logo
ليو الرابع عشر: ماذا وراء الأسماء التي يختارها باباوات الفاتيكان بعد انتخابهم؟

ليو الرابع عشر: ماذا وراء الأسماء التي يختارها باباوات الفاتيكان بعد انتخابهم؟

الوسط٠٩-٠٥-٢٠٢٥

Reuters
انتُخب الكاردينال روبرت بريفوست بابا للفاتيكان، وسيُعرف باسم البابا ليو الرابع عشر،
يُعدّ هذا الرجل، البالغ من العمر 69 عاماً، أول أمريكي يتولى هذا المنصب، وسيقود كاثوليك العالم الذين يبلغ تعدادهم 1.4 مليار نسمة.
وُلد بريفوست في شيكاغو، ويُنظر إليه على أنه مُصلح، إذ عمل لسنوات عديدة مُبشراً في بيرو قبل أن يُعيّن رئيساً للأساقفة هناك.
كما يحمل بريفوست الجنسية البيروفية، وعُرف عن شخصيته المودة، إذ عمل مع المجتمعات المهمّشة وساهم في بناء جسور التواصل في الكنيسة.
لماذا اختار البابا اسماً مختلفاً؟
أول ما يقوم به البابا الجديد عقب انتخابه، اختيار اسم جديد، أي تغيير اسم معموديته. ويُعد هذا الإجراء جزءاً من تقليد عريق، على الرغم من عدم الالتزام به في بعض الأحيان.
لأكثر من 500 عام، استخدم الباباوات أسماءهم الخاصة، ثم تغيّرت هذه الأسماء إلى أسماء رمزية لتبسيطها أو للإشارة إليهم كباباوات سابقين.
وعلى مر السنين، اختار الباباوات في الغالب أسماء أسلافهم سواءً المباشرين أو البعيدين، بدافع الاحترام أو الإعجاب، أو للإشارة إلى رغبتهم في السير على خطاهم ومواصلة البابويات التي اعتبروها مهمة.
على سبيل المثال، قال البابا فرنسيس إنه اختار اسمه تكريماً للقديس فرنسيس الأسيزي، وأوضح أنه استلهم هذا الاسم من صديقه البرازيلي الكاردينال كلاوديو هومز.
Reuters
أبدى الأمريكيون فرحتهم بانتخاب أول بابا من الولايات المتحدة
لماذا اختار البابا الجديد "ليو الرابع عشر" إسماً له؟
Reuters
لم يُحدد البابا الجديد بعد سبب اختياره لاسم ليو الرابع عشر، لكن العديد من الباباوات على مر السنين استخدموا اسم ليو.
إذ كان أول من استخدم الاسم البابا ليو الأول، المعروف أيضاً باسم القديس ليو الكبير، الذي تولى منصب البابا بين عامي 440 و461 ميلادياً.
وكان البابا ليو الأول، هو البابا الخامس والأربعين في التاريخ، واشتهر بالتزامه بالسلام.
فبحسب الأسطورة، حدثت معجزة ظهور القديسين بطرس وبولس خلال لقاء البابا ليو الأول وملك الهون أتيلا عام 452 ميلادياً، وحينها تراجع الملك عن غزو إيطاليا.
وهو ما صورته اللوحة الجدارية للفنان الإيطالي رافاييل في "ستانزا دي رافائيلو" داخل القصر الرسولي في الفاتيكان.
من هو أخر بابا اختار اسم ليو؟
Getty Images
عُرف الملك ليو الثالث عشر بتفانيه في سبيل العدالة الاجتماعية
أما أخر بابا اختار اسم ليو فكان البابا ليو الثالث عشر، وهو البابا الإيطالي فينتشنزو جيواكينو بيتشي.
انتُخب ليو الثالث عشر عام 1878، وكان البابا السادس والخمسين بعد المائتين على عرش القديس بطرس، وقاد الكنيسة الكاثوليكية حتى وفاته عام 1903.
عُرف البابا ليو الثالث عشر بتكريسه للسياسات والعدالة الاجتماعية، إذ أصدر رسالة عامة بعنوان "Rerum Novarum" - وهي عبارة لاتينية تعني "الجديد".
وتضمنت تلك الرسالة مواضيع مثل حقوق العمال والعدالة الاجتماعية.
ما هي أشهر الأسماء البابوية استخداماً؟
على الرغم من أن اسم ليو من بين أكثر الأسماء البابوية شيوعاً، إلا أن اسم يوحنا هو الأكثر استخداماً بين الباباوات.
وتم اختيار هذا الاسم أول مرة عام 523 من البابا القديس يوحنا الأول.
بينما كان آخر بابا يختار هذا الاسم هو الإيطالي أنجيلو جوزيبي رونكالي، الذي انتُخب بابا للفاتيكان وحمل اسم يوحنا الثالث والعشرون عام 1958.
وفي عام 2014، أعلن البابا فرنسيس، أن يوحنا الثالث والعشرون يُعدّ قديساً.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيف يغيّر اختيار باباوات الفاتيكان ملامح مدنهم الأصلية وتصبح مقاصد سياحية مميزة؟
كيف يغيّر اختيار باباوات الفاتيكان ملامح مدنهم الأصلية وتصبح مقاصد سياحية مميزة؟

