
المغرب في مفترق الطرق: نحو حكومة وحدة وطنية لتحقيق رهانات المستقبل
شهد المغرب خلال العقدين الأخيرين تحولات عميقة ونهضة تنموية شاملة مست مختلف المجالات. فمنذ تولي جلالة الملك محمد السادس العرش، انطلقت دينامية إصلاحية كبرى، مكنت المملكة من تعزيز مكانتها إقليمياً ودولياً، والانفتاح على شركاء استراتيجيين في القارات الخمس، وجعلت من المغرب نقطة جذب للاستثمارات والسياحة والصناعات الواعدة.
ففي مجال الصناعة، برز المغرب كوجهة صناعية متقدمة في إفريقيا، بفضل إنشاء منصات صناعية كبرى مثل مصنع رونو بطنجة ومصنع ستيلانتيس بالقنيطرة، ومناطق صناعية متخصصة في الطيران والرقميات. وقد بلغت صادرات قطاع السيارات في المغرب خلال عام 2024 حوالي 157.6 مليار درهم، وفقًا لبيانات مكتب الصرف المغربي، مما جعله القطاع التصديري الأول على المستوى الوطني.
أما في مجال السياحة، فقد حقق المغرب أداءً قياسيًا، حيث استقبل 17.4 مليون سائح، مسجلاً زيادة بنسبة 20% مقارنة بعام 2023. بفضل تنوع عرضه السياحي، واستقراره السياسي، وتقاليده العريقة في حسن الضيافة. وتم تصنيفه ضمن أبرز الوجهات العالمية الصاعدة، خاصة بعد تتويج مدن مغربية مثل مراكش وفاس في تصنيفات عالمية مرموقة.
هذا الزخم التنموي، والتقدم الاقتصادي، والانتصارات الدبلوماسية، وخاصة في قضية الصحراء المغربية التي عرفت اعترافات متزايدة بمغربية الصحراء وافتتاح أكثر من 30 قنصلية في مدينتي العيون والداخلة، لم يكن ليتحقق لولا وجود رؤية استراتيجية يقودها جلالة الملك بحكمة وبعد نظر.
ومع ذلك، فإن انتظارات الشعب المغربي تظل كبيرة، خاصة فيما يتعلق بعدالة توزيع الثروات، تحسين الخدمات الاجتماعية، إصلاح التعليم والصحة، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية.
كما أن المرحلة المقبلة، والتي ستعرف تنظيم كأس العالم 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، تضع المغرب أمام تحديات ضخمة تتطلب تسريع وتيرة الإصلاحات، وإنجاز البنيات التحتية الكبرى، وضمان جاهزية المدن المحتضنة.
وفي هذا السياق، وفي ظل التحديات الإقليمية والدولية، والمؤامرات التي تستهدف وحدة المغرب الترابية، تبرز الحاجة الملحة إلى المحافظة على جبهة وطنية موحدة، قائمة على التلاحم بين الملك والشعب، والتعاون بين مختلف القوى الوطنية.
ولعل من بين الشروط الأساسية لكسب رهان المرحلة المقبلة، الدعوة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال السنوات الخمس المقبلة، تكون جامعة للكفاءات والطاقات السياسية، وتتمتع بشرعية واسعة تمكنها من اتخاذ قرارات استراتيجية حاسمة، وتسريع وتيرة الإنجاز، ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية بكل جرأة وفعالية.
كما أن إشراك مغاربة العالم في جهود التنمية والدفاع عن القضية الوطنية يجب أن يصبح أولوية. فهؤلاء يمثلون قوة ناعمة هائلة، ورافعة اقتصادية واستراتيجية، إذا ما تم تحفيزهم وإدماجهم فعلياً في رسم وتنفيذ السياسات العمومية.
