logo
زيارة الأربعين وايضاح مظلومية أهل البيت عليهم السلام

زيارة الأربعين وايضاح مظلومية أهل البيت عليهم السلام

من هنا جاءت زيارة الأربعين لتمثل انتصار الشعار الصادق على رهافة السيف الظالم، ولتخلق روح التوافق والالتحام ، فان اجتماع مجموعة من الناس واتحادهم في عمل ما بدافع العقيدة سيولد لامحالة وشائج وثيقة بين الأفراد ويعزز العلاقات الاجتماعية بينهم لا سيما وان العامل المشترك بين الجميع هو عمل عبادي يبغي من ورائه نيل الثواب وهذا ما ينطبق تماماً على مراسم زيارة الأربعين ونشاط مواكبها ، مضافاً الى أنها دعوة صادقة للسلام يرتفع نداؤها ليغطي على طبول الظلم الزائفة.
ان زيارة الأربعين هي تجسيد لقتل الظلمة والطغاة بلا قتال، وقد اثار ذلك حفيظة الظالمين فجدّوا في منع الموالين من احياء تلك الشعيرة، والتنكيل بهم، والتشنيع عليهم بمختلف الأساليب، من هنا كانت زيارة الأربعين عملا إعلاميا ضخما، وتبليغيا بالغ الصعوبة والتعقيد لكنها في الوقت نفسه تكشف المعالم الحقيقية للدين، فهي تجعل من الإنسان مادة للرسالة، ذلك الإنسان المجرد من كل الأسلحة إلا سلاح الولاء واحترام الذات، فهو في زيارة الأربعين كائن مقدس يمشي نحو قبلة الطهر والقداسة لا يتعدى حدوده، يمشي على سكينة ووقار عالماً بحرمة الدماء وقداستها، كما قرر الإسلام ذلك ، فالله تعالى يقول {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة : 32] , وكما أكدت عليه الروايات الشريفة الواردة عن أهل البيت، نذكر من ذلك:
عن أبي ذر عن النبي (صلى الله عليه واله) في وصية له قال: «يا ابا ذر سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر، واكل لحمه من معاصي الله، وحرمة ماله كحرمة دمه».
عن أبي بصير عن ابي جعفر(عليه السلام) ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه واله): «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه معصية لله، وحرمة ماله كحرمة دمه».
3- عن حبة العرني قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : «من ائتمن رجلاً على دمه ثم خاس – غدر – به ، فأنا من القاتل بريء ، وان كان المقتول في النار».
لقد استوعبت زيارة الأربعين كل تلك المعاني والإشارات، وعمقت عشق ثورة الإمام الحسين في قلوب وضمائر الناس باعتباره ما خرج إلا لطلب الإصلاح في أمة جده (صلى الله عليه واله) ، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، وهذا هو هدف الإمام في خروجه ، اذ قال (عليه السلام) : «اني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي محمد آمر بالمعروف وانهى عن المنكر» وهذا ما ينبغي ان يكون شعارا ل زيارة الأربعين على مدى الدهر.
لقد كانت تلك الزيارة العظيمة سباقة في رفع راية اهل البيت عليهم السلام وإسماع دعوتهم لغيرهم لأن تميزهم بإحياء تلك المناسبة ومواظبتهم على رفع شعائر الحب والولاء فيها ، وتأكيدهم على ظلامة أهل البيت(عليهم السلام) واستثارتهم للعواطف بمناسبة ذلك يلفت أنظار الآخرين إليهم ، ويحملهم على الاحتكاك بهم ، والتعرف على ما عندهم، ولاسيما ان احياء هذه المناسبة يكون غالبا بنحو مثير وملفت للنظر، يساعد على ذلك كله تأييد الله تعالى لهذه الطائفة المنصورة ، فها نحن نرى هذه الايام اثر هذه الزيارة وغيرها في الفات نظر العالم وتوجيه وسائل الإعلام المختلفة نحو فاجعة الطف في مواسمها المشهودة، لينظر العالم بعينه مدى استماتة الموالين في احياء تلك المناسبة وغيرها مضحين بالغالي والنفيس في سبيل إحيائها، غير مكترثين بالمخاطر والظروف التي قد تكون غير مهيأة لتلك الشعائر.
«وذلك يفسر ما رواه معاوية بن وهب من دعاء الإمام الصادق عليه السلام لزوار الإمام الحسين(عليه السلام) – لعلمه بتلك الظروف التي قد يكون فيها مخاطر جمّة على الموالين – حيث قال «اللهم ان أعداءنا عابوا عليهم بخروجهم، فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا، خلافا منهم على من خالفنا، فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تتقلب على حفرة ابي عبد الله (عليه السلام) ، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا….»
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحوثيون يستهدفون مطار اللد في يافا المحتلة بصاروخ باليستي
الحوثيون يستهدفون مطار اللد في يافا المحتلة بصاروخ باليستي

