أحدث الأخبار مع #فالبنكالدولي


شبكة أنباء شفا
منذ 12 ساعات
- أعمال
- شبكة أنباء شفا
كارثة الأقتصاد الفلسطيني ، من الأنهيار المالي إلى الأنكشاف السياسي ، بقلم : مروان إميل طوباسي
كارثة الأقتصاد الفلسطيني ، من الأنهيار المالي إلى الأنكشاف السياسي ، بقلم : مروان إميل طوباسي لم يعد الأقتصاد الفلسطيني يقف على حافة الهاوية كما كنا نعتقد ، بل تجاوزها فعليا، وسقط في هاوية الانهيار البنيوي العميق ، وفق ما أكده تقرير البنك الدولي الصادر قبل أيام من هذا الشهر حزيران ٢٠٢٥ . التقرير ، الذي تجاوز في مضمونه التوصيف التقني المعتاد ، قدم تشخيصا حادا ومباشرا لحالة الانكشاف السياسي والاقتصادي التي تعصف بالسلطة الوطنية الفلسطينية ، محذرا من انهيار منظومة كاملة ، وليس مجرد أزمة عابرة في إدارة المال العام . فقد ارتفعت نسبة الدين العام إلى ٨٦ ٪ من الناتج المحلي في نهاية ٢٠٢٤ ، مع توقّعات بتجاوز ٩٦ ٪ في غضون عامين . غير أن ما هو أخطر من الرقم ذاته ، هو أن أكثر من نصف هذا الدين عبارة عن متأخرات تراكمية ، تشمل رواتب غير مكتملة لموظفين السلطة الوطنية ، مستحقات للمستشفيات وشركات الادوية وغيرها ، والتزامات غير مدفوعة لصندوق هيئة التقاعد والقطاع الخاص والتي بلغت بحدود ٦ مليارات دولار بمجموعها وفق ما اشار اليه تقرير البنك الدولي المذكور . هذا الانكشاف لا يعني فقط خللاً في السيولة ، بل يعكس فشلا هيكليا في نموذج اقتصادي سياسي يقوم على إدارة الأزمات بالترحيل والاقتراض ، لا على التخطيط والسيادة الوطنية غير المتاحة بحكم استمرار الأحتلال والتنكر لكافة الاتفاقيات من جانبه . لقد تحولت السلطة الوطنية ، التي نشأت في ظل معادلة سياسية مختلة وبحكم سياسة الأحتلال على تقويض مكانتها ودورها ، إلى كيان مستنزف ، يستدين من البنوك المحلية لسداد الرواتب ، ويكدس الديون على حساب المواطن والمستقبل القادم ، مهددا استقرار النظام المصرفي برمته . وفي مقابل ذلك ، لا تملك السلطة الوطنية أدوات فعل حقيقية ، لا على مستوى السياسات الاقتصادية ، ولا على مستوى القرار السياسي ، في ظل الأحتلال وتصاعد جرائم سياساته واجراءاته ، والأنقسام ، والتبعية ، وغياب الشرعية الشعبية الأنتخابية بعد تعثر أجرائها لأسباب عدة منذ عقدين من الزمن . ومن المهم أن نُشير هنا إلى أن تقرير البنك الدولي نفسه والذي لم يأتي صدفة في هذا الظرف ، رغم ما يحتويه من أرقام مهمة ، لا يخلو من بعد سياسي غير بريء . فالبنك الدولي ، كما هو معروف ليس جهة محايدة بالكامل ، بل يمثل أداة في المنظومة الاقتصادية والسياسية العالمية التي تقودها الولايات المتحدة بالهيمنة . وهو ، بهذا المعنى يعكس أحيانا أولويات الإدارة الأمريكية في استمرار قهر الشعوب أكثر من كونه صوتا نزيها لمعاناة الشعوب . وهنا لا يمكن فصل توقيت نشر التقرير ومحتواه الصادم عن مسعى أمريكي متواصل للضغط على السلطة الوطنية من أجل إعادة إنتاج نفسها بما يتماشى مع متطلبات رؤية 'سلطة متجددة' خاضعة لشروط المرحلة ، ومتفقة مع أولويات واشنطن السياسية والأمنية في الإقليم ، لا مع أجندة التحرر الوطني . إلى جانب ذلك ، لا تقتصر الضغوط الاقتصادية على الحصار وقرصنة أموال المقاصة فحسب ، بل تتعمق في الإجراءات الإسرائيلية المتواصلة ضد النظام المالي الفلسطيني . فنتيجة لتبعية البنوك الفلسطينية لمنظومة البنوك الإسرائيلية ، وتحديدا بسبب سياسات وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش ، يشهد النظام المصرفي الفلسطيني أزمة خطيرة تتمثل في تكدس عملة الشيقل الإسرائيلي في البنوك الفلسطينية، ورفض الجانب الإسرائيلي السماح بتحويلها أو استبدالها وفق الآليات السابقة ، مما يؤدي إلى خنق السيولة وشلّ الحركة المالية ، ويهدد استقرار الجهاز المصرفي وحركة الأقتصاد الفلسطيني بمجمله . وبدلاً من مواجهة هذه التحديات بخطاب سياسي ومجتمعي موحد وجامع مقاوم ، تتجه الحكومة الفلسطينية نحو قرارات تكرس انفصالها عن الواقع الأجتماعي والاقتصادي وزيادة العبئ على الناس ، كما ظهر مؤخراً في قراراتها الرامية إلى تقليص التعامل النقدي وفرض الدفع من خلال بطاقات الإعتماد البنكي في ظل ارتفاع هاىل بالاسعار وغير مبرر في جوانب منه . ورغم أن مثل هذه التوجهات قد تكون مبررة ضمن إطار السياسات النقدية التي تشرف عليها سلطة النقد ، إلا أنها في حالتنا الفلسطينية القائمة ، تكشف عن خلل بنيوي عميق . فالملايين من ابناء شعبنا الفلسطيني ، خصوصا في المناطق المهمّشة والفقيرة ، لا يمتلكون بطاقات إعتماد بنكية ، ولا حسابات مصرفية بل ولا قدرة حقيقية على الأندماج في نظام مالي رسمي هش أصلاً ، ما يجعل هذه السياسات حكراً على طبقات محددة ويعزل قطاعات واسعة من المواطنين عن أبسط أشكال المشاركة الاقتصادية . هنا تتجلى إحدى مظاهر أزمة النظام السياسي الفلسطيني نفسه ، حيث تُتخذ قرارات مصيرية بمعزل عن احتياجات الناس وهمومها في بعض الاحيان لا تساعد في شعارات الصمود والبقاء ، وتُفرض أدوات تكنوقراطية في سياق لا يملك أدنى مقومات السيادة الوطنية على الأرض وفق وصف ما جعلها سلطة