
هكذا تسعى إسرائيل لتحقيق حلم "القدس الكبرى"
منذ احتلال شرقي مدينة القدس المحتلة عام 1967، سعت سلطات الاحتلال من خلال عدة قوانين وإجراءات على الأرض لتغيير الوضع الديمغرافي في المدينة المحتلة، ومن خلالها نجحت في رفع عدد المستوطنين في شرقي المدينة من صفر في ذلك العام إلى 230 ألفا حتى يومنا هذا، ويسعى الاحتلال لإضافة 150 ألفا آخرين من خلال تحقيق حلم "القدس الكبرى".
وفي الكنيست الإسرائيلي ناقشت اللجنة الوزارية للشؤون التشريعية هذا الأسبوع، مشروع قانون لضم مستوطنات في محيط القدس إلى المدينة، ووفقا لما هو متّبع فإن هذه اللجنة يجب أن تصادق على مشروع القانون قبل أن يصوت عليه بالقراءة التمهيدية ثم بالقراءات الثلاث حتى يصبح قانونا نافذا.
ويدور الحديث -وفقا لخبير الخرائط والاستيطان خليل التفكجي- عن 3 كتل ضخمة وهي "غوش عتصيون" التي تضم 14 مستوطنة في الجنوب الغربي من القدس، وكتلة "معالي أدوميم" التي تضم 8 مستوطنات تمتد من شرقي القدس وحتى غور الأردن ، بالإضافة لكتلة "جفعات زئيف" التي تضم 5 مستعمرات وتقع في الجزء الشمالي الغربي من القدس.
ويعيش في كتلة "غوش عتصيون" الاستيطانية نحو 80 ألف مستوطن، بالإضافة لـ50 ألفا آخرين في كتلة "معالي أدوميم"، و15 ألف مستوطن في كتلة "جفعات زئيف".
اقتلاع وإحلال
ومع ضم التكتلات الثلاث ستمتد "القدس الكبرى" على مساحة تزيد على 600 كيلومتر مربع بما يعادل 10% من مساحة الضفة الغربية ، بينما تقوم القدس الآن على مساحة 126 كيلومترا مربعا بما يعادل 1.2 % من مساحة الضفة، بعدما كانت لا تتجاوز حدود المدينة إبّان الحكم الأردني 6.5 كيلومترات مربعة.
ويريد الاحتلال من خلال هذا المشروع اقتلاع 150 ألف مقدسي ممن يتمتعون بحق الإقامة في المدينة لكنهم يعيشون خلف الجدار العازل ، ويعمل على إحلال 150 ألف مستوطن مكانهم من أجل حسم كفة الديمغرافيا في المدينة لصالح اليهود بحيث تكون نسبتهم في المدينة 88% مقابل 12% فلسطينيين، وتبلغ نسبة العرب في المدينة المقدسة الآن 39% مقابل 61% يهود.
ورغم أن مشروع قانون مدينة "القدس الكبرى" لم يرَ النور بعد، إلا أن الاحتلال أسس وما زال يؤسس له على الأرض من خلال عمليات هدم متتالية في المناطق التي صودرت أراضيها لصالح إقامة طرق وأنفاق لربط هذه المستوطنات مع مركز مدينة القدس.
ومن بين عمليات الهدم ذات الصلة بهذا المشروع تلك التي حدثت أمس الاثنين في شرقي بلدة العيساوية وشملت مزرعة للمواشي بمساحة 5 دونمات (الدونم يساوي ألف متر مربع).
ومن بين المتضررين من عملية الهدم المقدسي مازن محيسن الذي قال في حديثه للجزيرة نت إن المنطقة المستهدفة بالهدم يطلق عليها أهالي البلدة اسم "روابي العيساوية" وتمتد حتى منطقة الخان الأحمر بين مدينتي القدس وأريحا.
وأضاف أن أهالي البلدة يستخدمون المنطقة للزراعة وتربية المواشي بسبب منعهم من البناء فيها، لكن الجرافات تلاحق كل المنشآت الحيوانية والزراعية وتدمرها بين الحين والآخر، ومن بينها المزرعة التي هُدمت أمس بعد إجبار أصحابها على إفراغ 3500 رأس من الماشية منها خلال وقت قصير.
وتعيل المزرعة وفقا لمحيسن 10 عائلات، ويؤكد هذا المقدسي الذي يقول إن الهدم ينفذ من أجل الانتقام والتخريب إذ لا تغادر الجرافات قبل أن تحدث أضرارا في كل الممتلكات وتجرف الأراضي بحيث تصبح غير صالحة للاستخدام.
