
القرار الغائب: إنهاء الحرب
حصرية السلاح في يد الدولة هو قرار متخذ، كما يكرر التأكيد رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام. ولا أحد يعرف متى يأخذ القرار طريقه الدستوري إلى طاولة مجلس الوزراء لسحب سلاح "حزب الله"، في انتظار تفاهم تأتي به معجزة داخلية أو خارجية على أمل ألا نكون "في انتظار غورو".
فالقرار هو، حتى إشعار آخر، تعبير عن موقف، وإن كان قوياً. والموقف يحتاج إلى سياسة تخدمه. والسياسة تحتاج إلى أدوات أمنية ودبلوماسية وعسكرية للتنفيذ. ولم نصل بعد إلى هذه المرحلة على الرغم من شدة الحاجة اللبنانية وقوة الضغط العربي والدولي، وسط ممانعة "حزب الله" وإصرار إيران على الاحتفاظ بسلاح الفصائل المذهبية الإيديولوجية التي أسستها في إطار مشروع إقليمي جيوسياسي واستراتيجي مستمر، بصرف النظر عن الضربات التي تلقاها في غزة ولبنان والتحديات في العراق وخسارة سوريا.
ذلك أن "حزب الله" ولد وفي يده بندقية. ويروي وزير الخارجية ثم نائب الرئيس سابقاً عبد الحليم خدام في مذكراته "أن طهران أرسلت عام 1982 لواء من الحرس الثوري إلى سوريا بالاتفاق معها، وقد توجه قسم كبير منه إلى بعلبك وتشكيل "حزب الله"، ولم يكن في ذهن الرئيس حافظ الأسد أن إيران تبني قاعدة عسكرية وسياسية في لبنان لخدمة استراتيجيتها، وأن لديها طموحاً للتوسع الإقليمي". وبكلام آخر، فإن "حزب الله" والسلاح توأمان.
و"المقاومة الإسلامية" ممتدة من غزة إلى صنعاء مروراً ببغداد ودمشق وبيروت، من أجل أهداف لا تتوقف فقط على قتال إسرائيل. ومن دون سقوط المشروع الإيراني الإقليمي أو التخلي عنه في صفقة إيرانية-أميركية، فإن ممانعة التخلي عن السلاح تبقى قوية، مهما تكن الحجج ضعيفة أو خارج الموضوع. وليس في تاريخ المقاومة في العالم مقاومة احتفظت بالسلاح بعد تحرير الأرض، باستثناء ما حدث في لبنان.
ففي العام 2000 انسحبت إسرائيل من الجنوب اللبناني مدحورة تحت ضرب المقاومة. والبلد يحتفل يوم 25 أيار من كل عام بـ "عيد المقاومة والتحرير". لكن "حزب الله" تلقى بعد التحرير المزيد من الأسلحة لجيش متعدد الأذرع، وخاض حربين مع العدو، واحدة انسحبت بعدها إسرائيل بموجب القرار 1701، وأخرى تمسكت فيها باحتلال مواقع وتلال حاكمة في الجنوب. وهكذا أدى سلاح ما بعد التحرير إلى عودة الاحتلال. وليس الإصرار على الاحتفاظ بالسلاح بعد ما حدث من دمار وضحايا، سوى إشارة إلى أن السلاح له مهمات في الداخل والخارج تتجاوز الإحتلال والخطر الإسرائيلي، في ظل العجز عن استخدام السلاح.
كان أوغسطس قيصر يقول: "إجعل التعجل بطيئاً". وليس المطلوب من العهد والحكومة التسرع أو التهور في معالجة سحب السلاح. لكن الفرصة المفتوحة ليست مفتوحة إلى الأبد. و"الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك"، كما يقول المثل. والمسؤولون يعرفون بالتجربة مع أميركا أكثر مما قاله الموفد الأميركي اللبناني الأصل فيليب حبيب أيام الرئيس رونالد ريغان لوزير الخارجية إيلي سالم في عهد الرئيس أمين الجميل، وخلاصته: "نحن نحب النجاحات، ولكن عندما تتعذر الأمور نتخلى عنها فوراً".
