logo
كيف تؤثر الغرائز الحيوانية على الاقتصاد

كيف تؤثر الغرائز الحيوانية على الاقتصاد

شبكة النبأ٠٦-٠٤-٢٠٢٥

ما يقوله الناس يحمل في طياته معلومات مهمة كثيرة عن التوجهات الشخصية والاتجاهات العامة الأوسع نطاقا في الاقتصاد. فالمستندات التنظيمية العامة ومكالمات أرباح الشركات تحتوي بالفعل على الكثير من المعلومات القيمة. وبإمكان صناع السياسات والباحثين على حد سواء استخدام لوغاريتمات تعلُّم الآلة المطورة وأدوات معالجة البيانات لتحليل تلك المعلومات...
السرديات الاقتصادية سريعة الانتشار ربما تكون الحلقة المفقودة بين الأحاسيس والتذبذبات الاقتصادية.
يشكل سرد القصص الاقتصادية عاملا محوريا في كيفية تفسير الأحداث الاقتصادية. فنحن نستدعي أحداث التاريخ الاقتصادي من خلال صور ظلت عالقة بأذهاننا للحشود القلقة في انتظار سحب الأموال من البنوك أثناء فترة الكساد الكبير أو لموظفين اتسمت وجوههم بالحزن وهم يحملون صناديق الكرتون لدى مغادرتهم بنك ليمان براذرز في عام 2008. ونقيس مستوى التضخم بمقارنة مشترياتنا من السلع مع أصدقائنا وأفراد عائلاتنا. ونحاول أن نستوعب تبعات الذكاء الاصطناعي بتوجيه آمالنا ومخاوفنا إلى قصص الخيال العلمي.
ولكن هل القصص في حد ذاتها تؤثر على الاقتصاد؟ لقد شغلت هذه الفكرة حيزا في الفكر الاقتصادي منذ فترة طويلة. وكتب الاقتصادي جون ماينارد كينز دراسات مطولة حول دور "الغرائز الحيوانية" -أي الغرائز والأحاسيس التي تؤثر على السلوك- في تحفيز التصرفات الاقتصادية لدى البشر، مثل الإنفاق أو الاستثمار في الأعمال التجارية. وذهب إلى أن هذه الرغبات الجامحة ضمن سلوك القطيع تحتل موضع الصدارة خلال فترات الرواج والركود الاقتصادي.
وبالانتقال بهذه الفكرة إلى مفهوم أكثر تطورا، انصب تركيز الاقتصادي روبرت شيلر من جامعة ييل على إجراء دراسة أكثر تفصيلا للسرديات الاقتصادية - أي القصص سريعة الانتقال التي تشكل رؤية الناس للاقتصاد وكيفية اتخاذهم القرارات. ويذهب شيلر في فرضيته إلى أن السرديات الشائعة بالقدر الكافي يمكن أن تصبح سريعة الانتشار وتؤثر على المجتمع بأسره (دراسة Shiller 2020).
وقد تكون السرديات الاقتصادية سريعة الانتشار هي الحلقة المفقودة بين الأحاسيس والتقلبات الاقتصادية. ومع ذلك، لا يزال صناع السياسات والباحثون والممارسون على السواء يفتقرون للأدوات الفعالة التي تمكنهم من التعرف على هذه السرديات، وقياس سرعة انتقالها، وتحديد حجم مساهمتها في الأحداث الاقتصادية.
وجاءت أولى محاولاتنا لتفهم تبعات السرديات على الاقتصاد الكلي في سياق دراستنا التي صدرت مؤخرا (Flynn and Sastry 2024). فأنشأنا مجموعة أدوات جديدة لقياس السرديات الاقتصادية وتحديد حجمها واستخدمنا هذه الأدوات في تقييم أهمية تلك السرديات في الدورة الاقتصادية في الولايات المتحدة. وتشير النتائج المستخلصة إلى أن هذه السرديات تضطلع بدور رئيسي، كما تثير تساؤلات جديدة حول كيفية وأسباب ظهور مثل تلك القصص وما يمكن أن يفعله صناع السياسات بطريقة مختلفة في مثل هذا العالم.
معالجة اللغات الطبيعية
حتى نتمكن من قياس حجم هذه السرديات، استخدمنا موارد لم تكن متاحة لكينز، ألا وهي قواعد البيانات النصية الضخمة لما يقوله صناع القرار الاقتصادي، إلى جانب أدوات معالجة اللغات الطبيعية التي يمكنها ترجمة هذه الكلمات إلى بيانات صلبة.
وكانت أبرز مجموعات البيانات التي تناولناها في دراستنا هي نصوص المكالمات الجماعية للشركات العامة الأمريكية التي تُعقد في المعتاد كل ربع سنة لاستعراض النتائج المالية، بالإضافة إلى إقرارات النموذج Form 10-K، وهي عبارة عن تقارير تنظيمية ترفعها الشركات سنويا إلى هيئة الأوراق المالية وعمليات البورصة في الولايات المتحدة. وتمثل هذه البيانات بمجموعتيها مخرجات الإدارة العليا لتلك الشركات بحيث لا تقتصر على إبلاغ النتائج المالية للشركات فحسب، بل عرض تفسيراتها أيضا: فهي توفر المعلومات عن كيفية وأسباب تحقيق النتائج الاقتصادية كما تقدم دلالات عن كيفية تفكير الإدارة العليا والمستثمرين بخصوص الاتجاهات العامة الأوسع نطاقا.
