logo
أسواق المواشي في السعودية .. كيف تتحول من البيع الفردي إلى كيانات مؤسساتية؟

أسواق المواشي في السعودية .. كيف تتحول من البيع الفردي إلى كيانات مؤسساتية؟

الاقتصاديةمنذ 2 أيام

بمجرد أن تدلف إلى إحدى أسواق المواشي في العاصمة السعودية الرياض حتى تتعالى أصوات الباعة عليك لجذبك للشراء منهم، وقد يصل بالبعض إلى سحبك من يدك، مع وعود يكتشف المشتري بعدها أنها كانت بمنزلة "الطعم" الذي اصطيد لأضحية بصحة ضعيفة وسعر مرتفع.
وكل عام تتجه الأنظار إلى أسواق المواشي وأسعار الأضاحي مع دخول شهر ذي الحجة، حيث تشهد عشوائية في البيع والشراء، والتدليس والغش من بعض الباعة الذي يستغلون جهل المستهلك بالتلاعب بالسعر والنوع.
التلاعب لا يقتصر على الشراء المباشر بل يمتد إلى عوالم الخوارزميات في المنصات الإلكترونية التي توفر الأضاحي لمن "يشتري السمك في الماء".
في ظل فوضى الأسعار وعشوائية الأسواق، أكد اقتصاديون ومتعاملون في السوق خلال حديثهم إلى "الاقتصادية" أهمية تدخل الجهات ذات العلاقة لإعادة تنظيم الأسواق، ووجود مزيد من الشركات الكبرى المختصة في هذا المجال لتكون الأسواق رائجة.
هذه الشركات تجتذب المتسوقين ورجال الأعمال، لخلق الفرص الاستثمارية، والوظيفة، بمواكبة أساليب التطوير لأسواق المواشي.
وطالبوا بتطوير عمل الأسواق لتحسين بيئة الاعمال، معتبرين أن تطويرها يسهم في تحولها نحو التجارة الإلكترونية بشكل يزيد على العملاء والإيرادات ويقلل من التلاعب والتدليس.
أساليب تسويقية تخدع المستهلكين
تقمصت "الاقتصادية" دور المشتري في جولات ميدانية وإلكترونيا لترصد ارتفاع الأسعار إلى مستويات بعضها "خيالية" وبنسب تصل إلى 55% مقارنة بالأسعار المعتادة على مدى العام، إضافة إلى ممارسة باعة إلكترونيين أساليب تسويقية تخدع المستهلكين.
"ما نوع الأضحية؟ وكم عمرها؟ وهل بالإمكان حضور نحرها يوم العيد؟" استفسارات وأسئلة طرحت على أحد الباعة في منصة إلكترونية متخصصة في بيع الموشي، والرد وعود في البداية، والنهاية تهرب.
وكمثال: جرى رصد ارتفاع في أسعار الأغنام في أحد هذه التطبيقات، بوضع نوعين لبيع اللحوم، أحدهما أسمته "سوق الثلاجة"، وأسعاره أقل من سوق آخر وضعت له مسمى "عيد الأضحى"، لكن بأسعار مرتفعة رغم أن أحجام الأغنام ونوعها واحد.
منذ موسم عيد 2021، سجلت أسعار الأضاحي في السعودية اتجاها تصاعديا، تأثر بتكاليف الأعلاف التي ارتفع متوسط أسعارها خلال 5 أعوام بمعدل 20%، إلى جانب عوامل موسمية تتعلق بذروة الطلب في موسم الحج.
تحولات ملحوظة في الأسعار
التحولات الملحوظة في مستويات الأسعار، التي شهدها سوق الأضاحي في السعودية خلال السنوات الأخيرة، جاءت مدفوعة بعدة عوامل مرتبطة بسلاسل الإمداد وتكاليف الإنتاج وتغيرات العرض والطلب الموسمية، خصوصا موسم عيد الأضحى.
وبحسب تحليل "الاقتصادية"، استند الى بيانات رسمية، تصدر النعيمي قائمة الأضاحي الأعلى نموا في الأسعار، بزيادة قدرها 32% خلال 5 أعوام، ويعكس هذا النمو تفضيل مستمر من قبل شريحة واسعة من المستهلكين الذين يرونه خيارا تقليديا يتميز بجودة عالية.
سجلت أضاحي النجدي، وهي إحدى السلالات المحلية المفضلة، ارتفاعا في الأسعار بنسبة 29% خلال 5 سنوات، ليأتي في المرتبة الثانية بعد النعيمي من حيث نسبة النمو السعري ليبلغ متوسط سعره خلال موسم العام الحالي 1865 ريالا مقابل 1449 للفترة نفسها لعام 2021.
جاءت أضاحي الحري في المرتبة الثالثة من حيث نمو الأسعار خلال السنوات الخمس الماضية، مسجلة ارتفاعا بـ28%، لتبلغ متوسط سعرها 1740 ريالا خلال أبريل الماضي، وتعد سلالة الحري من الأنواع المحلية المرغوبة في عدد من مناطق المملكة.
في المقابل، سجلت بعض أنواع الأضاحي الأخرى نسب ارتفاع أقل نسبيا خلال الفترة نفسها، إذ راوحت زيادة أسعار كل من السواكني، البلدي، والبربري بين 10 و22%.
طلب ملحوظ على السواكني
ويعد السواكني، المستورد غالبا من السودان، أحد الخيارات الاقتصادية التي تشهد طلبا ملحوظا في بعض المناطق، خاصة لكونه متوفرا بكميات كبيرة واستقرار سعري نسبيا.
وبلغ متوسط سعره خلال الفترة 1276 ريالا مقارنة بالسلالات المحلية، فيما يمثل التيس البلدي خيارا متوسطا من حيث السعر والجودة بمتوسط سعر 1186 ريالا.
أما البربري، الذي يستورد بشكل رئيس من القرن الإفريقي، بلغ سعره خلال الموسم الحالي 748 ريالا، ويستخدم في بعض المواسم كخيار بديل، نظرا لمحدودية التفضيل الاستهلاكي له مقارنة بالأنواع المحلية التي تحد من تأثيره في السوق.
