logo
هل يكون والتز أول ضحايا الصراع بين ماغا والمحافظين الجدد في إدارة ترامب؟

هل يكون والتز أول ضحايا الصراع بين ماغا والمحافظين الجدد في إدارة ترامب؟

الجزيرة٠٤-٠٥-٢٠٢٥

واشنطن- بالرغم من سيطرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الحزب الجمهوري ، ومعرفته المتراكمة بتوازنات القوى داخل واشنطن ، وخبرته في اختيار وزرائه ومستشاريه بصورة تجنبه كل ما شهدته فترة الحكم الأولى من عواصف وزوابع، إلا أن موسم الإقالات بدأ فور مرور الـ100 يوم الأولى من حكمه.
وجاءت إطاحة ترامب بمستشاره للأمن القومي مايكل والتز ، لتعكس صراعا صامتا بين أهم جناحي الحزب الجمهوري فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.
وانتظر ترامب مرور الأجواء الاحتفالية بعد الـ100 يوم الأولى، وبدأ بإقالة والتز، في خطوة لا يتصور معلقون كثيرون أنها ستنتهي بذلك، بل سيعقبها إقالات أخرى لتثبيت أشخاص يتطلعون لتنفيذ أجندة ترامب ولا يعرقلونها، ولا يفرضون إملاءاتهم الشخصية.
توقيت الإقالة
وجاءت أول هذه الإقالات في وقت مهم، إذ أعرب ترامب عن إحباطه من روسيا، بينما توصلت واشنطن أخيرا لاتفاقية مع أوكرانيا حول المعادن النادرة.
ومع تواصل الإدارة ضرب الحوثيين في اليمن، تتفاوض واشنطن مع إيران حول مستقبل برنامجها النووي ، في الوقت الذي تحاول إدارة ترامب زيادة الوعي بالتهديدات والمخاطر التي تشكلها قوة الصين الصاعدة عسكريا واقتصاديا.
وقبل أقل من يوم واحد على إقالة ترامب لوالتز، غرَّد نجل ترامب الأصغر، دونالد جونيور ، مرفقا تغريدة للناشط الجمهوري تشارلي كيرك، المقيم في ولاية أريزونا، ويتابعه 5 ملايين شخص على منصة إكس، قال فيها "المحافظون الجدد في الدولة العميقة يقومون بتشويه سمعة ستيفن ويتكوف لأنهم يحاولون تقويض أجندة السياسة الخارجية لوالدي، هم يريدون حروبا إلى الأبد!".
وكان تشارلي كيرك قد أرفق لتغريدته جزءا من حديث أحد خبراء مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات "إف دي دي"، وهي مؤسسة بحثية تدعم إسرائيل وخاصة أحزابها اليمينية، وتدعو لضرب إيران، قائلا: "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات تقود عملية مناهضة لويتكوف، إنهم يدعون علنا الأشخاص في الإدارة إلى تقويض الرئيس ترامب والعمل على وقف أي اتفاق مع إيران، القوى المناهضة لويتكوف مناهضة لحركة ماغا".
وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، مارك دوبويتز: "يجب تجنب الاتفاق مع إيران بأي ثمن لأن كل ما سيفعله هو وضع إسرائيل في موقف أضعف بكثير".
وطالب دوبويتز "الصقور" في الإدارة (والتز وهيغسيث وآخرين) بعرقلة داخلية لأي صفقة مع إيران من خلال تأطيرها على أنها "مهينة" أو "محرجة" لترامب شخصيا، كما حثَّهم أيضا على دفع إدارة ترامب على شن ضربات بنفسها ضد إيران.
وفي الوقت الذي بدأت فيه مراكز الأبحاث المتشددة في واشنطن تشعر بالذعر من أن ترامب بدأ مسارا قد ينتهي بالتوصل لاتفاق جديد مع إيران، شرع الكثير من الكتابات والتعليقات بمهاجمة ويتكوف واتهامه بعدم الخبرة والسذاجة وأن إيران ستحصل منه على ما تريد من دون أي مقابل.
ودعمت هذه المراكز موقف إسرائيل المتشدد والمعارض لهذه المفاوضات والداعي لضرورة استسلام إيران نوويا وتنازلها بصورة كاملة عن برنامجها النووي، وتفكيكه بالكامل على غرار النموذج الليبي.
وفي السياق، سبق أن حذَّر الإعلامي الشهير والحليف المقرب من الرئيس ترامب، تاكر كارلسون، من مسار مواجهة إيران، وجاء في تغريدة له على منصة إكس، التي يتابعه عليها أكثر من 16 مليون شخص، "أي شخص يدافع عن الصراع مع إيران ليس حليفا للولايات المتحدة، ولكنه عدو".