الرأي العام

timeمنذ 2 ساعات

  • الرأي العام

الحوثيون يستهدفون مطار اللد في يافا المحتلة بصاروخ باليستي

أعلنت حركة 'أنصار الله' اليمنية (الحوثيون)، اليوم الخميس، أنها نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت مطار اللد الإسرائيلي بصاروخ باليستي فرط صوتي. وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع في بيان، إن 'القوة الصاروخية في القوات المسلحة اليمنية نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت مطار اللد في منطقة يافا المحتلة وذلك بصاروخ باليستي فرط صوتي، وذلك انتصارا لمظلومية الشعب الفلسطيني وردا على جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة'. وأشار سريع إلى أن 'العملية قد حققت هدفها بنجاح بفضل الله، وتسببت في هروع أكثر من أربعة ملايين من قطعان الصهاينة الغاصبين إلى الملاجئ، وتوقف حركة المطار'. وتابع البيان، أن 'عملياتنا مستمرة لن تتوقف إلا بوقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها'.

لاريجاني يهز العصا.. لبنان ليس وحيداً ولن يُسمح بالعبث به!محمد شمص
لاريجاني يهز العصا.. لبنان ليس وحيداً ولن يُسمح بالعبث به!محمد شمص

ساحة التحرير

timeمنذ 3 ساعات

  • ساحة التحرير

لاريجاني يهز العصا.. لبنان ليس وحيداً ولن يُسمح بالعبث به!محمد شمص

لاريجاني يهز العصا.. لبنان ليس وحيداً ولن يُسمح بالعبث به! د. محمد شمص* منذ سنوات، تحاول #السعودية أن تلعب دور 'شرطي المنطقة' لصالح واشنطن وتل أبيب، لكنها لم تجيد سوى إشعال الحروب وتدمير الدول. من اليمن إلى سوريا، ومن البحرين إلى #لبنان، تتحرك الرياض بأوامر أميركية لتمزيق محور المقا و مة وتصفية حركات التحرر، مستخدمة المال السياسي، والحصار الاقتصادي، والتحريض الطائفي. اليوم، تعيد المملكة نفس السيناريو في لبنان، متوهمة أنها قادرة على اقتلاع الحزب من جذوره كما حاولت في اليمن ضد أنصار الله عام 2015 وفشلت، بل تحول اليمن الى قوة إقليمية فاعلة ومؤثرة، وأصبح معضلة بالنسبة للأمريكيين والإسرائيليين. النتيجة لن تختلف هذه المرة: هزيمة استراتيجية مدوية، وانكسار لمشروعها أمام صلابة محور المقا و مة. الأمير محمد بن سلمان قد يشتري السلاح الأميركي ويفتح خزائن النفط لدفع ثمن المؤامرات، لكنه لن يستطيع شراء النصر في مواجهة محور يعرف كيف يرد، وكيف ينقل المعركة إلى ساحات المواجهة مع السعودية من بوابتي اليمن والعراق، وغيرهما إن لزم الأمر. لاريجاني في بيروت: لا مساس بالمقاومة ولا بسلاحها زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، الدكتور علي لاريجاني، إلى بيروت لم تكن بروتوكولية، بل خطوة استراتيجية محورية تحمل رسائل حادة إلى الأميركيين والسعوديين مفادها: الساحة اللبنانية ليست ملعباً مفتوحاً، ولن