
مـن يـردع هـذه الـغـطـرسـة الإسـرائـيـلـيـة الـتـي لـم يـعـد لـهـا حـدود؟
نتنياهو ورؤية "إسرائيل الكبرى"
في مقابلة مع قناة i24NEWS العبرية، صرّح بنيامين نتنياهو أنه يشعر بأنه مُكلّف بـ "مهمة تاريخية وروحية"، لا سيما فيما يتعلق بحرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيشه على قطاع غزة، كما أكد تمسكه برؤية إسرائيل الكبرى، وذلك عندما عرضت عليه الصحافية شارون غال تميمةً تُصوّر"خريطة أرض إسرائيل الموعودة"، وسألته عما إذا كان كان يشعر بارتباطٍ بـ "هذه الرؤية لإسرائيل الكبرى"، فأجاب مباشرةً: "نعم، أشعر بارتباطٍ كبير". وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية نشرت، في كانون الثاني/يناير 2025، خريطة على مواقع التواصل الاجتماعي تزعم وجود "مملكة يهودية" عمرها آلاف السنين، تشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى أجزاء من الأردن ولبنان وسورية ومصر (1).
سموتريتش وإحياء المشروع الاستيطاني في المنطقة "إي 1" (E1)
تستغل حكومة بنيامين نتنياهو عودة دونالد ترامب، حليف إسرائيل الأكبر، إلى البيت الأبيض لتسريع مشاريعها الاستيطانية وتعزيز استراتيجيتها الاستعمارية في الضفة الغربية، حيث يعيش، من دون القدس الشرقية المحتلة، نحو ثلاثة ملايين فلسطيني و500 ألف مستوطن إسرائيلي. وفي هذا السياق، دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى تسريع مشروع لبناء 3400 وحدة سكنية في المنطقة "إي 1" (E1) وضم الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل في الضفة الغربية. جاء ذلك رداً منه على إعلانات عدة دول، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية والكارثة الإنسانية في قطاع غزة، أنها تدرس الاعتراف بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر المقبل. وورد في تصريح سموتريتش: "من يريد الاعتراف بدولة فلسطينية اليوم سيتلقى منا رداً ميدانياً (...) بحقائق ملموسة: منازل، أحياء، طرق، وعائلات يهودية تبني حياتها". وأضاف: "في هذا اليوم المهم، أدعو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى بسط السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة، والتخلي نهائياً عن فكرة تقسيم البلاد، وضمان ألا يبقى لدى القادة الأوروبيين المنافقين ما يعترفون به بحلول سبتمبر"، وهدد قائلاً: "إذا اعترفتم بدولة فلسطينية في سبتمبر، فسيكون ردنا تطبيق السيادة الإسرائيلية على جميع أنحاء يهودا والسامرة".
وكان الوزير يتحدث في مستوطنة "معاليه أدوميم" لتقديم آخر المستجدات حول تقدم هذا المشروع الاستيطاني، الذي أدانته حركة "السلام الآن"، غير الحكومية المناهضة للاستيطان، ووصفته بأنه "خطة قاتلة لمستقبل إسرائيل وأي فرصة لحل الدولتين"، موضحة أن لجنة فنية تابعة لوزارة الحرب ستناقش الاتفاق النهائي بشأن الخطة يوم الأربعاء في العشرين من هذا الشهر، وبعد كل الخطوات البيروقراطية، "يمكن تنفيذ الخطة في غضون بضعة أشهر، بينما يستغرق البناء حوالي عام". وأكدت الحركة أن هذه اللجنة رفضت بالفعل جميع الاعتراضات القانونية على المشروع (2).
استعمار المنطقة "E1": الحؤول دون قيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً
على الرغم من أن مساحة هذه المنطقة، التي تربط القدس الشرقية بمستوطنة "معاليه أدوميم"، تبلغ 12 كيلومتراً مربعاً فقط، فإن أهمية الاستيطان فيها ينبع من كونها تقسم الضفة الغربية إلى قسمين منفصلين، مما يحول دون قيام دولة فلسطينية محتملة ذات تواصل جغرافي.
طُرحت خطط الاستيطان في هذه المنطقة في التسعينيات، في عهد يتسحاق رابين، لكنها توقفت وأُعيد إطلاقها مراراً وتكراراً منذ سنة 2005. بعد يوم واحد من تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، على منح فلسطين صفة "دولة مراقب غير عضو"، أعلنت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو عن بناء 3000 وحدة سكنية في المنطقة "إي 1"، وهو إعلان أثار غضب حتى حليفها الأميركي، وجعل الحكومة الإسرائيلية تتراجع عنه (3).
