logo
من أوسلو إلى أريحا.. كيف تأسست السلطة الفلسطينية؟

من أوسلو إلى أريحا.. كيف تأسست السلطة الفلسطينية؟

رؤيامنذ 2 أيام
أوسلو وضع حجر الأساس لإنشاء "سلطة حكومة ذاتية انتقالية فلسطينية"
بعد عقود من الصراع، وُقّع في حديقة البيت الأبيض في 13 سبتمبر/أيلول 1993 "اتفاق أوسلو" للسلام بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.
هذا الاتفاق التاريخي، رغم أنه لم يحظ بإجماع فلسطيني، وضع حجر الأساس لإنشاء "سلطة حكومة ذاتية انتقالية فلسطينية" تمهيداً لتسوية دائمة.
بعد أكثر من ثلاثين عاماً، ي ما قصة نشأة هذه السلطة، وحدود صلاحياتها، والواقع الذي تعمل فيه، والفرق الجوهري بينها وبين منظمة التحرير.
من أوسلو إلى أريحا: كيف تأسست السلطة؟
وُلدت السلطة الفلسطينية من رحم اتفاق أوسلو (أو إعلان المبادئ)، الذي وقع في 13 سبتمبر/ أيلول 1993، والذي نص على إقامة حكم ذاتي انتقالي لفترة لا تتجاوز خمس سنوات، تُفضي إلى تسوية دائمة بناءً على قراري مجلس الأمن 242 و338.
بعد توقيع الاتفاق، اتخذ المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية قراراً بإنشاء "السلطة الوطنية الفلسطينية".
في عام 1994، جاء اتفاق "غزة – أريحا أولاً" ليضع المبادئ موضع التنفيذ، حيث سمح بعودة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس الراحل ياسر عرفات، إلى الأراضي الفلسطينية بعد غياب دام 27 عاماً.
كان وصول عرفات إلى غزة ثم أريحا في يوليو/تموز 1994 حدثاً تاريخياً، حيث بدأ فعلياً بناء مؤسسات أول كيان فلسطيني على أرض فلسطين.
في عام 1996، أُقيمت أول انتخابات رئاسية وتشريعية، فاز فيها ياسر عرفات برئاسة السلطة. وبعد وفاته عام 2004، تولى روحي فتوح الرئاسة مؤقتاً، قبل أن يفوز الرئيس محمود عباس في انتخابات عام 2005.
لكن النطاق الجغرافي لسيطرة السلطة تقلص بشكل كبير عام 2007، عندما سيطرت حركة حماس على قطاع غزة، مما أدى إلى انقسام سياسي وجغرافي، وأصبحت سلطة الأمر الواقع في القطاع منفصلة عن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
حدود السيادة: مناطق "أ، ب، ج" والواقع على الأرض
لم تمنح اتفاقيات أوسلو السلطة سيادة كاملة، بل قسمت الضفة الغربية بموجب "اتفاقية طابا" عام 1995 إلى ثلاث مناطق ذات صلاحيات مختلفة:
مناطق (أ): تشكل 17.6% من مساحة الضفة، وتخضع لسيطرة أمنية وإدارية فلسطينية كاملة، وتشمل المدن الرئيسية.
مناطق (ب): تشكل 18.3%، وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية مشتركة مع جيش الاحتلال.
مناطق (ج): تشكل 59.63%، وتخضع لسيطرة أمنية وإدارية كاملة للاحتلال، الذي يتحكم فيها بالتخطيط والبناء.
كان من المفترض أن يتم نقل مناطق (ج) تدريجياً إلى سيطرة السلطة، لكن ذلك لم يحدث. ونتيجة لذلك، وُصفت سيطرة السلطة بأنها "شكلية"، حيث تدير عملياً "جزراً منعزلة" في الضفة الغربية، محاطة بمناطق تحت السيطرة الكاملة للاحتلال.
