
كارثة الأقتصاد الفلسطيني ، من الأنهيار المالي إلى الأنكشاف السياسي
فقد ارتفعت نسبة الدين العام إلى ٨٦ ٪ من الناتج المحلي في نهاية ٢٠٢٤ ، مع توقّعات بتجاوز ٩٦ ٪ في غضون عامين . غير أن ما هو أخطر من الرقم ذاته ، هو أن أكثر من نصف هذا الدين عبارة عن متأخرات تراكمية ، تشمل رواتب غير مكتملة لموظفين السلطة الوطنية ، مستحقات للمستشفيات وشركات الادوية وغيرها ، والتزامات غير مدفوعة لصندوق هيئة التقاعد والقطاع الخاص والتي بلغت بحدود ٦ مليارات دولار بمجموعها وفق ما اشار اليه تقرير البنك الدولي المذكور . هذا الانكشاف لا يعني فقط خللاً في السيولة ، بل يعكس فشلا هيكليا في نموذج اقتصادي سياسي يقوم على إدارة الأزمات بالترحيل والاقتراض ، لا على التخطيط والسيادة الوطنية غير المتاحة بحكم استمرار الأحتلال والتنكر لكافة الاتفاقيات من جانبه .
لقد تحولت السلطة الوطنية ، التي نشأت في ظل معادلة سياسية مختلة وبحكم سياسة الأحتلال على تقويض مكانتها ودورها ، إلى كيان مستنزف ، يستدين من البنوك المحلية لسداد الرواتب ، ويكدس الديون على حساب المواطن والمستقبل القادم ، مهددا استقرار النظام المصرفي برمته . وفي مقابل ذلك ، لا تملك السلطة الوطنية أدوات فعل حقيقية ، لا على مستوى السياسات الاقتصادية ، ولا على مستوى القرار السياسي ، في ظل الأحتلال وتصاعد جرائم سياساته واجراءاته ، والأنقسام ، والتبعية ، وغياب الشرعية الشعبية الأنتخابية بعد تعثر أجرائها لأسباب عدة منذ عقدين من الزمن .
ومن المهم أن نُشير هنا إلى أن تقرير البنك الدولي نفسه والذي لم يأتي صدفة في هذا الظرف ، رغم ما يحتويه من أرقام مهمة ، لا يخلو من بعد سياسي غير بريء . فالبنك الدولي ، كما هو معروف ليس جهة محايدة بالكامل ، بل يمثل أداة في المنظومة الاقتصادية والسياسية العالمية التي تقودها الولايات المتحدة بالهيمنة . وهو ، بهذا المعنى يعكس أحيانا أولويات الإدارة الأمريكية في استمرار قهر الشعوب أكثر من كونه صوتا نزيها لمعاناة الشعوب . وهنا لا يمكن فصل توقيت نشر التقرير ومحتواه الصادم عن مسعى أمريكي متواصل للضغط على السلطة الوطنية من أجل إعادة إنتاج نفسها بما يتماشى مع متطلبات رؤية "سلطة متجددة" خاضعة لشروط المرحلة ، ومتفقة مع أولويات واشنطن السياسية والأمنية في الإقليم ، لا مع أجندة التحرر الوطني .
إلى جانب ذلك ، لا تقتصر الضغوط الاقتصادية على الحصار وقرصنة أموال المقاصة فحسب ، بل تتعمق في الإجراءات الإسرائيلية المتواصلة ضد النظام المالي الفلسطيني . فنتيجة لتبعية البنوك الفلسطينية لمنظومة البنوك الإسرائيلية ، وتحديدا بسبب سياسات وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش ، يشهد النظام المصرفي الفلسطيني أزمة خطيرة تتمثل في تكدس عملة الشيقل الإسرائيلي في البنوك الفلسطينية، ورفض الجانب الإسرائيلي السماح بتحويلها أو استبدالها وفق الآليات السابقة ، مما يؤدي إلى خنق السيولة وشلّ الحركة المالية ، ويهدد استقرار الجهاز المصرفي وحركة الأقتصاد الفلسطيني بمجمله .
