«المجانية المخادعة»..عندما تصبح ابتسامتك الرقمية هي الثمن!
مع كل «ترند» أو موجة تقنية جديدة تكتسح الفضاء الرقمي، يندفع المستخدمون نحو تجربتها بحماس، مدفوعين بالفضول والرغبة في الاندماج مع الصيحات العالمية. لكن خلف هذه المغريات التكنولوجية – مثل تطبيقات تحويل الصور إلى شخصيات أنمي، أو فلاتر الذكاء الاصطناعي التي تعيد تشكيل الهوية البصرية – تكمن مخاطر جسيمة تهدد الخصوصية، وتُعيد تعريف مفهوم «المجانية» في عالم تتحول فيه البيانات الشخصية إلى سلعة تُباع وتُشترى بأبخس الأثمان.
إن خطورة التطبيقات التي تحوّل الصور إلى أعمال فنية – كتلك المستوحاة من أسلوب «جيبلي» – لا تُختزل في مجرد تغيير المظهر، بل في آلية عملها التي تعتمد على استخراج البيانات البيومترية (كملامح الوجه، وبُنية العظام، وتفاصيل البشرة). هذه التفاصيل، التي تُجمع عبر خوارزميات الذكاء الاصطناعي، قد تُدمج في قواعد بيانات ضخمة تُستخدم لأغراض تصل إلى تدريب أنظمة التعرف على الوجوه، أو إنشاء محتوى «ديبفيك» مُزيّف، أو حتى تزوير الهوية الرقمية. والأمر لا يتوقف عند الصور؛ فالكثير من التطبيقات تطلب صلاحيات الوصول إلى الموقع الجغرافي، قائمة جهات الاتصال، وحتى الملفات المخزنة على الهاتف، مما يفتح الباب أمام شبكات استهداف إعلاني أو ابتزاز محتمل.
السرّ الكامن وراء «المجانية» الظاهرة لهذه التطبيقات هو تحويل البيانات إلى عملة رقمية قابلة للتداول. فما يبدو خدمة بسيطة لتحويل الصور هو في الواقع صفقة غير متوازنة: تمنح المستخدمون حقوق استخدام بياناتهم دون وعي، بينما تحصد الشركات أرباحًا طائلة من بيعها لجهات تسويقية، أو استخدامها في تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي تخدم أغراضًا تجارية أو أمنية. على سبيل المثال، قد تُستخدم صورتك المُسربة في إعلان عن منتج ما دون علمك، أو تُستغل في إنشاء شخصية افتراضية ضمن لعبة إلكترونية، أو تُدمج في نظام مراقبة حكومي!
تكمن الكارثة في أن معظم المستخدمين لا يدركون حجم التبعات، في حوالي 93% من الأشخاص – وفق دراسات – يوافقون على شروط الخصوصية دون قراءتها، بينما تعتمد الحكومات على قوانين قديمة لا تواكب سرعة تطور التكنولوجيا. حتى الاتفاقيات الدولية مثل «GDPR» في أوروبا، رغم صرامتها، لا تستطيع ملاحقة كل الانتهاكات في فضاء رقمي لا يعترف بالحدود. يضاف إلى ذلك تكتيكات شركات التكنولوجيا في إرباك المستخدمين عبر صياغة سياسات الخصوصية بلغة معقدة، أو إخفاء البنود الأكثر خطورة في ثنايا النصوص الطويلة.
ليست الشركات المطورة وحدها من يتحمل اللوم، فشبكات الاستغلال تمتد إلى وسطاء بيانات، ومنصات إعلانية، وحتى حكومات تشتري المعلومات لتعزيز أنظمة المراقبة. في عام 2023، كشفت تحقيقات عن بيع بيانات ملايين المستخدمين – تم جمعها عبر تطبيقات ترفيهية – لشركات تأمين لتحديد أسعار العقود بناءً على تحليل الصور! هذا التداخل بين الأطراف يجعل محاسبة المتورطين مهمة شبه مستحيلة، خاصة في ظل انعدام الشفافية.
تتضاعف المخاطر مع تطور الذكاء الاصطناعي القادر على تحويل أي صورة عابرة إلى أداة لاختراق الخصوصية. فباستخدام تقنيات مثل «التوليد الضوئي التكاملي» (GANs) يمكن إنشاء نسخ واقعية من وجوه المستخدمين لاستخدامها في عمليات نصب أو تشويه السمعة. كما أن مشاركة الصور العائلية – مثلاً – قد تعرّض أقاربك للمخاطر ذاتها، إذ يمكن استنساخ وجوههم من خلال صورة واحدة مشتركة!
