
الأوراق الساخنة لمذكرات فتح الله ولعلو (6): لقاء الثقة مع شقيق الملك الحسن الثاني الأمير مولاي عبد الله
تعززت الخزانة الوطنية، مؤخرا، بمولود جديد عبارة عن مذكرات أصدرها الوزير والقيادي الاتحادي السابق فتح الله ولعلو، طافحة بالعديد من الأحداث التي عاشها خلال مساره السياسي والأكاديمي على عهد ملكين، الملك الراحل الحسن الثاني ووارث عرشه الملك محمد السادس.
هي مذكرات رجل استثنائي، كان لعقود واجهة الاتحاد الاشتراكي البرلمانية، التي ظلت تهز الرأي العام المتعطش للديمقراطية والعدالة الاجتماعية. كان فتح الله ولعلو خطيبا مفوها شاء القدر أن تتطابق قدراته البرلمانية مع الوزن السياسي لحزب القوات الشعبية. هذه هي الصورة التي يحفظها جيلان على الأقل عن هذا الرباطي ذي الملامح الطفولية، وهي مغايرة نسبيا للصورة التي خلفها الرجل نفسه وهو أول وزير للمالية في حكومة التناوب سنة 1998.
وإضافة إلى أنه اقتصادي بارز وثاني مغربي يحصل على الدكتوراه من باريس في هذا التخصص بعد الراحل عزيز بلال، فإن من سيقرأ مذكراته التي نزلت يوم الخميس 24 أبريل 2025 في المعرض الدولي للكتاب بالرباط، سيكتشف رجلا آخر، وسيخلق بالتأكيد حميمية مع رجل لا يمكن أن تميز في سيرته بين ما هو خاص وما هو عام، بين حياته ونضاله. وربما لهذا أعطى هذه المذكرات عنوان «زمن مغربي» وهو يرجح العام على الخاص وهذا مفهوم عموما، ولكنه سيفهم أكثر عندما يبحر القارئ في الصفحات الطويلة والغنية في مجلدين بالتمام والكمال.
يبدأ ولعلو مذكراته منذ الولادة حين تزوج والده بنعيسى ولعلو بنت خاله غيثة الجزولي، وسكن دار أبيها بالسويقة في المدينة القديمة بالرباط، ليفتح عينيه في أسرة ليست أرستقراطية ولكنها أسرة «عمل وكد واجتهاد» كما يصفها. وأما عن جده من والده، فيقول إنه كان بائع خضر صغيرا قرب زنقة القناصل، ولكن من بيت جده لأمه مصطفى الجزولي سيبني ولعلو كل عالمه في بيت كبير سيتحول إلى قبلة للوطنيين إلى أن يقرر والده الرحيل إلى حي العكاري ويواصل الفتى دراسته وينخرط في العمل النضالي.
المذكرات طويلة جدا، ونحن هنا سنقوم بانتقاء، هو على أية حال تعسفي، وما نتمناه أن يكون هذا التعسف مهنيا نابها. وأن نقرب القارئ من حياة هذه الشخصية المغربية الوازنة وهي تقدم روايتها للتاريخ بمرافقة الزميل لحسن العسيبي، الذي أعد المذكرات للنشر، وخصنا بهذا السبق، فشكرا على ثقة الرجلين.
إليكم الجزء السابع من الصفحات الساخنة التي ارتأت 'الأيام 24' نشرها:
آخر لقاء مع الأمير مولاي عبد الله وأزمة الثقة مع اليازغي
دُعينا إلى عشاء من قبل الأمير مولاي عبد الله رحمه الله، بفيلته بأكدال، في آخر صيف 1983، وهو مريض يُواجهُ بِجَلَدٍ تبعات إصابته بمرض عضال، الذي سيكون سببا لوفاته في آخر نفس السنة (توفي يوم 23 دجنبر 1983). كان عبد الرحيم بوعبيد قد غادر السجن حديثا، شهورا قبل دخوله حكومة الوحدة الوطنية كوزير دولة.
حضر ذلك العشاء كل من عبد الرحيم بوعبيد، محمد اليازغي، أحمد الحليمي وعبد ربه، وكذا رشيد بن عبد الله الذي كان صديقا مقربا من الأمير. الذي اختار أعضاء ذلك الوفد الإتحادي هو بوعبيد شخصيا دون أن أعرف سبب اختياره لنا رغم اختلاف مواقع مسؤولياتنا الحزبية. بعد دخولنا، جلسنا مباشرة على مائدة معدة للعشاء، فجاء خادمٌ يحمل طبقا به أكلة مغربية خاصة (البقولة)، فأخْبَرَنَا الأمير أنه طبقٌ جاء خصيصا من عند والدته كنوع من التحية.
