
حقائق مهمة تكشفها بيانات الاستثمار الأجنبي*سلامة الدرعاوي
في أي نقاش جاد يتعلق بالسياسات، سواء كان تشخيصًا أو تخطيطًا إستراتيجيًا أو تنفيذًا برامجيًا، تُعد البيانات الأساس الذي تُبنى عليه القرارات الرشيدة والمساءلة الفعالة. وتزداد أهمية ذلك عندما نتناول موضوعًا محوريًا مثل الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي يُعد من المحركات الرئيسة للنمو الاقتصادي ومصدراً أساسياً للتمويل الخارجي. فالبيانات الدقيقة والمحدثة تمكّن صانعي السياسات من تجاوز التقديرات والانطباعات العامة نحو فهم واضح للاتجاهات والفجوات ومستوى التقدم المحقق. وفي هذا السياق، يمثل المسح الخاص بالاستثمار الأجنبي للعامين 2021–2022، الذي نُفّذ بالتعاون بين البنك المركزي الأردني ودائرة الإحصاءات العامة ودائرة مراقبة الشركات، محطة فارقة من حيث جودة البيانات وشموليتها.
وقد تعززت هذه الجهود ببيانات تقديرية يصدرها البنك المركزي تغطي عامي 2023 و2024 والربع الأول من عام 2025، ما أسفر عن إنشاء قاعدة بيانات هي الأكثر تفصيلاً حتى الآن للاستثمار الأجنبي في المملكة من حيث التوزيع الجغرافي والقطاعي. ويُعد توفر هذه البيانات نقلة نوعية، حيث انتقل الحديث من تقديرات غير دقيقة إلى رؤى قائمة على الأدلة تعزز الشفافية والانضباط التحليلي في مجال طالما غلبت عليه الانطباعات.
ووفقا لبيانات المسح، المنشورة بالتفصيل على موقع البنك المركزي، بلغ رصيد الاستثمار الأجنبي في نهاية عام 2023 ما قيمته 40.5 مليار دينار، منه حوالي 24.2 مليار دينار استثمار أجنبي مُباشر باستثناء استثمارات غير الأردنيين في الأراضي والعقارات. فيما بلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المُباشر ما قيمته 1.2 مليار دينار خلال عام 2023.
وقد كشف المسح عن حقائق مهمة تصحح العديد من التصورات الشائعة.
فقد أظهرت نتائجه أن رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر من دول مجلس التعاون الخليجي بلغ نحو 9.8 مليار دينار أردني، لتحتل هذه الدول المرتبة الأولى كمصدر للاستثمار الأجنبي في الأردن.
وجاءت الدول الأوروبية في المرتبة الثانية برصيد بلغ 4.6 مليار دينار، ثم الدول الآسيوية غير العربية برصيد 3.9 مليار دينار. وتوضح هذه الأرقام مدى المبالغة في بعض الادعاءات المتداولة حول حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة من بعض الدول في الأردن، وهو ما يعزز الحاجة إلى اعتماد بيانات موثوقة بدلاً من الانطباعات أو الروايات غير المدعومة.
كما سلط المسح الضوء على نجاح المناطق الخاصة والحرة والتنموية في جذب الاستثمارات الأجنبية، اذ بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في هذه المناطق ما قيمته 4.5 مليار دينار، ليشكل ما نسبته 18.6 % من رصيد إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة حتى نهاية عام 2023، وقد استحوذت سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة على ما نسبته 8.7 %، يليها منطقة الحسين التنموية في الكرك (2.6 %) والمنطقة الحرة في الزرقاء (1.7 %). وتؤكد هذه النتائج أهمية السياسات المكانية في الترويج للاستثمار، إلا أن التحدي يبقى في ضرورة تحديث هذه البيانات بشكل دوري لضمان استمرار فعاليتها وارتباطها بالتحولات الاقتصادية.