عشية الانتخابات التشريعية الإسرائيلية في آذار/مارس 2020، دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى المضي قدماً في خطط البناء في المنطقة، ونُشرت، في أعقاب ذلك، خطتان لبناء 3412 وحدة سكنية. وقد اعترضت حركة "السلام الآن" آنذاك على الخطتين، وكلفت المهندس أوري رايشر، المتخصص في تخطيط استخدام الأراضي، بإعداد تقرير يتضمن حجج الاعتراض، ومما جاء فيه: 1- تُعدّ منطقة "إي 1" أساسية للتنمية الفلسطينية، لذا فإن البناء الإسرائيلي فيها يُقوّض بصورة خطيرة إمكانات التنمية لدولة فلسطينية أو لأي أرض فلسطينية مستقلة، 2- من دون المنطقة "إي 1"، لا يمكن إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، مع إمكانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعاصمتها القدس الشرقية. لذلك، يُعتبر النشاط الاستيطاني في هذه المنطقة قاتلاً لآفاق السلام؛ 3- من شأن الاستيطان في هذه المنطقة أن يضر بإمكانيات التنمية في القدس الشرقية، التي هي من أكبر المدن الفلسطينية في الضفة الغربية؛ فهذه المنطقة هي احتياطي الأراضي الوحيد في منطقة القدس الشرقية، وهي ضرورية لضمان استمرارية حضرية عالية الجودة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للقدس الشرقية؛ فالاستيطان الإسرائيلي في المنطقة سيفصل القدس الشرقية تماماً عن الأراضي الفلسطينية، ويتسبب في موت المدينة، ويحوّلها إلى محيط في قلب الأراضي الفلسطينية، 4- من شأن الاستيطان في هذه المنطقة أن يضر بإمكانيات التنمية في منطقة رام الله - القدس الشرقية - بيت لحم الحضرية، 5- إن الاستيطان في هذه المنطقة سيضر بإمكانيات التنمية الإقليمية للضفة الغربية بأكملها، وليس فقط لمنطقة رام الله - القدس الشرقية - بيت لحم الحضرية، إذ ستتأثر مدن أخرى مثل أريحا شرقاً، فهذه المنطقة تقع على طريق القدس - أريحا، عند مفترق طرق ذي أهمية إقليمية بالغة، وهي مركز إقليمي محتمل يربط أريحا (والأردن) بشمال الضفة الغربية وجنوبها، بالقرب من الطرق الرئيسية (4).
في سنة 2021، أُعلن عن تعليق خطط توسيع الاستيطان شرق القدس، لكن في 30 آذار/مارس 2025، اعتمدت الحكومة الإسرائيلية مشروعاً لبناء طريق جديد في الضفة الغربية المحتلة، يهدف إلى "تسهيل حركة المرور وتحسين البنية التحتية للنقل بين القدس ومعاليه أدوميم وغور الأردن"، وذلك بميزانية قدرها 303 ملايين شيكل (حوالي 75 مليون يورو). ووصف وزير الحرب يسرائيل كاتس هذا القرار بأنه "قرار تاريخي"، وقال: "ستُحسّن هذه المرافق الجديدة أمن السكان الإسرائيليين ورفاهيتهم، مع تعزيز قبضة إسرائيل على منطقة يهودا والسامرة". بينما وصفت حركة "السلام الآن" الطريق بأنه "طريق فصل عنصري"، مُشددةً على أن هذه البنى التحتية الجديدة تهدف في المقام الأول إلى تعزيز الاستعمار الإسرائيلي في الضفة الغربية (5).
في 17 تموز/يوليو 2025، كشف مقال نشرته صحيفة "هآرتس" عن نية الحكومة الإسرائيلية إحياء مشروع "إي 1" الاستيطاني، الذي ناقشه اجتماع "المجلس الأعلى للتخطيط " التابع للإدارة المدنية الإسرائيلية، في السادس من آب/أغسطس الجاري. ووفقاً لحركة "السلام الآن"، فإن "حكومة نتنياهو-سموتريتش تستغل الحرب على قطاع غزة لترسيخ واقع يجعل حل الدولتين السلمي مستحيلاً". وكان وزير المالية الإسرائيلي قد أكد، خلال "مؤتمر المستوطنات" في أيار/مايو 2025، الذي نظمته صحيفة "ماكور ريشون" الاستيطانية اليمينية المتطرفة، على هذه الحقيقة بقوله: "بهذه الطريقة نقضي على إمكانية قيام دولة فلسطينية بحكم الأمر الواقع". ويرتبط إحياء هذا المشروع ارتباطاً مباشراً بسيطرة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بصفته وزيراً ثانياً في وزارة الحرب، على الإدارة المدنية في الضفة الغربية المحتلة، وبترؤسه "المجلس الأعلى للتخطيط" بصورة غير رسمية (6).
"المستوطنة الأكثر خطراً"
تحت هذا العنوان، نشرت صحيفة "هآرتس" افتتاحية، في 15 آب/أغسطس الجاري، نقلتها عنها نشرة "مختارات من الصحف العبرية"، أشارت فيها إلى أنه من المتوقع أن تصادق الحكومة بشكل نهائي في الأسبوع المقبل على خطط البناء في المنطقة "إي 1" بعد سنوات من التأجيل بفعل الضغط الدولي، وهي "خطط ذات تبعات دراماتيكية على مستقبل الأراضي التي تحتلها إسرائيل، ولا رجعة عنها"، و "ستكون بمثابة حكم بالإعدام على فرص إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة في أي وقت مستقبلاً". وقدّرت الافتتاحية أنه "في حين أن الأغلبية الساحقة من دول العالم، والتي ازدادت مؤخراً، تؤمن بحل الدولتين، وتعترف بدولة فلسطينية، تأتي الحكومة الإسرائيلية لتبصق في وجهها، وإذا كان العالم بحاجة إلى سبب إضافي لتحويل إسرائيل إلى دولة منبوذة ومكروهة وممقوتة"، فإن خطة "إي 1" توفر له "سبباً مُقنعاً آخر".