كان سُمُوُّهُ يضعُ قبعة على رأسه، بسبب نتائج الأدوية الكيماوية التي يعالج بها، مُتعبًا، لكنه رغم ذلك، كان حريصا على الإهتمام بنا ومناقشتنا لأكثر من ساعة ونصف الساعة. أَخْبَرَنَا أن للقاء أهمية خاصة وكبيرة، وفَهِمْنَا أنه لقاء تم بعد إذن من شقيقه الملك الحسن الثاني، وأن المشكلة القائمة بيننا كاتحاديين وبين القصر هي مشكلة الثقة. حيث تَوجَّهَ مباشرة إلى محمد اليازغي، قائلا له إن مشكلة الثقة تعنيه هو شخصيا، بسبب اعتقالاته السابقة ضمن مجموعات الإتحاديين، طيلة السبعينات. رَدَّ عليه عبد الرحيم بوعبيد مُطولا، مُوضِّحًا طبيعة الإتحاد الإشتراكي وأن هَمَّنَا هو تطوير الديمقراطية في المغرب في إطار الشرعية الوطنية.
كان اللقاء ذاك، واحدًا من اللقاءات لتجسير التواصل معنا مجددا. وهي لقاءات لم تُلغي بقاء العلاقات بيننا وبين الدولة، فيها مد وجزر. وميزَتُهُ أنه كان لقاء حميميا، فيه نوع من الإنفتاح والصراحة، وفيه تلك الرسالة الواضحة حول الثقة من قبل سمو الأمير مولاي عبد الله. علما أن ذلك اللقاء هو لقائي الوحيد والأخير مع شقيق الملك الحسن الثاني رحمهما الله معا.
تعرفتُ على عائلته الصغيرة فيما بعد، حين أصبحتُ أُدَرِّسُ ابنته للا زينب بالمعهد المولوي بالقصر الملكي بالرباط، وفي ما بعد أصغر أبنائه مولاي اسماعيل بذات المعهد المولوي، حيث اعتادت والدتهما الأميرة لمياء الصلح، اللبنانية الأصل، ابنة الزعيم اللبناني رياض الصلح، أن تدعوني للقاءها للسؤال عن مسار ابنها الدراسي. ولقد دُعيتُ منذ سنوات قليلة لحضور حفل زفافه، الذي ترأسه الملك محمد السادس.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

وجدة سيتي
منذ 33 دقائق
- وجدة سيتي
VIDEO وجــــــــدة: الاحتفاء بالذكرى العشرين للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية: « 20 سنة في خدمة التنمية البشرية
« خلّدت ولاية جهة الشرق، يوم الإثنين 19 ماي 2025، الذكرى العشرين لإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بتنظيم لقاء تواصلي بمقر الولاية تحت شعار: « 20 سنة في خدمة التنمية البشرية « ، وذلك برئاسة السيد خطيب الهبيل، والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة-أنجاد، وبحضور السيد الكاتب للشؤون الجهوية، ورئيس المجلس العلمي الجهوي، ورئيس مجلس جهة الشرق، ورئيس جامعة محمد الأول، إلى جانب أعضاء اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية، اللجان المحلية، رؤساء الجماعات، ممثلي المصالح اللاممركزة، وفعاليات من المجتمع المدني. وفي كلمته بالمناسبة، أكد السيد الوالي أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله سنة 2005، شكّلت تحولًا نوعيًا في مقاربة قضايا التنمية، حيث وضعت المواطن في قلب السياسات العمومية، وسعت إلى ترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية والإنصاف المجالي. وأضاف أن المبادرة، على مدى عشرين سنة، ساهمت بشكل فعّال في تحسين مؤشرات التنمية البشرية بجهة الشرق، من خلال مشاريع تنموية همّت مختلف المجالات الحيوية، وعكست التزام الدولة الراسخ بتقليص الفوارق الاجتماعية والمجاليةـ مشيرا إلى أن المسار التنموي يشهد تحسنًا ملحوظًا على مستوى المؤشرات الدولية، لاسيما مؤشر التنمية البشرية (IDH) المعتمد من طرف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث صُنّف المغرب سنة 2025 في المرتبة 120 من أصل 193 دولة، بعد أن بلغ المؤشر 0.710، منتقلاً بذلك رسميًا إلى فئة الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة، مما يعكس نتائج الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية المتراكمة، وهي مرتبة تعكس من جهة التحديات