ويعكس التفاوت بين نسب الارتفاعات المسجلة في هذه الأنواع، الاختلاف في مستويات الطلب والعرض، والتكلفة التشغيلية، والعادات الشرائية للمستهلكين في كل منطقة.
تحويل الأسواق إلى نمط مؤسساتي
"الاقتصادية" رصدت خلال جولتها خلال الأيام الثلاثة الماضية على أسواق بيع المواشي ملاحظات خطيرة في حركة السوق، يدور أغلبها حول غش واحتيال من قبل الباعة.
تمثلت في محاولة التدليس على المشترين وبيع الأغنام المستوردة على أنه بلدي بالأسعار نفسها، فضلا عن تفاوت أسعار النوع الواحد من الأغنام وصلت إلى 25%.
وقال لـ "الاقتصادية" خبير السياسات الاقتصادية الدكتور أحمد الشهري: إن تحويل أسواق الماشية من النمط الفردي العشوائي إلى نمط مؤسساتي يعزز الكفاءة الاقتصادية ويدعم التنويع الاقتصادي.
أضاف، أن العمل المؤسساتي يزيد عدد الكيانات المنظمة، ما يشكل بنية تنظيمية تسهل على الجهات المنظمة تطبيق السياسات الاقتصادية والحوافز مراقبة آثار النمو القطاعي.
بحسب الشهري، يعزز الشفافية في التسعير، ويحد من التلاعب، ويضمن استقرار الأسعار، مع دعم الاقتصاد الرسمي عبر الدفع الإلكتروني لتقليل التستر التجاري، إضافة أنه يسهم في نمو الإنتاج المحلي وتوسيع الصادرات.
أشار إلى أنه رغم كل الامتيازات من العمل المؤسسي يظل دعم الأفراد في قطاع الماشية ممارسة عالمية سواء في القطاع الحيواني الزراعي بسبب طبيعته.
يأتي ذلك متزامنا مع بداية تطبيق قرار وزارة البيئة والمياه والزراعة في 27 يونيو ببيع الأضاحي والمواشي الحية بالوزن في جميع أسواق النفع العام في السعودية، لتنتهي بذلك الطرق التقليدية التي طالما شكا منها المستهلكون خلال المواسم.
وينتظر أن يشهد عيد الأضحى المقبل 1447هـ أول تطبيق فعلي للنظام الجديد الهادف إلى تحقيق العدالة السعرية بضمان قيمة عادلة لكل من البائع والمشتري.
تعزيز التنافسية
المستشار الاقتصادي أحمد العامر، ذكر أن مأسسة سوق الماشية في السعودية سيحدث أثرا كبيرا في القطاع وتعزيز الاقتصاد المحلي بزيادة الإنتاجية وتحسين الجودة، مستدركا "لكن التكلفة المالية للتحول قد تكون عائقا للبعض".
ورأى العامر في حديثه لـ "الاقتصادية"، أن من أبرز المعوقات مقاومة التغيير في الثقافة والممارسات التقليدية لسوق الماشية، مؤكدا أهمية الدعم الحكومي لتوفير التمويل والتدريب اللازمين لتحويل سوق الماشية إلى مؤسساتي.
أضاف، "تحويل سوق الماشية إلى مؤسساتي سيسهم في تعزيز التنافسية لسوق الماشية السعودية في السوق العالمية".
تحسين البنية التحتية للسوق
من جانبه، قال صاحب إحدى الشركات لبيع المواشي في الرياض، إبراهيم السعد، إن تحويل أسواق الماشية من النمط الفردي العشوائي إلى نمط مؤسساتي سيعزز كفاءة سوق الماشية من خلال تطبيق معايير وممارسات مؤسسية، إضافة ضمان جودة الماشية من خلال تطبيق معايير صحية وغذائية.
ويؤكد السعد أهمية تحسين البنية التحتية لسوق الماشية لتلبية المعايير المؤسسية، وتطبيق معايير مؤسسية في عمليات البيع والشراء.
فيما يرى مانع الحربي أحد المختصين في بيع وشراء المواشي، أهمية تدريب العاملين في سوق الماشية على الممارسات المؤسسية، وتطوير أنظمة معلومات لتحسين إدارة سوق الماشية.
وأشار الحربي إلى أنه ومن خلال تجربته في السوق والتي تجاوزت 20 عاما، أن تنظيم أسواق الماشية ستسهم في تعزيز الثقة بين المتعاملين في سوق الماشية.
وجود الأفراد يوازن السوق
أبدى المختص في الثروة الحيوانية أسامة المحمدي، مخاوف من التأثير السلبي لتحويل السوق إلى مؤسساتي بالكامل، ويؤكد أهمية وجود الأفراد في السواق لإيجاد التوازن، وأن ذلك يصب في مصلحة المستهلك.
وأكد أهمية توطين هذا القطاع لتقليل سيرة الأجانب، وتحقيق فوائد اقتصادية للمواطنين العاملين في هذا القطاع.
واكتفت وزارة البيئة والمياه والزراعة في ردها على "الاقتصادية" بأنها تشجع التجار والمستثمرين من المنتجين المحليين أو المستوردين على توفير العدد الكافي من الماشية الحية لتلبية طلب السوق المحلية.
وذلك إضافة إلى المساهمة في تغطية النقص في الإنتاج المحلي بما يضمن للمستهلكين توفرها بأسعار مناسبة، وتسهيل الإجراءات التي تؤدي إلى انسياب الواردات واستقرار أسعار المواشي في السعودية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حائل.. تنوع المعروض يخفض أسعار الأضاحي وسط ترقب لتطبيق البيع بالوزن مطلع محرم
حائل.. تنوع المعروض يخفض أسعار الأضاحي وسط ترقب لتطبيق البيع بالوزن مطلع محرم

