logo
الكاكاو في قبضة الأزمة: حلاوة الطعم لا تمحو مرارة الأسعار

الكاكاو في قبضة الأزمة: حلاوة الطعم لا تمحو مرارة الأسعار

Independent عربيةمنذ 10 ساعات
في أسواق العالم، حيث تصطف قوالب الشوكولاتة اللامعة على الرفوف كقطع من السعادة المغلفة، يختبئ خلف كل لوح قصة أزمة عالمية، فالكاكاو، القلب النابض لهذه الحلوى الساحرة، يمر بمرحلة جفاف في الإمدادات، تاركاً أسعار الشوكولاتة ترتفع كفقاعات لا تهدأ.
في شتاء 2024، كان العالم يعيش على وقع "حمى الذهب البني"، إذ قفزت أسعار الكاكاو إلى عنان السماء، مسجّلةً رقماً تاريخياً بلغ 12931 دولاراً للطن، وكأن حبوبه الصغيرة قد تحوّلت فجأة إلى مجوهرات بنية اللون.
في أسواق نيويورك ولندن، كان التجار يتنفسون ببطء، وكل حركة في الرسم البياني كانت تثير العرق على الجباه، ومع شروق شمس 2025، تلاشت تلك النشوة، وافتتحت العقود الفورية في أبريل (نيسان) الماضي عند 8118 دولاراً، هبوطاً حاداً أشبه بصفعة أيقظت السوق من حلمه.
الأمطار تحكم الأسعار
حتى حين حاولت الأسعار التقاط أنفاسها في مايو (أيار) متجاوزة حاجز الـ10 آلاف دولار، لم يطل الأمر، وسرعان ما انحدرت في يوليو (تموز) الماضي إلى 8376 دولاراً.
السبب أن غرب أفريقيا– مهد الكاكاو– بدأ يتعافى، فالأمطار جاءت في موعدها، والأشجار استردت بعض عافيتها، لكن وراء هذا التحسن، بقيت جروح قديمة مفتوحة: مزارع هرِمة، وأمراض متربصة، واستثمارات مؤجلة.
توقعات الخبراء تباينت مثل مذاقات الشوكولاتة نفسها، فالبنك الدولي رأى أن الأسعار قد تعود للارتفاع 9 في المئة هذا العام، قبل أن تتراجع في 2026 مع وفرة الإنتاج، فيما تبنّت مؤسسة "آي أن جي" نغمة أكثر حذراً: السوق متقلب، وقد تهبط أكثر إذا استقر الحصاد.
كيف تحوّل الكاكاو خلال عام؟
اللافت أن الكاكاو تحوّل خلال عام واحد من بطل السلع في 2024 إلى أحد أسوأ المؤدين في 2025، فالفائض العالمي عاد، ولو بخجل، لكن المخزونات ما زالت عند مستويات تاريخية متدنية.
وفي مكاتب التداول، تقلصت مراكز الشراء بنصفها منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، وفي مزارع كوت ديفوار وغانا، يراقب المزارعون السماء أكثر مما يراقبون الأسواق، فالمطر هو الحكم الأخير، والحرارة المرتفعة قد تحرق القرون الصغيرة للكاكاو قبل أن ترى موسم الحصاد.
في المقابل، تتأهب شركات الشوكولاتة الكبرى للمواسم الذهبية للطلب مثل عيد الفصح، وعيد الحب، وعيد الميلاد، إذ تتكدس الطلبات وتنتعش الأسعار موقتاً.
لكن اللعبة لا يحكمها الطقس وحده، فالدولار الأميركي القوي يجعل الكاكاو أغلى للمشترين الأجانب وأربح للمصدرين، والسياسات التجارية قد تقلب الطاولة، فمجرد شائعة عن تعريفة أميركية على الكاكاو الإيفواري كفيلة بارتجاف السوق، بينما أي انفراج تجاري قد يهدّئ العاصفة.
كم سيرتفع سعر الكاكاو؟
وفي ظل هذه الأمواج المتلاطمة من الطقس والسياسة والعملات، يحاول المحللون استشراف المستقبل، بعضهم مثل Wallet Investor يتنبأ برحلة صعود جديدة، حتى 17900 دولار للطن بحلول 2030، وآخرون يرون أن الحبة البنية ستظل رهينة المزاج العالمي، تتأرجح بين رفاهية الأغنياء ومتعة الفقراء.
حتى وإن كانت أسعار الكاكاو الخام قد انخفضت قليلاً، فإن الشوكولاتة التي تلمع أمام الأعين في المتاجر لا تعرف طريق الانخفاض بعد، والسبب أن شركات الشوكولاتة الكبيرة أمنت حاجاتها من الكاكاو قبل نحو عام بأسعار مرتفعة، كمن اشترى بذوراً في موسم جفاف.
لكن على المدى الطويل، هناك بصيص أمل يلوح من بعيد، فشركات مثل "مونديليز"، التي تقف خلف علامة "كادبوري" الشهيرة، تؤمن بأن أسعار الكاكاو ستنحني في نهاية المطاف نحو الانخفاض، لتعود الشوكولاتة مجدداً في متناول اليد وربما القلب أيضاً.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن الأرقام لا تخطئ، فطحن الكاكاو، المقياس الصامت لشهية العالم نحو الشوكولاتة، انخفض في الربع الثاني من عام 2025 بنسبة 7.2 في المئة في أوروبا، و16 في المئة في آسيا، و2.8 في المئة في أميركا الشمالية، بحسب مذكرة حديثة لـ"جيه بي مورغان".
"السماء قد تخبئ مفاجآت"
ترى المتخصصة في استراتيجيات السلع لدى "جيه بي مورغان"، تريسي ألين، أن الجرح بدأ العام الماضي، حين قفزت الأسعار إلى مستويات تاريخية، لتصطدم المصانع بجدار كلفة مرتفع وتوافر محدود للحبوب.
ومع أن النصف الثاني من 2025 لا يعد بانتعاش سريع، إلا أن السماء قد تخبئ مفاجآت، فأي أمطار غزيرة في غرب أفريقيا قد تعيد الحياة إلى أشجار الكاكاو، وتحمل معها محصولاً أكبر في موسم 2025-2026، وربما أسعاراً أخف وطأة.
لكن الحذر سيد الموقف، فالتحسن يعتمد على الطقس، والطقس يعرف كيف يغيّر مزاجه في لحظة، وحتى مع التوقعات بزيادة الإنتاج في الإكوادور واستمرار التعافي في غرب أفريقيا، تبقى "جيه بي مورغان" ثابتة على تقديرها: 6000 دولار للطن في المدى المتوسط، حتى تستعيد السوق توازنها.
أما المستهلكون، فوجدوا في انخفاض الأسعار الأخير فرصة لالتقاط أنفاسهم عبر عقود آجلة أرخص، بينما يواصل المنتجون تسعير محاصيلهم الجديدة.
في المقابل، الشوكولاتة على أرفف المتاجر تزداد بريقاً… وسعراً. العلامات التجارية الفاخرة تواصل التمدد، بينما يلجأ كثيرون إلى العلامات الأرخص، تاركين وراءهم رفوفاً كانت يوماً موطنهم المفضل، ومع توقع ارتفاع أسعار الشوكولاتة حتى 10 في المئة هذا العام، يخشى البعض أن يتحول مذاقها من حلوٍ يبهج القلب إلى مرارة تذكرنا أن وراء كل قطعة حلوة، معركة اقتصادية تدور في الخفاء، ليبقى السؤال معلّقاً: هل ستظل الشوكولاتة حلوة كما عرفناها، أم أن طعمها سيحمل يوماً ما مرارة الأسعار؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الخطوط السعودية تقترب من توفير إنترنت ستارلينك على متن طائراتها
الخطوط السعودية تقترب من توفير إنترنت ستارلينك على متن طائراتها

