logo
من هو أُكتافيو باث الفائز بنوبل؟.. إليكم نظرة على أعماله

من هو أُكتافيو باث الفائز بنوبل؟.. إليكم نظرة على أعماله

الدستور١٩-٠٤-٢٠٢٥

بمناسبة ذكرى وفاته..
في مثل هذا اليوم وتحديدا 19 أبريل لعام 1998، رحل عن عالمنا الأديب والمفكر والدبلوماسي المكسيكي أكتافيو باث، تاركًا وراءه إرثًا أدبيًا وفكريًا خُطّت سطوره بشغف الشعر، وعمق الفلسفة.
اشتهر أكتافيو باث بمناهضته الصريحة للفاشية، كما عمل دبلوماسيًا لبلاده في عدد من الدول، وهو ما أتاح له تواصلًا مباشرًا مع ثقافات متعددة أثرت رؤيته الأدبية والفكرية، لم يكن باث مجرد شاعر، بل مفكر موسوعي كتب في النقد، التاريخ، السياسة، والفن، والدين، وكرّس قلمه لاستكشاف النفس البشرية ومواجهة التناقضات الكبرى التي تعصف بالعالم الحديث.
بدايات أكتافيو باث مع الأدب
بدأ أكتافيو باث كتابة الشعر مبكرًا، إذ نشر أولى قصائده وهو في السابعة عشرة من عمره، وكان لقاؤه بالشاعر التشيلي بابلو نيرودا محطة مفصلية في مسيرته؛ حيث شجعه الأخير على زيارة إسبانيا لحضور مؤتمر الأدباء في فالنسيا عام 1936، حيث كانت الحرب الأهلية الإسبانية في ذروتها، تلك التجربة شكّلت وعيه السياسي المبكر، وربطت بين الكلمة والالتزام.
التحق أكتافيو باث بالسلك الدبلوماسي عام 1945، واستمر فيه حتى 1968، حيث خدم في كل من فرنسا وسويسرا والهند واليابان، وكان على صلة وثيقة بكبار المثقفين في تلك البلدان، إلا أن ما رسّخ صورته كضمير ثقافي حيّ هو استقالته من منصبه احتجاجًا على استخدام السلطات المكسيكية العنف لقمع مظاهرات الطلبة عام 1968، والتي راح ضحيتها نحو 300 طالب، بعد هذا الموقف، تفرّغ باث للكتابة والعمل الصحفي، وكرّس حياته للإبداع الحر.
وشكلت رحلات باث المتعددة عاملًا أساسيًا في تكوين شخصيته الأدبية والفكرية، ففي عام 1944 حصل على منحة دراسية بالولايات المتحدة، وهناك تعمق في الشعر الإنكليزي وتأثر بأعمال شعراء مثل ت. س. إليوت، وإزرا باوند، ووالِس ستيفنز، وقد أثمرت هذه المرحلة عن مجموعته الشعرية "الحرية بضمانة الكلمة" (1949)، والتي تميزت بقصائد طويلة تنهل من روح القصّ، وتستخدم لغة محادثة حميمة.
لكن الأثر الأعمق في تلك الفترة كان تأليفه لكتاب "متاهة العزلة" (1950)، الذي يُعد واحدًا من أبرز الدراسات التأملية في الثقافة المكسيكية. هذا الكتاب لا يكتفي بالنبش في الطقوس والعادات الموروثة من حضارة الأزتيك، بل يغوص في أعماق الروح المكسيكية، محللًا الشعور بالوحدة والغربة التي تميّز الذات المكسيكية في سياقها التاريخي والاجتماعي.
أما إقامته في فرنسا (1946-1951)، فقد أدخلته إلى قلب التجربة السريالية، التي وجد فيها ملاذًا جماليًا وروحيًا، فالسريالية بالنسبة لباث ليست مجرد حركة فنية، بل تمردًا وجوديًا يهدف إلى تحطيم القيم البالية، وإعادة تشكيل العالم وفقًا لرغبة الإنسان في الحب والحرية، وقد تجلى هذا التوجه في أعماله مثل "نسر أم شمس؟" (1951)، و"فصل العنف" (1958)، و"سلمندرة" (1962)، حيث تفيض القصائد بفوضى الصور، واستغراق الذات، والرؤية الهذيانية للواقع، وكسر الحواجز التي يفترضها العقل.