صحيفة سبق

timeمنذ 37 دقائق

  • صحيفة سبق

حائل.. تنوع المعروض يخفض أسعار الأضاحي وسط ترقب لتطبيق البيع بالوزن مطلع محرم

شهدت أسواق الماشية في منطقة حائل خلال عيد الأضحى المبارك انخفاضاً ملحوظاً في أسعار الأضاحي، جعلها في متناول الجميع، ويُعزى ذلك إلى تنوع المعروض وتوفره بكميات كبيرة. وسجّلت أسعار الضأن من نوع "الجذعان" – وهي التي بلغت من العمر ثمانية أشهر – نحو 1850 ريالاً، فيما وصلت أسعار الأغنام السورية إلى 2100 ريال. أما السواكني السوداني، فبلغ سعر الأبيض منها 1300 ريال، في حين وصل الأحمر إلى 1550 ريالاً. وسجّلت الأغنام البربرية الجزائرية والتونسية نحو 800 ريال. أما الخرفان "الحرية" سعودية المنشأ، فقد تفاوتت أسعارها بين 1750 و2000 ريال، بحسب حجمها، فيما بلغت أسعار ضأن النعيم – وهي من مواشي شمال السعودية – بين 1750 و2350 ريالاً، وفقاً للحجم. وسجّلت أسعار "النجد" – وهي ماشية منطقة نجد – من 2000 حتى 2600 ريال، أيضاً بحسب الحجم. ويُشار إلى أن سوق الماشية في حائل خَلَا من الميزان، في وقتٍ يترقب فيه المواطنون بدء تطبيق قرار بيع المواشي الحية بالوزن بدلاً من الطريقة المعتادة، وذلك اعتباراً من غرة شهر محرم المقبل، في أسواق النفع العام. وساهم وفرة المعروض في انخفاض الأسعار مقارنةً بموسم عيد الأضحى في العام الماضي. من جهتهم، حرص بعض باعة المواشي على تقديم خدمات إضافية للعملاء، مثل الذبح والسلخ والتوصيل، فيما وفّر آخرون خدمة التقسيط الميسر عبر تطبيقات متخصصة، بينما عرض البعض خدمة رعاية الأضحية بعد الشراء حتى موعد ذبحها خلال أيام التشريق.

