logo
"مدار": معسكرات احتجاز جماعي جنوب قطاع غزة تحت مسمى "المدينة الإنسانية" بهدف التهجير القسري

"مدار": معسكرات احتجاز جماعي جنوب قطاع غزة تحت مسمى "المدينة الإنسانية" بهدف التهجير القسري

طرحت إسرائيل في ظل حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عدة مشاريع تُعبّر في جوهرها عن محاولات التنصل من مسؤولية إدارة السكان في القطاع، لا سيما 'خطة المدينة الإنسانية'، والتي تقوم على إنشاء معسكر ضخم في جنوب قطاع غزة، وتحديداً في محافظة رفح، بهدف تجميع مئات الآلاف من الفلسطينيين داخله، ويشمل خياماً للإيواء، ومراكز لتوزيع الطعام، ومرافق طبية أساسية.
وأوضح المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية 'مدار'، في تقرير له حول هذا الموضوع، أن هذه المساهمة تستعرض مشروع 'المدينة الإنسانية' الذي تقترحه إسرائيل، متوقفة عند التباينات الجوهرية بين المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل بشأن واقعية هذه الخطة والتحديات الميدانية المرتبطة بتنفيذها، كما تسلط الضوء على الأسباب والمواقف القانونية والأكاديمية داخل إسرائيل التي تعارض المشروع.
معسكر عزل جماعي تحت مسمى الإنسانية
في 7 تموز 2025، أعلن وزير جيش الاحتلال 'يسرائيل كاتس' رسمياً عما سُمّي بـ'خطة المدينة الإنسانية'، وتقوم الخطة على إنشاء معسكر ضخم يضم خياماً ومرافق أساسية في منطقة مفتوحة بين محوري موراغ وفيلادلفيا في مدينة رفح، على أن يُنقل إليه في المرحلة الأولى نحو 600 ألف فلسطيني، معظمهم من منطقة المواصي، مع التوسع لاحقاً لاستيعاب باقي سكان القطاع.
كما يشترط على الداخلين إلى هذا المجمع المرور بعملية فحص وتفتيش أمني صارمة، ولن يُسمح لهم بالمغادرة لاحقاً، بمعنى أن الدخول باتجاه واحد فقط، ما يجعل المدينة عملياً منطقة احتجاز جماعي محكمة السيطرة.
وحسب 'مدار'، تهدف الخطة الإسرائيلية إلى تحقيق جملة من الأهداف، أولها تصنيف السكان وفصل المدنيين عن المقاتلين، وثانيها ضمان إيصال المساعدات الإنسانية من دون أن تصل إلى ما تبقى من 'سلطة حماس'، وفقاً للتوصيفات الرسمية. أما ثالثها، وهو الأكثر إثارة للجدل، فيتعلق بما أعلنه كاتس صراحة من أن أحد الأهداف المركزية للمشروع هو 'تشجيع هجرة سكان غزة إلى الخارج'.
معوّقات التنفيذ على الأرض
يواجه مشروع 'المدينة الإنسانية' جملة من التحديات البنيوية التي تُضعف من إمكانية تنفيذه على أرض الواقع، ويأتي في مقدمتها العبء المالي الضخم الذي تحتاجه الخطة، ناهيك عن الخلافات الداخلية في أروقة المؤسسة الإسرائيلية.
وفقاً للتقديرات الرسمية، فإن تكلفة المشروع تتراوح بين 10 – 20 مليار شيقل (نحو 2.7 إلى 5.5 مليار دولار).
حيث وافق وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش على تخصيص مئات الملايين من الشواكل لبدء التجهيزات الأولية، كما يفترض بأن دولاً عربية ستُسهم لاحقاً في تغطية النفقات عند توليها إعادة إعمار غزة.
