
مباريات الدوري التونسي وقت الصيام.. جدل ومطالب بوقف الدوري في شهر رمضان
تصاعد الجدل في الأوساط الكروية بتونس بعد استمرار إجراء منافسات دوري كرة القدم أثناء موعد الصيام رغم المطالبة بتأخير المباريات خلال شهر رمضان المبارك إلى ما بعد وقت الإفطار تجنبا للإرهاق.
ومنذ دخول شهر رمضان، أفرزت مباريات الدوري التونسي للمحترفين ردودا عنيفة بعد أن تمسكت رابطة الدوري بإجراء المنافسات وقت الظهيرة، مما وضع اللاعبين أمام خيارين صعبين، إما اللعب في حالة صيام وتحمّل الإرهاق الناتج عن الصوم، وإما الاضطرار للإفطار.
ويصوم معظم لاعبي الدوري التونسي لكن برمجة المباريات في الساعة الثانية زوالا، أي قبل موعد الإفطار بأربع ساعات، أفرز موجة غضب عارمة في أوساط اللاعبين والمدربين والجماهير ودعوات لمراجعة توقيت المباريات.
اللاعبون ضحايا لقرارات اتحاد الكرة
ولم يمرّ الإعلان عن توقيت انطلاق مباريات دوري المحترفين للدرجتين الأولى والثانية خلال الأسبوع الأولى من شهر رمضان دون أن يخلّف موجة من الغضب والانتقادات من المدربين واللاعبين، الذين اعتبر أغلبهم أن حرمانهم من أداء فريضة الصيام كان قرارا جائرا في حقهم.
ورفع عدد من مشجعي الأندية أمس السبت لافتات تضمنت شعارات تحتج على إقامة المباريات نهارا، إذ عرضت رابطة ألتراس الترجي لافتة كبرى في مباراة فريقها ضد اتحاد بن قردان تضمنت عبارة "المباريات في الساعة الثانية ظهرا في رمضان.. أي دين تعتنقون".
وقال مدرب النجم الساحلي محمد المكشر للجزيرة نت إن "اتحاد الكرة ورابطة الدوري اختارا الحل الأسهل بالنسبة إليهم بحجة أن جل الملاعب غير مجهزة بالإنارة، كما أن دوافع أمنية تمنع إجراء المباريات ليلا لاستحالة تأمنيها، لكن ذلك الحل هو الأسوأ بالنسبة إلى الأندية واللاعبين".
وأضاف المكشر أن "ما يحصل في الدوري التونسي أمر مؤسف، نكاد نكون البلد المسلم الوحيد الذي يجبر لاعبيه على خوض المباريات وقت الصيام".
وتابع "من الناحية الإنسانية لا يمكن إجبار لاعب صائم على خوض مباراة رياضية وبذل مجهود كبير يتطلب الجاهزية البدنية، أعتقد أن كل البلدان العربية تعتمد توقيتا خاصا بشهر رمضان وتتم برمجة بداية المباريات بعد موعد الإفطار".
وفي وقت استمر فيه الجدل حول وقت المباريات، كشفت مصادر أمنية للجزيرة نت استحالة إجراء منافسات الدوري ليلا لدوافع أمنية وتنظيمية بالأساس.
وقال محمد المكشر إنه لا يجبر لاعبيه على الإفطار خلال المباريات التي تقام حاليا، بل يترك لهم الحرية في اللعب وهم صيام بشرط تقديم أداء بدني جيد.
وأضاف "أحترم التزام اللاعبين في النجم الساحلي بالصوم، ولكن أعتقد أن إيقاف الدوري طيلة 4 أسابيع في رمضان هو الحل الأنسب لإنهاء الجدل بشأن إقامة المباريات وقت الصيام".
توقيف النشاط في رمضان
وطالب عدد من المدربين بتوقيف النشاط الرياضي في تونس خلال شهر رمضان باعتبار أن إمكانية تأخير المباريات إلى ما بعد موعد الإفطار بات أمرا غير ممكن.
واعتبر محمد أمين كمون مدرب نادي حمام الأنف أن اتحاد الكرة ورابطة الدوري مطالبان باعتماد روزنامة تأخذ بعين الاعتبار توقف منافسات الدوري خلال شهر رمضان.
وقال كمون للجزيرة نت "بات واضحا أن شهر رمضان الكريم ليس مناسبا للرياضة التنافسية في تونس، ولكن ما دامت المباريات تقام وقت الصيام وفي درجة حرارة مرتفعة فأعتقد أن الحل الأمثل هو تأجيل كل المنافسات إلى ما بعد شهر رمضان".