هذا الواقع يتعمق أكثر مع التوسع الاستيطاني، فوفقاً للأمم المتحدة، يعيش حتى أكتوبر/تشرين الأول 2024 قرابة 504 آلاف مستوطن في 147 مستوطنة بالضفة الغربية، بالإضافة إلى 233,600 مستوطن في القدس الشرقية المحتلة، التي لم تشملها اتفاقيات التقسيم أصلاً.
صلاحيات السلطة: بين نصوص الاتفاق والتآكل الفعلي
أُنشئت السلطة الفلسطينية لتتولى المهام الإدارية التي كانت تديرها "الإدارة المدنية الإسرائيلية". نص اتفاق أوسلو على نقل صلاحيات في مجالات حيوية مثل التعليم والثقافة، الصحة، الشؤون الاجتماعية، الضرائب المباشرة، والسياحة.
كما نص على بناء قوة شرطة فلسطينية وإنشاء مؤسسات خدماتية (للكهرباء، المياه، الأراضي، وغيرها).
لكن اتفاق "أوسلو 2" وضع قيوداً واضحة على هذه الصلاحيات، حيث استثنى منها "العلاقات الخارجية، الأمن الخارجي، والأمن الداخلي للمستوطنات والإسرائيليين".
ويرى مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات"، هاني المصري، في حديث لـ"بي بي سي"، أن الاحتلال جرّد السلطة من معظم صلاحياتها المتبقية، وأصبحت سلطتها حتى في مناطق (أ) محدودة جداً.
ويعتقد المصري أن السلطة حالياً على "حافة الانهيار"، خاصة في ظل الأزمة المالية الخانقة الناجمة عن حجز الاحتلال لأموال الضرائب الفلسطينية (أموال المقاصة)، التي بلغت 7 مليارات شيكل منذ عام 2019 حتى فبراير/شباط 2025، بذريعة دفع السلطة لرواتب المعتقلين في سجون الاحتلال.
السلطة والمنظمة: ما الفرق بين الكيانين؟
من الضروري التمييز بين السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، حيث يوجد خلط شائع بينهما.
منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف): تأسست عام 1964، واعترفت بها القمة العربية في الرباط عام 1974 باعتبارها "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".
هي الكيان السياسي والمرجعية العليا التي تمثل جميع الفلسطينيين في الداخل والخارج (حوالي 14.9 مليون فلسطيني حول العالم). هي المسؤولة عن الملفات السيادية الكبرى كملف اللاجئين، وهي التي وقعت اتفاق أوسلو وقررت إنشاء السلطة.
السلطة الفلسطينية: هي هيئة حكم ذاتي محدود، أوجدتها منظمة التحرير عام 1993 لتكون ذراعاً إدارياً مسؤولاً عن "تدبير شؤون الحياة اليومية" للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة فقط.
وكما يصف هاني المصري، فإن منظمة التحرير هي "دولة لحين تجسد الدولة على الأرض"، بينما السلطة هي أداة إدارية بصلاحيات محدودة بموجب اتفاق.
هذا التمييز هو ما سمح لفلسطين بالحصول على صفة "دولة مراقب غير عضو" في الأمم المتحدة عام 2012، وهو اعتراف بالكيان السياسي الذي تمثله منظمة التحرير، وليس بالسلطة الإدارية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كوريا الشمالية: على ترمب تقبّل "الواقع النووي الجديد"
كوريا الشمالية: على ترمب تقبّل "الواقع النووي الجديد"

