logo
موريسكي… ولكنّه ليس الأخير!

موريسكي… ولكنّه ليس الأخير!

إيطاليا تلغراف١٧-٠٢-٢٠٢٥

نشر في 17 فبراير 2025 الساعة 1 و 02 دقيقة
إيطاليا تلغراف
بروين حبيب
شاعرة وإعلامية من البحرين
قبل عام وشهرين حقّقت حلقة بودكاست من قسمين، بُثّت على منصة أثير خمسة ملايين ونصف المليون مشاهدة، وفازت بجائزة سيغنال العالمية المخصصة للبودكاست كأفضل حلقة تاريخية عالميا، ولم تكن الحلقة في الحقيقة في برنامج «مغارب» لمحمد الرمّاش مع فنان عالمي، أو لاعب كرة مشهور، بل كانت مع باحثة إسبانية متخصصة في تراث أجدادها الموريسكيين، عن موضوع «التراث الأندلسي في إسبانيا»، وإذا كانت كلمة الأندلس كثيرة الدوران على ألسنة العرب، فابنتها «الموريسكيون» هي التي أثارت فضول الشباب، فشدتهم الباحثة أديبة روميرو سانشيز بشغفها وتمكّنها وإيمانها الحار بقضية أهلها الموريسكيين ومأساتهم.
ولكن هذا الموضوع كان حاضرا في السردية الروائية العربية، على الأقل، منذ ثلاثين عاما حين نشرت الروائية رضوى عاشور، رحمها الله، روايتها «ثلاثية غرناطة»، بعدها كما حدث مع «قواعد العشق الأربعون» وروايات التصوف، تتابعت الروايات التي تناولت هذه الفترة السوداء التي بقيت وصمة عار على جبين التاريخ الإسباني في محاكم تفتيشها وتطهيرها العرقي، ووجد الروائيون في ما جرى بعد سقوط غرناطة منجم ذهب غير مستغل، ففي سنة 2010 صدرت رواية «البيت الأندلسي» للروائي الجزائري وحفيد الموريسكيين أيضا واسيني الأعرج، وقد وصلت إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية، وبعدها بسنة أصدر الروائي المغربي حسن أوريد روايته «الموريسكي» وفيها روى حكاية المترجم والرحالة الموريسكي شهاب الدين أحمد بن قاسم الحَجْرِي المعروف بـآفوقاي، وفي سنة 2015 دخلت رواية «الموريسكي الأخير» للروائي المصري صبحي موسى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب، ثم لحقتها بعد سنتين رواية «حصن التراب حكاية عائلة موريسكية» لمواطنه أحمد عبد اللطيف وبدورها دخلت القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية، وقد التحق بالقافلة الكاتب العماني محمد العجمي بروايته «سر الموريسكي» الصادرة قبل أربع سنوات.
كان لا بد من هذا المدخل الكرونولوجي لنصل إلى رواية صدرت قبل سنة ووصلت بدورها إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية، قبل شهر، فما يميز روايةَ «المسيح الأندلسي» للروائي السوري- الفلسطيني تيسير خلف الصادرة عن منشورات دار «المتوسط»، أمور عديدة منها أن الكاتب باحث في التاريخ أصدر أكثر من ثلاثين كتابا، وهو متخصص في أدب الرحلات، لهذا أهدى روايته إلى نوري الجراح المولع مثله بهذا النوع من الأدب، ومنها أن تيسير خلف سبق له أن كتب عدة روايات تاريخية ناجحة أشهرها «مذبحة الفلاسفة» عن مدينة تدمر ومحاكمة الملكة زنوبيا، وقد وصلت هذه الرواية بدورها إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية سنة 2016، إضافة إلى أنه فلسطيني، وحين يكتب الفلسطيني عن مأساة الموريسكيين فهو يكتب عن نفسه، إذ لم تستطع القرون الخمسة التي تفصل بين النكبتين أن تمحو التشابه الذي يصل إلى حدود التطابق.