وبدلاً من مواجهة هذه التحديات بخطاب سياسي ومجتمعي موحد وجامع مقاوم ، تتجه الحكومة الفلسطينية نحو قرارات تكرس انفصالها عن الواقع الأجتماعي والاقتصادي وزيادة العبئ على الناس ، كما ظهر مؤخراً في قراراتها الرامية إلى تقليص التعامل النقدي وفرض الدفع من خلال بطاقات الإعتماد البنكي في ظل ارتفاع هاىل بالاسعار وغير مبرر في جوانب منه . ورغم أن مثل هذه التوجهات قد تكون مبررة ضمن إطار السياسات النقدية التي تشرف عليها سلطة النقد ، إلا أنها في حالتنا الفلسطينية القائمة ، تكشف عن خلل بنيوي عميق . فالملايين من ابناء شعبنا الفلسطيني ، خصوصا في المناطق المهمّشة والفقيرة ، لا يمتلكون بطاقات إعتماد بنكية ، ولا حسابات مصرفية بل ولا قدرة حقيقية على الأندماج في نظام مالي رسمي هش أصلاً ، ما يجعل هذه السياسات حكراً على طبقات محددة ويعزل قطاعات واسعة من المواطنين عن أبسط أشكال المشاركة الاقتصادية .
هنا تتجلى إحدى مظاهر أزمة النظام السياسي الفلسطيني نفسه ، حيث تُتخذ قرارات مصيرية بمعزل عن احتياجات الناس وهمومها في بعض الاحيان لا تساعد في شعارات الصمود والبقاء ، وتُفرض أدوات تكنوقراطية في سياق لا يملك أدنى مقومات السيادة الوطنية على الأرض وفق وصف ما جعلها سلطة بدون سلطة الذي اشار له الأخ الرئيس في وقت سابق . إن التدهور المالي ليس سوى نتيجة من نتائج تغييب مسار سياسي أشمل طال أمده في غياب دور دولي فاعل للمجتمع الدولي لإنهاء الأحتلال وتنفيذ حل الدولتين وفق ما هو مفترض من اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة التي يرسلها الأحتلال ولا تريدها الإدارة الامريكية فعلا ، وهو ما تكرسَ اكثر في غياب المحاسبة والشفافية وفصل السلطات ، واستمرار الأنقسام الذي سببه الأنقلاب وتداعياته على مدار السنوات الماضية وأستبدال المشروع الوطني بشبكة مصالح تحكمها الأعتبارات الأمنية والمالية والولاءات الداخلية أو نتيجة نشؤ مراكز نفوذ ووجود مخططات الفصل بين الضفة وغزة ، وفصل شعبنا عن رؤية التحرر الوطني واستحقاقاتها .
حرب الإبادة والتطهير العرقي والتهويد وسياسة توسيع الأستيطان والضم الإسرائيلية الأخيرة المدعومة أمريكياً بالكامل وسط صمت دولي على الإبادة في غزة والتطهير العرقي في الضفة والقدس لم تكن بداية الانهيار ، بل كانت الانفجار المدوي لأزمة متراكمة سببها عقلية الفكر الصهيوني الإستعماري . فالاقتصاد في غزة انكمش بنسبة ٨٣ ٪ ، وفي الضفة الى ١٧ ٪، مع بطالة بلغت ٨٠ ٪ في غزة و ٣٣ ٪ في الضفة ، وتدهور شامل في مؤشرات الإنتاج والاستهلاك والاستثمار . ومع ذلك ، لا تزال الخطابات الرسمية تتحدث بلغة إدارة الأزمة لا مواجهتها ، وكأننا نعيش أزمة مؤقتة قابلة للترميم لا انهياراً بنيويا شاملاً يحتاج الى رؤية شاملة ومتكاملة سياسيا واقتصاديا .