التياران المتصارعان
وفيما يتعلق بصنع السياسة الخارجية في فترة حكم ترامب الثانية، هناك فريقان أساسيان لكل منهما أولويات وأجندة تتقارب وتتباعد مع الأخرى على حسب القضية، وأهميتها.
فريق ماغا، الذي يحمل شعار (لنجعل أميركا عظيمة مجددا) ويركز على تنفيذ أجندة شعبوية تعرف اختصارا بـ"أميركا أولا"، وينبذ الحروب الخارجية التي يراها تستنزف موارد البلاد لأهداف غير واضحة، ولتحقيق مصالح للآخرين.
ويستشهد أعضاؤه بالحرب في العراق وأفغانستان اللتين استمرتا لنحو 20 عاما، وكلَّفت الخزينة الأميركية فوق 3 تريليونات دولار، إضافة للخسائر البشرية.
ويركز هذا الفريق على المواجهة مع الصين، والتوصل لاتفاقيات سلام وتهدئة في روسيا وأوكرانيا وإيران و الشرق الأوسط ، ويقوده نائب الرئيس جي دي فانس، وأولاد ترامب، ودائرة رجال الأعمال من الموالين والمقربين منه، وعلى رأسهم ستيفن ويتكوف، مبعوثه للشرق الأوسط وروسيا، ورؤساء أجهزة الاستخبارات الوطنية، خاصة مديرتها تولسي غابرد.
والفريق الثاني هو المحافظون الجدد، وهم الجمهوريون المتشددون التقليديون ممن يرتبطون بالمجمع الصناعي العسكري، ولا يرغبون في وقف تدخلات أميركا الخارجية، وخاصة في الشرق الأوسط، وإيران تحديدا، ويهاجمون أي محاولات للتهدئة أو نزع فتيل التوتر معها.
وبسبب قرب رموز هذا التيار من إسرائيل، وحكومتها اليمينية، لا يتوقف عن شحن دوائر واشنطن المختلفة بضرورة مهاجمة إيران للقضاء على برنامجها النووي، بدلا من التفاوض معها، وكان على رأس هذا الفريق مايك والتز، الذي لم يستطع فهم رغبة رئيسه في وقف الحروب التي لا تنتهي.
إضافة لوزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث، إلا أنهما أدركا ما يريده ترامب، وطورا مواقفهما إلى حد بعيد. ولا يرغب هذا التيار في تقليص التزامات أميركا العسكرية حول العالم.
من جانبه، يحاول ترامب التوفيق بين التيارين والاستعانة بهما في التعامل مع مختلف القضايا في الوقت الذي يميل هو فيه شخصيا إلى أفضلية رؤية تيار ماغا للقضايا الدولية.
فضيحة سيغنال
وكانت قضية دردشة سيغنال هي الخطأ الأكثر وضوحا لمستشار الأمن القومي، إلا أن مشاكله كانت أعمق من ذلك، وكان والتز قد ضم -خطأ- رئيس تحرير مجلة ذي أتلانتيك، جيفري غولدبرغ، في محادثة جماعية حول خطط الهجوم العسكري على جماعة الحوثيين في اليمن.
وكشفت نصوص الدردشة أن والتز لم يعمل بشكل جيد مع كبار أعضاء فريق ترامب من المحسوبين على تيار ماغا، وخاصة فانس نائب الرئيس.
إعلان
ولم يملك والتز سجلا جيدا في ظهوره الإعلامي المتكرر على شبكة فوكس الإخبارية التي يشاهدها ترامب بانتظام، للدفاع عن مواقف وقرارات رئيسه الخارجية، ولم يستطع النجاح في تبرير بدء مسار التفاوض مع إيران في الوقت الذي لم يستطع فيه إخفاء رغبته في ضرورة مهاجمة برنامجها النووي عسكريا، ولم يرحب بتواصل ويتكوف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
يذكر أنه في بداية أبريل/نيسان الماضي، أمر ترامب بإقالة العديد من مسؤولي مجلس الأمن القومي بناء على نصيحة الناشطة اليمينية المتطرفة، لورا لومر، التي اتهمت كبار مساعدي والتز بعدم الولاء لترامب ولأجندة أميركا أولا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يهاتف بوتين وأنباء عن "مذكرة سلام" روسية لإنهاء حرب أوكرانيا
ترامب يهاتف بوتين وأنباء عن "مذكرة سلام" روسية لإنهاء حرب أوكرانيا

