
جيل زد: هل يُوازن بين العمل والحياة.. وكيف يحمي نفسه من الإرهاق المهني؟
نعم عزيزتي؛ ما قرأته صحيح. فهناك عددٌ من مشاهير العالم، وفي مجالاتٍ مختلفة، مشهورون ليس في إبداعاتهم الفنية والرياضية وغيرها، بل من خلال اتسامهم بالقلق معظم الأوقات.
مشاهير القلق هم اشخاصٌ استطاعوا أن يخرجوا عن صمتهم ويُعلنوا لجمهورهم عن إصابتهم باضطراب القلق، وكيف قاموا بتخطي هذه المرحلة، منهم سيلينا جوميز التي أعلنت في العام 2016 غيابها عن الجمهور بسبب نوبات الهلع التي كانت تنتابها، كما أشارت إلى معاناتها من الاكتئاب والقلق الذي تعيشه بعد إصابتها بمرض الذئبة.
أريانا غراندي، وبعد التفجير الكبير الذي تعرضت له خلال حفلها بمدينة مانشستر أرينا؛ صرحت لإحدى المجلات البريطانية أنها تعاني من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، وأنها تعاني من القلق الشديد إثر هذا الحادث.
بدورها؛ صرَحت الممثلة العالمية إيما ستون خلال إحدى لقاءاتها الصحفية عن أول نوبة ذعر حدثت لها عندما كانت تبلغ من العمر 7 سنوات، بعد نشوب حريقٍ في منزل أحد الأصدقاء دون أن يدري الموجودون فيه، حتى وجدوا الأثاث يحترق أمامهم والمنزل يكاد يهدم، مشيرةً إلى قول أحدهم: أننا سوف نموت. وبعد فترةٍ وجيزة من حدوث الحريق، بدأت نوبة الهلع الاولى، وقمت بزيارة الطبيب النفسي لأول مرة، حتى تم تشخيصها باضطراب القلق العام.
في المجال الرياضي؛ واجه مايكل فيلبس، السباح الأولمبي الأكثر تتويجاً في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، بعض الصراعات بعد تعاطي المخدرات وإدمان الكحول. واعترف انه يعاني من الاضطرابات المزاجية على الدوام. بدورها صرَحت نعومي أوساكا، لاعبة التنس المشهورة وبعد فوزها على سيرينا ويليامز في بطولة أمريكا المفتوحة عام 2018؛ أنه يمكن لكل شخص أن يُصاب بالاكتئاب بسهولة في حال كان يمارس الرياضة.
اللائحة طويلة ولا تتسع لسطور مقالتنا اليوم، التي نُسلَط الضوء فيها على مشكلةٍ شائعة بين معظم أفراد المجتمع، من الجنسين ومختلف الأعمار والأدوار. إنها مشكلة الإرهاق المهني التي تحرق الأعصاب، بالمعنى المجازي بالطبع، فضلًا عن تأثيرها السلبي على الصحة الجسدية والعقلية على حد سواء. وجيل اليوم، جيل Z، ليس بمنأى عن هذه المشكلة؛ بل يمكن القول أنهم من أكثر الأجيال عرضةً للإرهاق المهني وصعوبات التوازن بين العمل والحياة، بسبب سرعة حياتهم وتعرَضهم الكثيف للتكنولوجيا والمنصات الرقمية المتسارعة.
الدكتور أنور الحمادي أخصائي الطب النفسي في مجموعة مستشفيات ميدكير
تحدثنا إلى الدكتور أنور الحمادي، أخصائي الطب النفسي في مجموعة مستشفيات ميدكير، دبي حول هذه المشكلة؛ وكيف يمكن لجيل زد الوقاية من الإرهاق المهني وتبعاته السلبية على حياتهم بالعموم. فكان هذا اللقاء الممتع الذي نأمل من خلال موقع "هي"، أن يُساعد ولو بشكلٍ بسيط، في توعية جيل اليوم على أهمية صحتهم النفسية وضرورة العناية بها.
