
توجهات مختلفة فى التنمية
عقب تولى الرئيس دونالد ترامب مقاليد السلطة أصدر قرارات عديدة، من بينها تجميد عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الذى يقدر بنحو سبعين مليار دولار سنويًا، والتخطيط لتحويلها إلى إدارة فى وزارة الخارجية. رافقت ذلك قرارات مشابهة، مثل وقف التمويل الأمريكى لمنظمة الصحة العالمية، وتوجيه مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، وهى الوكالة الفيدرالية الرائدة فى مجال الصحة العامة، بعدم التعامل مع المنظمة الأممية، مما يؤثر سلبيا على مواجهة الأوبئة عالميًا، رغم أن التقارير تشير إلى نشاط وباء انفلونزا الطيور فى الولايات المتحدة ذاتها. وشمل التوجيه ما يشبه القطيعة الشاملة بحيث لا تتفاعل الهيئة الأمريكية المعنية بالصحة مع منظمة الصحة العالمية سواء على صعيد تعاون الخبراء أو الزيارات المتبادلة أو المشاركة فى فعاليات، أو خلافه. وإذا أخذنا فى الاعتبار الموقف السلبى لإدارة ترامب من اتفاقية المٌناخ، وقضية التغيرات المٌناخية بوجه عام، رغم أن الحرائق الناجمة عنها ضربت عدة مناطق فى الولايات المتحدة، فإن الصورة تكتمل بتراجع الدور الأمريكى فى مجال التنمية الدولية. ولم ننتظر طويلا حتى نتبين النتائج التى ترتبت على هذه القرارات، حيث نشرت العديد من الهيئات التنموية، والمنظمات غير الحكومية على مستوى العالم تقارير حول الخسائر الإنسانية التى ترتبت على إيقاف المساعدات الأمريكية، خاصة فى مجالات الزراعة والغذاء، والطفولة، والصحة، والمرأة. وقد أثبتت التجربة أن الولايات المتحدة تقود العالم الغربى، وترسم توجهاته، رغم أن هناك أصواتا أوروبية تسعى إلى أن تكون لها مساحة من الاستقلالية. فقد أعلن كير ستارمر رئيس الوزراء البريطانى تخفيض ميزانية المساعدات الخارجية الرسمية من 5. % أى من نصف فى المائة إلى نحو 3.% أى ثلاثة من عشرة فى المائة من الدخل القومى الإجمالى بحلول عام 2027، وهو يُعد انخفاضا شديدًا فى ميزانية المساعدات الخارجية البريطانية، التى تعرضت قبل ذلك إلى تقليص شديد فى عهد حكومة المحافظين السابقة، والسبب المٌعلن وراء التخفيض الجديد هو زيادة الانفاق على الدفاع. ومن غير المستغرب، بل هناك دلائل لحدوث ذلك بالفعل، اتجاه العديد من الدول الأوروبية المانحة – تحت وطأة الأزمات الاقتصادية - إلى تخفيض برامج مساعداتها الخارجية. وتشكو الآن العديد من الهيئات التنموية الكبرى من تراجع مواردها المالية نتيجة نضوب المساعدات التنموية الخارجية، وبالأخص من الولايات المتحدة التى تُعد المانح الأكبر للمساعدات على المستوى الدولى. يحدث ذلك فى وقت يواجه العالم فيه اضطرابًا فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة،من حيث اتساع رقعة الفقر، إلى أزمات غذائية وصحية وبيئية، وتدهور أوضاع المرأة والأطفال.
