرنامج، نجد أنه من شأن القبة الذهبية أيضاً أن تزيد خطورة عالمنا المضطرب. وسيكون من اللطيف أن نصدق أن "العبقري المستقر"، كما يصف نفسه، قد فكر فعلاً في كل هذه التداعيات.


Independent عربية
منذ 3 ساعات
- Independent عربية
المئات في طرابلس يدعمون حكومة الدبيبة ويطالبون بحل الميليشيات
تجمع مئات من الليبيين السبت في طرابلس، مقر حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها من الأمم المتحدة، لإظهار دعمهم لها بعد تظاهرتين حاشدتين طالبتا برحيلها بسبب القتال الدامي الذي شهدته العاصمة منتصف هذا الشهر. وتم نقل العديد من المشاركين في حافلات إلى وسط طرابلس من مدن مجاورة مثل مصراتة (200 كيلومتر إلى الشرق) والعزيزية (50 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي). وأطلق المتجمعون شعارات "لا للميليشيات، نعم لسلطة القانون والدولة"، و"يجب حل الميليشيات"، ورفع بعضهم لافتات تدعو إلى إجراء انتخابات. ومنذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، تشهد ليبيا نزاعات وانقسامات وتدير شؤونها حكومتان متنافستان: الأولى في طرابلس (غرب) برئاسة عبد الحميد الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، والثانية في بنغازي (شرق) برئاسة أسامة حمّاد وتحظى بدعم البرلمان والمشير خليفة حفتر. وكان من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر (كانون الأول) 2021، لكن تم تأجيلها إلى أجل غير مسمى بسبب خلافات بين الأطراف. وقال أحد المشاركين في بيان تلاه أمام الحشد، "نريد وطناً موحداً وقوانين تطبق على الجميع". وطالب المتظاهرون أيضاً بإعادة العمل بالدستور الذي اعتمد عند استقلال البلاد في عام 1951 ولكن تم إلغاؤه بعد انقلاب القذافي في عام 1969. وفي يوليو (تموز) 2017، قدمت لجنة منتخبة بالاقتراع العام ومسؤولة عن صوغ الدستور نصاً إلى البرلمان، كان من المقرر طرحه للاستفتاء. لكن المشروع ظل حبراً على ورق بسبب الانقسام في شأنه. وطالب المتظاهرون أيضا بإلغاء "قوة الردع"، وهي مجموعة مسلحة تسيطر على شرق طرابلس والمطار والعديد من السجون، وأعلن رئيس الوزراء حل أجهزة أمنية مرتبطة بها الأسبوع الماضي. وشهدت طرابلس في الفترة من 12 إلى 15 مايو (أيار) الحالي اشتباكات عنيفة بين جماعات مسلحة وقوات موالية للحكومة بعد أن قررت حكومة الوحدة الوطنية تفكيك "جميع الميليشيات" التي تسيطر على المدينة، وأصبحت بحسب الدبيبة "أقوى من الدولة". واسفرت المعارك عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل بحسب الأمم المتحدة، حتى التوصل إلى هدنة. واحتجاجاً على طريقة تعامل حكومة الوحدة الوطنية مع هذه الأزمة، تجمع آلاف المتظاهرين الجمعة الماضي في وسط طرابلس. وقُتل ضابط شرطة يحرس مقر الحكومة خلال "محاولة هجوم" شنتها "مجموعة مختلطة مع المتظاهرين"، بحسب بيان رسمي. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقف دائم لإطلاق النار من جهته دعا الاتحاد الأفريقي، اليوم السبت، إلى وقف دائم لإطلاق النار في ليبيا بعد الاشتباكات الدامية التي شهدتها العاصمة، وتظاهرات طالبت باستقالة رئيس الوزراء. ودان مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، اليوم السبت، أعمال العنف الأخيرة، داعياً إلى "وقف دائم وغير مشروط لإطلاق النار". ودعا المجلس على "إكس"، إلى "مصالحة شاملة بقيادة ليبية"، مضيفاً أنه "يناشد عدم التدخل الخارجي". ومنذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، تشهد ليبيا نزاعات وانقسامات، وتدير شؤونها حالياً حكومتان متنافستان: الأولى في طرابلس (غرب) برئاسة الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، والثانية في بنغازي (شرق) برئاسة أسامة حماد وتحظى بدعم البرلمان والمشير خليفة حفتر.