يقول الدكتور الحمادي:
في عصر السرعة والتقنيات المتطورة، باتت الحدود بين العمل والحياة الشخصية شبه معدومة. يقضي الكثيرون ساعات عملٍ طويلة، يتخللها اتصالٌ دائم عبر الهواتف ورسائل البريد الإلكتروني حتى في أوقات الراحة. وقد أدى هذا الواقع الجديد إلى ارتفاع مستويات التوتر والإجهاد وصولاً إلى الإرهاق المهني أو الاحتراق النفسي (Burnout)، وهي حالةٌ تمَ تصنيفها من قبل منظمة الصحة العالمية كظاهرةٍ مهنية ينبغي التصدَي لها.
ماهو الإرهاق المهني من وجهة نظر الطب النفسي؟
الإرهاق المهني هو حالةٌ من الإجهاد العاطفي والذهني والجسدي المزمن، نتيجة التعرض لفتراتٍ طويلة من الضغوط الوظيفية بدون فتراتٍ كافية للراحة والتعافي. ويتميز بثلاثة أبعاد رئيسية بحسب مقياس Maslach Burnout Inventory:
1. الإرهاق العاطفي: الشعور بالنفاد الكامل من الطاقة.
2. التبلَد النفسي: فقدان الشعور بالاهتمام تجاه العمل والعملاء والزملاء.
3. انخفاض الإنجاز الشخصي: الشعور بعدم القدرة على تحقيق النجاح أو التأثير الإيجابي.
ووفقًا لدراسة منشورة في مجلة Lancet Psychiatry، يُعدَ الأطباء والعاملون في القطاع الصحي الأكثر عرضةً للإصابة بالإرهاق النفسي، حيث تصل النسبة في بعض التخصصات إلى 45% من الممارسين.
ما هي أسباب وعوامل خطورة الإرهاق المهني؟
هناك الحقيقة، العديد من الأسباب التي تقف وراء إصابتنا بالإرهاق المهني، تتمثل في:
• ضغط العمل المرتفع مع ضعف الموارد.
• انعدام التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
• الصراعات التنظيمية وضعف التواصل الإداري.
• غياب الدعم النفسي والاجتماعي في بيئة العمل.
• العمل في بيئات عالية المخاطر مثل الرعاية الصحية أو الطوارئ.
مع ضرورة التنبيه إلى المضاعفات النفسية والطبية للإرهاق، والتي وفق أبحاثٍ منشورة في PubMed وJournal of Occupational Health Psychology قد تصل إلى حد:
1. القلق والاكتئاب.
2. اضطرابات النوم.
3. الأمراض الجسدية المُزمنة مثل أمراض القلب والشرايين.
4. تدهور العلاقات الاجتماعية والأسرية.
5. زيادة نسبة الأخطاء المهنية وحوادث العمل.
من هنا؛ يتضح لنا أهمية تعلَم إدارة التوتر والإرهاق المهني، لتجنب هذه المضاعفات وتأثيراتها السلبية، على المديين القصير والطويل، على حياتنا ورفاهنا.
الجيل زد Z يعاني من الإرهاق المهني
كيف تتم إدارة التوتر والوقاية من الإرهاق؟
ثمة نوعان من طرق الإدارة، يمكن توظيفها في معالجة التوتر الزائد في العمل، والوقاية من الإرهاق المهني. يُوردها الدكتور الحمادي على النحو التالي:
1. تقنيات الإدارة النفسية: وتتضمنالتأمل واليقظة الذهنية (Mindfulness Meditation)؛ العلاج السلوكي المعرفي (CBT)؛ تمارين التنفس العميق والاسترخاء العضلي؛ الرياضة المنتظمة، بالإضافة إلى التواصل الاجتماعي والدعم النفسي.
2. تعزيز الصحة المهنية: من خلال وضع حدودٍ واضحة بين العمل والحياة الشخصية؛ تنظيم الأولويات والمهام اليومية؛ الحصول على فترات استراحةٍ منتظمة، وبالتأكيد التواصل مع الإدارة في حال ضغط العمل.