صدى الالكترونية

timeمنذ 6 دقائق

  • صدى الالكترونية

الخطوط السعودية تقترب من توفير إنترنت ستارلينك على متن طائراتها

دخلت الخطوط الجوية السعودية في مرحلة متقدمة من المفاوضات مع شركة 'سبيس إكس' لاعتماد خدمة الإنترنت الفضائي عالي السرعة 'ستارلينك' على أسطولها، الذي يضم أكثر من 140 طائرة، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرغ. ووفقًا لـ 'بلومبيرغ'، لم تحسم الصفقة بعد، إذ لا يزال أمام الشركة الوطنية خيار التوجه إلى مزودين آخرين حال تعثر المفاوضات، في وقت وقعت فيه شركة طيران الرياض اتفاقًا مع مزود الخدمة 'فياسات'. ومن المتوقع أن تمنح هذه الخطوة 'ستارلينك' حضورًا أوسع في الشرق الأوسط، ومنافسة أكبر لشركات قائمة في سوق الإنترنت الجوي، فيما تطور مجموعة نيو للفضاء المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة خدمة محلية مماثلة للاتصال عبر الأقمار الصناعية. وتسوق 'سبيس إكس' خدمتها لشركات الطيران عبر نموذج اشتراك، مع تكلفة أولية للأجهزة تتراوح بين 300 و500 ألف دولار للطائرة، إضافة إلى رسوم شهرية لكل مقعد. كما تسمح المملكة حاليًا باستخدام الخدمة في الطيران والقطاع البحري، بينما لا تزال بعض الدول المجاورة، مثل الإمارات، تفرض قيودًا على تشغيلها.