القائمة، ومن جهة أخرى التطور الملموس الذي بدأت تظهر معالمه بفضل الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية المتراكمة . وأوضح السيد الوالي أن عمالة وجدة-أنجاد عرفت خلال الفترة الممتدة من 2005 إلى 2025، إنجاز ما يفوق 1000 مشروع تنموي، بغلاف مالي إجمالي يفوق مليار درهم، ساهمت فيه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بـ 560 مليون درهم. وتوزعت هذه المشاريع على قطاعات التعليم، الصحة، البنيات التحتية، الإدماج الاقتصادي، ودعم الفئات الهشة، وأسهمت في تحسين ظروف عيش المواطنين وتعزيز الإدماج المجالي والاجتماعي. كما شدّد السيد الوالي على أهمية المشاريع المنجزة وأثرها الإيجابي، مع الإشارة إلى أن بعض المشاريع واجهت تحديات تتطلب تقييمًا مستمرًا لتحسين الأداء وضمان فعالية واستدامة التدخلات التنموية . سواء في مرحلة التخطيط أو التنزيل الميداني، وهو ما يدعو إلى ضرورة تقييم هذه الصعوبات وتحليلها بشكل موضوعي، لاستخلاص العِبر وتحديد مكامن القصور. وأبرز أن هذا التقييم يُعد أداة استراتيجية لتطوير آليات العمل، وضمان استدامة الأثر التنموي، وتحقيق الانسجام بين الأهداف المرسومة والنتائج المحققة، مؤكداً أن تعبئة وانخراط جميع الفاعلين، وعلى رأسهم الشباب، يبقى شرطًا أساسيًا لإنجاح هذا الورش الملكي وتحقيق التنمية الشاملة. وخلال اللقاء التواصلي، قدم رئيس قسم العمل الاجتماعي عرضًا مفصلاً حول حصيلة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بمراحلها الثلاث، مستعرضًا الإنجازات التي تحققت في المجالات الاجتماعية والاقتصادية ففي المرحلتين الأولى (2005–2010) والثانية (2011–2018)، تم تنفيذ 499 مشروعًا بتكلفة إجمالية تجاوزت 829 مليون درهم، ساهمت المبادرة الوطنية بما يقارب 414 مليون درهم. أما المرحلة الثالثة (2019–2025)، فقد شهدت تنفيذ 529 مشروعًا بكلفة إجمالية بلغت 189 مليون درهم، بمساهمة للمبادرة بنحو 146.58 مليون درهم، استفاد منها أكثر من 326 ألف شخص. تركزت المشاريع على عدة برامج همت تعزيز البنية الاجتماعية من خلال إنشاء وتجهيز مراكز الرعاية الاجتماعية مثل دور الطالبة والطالب، دور المسنين، ومراكز النساء في وضعية هشاشة. كما تم دعم التعليم عبر توفير وسائل النقل المدرسي وتعزيز البنيات التحتية التعليمية، بالإضافة إلى تحسين الخدمات الصحية من خلال اقتناء تجهيزات طبية وسيارات إسعاف. في الجانب الرياضي والثقافي، تم بناء دور الشباب، قاعات رياضية، وملاعب القرب، إلى جانب مركبات سوسيو-ثقافية لدعم إدماج الشباب. كما تم تحسين البنيات التحتية الأساسية عبر بناء أسواق نموذجية، تهيئة المسالك الطرقية، وفك العزلة عن المناطق القروية. وتضمّن برنامج اللقاء عرض فيلم يوثق لأبرز منجزات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على مدى العقدين الماضيين، إلى جانب تقديم شهادات حية لمستفيدين وشركاء جمعويين، عبّروا فيها عن الأثر الإيجابي للمشاريع المنجزة، سواء على المستوى الاجتماعي أو المجالي. كما تم تسليم حافلتين للنقل الاجتماعي لفائدة الجمعية الخيرية الإسلامية وجمعية الشبيبة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وأصدقاؤها، في خطوة تهدف إلى دعم التمدرس وتحسين تنقل الفئات الهشة وتكريس العدالة الاجتماعية في الولوج إلى الخدمات الأساسية. اختُتم اللقاء بكلمة للسيد الوالي، دعا فيها إلى تجديد الالتزام الجماعي بمبادئ وأهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، مؤكداً على ضرورة تعزيز روح التعاون والعمل المشترك، وترسيخ قيم التضامن والعدالة المجالية، مع التركيز على تنمية العنصر البشري باعتباره الأساس لأي تنمية شاملة ومستدامة.