وتقع هذه المزرعة وفقا للخبير التفكجي في منطقة مشروع "إي 1" (E1) الاستيطاني الذي صودر لصالحه 12 كيلومترا مربعا، وهو يقع ضمن "القدس الكبرى".
إعلان
ومشروع "إي 1″ اختصارا لـ"شرق واحد" ويقع على حدود البلدات المقدسية عناتا والعيساوية والزعيم والعيزرية وأبو ديس، والتي عزلها الاحتلال بالجدار عن المدينة.
وأضاف التفكجي أن "الجانب الإسرائيلي يعمل منذ فترة طويلة لتحقيق مشروع القدس الكبرى، ففتح أنفاقا واسعة أسفل مدينة بيت جالا لتسهيل ضم كتلة غوش عتصيون، وفي ذات الوقت فتح مجموعة من الأنفاق، وهناك أخرى قيد الإنشاء في المنطقة الشرقية من القدس وستربط مستعمرات معاليه أدوميم بالمدينة".
وختم خبير الخرائط والاستيطان حديثه للجزيرة نت بالقول إن الرؤيا الإسرائيلية الإستراتيجية تندرج ضمن إطارين الأول توصيل مدينة القدس لغور الأردن، وبالتالي قطع شمال الضفة الغربية ووسطها عن جنوبها، والثاني إطار ديمغرافي وجغرافي لفرض السيطرة الكاملة على المنطقة، وعدم إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وعاصمتها القدس.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
عودة مظاهر الحياة إلى مدينة جرمانا بعد استكمال الترتيبات الأمنية فيها
جرمانا- تعود مظاهر الحياة إلى مدينة جرمانا شرقي العاصمة دمشق بشكل تدريجي بعد اتفاق الحكومة السورية مع الهيئة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز وممثلي المجتمع الأهلي في المدينة على استكمال الترتيبات الأمنية الخاصة بها أول أمس الجمعة. وكشف مصدر محلي من مدينة جرمانا -رفض الكشف عن هويته- عن مضمون الترتيبات الأمنية التي تم التوصل إليها بموجب الاتفاق، والتي تضمنت نشر 100 عنصر من الأمن العام داخل المدينة، وقبول تطوع 85 عنصرا من شبان جرمانا في الأمن العام بشكل مبدئي، ريثما يتم النظر بحوالي 200 طلب تطوع آخر قُدِمَ من شبان المدينة للجهاز. وأضاف المصدر أنه تم الاتفاق على توزيع العناصر على الحواجز في جرمانا وفق "نظام المناوبات" لتكون الحواجز مشتركة بين متطوعي الأمن العام من المدينة ومن خارجها. ترتيبات أمنية ومن جهته، قال المسؤول في المكتب الإعلامي التابع لمجموعة العمل الأهلي في مدينة جرمانا، خلدون قسام، إن الاجتماع بين وفد الحكومة السورية والهيئات الروحية والأهلية في المدينة أول أمس الجمعة كان للتأكيد على ضرورة استكمال الترتيبات المتفق عليها في اجتماع سابق الشهر الماضي. وأكد قسام أن جميع الترتيبات الأمنية التي شهدتها مدينة جرمانا في الأيام القليلة الماضية من دخول الأمن العام إليها وقبول تطوع شبان من المدينة ما هي إلا إجراءات متفق عليها قبل الأحداث المؤسفة التي تعرضت لها المدينة الاثنين الماضي. وأوضح المسؤول الإعلامي أنه بموجب اتفاق بين الحكومة السورية والهيئة الروحية والمجتمع الأهلي في جرمانا يعود لشهر مارس/آذار الماضي، تم إنشاء مركز لجهاز الأمن العام يشمل عناصر من متطوعي مدينة جرمانا وآخرين من خارجها. ونص اتفاق مارس/آذار أيضا على تطوع حوالي 300 عنصر من أبناء مدينة جرمانا في جهاز الأمن العام يساندهم عناصر من خارج المدينة لإدارة الحواجز وضبط الأمن في جرمانا، بحسب قسام. ويشير قسام إلى أن جرمانا تنتظر استكمال الإجراءات الحكومية التي من شأنها إرساء حالة الأمن والاستقرار والدفع باتجاه تفريغ حالة الاحتقان الطائفي والمناطقي التي أجّجتها الأحداث المؤسفة في المدينة الاثنين الماضي. ويختتم المسؤول الإعلامي حديثه للجزيرة نت بالتأكيد على أن التواصل بين الهيئات في جرمانا والحكومة