النقطة الأخيرة مهمة وأساسية، بحسب الدكتور الحمادي؛ فالمسؤولية في العمل لا تقع فقط على عاتق الأفراد، بل على المؤسسات وأصحاب العمل أيضًا عبر:
• تقديم برامج دعم الموظفين (EAP).
• تبنَي ثقافة تنظيمية تُشجع على التوازن.
• تدريب المدراء للتعرف المبكر على علامات الإرهاق.
• تصميم بيئات عملٍ مرنة وصحية نفسيًا.
ماذا عن أهمية النوم والتغذية في الوقاية من الإرهاق المهني؟
مهمةٌ للغاية؛ فقلة النوم قد تزيد من إفراز هرمون الكورتيزول المسؤول عن التوتر، وبالتالي يحتاج المرء منا للحصول على ساعات نومٍ كافية كل ليلة. فيما تساعد التغذية المتوازنة على تعزيز المزاج والطاقة الذهنية.
متى نطلب المساعدة النفسية؟
في حال لم تُفلح كل الخيارات السابقة، في إراحة جيل زد من الإرهاق المهني والنفسي الذي يعاني منه، فإن طلب المساعدة النفسية يصبح ضرورةً ملحة خاصةً في حال استمرار الشعور بالإجهاد رغم الراحة؛ ظهور أعراض اكتئاب أو قلق مستمر، والتأثير السلبي على العلاقات أو الأداء المهني.
من الضروري اتباع بعض الخطوات الحياتية والنفسية لتجنب الإرهاق المهني وتبعاته
في الختام؛ يؤكد الدكتور أنور الحمادي: "الصحة النفسية في بيئة العمل أصبحت قضيةً حيوية لا تقل أهمية عن الأمان الجسدي. الإرهاق المهني قابلٌ للعلاج والوقاية، شرط أن نمتلك الوعي الذاتي ونتبنَى استراتيجياتٍ نفسية مدروسة مع دعم المؤسسات."
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 11 ساعات
- الشرق الأوسط
6 أطعمة غنية بمضادات الأكسدة يجب عليك تناولها لصحة أفضل
عادة ما يطلق مصطلح الأكسدة على العملية التي تفقد فيها الذرة أو الجزيء بعض الإلكترونات بسبب تفاعل كيميائي، أما في سياق النظام الغذائي فالمقصود بها هي المواد الموجودة في العناصر الغذائية التي تحمي الجزيئات البيولوجية مثل الحمض النووي من النشاط المدمر المحتمل، مثل الفيتامينات ومركبات نباتية شائعة. تتوفر مضادات الأكسدة في مجموعة متنوعة من الأطعمة، ولكنها غالباً ما ترتبط بالخضراوات والفواكه والبقوليات. يُعد التوت، بما في ذلك التوت الأزرق والتوت الأحمر والفراولة والتوت الأسود، من بين الفواكه التي تحتوي على أعلى مستويات مضادات الأكسدة. من بين العناصر الغذائية الموجودة في التوت التي تعمل مضادات للأكسدة في الجسم فيتامينات أ، ج، وهـ. كما يحتوي التوت على مستويات عالية من الأنثوسيانين، والتي تُعتبر أقوى مضادات أكسدة الموجودة في الطبيعة. تُصنف الفاصوليا، وتحديداً الفاصوليا الحمراء الصغيرة، والفاصوليا الحمراء، وفاصوليا بينتو، ضمن قائمة وزارة الزراعة الأميركية لأفضل 20 نوعاً من الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة. يحتوي التفاح على مستويات عالية من الفلافونويدات، وهي مغذيات نباتية تعمل مضادات للالتهاب ومضادات الأكسدة في الجسم. وفقاً للدراسات، يحتوي التفاح على مستويات عالية من المركبات الفينولية، التي توجد بشكل رئيسي في اللب والقشرة. في بعض أنواع التفاح، يحتوي اللب على نسبة أعلى من مضادات الأكسدة، بينما في أنواع أخرى، تحتوي القشرة على أعلى مستويات المركبات الفينولية. تحتوي المكسرات