
سموم خليل " الحية"
وحين تصاعد صوت خليل الحية، القيادي في حركة حماس، متسائلًا بلهجةٍ لا تخلو من لومٍ مريب: "هل يموت إخوانكم في غزة من الجوع وهم على مقربة منكم؟"، لم تكن هذه الكلمات إلا صدى لصوتٍ فقدَ البوصلة، وهو يحاول أن يحمّل القاهرة وزر المجاعة التي حفرها الاحتلال بيد، والانقسام بيدٍ أخرى.
غريبٌ أن تأتي العتابات من المقاعد الوثيرة، حيث تُدار المعارك من خلف الشاشات، وتُكتب بيانات الثورة على طاولات "الأوبن بوفيه"، بينما من يُتهم بالجفاء هو من دفع أبناءه في كل حربٍ باسم فلسطين، وباسم العروبة التي بات البعض يتاجر بها على منصةٍ ويجحدها على منصةٍ أخرى.
مصر، التي حفظت غزة في قلبها، واحتضنتها في موتها كما في ولادتها، لم تُغلق بابًا في وجه إنسان، ولم توارب موقفًا في لحظة اختبار. لكن أن تتحول دماء المصريين وتضحياتهم إلى سلعةٍ يُشكك فيها من لا يعرف معنى الجوع إلا عبر الميكروفون... فذلك تجاوز لا يُسكت عليه، والرد على ذلك لن يكون بصرخة، ولكن ردنا سيتلوه التاريخ بكشف الحقيقة.
إن من يموت جوعًا في غزة، لا يموت بسبب غياب المساعدات من مصر، بل يموت لانه تم احتجازه في معادلات سياسية يديرها "القادة" من أفخم فنادق العواصم، ولأن تاريخٌ يُكتب بالدم لا بالبيانات، فسوف يعرف القاصي والداني أن مصر الدولة والشعب، لم تقف على الحياد في أي لحظة من لحظات النزاع الفلسطيني، بل كانت – وستظل – عمود الخيمة العربي في كل حرب، وصاحبة أكبر رصيد من التضحيات من أجل فلسطين:
من سيناء 1948 إلى الإسماعيلية إلى بورسعيد إلى السويس، ومن نكسة 67 إلى نصر 73، كانت مصر تدفع الثمن كاملًا – من الدم والاقتصاد والمكانة – فقط لأن القدس تسكن قلبها.
ومع كل عدوان على غزة، كانت القاهرة أول من يفتح المعابر، وأول من يمدّ يده للوساطة، وأول من يقيم المستشفيات الميدانية ويستقبل الجرحى ويضغط على المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار.
بينما كان قادة حماس يختفون من المشهد الحقيقي، ليظهروا على شاشات الفضائيات – متأنقين في أجنحتهم الدبلوماسية – يلقون باللائمة على الجميع، عدا أنفسهم.
من يدفع الثمن... ومن يجلس على الكراسي الوثيرة؟
لا أحد ينسى صور القيادات "الميدانية" لحماس وهي تتنقل بين فنادق الدوحة وإسطنبول، حيث يتم نقل بيان الاستنكار من جناح خمس نجوم إلى قاعة فاخرة في مؤتمر تضامن.
خليل الحية، نفسه، لم يكن يومًا من أبناء الأنفاق أو المراكز الطبية تحت القصف، بل لطالما ظهر بمظهر المُنظّر لا المناضل، ومارس فعل التحريض على مصر بلسانٍ لاذع وهو ينعم بحماية جغرافيا لا تصله رصاصة ولا تصل إليها طائرات الاحتلال.
الازدواجية هنا فاضحة، فبينما يدعو المصريين إلى الحزن على جوعى غزة، لم يكلّف نفسه أو رفاقه أن يتوقفوا لحظة لمحاسبة الذات أين ذهبت الأموال؟ أين الغذاء؟ أين الإدارة؟
أم أن غزة كُتبت عليها المعاناة، لأنّ من يحكمها لا يريد شريكًا في القرار، ولا يرى في المعابر سوى أوراق مساومة سياسية؟
معبر رفح... الشريان الذي لم يُغلق أبدًا، رفح التي يريدونها بوابة عبور دائمة دون ضوابط أو سيادة، ليست ساحة تُدار بالابتزاز.