لم ولن يقتصر على الحوادث الأمنية، إذ إنه بدأ منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي وكان مثمرا ولا يزال مستمرا إلى اليوم. عودة مظاهر الحياة ورصدت الجزيرة نت في جولة بمدينة جرمانا عودة مظاهر الحياة إلى طبيعتها مع استئناف الفعاليات التجارية والصناعية والحرفية لأعمالها، وعودة حركة المواصلات إلى نشاطها السابق بين جرمانا والعاصمة دمشق. وقال إيهاب دلو (41 عاما)، أحد سكان مدينة جرمانا، إن إيقاع الحياة في المدينة عاد إلى طبيعته بعد الأحداث المؤسفة التي شهدتها الاثنين الماضي. وأضاف دلو أن الأحداث التي تخل بأمن جرمانا تؤدي إلى تعطيل أعمال وأشغال الآلاف من الموظفين والطلبة وعمال المياومة، مما ينعكس بشكل سلبي على حياتهم نظرا للأزمة المعيشية الحادة التي تعيشها سوريا والتي لا يحتمل معها الوضع توقف الأعمال، مشيرا إلى أن تعداد سكان جرمانا يتجاوز المليون نسمة. وبالرغم من غياب الإحصاءات الرسمية حول تعداد سكان جرمانا، فإن المدينة الكائنة في محيط العاصمة دمشق قد تزايد عدد سكانها منذ عام 2012 بشكل ملحوظ بعد موجات النزوح السورية إليها على خلفية الصراع المسلح في البلاد. وكانت مدينة جرمانا قد شهدت، الاثنين الماضي، اشتباكات عنيفة أودت بحياة 8 أشخاص، وذلك على خلفية انتشار تسجيل صوتي مسيء إلى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- منسوب إلى أحد أبناء الطائفة الدرزية، مما أدى إلى موجة غضب واسعة بين السوريين. وأوضح بيان لوزارة الداخلية السورية، الثلاثاء الماضي، أن التحقيقات الأولية بشأن التسجيل الصوتي أشارت إلى أن الشخص الذي وجهت إليه أصابع الاتهام لم تثبت علاقته بالتسجيل، وأن العمل جار للوصول إلى صاحب التسجيل، وتقديمه للعدالة لينال العقوبة المناسبة وفق القوانين المعمول بها في البلاد.


الجزيرة
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
تفاؤل أوكراني بعد "اتفاقية المعادن".. ماذا تتوقع كييف من واشنطن؟
كييف- بعد عقبات وتوترات كثيرة وغير مسبوقة بين كييف وواشنطن، وبعد خلافات ومشادّة حادة بين الرئيسين الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأميركي دونالد ترامب ، رأت " اتفاقية المعادن النادرة" ضوءا في نهاية النفق، وتنفس الجميع الصعداء. ويعمّ تفاؤل كبير بين الأوكرانيين، ساسة وعامة، بعد نحو 100 يوم من مخاوف وشكوك فرضتها عودة ترامب، وكأنما ارتووا بعد طول ظمأ في الصحراء الأميركية، بحثا عن استمرار الدعم بالمال والسلاح. حتى أن الرئيس زيلينسكي قال إن "الاتفاق هو النتيجة الأولى للاجتماع مع ترامب في الفاتيكان"، الذي دام نحو 15 دقيقة فقط، على هامش جنازة البابا فرانشيسكو في 26 أبريل/نيسان المنصرم. يرى الأوكرانيون أن بنود الاتفاقية التي نشرتها نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الاقتصاد يوليا سفيريدينكو، "عادلة"، ويعتقدون أنه على عكس ما كان متوقعا، لم تتنازل فيها كييف أمام ضغوط واشنطن. وباختصار، يشرح مدير معهد البحوث والاستشارات الاقتصادية في كييف إيهور بوراكوفسكي أهم ما جاء فيها قائلا إن "الاتفاقية تقضي بإنشاء صندوق استثماري لإعادة الإعمار، يسهم كل طرف فيه بنسبة 50%، وهو صندوق يبقي ملكية الأراضي والمنشآت والشركات لأوكرانيا، ولا يحتسب المساعدات المالية والعسكرية السابقة كديون عليها". وأضاف في حديث للجزيرة نت "تم توسيع مجال الاتفاقية لتشمل 57 معدنا، إضافة إلى النفط والغاز، التي حال العجز والفساد عن استثمارها طيلة 34 سنة، حتى أصبح اسمها (اتفاقية