وفي عام 1952، حين انتقل إلى اليابان، اكتشف باث فن الـهايكو، القصائد اليابانية القصيرة التي تمتاز بالتركيز والدقة وعمق الصورة. وقد تأثر بها باث بشدة، وكتب مقطوعات هايكو ضمن مجموعته "بذور من أجل نشيد" (1954).
لكن التأثير الأكثر عمقًا في مسيرته الفكرية جاء خلال عمله سفيرًا في الهند بين عامي 1962 و1968، حيث انفتح على الفلسفة الشرقية، لاسيما البوذية، التي تسربت إلى شعره مفاهيم مثل الانسجام مع الطبيعة، تجاوز الذات، البحث عن الحقيقة الداخلية، وتمجيد الصمت والتأمل. وقد بدت هذه النزعة الروحية بوضوح في ديوانه "أبيض" (1967) و"السفح الشرقي" (1971).
تجربة أكتافيو باث الشعرية
لم تكن تجربة أكتافيو باث الشعرية بمعزل عن تأملاته النقدية، فقد أثارت مجموعتاه "الحرية بضمانة الكلمة" و"متاهة العزلة" اهتمام الأوساط النقدية، وبلغ هذا الاهتمام ذروته بعد صدور كتابيه "القوس والقيثارة" (1956)، و"حجر الشمس" (1957)، في الأول، قدّم تأملاته حول ماهية الشعر ووظيفته، وفي الثاني عبّر عن رؤيته للزمن والحب واللغة في قصيدة طويلة تُعد من أبرز إنجازاته.
مؤلفات أكتافيو باث
من بين أبرز مؤلفاته: متاهة العزلة (1950)، الحرية بضمانة الكلمة (1949)، نسر أم شمس؟ (1951)، فصل العنف (1958)، سلمندرة (1962)، أبيض (1967)، القوس والقيثارة (1956)، حجر الشمس (1957)، الصوت الآخر: الشعر ونهاية القرن (1990).
كما كتب باث دراسات هامة في الترجمة، البنيوية، الفن الحديث، من بينها: كلود ليفي-شتراوس أو مأدبة إيسوب الجديدة (1967)، مارسيل دوشامب أو حصن النقاء (1968)، الترجمة: الأدب والحرفية (1971)، أبناء الوحل (1974)، ودراسة عن الشاعرة الراهبة خوانا إينيس دي لا كروث، وظل باث يعمل في المجلة الثقافية التي أسسها بنفسه "بويلتا" (المنعطف) حتى وفاته.
لقد تُرجمت أعماله الشعرية والنثرية إلى العديد من اللغات، من بينها العربية، لتُشكّل جسورًا جديدة بين الحضارات، ولتخلّد اسم أوكتافيو باث كواحد من أعظم أدباء القرن العشرين، الذين لم يكتبوا فقط عن أوطانهم، بل كتبوا عن الإنسان في جوهره، بكل ما يحمله من وحدةٍ، وحب، وحيرة، وأمل.
أكتافيو باث وجائزة نوبل
نال أكتافيو باث عدة جوائز، ومن بينها جائزة الشعر الكبرى الدولية من بيت الشعر العالمي في بروكسل، ثم توالت الجوائز، ومنها: جائزة ثيربانتس، كبرى الجوائز الأدبية في عالم اللغة الإسبانية، عام 1981، جائزة ت. س. إليوت من الولايات المتحدة عام 1987، وأخيرًا، جائزة نوبل للآداب عام 1990، ليكون أول مكسيكي، وخامس أديب من أمريكا اللاتينية يفوز بها.
ولم تفز أي من أعماله منفردة بجائزة نوبل، بل كُرِّم مجمل نتاجه الأدبي، الذي تميّز، كما قالت الأكاديمية السويدية، بـ"آفاقه الثقافية الرحبة، وتوهجه العاطفي، وطاقة إنسانية لا تخبو".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترجمات.. «أوكتافيو باث».. يتعمق في الحب والإثارة في كتابه «اللهب المزدوج»
ترجمات.. «أوكتافيو باث».. يتعمق في الحب والإثارة في كتابه «اللهب المزدوج»

