
رائدات السلام.. قوة النساء في بناء مستقبل مستدام
المرأة والسلام: من الهامش إلى صلب القرار
حين نتحدث عن دور النساء في بناء السلام، فإننا لا نتحدث عن دور تكميلي أو ثانوي، بل عن مساهمة جوهرية في بناء الأوطان، لا تقل أهمية عن الجهود السياسية والعسكرية. في تجارب دول عدة، أثبتت النساء أن حضورهن على طاولة المفاوضات ليس مجرد حضور رمزي، بل إضافة نوعية تسهم في إيجاد حلول مستدامة للنزاعات، بفضل قدرتهن على الاستماع، واحتواء الخلافات، وصياغة رؤى تراعي البُعد الإنساني والاحتياجات المجتمعية.
في اليمن، ومع اشتداد الأزمة السياسية والإنسانية، واجهت النساء تحديات مضاعفة، وتحملن أعباءً تفوق الوصف، من النزوح والفقر وانعدام الأمن، إلى غياب الخدمات الأساسية وتدهور الوضع الصحي. وبرغم ذلك، برزت نماذج نسائية فاعلة في جهود الإغاثة، التعليم، الوساطة المجتمعية، والعمل المدني، الأمر الذي يعكس قدرة المرأة اليمنية على الصمود والمبادرة في أحلك الظروف.
تمكين المرأة: ضرورة استراتيجية لا رفاهية
إن تمكين النساء وتعزيز حضورهن في مواقع صنع القرار المتعلّقة بالسلام والأمن، لم يعد خيارًا يمكن تجاهله، بل ضرورة استراتيجية لبناء مجتمعات أكثر تماسكًا وقدرة على التعافي. فحين تُمنح النساء الفرصة للمشاركة الفاعلة، يُسهمن في تقديم مقاربات جديدة، وخطط تعالج الجذور الاجتماعية والثقافية للنزاعات، لا مجرد مظاهرها.
لقد أثبتت دراسات الأمم المتحدة أن مشاركة النساء في عمليات السلام تزيد من فرص استدامة الاتفاقات، وتحسّن جودة الحلول المطروحة، ومع ذلك لا تزال النسب ضئيلة، حيث تشكّل النساء أقل من 10٪ من المفاوضين في عمليات السلام حول العالم، وغالبًا ما يُقصين من الحوارات السياسية الكبرى.
تجربة شخصية: التدريب من أجل السلام
من هذا المنطلق، أشارككم اليوم مشاعر الفرح والامتنان، فقد حظيتُ وزميلاتي من اليمن وعدد من الدول العربية بشرف الحصول على شهادة الإنجاز في "تدريب التثقيف من أجل السلام"، المقدم من منظمة IWPG (المبادرة العالمية للنساء من أجل السلام).
لم يكن هذا التدريب مجرد دورة معرفية، بل تجربة إنسانية ثرية زوّدتنا بالأدوات الفكرية والمهارية اللازمة للانخراط الواعي في قضايا بناء السلام، وعززت فينا قيم الحوار والتسامح والانفتاح على الآخر.
خلال جلسات التدريب، لم نكن نتلقى المعلومات فقط، بل كنا نخوض رحلة لاكتشاف الذات وإعادة قراءة أدوارنا كنساء في ظل واقع عربي معقد، تغذّيه النزاعات والانقسامات، وتزيده هشاشة السياسات الإقصائية والأنظمة الذكورية.
لقد ناقشنا قضايا العدالة الانتقالية، وفض النزاعات، وأهمية التعليم كأداة للسلام، وتبادلنا التجارب والتحديات، من اليمن إلى فلسطين، ومن لبنان إلى السودان، وكلها تجارب توحدت فيها النساء حول هدف واحد: أن يكنّ جزءًا من الحل، لا ضحايا للصراع.
من التدريب إلى الميدان
إن هذه التجربة، رغم بساطتها، تؤكد أن السلام يبدأ من القناعة الفردية، وينمو بالعمل الجماعي، ويتجذر حين يتحول إلى ثقافة مجتمعية تتبناها الأجيال.
لقد عُدنا من هذا التدريب بطاقة متجددة، وإيمان أكبر بأن التغيير ممكن، وأننا كنساء عربيات، نستطيع أن نكون منارات هادئة في زمن العواصف، شرط أن نؤمن بقيمتنا، ونناضل من أجل تمثيل عادل ومؤثر في مسارات البناء والسلام.