وعلى صعيد تدفقات الاستثمار الأجنبي، تظهر بيانات البنك المركزي للربع الأول من عام 2025 مؤشرات إيجابية على تحسن النشاط الاستثماري، إذ بلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر 240.5 مليون دينار، بزيادة قدرها 14.3 % مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. ويعكس هذا الأداء تأثير الإصلاحات المستمرة الرامية إلى تحسين بيئة الاستثمار وتعزيز ثقة المستثمرين.
وقد جاءت الدول العربية في صدارة مصادر هذه التدفقات بنسبة 54.5 % من الإجمالي، تلتها الدول الأوروبية بنسبة 7.0 %، ثم الولايات المتحدة الأميركية بنسبة 3.9 %. أما من حيث التوزيع القطاعي، فقد تصدرت أنشطة التمويل والتأمين بنسبة 19.0 % من إجمالي التدفقات، تلتها أنشطة الإنشاءات وبناء المباني بنسبة 12.5 %، ثم الصناعات التحويلية بنسبة 8.5 %، فأنشطة التعدين واستغلال المحاجر بنسبة 7.9 %، وأخيراً أنشطة النقل والتخزين بنسبة 7.2 %. وتدل هذه الاتجاهات على توجهات المستثمرين نحو القطاعات الخدمية والإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية والمتوافقة مع أولويات الإصلاح الاقتصادي في الأردن.
وتكمن الأهمية الإستراتيجية لهذه البيانات في دورها المحوري في دعم صنع السياسات. فنتائج المسح والتقارير الدورية الصادرة عن البنك المركزي لا تُعد مجرد أرقام إحصائية، بل أدوات إستراتيجية تتيح تقييمًا موضوعيًا وشفافًا لواقع البيئة الاستثمارية في المملكة. وتكتسب هذه البيانات أهمية خاصة في ظل استعداد الأردن لتقييم أداء البرنامج التنفيذي الأول لرؤية التحديث الاقتصادي (2023–2025) والبدء في تصميم البرنامج التنفيذي الجديد. ويجب أن يشكل الاستثمار الأجنبي عنصرًا أساسيًا في هذه العملية من حيث التحليل وصياغة الأولويات وتوجيه الجهود. إن مصداقية وتفصيل البيانات الحالية لا تترك مجالاً للاجتهاد أو التقدير، بل توفر للمسؤولين القدرة على تتبع الأداء، وتصويب السياسات، وقياس نتائج جهود الترويج الاستثماري بدقة أكبر. فـالاستثمار الأجنبي ليس مجرد مؤشر رقمي، بل هو مقياس للثقة، وركيزة من ركائز النمو المستدام والشامل في المملكة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

السوسنة
منذ 38 دقائق
- السوسنة
الموافقة على إنشاء ثاني أكبر محطة تنقية مياه بالمملكة
السوسنة قرَّر مجلس الوزراء في جلسة السبت برئاسة رئيس الوزراء جعفر حسان، الموافقة على السَّير في إجراءات تنفيذ مشروع محطَّة تنقية المياه العادمة في وادي الزَّرقاء. وتُعد هذ المحطَّة ثاني أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في المملكة بعد محطة الخربة السمراء، بقدرة تصميمية إجمالية تبلغ 365,000 متر مكعب / يومياً. وسيتم تنفيذ المشروع على مرحلتين، الأولى من المتوقع استكمالها في عام 2030م، والثانية من المخطط إنجازها بحلول عام 2035م. ومن خلال إنشاء المحطة، سيتم الاستغناء عن محطات الضخ الحالية في غرب وشرق الزرقاء، ما يحقق وفراً سنوياً في تكاليف الكهرباء يُقدّر بحوالي 5.6 مليون دينار أردني. وستُسهم المحطة في تحسين البنية التحتية لخدمات الصرف الصحي في محافظة الزرقاء وأجزاء من العاصمة عمان، كما ستعزز القدرة الاستيعابية لمنظومة الصرف الصحي لاستقبال الكميات الإضافية من المياه المزودة عبر مشروع الناقل الوطني.


