
بوليتيس: هكذا يشعل اليمين المتطرف الفرنسي حربا عرقية ودينية
قالت مجلة بوليتيس إن أيديولوجية التسريع تثبت نفسها كقوة محركة لإرهاب اليمين المتطرف ، مدفوعة برؤية كارثية وعنصرية للعالم، تدعو إلى انهيار النظام لفرض مجتمع أبيض.
وأوضحت المجلة -في تقرير بقلم جولييت هاينزليف- أن مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب سلط الضوء على مفهوم "التسريع" لوصف أيديولوجية من يخططون لهجمات معادية للإسلام ، وذلك أثناء محاكمة جماعة "عمل القوى العملياتية" "أفو" (Afo) اليمينية المتطرفة بتهمة تكوين "جمعية إجرامية إرهابية".
وبدأت يوم الثلاثاء، العاشر من يونيو/حزيران، محاكمة 16 عضوا من قوات "أفو" أمام محكمة باريس الجنائية، تشمل خططهم قتل 200 إمام، ومهاجمة مساجد، وتسميم طعام حلال.
وتشكل هذه المدرسة الفكرية -وفقا لتقرير يوروبول لعام 2024- "التهديد الأكثر خطورة" بين إرهاب اليمين المتطرف، ويقول أستاذ العلوم السياسية ستيفان فرانسوا، المتخصص في اليمين المتطرف، إنها "تنظر للعمل العنيف الذي يستدعي تسريع الحركة لإفقاد النظام القائم قوته".
وأشارت الكاتبة إلى أن هذه الحركة ليست مقتصرة على أقصى اليمين، بل هي مستمدة جزئيا من الماركسية، وتتمثل إستراتيجيتها في تسريع الرأسمالية لتدميرها تحت وطأة تناقضاتها، ولكنها عند اليمين تكون "بإثارة الحرب العنصرية للوصول إلى تحقيق المجتمع المنشود، وذلك بالوقوف في وجه أسطورة "الاستبدال العظيم" التي ألهمت العديد من إرهابيي اليمين المتطرف.
ويفتخر اليمين المتطرف بموقفه الدفاعي، لأن التغيير الجذري الذي يروج له، يأتي ردا على هجوم الفيضانات الديموغرافية القادمة من أفريقيا، مما يشكل " إبادة جماعية للبيض"، حسب رأيهم.
وينبثق هذا الخطاب -حسب الكاتبة- من رؤية مستقبلية كارثية، مدفوعة بعقيدة باطنية تقدس العرق، وتعود إلى سبعينيات القرن الماضي في إيطاليا، "سنوات الرصاص"، وهي فترة توتر سياسي حاد اتسمت بالصراعات المسلحة وأعمال الإرهاب.
ظاهرة قديمة
وقد ازدهرت هذه الحركة اليمينية المتطرفة بسبب كتابين أميركيين، أولهما رواية "مذكرات تيرنر" لأندرو ماكدونالد، وهي تصف انقلاب قاده البيض في الولايات المتحدة على السود واليهود الذين يفترض أنهم سيطروا على الدولة الأميركية، وثانيهما بيان "الحصار" الذي كتبه النازي الجديد الأميركي جيمس ماسون عام 1993، داعيا إلى العنف العنصري ضد "النظام" لإرساء قومية عرقية مستوحاة من الرايخ الثالث.
وتكمن قوة هذه الجماعات في انتشارها الرقمي، إذ يقول المؤرخ نيكولا ليبورغ "بين عامي 2011 و2017، شكلت حركة المسيرة الحديدية منصة عابرة للحدود الوطنية للقوميين البيض من مختلف البلدان، وجمعت أكثر من 1600 مستخدم"، كما أسهمت تليغرام وديسكورد في اتساع نطاق الحركة جغرافيا.
ويرى ستيفان فرانسوا أن "الإنترنت يجعل المجتمعات شديدة الانسيابية، ويسمح بانتشار الأيديولوجيات المتطرفة على نطاق واسع، بحيث تنشر مجموعة نظرية على الإنترنت، ويمكن لمختلف الأشخاص الوصول إلى المنشور"، خاصة أن هؤلاء المسرعين لا قادة لهم، بل هم ذئاب منفردة متفرقة تعمل في خلايا صغيرة.