توصيات البنك الدولي بشأن "الإصلاحات" تبدو تقنية في ظاهرها ، لكنها تتجاهل البيئة السياسية التي يسببها أستمرار الأحتلال الاستيطاني ومخططاته والتي تجعل من تلك التوصيات غير قابلة للتطبيق أو حتى للأعتبار . فكيف يمكن إصلاح اقتصاد بلا سيادة ؟ كيف نضبط موازنة تحت الأحتلال واجراءاته المتصاعدة يوميا ؟ وكيف نقوم بإصلاحات جذرية في ظل انقسام سياسي واليوم في ظل جرائم حرب متصاعدة جعلت من غزة مكانا لا يصلح للعيش بل الى التهجير كما ومعظم مخيمات الضفة وفي ظل تزايد إرهاب المستوطنين على القرى ، وعدم سيطرة السلطة الوطنية على المعابر والحدود بقرار اسرائيلي ، اضافة الى حالة الشلل المؤسساتي ، وغياب ثقة شعبية حقيقية؟
الحقيقة أن ما نحتاجه اليوم يتجاوز الحلول المالية . نحن أمام أزمة نموذج ، وفشل مشروع ، وعجز بنيوي يتطلب إعادة التفكير في العلاقة بين السلطة الوطنية التي كان يفترض تحولها الى الدولة دون ان يتحقق ذلك ، والشعب والاقتصاد واعادة تعريف لدور السلطة الوطنية في اطار العلاقة مع منظمة التحرير كمرجعية لها والتي هي نفسها تحتاج الى الارتقاء بدورها وإصلاح مؤسساتها باليات ديمقراطية . لم يعد ممكنا للسلطة الاستمرار في لعب دور "رب العمل" الذي يدفع الرواتب كنموذج ريعي يعتمد أيضا على المساعدات الدولية التي غابت أو تراجعت وفق التقرير من ٢٧ ٪ من الناتج المحلي عام ٢٠٠٨ الى فقط ٢ ٪ عام ٢٠٢٤ ، بينما يعجز عن حماية الحد الأدنى من الحقوق أو تحفيز التنمية او حماية شعبنا . نحن بحاجة إلى سياسات وطنية تعيد الأعتبار لمفهوم المقاومة السياسية للدولة تحت الأحتلال ، لا كإدارة محلية ، بل كأداة تحررية ذات مشروع اقتصادي مقاوم .
وهذا لا يتحقق دون تغيير جوهري في الأولويات الوطنية . يجب إعادة توجيه الموازنة العامة لصالح الصحة والتعليم، والبنية التحتية والصناعة ، لا لصالح امتيازات معينة او تشجيع المظاهر الاستهلاكية دون انتاج . يجب بناء نظام ضريبي عادل يُحمل كبار الدخل وأصحاب الامتيازات مسؤوليتهم ويُعيد توزيع الثروة بطريقة منصفة . ويجب الكف عن إغراق السوق بالأستيراد العشوائي من الأحتلال ، والبدء باستراتيجية انفكاك حقيقية عن الاقتصاد الإسرائيلي ، مهما كانت كلفتها المؤقتة ، او حتى تقليل حجم الأستيراد من الخارج لبضائع لها بديل وطني او فقط تساهم في تضخيم السوق الاستهلاكي على حساب الإنتاجي .
كل ذلك يجب أن يترافق مع تحفيز الإنتاج المحلي كما ذكرت ، وتشجيع المشاريع الصغيرة ، وتمكين المرأة والشباب ، وتطوير قطاعات الزراعة والصناعة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا والتصنيع المتميز . فالتحرر الاقتصادي ليس شعاراً بل سياسة . ولا يمكن أن يكون الاقتصاد مجرد وسيلة للبقاء في الحكم ، بل يجب أن يكون أداة للنضال ومجالاً لتعزيز الصمود و للتحرر الوطني الديمقراطي ، ومنصة لبناء مستقبل مختلف بإنهاء الأحتلال أولاً .
