logo

الدولة وضغط الشعب

الوطن١١-٠٢-٢٠٢٥

ربما أخطأ الرئيس الأسبق المختار ولد داداه حين جمع كل الفرقاء السياسيين تحت عباءة الحزب الواحد فكُشف الحاجز مباشرة بين الحكومة وبين الشعب وفقد الرئيس وحزبه ذلك التعاطف الشعبي الذي طالما يبلغ ذروته حين تتطرف المعارضة أو تفقد بعض مصداقيتها.
غاب عن فطنة الرئيس المختار ولد داداه، رغم براعته السياسية، حقيقةٌ مفادها أن المعارضةَ تمثل صمامَ أمانٍ قوامهُ التجربةُ والحنكةُ والنضال. هذا الحاجزُ ضروري للفصل بين اندفاع الجماهير العاطفي وسياساتِ الدولة الرزينة. وبغيابِهِ، تتولى الجماهيرُ غيرُ الواعية زمامَ التقييم، وقد تنقادُ في ذلك لأهوائها ونزعاتِها، بل وأطماعِها الشخصية."
لا أهدف من خلال حديثي عن حقبة ما قبل عام 1978 إلى استحضار الماضي أو التوق إليه، بل أريد استخلاص العبر من التاريخ. فالتاريخ، كما أراه، يسير وفق حركة لولبية تجمع بين مسارين: مسار خطي مستقيم يتجه نحو المستقبل، وآخر دائري يعيدنا إلى نقطة البداية، ولكن بنصف قطر يختلف تبعًا لخصوصية كل مجتمع.
يبدو أن حركة التاريخ عندنا بشقها الدائري ذات نصف قطر قصير مقارنة بالأمم الأخرى، فحين استطاع نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني احتواء أركان المعارضة التقليدية "العريقة " وحين أجمع الساسة الموريتانيون المشهود لهم بمقارعة الأنظمة السابقة على دعمه، هنالك وصلت الدائرة نفس النقطة التاريخية التي دخل عندها الكادحون في حزب الشعب! ولأن حركة التاريخ ذات شقين فقد بلغ المسار الخطي المستقيم عصر السوشيال ميديا، وكما هي عادتنا في استيعاب كل جديد وتطويعه لخصوصيتنا، فقد استخدمنا وسائل التواصل الاجتماعي على طريقتنا. ففي غياب معارضةٍ فاعلة في المشهد السياسي الراهن، وجدَ الشعبُ متنفسًا جديدًا للتعبير عن آرائه وتطلعاته. فمنصات التواصل المختلفة، كفيسبوك وتويتر وتيك توك، أصبحتْ فضاءً رحبًا للمواطنين للتفاعل والنقاش، وإن كان هذا الفضاء يعجُّ في بعض الأحيان بـِ"وافدين جدد" يفتقرون إلى الخبرة السياسية والتجربة النضالية اللازمة لتقييم أداء الدولة.
صراحة لا أنوي أن أخصص بقية المقال لوسائل التواصل الاجتماعي وإنما لأتحدث عن بعض نتائجها خصوصا تلك المتعلقة بضغوط المدونين على الدولة وتراجع الدولة عن بعض قراراتها نتيجة لتلك الضغوط.
من البديهي أن تسعى الدولة جاهدة لاتخاذ قرارات رشيدة ومدروسة، تصب في خدمة الصالح العام. بيد أن الخطأ يبقى واردًا، وحتى في هذه الحالة، تتجلى أهمية المؤسسات الرقابية، وعلى رأسها البرلمان، والمعارضة الوطنية، والصحافة الحقيقية، والمجتمع المدني، وهيئات حقوق الإنسان، في تسليط الضوء على أوجه القصور وتقديم سبل التصحيح. لكنْ الخلل يظهر بشكل جلي حين يتحول تضررُ فردٍ أو جماعةٍ من قرارٍ حكومي إلى ذريعةٍ لتجييشِ المدونين، الذين لا يملكون من المصداقية إلا عدد متابعيهم، بهدف إلغاء القرار، بدلًا من تقويمه أو تعديله.
كثرة الرجوع عن القرارات تشي بالارتباك والرضوخ لأسراب "اللايكات " والتعاليق غير الجادة أمر لا يتناسب مع القرارات الاستراتيجية، كما أن الانسياق وراء "التريندات" العابرة يتنافى مع جدول أعمال الحكومة المزدحم بالتحديات والمسؤوليات.
إذا ما هو الحل؟
أرى أن الحل الأمثل يكمن في اتباع نهج متكامل، قوامهُ أربعةُ عناصرَ أساسية:
أولًا، التأني والتروي في دراسة القرارات قبل اتخاذها، سواء على مستوى الدولة أو المؤسسات التابعة لها.
ثانيًا، تفعيل دور الإعلام الحكومي وتعزيزه بناطقين رسميين يتمتعون بفصاحة اللسان والقدرة على شرح القرارات والدفاع عنها بحجج مقنعة.
ثالثًا، إفساح المجال لمعارضة حقيقية وبناءة، مع الحرص على انتخاب نواب برلمانيين يتمتعون بالكفاءة والتنوع، بالإضافة إلى دعم صحافة حرة مهنية، ومجتمع مدني فاعل لا يضم "جمعيات حقائب" وهمية.
رابعًا، إصلاح منظومة التعليم، وتشجيع القراءة والتثقيف الذاتي، بما يكفل تكوين مجتمعٍ مُحصَّن بإذن الله ضدّ الغوغائية و"البث المباشر المدفوع."