باطن الأرض)". وفي السياق ذاته أيضا، يقول الكاتب في الشأن الاقتصادي، سيرهي فورسا للجزيرة نت، إن "أهم ما في الاتفاق أنه لا ضرر فيه لنا أو تبعية استعمارية كما أراد ترامب، وأننا لا نعترف فيه بديْن وهمي حدده ترامب في رأسه، ولا نلتزم بسداده ما حيينا". الجانب العسكري لكن الجانب الاقتصادي للاتفاقية، على أهميته، قد لا يعني الأوكرانيين بقدر ما يعنيهم الحصول على ما يدعم جبهات القتال، ويحمي المدن من الضربات الروسية، ويلحق بالروس أوجاعا أكبر. والاتفاقية، رغم مطالب الأوكرانيين، لم تشر إلى أية ضمانات أمنية أميركية، لكنها تأخذ بعين الاعتبار أن تكون المساهمة الأميركية على شكل "أسلحة ودفاعات جوية". وقال رئيس الوزراء دينيس شميهال، إن "اتفاقية باطن الأرض ستسمح بحماية سمائنا بشكل أفضل، وذلك بفضل أنظمة الدفاع الجوي الأميركية". ليس هذا فحسب، فبعد ساعات من توقيع الاتفاقية، قالت صحيفة "كييف بوست" إن "إدارة ترامب وافقت على أول عملية تصدير أسلحة لأوكرانيا، بقيمة 50 مليون دولار". تحول أميركي هذه المستجدات كلها تتزامن مع تحول كبير في الموقف الأميركي، لا سيما فيما يتعلق بجهود الوساطة بين أوكرانيا وروسيا لإيقاف الحرب وإحلال السلام. ومن دلالات هذا التحول، كما يراه الأوكرانيون، تسليم نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس ، بأن "أفق الحرب بلا نهاية واضحة، والمهمة صعبة قد تحتاج إلى 100 يوم أخرى". بينما لوّحت واشنطن بسحب جهودها، وغيّر ترامب نبرته تجاه الروس، فصار يتذمر من مماطلة بوتين، وتوعده فعلا في حال عدم التوصل إلى اتفاق قريب لوقف إطلاق النار وبداية المفاوضات، قائلا "سنعطي زيلينسكي الكثير، وأكثر مما حصل عليه في أي وقت مضى"، في إشارة مباشرة إلى الدعم الأميركي. وإزاء هذه التطورات، يرى رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا" فولوديمير فيسينكو "أن ترامب فهم أن بوتين خدعه، وأن الأخير لا يريد السلام، حتى وإن قال وأظهر غير ذلك". همّ مشترك من وجهة نظر بعض الخبراء، تُشرك الاتفاقية الموقعة الولايات المتحدة في تحمل "الهمّ" الأوكراني، وتمنعها من الضغط على أوكرانيا ودفعها نحو سلام لا يواتيها. وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية ورئيس "مركز التنسيق المشترك" أوليغ ساكيان، إن "واشنطن باتت معنية وبشكل مباشر بإحلال السلام، دون أن تخسر كييف مزيدا من الأراضي". وأضاف موضحا "يخشى ترامب تحمل التبعات إذا تراجع دعم بلاده واستطاعت روسيا سحق أوكرانيا. وكذلك لن يستطيع ترامب إجبار أوكرانيا على إبرام اتفاق يعود بالضرر على الحكومة والشركات الأميركية التي ستساهم في "الصندوق الاستثماري المشترك". ومن وجهة نظره، "بعد واشنطن، ستزيد الدول الغربية الضغوط على بوتين في المرحلة المقبلة" ويعتقد أن هذه الدول، ستزيد وتشدد العقوبات على روسيا بعد الاحتفال الأوكراني بـ 9 أيار/مايو (ذكرى يوم النصر على النازية)". الوساطة باقية وعلى أساس ما سبق، يستبعد مسؤولون أوكرانيا انسحاب الولايات المتحدة فعليا من جهود الوساطة وإحلال السلام، حتى وإن تعثرت تلك الجهود ولمّحت واشنطن إلى غير ذلك. في حديث لموقع "آر بي كا"، قال مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولاك، في تلميح غير مباشر للأميركيين "إذا كانت لديكم اتفاقية شراكة إستراتيجية، وكانت لديكم أصول أو أرباح هنا، فلن تُسلموا هذه المنطقة لمنافس مباشر، خاصة في مجالات صناعية تعنيكم، وتخص المعادن الأرضية النادرة. ستحمون أصولكم، وهذا سيعود عليكم بالنفع".