بدون سلطة الذي اشار له الأخ الرئيس في وقت سابق . إن التدهور المالي ليس سوى نتيجة من نتائج تغييب مسار سياسي أشمل طال أمده في غياب دور دولي فاعل للمجتمع الدولي لإنهاء الأحتلال وتنفيذ حل الدولتين وفق ما هو مفترض من اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة التي يرسلها الأحتلال ولا تريدها الإدارة الامريكية فعلا ، وهو ما تكرسَ اكثر في غياب المحاسبة والشفافية وفصل السلطات ، واستمرار الأنقسام الذي سببه الأنقلاب وتداعياته على مدار السنوات الماضية وأستبدال المشروع الوطني بشبكة مصالح تحكمها الأعتبارات الأمنية والمالية والولاءات الداخلية أو نتيجة نشؤ مراكز نفوذ ووجود مخططات الفصل بين الضفة وغزة ، وفصل شعبنا عن رؤية التحرر الوطني واستحقاقاتها . حرب الإبادة والتطهير العرقي والتهويد وسياسة توسيع الأستيطان والضم الإسرائيلية الأخيرة المدعومة أمريكياً بالكامل وسط صمت دولي على الإبادة في غزة والتطهير العرقي في الضفة والقدس لم تكن بداية الانهيار ، بل كانت الانفجار المدوي لأزمة متراكمة سببها عقلية الفكر الصهيوني الإستعماري . فالاقتصاد في غزة انكمش بنسبة ٨٣ ٪ ، وفي الضفة الى ١٧ ٪، مع بطالة بلغت ٨٠ ٪ في غزة و ٣٣ ٪ في الضفة ، وتدهور شامل في مؤشرات الإنتاج والاستهلاك والاستثمار . ومع ذلك ، لا تزال الخطابات الرسمية تتحدث بلغة إدارة الأزمة لا مواجهتها ، وكأننا نعيش أزمة مؤقتة قابلة للترميم لا انهياراً بنيويا شاملاً يحتاج الى رؤية شاملة ومتكاملة سياسيا واقتصاديا . توصيات البنك الدولي بشأن 'الإصلاحات' تبدو تقنية في ظاهرها ، لكنها تتجاهل البيئة السياسية التي يسببها أستمرار الأحتلال الاستيطاني ومخططاته والتي تجعل من تلك التوصيات غير قابلة للتطبيق أو حتى للأعتبار . فكيف يمكن إصلاح اقتصاد بلا سيادة ؟ كيف نضبط موازنة تحت الأحتلال واجراءاته المتصاعدة يوميا ؟ وكيف نقوم بإصلاحات جذرية في ظل انقسام سياسي واليوم في ظل جرائم حرب متصاعدة جعلت من غزة مكانا لا يصلح للعيش بل الى التهجير كما ومعظم مخيمات الضفة وفي ظل تزايد إرهاب المستوطنين على القرى ، وعدم سيطرة السلطة الوطنية على المعابر والحدود بقرار اسرائيلي ، اضافة الى حالة الشلل المؤسساتي ، وغياب ثقة شعبية حقيقية؟ الحقيقة أن ما نحتاجه اليوم يتجاوز الحلول المالية . نحن أمام أزمة نموذج ، وفشل مشروع ، وعجز بنيوي يتطلب إعادة التفكير في العلاقة بين السلطة الوطنية التي كان يفترض تحولها الى الدولة دون ان يتحقق ذلك ، والشعب والاقتصاد واعادة تعريف لدور السلطة الوطنية في اطار العلاقة مع منظمة التحرير كمرجعية لها والتي هي نفسها تحتاج الى الارتقاء بدورها وإصلاح مؤسساتها باليات ديمقراطية . لم يعد ممكنا للسلطة الاستمرار في لعب دور 'رب العمل' الذي يدفع الرواتب كنموذج ريعي يعتمد أيضا على المساعدات الدولية التي غابت أو تراجعت وفق التقرير من ٢٧ ٪ من الناتج المحلي عام ٢٠٠٨ الى فقط ٢ ٪ عام ٢٠٢٤ ، بينما يعجز عن حماية الحد الأدنى من الحقوق أو تحفيز التنمية او حماية شعبنا . نحن بحاجة إلى سياسات وطنية تعيد الأعتبار لمفهوم المقاومة السياسية للدولة تحت الأحتلال ، لا كإدارة محلية ، بل كأداة تحررية ذات مشروع اقتصادي مقاوم . وهذا لا يتحقق دون تغيير جوهري في الأولويات الوطنية . يجب إعادة توجيه الموازنة العامة لصالح الصحة والتعليم، والبنية التحتية والصناعة ، لا لصالح امتيازات معينة او تشجيع المظاهر الاستهلاكية دون انتاج . يجب بناء نظام ضريبي عادل يُحمل كبار الدخل وأصحاب الامتيازات مسؤوليتهم ويُعيد توزيع الثروة بطريقة منصفة . ويجب الكف عن إغراق السوق بالأستيراد العشوائي من الأحتلال ، والبدء باستراتيجية انفكاك حقيقية عن الاقتصاد الإسرائيلي ، مهما كانت كلفتها المؤقتة ، او حتى تقليل حجم الأستيراد من الخارج لبضائع لها بديل وطني او فقط تساهم في تضخيم السوق الاستهلاكي على حساب الإنتاجي . كل ذلك يجب أن يترافق مع تحفيز الإنتاج المحلي كما ذكرت ، وتشجيع المشاريع الصغيرة ، وتمكين المرأة والشباب ، وتطوير قطاعات الزراعة والصناعة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا والتصنيع المتميز . فالتحرر الاقتصادي ليس شعاراً بل سياسة . ولا يمكن أن يكون الاقتصاد مجرد وسيلة للبقاء في الحكم ، بل يجب أن يكون أداة للنضال ومجالاً لتعزيز الصمود و للتحرر الوطني الديمقراطي ، ومنصة لبناء مستقبل مختلف بإنهاء الأحتلال أولاً . في النهاية ، لا يمكن لأي خطة لتطويره الاداء وإصلاح النظام السياسي أن تنجح دون عقد اجتماعي اقتصادي جديد ، يتأسس على الثقة والعدالة والشفافية . العقد الذي نحتاجه ليس مع المانحين أو المؤسسات الدولية ، بل مع أبناء شعبنا . نريد اقتصادا يعيد الاعتبار للإنسان الفلسطيني ، ويجعل من التنمية مشروعا وطنيا ، لا مجرد إدارة أزمة متواصلة . نحن اليوم أمام لحظة الحقيقة ، إما أن نستمر في الأنهيار البطيء ، أو نمتلك الشجاعة لنُعيد بناء نموذج جديد يعيد ربط الاقتصاد بالتحرر الوطني لا بالخضوع ، عبر اعادة تعريف مشروعنا الوطني الوحدوي اعتمادا على القرار المستقل .


