
التجويع القاتل: «ستارفوكوست» (Starvocaust)
اليوم، يمارس الكيان الصهيوني الجريمة ذاتها التي تُتهم بها النازية، ولكن بوجه مكشوف وأدوات حديثة. ففي حين كانت الجرائم النازية تُرتكب في الخفاء بدرجةٍ جعلت البعض يشكك في وقوعها، فإن الجرائم الصهيونية تُنفّذ على مرأى ومسمع من العالم، وبالبث الحي، ليلاً ونهاراً، وبشهادة شرقية وغربية.
الإبادة الجماعية التي ينفذها الكيان الصهيوني اتخذت أشكالاً متعددة، من القصف العشوائي والقتل الجماعي، وتدمير المباني السكنية والبنى التحتية المدنية، إلى استهداف المستشفيات، واغتيال الصحافيين، وقتل الأطباء والمدنيين، وتهجير السكان قسراً، ومنع وصول المساعدات الإنسانية. لكن أخطر ما تمارسه سلطات الاحتلال اليوم هو «سياسة التجويع القاتل»، التي تستحق توصيفاً خاصاً يُوازي ما فعله النازيون - وهو مصطلح «ستارفوكوست» (Starvocaust): المحرقة عبر التجويع الممنهج.
لقد أكدت الأمم المتحدة في تقارير رسمية أن حرمان الفلسطينيين من الغذاء والماء والدواء، يُعدّ شكلاً من أشكال الإبادة الجماعية. كما أوضحت منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية أخرى أن الكيان الصهيوني يفرض سياسة تجويع جماعي في قطاع غزة، من خلال تعطيل وصول الإمدادات الغذائية والطبية بشكل متعمد، وهو ما يُعد جريمة دولية مكتملة الأركان بموجب القانون الدولي الإنساني.
وبالرغم من هذا، تواصل بعض الدول في الشرق والغرب، تقديم الدعم العسكري والسياسي لهذا الكيان، في مفارقة أخلاقية فاضحة، تفضح زيف الادعاءات الغربية بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية.
والسؤال الجوهري هنا: هل يُمكن لأي حكومة في العالم أن ترتكب ما يرتكبه هذا الكيان، وتُكافأ عليه، بل وتُدافع عنها بعض الأنظمة الغربية بكل وقاحة؟! وماذا لو قامت دولة عربية أو إسلامية أو حتى إحدى دول «العالم الثالث» بذات الانتهاكات؟ أليس الرد سيكون مختلفاً تماماً؟ بل عقابياً ومسلحاً وفورياً؟
إن الإجابة لا تحتاج إلى كثير من التحليل غير التأكيد على أن ما يُمارَس هو نفاق سياسي دولي، تديره قوى تغيب عنها القيم والأخلاق متى ما تعلق الأمر بالمصلحة الصهيونية أو بموقع الهيمنة.
من هنا، يجب تكثيف الجهود في فضح هذه الجرائم وتسميتها بمسمياتها الحقيقية، تماماً كما وظف الصهاينة مصطلح «الهولوكوست» لتبرير احتلالهم لفلسطين تحت ذريعة إقامة وطن قومي.
إن الجريمة التي تُرتكب اليوم بحق المدنيين الفلسطينيين - خاصة من خلال الإبادة من خلال التجويع (Starvocoast) تكشف التناقض الأخلاقي العميق في السردية الصهيونية، بحسبان أن من ذاق مرارة إبادة المحرقة، لا يجوز له أن يُعيد إنتاجها على الآخرين!
أما البعض الذين يُراهنون على «السلام» مع هذا الكيان، فهم مخطئون في فهم الواقع. فبالنسبة للكيان الصهيوني، السلام لا يعني الشراكة أو الاعتراف بالحق المتبادل والمشروع، بل يعني الاستسلام، وحرمان العرب من أي فرصة لتحقيق التقدم أو القوة - لا علمياً، ولا عسكرياً، ولا اقتصادياً، ولا تكنولوجياً.