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حظر تيليجرام في فيتنام بسبب أنشطة غير قانونية
حظر تيليجرام في فيتنام بسبب أنشطة غير قانونية

المناطق السعودية

timeمنذ 3 أيام

  • المناطق السعودية

حظر تيليجرام في فيتنام بسبب أنشطة غير قانونية

أمرت وزارة التكنولوجيا الفيتنامية مزودي خدمات الاتصالات بحظر تطبيق المراسلة 'تيليجرام'، بحجة عدم تعاونه في مكافحة الجرائم المزعومة التي يرتكبها مستخدموه، وهي خطوة وصفتها الشركة بـ 'المفاجئة'. وذكرت منصة 'إنفستنج' المتخصصة في التحليلات الاقتصادية أن الوزارة تحركت بعد أن أفادت الشرطة بأن 68% من أصل 9 آلاف و600 قناة ومجموعة على تطبيق 'تيليجرام' في فيتنام تنتهك القانون، مشيرة إلى وجود أنشطة غير قانونية تُرتكب من خلال التطبيق من بينها، الاحتيال، وتجارة المخدرات، وحالات يُشتبه في ارتباطها بالإرهاب. وطلبت الوزارة من مزودي خدمات الاتصالات تطبيق حلول وإجراءات لمنع أنشطة تطبيق 'تيليجرام' في فيتنام. وقال مسؤول في وزارة التكنولوجيا إن الخطوة جاءت بعد أن رفض تطبيق 'تيليجرام' مشاركة بيانات المستخدمين مع الحكومة عندما طُلب منه ذلك ضمن تحقيقات جنائية. وحذرت الشرطة الفيتنامية ووسائل الإعلام الرسمية مرارًا من الجرائم والاحتيال وتسريبات البيانات التي تُرتكب من خلال قنوات ومجموعات تيليجرام. وكانت معلومات من الشرطة قد أشارت إلى أن العديد من المجموعات التي تضم عشرات الآلاف من الأعضاء أُنشئت من قبل معارضين وفاعلين تفاعليين لنشر وثائق مناهضة للحكومة. وقد طلبت الحكومة الفيتنامية مرارًا من شركات التواصل الاجتماعي مثل 'فيسبوك' و'يوتيوب' و'تيك توك' التعاون مع السلطات لحذف المحتوى الذي تعتبره 'سامًا'، بما في ذلك المحتوى الكاذب أو المسيء أو المناهض للدولة. تجدر الإشارة إلى أن تطبيق 'تيليجرام'، المجاني الذي يضم نحو مليار مستخدم عالميًا، كان محورًا للجدل في عدة دول من بينها فرنسا، بسبب مخاوف تتعلق بالأمن وتسريب البيانات.