والمطلوب هو ما كان يجب أن يحدث بعد اتفاق الطائف، ولم يكن مسموحاً من الوصي السوري ثم الإيراني بأن يحدث: قرار عملي بإنهاء الحرب والخروج من مناخ الحرب وحمولاتها. فالحرب توقفت لكن مفاعيلها وحمولاتها استمرت، عبر سلاح "حزب الله' وسلاح الفصائل الفلسطينية في المخيمات وخارجها. ولا قدرة على رد أي مسلح عن القيام بعملية في الجنوب أو خارجه لأهداف مؤذية للبنان. ولا معنى للدولة إن بقيت ضمن هياكل شكلية تتفرج على عسكرة لبنان.
و"أي حرب تطول تتطور أهداف أطرافها"، كما تقول المؤرخة الكندية مارغريت ماكميلان.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 43 دقائق
- العربية
على متن "أسطول الحرية".. الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ تعتزم الإبحار لغزة
تبحر الناشطة السويدية في مجال المناخ غريتا ثونبرغ، مع نشطاء آخرين، الأحد، إلى غزة على متن سفينة إنسانية احتجاجا على الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع، وفق ما أفادت نائبة فرنسية فلسطينية. وينظم الرحلة "أسطول الحرية"، وهو تحالف من مجموعات معارضة للحصار الذي فرضته إسرائيل في 2 مارس على غزة ولم تبدأ برفعه إلا مؤخرا. وقالت ريما حسن، عضو البرلمان الأوروبي المشاركة في الرحلة، إن العملية لها "أهداف متعددة: إدانة الحصار الإنساني والإبادة الجماعية المستمرة والإفلات من العقاب الممنوح لدولة إسرائيل ورفع مستوى الوعي الدولي". وأثارت حسن، وهي شخصية بارزة في الحزب اليساري "فرنسا الابية"، جدلا في الماضي بتصريحاتها حول الشرق الأوسط. وكان من المقرر أن تزور الأراضي الفلسطينية المحتلة في فبراير مع وفد من البرلمان الأوروبي، لكنها قالت إنها مُنعت من دخول إسرائيل. من 2 وكان من المقرر أن تقوم ثونبرغ، التي اشتهرت بتنظيم احتجاجات للمراهقين من أجل المناخ في بلدها السويد، بالرحلة إلى غزة في وقت سابق هذا الشهر على متن سفينة تابعة لتحالف أسطول الحرية، لكن السفينة تعرضت للتخريب أثناء رحلتها. وقال ناشطون إنهم يشتبهون في أن غارة إسرائيلية بطائرة مسيرة وراء الحادث. وصرحت حسن على مواقع التواصل الاجتماعي "لضمان أمننا، وكذلك نجاح مهمتنا، نحتاج إلى أقصى قدر من التعبئة العامة لهذه المبادرة". وبدأت المساعدات بالتدفق إلى غزة في الأيام الأخيرة، لكن المنظمات الإنسانية تحذر من أن القطاع يواجه مجاعة واسعة النطاق. وأعلن البيت الأبيض الخميس أنّ إسرائيل وافقت على المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي تم تقديمه أيضا إلى حماس، لكن الحركة اعتبرت أن المقترح "لا يستجيب لأي من مطالب شعبنا"، بيد أنها استدركت وقالت ""مع ذلك، تدرس قيادة الحركة بكل مسؤولية وطنية الرد على المقترح".