كلمة أخيرة
في خضم صخب السياسة، وجلبة الحرب، وتضليل الإعلام، تحتاج الأوطان إلى أصوات ناعمة لا تهتف للدمار، بل تدعو للبناء.
تحتاج اليمن، وسائر بلداننا العربية، إلى نساء يحملن شعلة السلام بوعي وشجاعة، ويدفعن بالمجتمعات نحو التعافي.
علينا أن ندرك أن السلام ليس مهمة المؤسسات وحدها، بل مسؤولية كل فرد، وكل امرأة، تؤمن بأن مستقبل الأجيال يبدأ من اللحظة التي تقول فيها: «أنا جزء من هذا الطريق».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المدى
منذ 9 ساعات
- المدى
الأمم المتحدة: لا نحتاج فقط إلى هدنة موقتة في غزة بل إلى وقف دائم لاطلاق النار
The post الأمم المتحدة: لا نحتاج فقط إلى هدنة موقتة في غزة بل إلى وقف دائم لاطلاق النار appeared first on AlMada - أخبار لبنان والعالم.


الرأي
منذ 11 ساعات
- الرأي
التجويع القاتل: «ستارفوكوست» (Starvocaust)
تعود كلمة الهولوكوست (Holocaust) إلى أصلٍ يوناني، وتعني «الذبيحة المحروقة»، وقد استُخدمت في اللغة العبرية للدلالة على «التضحية التي تُحرق»، وتحوّلت لاحقاً في الخطاب الغربي إلى مصطلح يُعبّر عن المحارق التي ارتكبها النظام النازي ضد اليهود. الأصل الديني للكلمة يشير إلى الدخان المتصاعد من الأضحية المحترقة، لكنها تطورت لتصبح رمزاً للمجازر الجماعية المنظمة. اليوم، يمارس الكيان الصهيوني الجريمة ذاتها التي تُتهم بها النازية، ولكن بوجه مكشوف وأدوات حديثة. ففي حين كانت الجرائم النازية تُرتكب في الخفاء بدرجةٍ جعلت البعض يشكك في وقوعها، فإن الجرائم الصهيونية تُنفّذ على مرأى ومسمع من العالم، وبالبث الحي، ليلاً ونهاراً، وبشهادة شرقية وغربية. الإبادة الجماعية التي ينفذها الكيان الصهيوني اتخذت أشكالاً متعددة، من القصف العشوائي والقتل الجماعي، وتدمير المباني السكنية والبنى التحتية المدنية، إلى استهداف المستشفيات، واغتيال الصحافيين، وقتل الأطباء والمدنيين، وتهجير السكان قسراً، ومنع وصول المساعدات الإنسانية. لكن أخطر ما تمارسه سلطات الاحتلال اليوم هو «سياسة التجويع القاتل»، التي تستحق توصيفاً خاصاً يُوازي ما فعله النازيون - وهو مصطلح «ستارفوكوست» (Starvocaust): المحرقة عبر التجويع الممنهج. لقد أكدت الأمم المتحدة في تقارير رسمية أن حرمان الفلسطينيين من الغذاء والماء والدواء، يُعدّ شكلاً من أشكال الإبادة الجماعية. كما أوضحت منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية أخرى أن الكيان الصهيوني يفرض سياسة تجويع جماعي في قطاع غزة، من خلال تعطيل وصول الإمدادات الغذائية والطبية بشكل متعمد، وهو ما يُعد جريمة دولية مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي الإنساني. وبالرغم من هذا، تواصل بعض الدول في الشرق والغرب، تقديم الدعم العسكري والسياسي لهذا الكيان، في مفارقة أخلاقية فاضحة، تفضح زيف الادعاءات الغربية بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية. والسؤال الجوهري هنا: هل يُمكن لأي حكومة في العالم أن ترتكب ما يرتكبه هذا الكيان، وتُكافأ عليه، بل وتُدافع عنها بعض الأنظمة الغربية بكل وقاحة؟! وماذا لو قامت دولة عربية أو إسلامية أو حتى إحدى دول «العالم الثالث» بذات الانتهاكات؟ أليس الرد سيكون مختلفاً تماماً؟ بل عقابياً ومسلحاً وفورياً؟ إن الإجابة لا تحتاج إلى كثير من التحليل غير التأكيد على أن ما يُمارَس هو نفاق سياسي دولي، تديره قوى تغيب عنها القيم والأخلاق متى ما تعلق الأمر بالمصلحة الصهيونية أو بموقع الهيمنة. من هنا، يجب تكثيف الجهود في فضح هذه الجرائم وتسميتها بمسمياتها الحقيقية، تماماً كما وظف الصهاينة مصطلح «الهولوكوست» لتبرير احتلالهم لفلسطين تحت ذريعة إقامة وطن قومي. إن الجريمة التي تُرتكب اليوم بحق المدنيين الفلسطينيين - خاصة من خلال الإبادة من خلال التجويع (Starvocoast) تكشف التناقض الأخلاقي العميق في السردية الصهيونية، بحسبان أن من ذاق مرارة إبادة المحرقة، لا يجوز له أن يُعيد إنتاجها على الآخرين! أما البعض الذين يُراهنون على «السلام» مع هذا الكيان، فهم مخطئون في فهم الواقع. فبالنسبة للكيان الصهيوني، السلام لا يعني الشراكة أو الاعتراف بالحق المتبادل والمشروع، بل يعني الاستسلام، وحرمان العرب من أي فرصة لتحقيق التقدم أو القوة - لا علمياً، ولا عسكرياً، ولا اقتصادياً، ولا تكنولوجياً. وبكل اختصار، في ظل هذه الجريمة المستمرة، إن السلام الذي يسعى إليه الصهاينة هو أشبه بشعار يُكتب على شواهد القبور... «ارقد بسلام»!


الرأي
منذ 11 ساعات
- الرأي
ترامب لا يعلم ماذا سيحدث في غزة... على إسرائيل «اتخاذ قرار»
- الرئيس الأميركي: لا أعتقد أن هناك مجاعة... قدمنا أغذية ولم يشكرنا أحد - هدن يومية في 3 مناطق في القطاع... وتحديد مسارات آمنة لقوافل المساعدات في اليوم الـ660 من «حرب الإبادة» على غزة، وبعد أسابيع من الضغوط الدولية المتزايدة للسماح بإيصال الأغذية والإمدادات الحيوية من دون قيود إلى القطاع المنكوب بسبب أزمة الجوع المتفاقمة، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، «تعليقاً تكتيكياً» موقتاً للعمليات العسكرية في ثلاث مناطق محددة في القطاع، حيث بدأت المساعدات الإنسانية بالتدفق، بينما استشهد نحو 60 فلسطينياً أغلبهم من منتظري المساعدات، ووثّقت المستشفيات وفاة 6 مدنيين بينهم طفلان خلال الساعات الماضية، بسبب المجاعة ونقص الدواء، ما يرفع عدد ضحايا سوء التغذية والجوع إلى 134، منهم 87 طفلاً. وفي حين نفذت الإمارات والأردن، عمليات إنزال جوي للمساعدات على القطاع الذي أثارت صور الفلسطينيين الجائعين فيه، غضباً حول العالم، أرسل الهلال الأحمر المصري أكثر من 100 شاحنة محملة بأكثر من 1200 طن من المساعدات الغذائية إلى جنوب غزة عبر معبر كرم أبوسالم. ترامب «لا يعلم» وفي السياق، قال الرئيس دونالد ترامب، إن على إسرائيل اتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية في غزة، مضيفاً أنه لا يعلم ما سيحدث بعد تحرك تل أبيب للانسحاب من المفاوضات غير المباشرة مع حركة «حماس». وأكد أهمية إطلاق الرهائن المحتجزين في غزة، لافتاً إلى أن «حماس»، «أظهرت فجأة موقفاً متشدداً... لا يريدون إعادتهم، ولذلك سيتعين على إسرائيل اتخاذ قرار». وأضاف للصحافيين في بداية اجتماع مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلايين في منتجع الغولف الذي يملكه في ترنبيري - اسكتلندا، أن الوضع الإنساني في غزة «صعب للغاية»، مشيراً إلى أن السكان «يعانون من الجوع»، وداعياً إلى تحرك دولي أوسع لتقديم المساعدات. وتابع «لا أعتقد أن هناك مجاعة في غزة والأمر ربما يتعلق بسوء تغذية فحماس تسرق المساعدات، وتحدثت مع (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو بشأن إدخال المساعدات إلى غزة وأمور أخرى». وأكد ترامب أن الولايات المتحدة قدمت مساعدات إنسانية إلى غزة بقيمة 60 مليون دولار خلال الأسبوع الماضي، مضيفاً «لم نشهد أي شكر مقابل ما قدمناه». «لا أعذار»! من جانبه، قال نتنياهو، إن على الأمم المتحدة أن تتوقف عن إلقاء اللوم على حكومته بشأن الوضع الإنساني في غزة، بعد إعلان الجيش فتح طرقاً آمنة لإدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر. إلى ذلك، انتقد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، إرسال مساعدات إلى غزة، قائلاً «ما يجب أن يرسل هو القنابل والغارات والاحتلال وتشجيع الهجرة». «مسارات آمنة» إلى ذلك، أفاد الجيش بأن وقف العمليات سيكون يومياً في المواصي وديرالبلح ومدينة غزة، من الساعة العاشرة صباحاً حتى الثامنة مساء بالتوقيت المحلي حتى إشعار آخر. وأعلن أيضاً تحديد مسارات آمنة لقوافل المساعدات الغذائية والطبية من الساعة السادسة صباحاً حتى الحادية عشرة مساء، موضحاً أن القتال سيستمر خارج المناطق المقرر تطبيق هدنة فيها، موجهاً تحذيراً لسكان غزة من التوجه إلى هذه المناطق، وأشار إلى أنه مستعد لتوسيع العمليات إذا اقتضت الحاجة. واستنكرت «حماس» الإجراءات الإسرائيلية للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى القطاع المنكوب، مؤكدة أن جيش الاحتلال يواصل هجومه العسكري. إنزالات جوية وفي عمان، أعلن الجيش الأردني في بيان، أن طائرتين تابعتين لسلاح الجو الملكي وطائرة إماراتية «نفّذت ثلاثة إنزالات جوية على قطاع غزة تحمل 25 طناً من المساعدات الغذائية والاحتياجات الإنسانية». وأفاد الجيش الإسرائيلي ليل السبت - الأحد، بتنفيد عملية إسقاط جوي، تضمنت «سبعة طرود مساعدات تحتوي على دقيق وسكر وأطعمة معلبة». وأعلن مسؤولون فلسطينيون إن ما لا يقل عن 10 أشخاص أصيبوا جراء سقوط صناديق المساعدات. كما تحركت شاحنات تحمل مساعدات إنسانية من الإمارات ومصر والأردن، نحو قطاع غزة، حيث دخلت 25 شاحنة إماراتية عبر معبر رفح وعلى متنها عدد من أنابيب ضخ المياه الصالحة للشرب، إضافة إلى قافلة مساعدات أردنية مكوّنة من 60 شاحنة مواد غذائية. وأظهرت صور وشريط فيديو لـ«فرانس برس»، شاحنات ضخمة محمّلة بأكياس بيضاء تدخل عبر بوابة معبر رفح من الجانب المصري والذي يؤدي الى جنوب قطاع غزة. إلا أن الشاحنات لا تدخل مباشرة الى القطاع عبر الجانب الفلسطيني من المعبر المدمّر والمقفل بسبب الحرب، بل تسير بعد ذلك كيلومترات قليلة جداً نحو معبر كرم أبوسالم الإسرائيلي قبل دخول منطقة رفح الفلسطينية. ترحيب أممي ورحّب منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر، بتوفير ممرات آمنة لدخول القوافل الإنسانية إلى غزة، مشيراً إلى أنّ الأمم المتحدة ستحاول الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس الذين يتضوّرون جوعاً. ووصف المفوّض العام لوكالة «الأونروا»، فيليب لازاريني استئناف إسقاط المساعدات الإنسانية من الجو بأنه خطوة «غير فاعلة» في مواجهة الكارثة الإنسانية التي تعصف بالقطاع. وذكر برنامج الأغذية العالمي أن ثلث سكان قطاع غزة البالغ تعدادهم 2,4 مليون نسمة، لم يتناولوا الطعام منذ أيام، وأن 470 ألف شخص «يعانون من ظروف أشبه بالمجاعة» تؤدي إلى الوفاة.