مصر تفتح المعبر في وجه الإنسانية، لا في وجه السلاح والأنفاق، ولا تقبل أن تكون مجرد رافعة لأخطاء سياسية أوقع فيها أهل غزة مَن يفترض أنهم قادتهم.
الذين يتحدثون عن المعبر، يتجاهلون عن عمد أن الأمن القومي المصري لا يُدار برد الفعل، ولا بمشاعر آنية، وأن فتح المعبر – رغم التحديات الأمنية الكبرى – لم يتوقف يومًا عن استقبال الجرحى والوفود والمساعدات.
لكن ماذا عن الطرف الآخر؟ من الذي يسيطر على البوابة المقابلة؟
من الذي حوّل البوابة إلى ملف تفاوضي؟
ومن الذي رفض أن تُدار بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية كجزء من اتفاق المصالحة؟
القاهرة هي صوت العقل في زمن الانهيار، ومصر لم تتخلَّ عن دورها كوسيط... لكن الوسيط لا يُكافأ بالتشويه.
وليس من الحنكة السياسية أن يتم تحميل القاهرة وزر مأساة تغذيها إسرائيل بآلة حربها، وتكرّسها حماس بإصرارها على الانفراد والإنكار.
كان يمكن للحية أن يوجّه صرخته إلى الاحتلال، أو إلى من يُموّله ويُشغّله سياسيًا... لكنه – كما اعتاد كثير من القيادات التي ترتدي عباءة المقاومة – اختار بوابة مصر ليطل منها عبر الإعلام لا لطلب النجدة، بل لتسجيل نقاط وهمية على حساب الحقيقة.
لمن لا يقرأ التاريخ، إلى خليل الحية وسواه ممن يظنون أن الجغرافيا يمكن ابتلاعها بخطاب، مصر لا تُنازع على دورها، بل تحميه بسيف الصبر.
ولا تردّ على الافتراء بالشتائم، بل بالأفعال، وإذا كانت هناك رغبة صادقة في إنقاذ غزة، فلتبدأ من الداخل، من مراجعة الحسابات، من الاعتراف بالخطأ، من تسليم المعابر إلى حكومة وطنية، من مصالحة بلا مناورات.
أما أن تُتَّهم مصر بالجفاء، بينما يقبع القائل في نعيمٍ بعيد عن الجوع والصوت والانفجار... فذلك عبثٌ لن يُكتب في سجل النضال، بل في هوامش التاريخ.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبر صح
منذ 2 ساعات
- خبر صح
رفض حماس تسليم السلاح يعمق الأزمة ويؤثر على سيناريوهات التسوية وفقاً للرقب
قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية، في تصريح خاص لـ'نيوز رووم' إن رفض حركة حماس تسليم سلاحها جاء كرد فعل على المقترحات الغامضة التي تتناول صفقة شاملة لتفكيك السلاح، وأوضح الرقب أن حماس تؤكد أن تفكيك السلاح لن يتم إلا بعد إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، إذ ترى أن السلاح ليس مطلباً بلا شروط، بل هو مرتبط بتحقيق مكاسب سياسية حقيقية. رفض حماس تسليم السلاح يعمق الأزمة ويؤثر على سيناريوهات التسوية وفقاً للرقب من نفس التصنيف: البيت الأبيض يتهم خامنئي بمحاولة الحفاظ على سمعته بعد تقليله من الضربات الأزمة في غزة. السيناريوهات المحتملة لتسوية الأزمة في غزة وقد أوضح الرقب أن هناك سيناريوهات متعددة مطروحة تتمحور حول إنهاء الحرب عبر صفقة تبادل أسرى شاملة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، أو انسحاب الاحتلال من كامل قطاع غزة مع وجود قوات دولية تفصل بين الطرفين، وإدارة فلسطينية محلية مسؤولة عن الأمن والإدارة، مضيفاً أن هذا السيناريو يتطلب إجراءات واضحة، ولا يمكن أن يتم تفكيك السلاح بدون ضمانات سياسية وأمنية. هل تتجه حماس إلى نموذج حزب الله السياسي؟ أشار الرقب إلى أن حماس تسعى للحفاظ على وجودها السياسي رغم الخسائر العسكرية، فهي تريد أن تظل قوة فاعلة داخل النظام السياسي الفلسطيني حتى لو لم تكن داخل غزة مباشرة، مثل نموذج حزب الله في لبنان، ورأى أن هذا الأمر يصعب تقبله من قبل المجتمع الدولي، لكن حماس تدرك أن الوضع ليس كما كان سابقاً، وتحاول إعادة بناء صورتها وفق هذا الواقع الجديد. شوف كمان: رداً على تحميل حماس المسؤولية، مأمون فندي يسأل: هل تقبلون تبرير الهولوكوست؟ هدنة طويلة محتملة وصفقة تبادل الأسرى يرى الرقب أن السيناريو الأقرب حالياً هو التوصل إلى هدنة طويلة الأمد، مقابل صفقة تشمل إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، مقابل إطلاق سراح فلسطينيين أيضاً، وأشار إلى أن هذا الخيار يواجه تحديات داخل الحكومة الإسرائيلية، خصوصاً حول اختيار 'العشرة الأوائل' للإفراج عنهم، وهو أمر يثير جدلاً شعبياً وسياسياً، مشدداً على أن تفكيك سلاح حماس لن يتم إلا بوجود قوات دولية تفصل بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين في غزة، مع إقامة جهاز شرطة وإداري فلسطيني يدير القطاع. وأضاف أن التفاصيل الدقيقة للخطة الأمريكية لا تزال غير معروفة، وكذلك ما إذا كان هناك اتفاق فعلي مع حماس، وختم الدكتور الرقب تصريحه بالتأكيد على ضرورة متابعة التطورات، خصوصاً في ظل وجود محاولات من حماس لتهدئة ردود الفعل الداخلية، وزيارة المسؤولين الدوليين مثل بودكوف التي لم تكن للبحث في قضايا سياسية، بل للاطلاع على الوضع الإنساني في غزة.


خبر صح
منذ 2 ساعات
- خبر صح
مأمون فندي: الناس نسوا من كانت الحرب عام 1973 ورافضاً تهميش مصر
أعرب الدكتور مدير معهد لندن للدراسات الاستراتيجية، عن استيائه من الحملات التي تهدف إلى تشويه الدور المصري في القضية الفلسطينية، رغم دعم مصر المتواصل لفلسطين منذ عام 1948 في مواجهة العدو الصهيوني إسرائيل، مؤكدًا 'الناس نسيت الحرب سنة 1973 كانت مع مين ؟' مأمون فندي: الناس نسوا من كانت الحرب عام 1973 ورافضاً تهميش مصر مقال له علاقة: مدبولي يعلن عن إنشاء مركز عالمي لتخزين وتجارة الحبوب في قناة السويس ونشر مأمون فندي صورة من المدينة الباسلة السويس أثناء فترة حرب أكتوبر سنة 1973، معلقًا عليها 'صورة ليست من غزة بل من السويس 1973 للناس اللي نسيت الحرب كانت مع مين !!!! وفي نفس الإطار، عبر الدكتور ، مدير معهد لندن للدراسات الاستراتيجية، عن قلقه إزاء معايير إقامة الدولة الفلسطينية المقبلة، خاصة في ظل الأنباء الأخيرة حول تسليم حركة حماس لسلاحها للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة. واعتبر فندي أن هذه الخطوة تمثل إشارة واضحة إلى طبيعة الدولة التي يُراد بناؤها في غزة، والتي تبدو كـ'دولة مشروطة' تخضع لاختبارات سياسية وأمنية دقيقة، بدلاً من أن تكون حقًا طبيعيًا للشعب الفلسطيني. وقال فندي، في تدوينة على حسابه الشخصي بمنصة 'إكس' (تويتر سابقًا): 'يبدو أن هذه الدولة لن تُقام باعتبارها حقًا طبيعيًا للشعب الفلسطيني، بل كدولة مشروطة تخضع لاختبار تأهيل سياسي وأمني، أشبه بعملية rehabilitation'، وأضاف: 'إذا قامت السلطة