وقد سرعت الهجمات الإسلامية هذا التوجه في فرنسا، حيث نشر الإرهابي برينتون تارانت ، المسؤول عن مقتل 51 شخصا في كرايستشيرش بنيوزيلندا، بيانا تسارعيا بعنوان "الاستبدال العظيم"، وفي الشهر التالي، أطلق جون إيرنست النار على شخص في كنيس يهودي في كاليفورنيا بعد نشره "رسالة مفتوحة" على المنصة نفسها.
وتبع ذلك في العام نفسه باتريك كروسيوس، الذي قتل 22 شخصا في سوبر ماركت في تكساس، وترك بيانا بعنوان "حقيقة مزعجة"، يشير إلى نص برينتون تارانت قائلا "لم يكن المجتمع الإسباني هدفي حتى قرأت كتاب الاستبدال العظيم".
ومع ذلك، يعتقد ستيفان فرانسوا أن هذا التوجه نادر في فرنسا مقارنة بالولايات المتحدة، ومع ذلك، يحذر نيكولا ليبورغ قائلا "إذا كان إنكار وجود إرهاب اليمين المتطرف تقليدا فرنسيا، فإن حالة التسارعية أسوأ، لأنها تتجاهل ببساطة".
الهوس بالحرب الأهلية
وفي تقرير آخر للصحيفة نفسها ذكرت الكاتبة بولين ميجفان أن الهوس ب الحرب الأهلية عاد منذ بدء محاكمة 16 عضوا من منظمة "أفو" بتهمة التآمر الإرهابي في العاشر من يونيو/حزيران، وقد تحدث جميع المتهمين تقريبا عنها، كما فعلوا خلال جلسات الاستماع أثناء التحقيق.
وأورد التقرير مقتطفات من حوار بين اثنين من المتهمين تم تسجيله دون علمهما، حيث يقول دانيال ر. الملقب بتومي، وهو جندي سابق خدم في أفغانستان "بمجرد أن نرى رجلا ملتحيا يرتدي قميصا هناك، سنصفعه صفعة قوية، وإذا صادفنا فتاتين أو ثلاثا محجبات، سنصفعهن ثم نغادر".
بواسطة دانيال ر.
ثم يقول أيضا "علينا أن نضرب بشكل أعمى. ليس حتى بشكل أعمى لأنهم هم من يكشفون وجوههم. إنهم يكشفونها لأنها ليست عباءة دينية، بل عباءة سياسية." ويجيب أوليس "أجل، لكننا في حالة حرب بالفعل. بدأت الحرب في باتاكلان (مسرح في باريس تعرض لهجوم قتل فيه 90 شخصا عام 2015)".
ومن جانبه، قال جان س. مدرس الرياضيات السابق إنه يغير مساره عندما يرى مسلما في الشارع وأوضح أن "الوطن في خطر مميت، والشريعة الإسلامية قادمة. إذا اندلعت حرب أهلية ضد الجهاد، سيتعين علينا الرد. أعتقد أنها ستحدث قريبا جدا".
وفي جلسات الاستماع المتتالية، لوح المتهمون بهذا الخوف واليقين بأن الحرب الأهلية قادمة، للتهرب مما يتهمهم به مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب من التخطيط لأعمال عنف تستهدف الجالية المسلمة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 21 دقائق
- الجزيرة
قادة العالم يتعهدون بدعم التنمية في "قمة إشبيلية" بغياب ترامب
بدأت في إشبيلية الإسبانية اليوم الاثنين قمة -تعقد مرة كل عشر سنوات- مع زيادة الضغوط على قادة العالم لتسريع وتيرة إحراز تقدم بشأن الحد من الفقر ومكافحة تغير المناخ وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهي قضايا يزداد خطر الفشل في تحقيقها. ومن المقرر أن يحضر القمة أكثر من 50 من قادة دول العالم، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أبرز الغائبين بعد أن انسحبت الولايات المتحدة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم منها، ورفضت دعم خطة عمل وُضعت العام الماضي. وشملت الموجة الأولى من الإعلانات خطة تاريخية لفرض ضرائب جديدة على الطائرات الخاصة ورحلات الدرجة الأولى من باربادوس وكينيا وفرنسا وإسبانيا وعدد من الدول الأخرى. وتضمن اتفاق "مخرجات" وضع قبل القمة زيادة قدرة الإقراض متعدد الأطراف إلى ثلاثة أمثال وتخفيف أعباء الديون والدفع باتجاه تعزيز نسب الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 15 بالمئة على الأقل وتحويل حصص خاصة من صندوق النقد الدولي إلى الدول الأكثر احتياجا إليها. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الهدف من القمة هو "إصلاح وتنشيط" منظومة التعاون في ظل "تلاشي الثقة وتوتر العلاقات متعددة الأطراف". وأضاف غوتيريش في الجلسة الافتتاحية للقمة المنعقدة في وقت تتعرض فيه المنطقة لموجة حر شديد إن "وثيقة التزام إشبيلية هي وعد عالمي بإصلاح الطريقة التي يقدم بها العالم الدعم للدول الأكثر فقرا". وبالإضافة إلى مساعدة الدول على جمع المزيد من الضرائب لإنفاقها على التنمية، قال غوتيريش إن من الضروري تكثيف إصلاح بنوك التنمية العالمية حتى تتمكن من إقراض أموال أكثر وجذب رؤوس الأموال الخاصة. بدوره، انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الأميركي دونالد ترامب، واصفا قرار بدء حرب تجارية في وقت يشهد فيه العالم ضغوطا هائلة بأنه "غريب".