على البوليفينولات، وتحديداً الكاتيكين، وهي نوع آخر من المركبات النباتية التي تُوفر فوائد مضادة للأكسدة عند تناولها. يُعتقد أن الجوز والبقان يحتويان على أعلى نسبة من البوليفينولات، ولكن المكسرات الأخرى، بما في ذلك اللوز والبندق والفستق والكاجو والفول السوداني، تُقدم فوائد أيضاً. تُزودك زبدة المكسرات، بما في ذلك زبدة الفول السوداني، بالبوليفينولات التي تُساعد على درء أضرار الجذور الحرة. الشوكولاتة الداكنة غنية جداً بمضادات الأكسدة حيث تحتوي على الكاكاو، الغني بالكاتشين والفلافونويد ومركبات فينولية أخرى، مما يُضفي عليها فوائدها الصحية. السبانخ، والكرنب، والكرنب الأخضر، والسلق السويسري، والجرجير، كلها خيارات رائعة لمن يبحثون عن المزيد من مضادات الأكسدة في نظامهم الغذائي، نظراً لمستوياتها العالية من الفيتامينات A و C و E، بالإضافة إلى الكاروتينات الموجودة فيها، فهي تعتبر من الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة.


الشرق السعودية
منذ 13 ساعات
- الشرق السعودية
هل تعاني من الاكتئاب؟.. طبيب يعالج المرضى بحضور مباريات كرة القدم
كانت ولا تزال كرة القدم أكثر من مجرد لعبة، ففي إحدى مقاطعات إنجلترا ظهرت مبادرة تهدف إلى مكافحة الاكتئاب الخفيف والمتوسط من خلال اللعبة الشعبية الأولى في العالم. في مقاطعة غلوستيرشير الإنجليزية، ظهرت المبادرة المبتكرة التي تكافح ظاهرة الاكتئاب بطريقة غير تقليدية، من خلال منح تذاكر لمشاهدة مباريات كرة القدم في الملاعب. يقترح المشروع التجريبي، الذي يقوده النائب العمالي والطبيب سيمون أوبر، بالتعاون مع مالك نادي فورست غرين روفرز، أن حضور مباريات كرة القدم يمكن أن يكون له فوائد علاجية تضاهي، أو حتى أكبر من العلاج بالعقاقير في بعض الحالات. تذاكر مجانية سيسمح المخطط للمرضى من عشرات المراكز الطبية القريبة من ملعب نيو لاون في نايلزورث بإحالتهم لحضور مباريات فورست غرين روفرز، وهو فريق يلعب في الدوري الوطني (الدرجة الخامسة لكرة القدم الإنجليزية). كرة الدوري الإنجليزي الممتاز قبل مباراة وست هام وبرينتفورد - 15 فبراير 2025 - Reuters وستتوفر التذاكر، التي يقدمها النادي نفسه مجاناً، طوال الموسم، بدءاً من أول مباراة على أرضه في 16 أغسطس ضد يوفيل تاون. قال أوبر، في تصريحات نقلتها يومية "MARCA" عن "BBC": "معظم الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب لا يحتاجون إلى دواء، بل يحتاجون إلى التواصل الإنساني". وأضاف: "هناك شيئ ما في مشاهدة كرة القدم يمنحك إحساساً بالتواصل الاجتماعي. إحدى أكبر المشاكل في مجتمعنا هي العزلة الاجتماعية. إنها سامة. وقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في ذلك. فنحن لم نعد نذهب إلى الحانات كثيراً، ولم نعد نعيش كعائلة، وهذا له آثار سلبية للغاية على الصحة". ووفقاً لأوبر، فإن حوالي 80% من المرضى الذين يتلقون مثل هذه الوصفات الاجتماعية يتبعونها بنشاط، مما يؤثر في كثير من الحالات بشكل إيجابي على صحتهم: "بالنسبة للكثيرين، كان ذلك بمثابة تحول. حتى أنهم توقفوا عن القدوم للاستشارات، وهي علامة رائعة".