وأضاف أن "جل الدوريات في الدول العربية والإسلامية تبرمج المباريات ليلا، ولكن في تونس هناك عدة عوامل تمنع ذلك لكون الملاعب غير مهيئة، فضلا عن الدواعي الأمنية".
واعترف كمون بأن بعض اللاعبين في فريقه دخلوا مباراتهم الأسبوع الماضي وهم صائمون ولكنهم لم يقدروا على مواصلة اللعب واضطروا لتناول المياه والإفطار خلال الشوط الثاني، قائلا "ما يحصل في حق اللاعبين بمثابة الجرم، علينا إيجاد حل لهذه المعضلة".
وتعاني مختلف ملاعب تونس من نقص كبير في تجهيزاتها، وباستثناء 4 ملاعب، وهي رادس وسوسة وصفاقس والمنستير، تنعدم الإنارة في بقية الملاعب ولا توجد الأضواء الكاشفة التي يتم استغلالها خلال المنافسات الليلية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
الهادي البياري أسطورة تونسية صنعت المجد وعانى التجاهل والنكران
تونس- لا يبدو يوم 5 مايو/أيار من كل عام عابرا بالنسبة إلى مشجعي النادي الأفريقي التونسي بقدر ما هو موعد سنوي راسخ، لكونه يحمل ذكرى أعرض انتصار لفريقهم في تاريخ مباريات الديربي التونسي أمام الغريم التقليدي الترجي. قبل نحو 40 عاما وتحديدا في 5 مايو/أيار 1985 حقق النادي الأفريقي فوزه الأكبر في مواجهاته ضد الترجي، وذلك بنتيجة 5-1 كأكبر فوز في تاريخ مباريات الفريقين، لكن ذلك الانتصار ارتبط ارتباطا وثيقا بنجم الفريق الأحمر والأبيض الهادي البياري، لكونه صاحب الهدف الخامس، مما جعله يتحول إلى أيقونة لدى جماهير النادي. وخط الهادي البياري مسيرة كروية مذهلة مع الأفريقي جعلته أفضل هداف في تاريخ النادي، لكن أسطورة فريق "باب الجديد" مثلما يكنى في تونس يعيش حاليا وضعا صحيا واجتماعيا صعبا زاده التجاهل والنكران من ناديه وجعا ومعاناة. مسيرة مذهلة وأرقام قياسية بعد سنوات من اعتزال كرة القدم يعيش البياري (69 عاما) متاعب صحية كان سببها الأول كرة القدم، إذ أجرى عمليات جراحية كان آخرها جراحة معقدة على مستوى الظهر، ولا تزال تلك الحادثة تسبب له أوجاعا شديدة وتسبب له معاناة زادها الشعور بالنكران من ناديه حدة. ورغم ما قدمه لناديه من خدمات على امتداد نحو 18 عاما فإن الهادي البياري عانى من التجاهل، ولم يجد العون من مسؤولي الأفريقي خلال خضوعه للجراحة وإقامته في المصحة، وفق ما أكده في حديثه للجزيرة نت. ويقول البياري "نذرت فترة شبابي للأفريقي، ولم أكن أفكر سوى في مصلحة النادي وإسعاد الجماهير، كنا نلعب الكرة بنظام الهواية، ولم تكن هناك الكثير من الأموال والحوافز التي يعيشها لاعبو الجيل الحالي، ورغم ذلك كنا نذود في الدفاع عن فريقنا وقيادته إلى منصات الألقاب". ويضيف للجزيرة نت "بعد ما يقارب 20 عاما من اللعب في الأفريقي أنهيت مسيرتي في الملاعب متوجا بالعديد من الألقاب والأرقام والإنجازات الفردية، لكن ذلك لم يكن كافيا لأجد المساندة من مسؤولي النادي عندما تعرضت لمتاعب صحية كبرى كان سببها الأول كرة القدم". كان الهادي البياري واحدا من ألمع نجوم الكرة في تونس، وبدأ مشواره في نادي جمعية أريانة عام 1967 تحت قيادة شقيقه الأكبر ويدعى الحطاب، وهو أول من ساعده في خطواته الأولى. في عام 1972 شهدت حياته أول منعطف كبير عندما كان النادي الأفريقي أكبر أندية تونس في ذلك الوقت أول من تفطن لموهبة المراهق البالغ من العمر آنذاك 16 عاما ليضمه إلى فريق الشباب. وقال "انضممت للنادي الأفريقي وفي الوقت نفسه انتقل صديقي وزميلي في جمعية أريانة طارق ذياب إلى الترجي، بدأت مشواري في الأفريقي وعمري 16 عاما، ولعبت أول مباراة مع الفريق الأول بعد ذلك بعامين عندما منحني المدرب أندريه ناجي الفرصة لأصبح المهاجم رقم واحد في النادي، أذكر أني أحرزت ثنائية في أول مباراة لي كلاعب أساسي". وخاض الهادي البياري مشوارا كرويا لافتا