وأضافت أنه "يجب النظر إلى قرار بناء هذه المستوطنة المصيرية من منظور أوسع؛ فسموتريتش ومجموعته لا يكتفون، من خلال ذلك، بإشباع شهيتهم العقارية، بل يعملون أيضاً على ضم الضفة إلى إسرائيل رسمياً، أو على الأقل، ضم مناطق ج، وفي الوقت عينه، فرض وقائع جديدة على الأرض، هدفها إخراج الفلسطينيين من مناطق ج، مع رؤية نهائية لطردهم كلياً من جميع أنحاء الضفة...هكذا يُمنع قيام دولة فلسطينية، وهكذا تُوضَع الأسس لعملية ترحيل واسعة النطاق في الضفة الغربية" (7).
بن غفير والاستفزاز غير المسبوق
نشر إيتمار بن غفير مقطع فيديو على حسابه على موقع "إكس"، صباح الجمعة، في 15 آب الجاري، يظهر فيه وهو يهدد القائد الفلسطيني البارز مروان البرغوثي، المسجون منذ 23 عاماً في السجون الإسرائيلية، إذ يقف وزير الأمن الداخلي وشخصان آخران، أحدهما حارس سجن، أمام مروان البرغوثي ويحاصرونه في زاوية من زنزانته، ويقول الوزير بالعبرية: "لن تنتصروا، أي شخص يعبث مع شعب إسرائيل، وأي شخص يقتل أطفالنا، وأي شخص يقتل نساءنا، سنبيده". وعندما حاول زعيم حركة "فتح"، والعضو المنتخب في المجلس التشريعي الفلسطيني، الرد عليه، قاطعه بن غفير قائلًا: "عليكم أن تعلموا هذا على مر التاريخ". ثم نشر بن غفير تغريدة ورد فيها: "قرأتُ صباح اليوم أن العديد من كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية لم يُعجبهم كثيراً ما قلته &
39; الأكبر مروان البرغوثي... لذا، سأكرّر ذلك من دون أي اعتذار: كل مَن يعتدي على شعب إسرائيل، وكل مَن يقتل أطفالنا، وكل مَن يقتل نساءنا، سنمحوه، بمشيئة الله".
في تعليقها على مقطع الفيديو هذا، ذكرت صحيفة "ليبيراسيون" الباريسية أن مروان البرغوثي "الزعيم الفلسطيني، والعضو في حركة فتح، التي تدعو إلى حل سياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مسجون لدى إسرائيل منذ سنة 2002، ويُستشهد به بانتظام كخليفة محتمل للرئيس الفلسطيني محمود عباس، رغم اعتقاله، وهو يُلقَّب بـ"مانديلا فلسطين" من قِبل أنصاره، وأصبح على مر السنين شخصيةً رمزيةً للقضية الفلسطينية".
ونقلت الصحيفة عن عرب البرغوثي، نجل مروان، قوله في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" إنه صُدم من مقطع الفيديو هذا"، وانتقد غطرسة الحكومة الإسرائيلية، التي "لا يعني لها شيئاً القانون الدولي والقانون الإنساني"، وعلّق قائلاً: "لم يرَ أي فرد من أفراد العائلة والدي منذ أكثر من عامين؛ أنا شخصياً لم أره منذ ثلاثة أعوام. [...] لقد فقد والدي الكثير من وزنه ويبدو متقدماً في السن، ونحن قلقون حقاً ونخشى على حياته وسلامته في ضوء المشاهد التي رأيناها".
وأضاف: "سياسة الاحتلال واضحة جداً؛ يريدون أن يثبتوا للشعب الفلسطيني أنهم الأقوى بـ "إهانة قائدهم"، لكن والدي صمد في وجه الظلم في زنزانة صغيرة، مقيد اليدين، منهكاً، وواضح التعب عليه، لكنه صامد بكرامة"، وختم قائلاً: "رغم أنه تعرض بالفعل لأمور لا تُصدق خلال العامين الماضيين [...]، فهم لن يحطموا صورته، لأنه يمثل الشعب الفلسطيني والأسرى الفلسطينيين" (8).
أمام هذه الغطرسة: لم تعد تنفع الإدانات ولا حتى الاعترافات
أصدر وزراء خارجية 31 دولة عربية وإسلامية، في 15 آب، بياناً نددوا فيه بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن ما يسمى "رؤية إسرائيل الكبرى"، بصفتها تمثّل "استهانة بالغة وافتئاتاً صارخاً وخطيراً لقواعد القانون الدولي، ولأسس العلاقات الدولية المستقرة، وتشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي ولسيادة الدول، والأمن والسلم الإقليمي والدولي" (9).
