
الغارديان: الإمارات تدعم حملة تلاعب إعلامي لصالح حفتر على فيسبوك
كشف تحقيق لصحيفة الغارديان أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقف وراء حملة دعائية منسقة وممولة تهدف إلى الترويج لقائد الميليشيا الليبي خليفة حفتر، وذلك من خلال شبكة حسابات مزيفة على موقع فيسبوك، تديرها شركات تسويق رقمية في باكستان ومصر ونيجيريا.
هذه الحملة المضللة تستهدف التأثير في الرأي العام الليبي وتحسين صورة حفتر، بينما يواصل السيطرة على أجزاء واسعة من شرق وجنوب البلاد بدعم خارجي.
حسابات مزيفة ومنشورات موجهة
تضمنت الحملة أكثر من 140 صفحة ومجموعة على فيسبوك، أنشئت خصيصًا لتلميع صورة حفتر وتشويه خصومه، من بينهم حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس والفصائل المسلحة المرتبطة بها. رُصدت هذه الحسابات وهي تنشر مقاطع فيديو مفبركة، ومقالات دعائية، وميمات تسخر من خصوم حفتر، مستخدمةً أساليب تصميم تبدو محلية لإضفاء المصداقية.
تقول ميليسا فرّينش، الباحثة في شؤون الأمن الرقمي لدى جامعة جورج تاون: 'ما رأيناه هو نسخة رقمية من الدعاية الكلاسيكية: تمويه أجنبي في عباءة محلية، يُصنع خصيصًا لإقناع الجمهور الليبي بأن حفتر هو الخيار الوحيد للاستقرار'.
شركات تسويق مغمورة بتمويل خارجي
تحقيق الغارديان، الذي استند إلى تسريبات ووثائق داخلية وتحليل رقمي، أظهر أن هذه الحملة مولتها شركات لها صلات بمؤسسات أمنية إماراتية، وكُلّفت بها شركات تسويق رقمي في لاهور والقاهرة وأبوجا.
تُدار معظم الصفحات من قبل فرق صغيرة تتلقى تعليمات دقيقة من أطراف إماراتية غير رسمية حول نوعية الرسائل والمحتوى المطلوب نشره، وفقًا لمصادر من داخل هذه الشركات تحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها.
إحدى الوثائق المسربة تشير إلى ميزانية مخصصة تبلغ نحو 11 مليون دولار أمريكي، تُصرف على مدار عامين، وتشمل تكاليف إدارة الحسابات، وإنشاء محتوى مرئي، واستهداف جمهور في مناطق محددة مثل بنغازي وسبها وأجدابيا.
علاقة فيسبوك ومسؤولية المنصات
عندما تم إبلاغ شركة ميتا – المالكة لفيسبوك – بهذا النشاط، أزالت المنصة بعض الحسابات والصفحات، مشيرة إلى 'انتهاك سياسة السلوك غير الأصيل المنسق'.
مع ذلك، قال ناطق باسم ميتا إن الحملة كانت متطورة جدًا، وإنها استخدمت تقنيات تخفٍ جعلت من الصعب كشفها مبكرًا. وقد طالبت منظمات حقوقية وخبراء إعلاميون بضرورة زيادة الشفافية والرقابة على هذا النوع من الحملات التي قد تؤثر في مسار النزاع الليبي.
دعم سياسي وعسكري أوسع
يأتي هذا النشاط في إطار دعم أوسع من الإمارات لخليفة حفتر، حيث سبق وأن أمدته أبو ظبي بالسلاح والمعدات، رغم الحظر الدولي المفروض على تصدير السلاح إلى ليبيا منذ 2011.
وتظهر صور الأقمار الصناعية التي حللتها فرق دولية وجود قواعد جوية إماراتية في شرق ليبيا، استخدمت على الأرجح لنقل دعم لوجستي إلى قوات حفتر.
وتشير تحليلات إلى أن الإمارات تسعى لتأمين نفوذ طويل الأمد في ليبيا، عبر دعم شخصية عسكرية قوية قادرة على ضمان 'الاستقرار الأمني' بما يخدم مصالحها الإقليمية، وخاصة في ما يتعلق بموانئ النفط والتمدد التركي في غرب البلاد.
مخاوف أممية من تعقيد المشهد
عبّرت البعثة الأممية في ليبيا عن قلقها من تصاعد الحملات الدعائية والمعلومات المضللة، محذرة من أثرها السلبي على جهود المصالحة الوطنية والتحضير لانتخابات نزيهة.
وقال متحدث أممي لـالغارديان: 'هذه الحملات تزرع بذور الانقسام وتُقوّض الثقة بين الأطراف، في وقت تحتاج فيه ليبيا إلى خطاب جامع ومسار شفاف لبناء مؤسسات شرعية'.
يكشف هذا التحقيق عن جانب مظلم من الحروب الحديثة: معارك لا تُخاض بالسلاح وحده، بل بالكلمات والصور والميمات. وفي الحالة الليبية، حيث هشاشة الدولة واختلاط الولاءات، تصبح الحملات الإعلامية المدعومة من الخارج جزءًا لا يتجزأ من موازين القوى على الأرض.