ولتحديد تلك السرديات، استخدمنا مجموعة متنوعة من أساليب معالجة اللغات الطبيعية، تتراوح بين أساليب بسيطة تستند إلى استخدام المعاجم اللغوية التي تقوم بعملية مسح للتوصل إلى كلمات وعبارات مفتاحية، وأساليب لوغاريتمية أكثر تعقيدا تكتشف موضوعات أقل تنظيما. وتتعلق السرديات التي اكتشفناها بمجموعة متنوعة من الموضوعات، مثل درجة التفاؤل العام لدى الشركات حول المستقبل، أو مدى استبشارها بالذكاء الاصطناعي، أو اعتمادها أساليب تسويق رقمية جديدة. وباستخدام قاعدة البيانات المشار إليها، استطعنا أن نضع نموذجا تجريبيا لمدى قدرة السرديات في التأثير على قرارات الشركات والمنهج الذي تنتشر هذه القصص بمقتضاه في الاقتصاد الأمريكي.
صياغة القرارات الاقتصادية
خلُصت دراستنا إلى أن الشركات ذات السرديات الأكثر تفاؤلا تميل غالبا إلى تسريع وتيرة التوظيف والاستثمار الرأسمالي. وعلى وجه الخصوص، تزداد وتيرة تعيين الموظفين في الشركة التي تستخدم لغة متفائلة بنسبة قدرها 2,6 نقطة مئوية سنويا مقارنة بالشركة التي تستخدم لغة متشائمة. وهذا التأثير يزيد بدرجة كبيرة عما كان يمكن التنبؤ به من خلال إنتاجية الشركات أو نجاحاتها المالية مؤخرا. وتشكل هذه النتائج تحديا للنظريات الاقتصادية التقليدية التي تفيد بأن تلك الأساسيات الاقتصادية، وما تجسده من توقعات 'عقلانية' للمستقبل، يفترض فيها تفسير القرارات الاقتصادية التي تتخذها الشركات تفسيرا شاملا.
ولكن ما يلفت الانتباه أن الشركات ذات السرديات المتفائلة لا ترى عادة ارتفاع عائدات الأسهم أو الربحية في المستقبل وتقدم كذلك تنبؤات مفرطة في التفاؤل إلى المستثمرين؛ مما يعني أن السرديات ليست مجرد أداة لرصد الأنباء الإيجابية عن المستقبل. وعلى هذا الأساس، فإن السرديات المتفائلة والمتشائمة في الشركات على حد سواء تحمل في طياتها السمات الأساسية لنظرية كينز عن الغرائز الحيوانية: أي القوى التي تدفع المديرين للتوسع والانكماش في أنشطة الأعمال، ولكنها تستند إلى الأحاسيس وليس إلى الأساسيات الاقتصادية.
وتؤيد البيانات كذلك فكرة أن السرديات تنتشر بسرعة، مثل الفيروسات. وبعبارة أخرى، تميل الشركات غالبا إلى تبني سرديات الشركات النظيرة: فعندما تتبنى شركة ما مزاجا متفائلا أو تبدأ بالتحدث بحماس عن القوة التحويلية للذكاء الاصطناعي، فإن الشركات الأخرى على ما يبدو تحذو حذوها. ويبدو أن الانتقال السريع للسرديات يبدأ داخل مجموعات الشركات النظيرة التي تتنافس في نفس الصناعة ثم تنتشر بعد ذلك على المستوى الكلي. وبالإضافة إلى ذلك، ثمة أثر كبير بصفة خاصة للسرديات التي تنشأ في الشركات الكبرى. وهذا يزيد من إمكانية اعتبار أن الشركات الكبرى هي قادة الفكر في الاقتصاد السردي، بحيث يزيد تأثيرها عما تفترضه القياسات التقليدية للقوة السوقية.
التأثير الاقتصادي الكلي
لتفسير هذه النتائج، أنشأنا نموذجا اقتصاديا كليا لانتشار السرديات المتغلغلة بين الشركات. ولما كانت السرديات تتسم بسرعة تغلغلها، فإنها تطيل أمد التقلبات الاقتصادية: فحتى الصدمة التي تحدث لمرة واحدة للاقتصاد قد تكون لها آثار طويلة الأمد، لأن المزاج العام السلبي يتغلغل في المجتمع ويعوق النشاط الاقتصادي.
ومع تغلغل السرديات بالقدر الكافي بحيث تفوق حدود الانتشار السريع فإنها تتسبب في ظاهرة نطلق عليها اسم امتداد أثر السرديات، حيث يمكن للصدمة التي تحدث لمرة واحدة أن تنقل الاقتصاد إلى فترات مستقرة من التفاؤل أو التشاؤم المحققة لذاتها. وتنشأ في مثل هذه السيناريوهات حلقة من الآثار المرتدة القوية: حيث يدعم الأداء الاقتصادي سردية معينة تعزز بدورها الأداء الاقتصادي. وتؤكد هذه النتائج أهمية القياس في تحديد مدى تأثير السرديات على الاقتصاد على وجه الدقة.