الغد

timeمنذ 36 دقائق

  • الغد

كوريا الشمالية: على ترمب تقبّل "الواقع النووي الجديد"

قالت كوريا الشمالية يوم الثلاثاء إن على الولايات المتحدة تقبّل التغيرات الحاصلة منذ لقاءات القمة السابقة بين البلدين، مؤكدة أن أي حوار مستقبلي لن يؤدي إلى إنهاء برنامجها النووي، وذلك حسبما أفادت به وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية (KCNA). اضافة اعلان لكنها شددت في بيان نشرته الوكالة على أن "الاعتماد على العلاقة الشخصية كوسيلة لإيقاف برنامج كوريا الشمالية النووي سيكون مثار سخرية فقط". وأضافت: "إذا فشلت الولايات المتحدة في تقبّل الواقع المتغيّر وأصرّت على النهج الفاشل السابق، فستبقى لقاءات كوريا الشمالية والولايات المتحدة مجرد أمل من طرف واشنطن"، في إشارة إلى الاسم الرسمي لكوريا الشمالية، "جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية". وأكدت كيم أن القدرات النووية لكوريا الشمالية والبيئة الجيوسياسية قد تغيرت بشكل جذري منذ اللقاءات الثلاثة التي جمعت بين كيم وترمب خلال ولاية الأخير الرئاسية. وشددت على أن "أي محاولة لإنكار موقع جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية كدولة نووية سيتم رفضها بالكامل". وفي تأكيد على العلاقات المتنامية بين كوريا الشمالية وروسيا، أفادت وكالة الأنباء الرسمية الكورية بأن أول رحلة ركاب مباشرة بين بيونغ يانغ وموسكو منذ عقود وصلت إلى العاصمة الكورية الشمالية يوم الإثنين. وأوضحت الوكالة أن الرحلة استُؤنفت "في ظل تزايد الاتصالات والزيارات المتعددة الأوجه اليومية بين كوريا الشمالية وروسيا". وكانت كوريا الشمالية قد قدمت جنودًا وأسلحة لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، وهي خطوة لاقت انتقادات من الولايات المتحدة وحلفائها، الذين اتهموا موسكو بالمقابل بتقديم مساعدات تكنولوجية لبيونغ يانغ. موقف البيت الأبيض وفي تعليق على التصريحات الكورية الشمالية، قال مسؤول في البيت الأبيض إن الرئيس ترمب لا يزال متمسكًا بالهدف الذي سعى لتحقيقه من خلال القمم الثلاث التي جمعته بكيم، والمتمثل في نزع السلاح النووي بشكل كامل من شبه الجزيرة الكورية. وقال المسؤول لرويترز: "الرئيس لا يزال منفتحًا على التواصل مع الزعيم كيم لتحقيق هدف نزع السلاح النووي بالكامل". يُذكر أن أول قمة جمعت بين ترمب وكيم كانت في سنغافورة عام 2018، وانتهت باتفاق مبدئي لنزع السلاح النووي. أما القمة الثانية في هانوي عام 2019، فقد انهارت بسبب خلاف حول رفع العقوبات الدولية المفروضة على بيونغ يانغ. وفي وقت لاحق، قال ترمب إنه "يتمتع بعلاقة جيدة" مع كيم، وأكد البيت الأبيض أن الرئيس منفتح على فكرة التواصل مجددًا مع الزعيم الكوري الشمالي المنعزل، نقلا عن رويترز.

92 شهيدا والاحتلال يعرض خطة للسيطرة على كامل قطاع غزة
92 شهيدا والاحتلال يعرض خطة للسيطرة على كامل قطاع غزة