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
الناشطة السويدية ثونبرغ تعتزم الإبحار إلى غزة على متن أسطول الحرية
تبحر الناشطة السويدية في مجال المناخ غريتا ثونبرغ مع نشطاء آخرين الأحد إلى غزة على متن سفينة إنسانية احتجاجا على الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع، وفق ما أفادت نائبة فرنسية فلسطينية. وينظم الرحلة «أسطول الحرية»، وهو تحالف من مجموعات معارضة للحصار الذي فرضته إسرائيل في 2 مارس (آذار) على غزة ولم تبدأ برفعه إلا مؤخرا. وقالت ريما حسن، عضو البرلمان الأوروبي المشاركة في الرحلة، إن العملية لها «أهداف متعددة: إدانة الحصار الإنساني والإبادة الجماعية المستمرة والإفلات من العقاب الممنوح لدولة إسرائيل ورفع مستوى الوعي الدولي». وأثارت حسن، وهي شخصية بارزة في الحزب اليساري «فرنسا الأبية»، جدلا في الماضي بتصريحاتها حول الشرق الأوسط. وكان من المقرر أن تزور الأراضي الفلسطينية المحتلة في فبراير (شباط) مع وفد من البرلمان الأوروبي، لكنها قالت إنها مُنعت من دخول إسرائيل. وكان من المقرر أن تقوم ثونبرغ، التي اشتهرت بتنظيم احتجاجات للمراهقين من أجل المناخ في بلدها السويد، بالرحلة إلى غزة في وقت سابق هذا الشهر على متن سفينة تابعة لتحالف أسطول الحرية، لكن السفينة تعرضت للتخريب أثناء رحلتها. وقال ناشطون إنهم يشتبهون في أن غارة إسرائيلية بطائرة مسيرة وراء الحادث. وصرحت حسن على مواقع التواصل الاجتماعي «لضمان أمننا، وكذلك نجاح مهمتنا، نحتاج إلى أقصى قدر من التعبئة العامة لهذه المبادرة». وبدأت المساعدات بالتدفق إلى غزة في الأيام الأخيرة، لكن المنظمات الإنسانية تحذر من أن القطاع يواجه مجاعة واسعة النطاق. وأعلن البيت الأبيض الخميس أنّ إسرائيل وافقت على المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي تم تقديمه أيضا إلى حماس، لكن الحركة اعتبرت أن المقترح «لا يستجيب لأي من مطالب شعبنا».


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
ما بعد المخيمات.. متى يُنزع سلاح «حزب الله» ؟
تابعوا عكاظ على في بلد اعتاد تأجيل الملفات الشائكة أو ترحيلها، تشكل خطوة تحديد موعد واضح لنزع سلاح المخيمات الفلسطينية استثناءً لافتاً، خصوصاً أنها جاءت دون أي مقاربة موازية أو حتى إشارة إلى ملف سلاح «حزب الله». المسألة لم تكن في توقيت الخطوة فقط، بل في رمزيتها: أن تختار الدولة للمرة الأولى أن تبدأ تنفيذ قرار دولي طال انتظاره، هو القرار 1701، عبر تفكيك مستودعات السلاح الفلسطيني على كامل الأراضي اللبنانية، وأن تفعل ذلك ضمن إطار من التفاهم السياسي والإقليمي، لكن من دون أن تحدد موعداً لنزع سلاح المنظومة المسلحة الأكبر على الأرض؛ أي «حزب الله»، الذي لا يزال خارج أي إطار زمني أو تفاهم وطني واضح. عون في مواجهة الواقع يقود الرئيس جوزيف عون هذا الواقع الحساس بوعي وطني استثنائي، إذ لا يدخل في صدام ولا يطلق وعوداً غير قابلة للتحقيق، فهو لا يتنازل عن ثوابته: أن يكون السلاح بيد الدولة، وأن السيادة لا تقبل التجزئة. مع قناعة تامة بأن استعادة السيادة لا تتحقق دفعة واحدة، بل عبر تراكم خطوات تعيد ترميم ثقة اللبنانيين بدولتهم. وفي هذا السياق، عُقد اللقاء بين الرئيس عون ورئيس كتلة حزب الله البرلمانية النائب محمد رعد، لتأكيد دخول التواصل بين الطرفين مرحلة سياسية جديدة تتجاوز