في صفوف الأفريقي بين 1973 و1990، إذ أحرز لقب الدوري في 3 مناسبات: 1979 و1980 و1990، إلى جانب التتويج بكأس تونس 1976 في نهائي تاريخي أمام الغريم الترجي، والسوبر التونسي (1979). كما حقق أسطورة الأفريقي الكثير من الإنجازات الفردية التي لا تزال صامدة حتى الآن، إذ إنه الهداف التاريخي للدوري التونسي برصيد 110 أهداف وللنادي الأفريقي (127 هدفا)، وهو الوحيد الذي فاز بجائزة الحذاء الذهبي لهداف للدوري التونسي 3 مرات: 1980 (14 هدفا) و1983 (17 هدفا) و1984 (12 هدفا). وإلى جانب مشواره الطويل في الأفريقي خاض البياري تجربة الاحتراف الخارجي مع نادي السويق العماني وأهلي دبي الإماراتي، كما تألق مع منتخب تونس وخاض معه ما يقارب 40 مباراة أحرز فيها 16 هدفا، من بينها "هاتريك" في شباك رواندا في تصفيات أمم أفريقيا 1984. "الأفريقي تنكر لرموزه" لم يكن اعتزال الكرة بالنسبة للهادي البياري في عمر 35 عاما سوى نهاية لمسيرة لافتة ختمها بلقب الدوري التونسي الذي انتظرة الأفريقي 10 سنوات كاملة، لكن تلك الإنجازت قوبلت بالتجاهل من قبل ناديه وفق تعبيره بعد أن عاش أوضاعا معيشية وصحية صعبة، خصوصا في السنوات الأخيرة. ويقول البياري للجزيرة نت "لا يعلم الكثيرون أني مدرب أملك كل شهادات التدريب، ولكن لم أحظ بأي اهتمام من النادي الأفريقي، ووجدت نفسي خارج أسوار فريقي لأسباب أجهلها". ويضيف "أمضيت قرابة 20 عاما من عمري في الأفريقي، ولكن عندما داهمتني المتاعب الصحية لم أتلق أي دعم من النادي، خضعت لجراحة في الظهر وتم تركيب فقرات صناعية بعد عملية معقدة جدا، لم يساعدني مسؤولو فريقي ولو بفلس واحد رغم أن تكلفتها كانت باهظة جدا". يذكر البياري تلك المعاناة الصحية ليقول "حز في نفسي أن يصبح اللاعبون الرموز خارج الاهتمام بمجرد اعتزال الكرة، لم تكن المتاعب الصحية سوى نتاج لما قدمته على أرض الملعب، تعرضت للكثير من الإصابات وكنا نلعب بعقلية احترافية رغم أننا في ذلك الوقت لاعبون هواة، كنا نتقاضى منحة مالية لا تفوق 400 دينار (نحو 135 دولارا) شهريا". وكشف البياري أن الجراحة التي خضع لها لم تكن دافعا للمسؤولين للسؤال عنه أو حتى تكريمه في إحدى مباريات النادي، مضيفا "في مباراة الديربي الأخيرة ضد الترجي اضطررت إلى اقتناء تذكرتين لبعض أصدقائي، لم يبادر أي مسؤول في النادي بدعمي، الحمد لله، أعيش حاليا براتب المعاش من عملي السابق في وظيفة بسيطة". وتولى البياري مهمة مرافق للفريق الأول عام 2019، قبل أن يتم استبعاده بمجرد نهاية ولاية الرئيس السابق عبد السلام اليونسي، وهو ما زاد شعوره بالتجاهل والنكران، قائلا "لم أبحث عن المناصب أو تدريب النادي رغم امتلاكي كل المؤهلات لذلك، لكن ما يحزنني حقا هو سياسة النكران من قبل المسؤولين الحاليين، لم تتم استشارتي حول أوضاع النادي الذي غابت عنه شمس الألقاب وأضحى في مهب الأزمات". وإلى جانب ما عاناه من تجاهل خلال محنته الصحية الأخيرة وجد الهداف التاريخي للأفريقي نفسه مبعدا عن النادي تحت ذرائع واهية وفق وصفه، إذ يقول "الأفريقي يعيش منذ سنوات أزمة كروية أبعدته عن منصات التتويج بسبب الاستنجاد بالمدربين الأجانب وعدم استشارة رموزه ولاعبيه ومدربيه السابقين، اليوم خرج الفريق من سباق المنافسة على الدوري بعد الخسارة أمام الترجي 3-1، ورغم ذلك فإن المدرب الفرنسي دافيد بيتوني لا يزال يحافظ على منصبه رغم سوء النتائج". وعجز الأفريقي (ثاني أقدم أندية تونس بعد الترجي) عن اعتلاء منصة التتويج بلقب الدوري الممتاز منذ العام 2015، كما شهدت نتائجه تراجعا مدويا في المنعطف الحاسم من الموسم الجاري، ليفقد حظوظه في المنافسة على اللقب بعد أن ابتعد 6 نقاط عن الترجي والمنستيري المتصدرين قبل 3 جولات من نهاية السباق.