هناك عدة خطابات تُطرح لفهم ما يحدث. الخطاب الأول، شعبوى داخلى، يقوده الرئيس ترامب يرى أن إنفاق الميزانيات المخصصة للمساعدات الخارجية، أو جانب أكبر منها، على المواطن الأمريكى، له أثر يفوق الأثر الذى تحدثه المساعدات الخارجية، وهو خطاب يتسم بالرغبة فى تقليص الانفاق الخارجى، وتعظيم المنافع الداخلية، يرافقه إطلاق أوصاف سلبية على الوكالة الأمريكية للتنمية، ومنظمة الصحة العالمية، وغيرها من الكيانات الأممية مثل «الأونروا» لخدمة أهداف السياسة الجديدة. الخطاب الثانى، داخلى أيضًا، ويرى عكس توجه ترامب أو ما بات يطلق عليه «الترامبية» أن المساعدات الخارجية الأمريكية التى امتدت لعقود طويلة تمثل أحد مقومات القوة الناعمة التى استطاعت من خلالها الولايات المتحدة بناء علاقات استراتيجية دولية، والحفاظ على مصالحها، وتحييد خصومها. الخطاب الثالث، قادم من دول الجنوب، يركز على أزمة الديون، وتصاعد حدة الأوضاع الاقتصادية، وتأثير التغيرات المٌناخية، وينظر إلى تراجع المساعدات الخارجية الأمريكية، والغربية بصفة عامة، بوصفه وبالاً على أحوالها الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. أما الخطاب الرابع، فهو خطاب الفرص التنموية البديلة، ويشير تحديدا إلى الصين التى تتبنى مبادرة «الحزام والطريق»، ولها مشروعات تنموية عديدة فى دول إفريقيا، دون أى مشروطة سياسية خلافا لما تفعله الدول الغربية، وبالأخص الولايات المتحدة، والمؤسسات المالية الدولية التى تتمتع بتأثير واسع عليها، وهناك أيضًا رهان على التجمعات الاقتصادية الإقليمية، مثل تجمع دول البريكس، وغيره. ورغم كثرة الحديث فى هذا الخصوص، فإن نتائجه لم تتضح بعد على نطاق مؤثر. مما سبق، يتضح أن ما اتخذه الرئيس ترامب من قرارات، وما سوف تتبعه من توجهات مماثلة فى دول أوروبية أخرى يشكل تحولا مهما فى مجال التنمية الدولية، ظاهره تداعيات سلبية على الدول النامية، وفى باطنه فرصة جديدة أمامها للتنمية الذاتية، والإفادة القصوى من مواردها، وتبنى الحوكمة الديمقراطية، وإعادة هيكلة اقتصاداتها على أسس مختلفة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مصراوي
منذ 3 ساعات
- مصراوي
الأمم المتحدة تحذر من تدهور الوضع الإنساني في السودان
نيويورك- (د ب أ) حذرت الأمم المتحدة يوم الخميس من تدهور الوضع الإنساني في السودان الذي مزقته الحرب. وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إن تصاعد القتال في مناطق مختلفة عبر السودان يدفع المدنيين إلى الفرار من منازلهم إلى الملاجئ. وأضاف المتحدث، نقلا عن المنظمة الدولية للهجرة، أنه في ولاية غرب كردفان، أجبر تزايد انعدام الأمن ما يقرب من 47 ألف شخص على النزوح من بلدتي الخوي والنهود هذا الشهر. وقال إن العديد من هؤلاء الأشخاص كانوا بالفعل نازحين داخليا ويجبرون الآن على التنقل للمرة الثانية. وفي ولاية شمال دارفور، نزح حوالي ألف شخص من مخيم أبو شوك ومدينة الفاشر في الأسبوع الماضي وحده، مما رفع العدد الإجمالي للنازحين من هذين المكانين هذا الشهر إلى 6 آلاف شخص. وقال المتحدث إن شمال دارفور تستضيف ما يقدر بأكثر من 7 ,1 مليون نازح إجمالا. ويؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى تعميق الأزمة. وقال إن الأمم المتحدة قلقة أيضا من تصاعد حالات الكوليرا في بعض المناطق في ولاية الخرطوم. وقال: "على الرغم من أن العاملين في المجال الإنساني يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة المحتاجين، إلا أننا نكرر الحاجة الملحة لمزيد من الوصول والتمويل المرن"، مشيرا إلى أنه حتى الآن، لم يتم تلقي سوى 552 مليون دولار أمريكي من التمويل لخطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام، والتي تتطلب 2 .4 مليار دولار.