في السياق ذاته، برزت خلافات بين المستويين السياسي والعسكري بشأن توقيت تنفيذ خطة 'المدينة الإنسانية' وأدواتها التطبيقية.
إذ أعرب رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال إيال زامير عن معارضته الحازمة للصيغة الحالية للمشروع، واصفاً إياها بأنها تفتقر إلى الأسس التنفيذية الواقعية، وتتناقض مع الأهداف الاستراتيجية للعملية العسكرية الجارية، وتعاني من ثغرات بنيوية متعددة، وتنطوي على إشكاليات معقدة تجعل من تطبيقها شبه مستحيل.
وتُظهر تقديرات الجيش أن تنفيذ المشروع سيستغرق أكثر من عام كامل، على خلاف ما تروّج له الحكومة التي تتحدث عن فترة زمنية لا تتجاوز ستة أشهر.
كما تفيد التقييمات العسكرية بأن الكلفة الحقيقية للمشروع قد تفوق الأرقام الرسمية المعلنة، لتصل إلى عشرات المليارات من الشواقل.
ويُنظر إلى المبادرة من قبل القيادة العسكرية على أنها فخ استراتيجي يحمّل الجيش عبئاً إدارياً هائلاً، لا سيما في ظل الغموض السياسي المتعلق بجهة إدارة شؤون قرابة مليوني فلسطيني داخل المدينة، من حيث الإمدادات الغذائية والمياه، وخدمات الصرف الصحي والرعاية الصحية.
إضافة إلى ذلك، لم يتلقّ الجيش حتى هذه اللحظة إجابة حاسمة من القيادة السياسية حول الجهة التي ستتولى هذا الدور: هل ستكون العشائر المناوئة لحركة 'حماس'؟ أم منظمات دولية؟ أم ستكون تحالفاً هجيناً؟ وغياب رؤية واضحة في هذا الشأن يعزز الانطباع بأن الجيش سيتحمل المسؤولية الإدارية الكاملة، وهو ما يرفضه رئيس هيئة الأركان رفضاً قاطعاً.
أثار موقف المستوى العسكري استياء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي اتهم الجيش بتعمّد المماطلة عبر طرح سيناريوهات غير واقعية تهدف – في نظره – إلى عرقلة تنفيذ الخطة، وذهب إلى تشبيه ذلك بـ'الإضراب الإيطالي'. ونتيجة لذلك، طالب المؤسسة العسكرية بإعداد خطة بديلة تكون أكثر كفاءة، وأقل تكلفة، وقابلة للتنفيذ خلال فترة زمنية أقصر.
تعكس هذه الخلافات وجود تيارين متباينين داخل المستوى الرسمي في إسرائيل: الأول، يرى في الخطة وسيلة لإعادة تشكيل قطاع غزة جغرافياً وديموغرافياً، ويؤدي إلى عزل 'حماس'، وفرض السيطرة على القطاع، وفي إنشاء المدينة مقدمة لتهجير الطوعي للفلسطينيين.
أما التيار الثاني، الذي تمثّله المؤسسة العسكرية، فينظر إلى المشروع باعتباره عبئاً ضخماً على المستويات اللوجستية والأمنية والمالية، من شأنه أن يقيّد قدرة الجيش في القتال، ويُعرضه لفقدان السيطرة في جنوب القطاع، فضلاً عن أن ذلك يؤثر سلباً على تفكيك البنية القتالية لحماس واستعادة الأسرى.
كذلك، يشكّل إصرار 'حماس' خلال المفاوضات الجارية في الدوحة على انسحاب القوات الإسرائيلية من محور 'موراغ' أحد العوائق الجوهرية التي تُعرقل تنفيذ مشروع 'المدينة الإنسانية' في رفح.
ويُوضح الصحفي الإسرائيلي أمير بحبوط من موقع 'واللا' أن حماس تتمسك بمطلبها الرامي الى تفكيك المحور بالكامل، انطلاقاً من قناعتها بأن بقاء الوجود الإسرائيلي فيه يُعدّ عنصراً محورياً في إنجاح المخطط.