الوسط

timeمنذ 5 أيام

  • الوسط

كيف يغيّر اختيار باباوات الفاتيكان ملامح مدنهم الأصلية وتصبح مقاصد سياحية مميزة؟

Getty Images تكتسب الأماكن التي ينحدر منها باباوات الفاتيكان ملامح جديدة بعد اختيارهم لقيادة رأس الكنيسة الكاثوليكية، ومع الإعلان عن اختيار أول بابا أمريكي، هو البابا ليو الرابع عشر، الشهر الجاري، هل تصبح مدينة شيكاغو مرشحة لتصبح منطقة جذب سياحي؟ عندما انطلقت أعمدة الدخان الأبيض في سماء العاصمة الإيطالية روما، الأسبوع الماضي، معلنةً انتخاب البابا الجديد، توجّهت أنظار العالم نحو مدينة الفاتيكان، بيد أن قصة البابا الذي يرأس الكنيسة الكاثوليكية لم تبدأ من ساحة القديس بطرس، بل من مكان بعيد عن ذلك، وفي سابقة تاريخية، تولى منصب البابا شخص أمريكي. خرج البابا ليو الرابع عشر، الذي وُلد على بُعد 4800 ميل في "ساوث سايد" بمدينة شيكاغو، إلى شرفة كاتدرائية القديس بطرس في الثامن من مايو/أيار ليلقي كلمته الأولى أمام حشد يزيد على أربعين ألف شخص. ويقول مايلز باتيندن، محاضر في جامعة أوكسفورد ومتخصص في شؤون الكنيسة الكاثوليكية: "عم الفرح الحشد المجتمع في الساحة، وساد جو من الحماسة، لكن رافقت تلك اللحظات أيضاً شهقات من الدهشة، إذ لم يكن كثيرون يتوقعون اختيار هذا الاسم، وكانت فكرة اختيار بابا أمريكي بعيدة المنال على مدى النصف الثاني من القرن الماضي، ولهذا عمّ شعور بالدهشة". لم تكن الكلمات الأولى التي وجهها البابا ليو للجموع باللغة الإنجليزية، بل اختار أن يتحدث بمزيج من الإيطالية والإسبانية، في لفتة ترمز إلى مسيرته التي امتدت لما يزيد على عشرين عاماً في بيرو، في رمزية على أن هويته تتخطى حدود الوطن الواحد. ويثير ذلك تساؤلاً مهماً: كيف يُشكل موطن البابا الأصلي ملامح قيادته؟ وكيف تتغيّر تلك المواطن في المقابل نتيجةً لتلك العلاقة؟ يقول نيك سبنسر، زميل بارز في مركز "ثيوس" للأبحاث: "لا تنفصم العلاقة بين البابا وموطنه على الإطلاق. فعلى الرغم من كاثوليكية الكنيسة بالمعنى الشامل، إلا أن الباباوات ينحدرون من أماكن بعينها، وتتكوَّن شخصياتهم عبر تجارب محددة". Getty Images تحوّل منزل عائلة البابا يوحنا الثاني متحفاً ومعلماً سياحياً شهيراً كان ذلك واضحاً في شخصية البابا يوحنا بولس الثاني، المولود في مدينة وادوفيتسه البولندية، بحسب قول سبنسر، مضيفاً: "لا يمكن تصور فترة توليه بابا الفاتيكان دون الإقرار بنشأته البولندية وحياته تحت ظل نظامين دكتاتوريين مختلفين في بولندا". تعد وادوفيتسه مدينة صغيرة تقع في جنوب كراكوف، كانت ذات يوم منطقة هادئة ومتعددة الثقافات ضمن إقليم جاليسيا، ولكن بعد اعتلاء البابا يوحنا بولس الثاني الكرسي البابوي، كأول بابا غير إيطالي على كرسي القديس بطرس خلال 455 عاماً، وامتدت فترته من عام 1978 حتى عام 2005، تحولت المدينة إلى مقصد رئيسي للزائرين الكاثوليك. ويقول سبنسر: "في أواخر سبعينيات القرن الماضي، كانت بولندا بلداً تتسم بطابع كاثوليكي صارم، لكن حقيقة وجود بابا بولندي أشعل الحماسة بشكل كبير"، في انعكاس واضح لتأثير الباباوية على موطن البابا يوحنا بولس الثاني. وفي الوقت الحاضر، يتوافد الزائرون إلى منزل العائلة البسيط الذي وُلد فيه البابا يوحنا بولس الثاني، والذي تحوّل إلى متحف، كما يتوافدون على كنيسة الرعية التي كان يخدم فيها والساحة التي كان يلهو فيها أثناء فترة طفولته. وخلال الفترة بين 1996 و2019، سجل عدد السائحين الدوليين الذين زاروا المتحف زيادة تجاوزت الضعف، وفقاً لدراسات لجنة الجغرافيا الصناعية التابعة للجمعية الجغرافية البولندية، مع تسجيل ذروة ملحوظة في عام 2005، وهو عام وفاة البابا يوحنا بولس الثاني، وفي عام 2018، احتفى المتحف باستقبال زائره المليون. ويلفت باتيندن إلى أن ذلك يدل على جاذبية المكان، مضيفاً أن "الزيارات الدينية تحتل أهمية كبيرة بالنسبة للكاثوليك، لأنهم يؤمنون بسحر الأشياء المادية، بما في ذلك أجساد ورفات القديسين، والأدوات التي لمسوها. ولهذا السبب يلجأون إلى زيارة مسقط رأس القديس، ليتبرّكوا بقربهم من هذه المقدسات". وعلى الرغم من ذلك، ليست كل مدينة ينحدر منها بابا الفاتيكان تُدرج ضمن دائرة الاحتفاء، فعلى الرغم من شغله منصب رئيس أساقفة بوينس آيرس لأكثر من عشر سنوات، قام البابا فرنسيس، الذي تُوفي في أبريل/نيسان الماضي، بجولات عبر عدة قارات، وزار 68 دولة خلال اثني عشر عاماً من توليه الباباوية، لكنه لم يُقم بزيارة عودة إلى الأرجنتين. Getty Images قصر الباباوات في أفينيون هو أكبر قصر على الطراز القوطي على الإطلاق وسواء أُعتبرت تلك خطوة حيادية في ظل السياسة المتوترة في بلاده، أو إعلاناً صامتاً يهدف إلى التركيزه على الشأن العالمي، فقد