النبأ
منذ 3 ساعات
- النبأ
الأمم المتحدة: خفض المساعدات فى مخيمات اللاجئين بكينيا نتيجة نقص التمويل
قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إنه اضطر إلى خفض المساعدات الغذائية إلى مستويات غير مسبوقة في مخيمات اللاجئين الشاسعة في كينيا، نتيجة لنقص حاد في التمويل. وبحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة، فإنه "على مدى السنوات الخمس الماضية، ارتفع عدد اللاجئين في كينيا بأكثر من 70 % - من حوالي 500 ألف إلى 843 ألفا - حيث يلجأ حوالي 720 ألف شخص إلى مخيمي داداب وكاكوما، بالإضافة إلى مستوطنة كالوبيي". وفي السابق.. كانت حصة برنامج الأغذية العالمي الشهرية للاجئين في المخيمات تتضمن 8.1 كيلوجرام من الأرز، و1.5 كيلوغرام من العدس، و1.1 لتر من الزيت، ومبالغ نقدية لشراء الضروريات. وقد تم الآن تخفيض هذا الدعم إلى النصف، وتوقفت المدفوعات النقدية بالكامل. وبدون تمويل طارئ، يمكن أن تنخفض حصص الغذاء إلى 28% فقط من مستواها الأصلي. ويناشد برنامج الأغذية العالمي للحصول على 44 مليون دولار لاستعادة المساعدة الغذائية والنقدية الكاملة حتى أغسطس. والعديد من الأسر الوافدة تعاني بالفعل من انعدام الأمن الغذائي، وتتجاوز معدلات سوء التغذية الحاد الشامل (GAM) بين الأطفال والنساء الحوامل أو المرضعات 13 في المائة - أي ثلاثة في المائة فوق عتبة الطوارئ. وقد انتهت برامج التغذية المستهدفة في أواخر عام 2024 بسبب نقص الموارد.


بوابة الأهرام
منذ 5 ساعات
- بوابة الأهرام
الأمم المتحدة: خفض المساعدات في مخيمات اللاجئين بكينيا نتيجة نقص التمويل
أ ش أ قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الخميس، إنه اضطر إلى خفض المساعدات الغذائية إلى مستويات غير مسبوقة في مخيمات اللاجئين الشاسعة في كينيا، نتيجة لنقص حاد في التمويل. موضوعات مقترحة وبحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة، فإنه "على مدى السنوات الخمس الماضية، ارتفع عدد اللاجئين في كينيا بأكثر من 70 % - من حوالي 500 ألف إلى 843 ألفا - حيث يلجأ حوالي 720 ألف شخص إلى مخيمي داداب وكاكوما، بالإضافة إلى مستوطنة كالوبيي". وفي السابق.. كانت حصة برنامج الأغذية العالمي الشهرية للاجئين في المخيمات تتضمن 8.1 كيلوجرام من الأرز، و 1.5 كيلوغرام من العدس، و1.1 لتر من الزيت، ومبالغ نقدية لشراء الضروريات. وقد تم الآن تخفيض هذا الدعم إلى النصف، وتوقفت المدفوعات النقدية بالكامل. وبدون تمويل طارئ، يمكن أن تنخفض حصص الغذاء إلى 28% فقط من مستواها الأصلي. ويناشد برنامج الأغذية العالمي للحصول على 44 مليون دولار لاستعادة المساعدة الغذائية والنقدية الكاملة حتى أغسطس. والعديد من الأسر الوافدة تعاني بالفعل من انعدام الأمن الغذائي، وتتجاوز معدلات سوء التغذية الحاد الشامل (GAM) بين الأطفال والنساء الحوامل أو المرضعات 13 في المائة - أي ثلاثة في المائة فوق عتبة الطوارئ. وقد انتهت برامج التغذية المستهدفة في أواخر عام 2024 بسبب نقص الموارد.