—
المصدر: The Guardian، 20 مايو 2025
رابط المقال الأصلي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ ساعة واحدة
- الرأي
خادم الحرمين يُشيد بنتائج مباحثات ولي العهد وترامب
أشاد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بما توصلت إليه مباحثات ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، مع الرئيس دونالد ترامب «من نتائج ترتقي بالعلاقات الثنائية إلى مستوى تاريخي غير مسبوق في العديد من القطاعات الحيوية المهمة، بما يعزز التكامل الاقتصادي». وأعرب لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في جدة، عن شكره وتقديره لترامب على تلبية الدعوة بزيارة المملكة. ونوه مجلس الوزراء، بما اشتملت عليه القمة السعودية - الأميركية، من التوقيع على وثيقة الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية، وإعلان تبادل اتفاقيات ومذكرات تعاون وتفاهم في مختلف المجالات. وجدد «عزم المملكة توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع أميركا في السنوات الأربع المقبلة بتخصيص ما يزيد على مبلغ 600 مليار دولار، منها صفقات واستثمارات متبادلة بأكثر من 300 مليار دولار أُعلن عنها في منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي». كما أشاد مجلس الوزراء بما اشتملت عليه كلمة محمد بن سلمان في القمة، «من مضامين ورؤى شاملة جسدت نهج المملكة القائم على تكثيف التنسيق المشترك، والدفع بالعمل متعدد الطرف مع الدول الشقيقة والصديقة نحو المزيد من الازدهار والتقدم، والتأكيد على دعم كل ما من شأنه إنهاء الأزمات الإقليمية والدولية ووقف النزاعات بالطرق السلمية». وثمن مجلس الوزراء استجابة ترامب للمساعي التي بذلها ولي العهد لرفع العقوبات المفروضة على سوريا. من جهة أخرى، أدى القسم أمام خادم الحرمين، الأمراء الذين صدرت الأوامر الملكية بتعيينهم في مناصبهم الجديدة.


المدى
منذ 4 ساعات
- المدى
الرئيس عون اتصل برئيس الحكومة العراقية وشكره على مبادرته تجاه لبنان خلال قمة بغداد
اتصل رئيس الجمهورية جوزاف عون برئيس الحكومة العراقية وشكره على مبادرته خلال قمة بغداد بالإعلان عن تقديم مبلغ ٢٠ مليون دولار للبنان مساهمة من الدولة العراقية في مسيرة التعافي في لبنان. – الرئيس عون: المبادرة تضاف إلى مبادرات مماثلة من العراق تؤكد على عمق العلاقات اللبنانية – العراقية وعلى ما يجمع بين الشعبين اللبناني والعراقي من اواصر الأخوّة والتضامن.


الوطن الخليجية
منذ 4 ساعات
- الوطن الخليجية
الغارديان: قطر تعيد تشكيل علاقتها مع واشنطن عبر بوابة الوساطات الدولية
شهدت العلاقة بين دولة قطر والولايات المتحدة تحولًا لافتًا في السنوات الأخيرة، لا سيما في ظل نشاط الدوحة المتزايد على الساحة الدبلوماسية. وفي تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، أُلقي الضوء على دور قطر المتنامي كوسيط دولي، وكيف غيّر هذا الدور من موقعها في الحسابات السياسية الأميركية، وخاصة لدى الرئيس السابق دونالد ترامب. في زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط، حظي ترامب باستقبال ملكي من قادة دول الخليج، في مشهد يعكس رغبتهم في توطيد العلاقات مع إدارته المحتملة. ورغم الانتقادات السابقة التي وجهها لقطر خلال ولايته الأولى – حيث وصفها عام 2017 بأنها 'من كبار ممولي الإرهاب' ودعم الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات ضدها – فإن المشهد قد تغير تمامًا. برزت قطر بشكل غير متوقع كواحدة من أبرز حلفاء ترامب في زيارته الثانية الرسمية، وذلك بعد أن ترددت تقارير عن نيتها التبرع بطائرة فاخرة من طراز بوينغ 747، تُقدّر قيمتها بـ400 مليون دولار، ليستخدمها كرئيس. وستؤول ملكية الطائرة لاحقًا إلى مكتبته الرئاسية، ما يسمح له بالاحتفاظ باستخدامها حتى بعد مغادرته المنصب. وتشير الغارديان إلى أن هذه الهدية لم تكن مجرد لفتة كرم، بل جزء من استراتيجية دبلوماسية قطرية أوسع، تهدف إلى ترسيخ مكانتها كوسيط موثوق دوليًا. فقد لعبت قطر دورًا محوريًا في التوسط بين واشنطن وطالبان خلال إدارة ترامب، كما استضافت محادثات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة في عهد بايدن. لكن الدور الأكثر حساسية كان في ملف غزة، حيث أصبحت قطر قناة رئيسية للتفاوض بين إسرائيل وحركة حماس بعد اندلاع الحرب في أكتوبر 2023. وبفضل جهودها، تم التوصل إلى هدنات مؤقتة ساهمت في تهدئة التصعيد، وإن كانت تلك المبادرات قد قوبلت لاحقًا بانتقادات حادة من بعض السياسيين الأميركيين والإسرائيليين الذين هاجموا الدوحة بسبب استضافتها قادة حماس. ورغم المطالب الأميركية بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة، تمسكت قطر بدورها كوسيط محايد، مشيرة إلى أن إدارة أوباما هي من طلبت منها في 2012 توفير قناة اتصال غير مباشرة مع حماس. ومع تصاعد الجدل حول الطائرة الفاخرة، عادت الانتقادات من بعض رموز التيار اليميني الأميركي، مثل الناشطة لورا لومر، التي اعتبرت قبول ترامب للهدية بمثابة 'إهانة' بسبب ما وصفته بـ'العلاقات القطرية مع الجهاديين'. ومع ذلك، لم يُعلّق معظم الجمهوريين، الذين انتقدوا قطر في السابق، على خطوة ترامب، في انعكاس ربما لقدرة الأخير على فرض خطه السياسي على الحزب خلال ولايته الثانية. بهذا، تبدو قطر وقد نجحت في تحويل التحديات السابقة إلى فرص دبلوماسية، معيدة صياغة علاقتها بالولايات المتحدة من بوابة النفوذ والوساطة بدلًا من الاتهام والعزلة.