الجزيرة
١٠-٠٣-٢٠٢٥
- الجزيرة
مباريات الدوري التونسي وقت الصيام.. جدل ومطالب بوقف الدوري في شهر رمضان
تصاعد الجدل في الأوساط الكروية بتونس بعد استمرار إجراء منافسات دوري كرة القدم أثناء موعد الصيام رغم المطالبة بتأخير المباريات خلال شهر رمضان المبارك إلى ما بعد وقت الإفطار تجنبا للإرهاق. ومنذ دخول شهر رمضان، أفرزت مباريات الدوري التونسي للمحترفين ردودا عنيفة بعد أن تمسكت رابطة الدوري بإجراء المنافسات وقت الظهيرة، مما وضع اللاعبين أمام خيارين صعبين، إما اللعب في حالة صيام وتحمّل الإرهاق الناتج عن الصوم، وإما الاضطرار للإفطار. ويصوم معظم لاعبي الدوري التونسي لكن برمجة المباريات في الساعة الثانية زوالا، أي قبل موعد الإفطار بأربع ساعات، أفرز موجة غضب عارمة في أوساط اللاعبين والمدربين والجماهير ودعوات لمراجعة توقيت المباريات. اللاعبون ضحايا لقرارات اتحاد الكرة ولم يمرّ الإعلان عن توقيت انطلاق مباريات دوري المحترفين للدرجتين الأولى والثانية خلال الأسبوع الأولى من شهر رمضان دون أن يخلّف موجة من الغضب والانتقادات من المدربين واللاعبين، الذين اعتبر أغلبهم أن حرمانهم من أداء فريضة الصيام كان قرارا جائرا في حقهم. ورفع عدد من مشجعي الأندية أمس السبت لافتات تضمنت شعارات تحتج على إقامة المباريات نهارا، إذ عرضت رابطة ألتراس الترجي لافتة كبرى في مباراة فريقها ضد اتحاد بن قردان تضمنت عبارة "المباريات في الساعة الثانية ظهرا في رمضان.. أي دين تعتنقون". وقال مدرب النجم الساحلي محمد المكشر للجزيرة نت إن "اتحاد الكرة ورابطة الدوري اختارا الحل الأسهل بالنسبة إليهم بحجة أن جل الملاعب غير مجهزة بالإنارة، كما أن دوافع أمنية تمنع إجراء المباريات ليلا لاستحالة تأمنيها، لكن ذلك الحل هو الأسوأ بالنسبة إلى الأندية واللاعبين". وأضاف المكشر أن "ما يحصل في الدوري التونسي أمر مؤسف، نكاد نكون البلد المسلم الوحيد الذي يجبر لاعبيه على خوض المباريات وقت الصيام". وتابع "من الناحية الإنسانية لا يمكن إجبار لاعب صائم على خوض مباراة رياضية وبذل مجهود كبير يتطلب الجاهزية البدنية، أعتقد أن كل البلدان العربية تعتمد توقيتا خاصا بشهر رمضان وتتم برمجة بداية المباريات بعد موعد الإفطار". وفي وقت استمر فيه الجدل حول وقت المباريات، كشفت مصادر أمنية للجزيرة نت استحالة إجراء منافسات الدوري ليلا لدوافع أمنية وتنظيمية بالأساس. وقال محمد المكشر إنه لا يجبر لاعبيه على الإفطار خلال المباريات التي تقام حاليا، بل يترك لهم الحرية في اللعب وهم صيام بشرط تقديم أداء بدني جيد. وأضاف "أحترم التزام اللاعبين في النجم الساحلي بالصوم، ولكن أعتقد أن إيقاف الدوري طيلة 4 أسابيع في رمضان هو الحل الأنسب لإنهاء الجدل بشأن إقامة المباريات وقت الصيام". توقيف النشاط في رمضان وطالب عدد من المدربين بتوقيف النشاط الرياضي في تونس خلال شهر رمضان باعتبار أن إمكانية تأخير المباريات إلى ما بعد موعد الإفطار بات أمرا غير ممكن. واعتبر محمد أمين كمون مدرب نادي حمام الأنف أن اتحاد الكرة ورابطة الدوري مطالبان