الحل لا يكمن في الامتناع عن استخدام التكنولوجيا، بل في تبني عادات رقمية أكثر وعيًا:
1.التقليل من المشاركة: لا ترفع صورًا ذات خصوصية عالية (كصور الهوية أو الصور العائلية) على التطبيقات المجهولة.
2.قراءة البنود الأساسية: ابحث عن عبارات مثل «نملك الحق في استخدام صورتك» أو «نشارك البيانات مع أطراف ثالثة».
3. استخدم تطبيقات مفتوحة المصدر: بعض المنصات تتيح تحويل الصور دون اتصال بالإنترنت، مما يمنع تسريب البيانات.
4.تفعيل إعدادات الخصوصية: حدّد صلاحيات التطبيقات، وألغِ الاتصال بالتطبيقات غير المستخدمة.
5.ضغط الجهات الرقابية: دعم الحملات المطالبة بقوانين صارمة تجرّم بيع البيانات دون موافقة مستخدميها.
خلاصة ما تقدم، العالم الرقمي يشبه الغابة: مليء بالفرص، لكنه يحتاج إلى بطاقة مرور مكونة من الوعي والحذر. كل ضغطة زر ليست مجرد «إعجاب» أو «مشاركة»، بل هي إمضاء على عقد غير مكتوب، قد يُغير حياتك إلى الأبد. قبل أن تنجرف وراء الإثارة التكنولوجية، تذكّر: ما يُنشر في الفضاء السيبراني يُشبه الوشم – يسهل وضعه، ويصعب محوه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

السوسنة
٢٠-٠٥-٢٠٢٥
- السوسنة
هل يجب قبول ملفات تعريف الارتباط؟ إليك ما يجب معرفته لحماية خصوصيتك
السوسنة - أصبحت نوافذ "الكوكيز" المنبثقة جزءاً ثابتاً من تجربة تصفح الإنترنت، إذ لا يكاد موقع إلكتروني يخلو منها. وغالبًا ما تطلب هذه النوافذ منك "قبول الكل" أو "رفض الكل" أو تتيح لك "تخصيص الإعدادات". ورغم أنها تبدو مزعجة، فإن فهم كيفية عمل ملفات تعريف الارتباط (Cookies) وتأثيرها على خصوصيتك أمر مهم. ما هي ملفات تعريف الارتباط؟ملفات الكوكيز هي ملفات صغيرة يخزنها الموقع على جهازك لتذكّر معلومات معينة، مثل بيانات الدخول، تفضيلات اللغة، أو محتوى عربة التسوق. تُستخدم هذه الملفات أيضًا لتوجيه الإعلانات بناءً على سجل التصفح. أنواع الكوكيز:1. كوكيز الجلسة: مؤقتة وتُحذف عند إغلاق المتصفح.2. كوكيز دائمة: تبقى على جهازك لفترة أطول لتذكر تفضيلاتك. ماذا تعني خيارات القبول أو الرفض؟* قبول الكل: يتيح للموقع استخدام جميع أنواع الكوكيز، مما يوفر تجربة أكثر تخصيصاً، لكنه يقلل من خصوصيتك.* رفض الكل: يمنع استخدام الكوكيز غير الضرورية، ما يحمي خصوصيتك، لكنه قد يحد من بعض ميزات الموقع.* تخصيص الإعدادات: يتيح لك التحكم باختيار أنواع الكوكيز التي تريد السماح بها، وغالبًا ما يُفضل هذا الخيار.لماذا هذه النوافذ منتشرة؟هذا الانتشار نتيجة لقوانين مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في الاتحاد الأوروبي، التي تُجبر المواقع على:* الحصول على موافقة المستخدم الصريحة.* شرح ما يتم تتبعه.* منح المستخدمين القدرة على سحب الموافقة لاحقًا.ورغم أن هذه القوانين أوروبية، إلا أن العديد من المواقع العالمية تلتزم بها لتجنب الغرامات. نصيحة لحماية خصوصيتك:* اختر دائمًا "تخصيص الإعدادات" بدلاً من "قبول الكل".* استخدم أدوات خصوصية مثل [Cover Your Tracks]( التي تقدمها منظمة EFF لمساعدتك في الحد من التتبع.* احذف الكوكيز دوريًا من إعدادات المتصفح.* فعّل ميزات الحماية من التتبع المتوفرة في متصفحات مثل Firefox وSafari.في النهاية، اختيارك بين الراحة والخصوصية يعتمد على مدى حرصك على بياناتك الشخصية، لكن الأهم هو أن تكون على دراية بما توافق عليه.