في النهاية ، لا يمكن لأي خطة لتطويره الاداء وإصلاح النظام السياسي أن تنجح دون عقد اجتماعي اقتصادي جديد ، يتأسس على الثقة والعدالة والشفافية . العقد الذي نحتاجه ليس مع المانحين أو المؤسسات الدولية ، بل مع أبناء شعبنا . نريد اقتصادا يعيد الاعتبار للإنسان الفلسطيني ، ويجعل من التنمية مشروعا وطنيا ، لا مجرد إدارة أزمة متواصلة .
نحن اليوم أمام لحظة الحقيقة ، إما أن نستمر في الأنهيار البطيء ، أو نمتلك الشجاعة لنُعيد بناء نموذج جديد يعيد ربط الاقتصاد بالتحرر الوطني لا بالخضوع ، عبر اعادة تعريف مشروعنا الوطني الوحدوي اعتمادا على القرار المستقل .

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الايام
منذ 34 دقائق
- جريدة الايام
القطار الملكي البريطاني يحال على التقاعد قريباً
لندن - أ ف ب: تتخلى العائلة المالكة البريطانية قريباً عن قطارها، على ما أعلن أمين خزانة الملك تشارلز الثالث، مساء أول من أمس، توخياً لخفض الإنفاق وتمهيداً لمشاريع تحديث، طاويةً بذلك صفحة أحد الرموز القديمة للملكية. وأعلن المسؤول عن النفقات الملكية جيمس تشالمرز في كلمة ألقاها عن الوضع المالي السنوي، أن عائلة الملك ستستخدم في تنقلاتها مستقبلاً مروحيتين، في حين سيُسحب القطار الملكي من الخدمة نظراً لارتفاع أكلافه. وأوضح أن القطار المكوّن من تسع عربات سيتوقف عن العمل اعتباراً من سنة 2026. وقال تشالمرز الذي يُعرف رسمياً بأمين المحفظة الخاصة: "تماماً كما حُدِّثَت أو كُيِّفَت جوانب عدة من عمل العائلة المالكة لتعكس عالم اليوم، حان الوقت أيضاً لتوديع القطار الملكي بحرارة، في وقت نسعى إلى الانضباط المالي ونتطلع إلى الأمام فيما يتعلق بدعمنا المالي". وكانت الملكة فيكتوريا (1837-1901) أول ملكة بريطانية استخدمت قطاراً مخصصاً لها. وفي عام 2020، استخدم الأمير وليام وزوجته كيت القطار الملكي في رحلة عبر المملكة المتحدة لشكر العاملين الذين أدوا دوراً أساسياً في مرحلة جائحة كوفيد-19، اجتازا خلالها مسافة نحو ألفَي كيلومتر. وكان من المقرر نقل نعش الملكة إليزابيث الثانية (1952-2022) من إسكتلندا إلى لندن بوساطة هذا القطار، ولكن صُرف النظر عن هذه الخطة في نهاية المطاف لأسباب أمنية. ووصف تشالمرز هذا الإجراء بأنه مثال على "الانضباط المالي" الذي تطبقه العائلة المالكة. وأثار تحقيق لوسيلة إعلام بريطانية العام الفائت غضباً في المملكة المتحدة؛ إذ كشف أن تشارلز الثالث ونجله الأكبر وليام يتلقيان أموالاً من هيئات عامة ويتمتعان بإعفاءات ضريبية. وحُددت العلاوة السيادية التي تُستخدم لتمويل واجبات الملك الرسمية وصيانة قصره، بمبلغ 86,3 مليون جنيه إسترليني (119 مليون دولار) للسنة الضريبية المنتهية في آذار 2025. ورُفِعَت العلاوة الجديدة إلى 132 مليون جنيه إسترليني (182 مليون دولار).