الشرق الأوسط
منذ 14 ساعات
- الشرق الأوسط
4 طرق سهلة ومجانية لمكافحة الالتهاب المزمن في الجسم
تتزايد المنتجات والأساليب العلاجية، مثل أقنعة الضوء الأحمر وأنظمة إزالة الانتفاخ، التي تزعم أنها تحارب علامات الالتهاب. وحتى الأنظمة الغذائية التي أثبتت فاعليتها في مكافحة الالتهاب المزمن. لكن مشاكل التكلفة وصعوبة الوصول إليها قد تعيق هذه الحلول. بالإضافة إلى ما سبق، قد لا تعالج هذه الحلول السبب الجذري الرئيسي، حيث تشير الأدلة المتزايدة إلى أن التوتر المزمن يمكن أن يُسبب الالتهاب المزمن. ووفقاً لصحيفة «الغارديان» البريطانية؛ للوقاية من التوتر المزمن وإدارته، ينصح المتخصصون بالـ«وصفات الاجتماعية»، أو الأنشطة غير الطبية لتخفيف التوتر. غالباً ما تكون هذه الأنشطة مجانية، الدكتور آلان سيجل، المدير التنفيذي لمنظمة «الوصفات الاجتماعية في الولايات المتحدة» غير الربحية، وطبيب عائلة في مستشفى كايزر بيرماننت في أوكلاند، يصف لمرضاه جولات مجتمعية، ودروساً في الرسم، وزيارات للمتاحف، ويقول: «سواء دخل شخص إلى عيادتي مصاباً بداء السكري من النوع الثاني أو بالاكتئاب، فقد رأيت كيف يمكن للوصفات الاجتماعية أن تساعد المرضى على الشفاء التام وتبني أنماط حياة صحية على المدى الطويل». تطبق أكثر من 30 دولة وعشرات الولايات الأميركية برامج للوصفات الاجتماعية؛ ما أدى إلى تحسين الصحة وتقليل الضغط على الرعاية الصحية. ولكن حتى من دون وصفة طبية أو ميزانية ضخمة، يمكن لأي شخص الانخراط في هذه الأنشطة المضادة للالتهابات المدعومة علمياً. الالتهاب، هو استجابة الجسم للعدوى أو الإصابة أو غيرها من التهديدات، وهو موضوع شائع في عالم الصحة. حتى إن بعض العلماء وصفوا الالتهاب بأنه سبب لجميع الأمراض. ولكن ما الذي يسبب الالتهاب في الواقع، وما الذي يكافحه؟ في بعض السياقات، يكون الالتهاب مفيداً. عندما يواجه الجسم خطراً حاداً، مثل التهاب الأذن أو التواء الكاحل، فإنه يستجيب بالتهاب حاد، وهي عملية مناعية تتميز بالحمى والتورم والألم في المنطقة المصابة. ولكن في مواجهة التهديدات المزمنة، مثل الصدمات أو ضغوط العمل، يمكن أن يصبح الالتهاب الحاد مزمناً أيضاً، وقد تتعطل الاستجابات المناعية والتوترية والقلبية. تربط الأبحاث الالتهاب المزمن بانخفاض الحالة المزاجية، وضعف الإدراك، ومخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية، ومجموعة من حالات الصحة العقلية، بما في ذلك الاكتئاب والخرف. يُعرف الانخراط في البيئات الطبيعية باستخدام جميع الحواس الخمس بتأثيره على الصحة العامة. ولكن وفقاً للدكتور تشينغ لي، أستاذ الطب السريري في كلية الطب اليابانية في طوكيو، يمكن أن يُساعد الوجود في الطبيعة مثل الغابات في دعم الأداء السليم لمحور الغدة النخامية الكظرية (HPA)، وهو عنصر أساسي في التحكم في الاستجابة