وجدة سيتي
منذ 42 دقائق
- وجدة سيتي
الكذب على الذات في دولة الطوابير
وصف الجزائر بدولة الطوابير ليس لا تحاملا ولا تجنيا على هذا البلد، وإنما هو تسجيل لواقع ملموس يشهد عليه الوضع العام في الدولة القارة، « القوة الضاربة » في عمق البطيخة حسب التعبير المصري أو الضاربة في الحيط حسب التعبير المغربي. ويبدو أن الجزائر تستفرد بظاهرة الطوابير؛ إذ الجزائري هو الوحيد في العالم المضطر إلى الوقوف في طابور طويل عريض يوميا لعله يحصل على نزر من حليب أو قهوة أو زيت أو دقيق أو عدس أو لوبيا أو حمص أو بطاطا أو غيرها من المواد الغذائية الضرورية، بما في ذلك الماء. وهذا يعني أن الجزائري مهدد بالجوع والعطش. ومن المفارقات أن ترى، في البلد الذي يتوفر على البترول والغاز، طوابير على قنينات غاز البوتان، وعلى محطات الوقود لتعبئة خزانات السيارات وخزانات وسائل النقل العمومية. وترى هذا المشهد (مشهد الطوابير) على طول البلاد وعرضها. وهذا دليل على الندرة والخصاص في كل شيء، بما في ذلك المحروقات. ولا يحتاج المرء إلى ذكاء ليدرك بأن الشعب الجزائري يعيش في الفقر والبؤس رغم ما تتوفر عليه بلاده من ثروات طاقية ومعدنية كفيلة بجعله يعيش في مستوى شعوب الخليج. ولمن أراد أن يفهم لماذا وصلت الجزائر إلى هذا الوضع البئيس، عليه أن يستحضر بأن هذا البلد يحكمه نظام عسكري منذ 1965. فبعد انقلاب المقبور بوخروبة (الهواري بومدين) على الرئيس الشرعي المرحوم أحمد بنبلة، أمسك العسكر بزمام الأمور؛ ومنذ ذلك التاريخ وهو يفرض على البلاد نوعا من حالة الطوارئ، بدعوى أن البلاد مستهدفة. وللإمساك بمفاصل الدولة والمجتمع، شكل النظام العسكري واجهة مدنية صورية يحركها كما يشاء، بدءا من رئيس الجمهورية إلى الحكومة والبرلمان والأحزاب. وقد أثبت هذا النظام بواجهتيه العسكرية والمدنية بأنه غبي بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ولا يقتصر الأمر على النظام، بل انتقلت العدوى (عدوى الغباء) إلى فئات واسعة من المجتمع الجزائري؛ ودليلنا على ذلك هو أن هذه الفئات، مثلها مثل أبواق النظام، تستمرئ العيش في الأوهام والكذب على الذات (أنظر مقالنا « استمراء العيش في الأوهام »، نشر في جريدة « الاتحاد الاشتراكي »، بتاريخ 9 أكتوبر 2024). فالجزائري يعتقد بأنه الأفضل في كل شيء رغم ما يعيشه من مشاكل لا تعد ولا تحصى. وكيف لا وهو يسمع الرئيس عبد المجيد تبون يردد بأن الجزائر أفضل من فرنسا والمنظومة الصحية الجزائرية هي الأفضل في إفريقيا وأن الجزائر قوة إقليمية وأن لها مكانة معتبرة في العالم وأن لها اقتصاد متقدم (الثالث عالميا) وأنها البلد الوحيد الذي فعل كذا والبلد الوحيد الذي ليس له ديون وليس فيه بطالة وغير ذلك من الهرطقات التي تفضحها التقارير الدولية. ويمكن أن نؤكد بكل يقينية بأن الكذب على الذات، هو نوع من الهروب من الواقع والالتفاف على الحقيقة. لذلك، أصبح الكذب على الذات عملة رائجة بين الجزائريين سواء تعلق الأمر بالحكام وأعوان « الدولة »، وعلى رأسهم عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الذي يكذب كما يتنفس، أو الأحزاب السياسية ورجال الإعلام الرسمي منه وغير الرسمي ونشطاء التواصل الاجتماعي بمن فيهم الذباب الإلكتروني الموظف من قبل المخابرات، وكذا أنصار النظام ممن يُعتبرون من النخبة، ومن بينهم أساتذة جامعيين ومسيرين رياضيين ومحللين وغيرهم. يضاف إلى كل هؤلاء المتطفلون