معا الاخبارية
منذ 15 ساعات
- أعمال
- معا الاخبارية
كارثة الأقتصاد الفلسطيني ، من الأنهيار المالي إلى الأنكشاف السياسي
لم يعد الأقتصاد الفلسطيني يقف على حافة الهاوية كما كنا نعتقد ، بل تجاوزها فعليا، وسقط في هاوية الانهيار البنيوي العميق ، وفق ما أكده تقرير البنك الدولي الصادر قبل أيام من هذا الشهر حزيران ٢٠٢٥ . التقرير ، الذي تجاوز في مضمونه التوصيف التقني المعتاد ، قدم تشخيصا حادا ومباشرا لحالة الانكشاف السياسي والاقتصادي التي تعصف بالسلطة الوطنية الفلسطينية ، محذرا من انهيار منظومة كاملة ، وليس مجرد أزمة عابرة في إدارة المال العام . فقد ارتفعت نسبة الدين العام إلى ٨٦ ٪ من الناتج المحلي في نهاية ٢٠٢٤ ، مع توقّعات بتجاوز ٩٦ ٪ في غضون عامين . غير أن ما هو أخطر من الرقم ذاته ، هو أن أكثر من نصف هذا الدين عبارة عن متأخرات تراكمية ، تشمل رواتب غير مكتملة لموظفين السلطة الوطنية ، مستحقات للمستشفيات وشركات الادوية وغيرها ، والتزامات غير مدفوعة لصندوق هيئة التقاعد والقطاع الخاص والتي بلغت بحدود ٦ مليارات دولار بمجموعها وفق ما اشار اليه تقرير البنك الدولي المذكور . هذا الانكشاف لا يعني فقط خللاً في السيولة ، بل يعكس فشلا هيكليا في نموذج اقتصادي سياسي يقوم على إدارة الأزمات بالترحيل والاقتراض ، لا على التخطيط والسيادة الوطنية غير المتاحة بحكم استمرار الأحتلال والتنكر لكافة الاتفاقيات من جانبه . لقد تحولت السلطة الوطنية ، التي نشأت في ظل معادلة سياسية مختلة وبحكم سياسة الأحتلال على تقويض مكانتها ودورها ، إلى كيان مستنزف ، يستدين من البنوك المحلية لسداد الرواتب ، ويكدس الديون على حساب المواطن والمستقبل القادم ، مهددا استقرار النظام المصرفي برمته . وفي مقابل ذلك ، لا تملك السلطة الوطنية أدوات فعل حقيقية ، لا على مستوى السياسات الاقتصادية ، ولا على مستوى القرار السياسي ، في ظل الأحتلال وتصاعد جرائم سياساته واجراءاته ، والأنقسام ، والتبعية ، وغياب الشرعية الشعبية الأنتخابية بعد تعثر أجرائها لأسباب عدة منذ عقدين من الزمن . ومن المهم أن نُشير هنا إلى أن تقرير البنك الدولي نفسه والذي لم يأتي صدفة في هذا الظرف ، رغم ما يحتويه من أرقام مهمة ، لا يخلو من بعد سياسي غير بريء . فالبنك الدولي ، كما هو معروف ليس جهة محايدة بالكامل ، بل يمثل أداة في المنظومة الاقتصادية والسياسية العالمية التي تقودها الولايات المتحدة بالهيمنة . وهو ، بهذا المعنى يعكس أحيانا أولويات الإدارة الأمريكية في استمرار قهر الشعوب أكثر من كونه صوتا نزيها لمعاناة الشعوب . وهنا لا يمكن فصل توقيت نشر التقرير ومحتواه الصادم عن مسعى أمريكي متواصل للضغط على السلطة الوطنية من أجل إعادة إنتاج نفسها بما يتماشى مع متطلبات رؤية "سلطة متجددة" خاضعة لشروط المرحلة ، ومتفقة مع أولويات واشنطن السياسية والأمنية في الإقليم ، لا مع أجندة التحرر الوطني . إلى جانب ذلك ، لا تقتصر الضغوط الاقتصادية على الحصار وقرصنة أموال المقاصة فحسب ، بل تتعمق في الإجراءات الإسرائيلية المتواصلة ضد النظام المالي الفلسطيني . فنتيجة لتبعية البنوك الفلسطينية لمنظومة البنوك الإسرائيلية ، وتحديدا بسبب سياسات وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش ، يشهد النظام المصرفي الفلسطيني أزمة خطيرة تتمثل في تكدس عملة الشيقل الإسرائيلي في البنوك الفلسطينية، ورفض الجانب الإسرائيلي السماح بتحويلها أو استبدالها وفق الآليات السابقة ، مما يؤدي إلى خنق السيولة وشلّ الحركة المالية ، ويهدد استقرار الجهاز المصرفي وحركة الأقتصاد الفلسطيني بمجمله . وبدلاً من مواجهة هذه التحديات بخطاب سياسي ومجتمعي موحد وجامع مقاوم ، تتجه الحكومة الفلسطينية نحو قرارات تكرس انفصالها عن الواقع الأجتماعي والاقتصادي وزيادة العبئ على الناس ، كما ظهر مؤخراً في قراراتها الرامية إلى تقليص التعامل النقدي وفرض الدفع من خلال بطاقات الإعتماد البنكي في ظل ارتفاع هاىل بالاسعار وغير مبرر في جوانب منه . ورغم أن مثل هذه التوجهات قد تكون مبررة ضمن إطار السياسات النقدية التي تشرف عليها سلطة النقد ، إلا أنها في حالتنا الفلسطينية القائمة ، تكشف عن خلل بنيوي عميق . فالملايين من ابناء شعبنا الفلسطيني ، خصوصا في المناطق المهمّشة والفقيرة ، لا يمتلكون بطاقات إعتماد بنكية ، ولا حسابات مصرفية بل ولا