
فضل قريش ينتهي بالهجرة النبوية
الاستبدال سنّة إلهية، جوهرها أن الله قادر على أن يبدل قومًا بآخرين إذا أعرضوا عن نصرة الحق، وهذا ما وقع بين قريش ورسول الله ﷺ، إذ رأت قريش في دعوته وسيلةً لطلب الحكم والسلطة، وظنوا أن بني هاشم يطمعون في السيادة على مكة والجزيرة العربية تحت راية الدين. وهذه النظرة القاصرة لم تفارق الكفار والمنافقين في كل عصر، وهي لا تزال حاضرةً حتى يومنا هذا.
وبسبب هذه النظرة العدائية تجاه الرسول ﷺ ورسالته، تعرّضت القلة المؤمنة لظلم واضطهاد شديد على يد صناديد قريش. ولو أن قريش آمنت بالرسول ﷺ، لكان ذلك خيرًا لهم في دينهم ودنياهم، ولكانوا سادة العرب بفضل الله ودينه، إذ لا شرف يعلو على شرف نصرة النبي والإيمان به وبورثة الكتاب من بعده.
وقد كان كفرهم العلني وقمعهم لأنصار النبي في مكة سببًا في الهجرة النبوية التي انتقل فيها الرسول ﷺ إلى يثرب، حيث وجد أمةً مؤمنةً تنصره وتؤمن برسالته. وبذلك حظي الأنصار (الأوس والخزرج) بالشرف العظيم والرفعة العليا، وكان لهم قصب السبق في رفع راية الإسلام، فهم أنصار الله وأنصار رسوله، وقد خلّد الله ذكرهم في كتابه فقال: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ﴾ [الحشر: 9]، وقال النبي ﷺ فيهم: 'لو سلك الناس واديًا وسلكت الأنصار واديًا، لسلكت وادي الأنصار'.
وعليه، فإن الحديث عن 'فضل قريش' مجرد ترهات لإبطال الدين، ووسيلة لمحاربة الرسول والأنصار، وقد تمكّن بنو أمية من توظيف هذا الادعاء في العهد الأموي، حيث سعى معاوية وابنه إلى القضاء على الأنصار، للأسباب نفسها التي دفعت قريش لمحاربة النبي ﷺ وآله. وكان بنو أمية صرحاء في عدائهم للنبي والوحي، ولم يتورعوا عن المجاهرة بالكفر، وهذا التيار هو امتداد لنهج قريش القديم في كل دوافعه. ولولا ما جرى في السقيفة، لما تمكّنوا من الانتقام من النبي ﷺ وآله وأنصاره.
ففتنة السقيفة، ومخالفة وصية الرسول ﷺ في يوم الغدير، كلفت الأمة الإسلامية الكثير، منها: الانتقام من الرسول عبر استهداف آل بيته وقتلهم الواحد تلو الآخر، انتقاماً لقتلى قريش يوم بدر، إضافة إلى إبادة الأنصار في يوم الحرة على يد يزيد بن معاوية، لعنة الله.
ومن الدعايات التي روّج لها الأمويون، أن النبي ﷺ كان من الخزرج، استنادًا إلى مصاهرة سابقة منذ زمن جده هاشم، الذي تزوّج بامرأة خزرجية من بني النجار، وأنجب منها عبد المطلب، جدّ رسول الله ﷺ. ولهذا قال يزيد: ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا *** جزعَ الخزرجِ من وقعِ الأسل
بل إن الفئة الأخرى من المنافقين كانت من قريش نفسها، وسعت إلى إذلال الأنصار حتى في عهد النبي ﷺ، وقد ساوى الله بينهم وبين منافقي يثرب، باعتبارهم فئتين متساويتين في النفاق، فلا فرق بين الطائفة المنافقة بقيادة عبدالله بن أبي، وهي الطائفة المعترضة على هجرة النبي وأصحابه إلى يثرب، وترى في ذلك نوعاً من الطمع والابتزاز، فيما الفئة الأخرى من المهاجرين، وتعمل على إذلال الأنصار بدعاوٍ مختلفة منها قرابتهم لرسول الله، وقد التقت الفئتان في سقيفة بني ساعدة للالتفاف على وصية الرسول، والعامل المشترك بين الفئتين أنهما لا يرون محمد بن عبدالله الهاشمي نبياً يوحى إليه، بل رجلاً أراد الملك عبر المشروع الديني، ومن حق غيره أن يفعل كما فعل من أجل السلطة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