وطنا نيوز

timeمنذ 3 ساعات

  • وطنا نيوز

92 شهيدا والاحتلال يعرض خطة للسيطرة على كامل قطاع غزة

وطنا اليوم:أفادت مصادر في مستشفيات غزة أن 92 فلسطينيا استشهدوا بنيران جيش الاحتلال منذ فجر أمس الاثنين في أنحاء القطاع، بينهم 41 من طالبي المساعدات. يأتي ذلك في حين ذكرت القناة 13 الإسرائيلية أن جيش الاحتلال سيعرض على المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) خطة للسيطرة على ما بين 90% و100% من مساحة قطاع غزة. ونقلت صحيفة هآرتس -اليوم الاثنين- عن مسؤولين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيعرض على المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) خطة لضم مناطق بقطاع غزة، في مسعى لإبقاء وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش في الحكومة، وذلك في أعقاب إعلان تل أبيب هدنا إنسانية في غزة أثارت حفيظة سموتريتش. وذكرت الصحيفة أن خطة الضم ستبدأ بالمنطقة العازلة ثم مناطق في الشمال ثم ستتوسع لتشمل كامل القطاع. وقالت إن الخطة حصلت على ضوء أخضر من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مشيرة إلى أن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر عرضها على وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وحظيت بدعم البيت الأبيض. وذكرت أن الخطة تأتي بعد قرار نتنياهو توسيع المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وأنه لم يكن متحمسا لها، لكنه مستعد الآن لمحاولة تطبيقها، في مسعى لإنقاذ حكومته. وكانت القناة الـ13 الإسرائيلية قد ذكرت في وقت سابق اليوم أن جيش الاحتلال سيعرض على الكابينت خطة للسيطرة على ما بين 90% و100% من مساحة قطاع غزة. وكانت تسريبات كشفت مطلع مايو/أيار الماضي عن أن الحكومة الإسرائيلية صدقت بالفعل على خطة لاحتلال غزة بالكامل. ونقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مصدر بديوان نتنياهو قوله إن 'الخطة التي صدقت عليها الحكومة تشمل احتلال قطاع غزة بالكامل'. وأكد الدفاع المدني في غزة استشهاد فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على شقة سكنية غربي مدينة غزة. كما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) باستشهاد 3 فلسطينيين وإصابة آخرين بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي الدرج شرق مدينة غزة. وقال مصدر في مستشفى الشفاء إن فلسطينيا آخر استشهد في قصف إسرائيلي على منطقة العطاطرة شمالي القطاع. وفي وسط القطاع، قال مصدر بمستشفى شهداء الأقصى إن فلسطينيا استشهد وأصيب آخرون في استهداف مسيرة إسرائيلية فلسطينيين جنوبي دير البلح. وأفادت وكالة الأناضول باستشهاد زوجين فلسطينيين وابنتهما بقصف إسرائيل منزلا لعائلة 'عابد' في مخيم المغازي. وجنوبا، أكد مجمع ناصر الطبي استشهاد 25 فلسطينيا في القصف الإسرائيلي على جنوب القطاع منذ الفجر. وأشارت مصادر طبية إلى استشهاد أكثر من 10 فلسطينيين وإصابة 40 آخرين بقصف إسرائيلي على منطقتي الياباني والمواصي غربي خان يونس. كما قال مجمع ناصر الطبي إن 5 فلسطينيين استشهدوا وأصيب آخرون من طالبي المساعدات بنيران الاحتلال قرب محور موراغ شمال مدينة رفح. وتأتي هذه التطورات الميدانية في وقت أعلن فيه جيش الاحتلال أمس الأحد 'تعليقا تكتيكيا' يوميا لعملياته العسكرية سيبدأ في بضع مناطق في قطاع غزة اعتبارا 'من الساعة العاشرة صباحا حتى الساعة الثامنة مساء' بالتوقيت المحلي، مضيفا أن هذا التعليق سيشمل المناطق التي لا يتحرك فيها الجيش 'وهي المواصي ودير البلح ومدينة غزة'، غير أن غارات الاحتلال لم تتوقف.

خفايا صفقات ترحيل المهاجرين من أميركا إلى دول أخرى
خفايا صفقات ترحيل المهاجرين من أميركا إلى دول أخرى