قدرة حقيقية على الأندماج في نظام مالي رسمي هش أصلاً ، ما يجعل هذه السياسات حكراً على طبقات محددة ويعزل قطاعات واسعة من المواطنين عن أبسط أشكال المشاركة الاقتصادية . هنا تتجلى إحدى مظاهر أزمة النظام السياسي الفلسطيني نفسه ، حيث تُتخذ قرارات مصيرية بمعزل عن احتياجات الناس وهمومها في بعض الاحيان لا تساعد في شعارات الصمود والبقاء ، وتُفرض أدوات تكنوقراطية في سياق لا يملك أدنى مقومات السيادة الوطنية على الأرض وفق وصف ما جعلها سلطة بدون سلطة الذي اشار له الأخ الرئيس في وقت سابق . إن التدهور المالي ليس سوى نتيجة من نتائج تغييب مسار سياسي أشمل طال أمده في غياب دور دولي فاعل للمجتمع الدولي لإنهاء الأحتلال وتنفيذ حل الدولتين وفق ما هو مفترض من اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة التي يرسلها الأحتلال ولا تريدها الإدارة الامريكية فعلا ، وهو ما تكرسَ اكثر في غياب المحاسبة والشفافية وفصل السلطات ، واستمرار الأنقسام الذي سببه الأنقلاب وتداعياته على مدار السنوات الماضية وأستبدال المشروع الوطني بشبكة مصالح تحكمها الأعتبارات الأمنية والمالية والولاءات الداخلية أو نتيجة نشؤ مراكز نفوذ ووجود مخططات الفصل بين الضفة وغزة ، وفصل شعبنا عن رؤية التحرر الوطني واستحقاقاتها . حرب الإبادة والتطهير العرقي والتهويد وسياسة توسيع الأستيطان والضم الإسرائيلية الأخيرة المدعومة أمريكياً بالكامل وسط صمت دولي على الإبادة في غزة والتطهير العرقي في الضفة والقدس لم تكن بداية الانهيار ، بل كانت الانفجار المدوي لأزمة متراكمة سببها عقلية الفكر الصهيوني الإستعماري . فالاقتصاد في غزة انكمش بنسبة ٨٣ ٪ ، وفي الضفة الى ١٧ ٪، مع بطالة بلغت ٨٠ ٪ في غزة و ٣٣ ٪ في الضفة ، وتدهور شامل في مؤشرات الإنتاج والاستهلاك والاستثمار . ومع ذلك ، لا تزال الخطابات الرسمية تتحدث بلغة إدارة الأزمة لا مواجهتها ، وكأننا نعيش أزمة مؤقتة قابلة للترميم لا انهياراً بنيويا شاملاً يحتاج الى رؤية شاملة ومتكاملة سياسيا واقتصاديا . توصيات البنك الدولي بشأن "الإصلاحات" تبدو تقنية في ظاهرها ، لكنها تتجاهل البيئة السياسية التي يسببها أستمرار الأحتلال الاستيطاني ومخططاته والتي تجعل من تلك التوصيات غير قابلة للتطبيق أو حتى للأعتبار . فكيف يمكن إصلاح اقتصاد بلا سيادة ؟ كيف نضبط موازنة تحت الأحتلال واجراءاته المتصاعدة يوميا ؟ وكيف نقوم بإصلاحات جذرية في ظل انقسام سياسي واليوم في ظل جرائم حرب متصاعدة جعلت من غزة مكانا لا يصلح للعيش بل الى التهجير كما ومعظم مخيمات الضفة وفي ظل تزايد إرهاب المستوطنين على القرى ، وعدم سيطرة السلطة الوطنية على المعابر والحدود بقرار اسرائيلي ، اضافة الى حالة الشلل المؤسساتي ، وغياب ثقة شعبية حقيقية؟ الحقيقة أن ما نحتاجه اليوم يتجاوز الحلول المالية . نحن أمام أزمة نموذج ، وفشل مشروع ، وعجز بنيوي يتطلب إعادة التفكير في العلاقة بين السلطة الوطنية التي كان يفترض تحولها الى الدولة دون ان يتحقق ذلك ، والشعب والاقتصاد واعادة تعريف لدور السلطة الوطنية في اطار العلاقة مع منظمة التحرير كمرجعية لها والتي هي نفسها تحتاج الى الارتقاء بدورها وإصلاح مؤسساتها باليات ديمقراطية . لم يعد ممكنا للسلطة الاستمرار في لعب دور "رب العمل" الذي يدفع الرواتب كنموذج ريعي يعتمد أيضا على المساعدات الدولية التي غابت أو تراجعت وفق التقرير من ٢٧ ٪ من الناتج المحلي عام ٢٠٠٨ الى فقط ٢ ٪ عام ٢٠٢٤ ، بينما يعجز عن حماية الحد الأدنى من الحقوق أو تحفيز التنمية او حماية شعبنا . نحن بحاجة إلى سياسات وطنية تعيد الأعتبار لمفهوم المقاومة السياسية للدولة تحت الأحتلال ، لا كإدارة محلية ، بل كأداة تحررية ذات مشروع اقتصادي مقاوم . وهذا لا يتحقق دون تغيير جوهري في الأولويات الوطنية . يجب إعادة توجيه الموازنة العامة لصالح الصحة والتعليم، والبنية التحتية والصناعة ، لا لصالح امتيازات معينة او تشجيع المظاهر الاستهلاكية دون انتاج . يجب بناء نظام ضريبي عادل يُحمل كبار الدخل وأصحاب الامتيازات مسؤوليتهم ويُعيد توزيع الثروة بطريقة منصفة . ويجب الكف عن إغراق السوق بالأستيراد العشوائي من الأحتلال ، والبدء باستراتيجية انفكاك حقيقية عن الاقتصاد الإسرائيلي ، مهما كانت كلفتها المؤقتة ، او حتى تقليل حجم الأستيراد من الخارج لبضائع لها بديل وطني او فقط تساهم