وبكل اختصار، في ظل هذه الجريمة المستمرة، إن السلام الذي يسعى إليه الصهاينة هو أشبه بشعار يُكتب على شواهد القبور... «ارقد بسلام»!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليوم الثامن
منذ 12 ساعات
- اليوم الثامن
القضاء الإيراني يسرّع الإعدامات ووسائل إعلام النظام تحرض على القتل الجماعي
أصدر تحالف مؤثر يضم 301 من خبراء حقوق الإنسان العالميين، وحائزي جائزة نوبل، ومسؤولين أمميين سابقين تحذيرًا عاجلاً في 23 يوليو، معلنين أن النظام الإيراني يظهر علامات واضحة على التحضير لإعدام جماعي جديد للسجناء السياسيين. البيان، الذي نظمته منظمة العدالة لضحايا مذبحة 1988 في إيران (JVMI)، أُرسل إلى كبار مسؤولي الأمم المتحدة والدول الأعضاء، محذرًا من أن "خطر وقوع فظاعة جماعية أخرى، مشابهة لمذبحة 1988، أصبح حقيقة مقلقة". يأتي هذا التحذير الخطير في وقت بدأت فيه وسائل الإعلام المسيطر عليها من قبل النظام بالتحريض علنًا على القتل الجماعي، بينما يُسرع القضاء وتيرة الإعدامات، مستهدفًا بشكل خاص أنصار المعارضة المنظمة. دعوة علنية للإبادة في خطوة غير مسبوقة ومروعة، أعلن الحرس الثوري الإيراني نواياه الإجرامية علنًا. نُشرت افتتاحية في 7 يوليو 2025 بوكالة أنباء "فارس" التابعة للحرس الثوري، بعنوان "لماذا يجب تكرار إعدامات 1988"، أشادت بذبح أكثر من 30,000 سجين سياسي عام 1988 ووصفته بأنه "تجربة تاريخية ناجحة". ودعت الافتتاحية صراحة إلى اتخاذ إجراءات وحشية مماثلة ضد السجناء السياسيين المحتجزين حاليًا في سجون النظام. هذا ليس مجرد خطاب؛ إنه توجيه سياسي واضح من قلب جهاز النظام القمعي، يشير إلى نية إبادة جميع أشكال المعارضة. تصاعد الإعدامات في عهد بزشكيان تتطابق تهديدات النظام مع أفعاله. في عهد رئيس النظام مسعود بزشكيان، الذي تولى منصبه في أغسطس 2024، تضاعفت وتيرة الإعدامات بشكل مذهل. تم إعدام أكثر من 1300 شخص منذ توليه المنصب، منهم 650 شنقًا في عام 2025 وحده. تستهدف هذه الموجة من القتل بشكل متزايد المعارضين السياسيين وأنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. في 12 يوليو 2025، حُكم على ثلاثة ناشطين معارضين—فرشاد اعتماديفر، مسعود جامعي، وعلي رضا مرداسي—بالإعدام في الأحواز بتهمة "المحاربة" بسبب دعمهم لمنظمة مجاهدي خلق. ويواجه العشرات غيرهم مصيرًا مشابهًا، بما في ذلك السجينان السياسيان بهروز إحساني ومهدي حساني، اللذان أصبحا في خطر الإعدام الوشيك بعد رفض المحكمة العليا استئنافهما النهائي لمراجعة قضائية في يوليو. تحذير مروع من داخل جدران السجن يُطلق الإنذار أيضًا من قبل أولئك الذين سيكونون أولى الضحايا. تمكن السجين السياسي سعيد ماسوري، شخصية بارزة في حملة إضراب الجوع "لا للإعدام الثلاثاء"، من تهريب رسالة من سجن قزلحصار. حذر فيها من أن محاولة النظام نقله قسرًا كانت مقدمة لإعدامات جماعية لسجناء آخرين على قوائم الإعدام. ومشبهاً الوضع بمقدمات مذبحة 1988، كتب: "جريمة جارية". نواب أوروبيون يدقون ناقوس الخطر تحذير الـ301 خبيرًا ليس حدثًا منعزلاً. إنه يتردد صداه عبر موجة منسقة من التحذيرات تجتاح أوروبا، حيث تصدر لجان برلمانية في المملكة المتحدة، وألمانيا، ورومانيا، وهولندا، والدول الشمالية بياناتها العاجلة. يحذر هؤلاء النواب من أن النظام الإيراني يستغل الأزمات الدولية للتحضير لـ"مذبحة ثانية" للسجناء السياسيين. يجادلون بأن هذه استراتيجية مدروسة للقضاء على المعارضة المنظمة، مشيرين إلى أن ما لا يقل عن 15 سجينًا سياسيًا يواجهون الإعدام حاليًا بسبب انتمائهم إلى منظمة مجاهدي خلق. تسلط بياناتهم الضوء على الحقائق اللا مناص منها: أحكام الإعدام على الناشطين، استهداف السجناء طويلي الأمد مثل سعيد ماسوري، وقانون النظام القمعي الجديد المصمم لتسريع الإعدامات. يطالبون برد دولي موحد، يشمل ربط جميع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع طهران بوقف فوري ومثبت للإعدامات وبعثة تقصي حقائق عاجلة من الأمم المتحدة إلى سجون إيران. رسالتهم واضحة: يجب ألا يضحي العالم بالحقوق الإنسانية الأساسية من أجل المناورات الجيوسياسية. يجب ألا يكرر العالم صمت 1988 حدد الخبراء الدوليون مسارًا واضحًا للتحرك لمنع هذه الفظاعة الوشيكة. دعوا المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك والمقررة الخاصة بشأن إيران الدكتورة ماي ساتو إلى إدانة تحريض النظام والإعدامات بشكل لا لبس فيه. كما طالبوا كندا والدول الديمقراطية الأخرى الراعية لقرار الجمعية العامة السنوي للأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان في إيران بإضافة إشارة صريحة إلى مذبحة 1988، لضمان الاعتراف بها كجريمة مستمرة ضد الإنسانية. وقف العالم متفرجًا عام 1988 بينما قتل النظام عشرات الآلاف. كما يختم بيان الخبراء: "فشل المجتمع الدولي في التحرك عام 1988. يجب ألا يفشل مجددًا. تقع مسؤولية منع تكرار هذه الجرائم ضد الإنسانية على عاتق الأمم المتحدة ودولها الأعضاء".