كان غيابه ملحوظاً. وعلى النقيض من نشاط الزيارات السياحية في أماكن مثل مدينة وادوفيتسه، لا يزال مسقط رأس البابا فرنسيس حتى الآن موطناً أكثر منه للعبادة. وعلى الرغم من ذلك، أثّرت أصوله الأرجنتينية في كيفية تصوّر الناس له، إذ عُرف البابا فرنسيس بلقب "بابا الشعب"، وهو لقب استمده من نمط حياته المتواضع، وعمله في الأحياء الفقيرة في بوينس آيرس، وتواصله السلس مع عموم الناس، كما ساهمت خلفيته في تعزيز صورة عامة جسدت التواضع، والقرب من الناس، والاهتمام بالطبقة العاملة. وكان لمولد البابا يوحنا بولس الثاني في بولندا تأثير بالغ على رؤيته العالمية، إذ نشأ وعايش فترة حكم نظامين قمعيين: الاحتلال النازي أولاً، ثم النظام الشيوعي المدعوم من الاتحاد السوفيتي ثانياً، كما تميزت فترة باباويته بالتزامه بحقوق الإنسان، وحرية المعتقد، والمقاومة الأخلاقية، وأصبح صوتاً بارزاً ضد الطغيان الشمولي. وخلال زيارة تاريخية إلى بولندا في عام 1979، كان نداءه، "لا تخافوا"، يحمل أثراً عميقاً في نفوس أبناء بلاده، مما ساعد على تحفيز حركة التضامن التي أسهمت في نهاية المطاف في انهيار الحكم الشيوعي. وفي الوقت الذي نجحت فيه مدينة وادوفيتسه في تحويل الورع إلى رحلة دينية، احتفظت أماكن باباوية أخرى بإرث أكثر تميزاً. ففي قرية شاتونوف-دو-باب، وهي قرية تقع في كروم جنوب فرنسا، لا تزال بصمات باباوات العصور الوسطى تظهر جلياً في النبيذ المحلي للمنطقة. ففي مطلع القرن الرابع عشر، شهدت الباباوية انتقالاً مؤقتاً من روما إلى أفينيون في جنوب فرنسا، وهو حدث شكّل تحولاً بارزاً في تاريخ الكنيسة، إذ أقام سبعة باباوات فرنسيين على التوالي في المدينة خلال الفترة من عام 1309 حتى 1377، هرباً من الاضطرابات السياسية في روما وجذباً لنفوذ التاج الفرنسي. ويُطلق غالبا على هذه الفترة اسم "باباوية أفينيون"، إذ شهد البلاط الباباوي ازدهاراً من حيث مظاهر العظمة، ولا يزال إرثها قائماً في قصر الباباوات، وهو حصن قوطي كان في يوم من الأيام مركزاً روحانياً للكنيسة الكاثوليكية، وعلى الرغم ذلك، أثارت تلك الفترة جدلاً واسعاً، ووُجهت لها اتهامات بالفساد وسيطرة فرنسا المفرطة. كان أحد الباباوات، وهو البابا يوحنا الثاني والعشرون، الذي ينحدر من مدينة كاهور جنوب فرنسا، قد أمر ببناء مقر صيفي جديد في قرية مجاورة، تُعرف اليوم باسم شاتونوف-دو-باب، أو "القلعة الجديدة للبابا"، استُخدم هذا القصر كملجأ حصين وضيعة للكروم، مستفيداً من الموقع المرتفع للمنطقة والظروف الملائمة لزراعة الكروم. Getty Images لا يزال النبيذ المُنتَج في شاتونوف دو باب يحمل شعار البابوية على الزجاجات ولا يزال النبيذ المنتج يحمل شعار الباباوية، المتمثل في مفتاحي القديس بطرس المتقابلين والتيجان الباباوية، كما يمكن للسائحين المشاركة في جولات تجمع بين هذا التاريخ الباباوي العريق وتذوق النبيذ المصنوع من كروم تعود إلى قرون مضت. وعقب انتخاب البابا ليو الرابع عشر مؤخراً، تحوّلت أنظار العالم إلى أصوله في مدينة شيكاغو، وكما هو الحال في الولايات المتحدة، أثارت ولاءاته الرياضية جدلاً واسعاً، حيث دارت مناقشات بشأن إذا كان من مشجعي فريق الكابز أم الوايت سوكس (وقد أكد شقيقه أنه من مشجعي الوايت سوكس)، بيد أن الخبراء يشيرون إلى أن مسيرته قد تختلف عن التوقعات التقليدية. ويقول باتيندن: "إنه (البابا الجديد) أمريكي، لكنه قضى الجزء الأكبر من حياته في أمريكا اللاتينية، ومن اللافت أنه لم يتحدث الإنجليزية أثناء تحيته الأولى، ويشير كل ذلك، بحسب وجهة نظري، إلى أنه يحاول الابتعاد عن هويته الأمريكية". ويضيف سبنسر: "فضلاً عن كونه بابا أمريكياً، فإن ليو يُعد بابا بيروفياً بصورة عميقة جداً، ومن المتوقع أن تكون الروح الدولية متأصلة فيه، وسيكون من المثير متابعة إذا كان لهذا الأمر أي أثر ملموس". والسؤال هل ستحتضن شيكاغو مثل هذه اللحظات الروحية؟ سنرى، إذ من المحتمل أن تستجيب رعايا المدينة والجماعات المهاجرة لهذا التركيز الروحي الجديد، وقد يتوافد السائحون يوماً ما على شوارع ساوث سايد، كما يفعلون الآن في مدينة وادوفيتسه البولندية، أو ربما تظل مركزاً هادئاً يُحترم دون تبجيل، كما هو الحال مع مدينة بوينس آيرس الخاصة بالبابا فرنسيس. ويبدو واضحاً أن الصلة التي تربط بين البابا والمكان تبقى لفترة أطول من تلاشي الدخان الأبيض، الذي يعلن اختياره لتولي منصب البابا، هذه الصلة عدسة يُعاد من خلالها تفسير إرث البابا وإعادة تصوّره. فمن ملصقات النبيذ في جنوب فرنسا إلى الرحلات المدرسية في بولندا، تتغير هذه الأماكن بفعل قربها من السلطة، وبحكم وظيفة البابا، وبحضور المؤمنين الباحثين عما هو أكثر من مجرد مسقط رأس هذا البابا.