الجزيرة
منذ 21 دقائق
- الجزيرة
بريطانيا تحقق وأميركا تلغي تأشيرتي ثنائي "بوب فيلان" بعد هتافات مؤيدة لفلسطين
أعلنت الشرطة البريطانية الاثنين فتح تحقيق في هتافات عبّرت عن التضامن مع القضية الفلسطينية أطلقتها فرقتا الراب، "بوب فيلان" و"نيكاب"، على خشبة المسرح السبت في مهرجان غلاستونبري 2025 الموسيقي في إنجلترا، فيما ألغت الولايات المتحدة تأشيرتي دخول لعضوي فرقة "بوب فيلان". وقالت شرطة أفون وسومرست إنه "بعد مراجعة لقطات فيديو وصوت من عروض بوب فيلان ونيكاب في مهرجان غلاستونبري السبت، قررنا إجراء مزيد من التحقيقات، وتم فتح تحقيق جنائي حاليا". من جهتها، ألغت الولايات المتحدة تأشيرتي دخول لعضوي فرقة "بوب فيلان" البريطانية بعد هتافاتها المعادية لإسرائيل. واتهمت وزارة الخارجية الأميركية الثنائي بقيادة هتافات "معادية للسامية". وقال كريستوفر لانداو نائب وزير الخارجية الأميركي في منشور على منصة "إكس" اليوم الاثنين إن وزارة الخارجية الأميركية ألغت التأشيرات لفرقة "بوب فيلان"، واصفا الهتافات التي قادها الثنائي في المهرجان الموسيقي بـ"البغيضة"، حيث "تضمنت كلمة الموت". وأشار لانداو إلى أن الأجانب الذين "يمجدون العنف والكراهية ليسوا زوارا مرحبا بهم في الولايات المتحدة" على حد قوله. من جهتها، أعربت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، التي بثت الحدث، اليوم عن أسفها لعدم وقف البث المباشر للفعالية، التي تضمنت هتافات على المسرح مثل "الموت، الموت، لجيش الدفاع الإسرائيلي"، و"من النهر إلى البحر، يجب أن تكون فلسطين حرة، وستكون إن شاء الله حرة". وقد عبرت فرقة "بوب فيلان"، عن دعمها للقضية الفلسطينية في أغانيها التي تتناول قضايا عدة مثل العنصرية والفوارق الطبقية. ويبدو أن المغني الرئيسي للفرقة، المعروف باسم بوبي فيلان، أشار إلى العرض الذي قدمته الفرقة في منشور على إنستغرام، حيث كتب "قلت ما قلته". إعلان وقال إن تعليم الأطفال كيفية الدفاع عن التغيير الذي يريدونه ويحتاجونه هو السبيل الوحيد لجعل هذا العالم مكانا أفضل، على حد وصفه. ومن المقرر أن تحيي فرقة "بوب فيلان" بعض الحفلات الموسيقية في الولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
محللون: إيران تستثمر غموض برنامجها النووي لبناء مفاوضات جديدة
لم تعد متحمسة للدخول في مفاوضات جديدة مع الغرب بعدما فقدت الكثير من أوراقها، لأنها تريد خلق أوراق جديدة تجعلها قادرة على الذهاب لمفاوضات مختلفة تماما عن تلك التي جرت في السابق، كما يقول خبراء. فقد قال المتحدث باسم الخارجية الإيراني إسماعيل بقائي إن بلاده لم تتخذ قرارا نهائيا بشأن بدء المفاوضات مع دول أوروبية لديها علاقات دبلوماسية معها، مؤكدا أنه لا يمكن الوثوق بمواقف ا لولايات المتحدة التي أصبحت تتغير بشكل دائم. في المقابل، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه لا يعرض شيئا على إيران ولا يتحاور معها، وذلك بعد تلويحه بقصف آخر إن هي سعت لامتلاك سلاح نووي. كما نددت فرنسا وألمانيا وبريطانيا بالتهديدات التي وجهتها طهران للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية ، رافائيل غروسي ، ودعت طهران لعدم وقف التعاون مع الوكالة، والعودة إلى تعاون كامل وفوري، بما يتماشى مع التزاماتها القانونية. إيران تبني أوراق تفاوض لكن إيران بحاجة لبناء حالة تفاوضية جديدة بعد الحرب لأنها مقتنعة بأن أي مفاوضات في الوقت الراهن تعني أنها ستجلس وقد فقدت الكثير من أوراقها السابقة، كما يقول مدير مكتب الجزيرة في طهران عبد القادر فايز. ووفقا لما قاله فايز خلال برنامج "ما وراء الخبر"، فقد كانت إيران تعتبر تفكيك حالة الاشتباك مع الولايات المتحدة جزءا من إستراتيجيتها التفاوضية تجنبا للمواجهة العسكرية، التي وقعت وانتهى الأمر. وبالنظر إلى أنها المرة الأولى التي تتعرض فيها الجغرافية الإيرانية لعمل عسكري أميركي، فلن يكون بمقدور الإيرانيين الجلوس مع من قصف منشآتهم النووية بعد أسبوع من القصف، لأن هذا ستكون له تداعيات داخلية وإقليمية تعرفها طهران جيدا، كما يقول فايز. لذلك، فإن إيران -ورغم حاجتها الشديدة للتفاوض- تحاول إرجاءها لخلق حالة تفاوضية جديدة تقوم على التلويح بتعليق عملها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإعادة النظر في معاهدة انتشار الأسلحة النووي ، إلى جانب مخزونها الكبير من اليورانيوم عالي التخصيب والذي أصبح مصيره غير معروف حاليا، برأي فايز. استثمار الغموض النووي ويتفق الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي مع هذا الطرح بقوله إن إيران تحاول بناء موقف تفاوضي جديد لكنها لا تملك نافذة زمنية كبيرة لأنها مهددة بفرض عقوبات دولية. واستند مكي في حديثة إلى قرار مجلس الشورى الإيراني بوقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة والذي يتم التلويح به دون تفعيله عمليا حتى الآن لأنها تريد التفاوض على أساس عدم فرض عقوبات جديدة عليها. كما أن الغموض الذي يحيط بمصير يورانيوم إيران المخصب وبرنامجها النووي عموما سيجعل الأوروبيين راغبين في الحصول على إجابات بشأن هذه الأمور، وهو ما تحاول طهران استثماره للحصول على أكبر مكاسب ممكنة، كما يقول مكي. ولا تقف إسرائيل بعيدة عن كل هذه التطورات لأنها تواجه معضلتين تتمثلان في أن المشهد ليس مثاليا رغم سردية النصر، نظرا لوقوع ما كانت إيران تخشاه، وهو ما قد يدفعها للإقدام على ما لم تقدم عليه في السابق، برأي رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل بلال الشوبكي. وحتى حديث النصر الأميركي الإسرائيلي أصبح عبئا على تل أبيب -برأي الشوبكي- لأن البلدين أعلنا الانتصار على إيران، مما يعني عدم القيام بأي عمل عسكري قريب لأن هذا يتنافى مع النصر الذي يروجون له. وبناء على ذلك، تحاول إسرائيل التأثير على المفاوضات بإدخال شروط عبر أميركا تتعلق ب الصواريخ الباليستية ومخزون اليورانيوم وعلاقة طهران بحلفائها في المنطقة، كما يقول الشوبكي. وعلى هذا الأساس، ستحاول إسرائيل الاحتفاظ بحقها في ضرب حلفاء إيران دون تدخل من الأخيرة كما تفعل مع حزب الله في لبنان حاليا، وقد تسعى لخلق اضطرابات داخل إيران لاحقا لإسقاط النظام، برأي الشوبكي.