يُسمح بالعبث بها. تأتي هذه الزيارة في وقت تحاول فيه واشنطن، عبر أدواتها في الحكومة اللبنانية وبدعم مباشر من الرياض، تنفيذ مخطط قديم–جديد لنزع سلاح المقاومة، وصولاً إلى القضاء عليها نهائياً. المشروع السعودي بقيادة محمد بن سلمان لا يكتفي بذلك، بل يهدف إلى إنهاء الحزب كلياً، وقد نوقش هذا المشروع حتى في القاهرة بين المندوب السعودي ومسؤولين عرب، وعندما حُذّر الجانب السعودي من أن ذلك سيؤدي إلى تفكيك الجيش اللبناني والحرب الأهلية، كان الرد صادماً: 'فليكن'، ما يكشف حجم الاستخفاف السعودي بمصير لبنان. الموعد الحاسم هو 31 آب، عندما يضع الجيش اللبناني خطة لنزع سلاح المقاومة. لكن المؤشرات والمعلومات المسرّبة تؤكد أن هذه الخطوة من الحكومة بنزع السلاح لن تبقى حبراً على ورق، والقرار اتُخذ للتنفيذ لا للضغط والتهديد فحسب، إذ قد تبدأ المداهمات لمخازن الأسلحة من فرع المعلومات، بالتعاون مع قائد الجيش رودولف هيكل، الذي أعلن التزامه بقرار الحكومة، رغم يقينه بأن المهمة الموكلة للجيش مستحيلة، وقد تؤدي الى تفكيك الجيش والإطاحة بالسلم الأهلي والاستقرار، كما فعل رئيس الجمهورية جوزاف عون و تحت ضغط أميركي–سعودي كثيف حين قال: 'أنه غير قادر على تحمل هذه الضغوط الكبيرة' ضارباً عرض الحائط عقيدته الوطنية ووعوده للبنانيين بحفظ السلم الأهلي، و ناكساً لعهده والتزامه مع الثنائي الوطني الذي أوصله الى سدة الرئاسة. الحزب حريص على السلم الأهلي وهو من الخطوط الحمر في عقيدته السياسية، لهذا لن يبدء مواجهة عسكرية مع أحد في لبنان لا سيما مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية، لكنه سيرد بحزم وقوة على أي اعتداء، لن يستعجل الأمور ولن يسبق الأحداث، وفق المعلومات، وأن أي تطور دراماتيكي لا قدّر الله في هذا الإطار سيكون المسؤول عنه مباشرة الحكومة اللبنانية ورئيسها الذي اتخذ قرار تفجير لبنان. هذه المعركة ليست مجرد ضغوط سياسية للتفاوض، بل حرب وجودية تهدف إلى إدخال لبنان في الاتفاقيات الإبراهيمية. وزيارة لاريجاني جاءت لتهز العصا للسعوديين والأمريكيين: إيران لن تسمح بتحويل لبنان إلى ساحة مستباحة، وستستخدم أوراق القوة الإقليمية للضغط على الرياض، وواشنطن. اتفاق أمني سيادي بين بغداد وطهران يزعج واشنطن قبل بيروت، حط لاريجاني في بغداد، حاملاً رسالة دعم واضحة للمقا و مة العراقية في وقت تحاول فيه واشنطن إعادة إخضاع العراق بالكامل. الزيارة تزامنت مع توقيع مذكرة تفاهم أمنية بين العراق وإيران، هدفها حفظ الأمن وضبط الحدود. الخطوة العراقية لم ترق لواشنطن، التي خرجت بخطاب استعلائي بمنطق الوصي: 'ندعم السيادة العراقية الحقيقية، لا التشريعات التي تجعل العراق تابعاً لإيران'. هذا الموقف يكشف طبيعة الهيمنة الأميركية، التي تريد عراقاً منزوع