إن المغرب يقف اليوم أمام محطة واستحقاقات تاريخية، تتطلب تعبئة شاملة لكل مكونات المجتمع: حكومة، أحزاب، مجتمع مدني، مؤسسات، وكفاءات وطنية داخل وخارج البلاد. فالمكاسب المحققة لا يمكن أن تستمر إلا بمزيد من العمل، وبخطاب سياسي موحد، وبروح وطنية صادقة، تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
لقد آن الأوان لأن نتجاوز الحسابات الضيقة والمصالح الحزبية الآنية، وننخرط جميعاً في بناء مغرب قوي، ديمقراطي، متضامن، ومؤثر في محيطه. إن توحيد الكلمة وتجاوز الخلافات بين الأحزاب خلال السنوات الخمس المقبلة ليس فقط مدخلاً لتحقيق الاستقرار والتنمية، بل هو أيضاً صمّام أمان يفوّت الفرصة على أعداء الوحدة الترابية الذين يترصّدون المشاحنات والانتقادات لاصطياد الهفوات واستغلالها ضد مصالح الوطن. فحكومة وحدة وطنية، في هذه المرحلة المفصلية، ليست ترفاً سياسياً، بل ضرورة وطنية ملحة لضمان انتقال ناجح نحو مغرب 2030، مغرب التنمية الشاملة، والسيادة الكاملة، والكرامة لجميع المواطنين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أكادير 24
منذ 38 دقائق
- أكادير 24
فاطمة الزهراء عمور تستعرض من أكادير إنجازات وزارة السياحة وترد على انتقادات بركات
agadir24 – أكادير24 استعرضت فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، من قلب مدينة أكادير، أبرز منجزات وزارتها خلال مشاركتها في الملتقى الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار، يوم السبت 21 يونيو 2021، مستغلة الفرصة للرد بشكل غير مباشر على التصريحات الأخيرة لرئيس جهة بني ملال خنيفرة، عادل بركات، بخصوص ما اعتبره تعثرا في تأشير وزارتها على اتفاقيات جهوية. وأكدت عمور توقيع وزارتها فعليًا على اتفاقية إطار ضمن خارطة الطريق السياحية مع جهة بني ملال خنيفرة، بقيمة تناهز 200 مليون درهم، تشمل مشاريع مهيكلة، من بينها إعادة تأهيل مطار بني ملال الذي بات يستقبل ثلاث طائرات، اثنتان منها مخصصتان للرحلات الدولية، وواحدة للرحلات الداخلية. وسلطت الوزيرة الضوء على الأرقام الإيجابية التي يحققها القطاع السياحي، مشيرة إلى أن المغرب استقبل، إلى حدود نهاية شهر ماي الماضي، ما مجموعه 7.2 ملايين سائح، بارتفاع بلغت نسبته 21 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، وهو ما اعتبرته مؤشرًا قويًا على استعادة القطاع لعافيته بعد سنوات الجائحة. وأشادت عمور بالنتائج المسجلة في مدينة أكادير، التي وصفتها بالنموذج الناجح لبرامج الإقلاع السياحي، مشيرة إلى أن المدينة سجلت لوحدها أزيد من مليون و400 ألف سائح سنة 2023، بزيادة 200 ألف مقارنة بما قبل سنة 2019، كما بلغت نسب الإيواء بها حوالي 70 بالمائة على مدار السنة، وهو ما يعكس، حسب تعبيرها، 'عودة الثقة ونجاعة السياسة السياحية الوطنية'. واستعرضت عمور في كلمتها تفاصيل المخطط الاستعجالي الذي أطلق بعد الجائحة، والذي بلغت قيمته 3 مليارات درهم، إضافة إلى خارطة طريق جديدة قدرت كلفتها بـ6 مليارات درهم، والهادفة إلى جعل المغرب ضمن أبرز الوجهات السياحية على المستويين الإقليمي والدولي. وأكدت المسؤولة الحكومية أن أكادير شهدت افتتاح أكثر من 30 مؤسسة فندقية جديدة، و50 شركة للأسفار، و70 شركة للنقل السياحي، إلى جانب 50 مشروعًا ترفيهيًا يخضع للمواكبة، ما يعزز الدينامية الاستثمارية في القطاع ويؤشر على أفق واعد للنمو. وختمت عمور مداخلتها بالتشديد على التزام وزارتها بالتنسيق الدائم مع الجهات، داعية إلى تجاوز الخلافات السياسوية والتركيز على المصلحة العامة، باعتبار السياحة رافعة استراتيجية للتنمية المجالية.