الجزيرة

timeمنذ 40 دقائق

  • الجزيرة

ترامب يهاتف بوتين وأنباء عن "مذكرة سلام" روسية لإنهاء حرب أوكرانيا

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم السبت أنه تحدث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن إنهاء ما وصفها "الحرب الرهيبة" الدائرة في أوكرانيا منذ أزيد من ثلاث سنوات. كما نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين أميركيين، أن الإدارة الأميركية ما زالت تعتقد أن الرئيس بوتين على وشك اتخاذ خطوات ملموسة نحو التوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا. وكشف المسؤولون للموقع أن دبلوماسية الرئيس ترامب مع بوتين أقنعته بإعداد "مذكرة سلام"، الأمر الذي كان يرفضه سابقا. ونقل الموقع عن مسؤولين أوكرانيين قولهم إن واشنطن "لا تملك أي معلومات بشأن موعد أو مكان انعقاد الجولة المقبلة من المحادثات مع روسيا". وكان الرئيس ترامب قد أجرى مكالمة سابقة مع الرئيس الروسي الاثنين الماضي، أكد على إثرها أن موسكو وكييف "ستبدآن فورا مفاوضات" لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب قد تستضيفها الفاتيكان. وقال ترامب إن مكالمته مع بوتين سارت على ما يرام، وإن الفاتيكان "ممثلا في البابا، أبدى اهتمامه باستضافة المفاوضات. فلتبدأ العملية!". كما وصف بوتين محادثته مع ترامب بالصريحة والبناءة، وقال -في مؤتمر صحفي- إن الرئيس الأميركي "أقر بأن روسيا تؤيد الحل السلمي للأزمة الأوكرانية". إعلان وأعرب عن استعداد بلاده للعمل على مذكرة تفاهم مع أوكرانيا تشمل وقف إطلاق النار، داعيا للتوصل إلى "تنازلات تناسب الطرفين"، وإلى القضاء على جذور الصراع، وفق تعبيره. ويعد اتصال اليوم رابع اتصال رسمي بين الرئيسين الأميركي والروسي خلال العام الجاري، حيث تقود إدارة ترامب جهودا دبلوماسية لإنهاء النزاع الذي ترى أنه كبّد الولايات المتحدة خسائر كبيرة. ومنذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وفي مقدمتها حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا" في شؤونها.

يضحون بالبشر.. من هم أنصار "تحسين النسل" في أميركا؟
يضحون بالبشر.. من هم أنصار "تحسين النسل" في أميركا؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