ليو الرابع عشر: ماذا وراء الأسماء التي يختارها باباوات الفاتيكان بعد انتخابهم؟
ليو الرابع عشر: ماذا وراء الأسماء التي يختارها باباوات الفاتيكان بعد انتخابهم؟

الوسط

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • الوسط

ليو الرابع عشر: ماذا وراء الأسماء التي يختارها باباوات الفاتيكان بعد انتخابهم؟

Reuters انتُخب الكاردينال روبرت بريفوست بابا للفاتيكان، وسيُعرف باسم البابا ليو الرابع عشر، يُعدّ هذا الرجل، البالغ من العمر 69 عاماً، أول أمريكي يتولى هذا المنصب، وسيقود كاثوليك العالم الذين يبلغ تعدادهم 1.4 مليار نسمة. وُلد بريفوست في شيكاغو، ويُنظر إليه على أنه مُصلح، إذ عمل لسنوات عديدة مُبشراً في بيرو قبل أن يُعيّن رئيساً للأساقفة هناك. كما يحمل بريفوست الجنسية البيروفية، وعُرف عن شخصيته المودة، إذ عمل مع المجتمعات المهمّشة وساهم في بناء جسور التواصل في الكنيسة. لماذا اختار البابا اسماً مختلفاً؟ أول ما يقوم به البابا الجديد عقب انتخابه، اختيار اسم جديد، أي تغيير اسم معموديته. ويُعد هذا الإجراء جزءاً من تقليد عريق، على الرغم من عدم الالتزام به في بعض الأحيان. لأكثر من 500 عام، استخدم الباباوات أسماءهم الخاصة، ثم تغيّرت هذه الأسماء إلى أسماء رمزية لتبسيطها أو للإشارة إليهم كباباوات سابقين. وعلى مر السنين، اختار الباباوات في الغالب أسماء أسلافهم سواءً المباشرين أو البعيدين، بدافع الاحترام أو الإعجاب، أو للإشارة إلى رغبتهم في السير على خطاهم ومواصلة البابويات التي اعتبروها مهمة. على سبيل المثال، قال البابا فرنسيس إنه اختار اسمه تكريماً للقديس فرنسيس الأسيزي، وأوضح أنه استلهم هذا الاسم من صديقه البرازيلي الكاردينال كلاوديو هومز. Reuters أبدى الأمريكيون فرحتهم بانتخاب أول بابا من الولايات المتحدة لماذا اختار البابا الجديد "ليو الرابع عشر" إسماً له؟ Reuters لم يُحدد البابا الجديد بعد سبب اختياره لاسم ليو الرابع عشر، لكن العديد من الباباوات على مر السنين استخدموا اسم ليو. إذ كان أول من استخدم الاسم البابا ليو الأول، المعروف أيضاً باسم القديس ليو الكبير، الذي تولى منصب البابا بين عامي 440 و461 ميلادياً. وكان البابا ليو الأول، هو البابا الخامس والأربعين في التاريخ، واشتهر بالتزامه بالسلام. فبحسب الأسطورة، حدثت معجزة ظهور القديسين بطرس وبولس خلال لقاء البابا ليو الأول وملك الهون أتيلا عام 452 ميلادياً، وحينها تراجع الملك عن غزو إيطاليا. وهو ما صورته اللوحة الجدارية للفنان الإيطالي رافاييل في "ستانزا دي رافائيلو" داخل القصر الرسولي في الفاتيكان. من هو أخر بابا اختار اسم ليو؟ Getty Images عُرف الملك ليو الثالث عشر بتفانيه في سبيل العدالة الاجتماعية أما أخر بابا اختار اسم ليو فكان البابا ليو الثالث عشر، وهو البابا الإيطالي فينتشنزو جيواكينو بيتشي. انتُخب ليو الثالث عشر عام 1878، وكان البابا السادس والخمسين بعد المائتين على عرش القديس بطرس، وقاد الكنيسة الكاثوليكية حتى وفاته عام 1903. عُرف البابا ليو الثالث عشر بتكريسه للسياسات والعدالة الاجتماعية، إذ أصدر رسالة عامة بعنوان "Rerum Novarum" - وهي عبارة لاتينية تعني "الجديد". وتضمنت تلك الرسالة مواضيع مثل حقوق العمال والعدالة الاجتماعية. ما هي أشهر الأسماء البابوية استخداماً؟ على الرغم من أن اسم ليو من بين أكثر الأسماء البابوية شيوعاً، إلا أن اسم يوحنا هو الأكثر استخداماً بين الباباوات. وتم اختيار هذا الاسم أول مرة عام 523 من البابا القديس يوحنا الأول. بينما كان آخر بابا يختار هذا الاسم هو الإيطالي أنجيلو جوزيبي رونكالي، الذي انتُخب بابا للفاتيكان وحمل اسم يوحنا الثالث والعشرون عام 1958. وفي عام 2014، أعلن البابا فرنسيس، أن يوحنا الثالث والعشرون يُعدّ قديساً.