للإجهاد والالتهاب. يمكن للفن أيضاً أن يُخفف من التوتر المزمن. في إحدى الدراسات، لاحظ البالغون الأصحاء الذين شاركوا في جلسة فنية لمدة 45 دقيقة انخفاضاً ملحوظاً في مستويات الكورتيزول بعد ذلك. تقول الدكتورة جيريجا كيمال، أستاذة علاجات الفنون الإبداعية في جامعة دريكسل، والمؤلفة المشاركة في الدراسة، إن مشاعر التوتر مرتبطة بفقدان السيطرة. فالفنون تساعدنا على الشعور بأن لدينا شعوراً بالسيطرة على الأمور، وتسمح لنا بتحمّل الضيق. وأفاد المشاركون في الدراسة بأنهم وجدوا الفن مريحاً وممتعاً، و«محرراً من القيود»، ومحفزاً على الاسترخاء واكتشاف الذات. وتضيف كيمال: «يُعدّ التشتيت آلية تأقلم أولية رائعة تساعدنا على الهدوء بعد حدث مرهق، لكن الفن يمكن أن يساعدنا على التعمق أكثر». تقول كيمال: «من المهم أن تبدع فناً يخاطبك، سواء كان كتابةً أو رقصاً أو رسماً - ولا يهم مستوى المهارة. أنت تريد أن تدخل منطقة خالية من الأحكام، حيث يمكنك الاستمتاع دون عواقب». تشير بعض الدراسات إلى أن قضاء من ساعة إلى ثلاث ساعات فقط من الأنشطة ذات الصلة أسبوعياً يمكن أن يقلل من خطر الاكتئاب والتدهور المعرفي. ممارسة الرياضة لا تُحفز بيئة مضادة للالتهابات على المدى القصير فحسب، بل قد تُقلل أيضاً من كتلة الدهون الحشوية على المدى الطويل. يمكن أن يؤدي تراكم الدهون الحشوية إلى تفاقم الالتهاب المزمن من خلال تعزيز تطور مقاومة الأنسولين وتصلب الشرايين وأمراض أخرى مرتبطة بعدم النشاط البدني. وتُشير أبحاث أخرى إلى أن ممارسة الرياضة يمكن أن تُقلل بشكل كبير من إنتاج البروتينات المُسببة للالتهابات، مثل البروتين التفاعلي C وIL-6، وتزيد من إنتاج البروتينات المُضادة للالتهابات، مثل IL-10. لجني هذه الفوائد وغيرها، توصي منظمة الصحة العالمية البالغين بقضاء 150 دقيقة على الأقل أسبوعياً في ممارسة نشاط معتدل، مثل المشي السريع وركوب الدراجات، أو 75 دقيقة في ممارسة نشاط قوي، مثل الجري أو رقص الزومبا أو الرياضة. لأن التعاون مع الآخرين كان تاريخياً ضرورياً للبقاء، فقد تطورت أجسامنا للاستجابة لغياب الروابط الاجتماعية. ويقارن عالم الأعصاب الراحل الدكتور جون كاسيوبو هذه الاستجابة التطورية بالجوع. فكما يشير الجوع إلى نقص الطاقة والمغذيات ويحث الجسم على البحث عن الطعام، فإن الوحدة تشير إلى غياب الروابط الاجتماعية، وتحثنا على البحث عن علاقات أو إصلاحها. ولهذا السبب؛ تربط دراسات متعددة مشاعر الوحدة والعزلة الاجتماعية بمجموعة من الاستجابات للتوتر، بما في ذلك زيادة البروتينات المؤيدة للالتهابات واختلال وظيفة الكورتيزول. على النقيض من ذلك، تربط الدراسات ارتفاع مستويات الدعم الاجتماعي بانخفاض مستوى الكورتيزول، وتربط الأنشطة الاجتماعية كالتطوع وتقديم الدعم الاجتماعي بانخفاض مستوى البروتينات المسببة للالتهابات.