ولكن، إذا كانت هذه التصريحات، التي هي ليست مجرد كلام بل تنطوي على قناعات راسخة لدى رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية استلهمها من معلمَيه فلاديمير جابوتنسكي ومناحم بيغن، تهدد الأمن القومي العربي، فما فائدة معاهدات السلام واتفاقات التطبيع العربية-الإسرائيلية إذن؟
وإذا كان مشروع الاستيطان في المنطقة "إي1" قد جوبه بإدانات من الدول الغربية الكبرى، باستثناء الولايات المتحدة، في موقف تقليدي لها كلما أعلنت إسرائيل عن مشاريع استيطانية جديدة، فما فائدة هذه الإدانات إذا ظلت مجرد كلام لا قيمة له؟ وحتى الاعترافات الموعودة بدولة فلسطينية ما نفعها، في ظل تعهد بتسلئيل سموتريتش بأن هذه الدولة لن تقوم على أرض الواقع ووصفه من يعترف بها بـ "المنافق"، وطالما لم يقترن هذا الاعتراف بفرض عقوبات جدية على حكومة نتنياهو-سموتريتش- بن غفير المتغطرسة والمستخفة بالمجتمع الدولي؟
أما الرد الفلسطيني الأقوى على هذه الغطرسة الإسرائيلية، فسيتمثل في العمل على وقف حرب الإبادة والتجويع الإسرائيلية على قطاع غزة، والسعي الجاد إلى تحقيق وحدة الصف الوطني الفلسطيني، بحيث يتمكن الرئيس الفلسطيني من تقديم الرؤية السياسية المتكاملة التي يجري الحديث عنها، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/القادم، باسم هذه الوحدة، وخصوصاً أن هذه الرؤية، التي قيل إنها ستنطوي على المطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي، ورفض التهجير، والتمسك بالحقوق الوطنية و"الانتقال من السلطة الوطنية إلى تجسيد دولة فلسطين في ظل الاعترافات المتزايدة بدولة فلسطين، واستنادا إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 19/67 لسنة 2012"، من المفترض أن تلقى إجماعاً داخل الساحة الفلسطينية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


قدس نت
منذ ساعة واحدة
- قدس نت
غرفة العمليات تُطلع سفراء فلسطين على مستجدات غزة: أولوية لوقف الإبادة وتوسيع المساعدات وخطة إعمار مبكرة
شدّدت د. سمحا حمد، رئيسة غرفة العمليات الحكومية للتدخلات الطارئة في المحافظات الجنوبية، على أن اللحظة السياسية تتطلب مراكمة جهد دبلوماسي منسّق وتعزيز الرواية الوطنية في الساحات الدولية عبر سفراء فلسطين. جاء ذلك خلال اجتماع عقدته الغرفة بحضور السفير عمر عوض الله وعدد من سفراء فلسطين في أوروبا، خصّص لإطلاع البعثات على المشهد الميداني والإنساني وأعمال الغرفة في الإغاثة والمساعدات والإيواء بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة وشبكة المنظمات الأهلية والقطاع الخاص. فجوة إنسانية تتسع… ومجاعة تُستخدم كسلاح قالت د. حمد إن كميات المساعدات الداخلة إلى القطاع ما تزال ضئيلة للغاية قياسًا بحاجات السكان، بعد أكثر من 680 يومًا على حرب صنّفتها بأنها «إبادة جماعية»، تُستخدم فيها المجاعة كسلاح ضد المدنيين. وارتفع عدد ضحايا الجوع وسوء التغذية إلى 266 وفاة بينهم 100 طفل. وأكدت أن الحكومة، عبر غرفة العمليات، تضطلع بمسؤولياتها منذ اليوم الأول ضمن خطة تعافٍ مبكر وصولًا إلى إعادة الإعمار. خطة حكومية محدَّثة: 56 برنامجًا و200 مشروع أوضحت حمد أن الوفد الوزاري برئاسة رئيس الوزراء د. محمد مصطفى قدّم خلال زيارته معبر رفح تحديثات على خطة التعافي، تضم 56 برنامجًا موزعة على القطاعات و200 مشروع قُدّمت للجانب المصري تمهيدًا لمؤتمر المانحين المرتقب. ووجّهت الشكر للمملكة المغربية على «جسر المحبة» وما قدّمه من أثر مباشر على صمود الأهالي، داعية دول العالم إلى دعم عاجل وفاعل. الخارجية: منع التهجير… وخيارات عقابية على الطاولة من جانبه، أكد وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية عمر عوض الله أن جهود الغرفة متسقة مع أولويات القيادة في إغاثة السكان ومنع التهجير القسري، مشيرًا إلى استمرار اللقاءات مع السفراء—ومنها اجتماع مسائي مع سفراء فلسطين في الأمريكيتين. وأوضح أن التحرك الدبلوماسي يستهدف وقف الإبادة والدفع باتجاه خطوات عقابية ضد إسرائيل، بما في ذلك إعادة النظر في اتفاقية الشراكة الأوروبية–الإسرائيلية عقب مخرجات المؤتمر الدولي في تموز، على أن تُترجم هذه المخرجات عمليًا خلال قمة مصغّرة في أيلول على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، بما يشمل تعزيز