أول ما يلفت قارئ رواية «المسيح الأندلسي» الجهد البحثي الكبير وراءها، وقد ذكره الروائي في مقدمة كتابه قبل الشروع في أحداث الرواية، فكتب «كتبتُ هذه الرواية، بالاعتماد على عدد كبير من المخطوطات المنسوخة بخطوط عربية مختلفة: أندلسية، ومغربية، ومشرقية، وأيضا أعجمية ما بعد سقوط غَرْنَاطَة التي يسمّونها «الخميادو»… واستفدتُ أيضا من رسائل أندلسيّي القرن السابع عشر، المكتوبة بالقَشْتَالِيَّة… وأَلزَمَنِي ورود أسماء بعض أبطال الرواية الحقيقيّة، بشكل عَرَضيّ، في مصادر مختلفة، بالانهماك في تتبّع مطبوعات القرن السابع عشر»، وهو جهد يظهر حتى في كتابة أسماء المدن والأشخاص، فقد اعتمد تيسير خلف «الكثير من المصطلحات العائدة للقرن السابع عشر، وكذلك تهجئة أسماء الأمكنة والأعلام، كما وردت في المخطوطات الأصلية»، وحتى يسهّل الأمر على قارئه أثبت في آخر روايته ملحقا بالمصطلحات القديمة ومقابلها الحديث، فأطناش هي أثينا وبرضيوش هي بوردو الفرنسية وبريش ليست سوى باريس ومخيكو هي المكسيك وحتى أسماء الأشخاص مثل قَلْبِن فالمراد به جان كالفن وكذلك لوطري عن مارتن لوثر. يعطينا صاحب «المسيح الأندلسي» مفتاح روايته من صفحتها الأولى بهذه الفقرة الصادمة «كان يمكنني أن أعيش حياتي كلّها كرجل إشباني كاثوليكي صالح، بلسان قشتالي، يُدعى خيسوس غونثالث، لولا بضع كلمات أوصت أمّي، وهي تودِّع الحياة، بأن يخبرني خالي بابلو باييخو بها، حين يرى أنني بتُّ أهلا لذلك. تلك الكلمات هي: أنتَ عربي مسلم، واسمكَ عيسى بن محمّد». ومن هذه الكلمات يتحوّل الشاب الإسباني إلى شخص مسكون بالبحث عن قاتل أمه، فالقاضي في محاكم التفتيش سيئة السمعة دُون خيرونيمو راميريز، هو الذي حكم على ماريا والدة خيسوس أو عيسى بالموت تحت التعذيب في مدينة طليطلة في مشهد موجع يرويه بطل الرواية قائلا: «توقّفتُ أمام العجلة الدوّارة مليًّا وأنا أتخيّل جسد أمّي موثقا بها، وظهرها محني كقوس نشَّاب، والجلّاد يضغط بقوّة. أستطيع أن أسمع بوضوح صوت تكسّر عظامها، وتمزُّق لحم صدرها، وأنينها الضعيف المكتوم بعد أن خارت قواها…»، ولم يقتصر أذى هذا القاضي الجلّاد على هذه الجريمة، بل كان المتسبب في الوشاية بوالد عيسى ومقتل والد حبيبته في ما بعد أيضا.
في هذه الرواية المقسمة إلى أسفار ستّة يقودنا الروائي إلى تتبع الشتات الموريسكي من المدن الأندلسية التي أصبحت فردوسا مفقودا إلى إِسْطَنْبُلْ زمن السلطنة العثمانية مرورا بباريس ووصولا إلى حي الغورية في القاهرة، على امتداد زمني يبدأ بإعدام أم خيسوس سنة 1592 بعد قرن من سقوط غرناطة بالضبط، وينتهي سنة 1638 مرورا بالسنة المشؤومة 1609 التي صدر فيها المرسوم الشهير بإخراج الموريسكيين من الأندلس، وقد تناول تيسير خلف هذا القرار بحيلة فنية كانت عنصرا أساسيا في الرواية، من خلال رأيين انقسم إليهما الموريسكيون: رأي الشيخ الأشقر الذي كان يرى وجوب الهجرة إلى بلاد المسلمين ورأي الشيخ الأكيحل بالتقية والبقاء الذي اختصره الروائي في جملة لها دلالات خطيرة وردت في الرواية تقول «علّمني أبي، خيرٌ لنا أن نبقى في أرضنا عرباً نصارى، من أن نتحوّل إلى لاجئين مسلمين في بلدان لم تشفع لنا، ولم تراعِ عهود الأخوة»، والحقيقة أنه لا يمكن الكتابة عن تاريخ الموريسكيين دون التعريج على هذا الجدل الفقهي الذي قسم العلماء إلى معسكرين، فارتباط الموريسكيين بالعلماء والمخطوطات، ارتباط عضوي يظهر جليا في كل صفحة من الرواية، فقصتهم هي أيضا حكاية المكتبات التي أحرقت والمخطوطات التي نهبت واحتوتها مكتبات الأديرة ومثال مكتبة الأسكوريال لا يزال راهنا. كما هي أيضا حكاية التصوف الذي كان له نصيب في الرواية باستحضار شخصية محيي الدين ابن عربي ونظرته المتسامحة إلى الأديان التي اختصرها في بيته الشهير «أدين بدين الحب أنّى توجّهتْ/ركائبه فالحبّ ديني وإيماني» وتأثرِ عيسى بآرائه. وهذه الأجواء الموريسكية، لا نجدها من خلال الكتب فقط فالأزياء حاضرة بقوة بأنواع الأقمشة واتجاهات الموضة التي وصلت باريس من خلال فيروزة حبيبة البطل، وكذلك المطبخ الموريسكي المتنوع من خلال إيزابيلا خالة عيسى، ولا يكتفي تيسير خلف بتعداد أسمائها، بل يقدم بعض وصفاتها ومقادير مكوناتها وكأنها محاولة منه لاعتقال الذاكرة على الورق.