يضحون بالبشر.. من هم أنصار "تحسين النسل" في أميركا؟

"إن صورة أغنى رجل في العالم وهو يقتل أفقر أطفال العالم ليست جميلة"، قالها مؤسس مايكروسوفت، الملياردير الخيري بيل غيتس عن إيلون ماسك خلال مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز، في وقت سابق من هذا الشهر. وقد أشار غيتس بشكل غير مباشر إلى دور ماسك في تقويض الوكالة الفدرالية للمساعدات الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، وهي الوكالة التي تم توجيه مليارات الدولارات عبرها لعقود نحو الحد من الفقر العالمي، والقضاء على الأمراض. لكن ذلك تغيّر، عندما قاد ماسك الحملة لإنشاء وزارة الكفاءة الحكومية غير الرسمية التابعة للرئيس دونالد ترامب (DOGE) لتفكيك الوكالة في فبراير/ شباط. وقال غيتس في مقابلة لاحقة في برنامج (The Late Show with Stephen Colbert)، موسعًا تعليقاته السابقة: إنّه "ما لم نعكس المسار بسرعة، فإننا سنشهد وفاة أكثر من مليون طفل إضافي حول العالم". لكن بغضّ النظر عمّا يراه بيل غيتس أو غيره، فإن استخفاف إيلون ماسك بحياة البشر لا يقتصر فقط على دوره في قيادة وزارة الكفاءة الحكومية (DOGE). بل إن هذا النهج الفكري لا يخصّ ماسك وحده، بل يُعبّر عن توجّه أوسع داخل إدارة ترامب وعلاقاته مع عدد من المليارديرات. فقد أفسح ترامب المجال لنفوذ مجموعة من أنصار فكر "تحسين النسل"، سواء من التيارات القديمة أو بصيغها المعاصرة. ويؤمن بعض هؤلاء بفلسفة تُعرف بـ"المدى الطويل" (longtermism)، والتي تقوم على فكرة أن بقاء البشرية وامتدادها عبر المجرة بمليارات من البشر مستقبلًا يتطلب قيادة نُخبوية تتخذ قرارات صعبة، من بينها التضحية بأعداد كبيرة من البشر المعاصرين لحماية هذا المستقبل البعيد. وضمن هذا السياق، يشارك ماسك وآخرون في توجيه السياسات الأميركية، داخليًا وخارجيًا، على أسس تجمع بين أفكار "تحسين النسل" و"المدى الطويل"، ما يجعل ملايين البشر عرضة لأخطار فعلية أو محتملة. أبرز رموز تحسين النسل التقليدي في محيط ترامب ربما أبرز مثال على فكر تحسين النسل التقليدي في دائرة ترامب، هو روبرت ف. كينيدي الابن، الذي يشغل حاليًا منصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية (HHS). وهناك موقفان له يُظهران بوضوح تبنّيه فكرَ تحسين النسل في القرن العشرين. أولهما موقفه المعادي للقاحات على مرّ السنين، خصوصًا لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR). ففي التسعينيات، ادعى عدد محدود من العلماء أن هذا اللقاح مسؤول عن ازدياد تشخيص التوحد لدى الأطفال. ورغم أن العديد من الدراسات فنّدت تلك المزاعم، فقد استمر مناهضو اللقاحات أمثال كينيدي في تقويض الثقة العامة في برامج اللقاحات. وقال كينيدي في عام 2015 عن لقاح MMR: "يتلقون اللقاح، وفي تلك الليلة يصابون بحمى تصل إلى 103 درجات، ينامون، وبعد ثلاثة أشهر يتلف دماغهم. هذه محرقة، ما يفعله هذا الأمر ببلدنا". وقد اعتذر لاحقًا عن مقارنته المهينة بين التوحد والمحرقة. الموقف الثاني هو نزعة التمييز ضد ذوي الإعاقة لديه، المتداخلة مع نزعة