عمون
٢٦-٠٤-٢٠٢٥
- عمون
الأمن السيبراني والتجارة الإلكترونية: 8 نصائح للحفاظ على ربحية وحماية الأعمال التجارية عبر الإنترنت
عمون - في عام أصبحت فيه التجارة الإلكترونية العمود الفقري لكثير من الأعمال، لم يعد الأمن السيبراني مجرد خيار، بل ضرورة ملحّة لا تقبل المساومة. أنت لا تدير فقط متجراً على الإنترنت، بل تُدير شبكة من الثقة بينك وبين عملائك. مجرد خرق واحد، صغير أو كبير، قد يكلفك ليس فقط الأرباح، بل سمعتك بالكامل. في عام 2024 وحده، وُثّقت أكثر من 33 مليار محاولة اختراق للأنظمة الإلكترونية حول العالم، وفقاً لتقارير أمنية حديثة، والمخيف أن نسبة كبيرة من هذه المحاولات استهدفت مواقع ومتاجر إلكترونية صغيرة ومتوسطة الحجم. لماذا يعتبر الأمن السيبراني أمرًا مهمًا للأعمال التجارية؟ الحاجة إلى الأمن السيبراني في التجارة الإلكترونية ليست نظرية. أي بيانات يتم تبادلها—سواء كانت معلومات بطاقات ائتمان أو كلمات مرور أو عناوين بريد إلكتروني—هي هدف مباشر. كل ضغطة زر على موقعك يمكن أن تكون فرصة للقرصنة إن لم يكن هناك نظام حماية قوي خلف الكواليس. لذلك، من الأهمية بمكان الاستفادة من أدوات مثل تطبيقات VPN، VPN لأجهزة iOS، حماية بياناتك على الايفون مثل VeePN، التي توفّر طبقة أمان إضافية خاصة عند إدارة عملك من أجهزة محمولة. حماية المعلومات الحساسة تتضمن الشركات مجموعة واسعة من البيانات الحساسة التي يجب حمايتها. سواء كانت هذه البيانات تتعلق بالعملاء، الموظفين، أو حتى العمليات الداخلية، فإن تسريب أو اختراق هذه المعلومات قد يؤدي إلى مشاكل قانونية، فقدان الثقة من العملاء، وحتى غرامات مالية ثقيلة. في ظل النمو الهائل للتهديدات الإلكترونية، أصبح من الضروري أن تعتمد الشركات على تقنيات متقدمة لحماية هذه البيانات. الحفاظ على سمعة الشركة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، تنتشر الأخبار بسرعة البرق. اختراق أو هجوم سيبراني قد يتسبب في فقدان سمعة الشركة بشكل فوري. وفي حين يمكن تعويض خسائر مالية، إلا أن استعادة سمعة الشركة قد يتطلب وقتًا طويلًا وجهودًا مضاعفة. لذلك، يعد بناء استراتيجية أمنية قوية أمرًا ضروريًا للحفاظ على سمعة الأعمال. الامتثال للأنظمة القانونية العديد من البلدان تفرض قوانين صارمة لحماية البيانات الشخصية للمواطنين. القوانين مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، تفرض على الشركات تأمين بيانات العملاء بشكل فعال. عدم الامتثال لهذه القوانين قد يعرّض الشركات لغرامات ضخمة. الحماية من الهجمات المالية الهجمات السيبرانية لا تستهدف فقط البيانات الشخصية بل تهدف أيضًا إلى سرقة الأموال. سواء كان ذلك عبر سرقة تفاصيل بطاقات الائتمان أو الهجمات مثل "رانسوم وير" التي تطلب فدية مقابل استعادة البيانات، فإن هذه الهجمات يمكن أن تدمّر عائدات الأعمال التجارية. الأمن السيبراني يضمن أن هذه الأموال محمية ضد الهجمات الخبيثة. الاستمرارية في الأعمال التجارية الأمن السيبراني ليس فقط عن الوقاية من الهجمات؛ بل يتعلق أيضًا بضمان استمرارية العمليات التجارية في حال حدوث اختراق. في حالة حدوث هجوم سيبراني، يمكن لاستراتيجية الأمن القوية أن تساعد في استعادة الأنظمة بشكل أسرع، مما يحد من التوقفات التشغيلية والخسائر المالية المرتبطة بذلك. الخلاصة في ظل الزيادة الكبيرة في الهجمات السيبرانية، فإن ضمان حماية الأعمال التجارية من المخاطر الإلكترونية أصبح أمرًا حيويًا لضمان استمراريتها ونجاحها. لذا، يجب على الشركات تبني استراتيجيات فعالة للأمن السيبراني لحماية بياناتها، سمعتها، وأرباحها، مع الاستفادة من أدوات وتقنيات مبتكرة تضمن أمانها في العصر الرقمي. 