كسر مؤلف الرواية رتابة السرد من خلال تعدد الرواة من ناحية، ومن خلال تعدد تقنية السرد من جهة أخرى، فأغلب أحداث الرواية يحكيها بطلها خيسوس ولكن الروائي يفرد فصلا بعنوان «ملف محاكمة أمي» فيه تقرير من خمس عشرة ورقة يرد على لسان القضاة المحققين، ويستعمل هذه التقنية ثانية حين يورد نصوص الرسائل الأربع، التي كتبها محمد بن أبي العاص والد عيسى إلى أبيه، وبالمناسبة ابن أبي العاص شخصية حقيقية تتبعها تيسير خلف في المصادر العربية والوثائق الهولندية، كما ورد في إشارته أول الرواية، كما هو حال شخصية أحمد بن القاسم الحجري، الواردة في الرواية، التي وظف تيسير خلف كثيرا مما ورد في كتاب الحجري «ناصر الدين على القوم الكافرين» في بنائه الروائي. كما استفاد صاحب «المسيح الأندلسي» من قصة الحب بين بطله وفيروزة التركية، ليريح البطل قليلا من الحديث، فيروي بعض أحداث الرواية بلسان الحبيبة، وقصة الحب هي الوجه المشرق في الرواية مقابل التهجير والتطهير العرقي والدسائس والقراصنة، أليس الحب هو ذلك «الخدر الذي يحلق بك بعيدا فترى كل شيء صغيرا إلا وجه حبيبتك يملأ الكون».
بعد رحلة على مساحة 360 صفحة طوّف بنا فيها تيسير خلف في قارات العالم القديم، يعيدنا في آخر جمل روايته إلى نقطة البداية نفسها في الجمل الأولى حين كتب، «هـي الأقدار تقـود خطانـا حيـث تشـاء. نسـير حيـث تريـد لنا أن نسير، ونقف حيث تريد لنا أن نتوقّف. لا فرق إن كنا عميان أم مبصرين، حمقى أم حصيفين، شجعانا أم مرتعدين، فما سيحدث سوف يحدث…». فالتاريخ يعيد نفسه ونحن الآن شهود عليه.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أوسع من شارع، أضيق من جينز!
أوسع من شارع، أضيق من جينز!

إيطاليا تلغراف

timeمنذ 4 ساعات

  • إيطاليا تلغراف

أوسع من شارع، أضيق من جينز!

إيطاليا تلغراف نشر في 20 مايو 2025 الساعة 15 و 01 دقيقة إيطاليا تلغراف وضاح عبد الباري طاهر عرفت الأخ العزيز الروائي وليد دماج منذ العام 2007 كان حينها يعمل مديرًا للصندوق التنفيذي بوزارة الثقافة، وذهبت حينها لاستلام مستحقات بيع كتابي «ضحايا المؤرخين»، ثَمَّ توثقت علاقتنا أثناء عملي بوزارة الثقافة مديرًا عامًا لتحقيق المخطوطات. وفي زيارة له في بعض الشئون المتعلقة بالعمل، وأثناء حديثنا قال لي في سياقٍ ما: نحن أهل. وصدق الأخ وليد، فأنا فيما أذكر ولا أزال أختزنه وأعيه من ذاكرة الطفولة الأولى هو الوالد العزيز الأستاذ أحمد قاسم دماج، والأستاذ محمد لطف غالب، والفنان المسرحي الفلسطيني حسين الأسمر، والعم هلال عبد الله الذي كان يعمل بمركز الدراسات، ثم جن وتم تعذيبه من قبل الأمن أيام صالح لاشتباههم به، والوالد العزيز الأستاذ منصور الحاج، والعم العزيز الشاعر إسماعيل الوريث، ثم الوالد العزيز الأستاذ محمود الصغيري الذي كان حينها مستقرًا في دمشق ولم أعرفه إلا هناك أثناء زيارتنا للوالد. أمَّا أسرته العزيزة، فَمِنْ قبل: والدته الجدة الطيبة آمنة، وإخوته: أحمد، ومحمد، وخديجة، فهم وأسرة العم أبو القصب الشلال، وبيت غليون، وعلى رأسهم الخالة العزيزة المناضلة الوفية أفراح غليون، وأسرة