عنصرية. ففي أبريل/ نيسان، انتقد كينيدي ازدياد حالات التوحد في أميركا باعتبارها أمرًا "يدمر العائلات"، مضيفًا أن الأطفال الذين "تراجعوا.. إلى التوحد.. لن يدفعوا ضرائب أبدًا، ولن يعملوا أبدًا، ولن يلعبوا البيسبول، ولن يكتبوا شعرًا، ولن يواعدوا، والكثير منهم لن يستخدموا المرحاض دون مساعدة". أصرّ كينيدي على تجاهل البيانات العلمية التي تؤكد أن التوحد ليس مرضًا في طور الانتشار، بل إن المجتمع بات يمتلك أدوات أدق وأكثر تطورًا تساعد على تشخيص من هم ضمن طيف التوحد، وهم أشخاص يشارك كثير منهم في الحياة الاجتماعية والعقلية بشكل نشط. وفي السياق نفسه، روّج كينيدي عام 2023 لشائعة مناهضة للقاحات تنطوي على مضمون عنصري وتمييزي ونزعة تآمرية. ففي يوليو/ تموز من ذلك العام، وخلال فعالية لجمع التبرعات لحملته الرئاسية التي أُلغيت لاحقًا، ظهر في مقطع مصوّر زاعمًا أن "كوفيد-19 يستهدف البيض والسود، بينما يتمتع اليهود الأشكناز والصينيون بأعلى درجات المناعة". غير أن هذا الادعاء يفتقر تمامًا إلى أي دليل علمي؛ فلا توجد مؤامرة تستهدف أعراقًا بعينها، كما لا توجد فئة سكانية محصّنة من الفيروس بطبيعتها. ومن الواضح أن تصريحات كينيدي العنصرية تنطوي أيضًا على معاداة للسامية. استخدام بيانات خاصة لأهداف تحسين النسل في وقت سابق من هذا الشهر، أعلن كينيدي أنه خوّل برنامجَي "ميديكيد" و"ميديكير" بمشاركة البيانات الخاصة مع معاهد الصحة الوطنية (NIH) لإنشاء قاعدة بيانات وطنية للمصابين بالتوحد "لكشف الأسباب الجذرية للتوحد" – والذي يعتبره "مرضًا يمكن الوقاية منه"- بحلول سبتمبر/ أيلول. ويتجاوز هذا التصريح مجرّد الرأي ليذكّر بممارسات دعاة تحسين النسل في القرن الماضي. فقد استخدمت حكومات الولايات الأميركية، والحكومات الفاشية مثل النازية، مثل هذه القوائم لعزل المصابين بالتوحد وغيرهم من ذوي الإعاقات عن المجتمع. في الولايات المتحدة، كانت التعقيم القسري الوسيلة لحماية "نقاء الجينات"، بينما استخدم النازيون القتل الرحيم. من الواضح أن كينيدي يمثل نموذجًا تقليديًا لداعية تحسين نسل معادٍ للقاحات ولذوي الإعاقة وعنصري في آنٍ واحد. تحسين النسل الجديد: فلسفة المدى الطويل غير أن فكر "تحسين النسل" في القرن الحادي والعشرين لم يختفِ، بل أعاد إنتاج نفسه في صورة جديدة تُعرف بفلسفة "المدى الطويل" (Longtermism). هذه الفلسفة تُعد امتدادًا حديثًا لمبادئ "الداروينية الاجتماعية" و"البقاء للأصلح" والحركات الإقصائية التي نشأت عنها. وعلى الرغم من أنها لا تروّج صراحة لفكرة الحفاظ على "عرق أبيض متفوق"، فإنها تتقاطع بوضوح مع منطق تحسين النسل. يؤمن أنصار "المدى الطويل" بأن إنقاذ البشرية من الانقراض يكمن في تطوير الإنسان ذاته وخلق "بشرٍ أفضل" قادرين على حمل مشعل الحضارة نحو المستقبل البعيد. لكن هذا "التحسين" يرتكز على فرضيتين أساسيتين: الأولى أن الرجال البيض من أصحاب الثروة والنفوذ -مثل إيلون ماسك، وبيل غيتس، وجيف بيزوس- هم الأجدر باتخاذ القرارات المصيرية نيابة عن البشرية جمعاء. والثانية أن عليهم أن يُحدّدوا مَن مِن البشر