الاعتراف بدولة فلسطين. اقتصاد ينهار وخدمات تتوقف حذّر أعضاء غرفة العمليات—عبر مداخلات مرئية من داخل غزة—من كارثة إنسانية غير مسبوقة؛ إذ ارتفعت البطالة إلى 80% وتراجع الناتج المحلي الإجمالي 83.5%، وتعطّلت معظم الخدمات العامة، وارتفعت الاحتياجات العاجلة في الإغاثة والصحة والنظافة والمياه والتعليم والصرف الصحي. كما أدى تدمير آلاف المنشآت الاقتصادية إلى فقدان مصادر الرزق وتضاعف نسب الفقر إلى مستويات غير معهودة. قطاع الصحة: مستشفيات خارج الخدمة وضحايا من الكوادر عرض ممثل وزارة الصحة تقريرًا يُبيّن حجم الانهيار: 22 مستشفى خارج الخدمة كليًا و16 مستشفى متضرر جزئيًا من أصل 38، وتوقّف 96 مركز رعاية أولية، بينما يعمل 61 مركزًا فقط بشكل جزئي من أصل 157. وسجّل التقرير استشهاد 18,855 طفلًا وإصابة 40,176، واستشهاد 1,890 من الكوادر الطبية واعتقال 361 آخرين، مع تدمير واسع للأجهزة الحيوية بينها CT وMRI. وطالبت الغرفة بتأمين ممرات إنسانية عاجلة لإدخال الأدوية والمستلزمات والوقود، وإيفاد وفود طبية دولية وتعزيز برامج الصحة النفسية والرعاية الأولية لمنع تفشّي الأوبئة. المياه والصرف الصحي: 85% دمار وحصص متهاوية في قطاع المياه، بلغت نسبة الدمار 85% للمنشآت الحيوية، بما يشمل محطات التحلية والآبار ومعالجة الصرف الصحي، مع استمرار منع إدخال معدات الصيانة والوقود. وهبطت حصة الفرد إلى 3–10 لترات يوميًا فقط—أقل بكثير من الحد الأدنى الذي توصي به منظمة الصحة العالمية (15 لترًا للفرد يوميًا) في الطوارئ. النساء والأطفال في قلب الكارثة دعت غرفة العمليات البعثات الدبلوماسية إلى تسليط الضوء على معاناة الأطفال والنساء منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر؛ إذ تخطّى عدد الشهداء 62,000، يُشكّل الأطفال والنساء 48% منهم، بينما يمثلون 70% من المصابين. وتشير التقديرات إلى أن 20,000 امرأة أصبحت المعيل الوحيد لأسرها بعد فقدان المعيل الرئيسي. متابعة دبلوماسية يُعقد مساء اليوم اجتماعٌ آخر مع سفراء فلسطين في الأمريكيتين لاستكمال تنسيق المسارات الإنسانية والسياسية، على أن تستمر اللقاءات الفنية لتثبيت ممرات المساعدات، وتعبئة الدعم الدولي لخطة التعافي والإعمار. المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله


شبكة أنباء شفا
منذ 4 ساعات
- شبكة أنباء شفا
الصين : من الجبهة الشرقية الرئيسية في الحرب العالمية الثانية إلى المدافع الثابت عن السلام العالم ، بقلم : تشو شيوان
الصين : من الجبهة الشرقية الرئيسية في الحرب العالمية الثانية إلى المدافع الثابت عن السلام العالم ، بقلم : تشو شيوان قبل أكثر من 80 عامًا، بينما كان العالم يغرق في ظلام الفاشية، قدمت الصين تضحيات جسيمة وقاومت بصلابة لتصبح الجبهة الرئيسية في الحرب المناهضة للفاشية في آسيا، مساهمة بشكل لا يُنسى في النصر العالمي. واليوم، كعضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وكقوة عظمى مسؤولة، تواصل الصين الوفاء بتعهدها بالتنمية السلمية وتعزيز بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية. إن هذه المساهمات عبر الزمن تستحق أن تُسجل في التاريخ، والأهم من ذلك، أن يراها العالم. بعد حادثة '9.18' عام 1931، أصبحت الصين أول دولة في العالم تقاوم الغزو الفاشي. خلال 14 عامًا من الحرب، كبَّد الجيش والشعب الصينيان خسائر فادحة للقوات اليابانية، حيث قُتل أكثر من 1.5 مليون جندي ياباني، مما عطَّل خطط اليابان للتقدم شمالًا لمهاجمة الاتحاد السوفيتي أو التوجه جنوبًا للالتقاء مع ألمانيا. قال الرئيس الأمريكي الأسبق روزفلت ذات مرة: 'لو لم تكن هناك الصين، لكانت اليابان قد احتلت أستراليا والهند بسرعة، وتقدمت نحو الشرق الأوسط… لتنفذ هجومًا كبيرًا بالتنسيق مع ألمانيا.' كان الثمن الذي دفعته الصين باهظًا: أكثر من 35 مليون قتيل وجريح من العسكريين والمدنيين، وتدمير أكثر من 600 مدينة، وخسائر اقتصادية مباشرة بلغت 6000 مليار دولار (حسب قيمة الدولار عام 1945). معارك مثل معركة شانغهاي ومعركة تايرتشوانغ وهجوم الأفواج المئة أظهرت عزيمة الشعب الصيني الذي فضل 'الموت في المعركة على الاستسلام'. كما دعمت الصين تحالف الحلفاء المناهض للفاشية، حيث فتحت ممراتها الجنوبية الغربية لقوات الحلفاء، وأرسلت قواتها