العم منصور الحاج عشنا معهم كلهم كأسرة واحدة. أنا لم أقرأ شيئًا يذكر عن تاريخ الحركة الوطنية ولا اليسار، ولا الرجعية ولا التقدمية. ويعلم الله أني طيلة فترة عمري كله، وأنا أعرف العم أحمد قاسم في بيتنا، أو في دار الكتاب، أو اتحاد الأدباء والكتاب- لا أدري مطلقًا أنه كان يساريًا أو أنه حتى ينتمي للحزب الاشتراكي؛ لعدم اهتمامي بهذه القضايا مطلقًا، والتي لا تعنيني في قليلٍ أو كثير، لكني كنت أحمل تقديرًا كبيرًا في نفسي للعم أحمد. هكذا الأمر وبكل بساطة وتلقائية؛ فإني حين كنت أقابله تنفذ إلى قلبي أسِّرَة وجِههِ المشرق البشوش، ويلامس أعماقي ترحيبه الدافئ وابتسامته المحبة. فقط كانت الفطرة والإحساس الداخلي هي ما تشعرني بهذه المحبة والتقدير الكبير للعم أحمد، ولم أكن بحاجة لأعرف سجل العم أحمد النضالي -وهو عظيم ومشرف بلا شك- حتى أشعر في قرارة نفسي كم هو كبير ورائع ومحترم. وممن عرفته أخوه العم الدكتور المثقف والشاعر عبد الكريم دماج؛ وهو قامة علمية كبيرة، ومثال يحتذي به أبناء هذا الجيل. ومن أبناء العم أحمد قاسم الأستاذ مروان دماج- رئيس تحرير سابق لصحيفة «الثوري»؛ عرفته حين كنت أنشر بعض مقالاتي بها، وهو شخص على جانب من التهذيب والخلق الرفيع، وكذلك الأخ الزميل إياد دماج شخص عرفته في قمة اللياقة والأدب. أمًا الأستاذ الوالد الروائي والقاص الكبير مطيع دماج، فعرفته مرة واحدة في حياتي في تسعينات القرن الماضي، وهو يرقد في مستشفى الكويت، وربما كان مرضه الأخير الذي مات عقبه. كنت حينها في زيارة لصديق الطفولة نشأت بدا الذي مات شابًا بالسرطان، وعرفت بطريقةٍ ما أنَّ العم يرقد في غرفة أخرى بجواره، فقمت بزيارته والسلام عليه. وابنه الدكتور همدان دماج- نائب رئيس مركز الدراسات والبحوث، على غاية من النبل والعلم والذكاء وحسن الخلق. أمَّا الشخص العزيز الذي لا تنسى أحاديثه ولا نكته ولا قفشاته، فهو العم أمين مانع دماج- مدير شئون الموظفين بمركز الدارسات والبحوث. كان شخصية عجيبة ومدهشة ومرحة جدير بأن يكتب عنها. كان العم أمين صاحب روح نقية محبة للناس والحياة. عاش حياته بِخَّفة وسلام حتى توفاه الله، وكان ابنه مصطفى أحد أصدقائي نجلس معًا للمقيل في بعض الأوقات في منزلنا مع الخال يحيى عتيق ومحمد عتيق، وغيرهم من زملاء المركز. وعلى هذا النسيج، كان وليد دماج -كسائر أسرته الكريمة آل دماج- على غاية من الخلق والأدب والثقافة، وكان تركه للعمل الإداري أنفع له وأبرز لمواهبه المكنونة. فهو، و في فترة وجيزة، حقق حضورًا ثقافيًّا وأدبيًا لافتًا، وأنجز في مجال السرد روايات متعددة كرواية «وقش»، و«رواية الجفر»، وغيرهما، وكأنه -رحمه الله- شعر بقرب رحيله؛ فأراد أن يترك في سجل تاريخه أثرًا مضيئًا يدل على شخصيته المتميزة والفذة. حين مات الأخ وليد كنت أعمل في «منصة خيوط» الصحفية، وطلب مني الأخ رئيس التحرير: محمد عبد الوهاب الشيباني إعداد مادة تتعلق به. شرعت في العمل والبحث، واستعنت بالأخ الكريم الفاضل الأستاذ بلال قائد كونه أحد أصدقائه المقربين- بتزويدي بما يعرفه عنه، وقام مشكورًا بذلك، ورأيت قصيدةً في رثاء