جو 24
منذ 38 دقائق
- جو 24
مجلس الوزراء يقرّ الاسباب الموجبة لتعديل نظام الابنية ويكشف ابرز التفاصيل #عاجل
جو 24 : * الموافقة على الأسباب الموجبة لمشروع نظام معدِّل لنظام الأبنية وتنظيم المدن والقرى لسنة 2025م. * الموافقة على تنفيذ العطاء الخاص بمشروع تحسين الوصول إلى المياه وأداء توزيع المياه والصرف الصحي في محافظة إربد. * الموافقة على السَّير في إجراءات تنفيذ مشروع محطَّة تنقية المياه العادمة في وادي الزَّرقاء. قرَّر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها اليوم السَّبت برئاسة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسَّان الموافقة على الأسباب الموجبة لمشروع نظام معدِّل لنظام الأبنية وتنظيم المدن والقرى لسنة 2025، تمهيداً لإرساله إلى ديوان التَّشريع والرَّأي، للسَّير في إجراءات إصداره حسب الأصول. وبموجب التَّعديلات المقترحة سيتمّ تمديد مدة الاستفادة من التسهيلات الممنوحة لترخيص الأبنية القائمة حتى موعد إقرار النظام، وتسهيل الشروط الخاصة بإقامة المشاريع الاستثمارية في المناطق الواقعة خارج التنظيم وذلك من خلال تخفيض سعة الطرق للمشاريع الاستثماريَّة السياحيَّة في حال كانت على أكثر من طريق. كما تتضمَّن التعديلات رفع النسبة المسموحة لإقامة الأبنية على القطع ذات المساحات المحدودة خارج التنظيم، ووضع ارتداد أمامي للبناء الفرعي في الحيازات الزراعيَّة؛ وذلك لتمكينها من توسعة الطرق مستقبلاً، وزيادة النسبة المئوية للأبنية في هذه الحيازات حسب المساحة. وسيتم نشر مشروع النظام على موقع ديوان التَّشريع والرأي حسب الأصول؛ ليتسنَّى للحكومة الحصول على أي مقترحات جديدة ترد من الجهات أو الأفراد المعنيين كالنقابات والمهتمين بقطاع التطوير العقاري والمستثمرين وغيرهم من المعنيين وقبل إقرار النظام بصيغته النهائية. وقرَّر مجلس الوزراء الموافقة على إصدار الموافقات اللازمة لتنفيذ العطاء الخاص بمشروع إدارة المياه وتوزيعها والصرف الصحي في محافظة إربد. وسيتمّ خلال المرحلة الأولى من هذا المشروع تنفيذ خطوط رئيسة لمناطق إربد وأيدون والصريح وحوَّارة وبشرى وسال وحكما، وكذلك السَّير في إجراءات تنفيذ شبكات وخط ناقل وخزان رئيس في مدينة الرَّمثا. وعلى صعيد متَّصل، قرَّر مجلس الوزراء الموافقة على السَّير في إجراءات تنفيذ مشروع محطَّة تنقية المياه العادمة في وادي الزَّرقاء. وتُعد هذ المحطَّة ثاني أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في المملكة بعد محطة الخربة السمراء، بقدرة تصميمية إجمالية تبلغ 365,000 متر مكعب / يومياً. وسيتم تنفيذ المشروع على مرحلتين، الأولى من المتوقع استكمالها في عام 2030م، والثانية من المخطط إنجازها بحلول عام 2035م. ومن خلال إنشاء المحطة، سيتم الاستغناء عن محطات الضخ الحالية في غرب وشرق الزرقاء، ما يحقق وفراً سنوياً في تكاليف الكهرباء يُقدّر بحوالي 5.6 مليون دينار أردني. وستُسهم المحطة في تحسين البنية التحتية لخدمات الصرف الصحي في محافظة الزرقاء وأجزاء من العاصمة عمان، كما ستعزز القدرة الاستيعابية لمنظومة الصرف الصحي لاستقبال الكميات الإضافية من المياه المزودة عبر مشروع الناقل الوطني. تابعو الأردن 24 على


أخبارنا