إقامة مكاسب سياسية أم وهم استراتيجي؟
في خضم حالة الجدل حول خطة 'المدينة الإنسانية'، رأى الباحث الإسرائيلي في معهد دراسات الأمن القومي أودي ديكل أن المشروع- على الرغم من تكلفته الإنسانية المرتفعة- قد يُحقق مكاسب استراتيجية مهمة من وجهة نظر الحكومة، لكن في المقابل يمثل خسارة فرصة إعادة الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة.
في المقابل، ربط الأكاديمي الإسرائيلي ميخائيل ميلشتاين بين مشروع 'المدينة الإنسانية' في جنوب قطاع غزة، وآليات أخرى تتبناها إسرائيل مؤخراً مثل تسليح ميليشيات بديلة 'لحماس'، ومشاريع المساعدات الإنسانية، معتبراً أنها جميعاً تنطلق من فرضية واحدة: إمكانية 'هندسة الواقع والوعي' الفلسطيني عبر الدمج بين القوة العسكرية والحوافز الاقتصادية.
ويرى ميلشتاين أن هذا النمط المتكرر من التفكير يعكس وهماً استراتيجياً عميقاً، إذ تحوّلت غزة إلى حقل تجارب للخيالات الإسرائيلية، حيث تُطلق مشاريع تنعدم فيها الرؤية النقدية، وغالباً ما تفشل سريعاً لأنها تقوم على تصور مشوّه للواقع، وعلى قناعة غير واقعية بإمكانية تغيير الأيديولوجيا من خلال الغذاء والمساعدات، وهي مقاربة سبق أن انهارت في تجارب دولية أخرى كفيتنام والعراق وأفغانستان.
أما صحيفة 'هآرتس'، في افتتاحيتها الصادرة بتاريخ 9 تموز 2025، فتذهب إلى أن المشروع المُسمى بـ'المدينة الإنسانية' في قطاع غزة، والذي يهدف إلى تجميع الغالبية العظمى من سكان القطاع ضمن منطقة مغلقة تُدار عبر قنوات المساعدات الإنسانية، لا يُعد سوى خطة لترحيل قسري منظم (ترانسفير).
وترى الصحيفة أن هذه الخطة لا تُنفذ بشكل منفصل، بل تأتي في سياق تنسيق واضح مع جهات أميركية فاعلة، مشيرة إلى إعلان نتنياهو عن قرب التوصل إلى تفاهمات مع دول يُمكن أن تستوعب سكان غزة، معتبرة أن هذا المشروع ينطوي على قدر كبير من التضليل والتلاعب بالمفاهيم.
بينما اعتبرت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' أن 'المدينة الإنسانية' تمثل أحدث حلقة في سلسلة الوعود السياسية المتهاوية التي طرحتها القيادة الإسرائيلية ضمن ما يسمى بخطط 'اليوم التالي' في غزة، من دون أن يتحقق أي من أهدافها المعلنة، حيث لم تُهزم حماس ولا يزال خمسون إسرائيلياً أسرى في القطاع، بالرغم من مرور ما يقارب عامين على العمليات العسكرية.
كما أن المشروع الذي رُوّج له كحل سحري سيُكلّف دافعي الضرائب الإسرائيليين ما بين 10 إلى 15 مليار شيقل، بدون وضوح في مصادر تمويله. ومع ذلك، لم تتحول الخطة إلى أمر عمليات فعلي، شأنها شأن مشاريع أخرى وُصفت سابقاً بـ'الاستراتيجية'، مثل خطة الهجرة لتقليص عدد سكان غزة، وحواجز الطرق التي شغلتها شركات أمن أميركية، ومراكز توزيع المساعدات، وجميعها إما فشلت، أو جُمدت في ظل غياب رؤية سياسية واضحة ومتماسكة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مقتل جندي وإصابة 9 آخرين في حدث أمني بخان يونس
مقتل جندي وإصابة 9 آخرين في حدث أمني بخان يونس