الاتحاد الأوروبي يحذر عمالقة التكنولوجيا: سنطبق لوائحنا على الجميع
الاتحاد الأوروبي يحذر عمالقة التكنولوجيا: سنطبق لوائحنا على الجميع

الشرق السعودية

time٢١-٠٤-٢٠٢٥

  • الشرق السعودية

الاتحاد الأوروبي يحذر عمالقة التكنولوجيا: سنطبق لوائحنا على الجميع

طالبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، شركات التكنولوجيا الكبرى، ومن بينها إكس، وميتا، وأبل، وتيك توك، بالامتثال للوائح الرقمية للاتحاد الأوروبي بالكامل؛ مشددة على أن بروكسل ستطبق لوائحها، بغض النظر عن هوية المسؤول عن الشركات أو موقعها. وأضافت، في ردود مكتوبة على أسئلة صحيفة "بوليتيكو"، بشأن التزام الاتحاد الأوروبي بقواعده الرقمية: "ينبغي تطبيق القواعد التي صوّت عليها شركاؤنا في البرلمان الأوروبي". وتابعت: "لهذا السبب أقمنا دعاوى قضائية ضد تيك توك، وإكس، وأبل، وميتا، على سبيل المثال لا الحصر... نطبق القواعد بإنصاف وبشكل متناسب ودون تحيّز، لا يهمنا مكان الشركة أو من يديرها... يهمنا حماية الناس". ووفقاً للصحيفة، تشير هذه التصريحات إلى أن الاتحاد الأوروبي يعتزم تطبيق حزمة شاملة من القواعد الرقمية، التي تعرضت لانتقادات لاذعة من كبار أعضاء إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وذكرت "بوليتيكو" أن نائب الرئيس جي دي فانس، قاد حملةً ضد القوانين الأوروبية، مثل "قانون الخدمات الرقمية" (DSA)، الذي يحكم المحتوى، أو قانون الذكاء الاصطناعي، بحجة أنها تُقيّد حرية التعبير، وتُخنق الابتكار في أوروبا. وقبل شهرين من الانتخابات الرئاسية الأميركية، ربط فانس بشكل مباشر بين استمرار مشاركة واشنطن في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقواعد أوروبا الرقمية، قائلاً إن الولايات المتحدة ربما تنسحب من التحالف، إذا طبّق الاتحاد الأوروبي قواعده على المنصات. مخاوف من غضب ترمب وأثار هذا الضغط مخاوف من أن يمتنع الاتحاد الأوروبي عن تطبيق قوانينه، لتجنب إثارة غضب إدارة ترمب؛ لا سيما في خضمّ نقاشات متوترة بشأن التعريفات التجارية الأميركية التي تستهدف أوروبا. ولفتت "بوليتيكو"، إلى أن التأخير الواضح في فرض غرامات متوقعة منذ فترة، وتحديداً تلك المتعلقة بتطبيق قانون الأسواق الرقمية، الذي يهدف إلى "ضمان سوق رقمية عادلة"، وقانون الخدمات الرقمية، عزز هذه المخاوف، فيما شكا بعض المسؤولين بشكل صريح مما وصفوه بـ"التسييس" الواضح لتطبيق شركات التكنولوجيا الكبرى للقواعد. ويُعدّ إصرار فون دير لاين، على أن الاتحاد الأوروبي سيلتزم بتطبيق قوانينه ضد أي شركة "بغض النظر عمن يديرها"، بمثابة ردّ على هذه الانتقادات. والملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة "إكس" هو أحد الداعمين الرئيسيين لترمب، ويلعب دوراً في إدارته بصفته رئيساً لإدارة "الكفاءة الحكومية". وتدرس المفوضية الأوروبية حالياً فرض غرامات محتملة على منصة "إكس" بعد اختتام تحقيق ضدها في يناير. وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في أوائل أبريل، أن بروكسل ستفرض غرامة تصل إلى مليار دولار، على الرغم من نفي متحدث باسم المفوضية هذه الأنباء.