كيف كان ملوك مصر القديمة يحترمون حقوق العمال و"يقدسون" دورهم؟
كيف كان ملوك مصر القديمة يحترمون حقوق العمال و"يقدسون" دورهم؟

الوسط

time٠١-٠٥-٢٠٢٥

  • الوسط

كيف كان ملوك مصر القديمة يحترمون حقوق العمال و"يقدسون" دورهم؟

Getty Images جدارية في مقبرة الوزير رخمي رع لمجموعة من النجارين يعملون في تابوت خشبي مذهب، من عصر الأسرة 18 (1594-1295 قبل الميلاد) "اجتهد في كل وقت، افعل أكثر مما هو مطلوب منك، لا تُضع الوقت إذا كنت قادراً على العمل، مكروه كل من يسيء اغتنام وقته. لا تهدر فرصة تعزز ثروة بيتك، فالعمل يأتي بالثروة، والثروة لا تدوم إذا هجرت العمل"، هذا المقتطف مثال لتعاليم أدبية أعلت من شأن العمل وقيمته في الفكر المصري القديم، وأبرزت إيمان المصريين بأنه سبيل كل إنتاج، ومصدر كل بناء على المستويين الاجتماعي والحضاري. وتكشف العديد من النقوش والنصوص المصرية القديمة أن العامل لم يكن مجرد تُرس في آلة لصنع الحضارة، بل كان عنصراً أساسياً وشريكاً روحياً في عملية البناء، ويحظى باهتمام واحترام أصحاب "صروح المجد" من معابد وأهرامات وقصور، وقد سجّلت تلك النصوص جانباً مهماً من تفاصيل حياة هؤلاء العمال، موثّقة ظروف عملهم، بل وحتى احتجاجاتهم ومطالبهم العادلة. إن دراسة تلك النصوص تفتح نافذة على أقدم وعي حضاري بحقوق الإنسان العامل، بل تُبرز كيف أن حضارة وادي النيل لم تكن حضارة عمارة وفنون فحسب، بل أيضاً حضارة مفاهيم إنسانية وعدالة اجتماعية، كما يتضح من نصوص مثل بردية "دير المدينة"، والتي تعتبر من أقدم الوثائق التي تسجّل شكوى جماعية لعمال تأخرت أجورهم، مما يسلّط الضوء على وجود نوع من الوعي بالحقوق في تلك الفترة. Getty Images عامل مصري أثناء ثقب إطار كرسي باستخدام مثقاب متحرك بقوس، من مقبرة الوزير "رخمي رع"، من عصر الأسرة 18 (1594-1295 قبل الميلاد) كان المجتمع المصري قديماً على قدر كبير من التراتبية الطبقية، تتمثل نخبته في مجموعة من علية القوم والمتعلمين والمنتسبين إلى الملك الحاكم، ثم تأتي طبقة المهن والحرف، الطبقة الوسطى في المجتمع، التي تزاول عملها في بيئة حضرية في أغلب الأحوال وفي ظل نظام إداري. كانت الأعمال الحرفية هي الأكثر استقراراً في البلاد، وتخضع لنظام دقيق يحكمها، وتشير النصوص المصرية القديمة إلى أن حياة العمال والحرفيين كانت أكثر يسراً مقارنة بالفلاحين. وكان العمال يتسلّمون بصفة منتظمة أجورهم عيناً، كما يتضح من نص للملك رعمسيس الثاني، من عصر الأسرة الـ 19 (1298-1187 قبل الميلاد)، بحسب تقسيم عصور تاريخ مصر القديم، أورده العالم الفرنسي، جان بيير ماري مونتيه، في دراسته بعنوان "الحياة اليومية في مصر في عصر الرعامسة"، وهو نقش على لوحة تذكارية أقامها الملك في معبد أيونو. يقول الملك مخاطباً عمال المحاجر: "ملأت المخازن بجميع الفطائر واللحوم والكعك لتأكلوها، وأنواع العطور لتعطروا رؤوسكم بها كل عشرة أيام، وصنادل تنتعلوها كل يوم، وملابس تلبسونها طوال العام". ويضيف: "عينت لكم رجالاً يحضرون لكم الطيور والأسماك، وآخرين يحسبون كم هو مستحق لكم، أمرت بتشييد ورشة فخار تصنع لكم الآواني الفخارية ليظل ماؤكم صافياً في الصيف، ومن أجلكم أبحرت السفن دوماً من الجنوب إلى الشمال ومن الشمال إلى الجنوب تحمل لكم الشعير والحبوب والقمح والملح والخبز". "احترام العامل" Getty Images نحاتون أثناء عملية نحت أحد التماثيل، الأسرة الخامسة (2392-2282 قبل الميلاد)، مصطبة "تي" في سقارة عرفت مصر القديمة تكريم العمال من جانب بعض الشخصيات منذ عصر الدولة القديمة (3150-2117 قبل الميلاد)، ومثال ذلك مدير ضيعة يعرف باسم "منى"، من عصر الأسرة الرابعة (2520-2392 قبل الميلاد)، يقول في نص إنه كافأ بسخاء كل من ساهم في بناء وزخرفة مقبرته: "لن يندم أبداً كل من ساهم في بنائها، سواء كان فناناً أو قاطع أحجار، لقد أعطيت كل شخص مكافأته". ويؤكد أحد القضاة، من عصر الأسرة الخامسة (2392-2282 قبل الميلاد)، نفس المفهوم في نص آخر يشير إلى احترام طبقة العمال قائلاً: "جميع من عملوا في هذه المقبرة