"أدنوك" تخفض سعر بيع خام مربان إلى 63.62 دولار للبرميل ليوليو
"أدنوك" تخفض سعر بيع خام مربان إلى 63.62 دولار للبرميل ليوليو

العربية

timeمنذ 40 دقائق

  • العربية

"أدنوك" تخفض سعر بيع خام مربان إلى 63.62 دولار للبرميل ليوليو

قالت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) اليوم السبت، إنها حددت سعر البيع الرسمي ل خام مربان لشهر يوليو/تموز عند 63.62 دولار للبرميل، بانخفاض عن 67.73 دولار للبرميل ليونيو/حزيران، بانخفاض بأكثر من 4 دولارات للبرميل، وفقًا لـ "رويترز". وفي مايو الماضي، قال متعاملون ومحللون إن العلاوات الفورية لخام مربان بلغت أدنى مستوياتها في 6 أشهر في ظل ارتفاع الإمدادات مع قيام الإمارات برفع الإنتاج عقب قرار تحالف أوبك+ بتسريع زيادات الإنتاج وفتح الباب لمنافسة مباشرة مع النفط الصخري الأميركي. وأصبح المشترون الآسيويون يتدفقون على خام أبوظبي الخفيف الرئيسي مخفض الأسعار. ويؤدي انخفاض سعر خام مربان إلى إبعاد نفط غرب تكساس الوسيط الأميركي عن الأسواق الآسيوية.

لبنان يسعى لجذب سياح الخليج لإنعاش اقتصاده المتضرر من الحرب
لبنان يسعى لجذب سياح الخليج لإنعاش اقتصاده المتضرر من الحرب