"ميتا" تتوسع في حسابات المراهقين إلى فيسبوك وماسنجر
"ميتا" تتوسع في حسابات المراهقين إلى فيسبوك وماسنجر

العربية

time١٠-٠٤-٢٠٢٥

  • العربية

"ميتا" تتوسع في حسابات المراهقين إلى فيسبوك وماسنجر

أعلنت شركة ميتا أنها ستطرح ميزة "حسابات المراهقين" على "فيسبوك" و"ماسنجر" يوم الثلاثاء، في ظلّ انتقادات متواصلة موجهة للشركة لعدم بذلها جهودًا كافية لحماية المستخدمين الشباب من المخاطر على الإنترنت. وقالت الشركة إن تحسينات الخصوصية والرقابة الأبوية، التي طُبّقت على "إنستغرام" العام الماضي، ستُعالج المخاوف بشأن طريقة قضاء المراهقين لوقتهم على منصات التواصل الاجتماعي، بحسب وكالة رويترز. ويأتي توسع "ميتا" في ميزات الأمان للمراهقين في الوقت الذي يُعلن فيه بعض المشرعين عزمهم المضي قدمًا في تشريعات مقترحة، مثل قانون سلامة الأطفال على الإنترنت (KOSA)، الذي يهدف إلى حماية الأطفال من مخاطر منصات التواصل الاجتماعي. ويواجه كل من "ميتا"، و"تيك توك" من شركة بايت دانس، و"يوتيوب "من "غوغل"، مئات الدعاوى القضائية المرفوعة نيابةً عن الأطفال والمناطق التعليمية بشأن الطبيعة الإدمانية لمواقع التواصل الاجتماعي. وفي عام 2023، رفعت 33 ولاية أميركية، بما في ذلك كاليفورنيا ونيويورك، دعاوى قضائية ضد الشركة بتهمة تضليل الجمهور بشأن مخاطر منصاتها. وقالت "ميتا" إن المراهقين دون سن 16 عامًا سيحتاجون إلى إذن الوالدين قبل السماح لهم بالبث المباشر وتعطيل ميزة تُطمس تلقائيًا الصور التي يُحتمل أن تحتوي على عُري في الرسائل المباشرة. وأضافت الشركة: "سنبدأ في تضمين هذه التحديثات خلال الشهرين المقبلين". وفي يوليو 2024، قدم مجلس الشيوخ الأميركي مشروعي قانونين للسلامة على الإنترنت -قانون سلامة الأطفال على الإنترنت وقانون حماية خصوصية الأطفال والمراهقين على الإنترنت- من شأنهما إجبار شركات مواقع التواصل الاجتماعي على تحمل مسؤولية تأثير منصاتها على الأطفال والمراهقين. ورفض مجلس النواب، الذي يقوده الجمهوريون، طرح مشروع قانون "سلامة الأطفال على الإنترنت" للتصويت العام الماضي، لكنه أشار في جلسة استماع للجنة أواخر الشهر الماضي إلى أنهم ما زالوا يخططون للمضي قدمًا في سن قوانين جديدة لحماية الأطفال على الإنترنت. وتسمح منصات رئيسية، بما في ذلك "فيسبوك" و"إنستغرام" و"تيك توك"، للمستخدمين الذين تبلغ أعمارهم 13 عامًا فأكثر بالتسجيل لإنشاء حساب. ما هي حسابات المراهقين؟ تعتمد آلية عمل حسابات المراهقين على العمر الذي يُصرّح به المستخدم عند التسجيل. سيتمكن من تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عامًا من تعطيل إعدادات الأمان الافتراضية، مثل ضبط حساباتهم على الوضع الخاص. لكن يجب على من تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عامًا الحصول على إذن الوالدين لتعطيل هذه الإعدادات، وهو أمر لا يمكن القيام به إلا بإضافة أحد الوالدين أو الوصي إلى حساباتهم. وتقول شركة ميتا إنها نقلت ما لا يقل عن 54 مليون مراهق حول العالم إلى حسابات مراهقين منذ إطلاقها في سبتمبر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store