على تراث المغرب وتاريخه بسبب أزمة الهوية التي يعانون منها وبسبب أيضا متلازمة « المروك » المستحكمة في النظام والمجتمع الجزائريين معا. وسوف نكتفي بتقديم مثالين، في هذا الباب؛ الأول تمثله المسماة « سرقزاد » والثاني يمثله المسمى محمد حومير. فالأولى سماها المغاربة في وسائل التواصل الاجتماعي بهذا الاسم (سرقزاد) لاشتهارها بمحاولة سرقة كل ما هو جميل في التراث المغربي من طبخ ولباس وغيره ونسبه إلى الجزائر. أما محمد حومير، عفوا محمد دومير، تقني الحمير والبغال، فقد تحول إلى « عالِم تاريخ » ينشر الجهل والجهالة من خلال تزوير الحقائق التاريخية لتحقيق مزيد من البردعة والتجهيل بين الجزائريين لجعلهم يصدقون كل شيء، بما في ذلك أكاذيب الرئيس الصوري، التي سارت بها الركبان وأصبحت على كل لسان. ومن فرط غبائه، أطلق محمد دومير كذبة سخيفة وفاضحة تتمثل في زعمه بأن الدستور الأمريكي » كتب خوفاً من الجزائر »(كذا)؛ ويقول هذا « المؤرخ » المزوَّر والمزوِّر، بكل وقاحة بأن « هذا ليس مجرد كلام بل حقيقة تؤكدها مصادر تاريخية موثوقة ». ولعلها مصادر « الدولة » الجزائرية التي أنشئت سنة 1962 بعد استفتاء أفضى إلى حكم ذاتي وليس إلى الاستقلال عن فرنسا. ويقدم لنا محمد دومير نموذجا من « النخبة » التي يعتمد عليها النظام الجزائري البليد الذي يعيش حاليا عزلة غير مسبوقة بحيث لم يبق له في الجوار القريب والبعيد سوى نظام المتعوس قيس السّْعَيّدْ. خلاصة القول، نحن المغاربة لم نعد نستغرب أي شيء من الجزائر. فالجزائري الذي نعرفه هو ذاك الذي يقدمه لنا إعلام هذه البلاد، بما في ذلك الإعلام الرياضي بمنصاته الرسمية وغير الرسمية، والإعلام السياسي بشقيه الرسمي وغير الرسمي، باستثناء المغاربية tv التي تبث برامجها من لندن؛ ونعرفه أيضا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال تصريحات مسؤولي بلاده في الحكومة وفي الأحزاب السياسية، ومن خلال « النخب » التي تحضر في المنصات الجزائرية وكذا تلك التي تشارك في برامج حوارية في قنوات الإعلام الأجنبي؛ هذا الجزائري الذي أصبحنا نعرفه جيدا حكم على نفسه بالضعف الثقافي والمعرفي، وفي كثير من الأحيان بالانحطاط الأخلاقي. وإذا ما حاولنا أن نقارب هذه الظاهرة المرضية من أجل فهم أسبابها، فسوف نجد أن السبب الرئيسي يتمثل في تعدد وتنوع الأزمات والعقد التي يعاني منها كل المحسوبين على الفئات التي ذكرناها في الفقرة أعلاه وحتى التي لم نذكرها اقتصادا للوقت والمجهود؛ وذلك لقناعتنا واقتناعنا بأن كل مجهود يبذله النشطاء المغاربة والخليجيين وكذا بعض الجزائريين المعارضين الموجودين في الخارج، من أجل توعية الجزائري بواقعه الحقيقي، إنما هو مجهود ضائع لأن النظام نجح في تضبيع وبردعة جزء لا يستهان به من المجتمع الجزائري، بحيث تمكن من تكريس عقلية القطيع فيه لدرجة أن بهلوانيات كذبون وأكاذيبه المفضوحة تجد من يصفق لها ويروجها كأنها حقائق ثابتة. مكناس في 19 ماي 2025


المغربية المستقلة
منذ 2 ساعات
- المغربية المستقلة
الدار البيضاء : مولاي رشيد تحتفل بعشرين سنة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية: أرقام وحقائق على طريق تنمية الإنسان