ما مدى قوة السرديات المحركة للاقتصاد الأمريكي؟ باستخدام نموذجنا وقياساتنا التجريبية، تشير تقديراتنا إلى أن السرديات تفسر حوالي 20% من تقلبات الدورة الاقتصادية في الولايات المتحدة منذ عام 1995. وعلى وجه التحديد، تشير هذه التقديرات إلى أن السرديات تفسر حوالي 32% من الركود في أوائل العقد الأول من القرن الحالي و18% من الركود الكبير في الفترة من 2008 - 2009. وهذا يتسق مع فكرة أن القصص سريعة الانتقال عن التفاؤل التكنولوجي كانت السبب في حدوث فقاعة الدوت كوم في التسعينات من القرن الماضي وفقاعة الإسكان في أواسط العقد الأول من القرن الحالي. كذلك أدت القصص سريعة الانتقال عن حالات الفشل واليأس إلى انهيارات اقتصادية مقابلة.
ورغم ما يبدو من أن المزاج العام للاقتصاد الأمريكي يتذبذب ببطء حول متوسط طويل المدى، فإن السرديات المنفردة - كالتي تدور حول التكنولوجيا الجديدة - تميل غالبا إلى اتخاذ مسار أكثر تقلبا. فحسبما يشير بحثنا، من الأرجح أن تتفوق هذه السرديات الدقيقة على المزاج العام في سرعة انتشارها وقوة تغلغلها في المجتمع بالكامل. وبعبارة أخرى، هناك مجموعة من المخاوف والصرعات سريعة التنقل تساهم في الاستقرار النسبي للمشاعر الاقتصادية الكلية.
الانعكاسات على السياسة
يشير تحليلنا إلى أن السرديات سريعة الانتقال هي إحدى القوى الدافعة المهمة في الدورة الاقتصادية، لكنه خفف أيضا من قوة هذا الاستنتاج بعدة طرق جوهرية. فليست كل السرديات متساوية في قدرتها على تشكيل الاقتصاد، وقد يعتمد مصير السردية بشدة على اقترانها (المتعمد أو العرضي) مع سرديات أو أحداث اقتصادية أخرى.
فكيف ينبغي لصناع السياسات التصرف في اقتصاد مدفوع بالسرديات؟ خلُصت دراستنا التحليلية إلى ثلاثة استنتاجات رئيسية على الأقل، تشير كذلك إلى الاتجاهات المستقبلية للبحوث الأكاديمية والمتعلقة بالسياسة على حد سواء.
أولا، إن ما يقوله الناس يحمل في طياته معلومات مهمة كثيرة عن التوجهات الشخصية والاتجاهات العامة الأوسع نطاقا في الاقتصاد. فالمستندات التنظيمية العامة ومكالمات أرباح الشركات تحتوي بالفعل على الكثير من المعلومات القيمة. وبإمكان صناع السياسات والباحثين على حد سواء استخدام لوغاريتمات تعلُّم الآلة المطورة وأدوات معالجة البيانات لتحليل تلك المعلومات. غير أن هناك انعكاسات محتملة أيضا لكيفية جمع الباحثين والحكومات للمعلومات. وقد أدت تطورات علم البيانات إلى زيادة قيمة المسوح الاستقصائية الحديثة التي تسمح للأسر أو الأعمال بتفسير "الأسباب" وراء توجهاتها وقراراتها (دراسة Andre and others 2024).
ثانيا، بعض السرديات أكثر تأثيرا وتغلغلا عن غيرها. لذلك، من الضروري تجميع الدراسات الوصفية التي تقيس السرديات مع إجراء تحليل تجريبي لآثارها على القرارات ومدى انتشارها في كافة المجتمعات.
ثالثا، السرديات التي ينشئها صناع السياسات قادرة على إحداث تأثير كبير. فنحن لا نعلم سوى القليل نسبيا عما يجعل سردية السياسات قصة اقتصادية عظيمة: لماذا، على سبيل المثال، أصبحت تعليقات ماريو دراغي الارتجالية عن القيام "بكل ما يلزم" بمثابة قصة جاذبة للانتباه بدرجة تفوق التصريحات المماثلة من البنوك المركزية الأخرى؟
إن دراسة الاقتصاد السردي لا تزال في مراحلها الأولى، ولكن التعمق في فهم نشأة السرديات وانتشارها وتبعاتها الاقتصادية يمكن أن يحدث تغييرا كبيرا في كيفية جمعنا للمعلومات عن الاقتصاد وسردنا لوقائع فترات انتعاش وركود الدورة الاقتصادية.
* جويل فلين، أستاذ مساعد في الاقتصاد في جامعة ييل.
كارثيك ساستري، أستاذ مساعد في الاقتصاد والشؤون العامة في جامعة برينستون.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تعرف على أبرز المصطلحات الاقتصادية التي تشغل العالم بعد إعلان ترامب تعرفاته الجمركية #عاجل
تعرف على أبرز المصطلحات الاقتصادية التي تشغل العالم بعد إعلان ترامب تعرفاته الجمركية #عاجل