8 نصائح للحفاظ على ربحية وحماية الأعمال التجارية عبر الإنترنت فما هي أهم النصائح التي يمكن اتباعها للحفاظ على أمان وربحية أعمال التجارة الإلكترونية؟ إليك 8 توصيات متدرجة تجمع بين البساطة والفاعلية. 1. لا تبدأ قبل بناء الجدار: استثمر في نظام حماية متكامل جدار ناري؟ نعم. تشفير SSL؟ ضروري. نظام كشف التسلل؟ لا غنى عنه. وكل هذا ليس رفاهية. الشركات التي تستثمر في الأمن الإلكتروني المتقدم ترى انخفاضاً بنسبة 40% في التهديدات الرقمية، وفقاً لبيانات Cybersecurity Ventures. تأكد أن منصتك محمية من اليوم الأول. 2. اجعل كلمات المرور غير منطقية قدر الإمكان كلمة المرور "123456" ما زالت تُستخدم من قبل الآلاف. هذا انتحار رقمي. لا تستخدم كلمات يسهل تخمينها. ويفضل أن تستخدم برامج إدارة كلمات المرور لتوليد وتخزين رموز عشوائية مشفرة يصعب كسرها. 3. طبّق المصادقة الثنائية المصادقة الثنائية ليست تعقيداً زائداً، بل هي درع إضافي. حتى لو تمكّن أحدهم من معرفة كلمة المرور، فإنه سيواجه جداراً آخر: رمز يُرسل إلى الهاتف أو البريد. هذه الخطوة البسيطة يمكن أن تمنع 80% من محاولات الدخول غير المصرح بها. 4. التحديث المستمر: واجب لا ترف البرامج القديمة مثل الأبواب المفتوحة للمتسللين. احرص على تحديث كل شيء: نظام إدارة المحتوى، الإضافات، التطبيقات الطرفية، وحتى أنظمة التشغيل. التحديثات غالباً ما تتضمن ترقيعات أمنية ضرورية جداً. 5. استخدم شبكة خاصة افتراضية VPN عند إدارة متجرك عند الدخول إلى لوحة التحكم من جهاز غير آمن أو شبكة عامة، فإنك حرفياً تفتح نافذة للقراصنة. هنا تبرز أهمية استخدام خدمة مثل VeePN التي تمنحك اتصالاً مشفراً، وتخفي عنوان IP، وتحمي حركة المرور على الإنترنت بشكل كامل. سواء كنت تستخدم حاسوباً أو هاتفاً ذكياً، وجود VPN فعال هو خط الدفاع الأول. 6. لا تهمل تدريب الموظفين هل تعلم أن 85% من خروقات البيانات سببها خطأ بشري؟ موظف فتح رابط مريب، أو نقر على مرفق ملغوم. يجب تدريب كل فرد يتعامل مع النظام، ولو حتى لإرسال بريد إلكتروني، على أساسيات الأمن السيبراني. 7. تابع نشاط الموقع بشكل لحظي أدوات تحليل السجلات ومراقبة النشاطات غير الطبيعية يمكن أن تكون منقذاً حقيقياً. لاحظت دخولاً من عنوان غريب؟ تحميل بيانات بشكل غير طبيعي؟ تصرف فوراً. كل ثانية تأخير قد تعني تسريب بيانات. 8. كن واضحاً مع العملاء حول حماية بياناتهم اكتب سياسة خصوصية شفافة. اخبرهم كيف تحمي معلوماتهم. اجعلهم يثقون بأن التعامل معك آمن، وأن بياناتهم ليست سلعة. الثقة هنا تتحول إلى ولاء، والولاء إلى أرباح. الختام: الربحية في عالم التجارة الإلكترونية لا تنفصل عن الأمان. قد يكون لديك أفضل المنتجات وأقوى الحملات التسويقية، لكن ضغطة واحدة من هاكر مبتدئ كفيلة بهدم كل شيء. فكر في الأمن السيبراني ليس كتكلفة، بل كاستثمار ذكي يحميك من الخسائر ويعزز من سمعتك. وبينما يتطور العالم الرقمي كل يوم، كن أنت أيضاً مستعداً. لا تتردد في استخدام أدوات مثل تطبيقات VPN، VPN لأجهزة iOS، حماية بياناتك على الايفون لتكون دائماً خطوة أمام الخطر.