إلى بورما للمشاركة في المعارك، مما أسهم في انتصار الجبهة الآسيوية. بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، شاركت الصين كعضو مؤسس في الأمم المتحدة في إعادة بناء النظام الدولي، وطرح المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، التي أصبحت حجر الأساس للتعاون بين الدول النامية. منذ خمسينيات القرن الماضي، وعلى الرغم من الصعوبات الاقتصادية الداخلية، قدمت الصين مساعدات طبية وبنية تحتية وغذائية لدول إفريقيا وآسيا. بعد استعادة مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة عام 1971، عززت الصين دعمها لحركات التحرر الوطني العالمية، وعارضت الهيمن. وبفضل الإصلاح والانفتاح، أصبحت الصين محركًا للاستقرار العالمي من خلال نموها الاقتصادي. بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، ساهمت الصين بأكثر من 30% في النمو الاقتصادي العالمي سنويًا لسنوات عديدة، لتصبح الشريك التجاري الأكبر لأكثر من 120 دولة ومنطقة. وقد استفاد العالم العربي مباشرة من 'فوائد التنمية' هذه: فالصين أصبحت أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي في الدول العربية لعشر سنوات متتالية، حيث قفز حجم التبادل التجاري بين الصين والعالم العربي من 36.7 مليار دولار عام 2004 إلى 430 مليار دولار عام 2022. كما ساهمت مشاريع الطاقة والمناطق الصناعية وتقنية الـ5G في تنويع الاقتصادات العربية. منذ إرسال أول مراقب عسكري للمشاركة في عملية حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة عام 1990، قد أصبحت الصين أكبر مساهم بقوات في عمليات السلام بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، حيث أرسلت أكثر من 50 ألف فرد إلى 16 منطقة مهمة، بما في ذلك لبنان والسودان ومالي. قامت قوات حفظ السلام الصينية ببناء 17 ألف كيلومتر من الطرق، وتطهير أكثر من 20 ألف لغم، وعالجت الفرق الطبية أكثر من 280 ألف مريض. وفي عام 2020، أنشأت الصين صندوق الأمم المتحدة للسلام والتنمية، الذي موَّل أكثر من 100 مشروع. في قضايا الشرق الأوسط، تلتزم الصين بموقف عادل، وبدأت تلعب دورها البناء بشكل أكبر خلال السنوات الماضية، حيث نجحت الصين في تحقيق الوساطة بين السعودية وإيران عام 2023، وتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية عام 2024، وقدمت مساعدات إنسانية متكررة لقطاع غزة. إن مفهوم الصين للأمن 'المشترك والشامل والتعاوني والمستدام' يوفر رؤية جديدة لتهدئة النزاعات والأزمات الإقليمية. من مبادة الحزام والطريق إلى مبادرة التنمية العالمية، تعمل الصين على تعزيز التعاون متعدد الأطراف لمواجهة عجز التنمية. وبحلول عام 2023، وقَّعت 152 دولة على وثائق الانضمام إلى البناء المشترك للحزام والطريق، وتم تنفيذ مشاريع بارزة مثل سكة حديد الصين-لاوس وسكة حديد مومباسا-نيروبي والعاصمة الإدارية الجديدة لمصر. في مجال مواجهة تغير المناخ، تجاوزت الصين أهداف خفض الانبعاثات لعام 2020 قبل الموعد المحدد، حيث تمثل طاقتها الشمسية وطاقة الرياح أكثر من 40% من السعة العالمية، كما تعهدت بدعم التحول الأخضر للدول النامية. وفي مواجهة تصاعد الأحادية، تؤكد الصين دائمًا على الدور المركزي للأمم المتحدة، وتدعو إلى تحسين الحوكمة العالمية. عبر منصات مثل مجموعة العشرين وآلية بريكس، تعمل الصين على وضع قضايا التنمية في صلب الأجندة، وتدعو دول 'الجنوب العالمي' إلى التضامن والتعاون. من مكافحة الغزو إلى بناء السلام، ظلت الصين دائمًا حامية للنظام العالمي وليس العكس. وفي العالم المتغير اليوم، تتطلع الصين إلى التعاون المثمر مع الدول العربية، مستلهمة إرث انتصار الحرب العالمية الثانية، لمواجهة تحديات العصر الجديد مثل الإرهاب والفجوة بين الأغنياء والفقراء وتغير المناخ، واستكشاف طريق جديد لسلام ورخاء دائمين للإنسانية. إقرأ مزيداً من الأخبار حول الصين … إضغط هنا للمتابعة والقراءة


شبكة أنباء شفا
منذ 4 ساعات
- شبكة أنباء شفا
الاحتلال يصادق على مخطط بناء استعماري في منطقة E1
