
القائد عيسى بن عمر: بين الرواية التاريخية والأسطورة الشعبية
الدكتور موين – أخصائي جراحة الأعصاب، خريج دار القائد عيسى بن عمر، ومهتم بالتوثيق التاريخي المحلي
في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، برز القائد عيسى بن عمر كأحد أبرز رجالات الدولة العلوية في منطقة عبدة ودكالة، ممثلاً قوياً للمخزن، في مرحلة اتسمت بالتوترات القبلية وتراجع هيبة السلطة المركزية.
بعيداً عن الصورة النمطية التي روّجت لها بعض الروايات الشعبية، خاصة ما ارتبط بشخصية خربوشة، فإن الوثائق والشهادات المتوارثة تُثبت أن القائد كان رجلَ مشورةٍ وحق، وأن كل قراراته كانت تُتخذ ضمن مجلس قبلي إداري، لا بشكل انفرادي. وقد رفض رفضًا قاطعًا أي تجاوز في تنفيذ الأحكام، بل إن حادثة مقتل خربوشة، التي شاع أنه أمر بها، ثبت بالأدلة المتواترة أنه لم يصدر فيها أي أمر بالقتل، بل إن القاتل أُعدم على يد رجال القائد نفسه، في مشهد نادر من إنفاذ العدالة داخل مناخ مضطرب.
القائد عيسى بن عمر تقلد كذلك منصب وزير الخارجية في عهد السلطان مولاي عبد الحفيظ، ما يعكس ثقته وكفاءته السياسية. وبعد الاحتلال الفرنسي، نُفي إلى مدينة سلا، حيث توفي هناك، ودفن بموكب مهيب في سيدي شتوكة، حيث لا يزال قبره محل احترام محلي إلى اليوم.
أما خربوشة، فكانت امرأة متدينة، حافظة لكتاب الله، شاعرة فصيحة عبّرت عن معاناتها بعد مقتل والدها في مواجهات أولاد زيد مع المخزن. وهي تستحق منا التقدير، لا بوصفها 'رمز تمرد'، بل كشاهد على ألمٍ بشري حقيقي، كان يمكن تجنّبه لولا تعنّت بعض زعماء القبائل.
إن إعادة قراءة هذه الصفحة من التاريخ المغربي تفرض علينا النزاهة والموضوعية، وتدعونا لتكريم شخصيات مثل القائد عيسى بن عمر وخربوشة على حد سواء، كلٌّ في موقعه وظرفه التاريخي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


لكم
منذ ساعة واحدة
- لكم
بنكيران يناشد الملك للإفراج عن النقيب زيان ويدعو لتخفيف الضغط على الصحافيين
ناشد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، اليوم الأحد، الملك محمد السادس لإصدار عفوه عن النقيب محمد زيان، ودعا إلى تخفيف الضغط على الصحافيين. ونادى بنكيران في كلمة له خلال المؤتمر الجهوي لحزبه بفاس إلى تخفيف الضغط على الصحافيين الذين يتميزون بالشجاعة والجرأة ويتكلمون، حتى وإن كانوا يبالغون قليلا، وقال 'اللهم يتكلموا ويبالغو شوية أو نبقاو كاملين ساكتين'، مذكرا بما يتعرض له الصحافي حميد المهداوي. وناشد بنكيران الملك أن يفرج عن محمد زيان لأنه قضى في السجن ما يكفي، معتبرا أنه 'مواطن مخلص راسو قاسح شوية'، ونقل عن الصوفية قولهم 'إن الملوك إذا بلغت عبيدهم ثمانين سنة أعتقوها عتق أحرار'. وأضاف الأمين العام للبيجيدي 'هذا رجل شاخ وقضى ما يكفي، أرجو من الملك أن يصدر عفوه عنه ليرجع إلى بيته وأهله اقتداء بالآخرين. والباقون لي ماشي ضد الله والوطن والملك بعدما يدوزو مدة يرجعو للحرية، ولكل حادث حديث، ومن رجع فيد الدولة مبسوطة على الجميع'.


LE12
منذ 3 ساعات
- LE12
أخنوش المغرب بفضل رؤية جلالة ينعم بالاستقرار في محيط عالمي مضطرب (فيديو)
قال عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، خلال لقاء مسار الإنجازات بأكادير، إن المغرب يعيش اليوم في محيط عالمي مضطرب، تطبعه الأزمات والصراعات، لكن بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله تنعم بلادنا بالاستقرار وتواصل مسارها التنموي بثقة وثبات. وأكد


صوت العدالة
منذ 4 ساعات
- صوت العدالة
القائد عيسى بن عمر: بين الرواية التاريخية والأسطورة الشعبية
الدكتور موين – أخصائي جراحة الأعصاب، خريج دار القائد عيسى بن عمر، ومهتم بالتوثيق التاريخي المحلي في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، برز القائد عيسى بن عمر كأحد أبرز رجالات الدولة العلوية في منطقة عبدة ودكالة، ممثلاً قوياً للمخزن، في مرحلة اتسمت بالتوترات القبلية وتراجع هيبة السلطة المركزية. بعيداً عن الصورة النمطية التي روّجت لها بعض الروايات الشعبية، خاصة ما ارتبط بشخصية خربوشة، فإن الوثائق والشهادات المتوارثة تُثبت أن القائد كان رجلَ مشورةٍ وحق، وأن كل قراراته كانت تُتخذ ضمن مجلس قبلي إداري، لا بشكل انفرادي. وقد رفض رفضًا قاطعًا أي تجاوز في تنفيذ الأحكام، بل إن حادثة مقتل خربوشة، التي شاع أنه أمر بها، ثبت بالأدلة المتواترة أنه لم يصدر فيها أي أمر بالقتل، بل إن القاتل أُعدم على يد رجال القائد نفسه، في مشهد نادر من إنفاذ العدالة داخل مناخ مضطرب. القائد عيسى بن عمر تقلد كذلك منصب وزير الخارجية في عهد السلطان مولاي عبد الحفيظ، ما يعكس ثقته وكفاءته السياسية. وبعد الاحتلال الفرنسي، نُفي إلى مدينة سلا، حيث توفي هناك، ودفن بموكب مهيب في سيدي شتوكة، حيث لا يزال قبره محل احترام محلي إلى اليوم. أما خربوشة، فكانت امرأة متدينة، حافظة لكتاب الله، شاعرة فصيحة عبّرت عن معاناتها بعد مقتل والدها في مواجهات أولاد زيد مع المخزن. وهي تستحق منا التقدير، لا بوصفها 'رمز تمرد'، بل كشاهد على ألمٍ بشري حقيقي، كان يمكن تجنّبه لولا تعنّت بعض زعماء القبائل. إن إعادة قراءة هذه الصفحة من التاريخ المغربي تفرض علينا النزاهة والموضوعية، وتدعونا لتكريم شخصيات مثل القائد عيسى بن عمر وخربوشة على حد سواء، كلٌّ في موقعه وظرفه التاريخي.