فؤاد الحميري السيل الهادر والشاعر الثائر
زيد الشامي 2025/6/27م طوى الأستاذ فؤاد الحميري حياته: القصيرة في أيامها، الممتدة بتأثيرها، المليئة بالخير والعطاء والتضحية والفداء، وقد ظل يفيض خُلُـقـًا وكَـرمـًا ونُـبْـلًا، يحمل همَّ وطنه وشعبه وأمته، وينافح عن دينه وعقيدته، ويدافع عن قضايا المسلمين في كل مكان، وكانت قضية فلسطين حاضرة في فكره وأدبه وشعره. وظل صوته صادعـًا بالحق في وجوه الظالمين والمستكبرين، لا يخشى في الله لومة لائم، وكتب بدم قلبه صفحات لا تنسى من العز والمجد وقيم الحرية والعدالة، ومقاومة الطغاة والبغاة، لله وفي سبيله، لا ينتظر من بشر جزاءً ولا شكورًا. كان رحمه الله صاحب الكلمة الصادقة، والعزيمة الفولاذية، والمواقف الشجاعة، والأراء المسددة، والنظرات الثاقبة، ما وهنَ لترغيب، ولا خاف من ترهيب، وعاش عفيفا نزيها، جاعلًا الدنيا خلف ظهره، حتى ودعها خفيفـًا من أثقالها، بعيدًا عن أوزارها، وعانى من التشرد والبعد عن الوطن، وواجه آلام المرض بصبر جميل، من دون شكوى ولا أنين، جعل الله ذلك في ميزان حسناته. ظل الأستاذ فؤاد الحميري بلبلًا يصدح بالأمل، وينظر للمستقبل بتفاؤل، ويدعو للتغيير والإصلاح من دون يأس، ويسعى ليرى وطنه عزيزًا مزدهـرًا، فكان مُبهـرًا في حديثه وشعره، رائعـًا في إخلاصه ولطفه وتواضعه، كبيرًا في حبه لكل الناس. لقد اشتهر الأستاذ فؤاد شاعرًا مُلْـهَـما ينسج بكلماته معاني العزة والشموخ، ويفجر في النفوس كوامن التضحية والفداء، لكنه كان أيضـًا خطيبـًا مفَـوَّهـًا، وعالمـًا فقيهـًا، وفيلسوفـًا يسبر أغوار السلوك الإنساني، ويتفحص حوادث التاريخ ويستنبط منها الحِكَـم والعبر والعظات، لا يقف باكيـًا على الأطلال، بل يبني منها سُلَّمـًا يتجاوز به عوامل الإحباط، ويستنهض الهمم، لتخوض غمار التحدي وتستعيد المجد التليد، وتبني المستقبل السعيد. كان رحمه الله تلميذًا نجيبـًا للشيخ محمد بن إسماعيل العمراني رحمه الله، ونهل من علمه وداوم على حضور دروسه، فكان طالب العلم القريب من شيخه، لا تفوته واقعة إلا عرف تفاصيلها، ولا مسألة حتى يتعلم أحكامها.. وهو كذلك جليس أديب اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح رحمه الله الذي أخذ بيده وصقل موهبته ودفع به في المنتديات والملتقيات، وهكذا أخذ العلم من مصادره والأدب من مظانّه، واجتمعت لديه القدرة والموهبة وتهيأ له الوسط العلمي والأدبي المساعد على التعلم والتلقي والإبداع، فصار العالم المتمكن، والشاعر الثائر، والخطيب الذي يحرك المشاعر، وانعكس ذلك على انتاجه الشعري والأدبي والعلمي الغنيّ والكثير، ومقتضى الوفاء له بعد موته أن تجمع كل أعماله وتصدر في كتب تثري المكتبة العربية والإسلامية أدبـًا وشعرا ونثرا وثقافة، فقد كان مدرسة متميزة رسم فيها معالم التضحية والفداء، والشجاعة والعطاء، فكان السيل الهادر، والشاعر الثائر، والعالم المتبحر، والمجاهد الصابر، جمع الله له من الصفات ما تفرق في غيره من الرموز والأعلام، ووهبه القبول ومحبة الناس، رحمه الله وكتبه في الصالحين، وحشره في المهديين، وأسكنه الفردوس الأعلى في جنات النعيم.