في تضخيم السوق الاستهلاكي على حساب الإنتاجي . كل ذلك يجب أن يترافق مع تحفيز الإنتاج المحلي كما ذكرت ، وتشجيع المشاريع الصغيرة ، وتمكين المرأة والشباب ، وتطوير قطاعات الزراعة والصناعة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا والتصنيع المتميز . فالتحرر الاقتصادي ليس شعاراً بل سياسة . ولا يمكن أن يكون الاقتصاد مجرد وسيلة للبقاء في الحكم ، بل يجب أن يكون أداة للنضال ومجالاً لتعزيز الصمود و للتحرر الوطني الديمقراطي ، ومنصة لبناء مستقبل مختلف بإنهاء الأحتلال أولاً . في النهاية ، لا يمكن لأي خطة لتطويره الاداء وإصلاح النظام السياسي أن تنجح دون عقد اجتماعي اقتصادي جديد ، يتأسس على الثقة والعدالة والشفافية . العقد الذي نحتاجه ليس مع المانحين أو المؤسسات الدولية ، بل مع أبناء شعبنا . نريد اقتصادا يعيد الاعتبار للإنسان الفلسطيني ، ويجعل من التنمية مشروعا وطنيا ، لا مجرد إدارة أزمة متواصلة . نحن اليوم أمام لحظة الحقيقة ، إما أن نستمر في الأنهيار البطيء ، أو نمتلك الشجاعة لنُعيد بناء نموذج جديد يعيد ربط الاقتصاد بالتحرر الوطني لا بالخضوع ، عبر اعادة تعريف مشروعنا الوطني الوحدوي اعتمادا على القرار المستقل .


صراحة نيوز
٠٩-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- صراحة نيوز
الرواشدة: الاقتصاد السوري يحتاج إلى عملة جديدة
ترددت كثيرًا قبل أن أكتب عن اقتصاد إخوتنا الأشقاء في سوريا، لكنني لن أجامل، بل سأتحدث بشكل واقعي… بداية، لن أتحدث عن أرقام النمو الاقتصادي المنخفضة جدًا، ولا عن التضخم المرتفع جدًا، ولا عن البطالة والفقر اللذين يبلغان مستويات مرتفعة، فكلها أصبحت مسلّمات… حتى الانخفاض والتذبذب في سعر الليرة السورية ووجود السوق السوداء كلها أصبحت من المسلّمات. ولكنني اليوم أتحدث عن جانب مهم إذا أردنا للاقتصاد السوري أن يصمد: ما الذي يجب أن نفعله؟ برأيي، الحل يكمن في شقين أساسيين: وهو منفصل تمامًا عن أي خطط اقتصادية مستقبلية. فالبنك الدولي والمؤسسات الدولية تتحدث عن خطة إعمار لا تقل عن 250 مليار دولار (أي 15 ضعف موازنة الأردن السنوية)، وهذه كلفة هائلة وكبيرة لن تستطيع سوريا الحبيبة المباشرة بها وحدها، فهي تحتاج إلى دعم ومنح ومساعدات من جميع دول العالم، وهذا غير واضح حتى الآن. ويجب أن تشمل خطة إعادة الإعمار بناء وترميم البنية التحتية بشكل كامل. فعلى سبيل المثال، سوريا تحتاج إلى 7000 ميغاواط من الكهرباء، بينما المتوفر حاليًا 1200 ميغاواط فقط. كما تحتاج إلى توسيع شبكات المياه وصيانتها، واستثمارات في الاتصالات والطرق، بالإضافة إلى الأبنية المدرسية، الجامعات، المستشفيات، والمراكز الصحية وغيرها، وكأننا نتحدث عن إعادة بناء دولة كاملة. الثاني: برنامج اقتصادي واضح المعالم (الإصلاح الاقتصادي) ويقوم على شقين أساسيين: الشق الأول: الوضع المالي لسوريا يجب أن يشمل تصورًا كاملاً وإعادة هيكلة لكل مؤسسات الدولة، بما في ذلك عدد العاملين في القطاع العام، رواتبهم، وامتيازاتهم، على أن يتم رفع العقوبات المفروضة على سوريا بشكل كامل وليس جزئي. كما يجب تطوير النظام الضريبي من خلال قوانين عصرية، عادلة، ومحفزة للمواطنين والشركات، إضافة إلى قوانين تشجع الاستثمار المحلي والأجنبي، قائمة على ثبات القوانين والأنظمة. إلى جانب ذلك، لا بد من دراسة قطاع النفط بالكامل وتشغيله على أسس تجارية بحتة، وجذب شركات عالمية للاستثمار فيه. الشق الثاني: الوضع النقدي في سوريا وهو أمر معقد جدًا في ظل انخفاض الاحتياطيات الأجنبية في البنك المركزي السوري، حيث إن هذه الاحتياطيات هي الأساس لتثبيت العملة السورية ومنعها من الانخفاض أو التذبذب الحاد. فعلى سبيل المثال، نرى الليرة السورية تنخفض وترتفع، وأقول هنا إن الانخفاض قد يكون مبررًا أحيانًا، حيث يرتبط بعدم الاستقرار، وانخفاض الاحتياطيات، وحالة عدم اليقين، مثل عدم دفع رواتب القطاع العام لمدة شهرين أو تسريح العاملين في الجيش والأجهزة الأمنية لفترة مؤقتة. أما الارتفاع الذي نراه، فهو غير مبرر، لأنه لا يرتبط بخطط إصلاح اقتصادية. فهل يعقل أن يكون سعر صرف الليرة أمام الدولار 50 ليرة في عام 2011 مع بداية الثورة، ثم يصل الدولار إلى 40 ألف ليرة مع انهيار نظام الأسد، وقبل أيام فقط يصبح 15 ألف ليرة؟ وهنا أود أن أوضح أنه قبل عام 2012، كانت سوريا تطبع عملتها في النمسا، ومع فرض العقوبات من الولايات المتحدة وأوروبا، لجأت إلى طباعة عملتها في روسيا دون رقابة أو ضوابط، مما أدى إلى طباعة كميات ضخمة من الليرة السورية دون أي غطاء نقدي من العملة الأجنبية، وهذه مصيبة كبيرة. الحل: إلغاء الليرة السورية واستبدالها بعملة جديدة لذلك، أقترح أن يكون البرنامج الاقتصادي الجديد مبنيًا على إلغاء الليرة السورية بالكامل واستبدالها بعملة جديدة بسعر متوازن، قائم على وجود احتياطيات أجنبية كافية. وحتى يتحقق ذلك، لا بد من وجود دعم دولي وعربي لهذا التوجه. عملية التعافي ليست سهلة وليست مستحيلة تحتاج إلى مطبخ اقتصادي يمتلىء بالعقول


وطنا نيوز
٠٩-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- وطنا نيوز
الاقتصاد السوري يحتاج إلى عملة جديدة
بقلم امين عام حزب نماء د. محمد الرواشدة ترددت كثيرًا قبل أن أكتب عن اقتصاد إخوتنا الأشقاء في سوريا، لكنني لن أجامل، بل سأتحدث بشكل واقعي… بداية، لن أتحدث عن أرقام النمو الاقتصادي المنخفضة جدًا، ولا عن التضخم المرتفع جدًا، ولا عن البطالة والفقر اللذين يبلغان مستويات مرتفعة، فكلها أصبحت مسلّمات… حتى الانخفاض والتذبذب في سعر الليرة السورية ووجود السوق السوداء كلها أصبحت من المسلّمات. ولكنني اليوم أتحدث عن جانب مهم إذا أردنا للاقتصاد السوري أن يصمد: ما الذي يجب أن نفعله؟ برأيي، الحل يكمن في شقين أساسيين: الأول: إعادة الإعمار وهو منفصل تمامًا عن أي خطط اقتصادية مستقبلية. فالبنك الدولي والمؤسسات الدولية تتحدث عن خطة إعمار لا تقل عن 250 مليار دولار (أي 15 ضعف موازنة الأردن السنوية)، وهذه كلفة هائلة وكبيرة لن تستطيع سوريا الحبيبة المباشرة بها وحدها، فهي تحتاج إلى دعم ومنح ومساعدات من جميع دول العالم، وهذا غير واضح حتى الآن. ويجب أن تشمل خطة إعادة الإعمار بناء وترميم البنية التحتية بشكل كامل. فعلى سبيل المثال، سوريا تحتاج إلى 7000 ميغاواط من الكهرباء، بينما المتوفر حاليًا 1200 ميغاواط فقط. كما تحتاج إلى توسيع شبكات المياه وصيانتها، واستثمارات في الاتصالات والطرق، بالإضافة إلى الأبنية المدرسية، الجامعات، المستشفيات، والمراكز الصحية وغيرها، وكأننا نتحدث عن إعادة بناء دولة كاملة. الثاني: برنامج اقتصادي واضح المعالم (الإصلاح الاقتصادي) ويقوم على شقين أساسيين: الشق الأول: الوضع المالي لسوريا يجب أن يشمل تصورًا كاملاً وإعادة هيكلة لكل مؤسسات الدولة، بما في ذلك عدد العاملين في القطاع العام، رواتبهم، وامتيازاتهم، على أن يتم رفع العقوبات المفروضة على سوريا بشكل كامل وليس جزئي. كما يجب تطوير النظام الضريبي من خلال قوانين عصرية، عادلة، ومحفزة للمواطنين والشركات، إضافة إلى قوانين تشجع الاستثمار المحلي والأجنبي، قائمة على ثبات القوانين والأنظمة. إلى جانب ذلك، لا بد من دراسة قطاع النفط بالكامل وتشغيله على أسس تجارية بحتة، وجذب شركات عالمية للاستثمار فيه. الشق الثاني: الوضع النقدي في سوريا وهو أمر معقد جدًا في ظل انخفاض الاحتياطيات الأجنبية في البنك المركزي السوري، حيث إن هذه الاحتياطيات هي الأساس لتثبيت العملة السورية ومنعها من الانخفاض أو التذبذب الحاد. فعلى سبيل المثال، نرى الليرة السورية تنخفض وترتفع، وأقول هنا إن الانخفاض قد يكون مبررًا أحيانًا، حيث يرتبط بعدم الاستقرار، وانخفاض الاحتياطيات، وحالة عدم اليقين، مثل عدم دفع رواتب القطاع العام لمدة شهرين أو تسريح العاملين في الجيش والأجهزة الأمنية لفترة مؤقتة. أما الارتفاع الذي نراه، فهو غير مبرر، لأنه لا يرتبط بخطط إصلاح اقتصادية. فهل يعقل أن يكون سعر صرف الليرة أمام الدولار 50 ليرة في عام 2011 مع بداية الثورة، ثم يصل الدولار إلى 40 ألف ليرة مع انهيار نظام الأسد، وقبل أيام فقط يصبح 15 ألف ليرة؟ وهنا أود أن أوضح أنه قبل عام 2012، كانت سوريا تطبع عملتها في النمسا، ومع فرض العقوبات من الولايات المتحدة وأوروبا، لجأت إلى طباعة عملتها في روسيا دون رقابة أو ضوابط، مما أدى إلى طباعة كميات ضخمة من الليرة السورية دون أي غطاء نقدي من العملة الأجنبية، وهذه مصيبة كبيرة. الحل: إلغاء الليرة السورية واستبدالها بعملة جديدة لذلك، أقترح أن يكون البرنامج الاقتصادي الجديد مبنيًا على إلغاء الليرة السورية بالكامل واستبدالها بعملة جديدة بسعر متوازن، قائم على وجود احتياطيات أجنبية كافية. وحتى يتحقق ذلك، لا بد من وجود دعم دولي وعربي لهذا التوجه. عملية التعافي ليست سهلة وليست مستحيلة تحتاج إلى مطبخ اقتصادي يمتلىء بالعقول