يُمكنه الاستمرار في استخدام موارد الكوكب، ومن يُفترض التضحية به، إذ يُنظر إلى مليارات من البشر الحاليين على أنهم عقبة محتملة في وجه "مستقبل أفضل" يستحق -في نظرهم- إنقاذه حتى لو تطلب الأمر إقصاءهم. ماسك ونظرية "الانتحار الحضاري عبر التعاطف" كشف ماسك عن قناعته العميقة بشأن من يستحق الحياة ومن لا يستحقها خلال مقابلة مطوّلة استمرت ثلاث ساعات في بودكاست جو روغن في فبراير/ شباط. قال ماسك حينها: "نحن نعيش حالة من التعاطف الانتحاري على مستوى الحضارة.. الضعف الجوهري في الحضارة الغربية يكمن في التعاطف. إنه استغلال للتعاطف. إنهم يستغلون ثغرة في الحضارة الغربية، وهي الاستجابة العاطفية". وبحسب رؤيته، فإن أولئك الذين لا يظهرون تعاطفًا مع "الحضارة ككل" -أي من منظور شامل وبارد- يساهمون، في رأيه، في انتحارها الجماعي. أما "هم" الذين يشير إليهم ماسك وروغن طوال المقابلة، فهم فئات متعددة تشمل: المهاجرين غير النظاميين، الليبراليين البيض، التقدميين، أعضاء الحزب الديمقراطي، وغيرهم من أفراد مجتمع الميم. الضمان الاجتماعي وسياسات شيخوخية قاسية في دائرة أنصار فلسفة "المدى الطويل" ضمن عالم ترامب، يبرز اسم الملياردير التقني بيتر ثييل، الذي يصف نظام الضمان الاجتماعي الأميركي بأنه "احتيال بين الأجيال". هذا التصريح يعكس دعمه الصريح لسياسات ماسك في إطار وزارة الكفاءة الحكومية (DOGE)، التي تستهدف تقليص برامج الرعاية الاجتماعية، لا سيما تلك المخصصة لكبار السن. كما يُظهر ذلك توجه إدارة ترامب نحو تبنّي سياسات تتسم بالتمييز العمري والوظيفي، تحت غطاء "تقليص الإنفاق الحكومي"، بينما تُعد هذه السياسات في جوهرها امتدادًا لفكر تحسين النسل، حيث يجري التلميح -أو التمهيد- لإقصاء الفئات التي تُعتبر عبئًا اقتصاديًا أو غير منتجة، مثل المسنين وذوي الإعاقات. وهي مقاربة قد تفضي فعليًا إلى تعريض هذه الفئات للهلاك. إعادة تشكيل الحكومة الفدرالية على صورة دعاة تحسين النسل جنبًا إلى جنب مع ترامب، عمل كينيدي وماسك على إعادة تشكيل الحكومة الفدرالية على صورتهم الخاصة كدعاة تحسين نسل. وقد تعاون كينيدي مع DOGE التابعة لماسك لقطع التمويل عن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، ومعاهد الصحة الوطنية، وبرامج اللقاحات، والوقاية من الأوبئة، وأبحاث السرطان، منذ توليه منصبه في منتصف فبراير/ شباط. وهناك حاليًا أمر حظر فعلي يمنع مسؤولي مراكز مكافحة الأمراض من التحدث عن انتشار سلالات إنفلونزا الطيور بين الحيوانات والبشر العاملين في صناعة الدواجن. وعندما تم استجوابه في جلسة استماع بالكونغرس في 14 مايو/ أيار حول عمله كوزير للصحة في تفكيك الوزارة، اعترف كينيدي بأنه "ربما" سيلقّح أطفاله ضد الحصبة في عام 2025. لكنه، في الجلسة ذاتها، عاد وشكّك في لقاح MMR، مما يشير إلى موقفه المتحيز ضد الأشخاص المصابين بالتوحد، بينما تمر الولايات المتحدة، وتحديدًا ولاية تكساس، بأحد أسوأ تفشيات الحصبة خلال الخمسين عامًا الماضية، حيث سُجل أكثر من ألف حالة حتى الآن، معظمها بين الأطفال غير الملقحين، توفي منهم اثنان.