المصري اليوم

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • المصري اليوم

ترجمات.. «أوكتافيو باث».. يتعمق في الحب والإثارة في كتابه «اللهب المزدوج»

«أوكتافيو باث» شاعر وكاتب ودبلوماسى مكسيكى بارز، اشتهر بإسهاماته العميقة فى الأدب والفكر فى القرن العشرين، وسرعان ما رسخ مكانته فى الأوساط الأدبية العالمية، وتجاوزت كتاباته حدود وطنه، وعكست التأثيرات الثقافية لسنواته فى الخارج. وهو الأهم بين شعراء الحداثة فى أمريكا اللاتينية؛ وقد فرض نفسه على النقد الأوروبى والغربى عامة، بوصفه رائدًا من روّاد التجديد الشعرى على مستوى عالمى، إنتاج «أوكتافيو باث» كان غزيرًا، إذ تجاوز الأربعين مجلدًا من الشعر والمقالات، وتُرجم العديد منها لعشرات اللغات. تأثر شعر «باث» فى بداياته بالماركسية والسريالية والوجودية، بالإضافة إلى ديانات مثل البوذية والهندوسية. وقد أُشيد بقصيدته «حجر الشمس» التى كتبها عام 1957 باعتبارها مثالًا رائعًا للشعر السريالى فى خطاب تسليمه جائزة نوبل للأدب عام 1990. نظراً لما تميزت به كتاباته بلغة عاطفية واسعة الآفاق، وما تميز به أسلوبه بذكاء حسى ونزاهة إنسانية، ولذا جاءت جائزة نوبل تكريمًا لأعماله الأدبية الغزيرة التى ما تزال تلقى صدىً لدى القراء فى جميع أنحاء العالم. توفى «باث» عن عمر يناهز الـ 84 عامًا فى19 أبريل عام 1998، تاركًا وراءه إرثًا ثقافيًا بارزًا أسهم فى تشكيل الشعر والفكر المعاصرين. وُلد أوكتافيو باث فى 31 مارس 1914 بمدينة مكسيكو، المكسيك، لعائلة مرموقة كان والده صحفيًا سياسيًا نشيطًا، انضمّ، مع مثقفين تقدميين آخرين، إلى الانتفاضات الزراعية التى قادها إميليانو زاباتا، قائد الثورة الشعبية 1911. كان جده مثقّفًا ليبراليًا بارزًا، وبفضل مكتبة جده الوافرة، انخرط باث فى الأدب مبكرًا.. بدأ كتابة الشعر فى سن المراهقة، وظهرت بدايته الأدبية بمجموعة «قمر جامح» عام 1933. وخلال رحلة إلى إسبانيا عام 1938، انخرط فى الحرب الأهلية الإسبانية. عاد إلى المكسيك، وأصبح أحد مؤسسى مجلة «تالر»، وهى مجلة أشارت إلى ظهور جيل جديد من الكتاب فى المكسيك. وفى عام 1943 سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية بمنحة جوجنهايم، حيث انغمس فى الشعر الحديث الأنجلو أمريكى؛ وبعد عامين، انضم إلى السلك الدبلوماسى المكسيكى وأُرسل إلى فرنسا، حيث كتب دراسته الأساسية للهوية المكسيكية، وخلال هذه الفترة نشر العديد من الدواوين الشعرية والنثرية، أهمها «متاهة العزلة» (1950) وهو مجموعة مقالات يحلل فيها التاريخ والثقافة المكسيكية. أصبح الكتاب قراءة قياسية لطلاب تاريخ وأدب أمريكا اللاتينية. وفى عام 1962، عُيّن باز سفيرًا للمكسيك فى الهند: وهى لحظة مهمة فى حياة الشاعر وعمله، كما تشهد على ذلك العديد من الكتب التى كتبها خلال إقامته هناك. فى عام 1968، استقال من الخدمة الدبلوماسية احتجاجًا على قمع الحكومة الملطخ بالدماء للمظاهرات الطلابية فى تلاتيلولكو، خلال دورة