وزارة الإعلام
٢١-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- وزارة الإعلام
النهار: أولى المقاربات لإعادة الإعمار: أكثر من 14 مليار دولار عون وسلام يستعدان لطلب الدعم بسلاح 'الشفافية'.. وفد البنك الدولي شرح للجانب اللبناني في اجتماع السرايا الوسيلة الأنجع من أجل التوجه إلى المجتمع الدولي لطلب المساعدة، ونصح بضرورة تأسيس صندوق من أجل أموال إعادة الإعمار وأن يترافق ذلك مع إصلاحات تظهر الشفافية في استخدامها.
كتبت صحيفة 'النهار': وسط ترقّب حذر لمصير المساعي الديبلوماسية الكثيفة الجارية لحمل إسرائيل على الانسحاب من المواقع الخمسة الحدودية التي لا تزال تحتلها على الحدود اللبنانية- الاسرائيلية، شرعت الحكومة الجديدة قبل أيام من مثولها أمام مجلس النواب للحصول على ثقته يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، في أولى مقارباتها العملية والتنفيذية لملف إعادة إعمار المناطق اللبنانية التي دمرها اعصار الحرب الأخيرة. واكتسب الشروع في مقاربة هذا الملف الشائك أهمية كبيرة لجهة استباق الحكومة نيلها الثقة والبدء في إرساء أساسات الإنطلاق في عملية إعادة الإعمار ترجمة لتعهدات رئيسها نواف سلام منذ تكليفه وكذلك في مضمون البيان الوزاري بأن إعادة الإعمار هي التزام وليست وعداً. كما أن الحكومة لم تربط المسارعة إلى فتح ملف إعادة الإعمار بمسالة الجهود المبذولة لإنهاء الانسحاب الإسرائيلي من المواقع التي تحتلها في الجنوب على رغم وجود ارتباط وثيق بين استتباب الاستقرار والاطمئنان إلى انتفاء احتمالات التدهور الميداني مجدداً وإطلاق ورشة إعادة الإعمار. ومع ذلك فإن إنطلاق المقاربات الحكومية لا يقلل أبداً الصعوبات الكبيرة الماثلة أمام لبنان في حشد الدعم الدولي لعملية إعادة الإعمار من الدول العربية والخليجية والغربية، إذ أن الأمر سيشكل أبرز وأكبر تحديات العهد والحكومة وسيشكل المحور الأساسي للجولات الخارجية التي يتوقع أن يقوم بها رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام بعد نيل الحكومة الثقة. وفي هذا السياق ترأس الرئيس سلام أمس اجتماعاً في السرايا خُصص للاطلاع على مشروع تقرير مسح الأضرار الناجمة عن الحرب الإسرائيلية والخطة الأولية لتمويل مشاريع إعادة الإعمار، شارك فيه وزراء المال ياسين جابر، الطاقة والمياه جوزف الصدي، الاقتصاد والتجارة عامر البساط، الاتصالات شارل الحاج، الأشغال العامة والنقل فايز رسامني، البيئة تمارا الزين ووفد من البنك الدولي برئاسة المدير الإقليمي جان كريستوف كاريه. وأوضح وزير المال ياسين جابر أن الاجتماع كان مع رئيس مكتب لبنان وخبراء في البنك الدولي واللجنة الوزارية التي تبحث في موضوع الإعمار، 'فالبنك الدولي أعدّ دراسة أولية لمشروع إعادة الإعمار تتركز بشكل أساسي على البنى التحتية وإزالة الركام خصوصاً في الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع، وكلفة المشروع حوالى مليار دولار، والبنك الدولي سيقدم أولاً 250 مليون دولار، ولكن بمجرد إقرار هذا المبلغ من البنك من المؤكد أنه ستكون هناك مساهمات من دول أخرى، من أجل السير قدماً بالمشروع، فوجود البنك الدولي أساسي ومهم ويعطي صدقية للمشروع، والدراسة أوليّة تقدر الخسائر المباشرة لإعادة الإعمار والخسائر غير المباشرة أيضا'. أضاف: 'الأمر يحتاج إلى جهد حتى نستطيع تحضير أنفسنا بسرعة لإنجاح المشروع، الذي من الممكن أن يُعرض في أواخر آذار على مجلس إدارة البنك الدولي. في هذا الوقت يكون لبنان يعمل على تحضير مؤسساته لمواكبة هذا المشروع، ولإجراء التغييرات اللازمة كي يُعتبر الإعمار بالنسبة للقوانين اللبنانية حالة مستعجلة، ويجب التعامل معها بسرعة لأننا لا نستطيع تأخير المواطنين ، وموضوع إعادة إعمار البنى التحتية وإزالة الردم مهم جداً، لأن هناك قرى ومدن كثيرة في المناطق المتضررة تفتقر إلى السبل الأساسية للحياة'. ورداً على سؤال عن التقديرات الأولية لحجم الخسائر قال: 'الارقام ما زالت أولية، وبالطبع الخسائر تقدر بمليارات الدولارات'. وأفادت معلومات بأن وفد البنك الدولي شرح للجانب اللبناني في اجتماع السرايا الوسيلة الأنجع من أجل التوجه إلى المجتمع الدولي لطلب المساعدة في إعادة الإعمار، وتنصح هذه الوسيلة بضرورة تأسيس صندوق من أجل أموال إعادة الإعمار وأن يترافق ذلك مع إصلاحات تظهر الشفافية في استخدام هذه الأموال وعلى هذا الأساس يتوجه لبنان إلى المجتمع الدولي والدول المانحة. وأشارت مصادر وزارية إلى أن التقييمات الجديدة غير النهائية للبنك الدولي للأضرار والخسائر بلغت اكثر من 14 مليار دولار . 