الفلسطينية بخطوات تُرضي إسرائيل، تُمنح علامات إيجابية، ومع تزايد التعاون الأمني، تضاف علامات أخرى، وكلما زادت التنازلات، زادت العلامات' واختتم فندي بالتساؤل عن عدد العلامات المطلوبة قبل إعلان الدولة الفلسطينية، مشيرًا إلى أنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه الدولة ستعبر عن طموحات الفلسطينيين الحقيقية، أم ستكون مجرد شكل سياسي يخدم ترتيبات إقليمية ودولية، وأكد: 'يبدو أن جوهر المسألة هو أن الدولة تُقاس بمعايير الرضا الإسرائيلي، لا بمعايير السيادة والحق الوطني' وفي السياق نفسه، عبر الكاتب السياسي مأمون فندي عن استغرابه الشديد من ظهور معادة للفلسطينيين داخل بعض الدول العربية، مشيرًا إلى أن كراهية الفلسطينيين في الغرب يمكن فهمها، لكنه اعتبر انتشار هذا الخطاب عربياً بمثابة جائزة نوبل في الغباء الجمعي وجاء ذلك من خلال منشور عبر حسابه الرسمي على موقع 'إكس'، قائلاً: 'أفهم تمامًا أن كراهية الفلسطينيين في الغرب هي نتيجة طبيعية لعقود من الدعاية الصهيونية، مدعومة باللوبيات، والمال، والسيطرة المحكمة على الإعلام والعقول' وأضاف: 'هذا مفهوم ومبرر ضمن قوانين السوق الحرة للكذب، ومع ذلك اكتشفنا أنها كراهية على الشاشات، أما الناس في الشارع وبكل ألوانهم مشوا في الشوارع يهتفون لفلسطين' وعبر فندي عن استغرابه لتقبل بعض الشعوب العربية لهذه الشائعات دون أي مجهود من الجانب الصهيوني، ذاكراً: 'ما لا أفهمه وما يستحق جائزة نوبل في الغباء الجمعي هو كيف نجحت نفس الدعاية في اختراق العقول العربية، دون إعلام صهيوني، دون لوبيات، ودون أن يدفعوا حتى ثمن فنجان قهوة، هذا ليس مجرد لغز القرن، هذه هي صفقة القرن الحقيقية: أن تكره الفلسطيني وأنت تعاني نفس الاحتلال، لكن بزي محلي ونشيد وطني' وفي سياق آخر، أكد صلاح مغاوري، نائب رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، الدور المحوري الذي تلعبه مصر في دعم القضية الفلسطينية على مختلف الأصعدة، سواء على الصعيد السياسي أو الإنساني. مصر تلعب دورًا مزدوجًا في الأزمة وأشار مغاوري في مداخلة عبر قناة إكسترا نيوز إلى أن مصر تلعب دورًا مزدوجًا في الأزمة الفلسطينية: الأول سياسي، من خلال الوساطة لوقف إطلاق النار وإحياء مسار المفاوضات من أجل حل الدولتين، والثاني إنساني، عبر تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة مقال مقترح: سقوط مظلات حديدية في موقف نجع حمادي الجديد بقنا قبل تسليم المشروع وأوضح أن القاهرة كانت قد نجحت في الأيام الماضية في إدخال عدد كبير من الشاحنات المحملة بالمساعدات إلى القطاع عبر معبري زكيم وكرم أبو سالم، مشيرًا إلى أنه في الأيام الأربعة الماضية، تمكنت القاهرة من إدخال 166 شاحنة في اليوم الأول، ثم 161 شاحنة، و117 شاحنة يوم أمس. وفيما يخص الوضع السياسي الدولي، أكد مغاوري أن مصر تبذل جهودًا كبيرة على صعيد تغيير الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن مصر نجحت في إحداث تحول كبير في كيفية تعامل العالم مع الأحداث في غزة، خاصة بعد أن كانت الرواية الإسرائيلية هي السائدة، وقد تمكنت الدبلوماسية المصرية من تصحيح هذه الصورة.