الألعاب الأوليمبية فى المكسيك. ومنذ ذلك الحين واصل باز عمله كمحرر وناشر، حيث أسس مجلتين مهمتين مخصصتين للفنون والسياسة. فى عام 1980 تم تعيينه دكتورًا فخريًا فى جامعة هارفارد. ونال باث العديد من الجوائز جائزة سرفانتس فى عام 1981 - وهى أهم جائزة فى العالم الناطق بالإسبانية - وجائزة نيوستادت الأمريكية المرموقة فى عام 1982. «اللهب المزدوج» صدر فى عام 1993، وهى سلسلة من المقالات، يستكشف فيها باث الحدود بين الحب والجنس. مُسجِّلاً أصولهما وأبعادهما ببصيرةٍ شعريةٍ وعمقٍ فلسفى. يغوص هذا العمل الرائد فى التوازنِ الدقيقِ بين الشغف والرفقة، مُتتبعاً تطور الروابطِ الإنسانيةِ من الأساطيرِ القديمةِ إلى ديناميكيات العلاقاتِ الحديثة. يكشف عن تأملاتٍ تاريخية وثقافية وشخصية. دراسة مطولة ونقاش يأخذنا فيها باث فى رحلة متعمقة عبر تاريخ الحب الغربى. كما يُسلّط الضوء على أهمية الثقافة العربية خلال ما يُسمى بالعصور المظلمة، ويسافر إلى اليونان القديمة والإسكندرية وروما، ويوثّق ظهور وتراجع الشعر والثقافة البروفنسية خلال العصور الوسطى. يختتم تحليله فى العصر الحديث. يدرس التقاليد الفلسفية والأدبية لكل فترة، ويتناول أحيانًا قصائد معينة من حيث علاقتها بالإيروتيكية والحب. يتعمق باث فى تطور الحب عبر التاريخ، مُلقيًا الضوء على تحولاته من العصور القديمة إلى الحديثة. يوضح «اللهب المزدوج» كيف تُشكّل السياقات التاريخية والثقافية فهمنا وتجربتنا لإحدى أكثر القوى البشرية تأثيرًا. كما يتعمق فى التقاء إيروس وسايكى فى العلاقات الإنسانية، مُسلِّطًا الضوء على الجوانب الثنائية للحب، حيث يتشابك الانجذاب الجسدى والرابط الروحى. ويناقش تصوير الحب والإثارة فى الفن والأدب بغنى وتنوع جوانبهما، مسلطًا الضوء على كيفية انعكاس هذه الوسائط الثقافية وتشكيلها لفهمنا لهذه المشاعر المعقدة عبر التاريخ. ويؤكد باث أن الفن والأدب بمثابة مرآة للمجتمع، إذ يجسدان تطور مفاهيم الحب والإثارة عبر مختلف العصور والمناخات الثقافية. يُحلل أوكتافيو باث نقديًا تأثير الحداثة على الحب والتواصل الإنسانى. لقد غيّرت التطورات التكنولوجية والتحولات المجتمعية جذريًا طريقة إدراك الناس للحب والتعبير عنه فى عصرنا الحالى. وقد أتاحت هذه التغييرات فرصًا وتحديات، وأعادت تعريف العلاقات الرومانسية والألفة العاطفية. يُتوج استكشاف أوكتافيو باث للحب والإيروس فى قدراتهما التحويلية، للأفراد والمجتمعات على حد سواء. ومن خلال تحليله الدقيق لمختلف جوانب الحب - من تطوره التاريخى إلى تصويره فى الفن والأدب والفلسفة - يُثبت باث أن الحب ليس مجرد ضرورة بيولوجية، بل هو قوة عميقة قادرة على تشكيل الوجود الإنسانى وإعادة تعريفه. من خلال «اللهب المزدوج»، يترك أوكتافيو باز للقراء فهمًا دقيقًا لحقيقة أن الحب، بكل أشكاله وتعبيراته، هو قوة تحويلية ذات قدرة عميقة على تنوير وإثراء الوجود الإنسانى، مما يجعله جزءًا خالدًا لا غنى عنه من التجربة الإنسانية.