الإرادة، مندمجاً في منظومة الأمن الأميركي، ومقطوع الصلة بمحور المقا و مة. الرد العراقي جاء حاسماً عبر سفارته في واشنطن: العراق دولة ذات سيادة كاملة، وله الحق في إبرام الاتفاقيات وفق دستوره وقوانينه، وهو ليس تابعاً لسياسة أي دولة، بل يقيم علاقات تعاون مع العديد من الدول، ومنها إيران. زيارة لاريجاني إلى بغداد كانت صفعة دبلوماسية واستراتيجية لواشنطن، ورسالة تحدٍ بأن زمن التحكم الأحادي في العراق قد انتهى، وأن المحور يمتلك القدرة على حماية مصالحه ومكاسب شعوب المنطقة. إيران.. الصواريخ جاهزة وأوراق الضغط مفتوحة إيران ليست مراقباً من بعيد، بل طرف أساسي في المعركة الممتدة من لبنان إلى العراق واليمن. موقفها حاسم: لا مساس بالسلاح، الذي يشكل خط الدفاع الأول عن المكونات المستهدفة في المنطقة، وخاصة المكون الشيعي المقا و م، الهدف الأول لأمريكا والسعودية والكيان الصهيوني. زيارة لاريجاني إلى بغداد وبيروت تأتي تحت إشراف مباشر، بل إيعاز من قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي، الذي يتابع ملفات دعم المقا و مة شخصياً، ويعرف تماماً كيفية مواجهة الضغوط الأميركية بصلابة استراتيجية. لكن الضغوط تتصاعد: بيان الترويكا الأوروبية منح إيران مهلة حتى نهاية آب للعودة إلى المفاوضات النووية، وتوقيع اتفاق جديد يشمل الكشف عن مصير 408 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، ومناقشة برنامج الصواريخ الباليستية، ودور إيران الإقليمي. المطلوب غربياً هو تجريد إيران من أوراق قوتها الإقليمية، عبر الضغط على حلفائها ونزع سلاحهم. لكن طهران تملك معادلة ردع قوية: أي محاولة للمساس بالسلاح في لبنان أو العراق أو اليمن ستقابل برد مباشر من ساحات متعددة، ما يجعل السعودية تحديداً في مرمى الضغط من أكثر من جبهة. صحيفة فورين بوليسي تحدثت عن احتمال اندلاع جولة مواجهات جديدة بين إيران والكيان الإسرائيلي مع نهاية آب وبداية أيلول، ما يعني أن أول أيلول قد يكون بداية مرحلة ساخنة على مستوى المنطقة بأكملها، تتداخل فيها الساحات من لبنان إلى غزة، ومن صنعاء إلى بغداد وطهران. معركة كسر العظم لن تمر إيران تدرك أن المعركة اليوم ليست فقط مع واشنطن وتل أبيب، بل مع شبكة من الحلفاء العرب للولايات المتحدة، وعلى رأسهم السعودية، التي تسعى لإعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة عبر الحروب بالوكالة. لكن الفارق أن المحور يمتلك أوراق قوة قادرة على قلب المعادلة، وتحويل أي مشروع استهداف إلى كلفة استراتيجية على المعتدي. الرسالة واضحة: المحور لن يسمح بإعادة صياغة المنطقة على مقاس الأميركيين والسعوديين، ومحاولة نزع السلاح أو ضرب الحلفاء ستفتح أبواب المواجهة على أكثر من ساحة، في توقيت قد يكون الأكثر إيلاماً للخصوم. ‎2025-‎08-‎14