الاتصالات عن بُعد. وخصص اللقاء الأول العلني للبحث في أربع نقاط رئيسية: وقف الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية، الانسحاب من المواقع الخمسة التي لا تزال إسرائيل تحتلها، إطلاق الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، وإعداد آلية ضمن برنامج لإعادة إعمار المناطق المتضررة. ووفقاً للمعطيات المتوفرة فإن حزب الله وجد في هذه النقاط التي يصعب تنفيذها في الوقت الراهن، حجة مناسبة للمماطلة والتمسك بوضع السلاح الحالي حتى يبني على الشيء مقتضاه. ورغم المسار الهادئ والمتماسك في إدارة هذا الملف، تظل المسألة الأوسع بلا أفق واضح: سلاح حزب الله لن تُفتح له أي صفحة رسمية للنقاش، ولن تُحدد له أي خارطة طريق أو روزنامة انتقال نحو الدولة على المدى المنظور. حزب الله والربط الإقليمي للسلاح المرونة الظاهرة في تعامل حزب الله مع الرئيس عون، فضحت عبر تصريحات أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، التي سبقت زيارة النائب محمد رعد إلى القصر الجمهوري، عن أنها ليست إلا إستراتيجية لشراء الوقت. إذ أعاد قاسم إلى الأذهان لغة ما قبل الحرب، مؤكداً تمسك الحزب المطلق بسلاحه وثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، رافضاً أي نقاش أو مراجعة، وموحياً بأن الاستقرار مرهون ببقاء هذا السلاح، وكأن لبنان محكوم بورقة تفاوض لا مشروع دولة. أخبار ذات صلة بل أكثر من ذلك، أكد الحزب عبر إعلامه رفضه لأي نقاش رسمي شامل حول سلاحه، ملمحاً أن هذا السلاح ما زال مرتبطاً بتوازنات إقليمية، من الاتفاق الأمريكي- الإيراني مروراً بمآلات جبهة غزة. وهي الملفات التي تُدار خارج لبنان، ولا يُستشار فيها اللبنانيون، لكنها تنعكس مباشرة على أمنهم واقتصادهم ومستقبلهم. الأروقة السياسية اللبنانية، بدأت تضج بالنقاشات حول كيفية الخروج من هذا الواقع المعقد، حيث تطرح بعض الجهات مبادرات تفصل الملف الأمني عن الحسابات الإقليمية، عبر تفعيل دور المؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية، مع ضمانات دولية تحدد سقفاً واضحاً لسلاح حزب الله ضمن مفهوم الدولة والجيش فقط. فيما يعارض ذلك جزء من الطبقة السياسية المرتبطة بعلاقات وثيقة مع الحزب، وتتمسك بإبقاء ملف السلاح خارج أي نقاش جدي، معتبرة أن توقيت معالجة هذا الملف غير ناضج سياسياً وأمنياً، خشية أن يؤدي إلى توترات داخلية. مستقبل السيادة في ظل السلاح الواقع أن الدولة بدأت السير على طريق السيادة، فيما يظل طرف واحد يحتفظ بحق الفيتو على إتمام هذا المسار. وهنا، تتردد في الأوساط الشعبية والسياسية أسئلة عدة: ما الخطوة التالية بعد ملف المخيمات؟ هل ستتمكن الدولة اللبنانية من فرض سيادتها على كامل أراضيها فعلياً؟ ما الذي يمنع بلورة خارطة طريق وطنية تحدد سقفاً زمنياً لاحتواء هذا السلاح؟ هل المبادرات الداخلية كافية، أم أن الحل سيظل معلقاً حتى تنضج صفقة إقليمية- دولية؟ قد يكون ما سيتحقق في ملف المخيمات بداية صحيحة، لكنه لا يعني بالضرورة أننا على طريق إنهاء حالة السلاح خارج الدولة. وسؤال السيادة سيبقى مفتوحاً ما دامت جهة تتصرف كسلطة رديفة وتفرض منطقها فوق الدستور والمؤسسات. أما السؤال المؤجل بلا مواربة: إذا كانت المخيمات هي البداية.. فمتى يبدأ النقاش الحقيقي حول سلاح حزب الله؟. /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;}