باعتماد روزنامة تأخذ بعين الاعتبار توقف منافسات الدوري خلال شهر رمضان. وقال كمون للجزيرة نت "بات واضحا أن شهر رمضان الكريم ليس مناسبا للرياضة التنافسية في تونس، ولكن ما دامت المباريات تقام وقت الصيام وفي درجة حرارة مرتفعة فأعتقد أن الحل الأمثل هو تأجيل كل المنافسات إلى ما بعد شهر رمضان". وأضاف أن "جل الدوريات في الدول العربية والإسلامية تبرمج المباريات ليلا، ولكن في تونس هناك عدة عوامل تمنع ذلك لكون الملاعب غير مهيئة، فضلا عن الدواعي الأمنية". واعترف كمون بأن بعض اللاعبين في فريقه دخلوا مباراتهم الأسبوع الماضي وهم صائمون ولكنهم لم يقدروا على مواصلة اللعب واضطروا لتناول المياه والإفطار خلال الشوط الثاني، قائلا "ما يحصل في حق اللاعبين بمثابة الجرم، علينا إيجاد حل لهذه المعضلة". وتعاني مختلف ملاعب تونس من نقص كبير في تجهيزاتها، وباستثناء 4 ملاعب، وهي رادس وسوسة وصفاقس والمنستير، تنعدم الإنارة في بقية الملاعب ولا توجد الأضواء الكاشفة التي يتم استغلالها خلال المنافسات الليلية.


الجزيرة
١٩-٠٢-٢٠٢٥
- الجزيرة
أسطورة الترجي التونسي من النجومية والأضواء إلى الفقر والاستجداء
أمام منضدة صغيرة تعلوها علب من الدواء وقوارير مياه، يجلس عبد الجبار مشوش، أسطورة نادي الترجي ونجم منتخب تونس السابق ينفث دخان سيجارته ويمسك بيد مرتعشة صحيفة يطالع فيها بعض أخبار الرياضة. تبدو أيام النجم السابق لكرة القدم في تونس خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي متشابهة، إذ يعيش منذ سنوات داخل شقة قديمة في حي المنار القريب من العاصمة تونس برفقة زوجته. لكن اللاعب الذي صنع أمجاد الترجي التونسي بين عامي 1962 و1972، وخاض أكثر من 200 مباراة مع الفريق الأحمر والأصفر، أضحى في وضع اجتماعي وصحي صعب نتيجة حالة الفقر والخصاصة التي يعيشها بعد عقود من اعتزال كرة القدم. نداء استغاثة لصانع أمجاد الترجي وأثارت الحالة الاجتماعية المتردية التي يعيشها عبد الجبار مشوش (79 عاما) موجة من التعاطف في أوساط كرة القدم في تونس، لكنها أثارت من جديد الجدل حول الأوضاع المعيشية المزرية التي ينتهي إليها مصير الكثير من الرياضيين بعد الاعتزال. ويجد عدد كبير من لاعبي كرة القدم في تونس، أنفسهم إزاء وضع اجتماعي غامض ووسط حالة من الخصاصة لا سيما أولئك الذين ابتعدوا نهائيا عن اللعبة ولم يطرقوا مجالات أخرى مثل التدريب أو تولي مناصب إدارية في الأندية. ومنذ سنوات، ابتعد عبد الجبار مشوش، عن كرة القدم بعد أن خاض مسيرة تدريبية وجيزة حتى 2006، لكنه لم يكن يعلم أن حياته ستنقلب رأسا على عقب وأن يصبح مهددا بالعيش في الشارع بعد أن عجز عن دفع رسوم الشقة التي يقطن بها. يقول مشوش للجزيرة نت إن "حياة الرياضيين قصيرة ومشوار الشهرة والنجومية وجيز وهو ما يستوجب التفكير في ضمان حياة لائقة بعد الاعتزال". ينفث عبد الجبار مشوش دخان سيجارته ويروي قصة التحول العميق في حياته الاجتماعية قائلا: "بدأت مسيرتي الكروية في بداية الستينيات من القرن الماضي، كنت أصغر لاعبي الترجي في تلك الفترة، لم