نافذة على العالم
منذ 2 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : نتنياهو يتهم حماس "بتجويع متعمَّد" للمحتجزين في غزة، وواشنطن تنوي "تغيير المسار التفاوضي بشكل شامل"
الأحد 3 أغسطس 2025 12:00 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Reuters 3 أغسطس/ آب 2025، 08:00 GMT آخر تحديث قبل 44 دقيقة أثار ظهور اثنين من المحتجزين الإسرائيليين في مقاطع مصوّرة نشرتها فصائل فلسطينية مسلحة في غزة موجة من الصدمة في إسرائيل، ودفع بمطالبات متجددة للتوصل إلى اتفاق هدنة يُنهي الحرب الدائرة ويُعيد المحتجزين إلى ذويهم، في وقت تحذّر فيه منظمات أممية من خطر المجاعة في القطاع. وأفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان نُشر مساء السبت، بأن الأخير تحدّث مع عائلتي المحتجزين روم براسلافسكي وإفياتار دافيد، اللذين ظهرا في المقاطع وقد بدت عليهما آثار الهزال الشديد بعد قرابة 22 شهراً من الاحتجاز. وقال البيان إن نتنياهو عبّر عن "صدمته العميقة من المواد التي نشرتها منظمات الإرهاب حماس والجهاد الإسلامي"، مؤكداً أن "الجهود مستمرة بلا توقف لاستعادة جميع الرهائن". وخلال محادثاته مع عائلتي المحتجزين، دان نتنياهو "قسوة حماس"، واتهم الحركة بـ"تجويع المحتجزين بشكل متعمد" وتوثيق معاناتهم "بأسلوب ساخر وشرير"، على حد وصفه. وفيما يؤكد نتنياهو أن إسرائيل "تسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة"، فإنه حمّل حماس مسؤولية الأزمة الإنسانية، متهماً إياها بـ"منع إيصال المساعدات إلى السكان". ودخل وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، صباح الأحد، إلى ساحات المسجد الأقصى المعروف إسرائيلياً بجبل الهيكل، في القدس الشرقية المحتلة، وسط حراسة مشددة برفقة أكثر من 1200 إسرائيلي، وذلك في مناسبة ما يُعرف بـ"ذكرى خراب الهيكل". وقد أدى المشاركون طقوساً دينية داخل باحات المسجد، وسط إجراءات أمنية مشددة فرضتها الشرطة الإسرائيلية، وفق رويترز. وخلال وجوده هناك، أدلى بن غفير بتصريحات مثيرة للجدل، دعا فيها إلى "فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على قطاع غزة"، معتبرًا أن "مقاطع الفيديو التي تنشرها حركة حماس تهدف إلى الضغط على إسرائيل"، ومضيفاً: "من هذا المكان الذي أثبتنا فيه إمكانية فرض السيادة، يجب أن نوجه رسالة واضحة: نسيطر على غزة بالكامل، ونقضي على عناصر حماس، ونشجع الهجرة الطوعية". معتبراً بن غفير أن هذه هي الطريقة الوحيدة لعودة الرهائن وتحقيق النصر في الحرب. وكانت حركتا حماس والجهاد الإسلامي قد نشرتا منذ يوم الخميس ثلاثة مقاطع فيديو تُظهر الشابين، اللذين أُحتجزا خلال هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 الذي فجّر الحرب المستمرة في غزة. براسلافسكي، البالغ من العمر 21 عاماً ويحمل الجنسيتين الإسرائيلية والألمانية، ودافيد 24 عاماً، ظهرا في المقاطع وهما في حالة صحية متدهورة. وترافقت الصور مع إشارات إلى الأوضاع الإنسانية القاسية في القطاع، حيث حذّر خبراء أمميون من أن "المجاعة بدأت تتكشّف". وكرّست صحف إسرائيلية صفحاتها الأولى الأحد، لتغطية القضية، إذ عنونت صحيفة معاريف: "جحيم في غزة"، فيما وصفت يديعوت أحرونوت دافيد بأنه "ضعيف وهزيل ويائس"، في حين كتبت يسرائيل هيوم اليمينية أن "قساوة حماس لا حدود لها"، بينما لامت هآرتس اليسارية الحكومة قائلة: "نتنياهو لا يتعجّل إنقاذهم". نهج جديد: "الكل أو لا شيء" أبلغ مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف، عائلات