الاقتصادية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الاقتصادية

لبنان يسعى لجذب سياح الخليج لإنعاش اقتصاده المتضرر من الحرب

استضافت وزارة السياحة اللبنانية حدثا ذا طابع كلاسيكي الشهر الماضي للترويج لموسم الصيف المقبل، وربما لاستعادة بعض الأجواء الإيجابية من حقبة تُعتبر ذهبية للبلاد. في السنوات التي سبقت اندلاع الحرب الأهلية 1975، كان لبنان الوجهة المفضلة للسياح الأثرياء من دول الخليج المجاورة، الباحثين عن الشواطئ في الصيف، والجبال المغطاة بالثلوج في الشتاء، والحياة الليلية الحضرية على مدار العام . في العقد الذي تلا الحرب، عاد السياح من دول الخليج -والأهم من ذلك، السعودية- وعاد الاقتصاد اللبناني. ولكن بحلول أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأت علاقات لبنان مع دول الخليج تتدهور. تراجعت السياحة تدريجيًا، ما أدى إلى حرمان اقتصادها من مليارات الدولارات من الإنفاق السنوي . الآن، يشعر القادة السياسيون الجدد في لبنان بفرصة لإنعاش الاقتصاد من جديد بمساعدة جيرانهم الأثرياء. يهدفون إلى إعادة إحياء العلاقات مع السعودية ودول الخليج الأخرى، التي حظرت في السنوات الأخيرة على مواطنيها زيارة لبنان أو استيراد منتجاته . وقالت لورا الخازن لحود، وزيرة السياحة اللبنانية، قائلةً: "السياحة عاملٌ مُحفّزٌ كبير، لذا من الضروري جدًا رفع الحظر". هناك مؤشرات على تحسن العلاقات مع بعض دول الخليج المجاورة. رفعت الإمارات والكويت حظر السفر الذي استمر لسنوات . تتجه جميع الأنظار الآن إلى السعودية، القوة السياسية والاقتصادية الإقليمية، لمعرفة ما إذا كانت ستحذو حذوها، وفقًا للحود ومسؤولين لبنانيين آخرين. السياحة كجسر دبلوماسي واقتصادي على الرغم من أهمية السياحة -فقد شكلت نحو 20% من الاقتصاد اللبناني قبل أن ينهار في 2019- يقول قادة البلاد: إنها مجرد جزء واحد من أحجية أكبر يحاولون إعادة تجميعها . يعاني القطاعان الزراعي والصناعي في لبنان حالة من الفوضى، حيث تعرضا لضربة قوية في 2021، عندما حظرت السعودية صادراتهما. لقد تركت سنوات من الخلل الاقتصادي الطبقة المتوسطة المزدهرة في البلاد في حالة من اليأس. يقول البنك الدولي إن الفقر تضاعف 3 مرات تقريبًا في لبنان خلال العقد الماضي، ما أثر في نحو نصف سكانه البالغ عددهم نحو 6 ملايين نسمة. وما يزيد الطين بلة ارتفاع التضخم، حيث فقدت الليرة اللبنانية 90% من قيمتها، وخسرت عديد من العائلات مدخراتها عندما انهارت البنوك . يرى قادة لبنان أن السياحة هي أفضل طريقة لبدء المصالحة اللازمة مع دول الخليج، وعندها فقط يمكنهم الانتقال إلى الصادرات وفرص النمو الاقتصادي الأخرى . قال سامي زغيب، مدير الأبحاث في مبادرة السياسة، وهي مؤسسة بحثية مقرها بيروت: "هذا هو الأمر الأكثر منطقية، لأن هذا كل ما يمكن للبنان أن يبيعه الآن". مع اقتراب الصيف بعد أسابيع، تكتظ الرحلات الجوية إلى لبنان بالفعل بالمغتربين والسكان المحليين من الدول التي ألغت حظر السفر، وتقول الفنادق إن الحجوزات كانت نشطة . في الحدث الذي استضافته وزارة السياحة الشهر الماضي، أشرق فادي الخوري، صاحب فندق سان جورج. كان الفندق، الذي كان يملكه والده في أوج مجده، قد تأثر بشدة بتقلبات لبنان على مر العقود، حيث أُغلق وأُعيد افتتاحه عدة مرات بسبب الحروب. قال: "لدي شعور بأن البلاد تعود إلى سابق عهدها بعد 50 عامًا". في عطلة نهاية أسبوع أخيرة، بينما كان الناس يزدحمون بشواطئ مدينة البترون الشمالية، وتنطلق الدراجات المائية على طول البحر الأبيض المتوسط، بدا رجال الأعمال المحليون متفائلين بأن البلاد تسير على الطريق الصحيح . قال جاد نصر، الشريك في ملكية نادٍ شاطئ خاص: "نحن سعداء، والجميع هنا سعداء. بعد سنوات من مقاطعة العرب وإخواننا في الخليج، نتوقع أن يكون هذا العام مليئًا دائمًا". مع ذلك، لا تُعدّ السياحة حلاً سحريًا للاقتصاد اللبناني، الذي عانى لعقود من الفساد والهدر المستشري . يجري لبنان محادثات مع صندوق النقد الدولي منذ سنوات بشأن خطة إنعاش تتضمن قروضًا بمليارات الدولارات وتلزم البلاد بمكافحة الفساد . إعادة هيكلة بنوكها، وتحسين مجموعة من الخدمات العامة، بما في ذلك الكهرباء والمياه . بدون هذه الإصلاحات وغيرها، سيفقد جيران لبنان الأثرياء الثقة للاستثمار هناك، كما يقول الخبراء. وأضاف زغيب أن ازدهار السياحة وحده سيكون بمثابة "جرعة مورفين تُخفف الألم مؤقتًا" بدلًا من وقف تفاقم الفقر في لبنان . وأيد وزير السياحة، لحود، ذلك، قائلاً إن عملية طويلة الأمد قد بدأت للتو . وأضاف: "لكننا نتحدث عن مواضيع لم نتحدث عنها من قبل. وأعتقد أن البلد بأكمله قد أدرك أن الحرب لا تخدم أحدًا، وأننا بحاجة ماسة إلى عودة اقتصادنا إلى مساره الصحيح والازدهار من جديد".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store