نالوا أجرهم بالكامل من خبز وجعة وملابس وزيت وقمح بكميات كبيرة، كما أنني لم أُكره أحداً على العمل". وكان الملك "أمنحتب الأول"، من عصر الأسرة الـ 18 (1594-1295 قبل الميلاد)، أول من ابتكر فكرة تكوين طائفة خاصة من العمال والفنانين، لذا أصبح محل "تقديس" بعد وفاته، واستقر هؤلاء العمال في قرية تعرف باسم "دير المدينة"، وكانت محاطةً بسياج وتتألف من سبعين منزلاً بملحقاتها. وتشير الوثائق إلى أن هؤلاء العمال كانوا يعملون تحت مراقبة سلطة الوزير المكلف بإمدادهم بالأدوات اللازمة للعمل، كما كانت الدولة مكلفة بإمدادهم بالمواد الغذائية، وكانت طائفة العمال تتألف من 60 إلى 120 عاملاً يُقسّمون إلى قسمين، كل قسم يخضع لسلطة رئيس عمال يحمل كل منهما لقب "كبير الفرقة أو المجموعة". Getty Images لوحة لعملية نقل سلال الحبوب إلى المخزن على ظهر حمار، ثم يتولى الحمالون رفع السلال إلى فتحة وإلقاء المحتوى في مخزن، من عصر الانتقال الأول (نحو2181–2040 قبل الميلاد). وتشير أوستراكا، (كلمة يونانية مفردها أوستراكون تستخدم في الآثار للإشارة إلى قطعة فخار مكسورة)، مؤرخة في العام الأربعين من حكم الملك رعمسيس الثاني (1279-1212 قبل الميلاد)، من عصر الأسرة الـ 19، محفوظة في المتحف البريطاني، كتب عليها رئيس العمال أسماء عمّاله، البالغ عددهم 43 عاملاً، وأمام كل عامل عدد الأيام التي تغيبها عن العمل، وأعذار التخلف عن العمل بالمداد الأحمر، وكذا التأخير عن نوبة العمل. وكان من بين أسباب الغياب عن العمل "المرض بعدوى، أو لدغة عقرب، أو بسبب تقديم القرابين للآلهة"، كما كان تقلب مزاج الزوجة سبباً في بعض الأحيان في تخلف عامل عن نوبة عمله، أو قيامه ببعض الأعمال المنزلية. وكانت الدولة تمد هؤلاء العمال وأسرهم بحصص تموينية تعرف بنظام "الجرايات"، وكان أجرهم يُدفع عيناً في هيئة مواد غذائية تُصرف من مخازن الدولة شهرياً كالقمح والشعير والأسماك والخضراوات وماء الشرب، بالإضافة إلى حوافز الاجتهاد في العمل وتضم البلح والجعة. كان الابن يرث مهنة أبيه في الغالب، وكان من الممكن لأي شاب يتحلى بموهبة أن يحتل مكاناً أرفع مما وصل إليه والده، وتشير نصوص تعود إلى عصر الأسرة الـ 18 إلى تفاخر البعض بكفاحهم، وأنهم صعدوا السلم الوظيفي من بدايته "من دون تأثير من أقارب"، أو التفاخر بأنه "من أسرة بسيطة، ولم يكن من أصحاب الجاه في مدينته". "أول ثورة عمالية في التاريخ" Getty Images عمال في حوض لصناعة السفن، الأسرة الخامسة (2392-2282 قبل الميلاد)، مصطبة "تي" في سقارة عرفت مصر القديمة أول ثورة اجتماعية في التاريخ، حدثت في عهد الملك بيبي الثاني، من عصر الأسرة السادسة (2282-2117 قبل الميلاد)، بعد أن بلغ من العمر 94 عاماً، وازداد ضعفه تاركاً السلطة لحفنة من أفراد الجهاز الإداري الطامحين للسلطة، وسلطت مصادر أدبية الضوء على هذه الثورة مثل بردية "إيبوور" وبردية "هاريس" ونبوءة "نفرتي" وبردية "اليأس من الحياة". وتعتبر بردية "إيبوور"، المحفوظة في متحف ليدن الهولندي، المكتوبة بالخط الهيراطيقي، خير دليل على ما أصاب البلاد من فوضى وفساد أدى إلى سقوط الأسرة السادسة، وانهيار طبقات المجتمع بما في ذلك طبقة العمال الذين فقدوا سبل الرزق، وتفشت البطالة. ويصف "إيبوور" في نصه الأدبي نقلا عن الترجمة الفرنسية للنص المصري القديم للعالمة كلير لالويت، في دراستها بعنوان "نصوص مقدسة ونصوص دنيوية من مصر القديمة" ضمن نماذج الفكر العالمي لمنظمة اليونسكو، تردي الأوضاع وتفشي الحزن والفوضى في المجتمع. ويقول مقتطف من النص: "لم يعد الناس يحرثون الحقول، وهجم الناس على مخازن الحكومة وسرقوها، واعتدوا على مقابر الملوك. صب الشعب غضبه على الأغنياء فنهبوا القصور وأحرقوها...