فلسطين الآن

timeمنذ 2 ساعات

  • فلسطين الآن

مقتل جندي وإصابة 9 آخرين في حدث أمني بخان يونس

ترجمة خاصة - فلسطين الآن أفادت مواقع عبرية، اليوم الأحد، بمقتل جندي وإصابة 9 آخرين على الأقل من وحدة الاستطلاع في جيش الاحتلال خلال ما وصفته بـ"حدث أمني" وقع في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة. وأشارت التقارير إلى أن من بين المصابين قائد وحدة الاستطلاع، وقد جرى نقل جميع الجرحى إلى مستشفيات داخل إسرائيل لتلقي العلاج، من دون الكشف عن تفاصيل إضافية بشأن طبيعة الحدث أو خلفياته. كما أكدت مواقع عبرية، بوقوع اشتباكات عنيفة بين قوات الجي ومقاومين فلسطينيين في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة. ويأتي هذا التطور بعد يوم واحد من مقتل جنديين إسرائيليين في انفجار عبوة ناسفة استهدفت مركبتهما المدرعة في خان يونس، وذلك بحسب بيان رسمي لجيش الاحتلال صدر أمس السبت. وكان جيش الاحتلال قد أعلن أيضا وفاة جندي ثالث متأثرا بجروح أُصيب بها في وقت سابق من الأسبوع. ووفق ما نقلته وسائل إعلام عبرية، فإن الانفجار الذي وقع أمس السبت نجم عن عبوة ناسفة بدائية فجّرها مقاوم خرج من نفق، مستهدفا ناقلة جنود تابعة للكتيبة 51 في لواء جولاني. بدوره، قال وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس في منشور على منصة إكس: "فقدنا 3 من أبطالنا الذين ضحّوا بأرواحهم من أجل أمن دولتنا وعودة جميع رهائننا". وبهذه الخسائر، يرتفع عدد قتلى جيش الاحتلال منذ بدء عملياته البرية في قطاع غزة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إلى 463 جنديا، وفق البيانات الرسمية.