الانباط اليومية
١٦-٠٤-٢٠٢٥
- الانباط اليومية
تحويل الصور بالذكاء الاصطناعي.. ضرورة ضمان الاستخدام الأخلاقي
الأنباط - البطش: التقنيات تتيح تحويل الصور لكنها تحتفظ بالأصل في الخلفية الأنباط – عمر الخطيب ضمن التطورات المتسارعة في عالم الذكاء الاصطناعي لا بد من التوقف عند آخر صرعات هذا المجال، والمتمثلة بتوليد الصور الكرتونية. اندماج تقنية GPT مع شبكات توليد الصور الكرتونية تقنية واعدة وأحدثت ثورة في أرجاء المعمورة، لكنها تحمل جوانب يجب البحث فيها، خاصة مع إمكانية استرجاع الصور الأصلية من خلال تقنيات استعادة المصدر البصري. ولا شك أن هذه التقنية تمثل ثورة في عالم الرسوم المتحركة، ولكنها تحتاج إلى تنظيم واضح للحفاظ على دور الفنانين وضمان الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، لذلك ينبغي أن تكون هذه الأدوات بمثابة مساعد للفنانين وليست بديلًا لهم، بالإضافة إلى وجود بروتوكولات أمان لمنع استرجاع غير مصرح به للصور الأصلية، ليبقى السؤال الأهم: كيف يمكننا تحقيق التوازن بين الذكاء الاصطناعي والإبداع البشري وضمان خصوصية المستخدمين؟ وفي هذا السياق، أشار استشاري الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي المهندس هاني البطش إلى أن هذه التقنية تعتمد على دمج مجموعة من الابتكارات المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي، أبرزها نموذج GPT-4o القادر على تحليل السياق البصري والسردي لإنشاء شخصيات ورسوم متحركة، إلى جانب شبكات الخصومة التوليدية (GANs) التي تحاكي الأنماط الفنية وتحول الصور الحقيقية إلى أنيميشن عالي الجودة، بالإضافة إلى تدخل تقنيات استعادة الصورة إلى المصدر ضمن هذا التطور، حيث تتيح لـبعض الأنظمة المتقدمة استنتاج الصورة الأصلية استنادًا إلى بيانات التحويل المخزنة. وأضاف أن من خلال هذا التكامل أصبح بإمكان المستخدمين تحويل صورهم الشخصية إلى مشاهد كرتونية مستوحاة من أساليب فنية مميزة، مثل (أسلوب ستوديو جيبلي)، ليبقى التحدي القائم هو الحفاظ على خصوصية الصور الأصلية ومنع أي استرجاع غير مصرح به لها. وفيما يتعلق بالفوائد التقنية والتطبيقات الممكنة، بين البطش أن التقنية تعزز من كفاءة وإبداع العمل الفني حيث تسهم في تسريع عملية إنتاج الرسوم المتحركة من خلال تقليل الاعتماد على التحريك اليدوي المعقد مما يوفر الوقت والجهد، كما تتيح إمكانية دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات الإبداعية ما يمنح الفنانين القدرة على تحرير تصاميمهم وتطويرها بسرعة وسهولة، مضيفًا أنها تسهم في تحسين الوصول إلى المحتوى الكرتوني عبر تحويل صور المستخدمين إلى أعمال فنية بأساليب متنوعة، ما يفتح المجال أمام تجارب شخصية فريدة، كما أنها تساعد في إحياء الفن التقليدي بصيغة رقمية مرنة لـ إتاحة التعديل والتطوير مع تحسين التفاصيل البصرية، أما في التطبيقات الحساسة ستوفر ميزة استعادة الصور الأصلية عند الحاجة لتعزيز جوانب الأمان والخصوصية. ورغم الإمكانيات الكبيرة التي تقدمها هذه التقنية إلا أنها تثير عددًا من المخاطر والتحديات التي لا يمكن تجاهلها حيث أوضح البطش أنها تهديد محتمل لـ فرص العمل في مجال الرسوم المتحركة التقليدية ما يستدعي وضع سياسات واضحة لحماية الفنانين ودعم مهاراتهم في ظل التحول الرقمي، بالإضافة إلى أنها تبرز المخاوف الأخلاقية التي تتعلق باستخدام الصور الشخصية دون الحصول على تصريح صريح من أصحابها، وهو ما يفتح الباب أمام انتهاكات محتملة للخصوصية. وأضاف أن قدرة بعض الأنظمة على استرجاع الصور الأصلية من خلال تقنيات متقدمة تطرح تساؤلات جدية حول حماية البيانات الشخصية، مشيرًا إلى ما قد ينجم من فقدان للطابع الإنساني والعاطفي الذي يميز الرسوم المتحركة التقليدية، حيث تعتمد تلك الأعمال على تعبيرات يدوية دقيقة تنقل مشاعر فريدة يصعب محاكاتها رقميًا.