سيدر نيوز

time١٠-٠٤-٢٠٢٥

  • سيدر نيوز

تعرف على أبرز المصطلحات الاقتصادية التي تشغل العالم بعد إعلان ترامب تعرفاته الجمركية #عاجل

أثار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مخاوف كبيرة في أسواق المال، منذ أن رفع تلك اللوحة الشهيرة، وعليها قائمة بأسماء الدول ونسب التعرفات التي فرضها عليها. وتداولت وسائل الإعلام على لسان الخبراء، العديد من المصطلحات المالية والاقتصادية، فماذا تعني؟ انهيار سوق الأسهم: يحدث انهيار سوق الأسهم عندما تنخفض قيمتها بشكل كبير ومفاجئ في أغلب بورصات العالم. ويعود السبب ببساطة إلى اندفاع عدد هائل من المستثمرين إلى بيع أسهمهم، ولا يجدون من يشتري. ويؤدي ذلك إلى هبوط حاد في الأسعار، وركود في المعاملات. ويوصف هبوط سعر الأسهم بالإنهيار إذا وصل إلى نسبة 10 في المئة من قيمتها، واستمر لعدة أيام. وقد يستغرق الانهيار طويلة، فيتسبب في خسائر كبيرة للمستثمرين. وقد يؤدي، مع مرور الوقت، إلى الركود أوالكساد. والغريب أن المضاربة ومخاوف المستثمرين من انهيار سوق الأسهم هي التي تتسبب، في الواقع، في انهيار السوق، لأنها تدفع أغلبهم إلى بيع حصصهم، في وقت واحد، وبشكل مفاجئ. ومن لعل أشهر وأكبر انهيار لسوق الأسهم في التاريخ هو انهيار 1929 بالولايات المتحدة. وجاء بعده الاثنين الأسود 1987، وانفجار فقاعة الإنترنت 2000، والأزمة المالية العالمية 2008، والانهيار بعد جائحة كوفيد 2020. سوق الدب: تطلق وولستريت اسم 'سوق الدب' على وضعية الأسهم في سوق معينة. ويكون ذلك عندما تنخفض أسعار الأسهم، في هذه السوق، إلى 20 في المئة أو أكثر من قيمتها، مقارنة بأعلى مستوياتها، لمدة طويلة نسبيا. فتوصف حينها بسوق الدب، لأن التعاملات فيها راكدة. وتنسب حركة الأسهم الراكدة في السوق إلى الدب، لأنه حيوان سباتي. يقضي من 5 إلى 7 أشهر في خمول تام. وعلى عكس ذلك، توصف السوق، التي تكون حركة الأسهم فيها صاعدة، بسوق الثور، لأن الثور معروف بالاندفاع وقوة النشاط. الركود الاقتصادي والكساد: يدخل الاقتصاد فترة الركود عندما يتقلص إجمالي ما تنفقه الحكومة وعموم الناس، وما يصدرونه على امتداد فصلين متعاقبين (أي 6 أشهر). وهو بمعنى بسيط عندما تتوقف القيمة المالية لمجموع ما تنتجه البلاد من سلع وخدمات عن النمو، خلال تلك الفترة. ويتحول الركود الاقتصادي إلى كساد إذا انخفضت قيمة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10 في المئة، وإذا استمرت هذه الوضعية الاقتصادية الراكدة، لمدة ثلاث سنوات أو أكثر، مع ارتفاع معدلات البطالة، وفق البنك الدولي. ومن الأمثلة على ذلك، انهيار بنك ليمان براذرز عام 2008، أدى هذا إلى انخفاض بنسبة 4.5٪ ليوم واحد في مؤشر داو جونز الصناعي، وهو أكبر انخفاض منذ هجمات 11 سبتمبر 2001، مما أسهم في خسارة 8.8 مليون وظيفة في الولايات المتحدة. وعرف العالم 'الكساد الكبير' في الثلاثينات من القرن الماضي. وكان نتيجة مباشرة لانهيار سوق الأسهم في 1929. وعلى الرغم من أنه بدأ في الولايات المتحدة، فإنه تسبب في ارتفاع هائل في معدلات البطالة، في أغلب دول العالم. وأدى الكساد الكبير، حتى سنة 1939، إلى الانكماش المالي (عكس التضخم)، وهو انخفاض حاد في أسعار السلع، بسبب تراجع الطلب العالمي عليها. فعندما تستشري البطالة في كل مكان، ولا يجد الناس العمل، لا يشترون السلع، فتنهار أسعارها. التعرفة الجمركية: عندما تصدّر شركة في بلاد معينة منتجاتها إلى بلاد آخرى، فإنها تدفع رسوماً للجمارك في الدولة المستوردة، من أجل أن تسمح الحكومة ببيع هذه المنتجات في أسواقها. وتسمى هذه القيمة المالية التعرفة الجمركية. وتشترك أغلب اللغات الأوروبية في مصطلح 'تاريف' للدلالة على الرسوم الجمركية. وقد اقترضته من اللغة العربية، اشتقاقاً من كلمة تعريف، التي تعني 'قائمة بالسلع أو الأسعار'. فالتعريفة أو التعرفة هو المصطلح المالي، الذي يدل على الرسوم الجمركية. والهدف من هذه الرسوم هو إعطاء الأفضلية في السوق للمنتجات المحلية على المنتجات المستوردة، أو حماية صناعة معينة. وذلك لأن الإنتاج المحلي يوفر الوظائف للناس، عكس الاستيراد. وتستعمل التعرفة كأداة جمركية في يد الحكومات للتفاوض في المعاملات التجارية الدولية. وعندما تدفع الشركات المصدرة التعرفة على منتجاتها فإنها تضيف تلك النسبة إلى تكلفة الإنتاج، وتحولها إلى المستهلك، عن طريق رفع الأسعار. فكلما رفعت الحكومة نسبة الرسوم الجمركية على سلعة معينة، ارتفع سعر تلك السلعة في السوق. فاللجوء إلى التعرفة ليس حلاً مثالياً، وقد تكون له نتائج عكسية، لأنها تمنع المنافسة الحرة وترفع أسعار السلع على المستهلك. وتتفق الدول أحيانا على إلغاء التعرفة تماماً لتشجيع التجارة فيما بينها، لتوفير الإنتاج بأسعار تنافسية. فلا يدفع المتعاملون الاقتصاديون أي تعرفات بين الدول المنتمية للاتحاد الجمركي التابع للاتحاد الأوروبي. وكذلك تنص اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية نافتا على إلغاء جميع التعرفات الجمركية بين كندا والمكسيك والولايات المتحدة. وقد يخص إلغاء التعرفة الجمركية سلعاً ومنتجات بعينها. وقد يكون بين دولتين اثنتين، أو بين دولة ومجموعة من الدول، مثل الاتفاقيات التي يبرمها الاتحاد الأوروبي مع الدول منفردة. تعرفة المعاملة بالمثل: تعني تعرفة المعاملة بالمثل، التي روج لها الرئيس ترامب، في الفترة الأخيرة، مثلما قال بشأنها: 'إذا فرضوا علينا تعرفة، نفرض عليهم مثلها'. وبهذا المعنى فإن الدول التي ترفض نسبة من التعرفات الجمركية على السلع الأمريكية، لابد لها أن تتوقع نسبة مماثلة من الرسوم على سلعها التي تدخل السوق الأمريكية. ولكن البيت الأبيض أوضح أنه لا يحسب نسب التعرفات، التي يفرضها على الدول، بهذه الطريقة البسيطة والمباشرة، وإنما بطريقة تهدف إلى إلغاء العجز التجاري بينها وبين كل دولة من هذه الدول. فالتعرفة الأمريكية تستهدف الدول، التي تبيع للولايات المتحدة أكثر مما تشتري منها. ولكن تعرفات ترامب، التي شملت أكثر من 100 دولة عبر العالم، لم تتوقف عند هذا الحد، بل تجاوزته إلى دول ليس لأمريكا معها عجز تجاري مثل بريطانيا.