ثقافة : ذكرى وفاة أكتافيو باث الحاصل على نوبل في الأدب عام 1990.. أبرز أعماله
ثقافة : ذكرى وفاة أكتافيو باث الحاصل على نوبل في الأدب عام 1990.. أبرز أعماله

نافذة على العالم

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • نافذة على العالم

ثقافة : ذكرى وفاة أكتافيو باث الحاصل على نوبل في الأدب عام 1990.. أبرز أعماله

السبت 19 أبريل 2025 06:00 مساءً نافذة على العالم - تمر اليوم الذكرى الـ 27 على رحيل الأديب المكسيسي "أكتافيو باث" إذ رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 19 أبريل عام 1998، وهو أول أديب مكسيكي يفوز بجائزة نوبل في الأدب، ويرجع الفضل إلى والدته الأمية التي أصرت على نجاحه ومساندته في تنمية الموهبة الشعرية، وقد عُرف باث بمعارضته الشديدة للفاشية كما أنه عمل كدبلوماسيًا لبلاده في مجموعة من الدول المختلفة، وكتب العديد من الدرارسات التاريخية والسياسية. تنوعت كتابات أكتافيو باث خلال مشواره الأدبي حيث كتب الشعر وكتب أيضًا في الفن والسياسة والدين والتاريخ والنقد الأدبي، ونشر خلال رحلته 5 دواوين شعرية صدر أولهم في عام 1949 وهو في سن السابعة عشر وآخرهم في عام 1987، وحصد نوبل في الأدب عام 1990، ومن أهم أعماله التي ذكرتها الأكاديمية السويدية عندما منح جائزة نوبل كتاب "متاهة العزلة" El laberinto de la soledad الذي صدر سنة 1961 وحاول فيه باث أن يتحرى عن شخصية الإنسان المكسيكي ويسبر أغوارها، ومن أشهر أعماله أيضا "حرية تحت كلمة"، وفيه برزت القضايا التي سيطرت على فكره فيما بعد وهي الحب والزمن والوحدة، وذلك بالإضافة إلى عدد من الأعمال المهمة مثل "فصل من العنف" و"فلامنورا". حصد "باث" عدة جوائز أدبية رفيعة أبرزها جائزة ثيربانتس التي تعد أكبر جائزة أدبية تمنح لكتاب اللغة الإسبانية وذلك في عام 1981، وجائزة ت. س. إليوت من الولايات المتحدة الأمريكية عام 1987، كما رشح باث لجائزة نوبل عدة مرات خلال الثمانينيات ولكنه لم يفز بها إلا عام 1990. ذكرت الأكاديمية السويدية أن أكتافيو باث فاز بجائزة نوبل لا لعمل معين من أعماله الأدبية، ولكن تكريماً لمجمل كتاباته الشعرية والنثرية المتقدة بالعاطفة، والتي تتسم بآفاق ثقافية واسعة وتتميز بذكاء وطاقة إنسانية وقّادة.