منذ 38 دقائق
- أخبارنا
قرارات مجلس الوزراء .. الموافقة على الأسباب الموجبة لمشروع نظام معدِّل لنظام الأبنية وتنظيم المدن والقرى
أخبارنا : الموافقة على الأسباب الموجبة لمشروع نظام معدِّل لنظام الأبنية وتنظيم المدن والقرى لسنة 2025م. الموافقة على تنفيذ العطاء الخاص بمشروع تحسين الوصول إلى المياه وأداء توزيع المياه والصرف الصحي في محافظة إربد. الموافقة على السَّير في إجراءات تنفيذ مشروع محطَّة تنقية المياه العادمة في وادي الزَّرقاء. عمان - قرَّر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها اليوم السَّبت برئاسة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسَّان الموافقة على الأسباب الموجبة لمشروع نظام معدِّل لنظام الأبنية وتنظيم المدن والقرى لسنة 2025، تمهيداً لإرساله إلى ديوان التَّشريع والرَّأي، للسَّير في إجراءات إصداره حسب الأصول. وبموجب التَّعديلات المقترحة سيتمّ تمديد مدة الاستفادة من التسهيلات الممنوحة لترخيص الأبنية القائمة حتى موعد إقرار النظام، وتسهيل الشروط الخاصة بإقامة المشاريع الاستثمارية في المناطق الواقعة خارج التنظيم وذلك من خلال تخفيض سعة الطرق للمشاريع الاستثماريَّة السياحيَّة في حال كانت على أكثر من طريق. كما تتضمَّن التعديلات رفع النسبة المسموحة لإقامة الأبنية على القطع ذات المساحات المحدودة خارج التنظيم، ووضع ارتداد أمامي للبناء الفرعي في الحيازات الزراعيَّة؛ وذلك لتمكينها من توسعة الطرق مستقبلاً، وزيادة النسبة المئوية للأبنية في هذه الحيازات حسب المساحة. وسيتم نشر مشروع النظام على موقع ديوان التَّشريع والرأي حسب الأصول؛ ليتسنَّى للحكومة الحصول على أي مقترحات جديدة ترد من الجهات أو الأفراد المعنيين كالنقابات والمهتمين بقطاع التطوير العقاري والمستثمرين وغيرهم من المعنيين وقبل إقرار النظام بصيغته النهائية. وقرَّر مجلس الوزراء الموافقة على إصدار الموافقات اللازمة لتنفيذ العطاء الخاص بمشروع إدارة المياه وتوزيعها والصرف الصحي في محافظة إربد. وسيتمّ خلال المرحلة الأولى من هذا المشروع تنفيذ خطوط رئيسة لمناطق إربد وأيدون والصريح وحوَّارة وبشرى وسال وحكما، وكذلك السَّير في إجراءات تنفيذ شبكات وخط ناقل وخزان رئيس في مدينة الرَّمثا. وعلى صعيد متَّصل، قرَّر مجلس الوزراء الموافقة على السَّير في إجراءات تنفيذ مشروع محطَّة تنقية المياه العادمة في وادي الزَّرقاء. وتُعد هذ المحطَّة ثاني أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في المملكة بعد محطة الخربة السمراء، بقدرة تصميمية إجمالية تبلغ 365,000 متر مكعب / يومياً. وسيتم تنفيذ المشروع على مرحلتين، الأولى من المتوقع استكمالها في عام 2030م، والثانية من المخطط إنجازها بحلول عام 2035م. ومن خلال إنشاء المحطة، سيتم الاستغناء عن محطات الضخ الحالية في غرب وشرق الزرقاء، ما يحقق وفراً سنوياً في تكاليف الكهرباء يُقدّر بحوالي 5.6 مليون دينار أردني. وستُسهم المحطة في تحسين البنية التحتية لخدمات الصرف الصحي في محافظة الزرقاء وأجزاء من العاصمة عمان، كما ستعزز القدرة الاستيعابية لمنظومة الصرف الصحي لاستقبال الكميات الإضافية من المياه المزودة عبر مشروع الناقل الوطني. --(بترا)