المغربية المستقلة : بمناسبة مرور عشرين سنة على إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، احتضنت عمالة مقاطعات مولاي رشيد، يومه الاثنين 19 ماي 2025، فعاليات احتفالية مميزة تحت شعار : 'المبادرة الوطنية للتنمية البشرية: 20 سنة في خدمة التنمية'، وذلك تخليداً للورش الملكي الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده بتاريخ 18 ماي 2005. ورش ملكي استثنائي استجابة لتحديات مرحلة دقيقة استحضرت كلمة افتتاح اللقاء التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي واجهها المغرب في مطلع الألفية الثالثة، والتي استدعت استجابة حازمة وسريعة من خلال إطلاق ورش ملكي غير مسبوق يهدف إلى تعزيز الكرامة الإنسانية، ومحاربة مظاهر الفقر والهشاشة، وتحقيق العدالة المجالية والاجتماعية. وقد بُني هذا الورش على خمس قيم مؤطرة هي: الكرامة، الثقة، المشاركة، الاستمرارية، والحكامة الجيدة، كما اعتمد على مبادئ القرب، الشراكة، التعاقد، التشاور، والشفافية، في انسجام مع مقاربة مرنة وتشاركية. حصيلة إيجابية للمرحلتين الأولى والثانية: مشاريع كبرى بأثر ملموس ارتكزت المبادرة في مرحلتيها الأولى والثانية على خمسة برامج رئيسية شملت محاربة الفقر في الوسط القروي، محاربة الإقصاء الحضري، محاربة الهشاشة، البرنامج الأفقي، وبرنامج التأهيل الترابي. وأسفرت هذه المرحلة عن نتائج وازنة، إذ تم إنجاز: 230 مشروعًا في المرحلة الأولى، بلغت مساهمة المبادرة فيها 77 مليون درهم من أصل 180 مليون درهم (43%)، فيما ساهم الشركاء بـ103 مليون درهم (57%). 107 مشاريع في المرحلة الثانية، ساهمت فيها المبادرة بـ90 مليون درهم (21%)، مقابل 332 مليون درهم من الشركاء (79%). وقد شملت هذه المشاريع قطاعات متعددة منها الصحة، التمدرس، البنيات الاجتماعية، التنشيط الرياضي، والأنشطة المدرة للدخل، ما مكّن من تقليص الفوارق وتعزيز المؤشرات الاجتماعية على صعيد العمالة. المرحلة الثالثة: الرهان على الرأسمال البشري ومقاربة محدثة مع بداية المرحلة الثالثة (2019–2025)، تحوّل التركيز إلى الإنسان باعتباره محورًا رئيسيًا لكل تدخل، من خلال أربعة برامج جديدة: تدارك الخصاص في البنيات التحتية مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب الدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة البرامج بالأرقام: دينامية ميدانية متصاعدة برنامج الهشاشة: تم إنجاز 80 مشروعًا لفائدة 23.854 مستفيدًا، بكلفة مالية تجاوزت 38 مليون درهم. برنامج الإدماج الاقتصادي: استفاد 4.364 شابًا وشابة من خدمات منصة الشباب. تم توجيه 1.089 شابًا نحو التشغيل، و2.012 نحو المقاولاتية، و84 نحو الاقتصاد التضامني. النتائج تضمنت إحداث 240 مقاولة صغيرة، وتكوين أو إدماج 977 شابًا، إضافة إلى تنفيذ 31 مشروعًا في مجال الاقتصاد التضامني والاجتماعي. برنامج دعم الرأسمال البشري للأجيال الصاعدة: عرف تنفيذ 25 مشروعًا لفائدة 202.825 مستفيدًا، بكلفة فاقت 17.6 مليون درهم، غطت مجالات صحة الأم والطفل، دعم التمدرس، والتفتح المدرسي. فلسفة المبادرة: تنمية تتجاوز منطق الأرقام في ختام هذا اليوم الاحتفالي، أجمع المتدخلون على أن المبادرة الوطنية ليست فقط حصيلة مشاريع وأرقام، بل رؤية تنموية متكاملة تعيد صياغة علاقة الدولة بالمواطن على أساس المشاركة، وتستند إلى منهجية قائمة على الالتقائية والفعالية والاستدامة. كما شكّلت المناسبة دعوة لجميع الشركاء، من سلطات ومنتخبين ومجتمع مدني، إلى مواصلة الانخراط في هذا الورش الوطني من أجل بناء مستقبل تنموي أكثر عدلاً وإنصافًا، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.