أيها (المسؤول) إذا لم تقم بزيارة أربعينية الإمام الحسين (ع) واستبدلتها بخدمة المواطن؟ أيهما أجرأ ثوابه عند الله؟
أيها (المسؤول) إذا لم تقم بزيارة أربعينية الإمام الحسين (ع) واستبدلتها بخدمة المواطن؟ أيهما أجرأ ثوابه عند الله؟

موقع كتابات

timeمنذ 12 ساعات

  • موقع كتابات

أيها (المسؤول) إذا لم تقم بزيارة أربعينية الإمام الحسين (ع) واستبدلتها بخدمة المواطن؟ أيهما أجرأ ثوابه عند الله؟

ساعات قليلة تفصلنا عن ذروة زيارة أربعينية الأمام الحسين (ع) وفقًا للتقويم الهجري، يوافق يوم 20 صفر 1447 هـ تاريخ الخميس 14 أب 2025 ويؤكد فيها سماحة المرجع الشيعي السيستاني ومن خلال موقعه الإلكتروني(1) بخصوص الاستفتاء حول هذه الزيارة من حيث التزام المواطنين بتعليمات الجهات الحكومية وآداب الزيارة والاهم التشدد على أدأب حرمة الطريق بالحفاظ على النظافة الصحية والبيئية ومن الناحية العملية، تبدأ التحضيرات والمسيرة نحو كربلاء قبل أسابيع، حيث ينطلق الزوار مشيًا على الأقدام من مختلف المحافظات والمدن والمناطق، وفعاليات الزيارة قد تبدأ فعليًا من يوم الأحد 10 أب 2025 وقد تستمر حتى يوم الاثنين 17 أب . في زمنٍ تُستنفد فيه موارد الدولة وتُجند كافة طاقاتها الخدمية واللوجستية لتنظيم زيارة الأربعين، قد نجد أنفسنا أمام تساؤلٍ ينبض بالوجع والحيرة: هل يُعقل أن تُحوَّل خزينة الدولة ومؤسساتها إلى وكالة سفرٍ لخدمة زوارٍ، بينما يرزح المواطن تحت وطأة الفقر والبطالة والبيروقراطية؟ أين العدل في أن تُنفق الملايين على ترتيبات مؤقتة، بينما المستشفيات تفتقر للدواء وللعلاج، والمدارس تفتقر للأبنية وللكتب، والمواطن يتسوّل كل يوم حقوقه الأساسية؟ زيارة الأربعين، بكل قدسيتها وروحانيتها، تُعدّ شعيرة دينية عظيمة لا جدال فيها ولا تشكيك، ولكن أليست هذه الشعائر وسيلةً لتحقيق العدل والرحمة والإنصاف والعدالة الاجتماعية؟ ألم يكن الإمام الحسين (ع) رمزًا للوقوف بوجه الظلم وإحقاق الحق؟ فكيف اليوم نُحيي ذكراه بمسيراتٍ مبالغ فيها جدا وتخرج حتى عن العرف الاجتماعي، بينما نترك المواطن يُذل في طوابير الدوائر الحكومية، ينتظر إكمال معاملةً قد تستغرق أشهرًا لأن 'النظام الحكومي معطل' أو ' الموظف والمسؤول المباشر غائب'؟ تخيّل لو أن هذه الأموال الطائلة، التي تُصرف على الخدمات اللوجستية للزيارة، استُثمرت في بناء مستشفى يعالج المرضى بدلاً من تركهم يموتون على أبوابه، أو في إصلاح مدرسة تُعيد الأمل لأطفالٍ محرومين، أو في تسهيل معاملات المواطن ليحيا بكرامة. أليس هذا أقرب إلى واقع روح ثورة الحسين (ع) الذي ضحّى بنفسه من أجل إنصاف المظلومين؟ النقد الذي نحن بصدده هنا ليس للزيارة بحد ذاتها، بل لتحويلها إلى مهرجانٍ يستنزف موارد الدولة المادية، بينما المواطن ما يزال يعاني من الإهمال والتهميش الحكومي في توفير ابسط الخدمات المعيشية له. إذا كان الأجر عند الله يُقاس بمقدار النفع الذي يعود على الناس، فإن خدمة المواطن، وتخفيف معاناته، وتمكينه من العيش الكريم، هي عبادةٌ لا تقل أجرًا عن المشي إلى كربلاء. فالإمام الحسين (ع) لم يُقم ثورته لأجل الشعائر فقط، بل لأجل إحياء العدالة والرحمة في الأرض. فيا أيها المسؤولين الحكوميين، إذا كان ثواب الزيارة عظيمًا، فإن ثواب خدمة وإنصاف المواطن ورفع الظلم عنه أعظم عند الله. فلنعد إلى جوهر الدين الحنيف الحقيقي بالرحمة والعدل وإحقاق الحق، ونترك المظاهر التي تُفرّغ خزائننا وتُثقل كاهل شعبنا. فأي ثوابٍ أعظم من إسعاد قلبٍ مكسور، أو إعادة كرامة مواطنٍ محروم؟ رسالة العدالة الاجتماعية، تلك الشعلة التي أضاءها الإمام الحسين (ع) في ثورته ضد الظلم، تُطمس اليوم تحت وطأة إنفاقٍ مُسرف ومبالغ فيه على زيارة الأربعين، بينما يتضور المواطن جوعًا ويُذل في دهاليز البيروقراطية الحكومية. كيف يُعقل أن تُجند الدولة كل مواردها – من مالٍ وجهدٍ ووقتٍ – تنظيم موسمٍ ديني، بينما المستشفيات خاوية، والمدارس متهالكة، والمواطن يصارع لتأمين لقمة عيشه؟ أين العدالة الاجتماعية في هذا الاختلال؟ تُنفق الملايين على الخدمات اللوجستية للزيارة: مواكب، مواصلات، وتأمين أمنى، أليس الأولى أن تُستثمر هذه الأموال في بناء مجتمعٍ عادل، حيث يجد المريض علاجًا، والطالب تعليمًا، والمواطن كرامة؟ ألم يكن الحسين (ع) رمزًا للدفاع عن المستضعفين؟ فكيف نُحيي ذكراه بمهرجاناتٍ تُفرغ خزينة الدولة، ونترك شعبًا يعاني الفقر والإهمال؟ العدالة الاجتماعية لا تتحقق بالشعارات أو الشعائر وحدها، بل بتوزيعٍ عادل للموارد الدولة، وتخفيف معاناة الناس. إن إنفاق الدولة على تسهيل معاملات المواطن، تحسين الخدمات العامة، وتوفير الحياة الكريمة، هو عبادةٌ تتجاوز في أجرها كل المسيرات الحسينية هكذا علمتنا ثورة الأمام الحسين (ع). فما قيمة زيارةٍ تُكلف الشعب جوعه، وما قيمة شعيرةٍ تُنسي المواطن كرامته؟ إن جوهر العدالة الاجتماعية يكمن في إحياء روح الحسين الحقيقية: الوقوف مع المظلوم، ورفع الظلم عنه. فلنعد إلى هذا الجوهر، ولنحوّل مواردنا إلى خدمة المواطن، ففي كرامته ثوابٌ عظيم، وفي إنصافه تحقيقٌ لعدالةٍ طال انتظارها. قادة الأحزاب الإسلامية في العراق! يتاجرون بدم الحسين (ع) وعاطفة المواطن البسيط، يتزيّنون بأقنعة التقوى في زيارة الأربعين، يوزّعون الطعام والماء والوعود الكاذبة، ليُصوّروا أنفسهم أبطالاً في يومٍ واحد، ثم يتركون الشعب يغرق في وحل الفقر والإهمال بقية العام. أيّ دينٍ هذا الذي يبرّر استغلال المقدّسات لتلميع صورةٍ سياسية؟ تُعطَّل مرافق الدولة، وتُستنزف خزائنها، وتُرهق البنية التحتية لأسابيع، كل ذلك لخدمة موسمٍ يُدار بفوضى عارمة. شوارع كربلاء تتحوّل إلى مكبّ نفايات عملاق: قناني بلاستيكية، زجاجات مكسورة، بقايا طعام متعفنة، تُلقى بلا حسيبٍ أو رقيب. أين حاويات النفايات؟ أين التخطيط؟ أم أن البلديات، التي تُنهك في تنظيف هذا الخراب، تُترك لتغرق في العجز كما يغرق المواطن في همومه؟ الصحة العامة تُهدّد، البيئة تُدمّر، والمواطن، الذي يُروّج له أن الأربعين 'صك دخول الجنة'، يفتقر حتى لأدنى ثقافة الحفاظ على نظافة مدينته المقدسة. والأدهى، هذا الاستغلال للزيارة ليس سوى مسرحية سياسية تُدار بإتقان. السياسيون يتسابقون لالتقاط الصور وهم يقدّمون 'الخدمة' بينما يتركون المواطن يواجه مصيره المحتوم وأما الخسائر؟ ملايين الدولارات تُبدّد، وأرواحٌ تُزهق في حوادث الطرقات الفوضوية، والدولة مشلولة، كل ذلك لأجل إبراز 'مظهرٍ ديني' بكل السبل المتاحة فقط ليُغطي على الفساد الحكومي المستشري. عن أيّ جنةٍ يعدون بها من يُشارك في هذا العبث، بينما يُترك الشعب يعيش في جحيم الفقر والإهمال؟ أيها السياسيون، كفى استغلالاً لدم الحسين! إن كنتم تؤمنون بثورته حقًا، أنصفوا المواطن، أطعموه، عالجوه، كفّوا عن سرقته. العدالة الاجتماعية ليست شعاراتٍ تُرفع في الأربعين، بل عملٌ يومي لرفع الظلم عن شعبٍ مُنهك. توقفوا عن تحويل المقدّسات إلى سوقٍ لتجارتكم، وأعيدوا للحسين (ع) روحه الحقيقية روح العدل والرحمة، لا الفوضى والنفاق. يستغلون عاطفة المواطن البسيط الذي يُخدع بشعارات الجنة، بينما يُغرقونه في جحيم الفقر والإذلال. في زيارة الأربعين، يتحوّل هؤلاء المسؤولين المنافقون إلى 'خدام الحسين'، يوزّعون الطعام والماء ويتباكون أمام الكاميرات، لكن ما إن تنتهي الزيارة حتى يعودوا إلى قصورهم الفارهة في بلاد الغرب الكافر، تاركين الشعب يواجه مصيره المشؤوم من جديد، ولا أحد يهتم بتوعية. الصحة العامة تُدمّر، البيئة تُنتهك، والدولة غارقة في الفساد بينما يُباع الدين في سوق النفاق. والأفظع؟ هذه الزيارة تُستغل كسلاحٍ في صراعٍ شيعي-سني قذر. إيران تُسوّق الأربعين كبديلٍ عن الحج، تتحدى السعودية في معركةٍ سياسية تُدار على ظهر العراقيين. المواطن ليس سوى بيدقٍ في هذه اللعبة المقيتة، يُخدّر بشعاراتٍ دينية بينما يُسرق خبزه وكرامته. أيّ جنةٍ يعدون بها من يُشارك في هذا العبث، بينما يُترك الشعب يتعفن في واقعٍ بائس؟ يا سادة، كفى نفاقًا! إن كنتم تؤمنون بالحسين (ع)، أنصفوا شعبكم! أطعموه، عالجوه، أعيدوا له كرامته. توقفوا عن تحويل الأربعين إلى سيركٍ سياسي تُبدّد فيه الملايين وتُدمّر البيئة. الحسين (ع) ثار للعدل والإنصاف وإحقاق الحق، لا لمهرجانات النفاق. أيّ ثوابٍ تطمعون به وأنتم تسرقون الشعب وتتاجرون بدمه؟ العدالة الاجتماعية ليست في مواكب الأربعين، بل في إنصاف مواطنٍ مظلوم، ورفع الظلم عن شعبٍ مُنهك. فإما أن تكونوا مع الحسين حقًا، أو فكفّوا عن استغلال اسمه لستر عاركم! في عزّ لهيب آب، تنهار قبل يوميين منظومة شبكة الكهرباء في العراق (2) انهيارًا مذلًا، تاركةً بغداد ومحافظات الوسط والجنوب في ظلامٍ دامس وحرٍ قاتل، بينما المواطن يصرخ من العطش والحرمان. محطات الكهرباء تخرج عن الخدمة، ووزارة الكهرباء، التي ابتلعت ما يقارب من 150 مليار دولار منذ 2003، تقف عاجزةً عن تقديم حتى تبريرٍ يُخفّف عن الناس معاناتهم؟ أين ذهبت تلك المليارات؟ هل تبخّرت في جيوب الفاسدين، أم أُنفقت على صفقاتٍ وهمية ومشاريع على الورق فقط؟ ويا للسخرية المرّة! البصرة، الغارقة في بحر النفط، تُعاني مواطنيها من انقطاع الماء والكهرباء، كأنّهم يعيشون في صحراءٍ قاحلة، لا في أغنى محافظات العراق. أيّ حسينٍ (ع) يقبل بكم، أيها المسؤولون، وأنتم تتاجرون باسمه بينما تتركون شعبكم يُذلّ في طوابير الوقود والماء؟ ترفعون شعارات الأربعين يتباكون على الحسين (ع)، لكن أين عدله في واقعكم البائس؟ أين المليارات التي نهبتموها؟ هل صُرفت على قصوركم، أم على مواكب دعايتكم الزائفة؟ أنتم، يا سادة، لستم سوى عصابة ناهبة تتستر بالدين! الحسين (ع) ثار ضد الظلم، فكيف تتجرؤون على استغلال اسمه بينما شعبكم يُعاني الجوع والعطش والحر؟ كفى نفاقًا! أعيدوا للشعب كرامته، أصلحوا الكهرباء، أطعموه، أسقوه، أو ارحلوا عن كراسيكم. فالتاريخ لن يرحمكم، والشعب لن ينسى خيانتكم، ودم الحسين (ع) لن يكون ستارًا فسادكم! أنتم، ومنذ عام 2003 ولغاية اليوم، يا من تُسمّون أنفسكم 'الحكومات الحسينية'، ترفعون شعاراته وتدّعون اتباع نهجه، بينما فشلكم الذريع في توفير أبسط مقومات الحياة يكشف زيفهم ونفاقهم! الكهرباء تنهار في لهيب الصيف، الماء الصالح للشرب حلمٌ بعيد، الدواء مفقود، والغذاء يُذلّ المواطن للحصول عليه. أيّ ((حسينٍ)) هذا الذي تتحدثون عنه؟ أهذا نهجه؟ أخبرونا عنه؟ لكي نتعرف عليه؟ لان حسنينا الذي نعرفه جيدآ ونتنفس من عبق ثورته غير هذا الذي تدعون باسمه؟ وأن تتركوا شعبكم يتضوّر جوعًا وعطشًا بينما تُبدّدون مليارات الدولارات على صفقاتٍ فاسدة ومشاريعٍ وهمية؟ يا مسؤولي حكومات كربلاء والنجف وكل محافظات العراق وبما فيهم حكومة المنطقة الخضراء، كفى نفاقًا واستغلالًا لدم الحسين (ع) ! توقفوا عن تحويل هذه الزيارة المقدسة إلى ساحة دعاية انتخابية تُذلّ كرامة الشعب وتُدمّر بيئته. بدلاً من تبديد الملايين على المواكب، أنفقوا على تثقيف المواطن، على حملات توعية صحية وبيئية تحفظ كرامة مدننا المقدسة. الحسين (ع) ثار للعدل وكرامة الأنسان، فأين عدلكم وشعبكم يغرق في الفقر والنفايات؟ إن أردتم ثوابًا حقيقيًا عند الله، فأصلحوا أنفسكم أولا من براثن الفساد والاستيلاء على المال العام و اخدموا الشعب كل يوم، لا في يوم لموسم واحد. وإلا، فأنتم لستم سوى تجار دين يسرقون مستقبل الأمة، وسيحاسبكم التاريخ والشعب قبل الإمام الحسين (ع) ورسوله والله جلى وعلا!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store