إنهم يفاوضون لإطالة عمر الحرب ؟؟؟
إنهم يفاوضون لإطالة عمر الحرب ؟؟؟

وكالة خبر

timeمنذ 6 ساعات

  • وكالة خبر

إنهم يفاوضون لإطالة عمر الحرب ؟؟؟

لم يعد الحديث عن الهدنة يجلب انتباه أحد، بعد تلك المفاوضات الممجوجة حول التفاصيل التي لا تعني، بأية حال من الأحوال، المواطن وأمنه، كما أن حركة حماس بمواقفها التي لا يمكن لفلسطيني يعيش في غزة أو لفلسطيني قلق على شعبه أن يفهمها، حوّلت الأمر إلى صراع وعناد واستعراض عضلات لا يعكس في الحقيقة واقع المعركة وما يجري على الأرض. الهدنة التي كان يجب أن يتم التوصل إليها في غضون أيام حقناً للدم الفلسطيني الذي يُراق كل يوم في غزة وحفاظاً على غزة من الهدم والدمار، ها هي مفاوضاتها تستمر لأشهر، وقد تستمر لأشهر أخرى في المستقبل دون أن تتحقق. ضمن قصر نظر الطرف الفلسطيني فقد تحولت المفاوضات إلى أداة لإطالة عمر الحرب. وربما على المرء أن يستدرك بأن الأمر ليس «قِصر نظر» بل ربما هو هدف منشود من الطرفين. إن من يعاند حقاً ويصر على كسر إرادة العدو عليه أن يكون أولاً متمكناً من أرض المعركة، لا أن يترك شعبه نهشاً للقتل الإسرائيلي ويكتفي باستعراض العضلات. حديث البعض عن «شروط المقاومة» مثير لغضب الناس، لأنه لا يعني أكثر من تقديم الناس ضحايا لعناد لا مكسب منه إلا أن يقول المفاوض العنيد أنه موجود. بالنسبة لحماس فهي تعرف أن ثمة استحقاقاً وطنياً كبيراً بعد نهاية الحرب. تعرف أنها مدينة بالتفسير لشعبنا خاصة في غزة حول ما جرى؟ وكيف جرى؟ وكيف تمت إدارة المعركة، وكيف تمت التضحية بالناس من أجل أن يعيش القادة، وكيف اعتبرت حياة مجندة إسرائيلية أغلى بآلاف المرات من حياة آلاف الفلسطينيين، وكيف تم سرقة المساعدات حتى ينعم بها القادة على حساب الشعب؟ أي مقاتل هذا الذي يشبع ويجوع شعبه! الكثير من الأسئلة التي تعرف حماس أن الشعب سيواجهها بها، وانها هذه المرة لن تنجو من الإجابة، لأن عشرات فضائيات أخرى بجوار «الجزيرة» لن تفلح في مسح دماغ شعبنا في غزة الذي عاش الإبادة، وعرف كيف يمكن للتاجر أن يرفع سعر كيلو السكر إلى مائة دولار بتعليمات من مُشغّله الذي يسرق له المساعدات ويوزعها عليه ويحدد له السعر. حماس تعرف أنها ستخضع لنقاش داخلي حاد حول المغامرات غير المحسوبة التي أودت بغزة إلى التهلكة. أسهل شيء أن تقوم بصفع مجرم الحارة كفاً وتلوذ بالفرار وتتركه يهدم الحارة على من فيها، أصعب شيء أن تحسب حساب المعركة التي ستدور بعد ذلك. بالنسبة لحماس فإن الهدنة تعني شيئاً واحداً؛ أن حماس على «اللوج» وأن حكمها مستمر. تتذكرون كيف استخدمت حماس فكرة نبيلة مثل «حق العودة» لإخراج مسيرات العودة على السلك الفاصل بين غزة والبلاد السليبة من أجل أن تفاوض على بضعة ملايين من الدولارات. كان الشبان يفقدون أطرافهم وصارت نسبة كبيرة من شباب غزة يسيرون باستخدام «العكّاز» لأنهم كوطنيين غيورين لبّوا نداء المسيرة المتجهة لبلداتهم وقراهم الأصلية، مقابل أن تحصل حماس على حقيبة بثلاثين مليون دولار شهرياً وبعض شاحنات الوقود الذي كانت تبيعه في السوق بأسعار مضاعفة حتى تصبح الثلاثين مليوناً خمسين. كل حروب حماس منذ انقلابها الأسود على السلطة في حزيران 2007 لم تكن إلا من أجل «شرعنة» سرقتها للسلطة وتثبيت بقائها. نعم الهدنة لن تتم ما لم تضمن حماس بقاءها في الحكم. أسألوا أهل غزة عن انطباعاتهم وسيقولون لكم بأن هدف حماس هو أن تبقى في الحكم، لا شيء آخر. حماس تعرف أنه في كل يوم يمر يستشهد قرابة مائة من الأبرياء الذين كان يمكن لهم أن يحافظوا على نسل عوائلهم التي انقطعت بشكل كامل، وأن كل يوم يمر خلال تلك المفاوضات الشرعية (مفاوضات أبو عمار وأبو مازن حرام شرعاً) يكون مفاوضوها خلاله يتخيلون مهرجانات النصر في ساحة الكتيبة أو السرايا، وربما يسمعون التصفيق الوهمي لأنصارهم، وتقارير وبرامج تحمل ما خفي أسوأ، يتخيّلون كل هذا ثم يقولون بزهو بأن لديهم ملاحظات على الورقة المطروحة. قبل أكثر من شهرين قلنا هنا بأن غاية أي هدنة يجب أن تكون حقن الدم الفلسطيني المستباح فيما المقاتل مشغول بحماية الأسرى الإسرائيليين. إن غاية أي مفاوضات يجب أن تكون وقف هذه المقتلة، على الأقل لو لستين يوماً، فعندها نمنح الناس فرصة لالتقاط أنفاسها وتدبير أمورها، ويأكلون بعض الطعام الذي حرمهم منه الجيش الإسرائيلي ولصوص المساعدات وأرباب نعمتهم في إدارة الأمر الواقع في غزة. وحين يسأل المرء إزاء كل هذا الوضع: «على ماذا تفاوض حماس؟»، يكاد لا يحصل على إجابة. وبمتابعة صفحات المواطنين في غزة يمكن للمرء أن يشعر بالخيبة الكبيرة التي يعيشها أهلنا هناك وهم ينظرون لمواقف حماس التي لا تمتّ بصلة لاحتياجات الناس. الناس تعرف أن انسحاب الجيش الإسرائيلي من 800 متر أو من 2000 متر أمر غير مهم، لأن الجيش الإسرائيلي يستطيع أن يأتي في اليوم التالي ويحتل بقية المساحة التي تركها، ومرة أخرى لن يجد من يصدُّه، لأنه في البداية لم يجد من يصدُّه، وسيجد كميناً هنا وكميناً هناك يطرب لهما مسحجون ينظرون لغزة على أنها شاشة كبيرة يتم عرض لقطات عن البطولة فيها. وكيف للمرء أن يطالب بحدود لا يستطيع حمايتها! أظنُّ أن القيادة الفلسطينية حين تركت المفاوضات وانشغلت بالاشتباك القانوني مع العالم حتى يعترف بالدولة الفلسطينية كانت تدرك ذلك وتفهمه، ونجحت في فرض معادلات جديدة في الصراع حتى باتت الدولة الفلسطينية رغم أنها غير ناجزة أو غير محققة أمراً واقعاً في القاموسين السياسي والقانوني. أما المساعدات وآلية توزيعها فالشعب الفلسطيني قاطبة لا يريد لحماس أن توزع المساعدات ولا أن تديرها، من باب لا يجوز أن يؤتمن الذئب على الغنم، بل إن ثمة حاجة لحماية المساعدات من بطش حماس، ومع ذلك فالجائع لا يهمه الهوية السياسية للكابونة، وهو لا يهمه من يوزعها بالأساس، لذلك فتمسك حماس بهذه النقطة يعني شيئاً واحداً؛ أن حماس تعتبر توزيع المساعدات إقراراً بوجودها في مرحلة بعد الحرب وهي تعرف أن العالم كله قد ضاق ذرعاً بها، ولا يغرنَّها ضحكات ويتكوف وابتساماته في الغرف المغلقة. نفس الشيء فيما تعداد الأسرى الذي تضاعف بعد السابع من أكتوبر، وبدلاً من أن يتم إخراج الخمسة آلاف أسير زادت السجون بأكثر منهم. والاحتلال احتلال في المحصّلة وهو سيواصل الاعتقال. إذا أين تكمن الحكمة؟ تكمن في فعل الصواب، في حقن الدم الفلسطيني بأي ثمن، بوقف آلة القتل ووقف الحرب لشهرين ثم القول للسلطة وللرئيس أبو مازن: هذا شعبك، أنت تفاوض حول إدارة غزة.