، واختفت البسمة، فلا أحد يبتسم، واختلطت الشكوى التي تعم البلاد بالنحيب، حقاً أصبح العظيم والفقير يقول: يا ليتني مت قبل حدوث هذا، والأطفال الصغار يقولون كان يجب ألا أكون على قيد الحياة". وتعطلت الزراعة كما يشير النص: "فاض النيل ولا يوجد أحد يحرث من أجل نفسه، وأصبح الناس جميعاً يقولون لسنا نعرف ما الذي سيحدث في هذه الدنيا، وشحت الحبوب"، وتأثرت الصناعة أيضاً، ويقول النص: "أصبح الصناع لا يعملون، ودمر أعداء البلاد فنونها". Getty Images رسم بارز لنجارين يعملون في بناء مصطبة في مقبرة "تي" من عصر الأسرة الخامسة في سقارة كما تأتي الثورة العمالية في عهد الملك رعمسس الثالث، من عصر الأسرة الـ 20 (1187-1069 قبل الميلاد)، لتصف أول إضراب عمّالي ذكرته النصوص الأدبية، مثل بردية "هاريس" وبردية "تورينو"، ولعل أسبابها هو إنهاك خزينة الدولة بسبب حروب خاضها الملك رعمسيس الثالث لحماية مصر من هجمات شعوب البحر، إلى جانب سيطرة الكهنة على ثروات البلاد، الأمر الذي أدى إلى عجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه عمّال، تأخر استلامهم مخصصاتهم العينية أكثر من مرة. ونظم العمال إضرابهم في العام 29 من حكم الملك رعمسيس الثالث (1185-1153 قبل الميلاد)، وهو إضراب استمر ثلاثة أيام، وتجمع العمال خلف معبد الملك تحوتمس الثالث، ودارت مناقشات بين العمال ورجال الشرطة. ويحتفظ متحف "تورينو" في إيطاليا ببردية أشبه بيوميات تروي هذا الإضراب وتشير في مضمونها إلى أنه مر بمراحل، حتى وصل إلى مرحلة التحذير، كما تشير الترجمة الفرنسية للنص الذي ذكره العالم فرانسوا دوما، في دراسته "حضارة مصر الفرعونية" نقلا عن النص المصري القديم. يقول النص: "لقد أوصلنا الجوع والعطش إلى ما وصلنا إليه، لا توجد ملابس، ولا يوجد زيت لدينا، ولا يوجد سمك عندنا ولا خضراوات. أبلغوا الفرعون، له الحياة والصحة والقوة، سيدنا الكامل. هيا أبلغوا أيضا الوزير رئيسنا، ليمنحنا سبل الحياة". وبعد أن نفد صبرهم اتجهوا إلى مهاجمة مخازن الغلال عند معبد الرامسيوم لنهبها وهم يرددون عبارة "نحن جائعون"، ليمتد الإضراب بعدها إلى ثورة ضد فساد الإدارة المركزية، وهو ما اتضح جليا من عزوف العمال لفترات طويلة عن أداء أعمالهم في منشآت مقابر الملوك. "شركاء في الخلود" Getty Images نجاران أثناء أداء بعض المهام في يوم عملهما ادعى كثيرون أن الحضارة المصرية، وعلى رأسها، أهرام الجيزة، شيدها شعب أجنبي كان يملك وسائل متقدمة غير معروفة بالنسبة للعمال المصريين القدماء، وأن هذه الوسائل اختفت من مصر باختفاء هذا الشعب. وذهب البعض من أمثال إريخ فون دانيكين إلى أن "فضائيين" بنوا الأهرام عندما زاروا كوكب الأرض منذ آلاف السنين، وكانت أطرف النظريات تلك التي روّجها مؤلفون روس تقول إن بناة الأهرام جاءوا من إندونيسيا منذ 10 أو 12 ألف عام بعد أن دمرت الكوارث الطبيعية مدينتهم، حسبما ذكر بيل شول وإد بتيت في دراستهما "سر قوة الهرم الأكبر". بيد أن الثابت من الناحية التاريخية والأثرية أن العمال المصريين القدماء اتبعوا في تشييد عمارتهم الضخمة أبسط الوسائل المتاحة لهم، وهو رأي تؤيده البقايا الأثرية التي عثر عليها علماء الآثار المصرية في مواقع مثل الأهرامات، على سبيل المثال، وواضحة في الرسوم والصور التي سجّلها المصريون على آثارهم. ونلفت إلى أن الدوافع الروحية عند المصريين عموماً، ولدى العامل خصوصاً، كانت محركاً رئيسياً لسلوكياتهم، كما يدل على ذلك ما تركوه من نقوش ومخطوطات، لاعتقادهم بأنهم "سيُبعثون بعد الموت ويعيشون حياتهم الأخرى مطابقةً تماماً لحياتهم الدنيا"، معتقدين أن الملك "الذي كان يعيشون في رعايته في الحياة الدنيا هو نفسه الملك الذي سيعيشون في رعايته في الحياة الأخرى بعد البعث"، لذا كان ذلك الاعتقاد يمدهم بطاقة روحية تتجاوز الدوافع المادية من أجور مجزية من الدولة. ويقول عبد المنعم عبد الحليم سيد، أستاذ التاريخ القديم بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، في دراسته "المغالطات والافتراءات الصهيونية على تاريخ وحضارة مصر الفرعونية والرد عليها وتفنيدها من واقع الأدلة الأثرية" إن العمال المصريين "استخدموا في بناء المباني الضخمة والأهرامات أبسط الوسائل وهي المنحدرات والمماشي التي تحيط بالبناء، والتي كانوا يسحبون عليها الكتل الحجرية ثم الهزازات لرفع الكتل الضخمة من طبقة إلى الطبقة التي