أرامكو السعودية توقع صفقة بقيمة 11 مليار دولار في مشاريع معالجة ونقل الغاز بالجافورة
أرامكو السعودية توقع صفقة بقيمة 11 مليار دولار في مشاريع معالجة ونقل الغاز بالجافورة

الوئام

timeمنذ 6 دقائق

  • الوئام

أرامكو السعودية توقع صفقة بقيمة 11 مليار دولار في مشاريع معالجة ونقل الغاز بالجافورة

وقعت أرامكو السعودية صفقة استئجار وإعادة تأجير بقيمة 11 مليار دولار مع ائتلاف دولي بقيادة صناديق 'جلوبال إنفراستركتشر بارتنرز' التابعة لشركة بلاك روك، تشمل مرافق معالجة الغاز في حقل الجافورة. ويعد الجافورة أكبر مشروع لتطوير الغاز غير المصاحب في المملكة، ويقدر حجم الاحتياطي فيه بنحو 229 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الخام، و75 مليار برميل من المكثفات. وتأتي الصفقة ضمن خطة أرامكو لزيادة الطاقة الإنتاجية للغاز بنسبة 60% بين عامي 2021 و2030 لتلبية الطلب المتنامي. وبموجب الصفقة، ستستأجر شركة الجافورة لنقل ومعالجة الغاز (جي إم جي سي) حقوق التطوير والتشغيل لمعمل الغاز ومرفق رياس لتجزئة سوائل الغاز الطبيعي، قبل إعادة تأجيرها إلى أرامكو لمدة 20 عامًا، مع حصول 'جي إم جي سي' على تعرفة مقابل معالجة الغاز المستخرج من الجافورة. وستحتفظ أرامكو بحصة أغلبية 51% في الشركة، بينما يمتلك المستثمرون بقيادة 'جي آي بي' نسبة 49% المتبقية. وأوضح المهندس أمين بن حسن الناصر، رئيس أرامكو وكبير إدارييها التنفيذيين، أن الصفقة تعزز برنامج التوسع في مجال الغاز غير التقليدي، وتبرز جاذبية أرامكو للاستثمار الأجنبي طويل المدى، مؤكدًا أن الجافورة ستلعب دورًا رئيسًا في دعم قطاع البتروكيميائيات ومراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في المملكة. من جانبه، قال بايو أوجونليسي، رئيس مجلس إدارة 'جلوبال إنفراستركتشر بارتنرز': 'يسعدنا تعزيز شراكتنا مع أرامكو من خلال الاستثمار في البنية التحتية للغاز الطبيعي في المملكة، بما يخدم أمن الطاقة العالمي ويتيح الوقود النظيف بأسعار مناسبة للمستهلكين'. الصفقة أثارت اهتمامًا واسعًا بين المستثمرين الدوليين، وتشكل خطوة مهمة لتعظيم قيمة أصول أرامكو ودعم خطط تطوير حقل الجافورة في المراحل المقبلة.

صحيفة أمريكية: الأمم المتحدة ساعدت الحوثيين بتحويل سفينة إنقاذ بيئي إلى محطة لتهريب الوقود
صحيفة أمريكية: الأمم المتحدة ساعدت الحوثيين بتحويل سفينة إنقاذ بيئي إلى محطة لتهريب الوقود

الأمناء

timeمنذ 19 دقائق

  • الأمناء

صحيفة أمريكية: الأمم المتحدة ساعدت الحوثيين بتحويل سفينة إنقاذ بيئي إلى محطة لتهريب الوقود

قالت صحيفة وول ستريت جورنال، إن الأمم المتحدة ساعدت مليشيا الحوثي الإرهابية، من خلال تمكينها من استخدام ناقلة نفط عملاقة اشترتها بمبلغ 55 مليون دولار حولتها المليشيا إلى محطة لتهريب الوقود. وذكرت الصحيفة، في تقرير حديث، أن المنظمة الدولية اشترت الناقلة التي سميت لاحقاً 'يمن' عام 2023 بتمويل من حكومات وشركات مانحة، بهدف تفريغ شحنة النفط من السفينة المتهالكة 'صافر' الراسية قبالة سواحل البحر الأحمر، والتي كانت مهددة بالتسرب والتسبب بكارثة بيئية هائلة قد تكلف نحو 20 مليار دولار. وبحسب الصحيفة، كان من المفترض أن يتم تشغيل الناقلة الجديدة من قبل شركة النفط اليمنية الحكومية تحت إشراف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلا أن الواقع أظهر أن السفينة باتت تعمل كمحطة وقود عائمة لصالح الحوثيين. وأضاف التقرير أن الأمم المتحدة نقلت ملكية السفينة على الورق إلى الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، لكن السيطرة الفعلية عليها باتت في أيدي الحوثيين، ما حول مشروع الإنقاذ البيئي إلى أداة لدعم اقتصاد المليشيا وتمويل أنشطتها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store