الجزيرة
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
تكميم أفواه متواصل.. وزير الداخلية الفرنسي يقرر حل جمعية داعمة لفلسطين
باريس- أعلن وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، الأربعاء، بداية إجراءات حل جمعية "إيرجونس فلسطين" (طوارئ فلسطين)، مبررا ذلك بالقول إنه من الضروري "ضرب الإسلاميين" وتجنب "تشويه الإيمان". وأضاف ريتايو أنه "لا ينبغي لنا أن نشوه القضية العادلة للفلسطينيين"، مؤكدا أن "العديد من مواطنينا المسلمين يعتنقون عقيدة تتوافق تماما مع قيم الجمهورية". وقد تشكلت الجمعية مع بداية الحرب على قطاع غزة ، ونظمت وشاركت في عدد كبير من المظاهرات المتضامنة مع فلسطين في كل المدن الفرنسية، وطالبت بشدة بفرض وقف فوري لإطلاق النار. اعتداء على الحريات وتعليقا على هذا القرار، قال المتحدث باسم جمعية "إيرجونس فلسطين" عمر السومي "إننا نشعر بالغضب، لكننا لسنا متفاجئين، لأن الحكومة الفرنسية قمعت بعنف شديد التحركات الداعمة لمقاومة الشعب الفلسطيني منذ البداية، وهو ما يشكل اعتداء صارخا على حرياتنا الأساسية لتنظيم المظاهرات والتحدث والنضال". وأضاف السومي في حديثه للجزيرة نت "منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، نواجه عنفا غير مسبوق من جانب الحكومة التي تسمح بارتكاب الجرائم الإسرائيلي والإبادة الجماعية مع الإفلات الكامل من العقاب، في حين يواجه الفلسطينيون الذين ينظمون أنفسهم وحلفاءهم محاكمات لا نهاية لها، فضلا عن كل أنواع الإهانات والتشهير". ويرى المتحدث أن التحركات والمظاهرات التي شارك فيها مئات الآلاف من الناس في الفعاليات التي نظمتها جمعية "إيرجونس فلسطين" شكلت مصدر إزعاج للسلطات "لأنها تزعزع مصالح حكومة فرنسا والمصالح الصهيونية على حد سواء". وقد أثار هذا القرار موجة من التعليقات المتباينة والانتقادات من قبل النخبة السياسية اليسارية بشكل خاص، فقد اعتبرت النائبة الفلسطينية في البرلمان الأوروبي ريما حسن أن "التوجه الاستبدادي والفاشي لماكرون حقيقي وملموس". في المقابل، قالت سارة ايزنمان رئيسة جمعية "نعيش نحن" التي تدين معاداة الصهيونية إن "الجمهورية تؤكد من جديد أنه لا يمكن أن يهرب أيّ معاد للسامية من العقاب في فرنسا"، واصفة جمعية "إيرجونس فلسطين" بـ"المنظمة الداعمة للإرهاب ولا تدافع عن الحقوق الفلسطينية". عمل تعسفي أعلنت جمعية "التضامن مع فلسطين وفرنسا" رفضها للقرار، وقالت "اتخذه بعض نواب التجمع الوطني والمؤيدين للحكومة الإسرائيلية، وهو يقوض حرية التعبير وتكوين الجمعيات في بلدنا، وهذا له عواقب وخيمة للغاية على حرياتنا الفردية والجماعية". وأضافت الجمعية في بيان لها أنه "بسبب إدانة الإبادة الجماعية في غزة والتعبير عن التضامن النشط مع الشعب الفلسطيني، يتم طرد طلاب معهد الدراسات السياسية من جامعتهم، ويتم جر الناشطين السياسيين والنقابيين إلى المحاكم، ويتم محاكمة باحثين مشهورين مثل فرانسوا بورغا". ومن الجدير بالذكر أن وزير الداخلية ريتايو أعلن أيضا حل المجموعة المناهضة للفاشية "الحرس الشاب" وجماعة "ليون بوبيلير" اليمينية المتطرفة