جريدة الايام
منذ ساعة واحدة
- جريدة الايام
قانون الإنفاق والرسوم الجمركية يهبطان بالدولار لأدنى مستوى في 4 سنوات
سنغافورة - رويترز: حام الدولار، أمس، قرب أدنى مستوى له مقابل اليورو منذ أيلول 2021، إذ أثار مشروع قانون الإنفاق، الذي أصدره الرئيس دونالد ترامب، مخاوف مالية بينما واصلت الضبابية بشأن اتفاقيات التجارة التأثير سلباً على ثقة المستثمرين. وبدأ المستثمرون يراهنون على وتيرة أسرع لتيسير السياسة النقدية في الولايات المتحدة هذا العام، قبيل صدور سلسلة من البيانات الاقتصادية خلال الأسبوع الجاري، أبرزها تقرير الوظائف في القطاعات غير الزراعية الذي سيصدر غداً. أدى ذلك إلى عمليات بيع للدولار ليستقر اليورو عند أعلى مستوى له في أربع سنوات تقريباً عند 1.1808 دولار. وأظهرت بيانات مجموعة بورصات لندن أن اليورو ارتفع 13.8% خلال الفترة من كانون الثاني إلى حزيران، ليسجل أقوى أداء له على الإطلاق في النصف الأول من العام. واستقر الجنيه الإسترليني عند 1.3739 دولار، وهو مستوى قريب من أعلى مستوى له في ثلاثة أعوام ونصف العام الذي لامسه الأسبوع الماضي، بينما ارتفع الين إلى 143.77 للدولار. وصعدت العملة اليابانية 9% في النصف الأول من العام، مسجلة أقوى أداء منذ 2016. وانخفض مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل ست عملات أخرى إلى 96.612 نقطة، وهو أدنى مستوى منذ شباط 2022. يواجه المستثمرون ضبابية بشأن جهود مجلس الشيوخ الأميركي لإقرار مشروع قانون ترامب لخفض الضرائب والإنفاق، والذي أدى إلى انقسامات حزبية داخلية؛ بسبب التوقعات بأن يرفع ديون الولايات المتحدة 3.3 تريليون دولار. وأدت المخاوف المالية إلى تراجع المعنويات ودفعت بعض المستثمرين إلى تنويع استثماراتهم. وانخفض الدولار بأكثر من 10% في النصف الأول من العام الحالي. وقال ناثان هاميلتون، المحلل في شركة "أبردين" للاستثمار: "في عام 2025، أصبحت الاستثنائية الأميركية موضع تساؤل. فقد تعرض الطلب على مزادات سندات الخزانة لضغوط في الأشهر القليلة الماضية، وانخفض إقبال المستثمرين الأجانب". في غضون ذلك، واصل ترامب انتقاد مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) لدفعه لتيسير السياسة النقدية، وأرسل إلى رئيسه جيروم باول قائمة بأسعار فائدة البنوك المركزية حول العالم مصحوبة بتعليقات مكتوبة بخط اليد تفيد بأن سعر الفائدة في الولايات المتحدة يجب أن يكون بين 0.5%، كما هو الوضع في اليابان، و1.75% مثل الدنمارك. وعززت هجمات ترامب اللاذعة على مجلس الاحتياطي وباول مخاوف المستثمرين بشأن استقلالية البنك المركزي ومصداقيته. ولا يستطيع ترامب إقالة باول بسبب خلاف على السياسة النقدية، لكنه حثه الأسبوع الماضي على الاستقالة. وستنصب أنظار المستثمرين على تعليقات باول، الذي سينضم إلى العديد من رؤساء البنوك المركزية الآخرين في منتدى البنك المركزي الأوروبي بدأ في البرتغال، أمس. ويتوقع "جولدمان ساكس" حالياً أن يجري مجلس الاحتياطي هذا العام ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة بواقع ربع نقطة مئوية في المرة الواحدة، مقارنة بتوقعات سابقة بخفض واحد في كانون الثاني. ومن المتوقع أن تُظهر بيانات الوظائف غير الزراعية التي ستصدر غداً، 110 آلاف وظيفة جديدة في حزيران، بانخفاض عن 139 ألف وظيفة في أيار، وفقاً لاستطلاع أجرته رويترز. وكان من المتوقع أن يرتفع معدل البطالة تدريجياً إلى 4.3% من 4.2% الشهر الماضي. ومع اقتراب الموعد النهائي لقرار تعليق الرسوم الجمركية في التاسع من تموز، يراقب المستثمرون أيضاً الاتفاقيات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها، على الرغم من عدم وجود العديد من الاتفاقيات حتى الآن.