أكادير 24
منذ 3 ساعات
- أكادير 24
خط القطار الفائق السرعة الرابط بين القنيطرة ومراكش: أل:(ONCF) يطلق طلب عروض جديدة
agadir24 – أكادير24 أطلق المكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF) طلب عروض جديدًا ضمن مشروع تمديد خط القطار الفائق السرعة الرابط بين القنيطرة ومراكش. يهدف هذا العقد إلى تأمين خدمات الرقابة التقنية على أعمال بناء المحطات ومراكز الصيانة الموزعة على طول المسار الجديد. تبلغ قيمة هذا العقد حوالي 5 ملايين درهم مغربي، وقد تم تقسيمه إلى خمسة أجزاء مستقلة تغطي مواقع متعددة في المدن الرئيسية التي يخدمها مسار القطار فائق السرعة. يشمل الجزء الأول مواقع سيدي طيبي، سيدي بوقنادل، سيدي عبد الله، سلا تابريكت، عين عتيق، والمحطة الجديدة في الرباط. أما الجزء الثاني فيغطي المناطق الحديدية في المحمدية، زناتة، سيدي برنوصي، وعين السبع. ويمتد الجزء الثالث ليشمل حي المحمدي، سيدي معروف، المدينة الجديدة، مرس السلطان، والوازيس. يغطي الجزء الرابع، وهو الأكبر جغرافيًا، المركز التقني في فاس ومحطات الصيانة في الصخيرات، المحمدية – الكليات، مكناس، وسيدي قاسم. أخيرًا، يخصص الجزء الخامس والأخير للمركز التقني في الدار البيضاء – النواصر، بالإضافة إلى منشآت الدار البيضاء المسافرين (الموقع 1 و2)، كازا – الجنوب، سطات، وبنجرير. تتراوح الميزانيات التقديرية لكل جزء بين 680,000 و1.18 مليون درهم بدون احتساب الضرائب. سيتحمل كل مزود خدمة يتم اختياره مسؤولية الرقابة التقنية لجزء واحد أو أكثر، بناءً على نتائج تقييم العروض. ومن المتوقع الإعلان عن النتائج ابتداءً من 17 يوليو 2025، بعد عدة مراحل من تحليل العروض. وتضمنت شروط طلب العروض بندًا يمنح أفضلية بنسبة 10% للشركات المغربية مقارنة بالمنافسين الأجانب. وتُطبق هذه الأفضلية على التحالفات المختلطة في حال كانت حصة الشركة المغربية لا تقل عن 30% من الشراكة.