التي أسست عام 2019 في أعقاب حل سلفها الحركة الفاشية الجديدة "باستيون سوشال"، التي تم حظرها بسبب العنف والعنصرية. وعن تبرير مستأجر ساحة بوفو (وزير الداخلية) حل جمعية "إيرجونس فلسطين" بضرورة "ضرب الإسلاميين"، فسر السومي ذلك بأنه "مظهر آخر من مظاهر الإسلاموفوبيا التي ترسخت في قلب الحكومة، إنها إسلاموفوبيا قاتلة ولا تتجلى اليوم فقط بالقتل المروع للشاب المالي أبو بكر سيسيه، بل تتجلى أيضا في تصريحات الوزير". إعلان وأوضح السومي أن الجمعية تعمل في المقام الأول على جمع الفلسطينيين في المنفى، وهي منظمة سياسية تجمع قوى متنوعة من الساحة السياسية الفرنسية، ومجموعة تضم آلاف الأشخاص من فرنسيين، وفلسطينيين، وعرب، ومسلمين، ومسيحيين، ويهود، وملحدين، معبرا عن افتخاره بهذا التنوع الإيجابي. من جانبها، ترى المحامية دومينيك كوشان أن هذا الأمر يعد بمثابة طريقة لإقصاء الناشطين في مجال حقوق الإنسان ومعاملتهم كـ"إسلاميين" على اعتبار وجود بعض المسلمين في الحركة، علما أن هناك غير المسلمين وحتى غير العرب. وكمقارنة تحليلية، قدمت المحامية في حديثها للجزيرة نت مثال "رابطة الدفاع اليهودية" ـوهي جمعية تضم عددا لا يُحصى من الأعضاءـ التي أدانتها الحكومات المتعاقبة بارتكاب أعمال عنف خطيرة واستخدمت السلاح أيضا، فضلا عن الهجمات العنصرية والمنشورات والتعليقات، ورغم كل ذلك، رفضت وزارة الداخلية حلها. لا حق في الدفاع ومن الناحية القانونية، أشارت المحامية كوشان إلى وجود أحكام في قانون الأمن الداخلي تنص على إمكانية حل الجمعيات والمجموعات أيضا، وهو ما تم تنفيذه بشكل طفيف نسبيا من قبل، والآن يتم تنفيذها بكامل قوتها. وأوضحت كوشان، التي تولت قضايا بعض النشطاء الذين تمت محاكمتهم في دعاوى قضائية رفعتها الوكالات الموالية لإسرائيل ضد حركة المقاطعة، أن وزارة الداخلية تُرسل رسالة إلى ممثلي الجمعية والمجموعة لإبلاغهم بقرارها المتعلق بالحل، ثم يكون هناك فترة 8 أيام للرد وتنفيذ القرار. لكن المحامية الفرنسية تعتبر أن هذه الإجراءات لا تتعدى كونها شكلية فقط، أي "لا يوجد حق حقيقي للرد أو الدفاع أو الوصول إلى عناصر القضية من شأنه أن يسمح لأي جهة بالجدل في هذا السياق ضمن مناظرة تنافسية. لذا، فإن اتخاذ القرار يتم قبل وقت طويل من تبادل المراسلات". أما من حيث المضمون، فترى كوشان أن الحل "أمر مضحك"، لأنه ليس إجراء عقابيا، بل إجراء إداري للشرطة، موضحة ذلك بالقول "بما أنه لا يعتبر عقوبة، فإن أحكام المادة السادسة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن حق الدفاع لا تنطبق عليه أساسا". ورغم ذلك، أكد المتحدث باسم "إيرجونس فلسطين" عمر السومي أن الجمعية ستقاتل بكل أسلحة القانون "ولدينا مجموعة من المحامين بجانبنا لضمان دفاعنا، وقد تلقينا رسائل دعم استثنائية من آلاف الأشخاص، ففي أقل من 24 ساعة، وقع أكثر من 4 آلاف شخص على عريضة لدعم القضية الفلسطينية والتنديد بالإبادة الجماعية وحظر جمعيتنا". وأضاف "سنقوم في الأيام المقبلة بتنظيم مظاهرات وتعبئة مختلفة حتى نُسمع أصواتنا وأصوات الشعب الفلسطيني في جميع أنحاء فرنسا".