يدر بخلدي يوما أن أفكر فيما أعيشه الآن، لقد كنت ألعب الكرة لأجل إسعاد جماهير فريقي، كنا نتقاضى منحة عن الفوز قدرها 5 دنانير (1.5 دولار تقريبا) في المباراة الواحدة". ويضيف " كان والدي من مؤسسي النادي الأفريقي ورغم ذلك حملني أحد المسؤولين المقربين من الترجي إلى هذا الفريق لأبدأ مشوارا كرويا أسهمت فيه في تتويج الترجي بالألقاب، وعند اعتزالي خضت تجارب تدريبية في فئات الشبان ونذرت حياتي لكرة القدم لكني أعيش الآن وضعا اجتماعيا قاسيا". ويقول اللاعب السابق لمنتخب تونس "لم أفكر في العمل بعد اعتزال الكرة، كان رئيس نادي الترجي، الراحل محمد الزواوي يقول لي العب كرة القدم وستضمن مستقبلك من خلالها، لكنني استفقت على وضع معيشي صعب ولم أجد أي سند سوى رئيس اتحاد كرة القدم في تونس سابقا وديع الجريء الذي أجر لي هذه الشقة البسيطة لأقطن فيها ولكن بعد دخوله السجن أصبحت مهددا بمغادرتها لعجزي عن دفع رسوم كرائها". أحرز عبد الجبار مشوش 7 أهداف للترجي في شباك النادي الأفريقي كثاني أفضل هداف في المباراة التي توصف بأنها أقوى مواجهة كروية في البلاد. لم أكسب سوى أرقام دوّنها التاريخ ووجه عبد الجبار مشوش نداء للقائمين على الترجي بمساعدة كل اللاعبين السابقين. وأضاف: "لم يبخل علي رئيس الترجي الحالي حمدي المدب بالمساعدة من ماله الخاص، ولكن لم أتلق أي دعم من مسؤولين آخرين في فريقي، ندائي للمسؤولين بالوقوف سندا للاعبين السابقين الذين يعيش عدد كبير منهم الخصاصة لقد أمضيت أكثر من 5 عقود داخل النادي وخرجت دون أن أكسب شيئا سوى تلك الإنجازات التي احتفظ بها التاريخ". واعترف أسطورة الترجي السابق، الذي يحتل المركز الثالث في ترتيب هدافي الترجي في تاريخ الدوري برصيد 66 هدفا، أنه لا يزال متابعا وفيا لناديه حتى في ظل الأوضاع الصحية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها. توجد في تونس بعض الجمعيات الداعمة للاعبي كرة القدم وللرياضيين الذين يعيشون أوضاعا معيشية منهكة، على غرار جمعية قدماء لاعبي المنتخب التونسي التي تأسست منذ أكثر من 10 سنوات وتهدف لدعم اللاعبين السابقين ممن ليس لهم دخل قار. يقول رئيس الجمعية، مختار ذويب، وهو أحد نجوم منتخب تونس في كأس العالم 1978 للجزيرة نت "نحن على بينة من الأوضاع الصعبة التي يعيشها عدد من اللاعبين السابقين ولم نتردد في تقديم العون لهم، عبد الجبار مشوش واحد من أساطير الكرة التونسية ويستحق حياة كريمة في مثل هذه السن". ونجحت جمعية قدماء لاعبي تونس في مساعدة كثير من النجوم السابقين الذين استحالت حياتهم إلى الفقر والمرض والعجز، وأسهمت في توفير العلاج لبعضهم. كما توجد جمعيات أخرى لقدماء لاعبي الأندية مثل الترجي والأفريقي والنجم الساحلي وغيرها من الفرق التي تقوم بحركات اجتماعية وأنشطة خيرية لصالح لاعبيها السابقين. وكشف المختار ذويب أن "جمعية قدماء لاعبي منتخب تونس ستعقد جمعيتها العمومية يوم 22 فبراير/شباط الجاري وعلى ضوئها ستتشكل هيئة جديدة تتولى دارسة ملفات عديد النجوم السابقين ممن يتهددهم الفقر والخصاصة وتحاصرهم الأمراض".