اليوم الثامن
منذ 15 ساعات
- اليوم الثامن
حل الدولتين في نيويورك: مؤتمر دولي يواجه تحديات المقاطعة والحرب
انطلقت في نيويورك، الإثنين، أعمال "المؤتمر الدولي لتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية وتنفيذ حل الدولتين"، برئاسة مشتركة بين السعودية وفرنسا، وبمشاركة واسعة من دول العالم، وسط مقاطعة معلنة من الولايات المتحدة وإسرائيل. يهدف المؤتمر إلى وضع خريطة طريق واضحة لإقامة دولة فلسطينية، في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والحرب المستمرة في قطاع غزة، مما يعكس انقساماً دولياً حول سبل حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تضم 193 دولة، في سبتمبر 2024، عقد هذا المؤتمر، الذي كان مقرراً في يونيو 2025، لكنه تأجل بسبب الهجوم الإسرائيلي على إيران. ويسعى المؤتمر إلى إحياء حل الدولتين من خلال وضع معايير ملزمة تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. ويأتي المؤتمر في سياق دعم دولي متزايد للحقوق الفلسطينية، حيث أيدت 143 دولة في مايو 2024 مسعى فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة. أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي، نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر 2025 خلال الاجتماع السنوي للجمعية العامة. وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، في تصريحات لصحيفة "لا تريبيون ديمانش" وشبكة CBS، أن المؤتمر يمثل "محطة حاسمة" لإطلاق ديناميكية سياسية تدعم حل الدولتين. وأضاف أن فرنسا ستحث دولاً أخرى على الاعتراف بدولة فلسطين، متوقعاً أن تصدر الدول العربية إدانة لحركة حماس وتطالب بنزع سلاحها خلال المؤتمر. وشدد بارو على أن حل الدولتين هو "الطريقة الوحيدة" لإعادة السلام والاستقرار إلى المنطقة. أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن رئاسة المملكة للمؤتمر، بالشراكة مع فرنسا، تعكس موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية. وأشار إلى أن المؤتمر يدعم جهود "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين"، الذي أطلقته السعودية والنرويج والاتحاد الأوروبي في سبتمبر 2024، بالإضافة إلى عمل "اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المشتركة". وأضاف أن المملكة تسعى لإنهاء معاناة الفلسطينيين ووقف دائرة العنف المستمرة من خلال دعم الحقوق الفلسطينية المشروعة وقيام دولة فلسطينية. أعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل مقاطعتهما للمؤتمر، معتبرتين أنه يقوض فرص التوصل إلى حل سلمي. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن المؤتمر "هدية لحماس" التي ترفض مقترحات وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن واشنطن صوتت ضد قرار الجمعية العامة لعقده. من جانبها، قالت إسرائيل، عبر متحدثها جوناثان هارونوف، إنها لن تشارك في مؤتمر لا يركز على إدانة حماس وإعادة الرهائن. وتتهم الولايات المتحدة وإسرائيل المؤتمر بالانحياز للفلسطينيين، في وقت تواجه فيه إسرائيل انتقادات دولية بسبب الحرب في غزة، التي تسببت في معاناة إنسانية واسعة. يدعو المؤتمر إلى تطبيق القانون الدولي ودعم السلطة الفلسطينية سياسياً ومالياً لتعزيز إصلاحاتها ومؤسساتها، بهدف ضمان الأمن والاستقرار. كما يسعى إلى تقديم ضمانات أمنية لإسرائيل مع التركيز على إحياء حل الدولتين. ومع ذلك، تواجه هذه الجهود تحديات كبيرة، خاصة في ظل استمرار الحرب في غزة منذ 22 شهراً، وتصاعد الاتهامات لإسرائيل باستخدام التجويع كسلاح، مما يعقد المشهد السياسي والإنساني. يمثل مؤتمر الأمم المتحدة خطوة مهمة نحو إعادة إحياء حل الدولتين، بدعم قوي من السعودية وفرنسا ودول أخرى، لكنه يكشف عن انقسام دولي عميق بسبب مقاطعة الولايات المتحدة وإسرائيل. في ظل التوترات الإقليمية والحرب المستمرة في غزة، يبقى السؤال حول قدرة المؤتمر على تحقيق اختراق ملموس يعيد الأمل في تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية.


المدى
منذ يوم واحد
- المدى
الأمم المتحدة: لا نحتاج فقط إلى هدنة موقتة في غزة بل إلى وقف دائم لاطلاق النار
The post الأمم المتحدة: لا نحتاج فقط إلى هدنة موقتة في غزة بل إلى وقف دائم لاطلاق النار appeared first on AlMada - أخبار لبنان والعالم.