'الشفافية ' وبدا لافتاً أن رئيسي الجمهورية والحكومة ركزا في الساعات الأخيرة على مسالة الشفافية بما يعكس دلالات حاسمة لهذا الأمر حيال التوجه إلى الدول لمساعدة لبنان. فالرئيس عون شدّد خلال ترؤسه اجتماعًا للجنة الاستشارية الدستورية والقانونية على أن 'مهمتكم المساعدة في أداء المهام الدستورية والقانونية الملقاة على عاتق رئيس البلاد، وذلك استنادًا إلى المصلحة العامة، بهدف استكمال تطبيق الدستور ومعالجة ثغراته، انطلاقًا من خطاب القسم والبيان الوزاري'. ثم قال أمام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد إن 'الفساد بات، وللأسف، ثقافةً ولن يتوقّف إذا لم تكن هناك مُحاسبة. لا تتردّدوا في تطبيقِ القانون، وليكنِ الحكَم ضميركم وأخلاقكم، ولا تخضعوا للضغوط من أيّ جهةٍ أتَت. دوركم أساسيّ في المرحلة المُقبلة، والجميع يجب أن يكون تحت سقف القانون، بدءًا من رئيسِ الجمهورية'. وبدوره 'وتعزيزا للشفافية وبُغية مكافحة الفساد ومُلاحقة مرتكبيه والحفاظ على حُسن سير العمل ومنع هدر المال العام' اصدر رئيس مجلس الوزراء نواف سلام تعميماً إلى جميع المؤسسات العامة والمرافق التابعة للدولة طلب إليها إخضاع حساباتها لنظام تدقيق داخلي ومستقل من قبل مكتب تدقيق ومحاسبة معتمد، وذلك تطبيقاً للمادة /73/ من قانون الموازنة للعام 2001″ . الاستعدادات ليوم التشييع في غضون ذلك بدأت الأنظار ترصد الاستعدادات الجارية لإقامة تشييع كبير وحاشد للأمينين العامين الراحلين لـ'حزب الله' السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين الأحد المقبل في المدينة الرياضية في بيروت. وقد توّج المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أمس في بيان الدعوات إلى الاحتشاد في يوم التشييع، إذ دعا 'اللبنانيين عامة وأبناء الطائفة الشيعية خاصة، إلى أوسع مشاركة' في مراسم التشييع، واعتبر 'هذه المشاركة مناسبة تاريخية لتأكيد وحدة الموقف تجاه الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل لبنان، وتأكيداً جامعاً على إدانة العدوان الصهيوني وتمسكاً حازماً بالانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من الأراضي اللبنانية'. أما في الجانب السياسي الآخر، فكان لافتاً اصدار الحزب التقدمي الاشتراكي بياناً وجّه عبره 'التحية لأرواح الشهداء الذين قضوا على مدى التاريخ الطويل في المواجهة مع العدو الإسرائيلي، ودعا جميع اللبنانيين إلى لحظة وطنية في يوم تشييع الشهيد السيد حسن نصرالله والشهيد السيد هاشم صفي الدين، اللذين تشكل شهادتهما تكريساً لمسارهما في المقاومة فوق كل الاختلافات'. وشدّد على 'روح التضامن الوطني التي تجلت في مراحل العدوان الإسرائيلي على لبنان، وأن تتكرس أكثر في الخطاب والأداء السياسي في هذه المرحلة الجديدة التي تتطلب تكاتف وتعاون الجميع على قاعدة الشراكة والتفاهم لمنح لبنان واللبنانيين الفرصة التي يستحقون، وإعطاء الشهداء معنى إضافيًا لاستشهادهم'. وواصل 'حزب الله' استكمال التجهيزات اللوجستية في مدينة كميل شمعون الرياضية، حيث ستُقام مراسم التشييع، بدءاً من رفع صور نصرالله وصفي الدين الكبيرة على جدران المدينة الرياضية، باتجاه العاصمة بيروت، إضافة إلى وضع مئات الكراسي في الباحة الخارجية لتستوعب المشاركين. كما رفع المنظمّون الأعلام اللبنانية وأعلام 'حزب الله'، إضافة إلى صور لعدد من قادة الحزب العسكريين الذين تمّ اغتيالهم في الحرب الإسرائيلية على لبنان. ويقول 'حزب الله' إنه يترقب وصول الوفود المشاركة من خارج لبنان، من أكثر من 70 دولة، غالبيّتهم من دولتَي العراق وإيران. ورصدت عمليات استقدام لبنانيين وعراقيين عبر العراق خصوصاً. وكانت مصادر في قطاع النقل العراقي، أفادت بأنّ الرحلات الجوية بين بغداد وبيروت تكاد تكون محجوزة بالكامل هذا الأسبوع، مع زيادة عدد الرحلات اليومية إلى العاصمة اللبنانية قبل أيام من التشييع. ورجّح مسؤول عراقي أن يحضر مسؤولون بينهم نواب المراسم في بيروت بصفتهم الشخصية.