جريدة الايام
منذ ساعة واحدة
- جريدة الايام
"بلاك روك": ارتفاع الدين الحكومي أكبر خطر على السوق الأميركية
نيويورك - رويترز: قالت شركة بلاك روك إن ارتفاع ديون الحكومة الأميركية قد يستنزف شهية المستثمرين للأصول الأميركية الرئيسة مثل سندات الخزانة طويلة الأجل والدولار، ما يزيد من جاذبية التحول إلى فرص خارج الولايات المتحدة. وأدت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب إلى تقلبات في السوق هذا العام، وأثارت الشكوك حول وضع الدولار كعملة للاحتياط في العالم. وقال مسؤولو الدخل الثابت في أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم إن مخاوف بشأن التخلص من الدولار لا تزال احتمالية بعيدة، ولكن ارتفاع الديون الحكومية قد يزيد من هذه المخاطر. وأضافوا في مذكرة حول آفاق الدخل الثابت للربع الثالث من العام: "نسلط الضوء على الوضع الحرج لمديونية الحكومة الأميركية منذ بعض الوقت الآن، وإذا تركت دون رادع، فإننا نرى أن الدين هو الخطر الأكبر على الوضع الخاص للولايات المتحدة في الأسواق المالية". ويناقش الكونجرس مشروع قانون للضرائب والإنفاق الذي يعد عنصراً رئيساً في أجندة ترامب الاقتصادية، والذي يقول محللون غير حزبيين إنه سيضيف ما يصل إلى خمسة تريليونات دولار على مدى العقد المقبل إلى ديون الحكومة الاتحادية التي تزيد على 36 تريليون دولار. وقالت شركة "بلاك روك" إن ارتفاع الدين الحكومي يمكن أن يقلل من الارتباط بين اتجاه عوائد سندات الخزانة طويلة الأجل والسياسة النقدية في الولايات المتحدة، مع ارتفاع العوائد رغم خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) لأسعار الفائدة. ومن المرجح أن تقابل زيادة المعروض من الديون الحكومية الأميركية بانخفاض الطلب من الاحتياطي الاتحادي وكذلك البنوك المركزية الأجنبية. وأوضحت "بلاك روك" أن هذا الأمر يدعو إلى التنويع خارج سوق السندات الحكومية الأميركية وإلى المزيد من الانكشاف على سندات الخزانة الأميركية قصيرة الأجل التي يمكن أن تستفيد من خفض أسعار الفائدة. وقال مديرو الاستثمار في "بلاك روك": "رغم التخفيضات المقترحة في الإنفاق، لا يزال العجز في ارتفاع، ويذهب المزيد من هذا الإنفاق الآن نحو مدفوعات الفائدة". وأضافوا: "مع تراجع (شهية) المستثمرين الأجانب وإصدار الحكومة أكثر من نصف تريليون دولار من الديون أسبوعياً، فإن خطر عدم قدرة الأسواق الخاصة على استيعاب هذا الكم من الدين وبالتالي دفع تكاليف الاقتراض الحكومي للارتفاع، هو (خطر) ملموس".