من هو أُكتافيو باث الفائز بنوبل؟.. إليكم نظرة على أعماله
من هو أُكتافيو باث الفائز بنوبل؟.. إليكم نظرة على أعماله

الدستور

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • الدستور

من هو أُكتافيو باث الفائز بنوبل؟.. إليكم نظرة على أعماله

بمناسبة ذكرى وفاته.. في مثل هذا اليوم وتحديدا 19 أبريل لعام 1998، رحل عن عالمنا الأديب والمفكر والدبلوماسي المكسيكي أكتافيو باث، تاركًا وراءه إرثًا أدبيًا وفكريًا خُطّت سطوره بشغف الشعر، وعمق الفلسفة. اشتهر أكتافيو باث بمناهضته الصريحة للفاشية، كما عمل دبلوماسيًا لبلاده في عدد من الدول، وهو ما أتاح له تواصلًا مباشرًا مع ثقافات متعددة أثرت رؤيته الأدبية والفكرية، لم يكن باث مجرد شاعر، بل مفكر موسوعي كتب في النقد، التاريخ، السياسة، والفن، والدين، وكرّس قلمه لاستكشاف النفس البشرية ومواجهة التناقضات الكبرى التي تعصف بالعالم الحديث. بدايات أكتافيو باث مع الأدب بدأ أكتافيو باث كتابة الشعر مبكرًا، إذ نشر أولى قصائده وهو في السابعة عشرة من عمره، وكان لقاؤه بالشاعر التشيلي بابلو نيرودا محطة مفصلية في مسيرته؛ حيث شجعه الأخير على زيارة إسبانيا لحضور مؤتمر الأدباء في فالنسيا عام 1936، حيث كانت الحرب الأهلية الإسبانية في ذروتها، تلك التجربة شكّلت وعيه السياسي المبكر، وربطت بين الكلمة والالتزام. التحق أكتافيو باث بالسلك الدبلوماسي عام 1945، واستمر فيه حتى 1968، حيث خدم في كل من فرنسا وسويسرا والهند واليابان، وكان على صلة وثيقة بكبار المثقفين في تلك البلدان، إلا أن ما رسّخ صورته كضمير ثقافي حيّ هو استقالته من منصبه احتجاجًا على استخدام السلطات المكسيكية العنف لقمع مظاهرات الطلبة عام 1968، والتي راح ضحيتها نحو 300 طالب، بعد هذا الموقف، تفرّغ باث للكتابة والعمل الصحفي، وكرّس حياته للإبداع الحر. وشكلت رحلات باث المتعددة عاملًا أساسيًا في تكوين شخصيته الأدبية والفكرية، ففي عام 1944 حصل على منحة دراسية بالولايات المتحدة، وهناك تعمق في الشعر الإنكليزي وتأثر بأعمال شعراء مثل ت. س. إليوت، وإزرا باوند، ووالِس ستيفنز، وقد أثمرت هذه المرحلة عن مجموعته الشعرية "الحرية بضمانة الكلمة" (1949)، والتي تميزت بقصائد طويلة تنهل من روح القصّ، وتستخدم لغة محادثة حميمة. لكن الأثر الأعمق في تلك الفترة كان تأليفه لكتاب "متاهة العزلة" (1950)، الذي يُعد واحدًا من أبرز الدراسات التأملية في الثقافة المكسيكية. هذا الكتاب لا يكتفي بالنبش في الطقوس والعادات الموروثة من حضارة الأزتيك، بل يغوص في أعماق الروح المكسيكية، محللًا الشعور بالوحدة والغربة التي تميّز الذات المكسيكية في سياقها التاريخي والاجتماعي. أما إقامته في فرنسا (1946-1951)، فقد أدخلته إلى قلب التجربة السريالية، التي وجد فيها ملاذًا جماليًا وروحيًا، فالسريالية بالنسبة لباث ليست مجرد حركة فنية، بل تمردًا وجوديًا يهدف إلى تحطيم القيم البالية، وإعادة تشكيل العالم وفقًا لرغبة الإنسان في الحب والحرية، وقد تجلى هذا التوجه في أعماله مثل "نسر أم شمس؟" (1951)، و"فصل العنف" (1958)، و"سلمندرة" (1962)، حيث تفيض القصائد بفوضى الصور، واستغراق الذات، والرؤية الهذيانية للواقع، وكسر الحواجز التي يفترضها العقل. وفي عام 1952، حين انتقل إلى اليابان، اكتشف باث فن الـهايكو، القصائد اليابانية القصيرة التي تمتاز بالتركيز والدقة وعمق الصورة. وقد تأثر بها باث بشدة، وكتب مقطوعات هايكو ضمن مجموعته "بذور من أجل نشيد" (1954). لكن التأثير الأكثر عمقًا في مسيرته الفكرية جاء خلال عمله سفيرًا في الهند بين عامي 1962 و1968، حيث انفتح على الفلسفة الشرقية، لاسيما البوذية، التي تسربت إلى شعره مفاهيم مثل الانسجام مع الطبيعة، تجاوز الذات، البحث عن الحقيقة الداخلية، وتمجيد الصمت والتأمل. وقد بدت هذه النزعة الروحية بوضوح في ديوانه "أبيض" (1967) و"السفح الشرقي" (1971). تجربة أكتافيو باث الشعرية لم تكن تجربة أكتافيو باث الشعرية بمعزل عن تأملاته النقدية، فقد أثارت مجموعتاه "الحرية بضمانة الكلمة" و"متاهة العزلة" اهتمام الأوساط النقدية، وبلغ هذا الاهتمام ذروته بعد صدور كتابيه "القوس والقيثارة" (1956)، و"حجر الشمس" (1957)، في الأول، قدّم تأملاته حول ماهية الشعر ووظيفته، وفي الثاني عبّر عن رؤيته للزمن والحب واللغة في قصيدة طويلة تُعد من أبرز إنجازاته. مؤلفات أكتافيو باث من بين أبرز مؤلفاته: متاهة العزلة (1950)، الحرية بضمانة الكلمة (1949)، نسر أم شمس؟ (1951)، فصل العنف (1958)، سلمندرة (1962)، أبيض (1967)، القوس والقيثارة (1956)، حجر الشمس (1957)، الصوت الآخر: الشعر ونهاية القرن (1990). كما كتب باث دراسات هامة في الترجمة، البنيوية، الفن الحديث، من بينها: كلود ليفي-شتراوس أو مأدبة إيسوب الجديدة (1967)، مارسيل دوشامب أو حصن النقاء (1968)، الترجمة: الأدب والحرفية (1971)، أبناء الوحل (1974)، ودراسة عن الشاعرة الراهبة خوانا إينيس دي لا كروث، وظل باث يعمل في المجلة الثقافية التي أسسها بنفسه "بويلتا" (المنعطف) حتى وفاته. لقد تُرجمت أعماله الشعرية والنثرية إلى العديد من اللغات، من بينها العربية، لتُشكّل جسورًا جديدة بين الحضارات، ولتخلّد اسم أوكتافيو باث كواحد من أعظم أدباء القرن العشرين، الذين لم يكتبوا فقط عن أوطانهم، بل كتبوا عن الإنسان في جوهره، بكل ما يحمله من وحدةٍ، وحب، وحيرة، وأمل. أكتافيو باث وجائزة نوبل نال أكتافيو باث عدة جوائز، ومن بينها جائزة الشعر الكبرى الدولية من بيت الشعر العالمي في بروكسل، ثم توالت الجوائز، ومنها: جائزة ثيربانتس، كبرى الجوائز الأدبية في عالم اللغة الإسبانية، عام 1981، جائزة ت. س. إليوت من الولايات المتحدة عام 1987، وأخيرًا، جائزة نوبل للآداب عام 1990، ليكون أول مكسيكي، وخامس أديب من أمريكا اللاتينية يفوز بها. ولم تفز أي من أعماله منفردة بجائزة نوبل، بل كُرِّم مجمل نتاجه الأدبي، الذي تميّز، كما قالت الأكاديمية السويدية، بـ"آفاقه الثقافية الرحبة، وتوهجه العاطفي، وطاقة إنسانية لا تخبو".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store