أعضاء بمجلس الشيوخ الأميركي يطالبون نتنياهو بتغيير مساره في الحرب على قطاع غزة فورا
أعضاء بمجلس الشيوخ الأميركي يطالبون نتنياهو بتغيير مساره في الحرب على قطاع غزة فورا

وكالة خبر

timeمنذ يوم واحد

  • وكالة خبر

أعضاء بمجلس الشيوخ الأميركي يطالبون نتنياهو بتغيير مساره في الحرب على قطاع غزة فورا

أصدر أعضاء بمجلس الشيوخ الأميركي، بيانا مشتركا، طالبوا من خلاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتغيير مساره في الحرب على غزة فورا، ودعوا إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للضغط عليه. وقال الموقعون على البيان المشترك، إن "الأوضاع الإنسانية في غزة مروعة وغير مقبولة، وهذا الأسبوع حذرت أكثر من 100 منظمة غير حكومية منها "ميرسي كوربس"، و"أطباء بلا حدود"، و"إنقاذ الطفولة"، و"أوكسفام" من انتشار المجاعة الجماعية في أنحاء غزة". وأكد أعضاء الشيوخ الأميركي أن ثلاثة أرباع سكان غزة يواجهون مستويات طارئة أو كارثية من الجوع بعد حصار نتنياهو للمساعدات الإنسانية المستمر قرابة ثلاثة أشهر. وشدد البيان المشترك، الذي صدر مساء يوم أمس الجمعة، على أن المواقع القليلة التابعة لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، غير كافية بتاتا لتلبية احتياجات هذا الشعب الجائع، وقد أدت المشاكل المتفشية إلى فوضى وخطورة في توزيع مساعدات المؤسسة، مما أدى إلى وفاة ما يقدر بـ 700 شخص. وتابعوا بالقول: "مع ذلك، وافقت إدارة ترامب مؤخرا على تخصيص 30 مليون دولار للمؤسسة، متجاوزة الإجراءات المعمول بها، ومتجاهلة التشاور مع الكونغرس". وأشاروا إلى أنه في حين سمح لبعض المنظمات الإنسانية العريقة باستئناف عملياتها بشكل محدود للغاية، إلا أن عددا من القيود والتحديات الأمنية تمنعها من العمل بكامل طاقتها. وعلاوة على ذلك، تقدّر الأمم المتحدة أن ما يقرب من 88% من غزة لم يعد في متناول المدنيين مما يترك حوالي مليوني شخص محصورين في مساحة صغيرة متبقية بشكل مثير للقلق. وأكدوا أن استمرار هذه الحرب دون نهاية واضحة لا يصب في مصلحة الأمن القومي الإسرائيلي، كما أن غياب خطة عملية "لليوم التالي" يعد خطأ فادحا. وفي بيانهم، طالب أعضاء الكونغرس إدارة ترمب باستخدام نفوذها الكبير للضغط على رئيس الوزراء نتنياهو من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، يتم بموجبه إطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن، ودعم زيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية، بما يوفر كمية كافية منها، وآليات موثوقة لتوزيعها بفعالية، بما في ذلك التحقق من المساعدات، ومراقبتها، لضمان توزيعها العادل ومنع حماس من تحويل مسارها. وبينوا في السياق، أن المنظمات الإنسانية العريقة، مثل: برنامج الغذاء العالمي، تتمتع بالخبرة والقدرة على استئناف تقديم المساعدات دون اضطرابات مدنية، داعين إلى ضرورة السماح لتلك المنظمات بأداء عملها. كما طالبوا من إدارة ترمب إصلاح أو إغلاق صندوق غزة الإنساني بشكل جذري واستئناف دعم آليات تنسيق المساعدات التي تقودها الأمم المتحدة في غزة، مع تعزيز الرقابة لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحتاجين. وطالبوا كذلك بإنشاء إطار عمل لمسار قابل للتطبيق للعودة إلى حل الدولتين، والذي سيسمح للفلسطينيين والإسرائيليين بالعيش جنبا إلى جنب في أمن وكرامة وازدهار. والموقعون على البيان، هم: عضو لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ جاك ريد (ديمقراطي من رود آيلاند) عضو لجنة القضاء في مجلس الشيوخ ديك دوربين (ديمقراطي من إلينوي) عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جين شاهين (ديمقراطية من نيو هامبشاير) نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ مارك وارنر (ديمقراطي من فرجينيا) والمخصص الأعلى للدفاع كريس كونز (ديمقراطي من ديلاوير) والمخصص الأعلى لوزارة الخارجية والعمليات الخارجية والبرامج ذات الصلة برايان شاتز (ديمقراطي من هاواي)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store