كيف تؤثر الغرائز الحيوانية على الاقتصاد
كيف تؤثر الغرائز الحيوانية على الاقتصاد

شبكة النبأ

time٠٦-٠٤-٢٠٢٥

  • شبكة النبأ

كيف تؤثر الغرائز الحيوانية على الاقتصاد

ما يقوله الناس يحمل في طياته معلومات مهمة كثيرة عن التوجهات الشخصية والاتجاهات العامة الأوسع نطاقا في الاقتصاد. فالمستندات التنظيمية العامة ومكالمات أرباح الشركات تحتوي بالفعل على الكثير من المعلومات القيمة. وبإمكان صناع السياسات والباحثين على حد سواء استخدام لوغاريتمات تعلُّم الآلة المطورة وأدوات معالجة البيانات لتحليل تلك المعلومات... السرديات الاقتصادية سريعة الانتشار ربما تكون الحلقة المفقودة بين الأحاسيس والتذبذبات الاقتصادية. يشكل سرد القصص الاقتصادية عاملا محوريا في كيفية تفسير الأحداث الاقتصادية. فنحن نستدعي أحداث التاريخ الاقتصادي من خلال صور ظلت عالقة بأذهاننا للحشود القلقة في انتظار سحب الأموال من البنوك أثناء فترة الكساد الكبير أو لموظفين اتسمت وجوههم بالحزن وهم يحملون صناديق الكرتون لدى مغادرتهم بنك ليمان براذرز في عام 2008. ونقيس مستوى التضخم بمقارنة مشترياتنا من السلع مع أصدقائنا وأفراد عائلاتنا. ونحاول أن نستوعب تبعات الذكاء الاصطناعي بتوجيه آمالنا ومخاوفنا إلى قصص الخيال العلمي. ولكن هل القصص في حد ذاتها تؤثر على الاقتصاد؟ لقد شغلت هذه الفكرة حيزا في الفكر الاقتصادي منذ فترة طويلة. وكتب الاقتصادي جون ماينارد كينز دراسات مطولة حول دور "الغرائز الحيوانية" -أي الغرائز والأحاسيس التي تؤثر على السلوك- في تحفيز التصرفات الاقتصادية لدى البشر، مثل الإنفاق أو الاستثمار في الأعمال التجارية. وذهب إلى أن هذه الرغبات الجامحة ضمن سلوك القطيع تحتل موضع الصدارة خلال فترات الرواج والركود الاقتصادي. وبالانتقال بهذه الفكرة إلى مفهوم أكثر تطورا، انصب تركيز الاقتصادي روبرت شيلر من جامعة ييل على إجراء دراسة أكثر تفصيلا للسرديات الاقتصادية - أي القصص سريعة الانتقال التي تشكل رؤية الناس للاقتصاد وكيفية اتخاذهم القرارات. ويذهب شيلر في فرضيته إلى أن السرديات الشائعة بالقدر الكافي يمكن أن تصبح سريعة الانتشار وتؤثر على المجتمع بأسره (دراسة Shiller 2020). وقد تكون السرديات الاقتصادية سريعة الانتشار هي الحلقة المفقودة بين الأحاسيس والتقلبات الاقتصادية. ومع ذلك، لا يزال صناع السياسات والباحثون والممارسون على السواء يفتقرون للأدوات الفعالة التي تمكنهم من التعرف على هذه السرديات، وقياس سرعة انتقالها، وتحديد حجم مساهمتها في الأحداث الاقتصادية. وجاءت أولى محاولاتنا لتفهم تبعات السرديات على الاقتصاد الكلي في سياق دراستنا التي صدرت مؤخرا (Flynn and Sastry 2024). فأنشأنا مجموعة أدوات جديدة لقياس السرديات الاقتصادية وتحديد حجمها واستخدمنا هذه الأدوات في تقييم أهمية تلك السرديات في الدورة الاقتصادية في الولايات المتحدة. وتشير النتائج المستخلصة إلى أن هذه السرديات تضطلع بدور رئيسي، كما تثير تساؤلات جديدة حول كيفية وأسباب ظهور مثل تلك القصص وما يمكن أن يفعله صناع السياسات بطريقة مختلفة في مثل هذا العالم. معالجة اللغات الطبيعية حتى نتمكن من قياس حجم هذه السرديات، استخدمنا موارد لم تكن متاحة لكينز، ألا وهي قواعد البيانات النصية الضخمة لما يقوله صناع القرار الاقتصادي، إلى جانب أدوات معالجة اللغات الطبيعية التي يمكنها ترجمة هذه الكلمات إلى بيانات صلبة. وكانت أبرز مجموعات البيانات التي تناولناها في دراستنا هي نصوص المكالمات الجماعية للشركات العامة الأمريكية التي تُعقد في المعتاد كل ربع سنة لاستعراض النتائج المالية، بالإضافة إلى إقرارات النموذج Form 10-K، وهي عبارة عن تقارير تنظيمية ترفعها الشركات سنويا إلى هيئة الأوراق المالية وعمليات البورصة في الولايات المتحدة. وتمثل هذه البيانات بمجموعتيها