شفا – صادقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على خطة بناء استعماري في المنطقة ( E1)شرق القدس المحتملة، وتشمل بناء أكثر من 3401 وحدة سكنية، إضافة إلى إقامة مستعمرة جديدة باسم 'عشآهل'، وتشمل إقامة 342 وحدة استعمارية ومبانٍ عامة. وأشارت حركة 'سلام الآن' إلى أن المصادقة على بناء استعماري في E1 تمت بسرعة قصوى، وهذا مخطط 'قاتل بشكل خاص لاحتمال سلام، ولمستقبل دولتين للشعبين، لأنها تقسم الضفة الغربية إلى قسمين وتمنع تطوير 'ميترولين' بين رام الله والقدس الشرقية وبيت لحم'. وأعلن المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الأسبوع الماضي، أن المخطط الاستعماري في 'E1″ربط فعليًا (مستعمرة) معاليه أدوميم بالقدس، ويقطع التواصل العربي بين رام الله وبيت لحم، ويُعدّ المسمار الأخير في نعش فكرة الدولة الفلسطينية'. وحاولت سلطات الاحتلال دفع هذا المخطط منذ تسعينيات القرن الماضي، لكن من دون نجاح بسبب معارضة دولية، وبينها معارضة أميركية. وبعد عودته إلى رئاسة الحكومة، أوعز بنيامين نتنياهو بدفعه في عام 2012، وبعد ذلك في العام 2020، إذ تمت المصادقة على إيداع المخطط تمهيدا لتنفيذه. وأكدت 'سلام الآن' أن مخطط E1 ينضم إلى آلاف الوحدات الاستعمارية التي صادقت عليها حكومة الاحتلال في العام الجاري، بهدف منع حل الدولتين. وأضافت الحركة أنه منذ بداية عام 2025، دفعت سلطات الاحتلال بناء 24,338 وحدة استعمارية، من ضمنها مخطط E1. ما هو المخطط الاستعماري 'E1″؟ وبحسب نشرة أصدرتها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، صادقت حكومة الاحتلال، على مخطط'E1″ الاستعماري، الذي يحمل رقم (4/420) عام 1999، على أراضٍ تبلغ مساحتها 12,000 دونم، أعلنت معظمها 'أراضي دولة'، وأصبحت فيما بعد تابعة لمستعمرة 'معاليه أدوميم'. عام 2012، أقرت حكومة الاحتلال مخطط'E1″ الاستعماري، الذي يتضمن المخططات التالية: مخطط رقم (2/4/420)، ويستولي الاحتلال بموجبه على (1350) دونما لإقامة منطقة صناعية شمال غرب المنطقة المصنفة E1. مخطط رقم (9/4/420) ويستولي الاحتلال بموجبه على (180) دونما لإقامة مقر لشرطة الاحتلال، وقد تم تشييد المقر المذكور بهدف توسيع مناطق الاستيلاء. مخطط للاستيلاء على مساحة (500) دونم من أراضي عناتا وشعفاط لاقامة مكب نفايات على أن يتم تحويلها لاحقا لحديقة عامة للمستعمرين. ثلاثة مخططات تفصيلية للبناء، وهي: مخطط (10/4/420) لبناء 2176 وحدة استعمارية، ومخطط (3/4/420) لبناء 256 وحدة استعمارية إضافة إلى 2152 غرفة فندقية، ومخطط (7/10/420) لبناء 1250 وحدة، وآخر لإقامة حديقة توراتية إلى الشمال الغربي من المخطط المذكور. إضافة إلى ما ذكر أعلاه، هناك مخطط استعماري آخر، لتنفيذ ما يسمى طريق نسيج الحياة، الذي تم إنجاز جزء منه قرب من جدار الفصل والتوسع العنصري الواقع شرق عناتا وصولا الى الزعيم، والجزء الاخر منه يقترح انشاؤه ابتداء من الزعيم وصولا الى العيزرية، ويهدف الى خدمة تنفيذ وتطوير مخطط البناء في المشروع المذكور، إضافة لكونه مقترحا مستقبليا لتحويل طريق القدس العيزرية ومنع المواطنين الفلسطينيين من استخدامه. أهداف المخطط الاستعماري عزل القدس عن محيطها الفلسطيني وقطع التواصل الجغرافي والسكاني بين القدس والتجمعات الفلسطينية وتقويض إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس. عزل شمال الضفة الغربية عن جنوبها وتحويلها الى جيوب تخضع في حركتها لسلطة الاحتلال. توسيع حدود القدس الشرقية من خلال ضم تكتل معالي أدوميم الاستعماري لها. طرد وتشريد سكان التجمعات البدوية مرة أخرى من أراضيهم. زيادة عدد اليهود في القدس على حساب المواطنين الفلسطينيين الأصليين خاصة بعد إخراج تجمعات فلسطينية مثل كفر عقب وعناتا شعفاط. ترحيل قسري للبدو من أجل تنفيذه عملية التهجير القسري للبدو ليست جديدة بل هي تتابع لعمليات حصلت عام 1948 وعام 1967 من النقب بداية ثم الأغوار بحجج واهية، كإعلانها مناطق عسكرية مغلقة. وتسعى سلطات الاحتلال لتهجير 46 تجمعا بدويا في السفوح الشرقية والاغوار (جرى تهجير جزء منها بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023) من أجل تنفيذ مخططاتها التهويدية والاستعمارية وتفريغ الحدود الشرقية من الوجود الفلسطيني والبالغ مساحتها حوالي مليون دونم. وقد سعت سلطات الاحتلال خلال السنوات الماضية الى ايجاد بدائل لنقل البدو اليها مثل منطقة 'الجبل في العيزرية والنويعمة وفصائل الوسطى في اريحا'، لكن صمود المواطنين في تلك التجمعات حال دون تنفيذ هذه المخططات. عزل