تليها". ويدل على ذلك رسم على جدران مقبرة الوزير رخمي رع (عصر تحتمس الثالث) في غرب طيبة (الأقصر) وهو يمثل دفع كتلة حجرية مستطيلة فوق منحدر مبني من الطوب اللبن، ويظهر من الرسم أن هذه الكتلة هي عتب علوي لتسقيف قاعة أعمدة يظهر منها ثلاثة أعمدة، حسبما ذكر. Getty Images لوحة في مقبرة قن آمون، غرب الأقصر، لعدد من الخبازين يخلطون العجين، ويملأون قوالب الخبز، من عصر الأسرة الثامنة عشرة كما تكشف الحفائر الأثرية لمقابر عمال بناء الأهرام، الواقعة جنوب شرقي تمثال أبو الهول، خلف الحائط الحجري المعروف باسم "حائط الغراب"، عن قدر اهتمام الملوك بعمّالهم البسطاء ورغبتهم في دفنهم معهم بالقرب من مقابرهم الملكية تقديراً لجهودهم، إذ تنقسم هذه المقابر إلى قسمين: مقابر الجبانة السُفلية التي دُفن فيها العمال الذين نقلوا الأحجار والمعدات، والجبانة العُلوية التي دُفن بها بعض الإداريين والمشرفين والحرفيين وأصحاب المهن. ويقول رمضان عبده علي، أستاذ الآثار المصرية بكلية الآداب جامعة المنيا في دراسته "تاريخ مصر القديمة ومظاهر حضارتها ودحض ما قيل بشأنها من مزاعم وأباطيل" إنهم (أي علماء الآثار) وجدوا "في مقابر عمال بناة الأهرام أن الجبانة السُفلية (جبانة العمال البسطاء) أبسط حالاً من تلك الجبانة العُلوية، وترجع جميع هذه المقابر إلى عصر الدولة القديمة". ويضيف: "نخرج في ضوء هذا الكشف الهام بعدة حقائق منها: الجبانة السفلية البسيطة تضم مقابر ذات طابع وطراز محلي .. وعُثر في بعض هذه المقابر البسيطة على أنواع مختلفة من الأحجار التي كانت تستخدم في بناء الأهرام، وكان العامل المصري يحتفظ بها لكي يستعملها في بناء مقبرته، ووُجد بعضها مبنية من الطوب اللبن ومُدعّمة بأحجار مما تبقى من مخلفات بناء الأهرام". وعن اهتمام الدولة بعمالها أثناء دورة عملهم، يقول عبده علي: "كُشف في المنطقة عن مكان كانت تجفف فيه الأسماك. وعُثر أيضاً على منطقة كانت تُخزن فيها الحبوب والأدوات التي كانت تستخدم في البناء...، كما عُثر على أقدم مخبز لإعداد الخبز، وكان القائمون على هذه المقابر يقومون بإعداد الخبز وتوزيعه على العمال...، كما عُثر على أطباق من الفخار لتقديم الطعام، ويؤرخ هذا الفخار بعصر الأسرة الرابعة". Getty Images عمال يحملون متعلقات خلال موكب جنائزي من مقبرة الوزير "رخمي رع"، من عصر الأسرة 18 حوالي 1425 قبل الميلاد ويلفت زاهي حواس في دراسته "بناة الهرم" إلى العثور على "أدلة بأن السمك كان يملح ويُخزن في صفائح أو جرايات من الفخار، لكي يأكله العمال على فترات مختلفة. وهذا هو الحل الوحيد في عملية إعاشة العمال، لأن هذا النوع من الأسماك (وهو يشبه البلطي المعروف في ريف مصر) كان يخزّن ويبقى شهوراً لإطعامهم". والثابت أن السلطة القائمة على بناء الهرم كانت تغير العمال كل ثلاثة أشهر بما لا يخل بأعمالهم الأساسية في زراعة الأراضي، كما عُثر على رفات تشير إلى حدوث إصابات عمل وعلاجها، بل وخضوع البعض لعمليات جراحية لعلاج كسور بسبب إصابات عمل، في دلالة على توفير السلطة الحاكمة نظام للرعاية الصحية للعمال. كانت الحضارة المصرية القديمة سابقة في احترام قيمة العمل وتقدير العامل، فجعلت من البناء عملاً يحظى بتقدير خاص، ومن العامل شريكاً في الخلود مع الملك، كما أثبتت الاكتشافات الأثرية الحديثة، كما ذكرنا، أن عمال مصر القديمة لم يكونوا بمثابة أدوات كما روّج البعض، بل كانوا أصحاب مهارة، يعملون في نظام دقيق ومنضبط، تحت رعاية الدولة، ويتقاضون أجراً، ويُكفَل لهم السكن والطعام والرعاية الصحية. ويصف الفرنسي غريمال في دراسته عبقرية الحضارة المصرية بأنها "سحرت ألباب جميع من اقتربوا منها، رغم وقوفهم عاجزين عن سبر أغوار آليات هذا النظام، التي تكشف عن حكمة راسخة وقدرة على الاستمرار، وكان اليونانيون بالتحديد أول من شدوا الرحال إلى مصر، ولما عجزوا عن نقل قيمها الأساسية إلى مدنهم، نشروا عن مصر الصورة التي جاءوا يبحثون عنها، فهي منهل الفكر البشري وبلد جدير بالاحترام".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store