مخرجات الإدارة العليا لتلك الشركات بحيث لا تقتصر على إبلاغ النتائج المالية للشركات فحسب، بل عرض تفسيراتها أيضا: فهي توفر المعلومات عن كيفية وأسباب تحقيق النتائج الاقتصادية كما تقدم دلالات عن كيفية تفكير الإدارة العليا والمستثمرين بخصوص الاتجاهات العامة الأوسع نطاقا. ولتحديد تلك السرديات، استخدمنا مجموعة متنوعة من أساليب معالجة اللغات الطبيعية، تتراوح بين أساليب بسيطة تستند إلى استخدام المعاجم اللغوية التي تقوم بعملية مسح للتوصل إلى كلمات وعبارات مفتاحية، وأساليب لوغاريتمية أكثر تعقيدا تكتشف موضوعات أقل تنظيما. وتتعلق السرديات التي اكتشفناها بمجموعة متنوعة من الموضوعات، مثل درجة التفاؤل العام لدى الشركات حول المستقبل، أو مدى استبشارها بالذكاء الاصطناعي، أو اعتمادها أساليب تسويق رقمية جديدة. وباستخدام قاعدة البيانات المشار إليها، استطعنا أن نضع نموذجا تجريبيا لمدى قدرة السرديات في التأثير على قرارات الشركات والمنهج الذي تنتشر هذه القصص بمقتضاه في الاقتصاد الأمريكي. صياغة القرارات الاقتصادية خلُصت دراستنا إلى أن الشركات ذات السرديات الأكثر تفاؤلا تميل غالبا إلى تسريع وتيرة التوظيف والاستثمار الرأسمالي. وعلى وجه الخصوص، تزداد وتيرة تعيين الموظفين في الشركة التي تستخدم لغة متفائلة بنسبة قدرها 2,6 نقطة مئوية سنويا مقارنة بالشركة التي تستخدم لغة متشائمة. وهذا التأثير يزيد بدرجة كبيرة عما كان يمكن التنبؤ به من خلال إنتاجية الشركات أو نجاحاتها المالية مؤخرا. وتشكل هذه النتائج تحديا للنظريات الاقتصادية التقليدية التي تفيد بأن تلك الأساسيات الاقتصادية، وما تجسده من توقعات 'عقلانية' للمستقبل، يفترض فيها تفسير القرارات الاقتصادية التي تتخذها الشركات تفسيرا شاملا. ولكن ما يلفت الانتباه أن الشركات ذات السرديات المتفائلة لا ترى عادة ارتفاع عائدات الأسهم أو الربحية في المستقبل وتقدم كذلك تنبؤات مفرطة في التفاؤل إلى المستثمرين؛ مما يعني أن السرديات ليست مجرد أداة لرصد الأنباء الإيجابية عن المستقبل. وعلى هذا الأساس، فإن السرديات المتفائلة والمتشائمة في الشركات على حد سواء تحمل في طياتها السمات الأساسية لنظرية كينز عن الغرائز الحيوانية: أي القوى التي تدفع المديرين للتوسع والانكماش في أنشطة الأعمال، ولكنها تستند إلى الأحاسيس وليس إلى الأساسيات الاقتصادية. وتؤيد البيانات كذلك فكرة أن السرديات تنتشر بسرعة، مثل الفيروسات. وبعبارة أخرى، تميل الشركات غالبا إلى تبني سرديات الشركات النظيرة: فعندما تتبنى شركة ما مزاجا متفائلا أو تبدأ بالتحدث بحماس عن القوة التحويلية للذكاء الاصطناعي، فإن الشركات الأخرى على ما يبدو تحذو حذوها. ويبدو أن الانتقال السريع للسرديات يبدأ داخل مجموعات الشركات النظيرة التي تتنافس في نفس الصناعة ثم تنتشر بعد ذلك على المستوى الكلي. وبالإضافة إلى ذلك، ثمة أثر كبير بصفة خاصة للسرديات التي تنشأ في الشركات الكبرى. وهذا يزيد من إمكانية اعتبار أن الشركات الكبرى هي قادة الفكر في الاقتصاد السردي، بحيث يزيد تأثيرها عما تفترضه القياسات التقليدية للقوة السوقية. التأثير الاقتصادي الكلي لتفسير هذه النتائج، أنشأنا نموذجا اقتصاديا كليا لانتشار السرديات المتغلغلة بين الشركات. ولما كانت السرديات تتسم بسرعة تغلغلها، فإنها تطيل أمد التقلبات الاقتصادية: فحتى الصدمة التي تحدث لمرة واحدة للاقتصاد قد تكون لها آثار طويلة الأمد، لأن المزاج العام السلبي يتغلغل في المجتمع ويعوق النشاط الاقتصادي. ومع تغلغل السرديات بالقدر الكافي بحيث تفوق حدود الانتشار السريع فإنها تتسبب في ظاهرة نطلق عليها اسم امتداد أثر السرديات، حيث يمكن للصدمة التي تحدث لمرة واحدة أن تنقل الاقتصاد إلى فترات مستقرة من التفاؤل أو التشاؤم المحققة لذاتها. وتنشأ في مثل هذه السيناريوهات حلقة من الآثار المرتدة القوية: حيث يدعم الأداء الاقتصادي سردية معينة تعزز بدورها الأداء الاقتصادي. وتؤكد هذه النتائج أهمية القياس في تحديد مدى تأثير السرديات على الاقتصاد على وجه الدقة. ما مدى قوة السرديات المحركة للاقتصاد الأمريكي؟ باستخدام نموذجنا وقياساتنا التجريبية، تشير تقديراتنا إلى أن السرديات تفسر حوالي 20% من تقلبات الدورة الاقتصادية في الولايات المتحدة منذ عام 1995. وعلى وجه التحديد، تشير هذه التقديرات إلى أن السرديات تفسر حوالي 32% من الركود في أوائل العقد الأول من القرن الحالي و18% من الركود الكبير في الفترة من 2008 - 2009. وهذا يتسق مع فكرة أن القصص سريعة الانتقال عن التفاؤل التكنولوجي كانت السبب في حدوث فقاعة الدوت كوم في التسعينات من القرن الماضي وفقاعة الإسكان في أواسط العقد الأول من القرن الحالي. كذلك أدت القصص سريعة الانتقال عن حالات الفشل واليأس إلى انهيارات اقتصادية مقابلة. ورغم ما يبدو من أن المزاج العام للاقتصاد الأمريكي يتذبذب ببطء حول متوسط طويل المدى، فإن السرديات المنفردة - كالتي تدور حول التكنولوجيا الجديدة - تميل غالبا إلى اتخاذ مسار أكثر تقلبا. فحسبما يشير بحثنا، من الأرجح أن تتفوق هذه السرديات الدقيقة على المزاج العام في سرعة انتشارها وقوة تغلغلها في المجتمع بالكامل. وبعبارة أخرى، هناك مجموعة من المخاوف والصرعات سريعة التنقل تساهم في الاستقرار النسبي للمشاعر الاقتصادية الكلية. الانعكاسات على السياسة يشير تحليلنا إلى أن السرديات سريعة الانتقال هي إحدى القوى الدافعة المهمة في الدورة الاقتصادية، لكنه خفف أيضا من قوة هذا الاستنتاج بعدة طرق جوهرية. فليست كل السرديات متساوية في قدرتها على تشكيل الاقتصاد، وقد يعتمد مصير السردية بشدة على اقترانها (المتعمد أو العرضي) مع سرديات أو أحداث اقتصادية أخرى. فكيف ينبغي لصناع السياسات التصرف في اقتصاد مدفوع بالسرديات؟ خلُصت دراستنا التحليلية إلى ثلاثة استنتاجات رئيسية على الأقل، تشير كذلك إلى الاتجاهات المستقبلية للبحوث الأكاديمية والمتعلقة بالسياسة على حد سواء. أولا، إن ما يقوله الناس يحمل في طياته معلومات مهمة كثيرة عن التوجهات الشخصية والاتجاهات العامة الأوسع نطاقا في الاقتصاد. فالمستندات التنظيمية العامة ومكالمات أرباح الشركات تحتوي بالفعل على الكثير من المعلومات القيمة. وبإمكان صناع السياسات والباحثين على حد سواء استخدام لوغاريتمات تعلُّم الآلة المطورة وأدوات معالجة البيانات لتحليل تلك المعلومات. غير أن هناك انعكاسات محتملة أيضا لكيفية جمع الباحثين والحكومات للمعلومات. وقد أدت تطورات علم البيانات إلى زيادة قيمة المسوح الاستقصائية الحديثة التي تسمح للأسر أو الأعمال بتفسير "الأسباب" وراء توجهاتها وقراراتها (دراسة Andre and others 2024). ثانيا، بعض السرديات أكثر تأثيرا وتغلغلا عن غيرها. لذلك، من الضروري تجميع الدراسات الوصفية التي تقيس السرديات مع إجراء تحليل تجريبي لآثارها على القرارات ومدى انتشارها في كافة المجتمعات. ثالثا، السرديات التي ينشئها صناع السياسات قادرة على إحداث تأثير كبير. فنحن لا نعلم سوى القليل نسبيا عما يجعل سردية السياسات قصة اقتصادية عظيمة: لماذا، على سبيل المثال، أصبحت تعليقات ماريو دراغي الارتجالية عن القيام "بكل ما يلزم" بمثابة قصة جاذبة للانتباه بدرجة تفوق التصريحات المماثلة من البنوك المركزية الأخرى؟ إن دراسة الاقتصاد السردي لا تزال في مراحلها الأولى، ولكن التعمق في فهم نشأة السرديات وانتشارها وتبعاتها الاقتصادية يمكن أن يحدث تغييرا كبيرا في كيفية جمعنا للمعلومات عن الاقتصاد وسردنا لوقائع فترات انتعاش وركود الدورة الاقتصادية. * جويل فلين، أستاذ مساعد في الاقتصاد في جامعة ييل. كارثيك ساستري، أستاذ مساعد في الاقتصاد والشؤون العامة في جامعة برينستون.