القدس الشرقية عن الضفة والمس بالتواصل الجغرافيّ بين الشمال والجنوب وبحسب مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الانسان في الأرضي المحتلة 'بيتسيلم'، سيؤدّي تنفيذ مخططات البناء في منطقة E1 إلى خلق تواصل عمرانيّ بين مستوطنة معاليه أدوميم وبين القدس، وسيزيد من حدة عزل القدس الشرقية عن سائر أجزاء الضفة الغربية، وسيمس بالتواصل الجغرافي بين شمال الضفة وجنوبها. إن تشييد المستعمرات في المناطق الخاضعة للاحتلال يخالف أحكام القانون الدوليّ الإنسانيّ التي تحظر نقل سكان الدولة المحتلة إلى المنطقة الخاضعة للاحتلال، كما تحظر إجراء تغييرات دائمة في داخل المنطقة الخاضعة للاحتلال. كما أنّ تشييد المستعمرات يؤدّي إلى المسّ بسلسلة من حقوق الإنسان الخاصة بالفلسطينيين، كطرد التجمّعات السكانية البدوية التي تعيش في هذه المنطقة اليوم. من هو المتضرّر من هذا المخطط؟ يحمل تنفيذ مخطط البناء في منطقة E1 عواقب كبيرة متوقعة على المواطنين في الضفة الغربية برُمتها، فالقدس ملاصقة لأضيق منطقة في الضفة الغربية والتي يصل عرضها إلى 28 كيلومترًا فقط. وسيؤدّي البناء في منطقة E1 إلى تقليص الرواق الضيق أصلا الذي يربط بين جنوب الضفة وشمالها، كما أنّ تقطيع الحيّز ستصعّب جدًا من إقامة دولة فلسطينية ذات توصل جغرافيّ. المناطق التي تقوم عليها جميع المستعمرات معرّفة على أنها منطقة عسكرية مغلقة، إلا أنّ هذا المنع لا يُطبّق في غالب الحالات إلا بما يخصّ مناطقها العمرانية. وسيؤدي تطبيق المخطط إلى بقاء الأراضي الفلسطينية الخصوصية كمُسوّرات في نطاق المخطط، وبالتالي إحاطتها بمنطقة مستعمرات عمرانية، وثمة تخوّف من عجز أصحاب هذه الأراضي عن الوصول إليها وزراعتها. البناء في منطقة E1 سيحيط القدس الشرقية من جهة الشرق وسيرتبط بالأحياء الإسرائيلية التي أقيمت شماليّ البلدة القديمة. القدس الشرقية هي جزء من الضفة الغربية وشكّلت في السابق مركزًا حضريًا لمواطني الضفة، إلا أنّ المنع الذي فرضته إسرائيل على دخول المواطنين الفلسطينيين إلى المدينة أدّى إلى نشوء قطيعة مفتعلة بين المدينة وبين سائر أرجاء الضفة، هذه القطيعة ستتعمق وتزيد مع تطبيق المخططات في منطقة E1. وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية والمغتربين مصادقة حكومة الاحتلال على البناء الاستعماري الجديد في المنطقة المسماة 'E1″، بما في ذلك بناء آلاف الوحدات الاستعمارية في القدس ومحيطها، بما يؤدي إلى عزلها تماماً من الجهات الأربع عن محيطها الفلسطيني، وإغراقها في تجمعات ومدن استعمارية ضخمة ترتبط بالعمق الإسرائيلي. وأكدت الخارجية الفلسطينية في بيان، أن مصادقة الاحتلال على البناء الاستعماري في E1″' تستدعي سرعة الاعتراف بدولة فلسطين. وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذه المصادقة من شأنها تقويض فرص تطبيق مبدأ حل الدولتين، وتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، وتمزيق وحدتها الجغرافية والسكانية، وتكريس تقسيم الضفة المحتلة إلى مناطق وكنتونات معزولة بعضها عن بعض وغير متصلة جغرافيا، لتصبح أشبه ما تكون بسجون حقيقية يتعذر التنقل بينها إلا عبر حواجز الاحتلال، ووسط إرهاب عصابات المستعمرين المسلحة المنتشرة في عموم الضفة. وترى الخارجية الفلسطينية أن تلك المصادقة اعتراف إسرائيلي رسمي وتورط في جرائم الاستعمار والضم التدريجي للضفة في إطار جرائم الإبادة والتهجير لشعبنا ومحاولة تصفية قضيته وحقوقه. وحذرت الخارجية الفلسطينية من تعايش المجتمع الدولي مع هذا القرار الإسرائيلي، مؤكدة أن الاكتفاء ببيانات الإدانة والشجب لا تجدي نفعاً في هذه الحالة، ولا توفر أية حماية لحل الدولتين، خاصة في ظل تفاخر إسرائيلي رسمي علني باستهداف الدولة الفلسطينية والعمل على إجهاض فرصة تطبيقها. وشددت الخارجية الفلسطينية على أنها تواصل حراكها مع الدول وشعوبها ومع مكونات المجتمع الدولي لفضح مخططات الاحتلال الاستعمارية العنصرية، فإنها تطالب بتدخل دولي حقيقي وفرض عقوبات على الاحتلال؛ لإجباره على وقف تنفيذ مخططاته والانصياع للإجماع الدولي على حل القضية الفلسطينية ووقف الإبادة والتهجير والضم، وتمكين شعبنا من نيل حقه في تقرير المصير، ودولتنا من بسط ولايتها على كامل الأرض المحتلة منذ عام 67 بما فيها القدس الشرقية.