أخبارنا
منذ 7 ساعات
- أخبارنا
المغرب في مفترق الطرق: نحو حكومة وحدة وطنية لتحقيق رهانات المستقبل
شهد المغرب خلال العقدين الأخيرين تحولات عميقة ونهضة تنموية شاملة مست مختلف المجالات. فمنذ تولي جلالة الملك محمد السادس العرش، انطلقت دينامية إصلاحية كبرى، مكنت المملكة من تعزيز مكانتها إقليمياً ودولياً، والانفتاح على شركاء استراتيجيين في القارات الخمس، وجعلت من المغرب نقطة جذب للاستثمارات والسياحة والصناعات الواعدة. ففي مجال الصناعة، برز المغرب كوجهة صناعية متقدمة في إفريقيا، بفضل إنشاء منصات صناعية كبرى مثل مصنع رونو بطنجة ومصنع ستيلانتيس بالقنيطرة، ومناطق صناعية متخصصة في الطيران والرقميات. وقد بلغت صادرات قطاع السيارات في المغرب خلال عام 2024 حوالي 157.6 مليار درهم، وفقًا لبيانات مكتب الصرف المغربي، مما جعله القطاع التصديري الأول على المستوى الوطني. أما في مجال السياحة، فقد حقق المغرب أداءً قياسيًا، حيث استقبل 17.4 مليون سائح، مسجلاً زيادة بنسبة 20% مقارنة بعام 2023. بفضل تنوع عرضه السياحي، واستقراره السياسي، وتقاليده العريقة في حسن الضيافة. وتم تصنيفه ضمن أبرز الوجهات العالمية الصاعدة، خاصة بعد تتويج مدن مغربية مثل مراكش وفاس في تصنيفات عالمية مرموقة. هذا الزخم التنموي، والتقدم الاقتصادي، والانتصارات الدبلوماسية، وخاصة في قضية الصحراء المغربية التي عرفت اعترافات متزايدة بمغربية الصحراء وافتتاح أكثر من 30 قنصلية في مدينتي العيون والداخلة، لم يكن ليتحقق لولا وجود رؤية استراتيجية يقودها جلالة الملك بحكمة وبعد نظر. ومع ذلك، فإن انتظارات الشعب المغربي تظل كبيرة، خاصة فيما يتعلق بعدالة توزيع الثروات، تحسين الخدمات الاجتماعية، إصلاح التعليم والصحة، وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية. كما أن المرحلة المقبلة، والتي ستعرف تنظيم كأس العالم 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، تضع المغرب أمام تحديات ضخمة تتطلب تسريع وتيرة الإصلاحات، وإنجاز البنيات التحتية الكبرى، وضمان جاهزية المدن المحتضنة. وفي هذا السياق، وفي ظل التحديات الإقليمية والدولية، والمؤامرات التي تستهدف وحدة المغرب الترابية، تبرز الحاجة الملحة إلى المحافظة على جبهة وطنية موحدة، قائمة على التلاحم بين الملك والشعب، والتعاون بين مختلف القوى الوطنية. ولعل من بين الشروط الأساسية لكسب رهان المرحلة المقبلة، الدعوة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال السنوات الخمس المقبلة، تكون جامعة للكفاءات والطاقات السياسية، وتتمتع بشرعية واسعة تمكنها من اتخاذ قرارات استراتيجية حاسمة، وتسريع وتيرة الإنجاز، ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية بكل جرأة وفعالية. كما أن إشراك مغاربة العالم في جهود التنمية والدفاع عن القضية الوطنية يجب أن يصبح أولوية. فهؤلاء يمثلون قوة ناعمة هائلة، ورافعة اقتصادية واستراتيجية، إذا ما تم تحفيزهم وإدماجهم فعلياً في رسم وتنفيذ السياسات العمومية. إن المغرب يقف اليوم أمام محطة واستحقاقات تاريخية، تتطلب تعبئة شاملة لكل مكونات المجتمع: حكومة، أحزاب، مجتمع مدني، مؤسسات، وكفاءات وطنية داخل وخارج البلاد. فالمكاسب المحققة لا يمكن أن تستمر إلا بمزيد من العمل، وبخطاب سياسي موحد، وبروح وطنية صادقة، تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. لقد آن الأوان لأن نتجاوز الحسابات الضيقة والمصالح الحزبية الآنية، وننخرط جميعاً في بناء مغرب قوي، ديمقراطي، متضامن، ومؤثر في محيطه. إن توحيد الكلمة وتجاوز الخلافات بين الأحزاب خلال السنوات الخمس المقبلة ليس فقط مدخلاً لتحقيق الاستقرار والتنمية، بل هو أيضاً صمّام أمان يفوّت الفرصة على أعداء الوحدة الترابية الذين يترصّدون المشاحنات والانتقادات لاصطياد الهفوات واستغلالها ضد مصالح الوطن. فحكومة وحدة وطنية، في هذه المرحلة المفصلية، ليست ترفاً سياسياً، بل ضرورة وطنية ملحة لضمان انتقال ناجح نحو مغرب 2030، مغرب التنمية الشاملة، والسيادة الكاملة، والكرامة لجميع المواطنين.