الـ"زلزال" السياسي في تركيا يفتك بإقتصاد البلاد
الـ"زلزال" السياسي في تركيا يفتك بإقتصاد البلاد

ليبانون ديبايت

time٢٥-٠٣-٢٠٢٥

  • ليبانون ديبايت

الـ"زلزال" السياسي في تركيا يفتك بإقتصاد البلاد

تعيش تركيا في خضم أزمة سياسية واقتصادية عميقة عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، أحد أبرز المعارضين للرئيس رجب طيب أردوغان، مما أثار احتجاجات واسعة في مختلف المدن التركية وزاد من حدة التوترات السياسية. ونتيجة لذلك، شهدت الأسواق المالية التركية انهيارًا غير مسبوق، حيث فقدت البورصة التركية 67 مليار دولار خلال ثلاثة أيام فقط، مع انخفاض مؤشرها العام بنسبة تزيد عن 15%، وهي الخسارة الأكبر منذ أزمة انهيار بنك "ليمان براذرز" في 2008. أما الليرة التركية، فقد سجلت أسوأ أداء أسبوعي لها في عامين، حيث تراجعت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، مما دفع البنك المركزي التركي إلى ضخ 26 مليار دولار في محاولة لوقف هذا التدهور. رغم هذه المحاولة، تظل الشكوك حول قدرة الحكومة على استعادة ثقة المستثمرين في ظل الظروف السياسية المتوترة. أستاذ العلاقات الدولية سمير صالحة، وفي حديثه لبرنامج "بزنس مع لبنى" على سكاي نيوز عربية، اعتبر أن ما يحدث في تركيا ليس مجرد أزمة اقتصادية عابرة، بل هو نتيجة مباشرة للاستقطاب السياسي الحاد بين الحكومة والمعارضة. وبيّن أن "التصعيد المستمر سيؤدي إلى مزيد من التدهور الاقتصادي والمالي"، مشيرًا إلى أن الإجراءات الحكومية الحالية، مثل ضخ السيولة المالية، قد تكون مسكنات مؤقتة، في حين أن استقرار الأسواق يعتمد بشكل أساسي على الاستقرار السياسي في البلاد. وتابع صالحة بأن اعتقال إمام أوغلو لم يكن مجرد إجراء قضائي بل يُعتبر خطوة سياسية تهدف إلى تقويض أحد أبرز منافسي أردوغان في الانتخابات المقبلة. واعتبرت المعارضة هذا القرار بمثابة محاولة "لتصفية الخصوم السياسيين"، ما دفعها للخروج إلى الشوارع في احتجاجات عارمة. فيما يخص التداعيات السياسية، أشار صالحة إلى أن المناخ الحالي قد يؤدي إلى سيناريوهات غير متوقعة، بما في ذلك احتمالية الدعوة إلى انتخابات مبكرة، على الرغم من القيود الدستورية التي قد تجعل هذه الخطوة صعبة التنفيذ. من ناحية أخرى، يواجه الاقتصاد التركي تحديات إضافية، حيث بدأت الشركات الأجنبية في سحب استثماراتها من السوق المالية التركية، ما يزيد من حالة عدم الاستقرار. وتدرك الحكومة التركية صعوبة إقناع المستثمرين الأجانب بالبقاء في هذه الظروف، إذ إن الاستقرار السياسي يعد عنصرًا أساسيًا لجذب الاستثمارات. في الأيام المقبلة، سيكون التركيز على كيفية تعامل الحكومة مع هذه الأزمة، وما إذا كانت ستتجه نحو التهدئة أو التصعيد في مواجهة المعارضة. كما أن المظاهرات الشعبية قد تساهم في تغيير مسار الأحداث السياسية، في وقت تشهد فيه تركيا أزمة اقتصادية خانقة. الأسابيع القادمة ستكون حاسمة في تحديد مسار الأزمة التركية، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، في ظل المخاوف من أن تتحول هذه الاضطرابات إلى أزمة طويلة الأمد تهدد استقرار البلاد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store