خبرني

timeمنذ 4 ساعات

  • خبرني

خفايا صفقات ترحيل المهاجرين من أميركا إلى دول أخرى

خبرني - أعادت دعوى قضائية رفعها مهاجر فنزويلي ضد وزارة الأمن الداخلي الأميركية الخميس الماضي قضية ترحيل المهاجرين غير النظاميين إلى الواجهة، والتي أصبحت وسيلة أساسية ضمن إستراتيجية إدارة الرئيس دونالد ترامب في دعم خطة الترحيل الجماعي التي وعدت بها. يرفر رينجل -الذي رُحّل مؤخرا من الأراضي الأميركية إلى السلفادور- حمّل إدارة ترامب المسؤولية عن انتهاكات زعم أنه تعرّض لها على يد الحراس في سجن سيكوت، قبل أن يعاد ترحيله لاحقا إلى بلاده، مما أثار من جديد التساؤلات بشأن الأبعاد القانونية والإنسانية المرتبطة بهذه الترحيلات. الدعوى تزامنت مع إعلان دولة إسواتيني الواقعة في جنوب أفريقيا عن استقبال 5 مهاجرين ضمن اتفاقية مماثلة، ليرتفع بذلك عدد الدول التي دخلت في صفقات مع الإدارة الأميركية بشأن استقبال مرحّلين منذ بداية الولاية الثانية لترامب. وأعطى هذا الأمر مؤشرا على انخراط متزايد من الدول الصغيرة والنامية في تلبية طلب واشنطن للمساعدة في ملف الهجرة غير النظامية مقابل حوافز مالية ودعم سياسي. صفقة ثلاثية وحتى الآن، نجحت الولايات المتحدة في إبرام 6 اتفاقيات مع "دول ثالثة"، أبرزها التفاهم الثلاثي الذي تم بموجبه ترحيل مهاجرين فنزويليين من الأراضي الأميركية مرورا بالسلفادور وصولا إلى فنزويلا. وتعد هذه الصفقة نموذجا لتقاطع المصالح بين الدول المشاركة فيها، إذ تمكنت كراكاس من استعادة 252 من مواطنيها مقابل إطلاق سراح 10 مواطنين أميركيين كانوا محتجزين في فنزويلا. أما الدولة الوسيطة السلفادور فقد حصلت على 6 ملايين دولار من واشنطن لتغطية نفقات احتجاز المرحّلين، إلى جانب دعم سياسي مباشر لحكومة الرئيس نجيب أبو كيلة. وتعود خلفية الصفقة إلى زيارة رسمية قام بها رئيس السلفادور نجيب أبو كيلة في أبريل/نيسان إلى البيت الأبيض عرض حينها على ترامب استضافة المرحّلين في منشأة سيكوت ذات الحراسة المشددة. واقترح أبو كيلة إجراء عملية تبادل يتم من خلالها ترحيل المهاجرين مقابل إطلاق فنزويلا عددا مماثلا من المعتقلين السياسيين، وهو ما رفضته حكومة نيكولاس مادورو من حيث العدد، لكن الإدارة الأميركية رأت في المقترح فرصة لاستعادة مواطنيها ضمن تسوية أقل تعقيدا. وجرى تصنيف أغلبية المرحّلين الفنزويليين على أنهم عناصر مشتبه بانتمائهم إلى تنظيمات إجرامية، وتم التعامل معهم بموجب قانون الأعداء الأجانب لعام 1798، والذي يمنح الرئيس الأميركي صلاحيات استثنائية لترحيل أو احتجاز مواطني دول تعتبر "معادية"، دون المرور بالإجراءات القضائية المعتادة. وسبقت فنزويلا عدة دول في أميركا اللاتينية في التعاون مع واشنطن بشأن ملف المرحّلين، أبرزها المكسيك التي استضافت نحو 6 آلاف شخص من غير مواطنيها، في إطار شراكة أمنية لإدارة الحدود الجنوبية. أما كوستاريكا فكان نصيبها قرابة 200 مهاجر مطلع عام 2025 تم احتجازهم مؤقتا قرب الحدود مع بنما التي بدورها استوعبت نحو 300 مهاجر من جنوب ووسط آسيا في مخيم سان فيسنتي، في وقت تتعرض فيه البلاد لضغوط سياسية متصاعدة على خلفية تهديدات ترامب بإعادة السيطرة على قناة بنما. التوسع في أفريقيا لم تقتصر سياسة الترحيل على دول الجوار أو أميركا اللاتينية، بل عبرت المحيط لتصل القارة الأفريقية، ففي يوليو/تموز الجاري أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية عن نقل 5 مهاجرين إلى مملكة إسواتيني في جنوب القارة. المهاجرون الذين تعود أصولهم إلى فيتنام وجامايكا وكوبا واليمن ولاوس وصفتهم تريشيا ماكلولين مساعدة وزيرة الأمن الداخلي بأنهم "مجرمون مدانون وأفراد يتسمون بوحشية استثنائية، إلى حد رفضت معه بلدانهم الأصلية إعادتهم". ولم تشارك حكومة إسواتيني أي تفاصيل بشأن الظروف التي رافقت عملية الترحيل، بما في ذلك الكشف عن أماكن احتجازهم، لكن السلطات أكدت -وفق ما نقلته وكالة أسوشيتد برس- أنها تعمل على إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية بمساعدة وكالة تابعة للأمم المتحدة، دون أن تحدد أي جدول زمني. وشهد البيت الأبيض في وقت سابق من يوليو/تموز الجاري اجتماعا جمع ترامب بـ5 من قادة دول غرب أفريقيا، وهم رؤساء ليبيريا والسنغال وموريتانيا وغينيا بيساو والغابون. ووفق ما نقلته وسائل إعلام أميركية، كان ملف الهجرة حاضرا بقوة في المحادثات، حيث لم يقتصر النقاش على مسألة إعادة المواطنين الأفارقة إلى أوطانهم، بل شمل أيضا مطالبات باستقبال مهاجرين من دول ثالثة. ورغم أن بعض القادة المشاركين أقروا بأن ملف الترحيل إلى دولهم طُرح ضمن المحادثات فإنهم نفوا وجود طلبات مباشرة من الجانب الأميركي، وبيّن ذلك الرئيس الليبيري جوزيف بواكاي بقوله "لم يفرضوا شيئا، لكنهم سألوا كيف يمكننا أن نساعد". مراقبون أشاروا إلى أن بعض الدول الأفريقية تنظر إلى هذا التعاون المحتمل بوصفه ورقة تفاوض يمكن استخدامها لمطالبة واشنطن بتخفيف القيود الجمركية التي فُرضت مؤخرا على صادراتها، ولرفع القيود على منح التأشيرات التي فرضتها واشنطن على بعض الدول في القارة. ترحيل دون ضمانات أبدت منظمات حقوقية بارزة -في مقدمتها "هيومن رايتس ووتش"- مخاوفها من أن تؤدي سياسة الترحيل إلى إرسال أفراد إلى بلدان ذات سجل موثق في انتهاكات حقوق الإنسان. ووصفت هذه الإجراءات بأنها تمثل تطبيعا للترحيل القسري وتشكل خرقا لحقهم في الحماية الدولية. وفي السياق ذاته، أعرب ناشطون في حقوق الإنسان عن قلق متزايد من الإجراءات السريعة التي تنفذ بها عمليات الترحيل، والتي تعطي المهاجرين مهلة زمنية بسيطة لا تتجاوز اليوم، وقد تصل أحيانا إلى 6 ساعات فقط، مما يعطل حق الطعن أو الاستئناف. وكانت وكالة الهجرة والجمارك الأميركية أصدرت مذكرة تنفيذية في 9 يوليو/تموز الجاري تسمح بموجبها بترحيل الأفراد إلى دول ثالثة بإشعار لا يقل عن 6 ساعات، وأن تعطي لهم فرصة الاتصال بمحام، كما اشترطت المذكرة تقديم الدولة المستقبِلة ضمانات بعدم تعرّض المرحّلين للاضطهاد. وترى الإدارة الأميركية أن هذه الإجراءات تدخل ضمن الصلاحيات المشروعة للدولة في ضبط حدودها، في حين أكد مسؤولون في البيت الأبيض أن التنسيق مع الحكومات الأجنبية يشكل ركيزة أساسية في الردع المسبق للهجرة غير النظامية. من جهته، تقدم اتحاد الحريات المدنية الأميركي بدعوى قضائية تهدف إلى وقف هذه الترحيلات بشكل عاجل. واعتبر الاتحاد أن الترحيلات إلى دول ثالثة تنتهك القانون الدولي، خاصة اتفاقية اللاجئين واتفاقية مناهضة التعذيب، لوجود خطر حقيقي يهدد بعض الأفراد إذا أعيدوا إلى بلدانهم الأصلية. ودافع بعض الخبراء القانونيين عن سياسة الترحيل، معتبرين أنها لا تنفصل عن واقع معقد تواجهه الحكومة الأميركية منذ سنوات، حيث ترفض بعض الدول استقبال رعاياها، خصوصا المدانين بجرائم داخل الأراضي الأميركية. صفقات قادمة ضمن خططها في توسيع نطاق الترحيل الجماعي للمهاجرين غير النظاميين ليشمل مناطق جديدة توجهت أنظار واشنطن إلى بالاو الدولة صغيرة المساحة، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 18 ألف نسمة لتكون المحطة التالية بعد إسواتيني. وتقدمت الإدارة الأميركية في نهاية الأسبوع الماضي بطلب رسمي إلى سلطات بالاو لاستقبال مهاجرين ضمن خطة ما زالت تفاصيلها قيد الدراسة. ويرى محللون أن بالاو -التي ترتبط باتفاقيات شراكة إستراتيجية مع الولايات المتحدة وتتلقى مساعدات تنموية كبيرة- قد تجد صعوبة في رفض هذا العرض، فالموارد الاقتصادية المحدودة للدولة تشكل عامل ضغط يدفعها إلى القبول، بترتيبات لا تعبّر بالضرورة عن رغبة صادقة في المساعدة. وكشفت "أسوشيتد برس" عن أن الولايات المتحدة لا تزال تُجري ترتيبات مع رواندا بشأن اتفاق قيد الإعداد يتضمن تمويلا أميركيا لبرنامج يهدف إلى دمج المرحّلين في المجتمع المحلي من خلال توفير منح وتسهيلات في فرص العمل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store