أكسيوس: هيكلة مجلس الأمن القومي تفكيك للدولة العميقة
أكسيوس: هيكلة مجلس الأمن القومي تفكيك للدولة العميقة

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

أكسيوس: هيكلة مجلس الأمن القومي تفكيك للدولة العميقة

اعتبر موقع أكسيوس إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته ماركو روبيو تنفيذ عملية هيكلة جذرية لـ مجلس الأمن القومي الأميركي خطوة مفاجئة تعكس تحولا عميقا في هيكل صناعة القرار الأمني الأميركي. وأشار الموقع الأميركي إلى أن عملية الهيكلة تشمل تقليص عدد موظفيه إلى النصف تقريبا، ونقل كثير من صلاحياته إلى وزارتي الخارجية والدفاع. ونقل عن مسؤولين في البيت الأبيض قولهم إن هذه الخطوة ستحقق تقليصا للبيروقراطية "المعرقِلة"، وتصفية ما يعتبرونه "الدولة العميقة" التي تضم مسؤولين من أصحاب المناصب الدائمة، الذين لا يشاركون الرئيس رؤيته. وقال أحد هؤلاء المسؤولين لموقع أكسيوس: "مجلس الأمن القومي هو المعقل الرئيسي للدولة العميقة. إنها معركة ماركو ضد الدولة العميقة، ونحن نقوم بتفكيكها". ويأتي هذا التغيير في إطار رؤية إدارة ترامب التي ترى أن الهيكل التنظيمي التقليدي للمجلس –المكوَّن من لجان متعددة- بات معرقلا لاتخاذ القرار، ويجب استبداله بنهج أكثر مباشرة يستجيب بسرعة لتوجيهات الرئيس. روبيو: إعادة الأمور إلى أصلها وقال وزير الخارجية ماركو روبيو ، الذي يشغل أيضا منصب مستشار الأمن القومي بالوكالة، في بيان إن إعادة ضبط حجم مجلس الأمن القومي تتماشى مع هدفه الأصلي ورؤية الرئيس. و"سيكون المجلس في وضع أفضل للتعاون مع الوكالات المختلفة". إعلان وأشار مسؤولون إلى أن الموظفين الذين سيتم الاستغناء عنهم لن يُفصلوا، بل سيتم نقلهم إلى وظائف حكومية أخرى. وفي المقابل، سيتركز دور مجلس الأمن القومي على "التنسيق وتقديم المشورة، لا على تنفيذ السياسة"، بحسب مصادر مطلعة. توافق داخل الفريق الرئاسي ويرى مسؤولون في الإدارة أن تقليص الهيكل البيروقراطي للمجلس لن يكون له آثار سلبية، إذ يسيطر الانسجام والتفاهم على الفريق الحالي. وقال أحدهم: "لدينا فريق متجانس من أمثال روبيو، ووزير الدفاع بيت هيغسيث ، ووزير الخزانة سكوت بيسينت، والنائب العام بام بوندي، وكلهم يعرفون ما يريد الرئيس وينفذونه دون صراع صلاحيات". وضرب المسؤول مثالا على ذلك بقرار ترامب الأخير بإلغاء العقوبات على سوريا ، حيث تم تنفيذ القرار فورا بتوجيه مباشر من الرئيس إلى الوزراء المعنيين، دون المرور بسلسلة اللجان والهيئات التقليدية داخل المجلس. ووفقا لمصادر داخل الإدارة، فإن ترامب يرغب في بقاء روبيو في موقعه كمستشار للأمن القومي لأطول فترة ممكنة، وهو "الشخص الذي يتخذ القرارات فعليا"، بحسب أحد المطلعين. يُذكر أن روبيو، الذي أشرف في وقت سابق على تقليص وكالة التنمية الدولية ويسعى لتبسيط وزارة الخارجية، عبّر مرارا عن قلقه من تأثير الموظفين الدائمين في مؤسسات الدولة. وسبق أن قال لترامب خلال صياغة السياسة الأميركية تجاه كوبا عام 2017: "ما التزمت به بشأن كوبا لن يأتي من الكادر المهني. عليك أن تُملي ما يجب عليهم فعله". وختم الموقع تقريره قائلا إن هذه التغييرات تشير إلى نية واضحة لدى إدارة ترامب بإحكام قبضتها على عملية صنع القرار الأمني والسياسي، وتجاوز المؤسسات البيروقراطية التقليدية التي يُنظر إليها باعتبارها عائقا أمام تنفيذ أجندة الرئيس.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store