المحتجزين لدى حركة حماس، أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب يعتزم تغيير المسار المتّبع في المفاوضات بشأن غزة، من نهج تدريجي يهدف إلى تحقيق هدنة جزئية وإطلاق رهائن على مراحل، إلى خطة شاملة تُنهي الحرب وتعيد جميع الرهائن دفعة واحدة. جاء ذلك خلال اجتماع استمر ساعتين، عُقد في تل أبيب يوم السبت، وضم عشرات من أقارب الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في قطاع غزة، حسب ما ورد في بيان صادر عن العائلات وتسجيلات من اللقاء اطّلعت عليها وسائل إعلام أمريكية. وأفاد موقع أكسيوس أن هذا التصريح من ويتكوف "يُعدّ بمثابة إقرار ضمني بأن النهج الذي تبنّته كل من إسرائيل والولايات المتحدة خلال الأشهر الستة الماضية، والذي ركّز على التقدّم التدريجي في التوصل إلى اتفاق جزئي للتهدئة وتبادل الرهائن، لم يُحقق النتائج المرجوة". وأضاف: "نحن بحاجة إلى استعادة جميع الرهائن الأحياء، وعددهم 20، في وقت واحد، نعتقد أن علينا تحويل مسار التفاوض إلى نهج (الكل أو لا شيء)، ونعتقد أن هذا المسار سيؤدي إلى نتيجة، ولدينا خطة لتحقيق ذلك". ورغم هذا الاتجاه الجديد، أشار مسؤول إسرائيلي رفيع ومصدران آخران مطّلعان على المحادثات، لموقع أكسيوس، إلى أن القرار النهائي بشأن تغيير المسار لم يُتخذ بعد، مؤكدين أن عرضاً سابقاً ما زال مطروحاً على الطاولة، يتضمن وقفاً لإطلاق النار لمدة 60 يوماً مقابل إطلاق سراح 10 رهائن أحياء و18 آخرين متوفين. وقال أحد المسؤولين: "نحن عند مفترق طرق. حماس تماطل ولا تنخرط بجدية، لكن الأمور قد تتغير في المستقبل القريب". أوضاع ميدانية تزداد سوءاً صدر الصورة، Reuters في تطور الأحد، نقلت قناة "القاهرة الإخبارية" التابعة للدولة المصرية، أن شاحنتين محملتين بـ107 أطنان من وقود الديزل تستعدان للدخول إلى غزة، وذلك بعد شهور من فرض إسرائيل قيوداً على دخول السلع والمساعدات. ولم يصدر تأكيد رسمي بشأن دخول الشاحنتين فعلياً إلى القطاع، حيث تحذّر وزارة الصحة في غزة من أن نقص الوقود يعطّل عمل المستشفيات. ووفقاً لأحدث تقارير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، يعاني واحد من كل خمسة أطفال في مدينة غزة من سوء التغذية، مع تزايد الحالات بشكل يومي. أما تصنيف الأمن الغذائي العالمي (IPC)، فحذّر من "مخاطر مجاعة شديدة"، مشيراً إلى أن مؤشرات التغذية واستهلاك الطعام وصلت إلى أسوأ مستوياتها منذ بدء الحرب، وأن اثنين من أصل ثلاثة معايير تحدد وقوع المجاعة قد تم رصدهما في أجزاء من القطاع. وأضاف بيان مشترك صادر عن برنامج الأغذية العالمي (WFP) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن "الوقت يداهمنا لإطلاق استجابة إنسانية شاملة"، مشيرين إلى أن الأطفال وسكان غزة يواجهون مخاطر فورية تهدد حياتهم. من جانبها، قالت الأمم المتحدة عبر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) إن "الضحايا ما زالوا يسقطون حتى خلال فترات التوقف التكتيكية التي أعلنتها السلطات الإسرائيلية في غزة". وأضاف المكتب أن "الناس اليائسين والجوعى يحصلون على كميات قليلة من المساعدات التي تحملها الشاحنات التي تنجح بالخروج من المعابر"، لكنه أكد أن "الظروف لا تزال غير ملائمة لإيصال المساعدات بشكل فعّال رغم محاولات الأمم المتحدة وشركائها". وفي وقت يتصاعد فيه الضغط الدولي على إسرائيل لإنهاء الحرب، دعا نتنياهو ما وصفه بـ"العالم أجمع" إلى الوقوف في وجه "الانتهاكات النازية الإجرامية التي ترتكبها منظمة حماس الإرهابية"، وفق تعبيره.