اليمن الآن
منذ 2 ساعات
- اليمن الآن
تعز.. رئيس البرلمان يقدم واجب العزاء في وفاة رجل الأعمال الحاج أحمد عبد الله الشيباني
قدّم الشيخ سلطان البركاني، رئيس مجلس النواب ، الامين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام،آ السبت، واجب العزاء إلى أسرة وأبناء الفقيد الحاج أحمد عبدالله الشيباني، الشخصية الاقتصادية والاجتماعية البارزة، الذي وافته المنية مؤخراً في العاصمة المصرية القاهرة. وشارك البركاني أبناء الفقيد وذويه في منزلهم بمدينة تعز، حيث تقدم المعزين بحضور كل من وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور خالد الوصابي، وعضو مجلس النواب الشيخ علي الوافي، إضافة إلى عدد من القيادات العسكرية والأمنية ومدراء المديريات والمكاتب التنفيذية، وقادة الأحزاب والمكونات السياسية والوجاهات الاجتماعية في المحافظة. نموذج لرجل الأعمال الوطني وفي كلمته خلال زيارة العزاء، أعرب رئيس مجلس النواب عن خالص تعازيه لأبناء وأسرة الشيباني، مُثمناً ما قدمه الفقيد خلال حياته من دعم كبير للتنمية والاستثمار الوطني، خاصة في الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن. وقال البركاني إن الحاج أحمد الشيباني كان نموذجاً مشرفاً لرجل الأعمال المخلص، الذي لم يقتصر دوره على الجانب التجاري فحسب، بل امتدت مساهماته إلى العمل الخيري والإنساني، وكان مصدر خير للكثيرين بسعيه لمحبة الله ورضاه. رحيله جمع القلوب وأشاد البركاني بتأثير رحيل الفقيد على أبنائه، الذين وصفهم بأنهم "وحدوا صفوفهم وتماسكوا في لحظة فقدان"، مشيراً إلى أن ذكرى والدهم الطيبة أسهمت في تجمع القلوب حول محبته، ورفض أي تدخل خارجي يمكن أن يؤثر على تماسكهم. وأكد أن التركة الحقيقية التي تركها الشيباني ليست فقط في الإنجازات التجارية، بل في القيم الإنسانية التي غرسها في أبنائه من "المحبة، والوحدة، والتراحم، والتسامح". دعوة إلى اللحمة والتعاون جدد رئيس مجلس النواب دعوته لأبناء الفقيد إلى الاستمرار في السير على نهج والدهم، بالابتعاد عن خلافات الماضي، والاجتماع دائماً على المحبة والأخوة، ليكونوا كما أرادهم والدهم: "يداً بيد، متآزرين ومتحابين، في وجه الفرقة والخلاف". وشدد على ضرورة استكمال مسيرة الحاج أحمد الشيباني، من خلال حمل رايته والتمسك بمبادئه الأخلاقية والوطنية. بدورهم، أعرب أبناء الحاج أحمد الشيباني وآل الشيباني عن شكرهم وامتنانهم للزيارة الكريمة من رئيس مجلس النواب، مشيدين بمشاعره الصادقة وجهوده المستمرة في التواصل مع المواطنين. وتمنوا للشيخ سلطان البركاني دوام التوفيق والنجاح في مهامه الوطنية، مؤكدين اعتزازهم بدوره في تعزيز اللحمة المجتمعية وتقوية الروابط بين النخبة والمواطنين. آ


يمنات الأخباري
منذ 2 ساعات
- يمنات الأخباري
قاضي يطالب النيابة العامة بتحريك الدعوى الجزائية ضد الجهات المعنية ومزارعي الخضروات المروية بالمجاري في صنعاء
طالب القاضي أحمد الخبي النيابة العامة بصنعاء تحريك الدعوى الجزائية تجاه مزارعي الخضروات على ضفاف سائلة الصرف بصنعاء والجهات الحكومية المسؤولة. توسع ولفت الخبي على حسابه في الفيسبوك إلى توسع رقعة الزراعة على ضفاف سائلة مجاري العاصمة صنعاء. وأكد انه لا يجوز التغاضي عما يحصل، مبينا ان خضار وفواكه صارت تروى بالمجاري. وقال القاضي الخبي إن لا احد يتكلم عن تلك المساحات الزراعية التي تروى بالمجاري. مبينا ان المساحات تلك باتت تتمدد، وتكاد تقترب من مطار صنعاء الدولي ومنطقة بني الحارث. ونوه القاضي الخبي إلى أن جمع المال فقط، صار هو الغاية، معلنا انه يبرأ الى الله تعالى مما يجري.