وليد كان كتبها الأخ أوس الإرياني في بعض المواقع على النت، وأعجبتني فضمنتها سيرته الذاتية، وأرسلتها للأخ محمد الشيباني، فطلب مني حذف ما كتبه الأخوان: بلال، وأوس، وإعادة إرسالها إليه، فقمت بذلك، وتَمَّ نشرها في منصة خيوط. وبعد أن خرجت من خيوط، وأنا في طريقي بجولة كنتاكي، رأيته، ولمَّا رآني ارتبك، ووجدته يقول لي: أنا استعنت بِكَ في مقالك الذي كتبته عن القاضي أحمد عبد الرحمن الآنسي في نافذة شدو بخيوط. ولمَّا عدت للبيت لأرى ماذا كتب، رأيته أخذ من مقالي الذي كتبته في موقع اليمني الأمريكي، عشرة أسطر كتبها عن الآنسي، ولم يشر إلى المصدر ولا الكاتب في قليلٍ ولا كثير. وحين أراد أن يكتب عن العلامة المفتي صاحب الأغنية الشهيرة «صنعا حوت كل فن»، وكنت حينها أعمل في خيوط، فبحث في النت عسى أن يجد ما يفيده للكتابة عنه، فوجد مقالاً لي بموقع اليمني الأمريكي، إلا أنه لم يتمكن من الوصول إليه كون الموقع كان محظورًا، فتواصل معي بالهاتف، وطلبَ مني إرساله له عن طريق الوتس لا البريد الالكتروني الخاص بالمنصة. وأنا أشهد شهادةً ألقى بها كُلَّ القُوى التقدمية والرجعية، وقوى التنوير والظلام، وتيارات اليمين واليسار والوسط، والإسلام السياسي، في هذا الوطن المعطاء بالمحتالين واللصوص والنصابين، وهذه شهادتي خالصة لجميع هذه القوى، يوم لا ينفع «جينز»، ولا «بنز»، وبين يدي كتاب «ماركس»، و«أنجلز»، وأنا في ساعتي هذه المباركة على جَنَابَة -وهذا طبعًا من حسن حظ محمد عبد الوهاب- أشهد أنَّ هذا الشخص لا يجيد شيئًا سوى: 1- اللصوصية. ولولا استعانته بالوالد في كتابته عن الدكتور أبي بكر السقاف وغيره ممن لا يعلمهم إلا الله، لحاص وباص في أمره، وما تقدم فِترًا واحدًا. فإنَّ هذا الشخص صاحب دعاوى كبيرة، وعقد أكبر من دعاواه التي ينتحلها، مع ضعف أخلاقي وأدبي، وغياب للوازع والضمير الإنساني. هذا وقد دله الوالد على كثير من المصادر والمراجع التي يستعين بها في عمله هذا؛ مثل ما كتبه الدكتور أحمد القصير، وما كتبه زميله وقريبه الدكتور محمد جعفر زين- أول رئيس لجامعة عدن في مذكراته. وكان قبل ذلك كلفني بالذهاب لمكتبة مركز الدراسات للبحث عن أي مادة قد تفيده في كتابته هذه. ولمَّا اجتمعنا في «منظمة مواطنة»، قمت بتقديم العمل الذي كلفني به أمام الزملاء، فأبدى امتعاضًا وانزعاجًا كون العمل يتعلق به شخصيًا، ولا صلة له بالعمل. وكان هذا الشخص قد طلب من الوالد مقالاً بعد تقلده لمنصة خيوط، ولمَّا طال الوقت، وتأخر صرف المستحق تأخرًا خارجًا عن حد العادة التي كانت أيام رئاسة الأخ لطف الصراري- قام الوالد بتذكيره، فقال له: إنَّ المقال غير مدفوع القيمة، ولمَّا وبخه الوالد، وأنَّه ما أرسله ليسَ إلا بناءً على طلبه؛ فقامَ صاغرًا بصرف المستحق. 2- التقاط الصور مع المشاهير من الشخصيات الوطنية، ورجالات الفكر والعلم والأدب والسياسة ورجال الأعمال وغيرهم من الأشخاص الذين يأمل أنْ يجني من ورائهم ربحًا عاجلاً، وصيتًا كبيرًا، ومصلحةً تعود عليه بالنفع؛ كالأستاذ أحمد قاسم دماج، والدكتور أبي بكر السقاف، والدكتور علي محمد زيد، والأستاذ إسماعيل الوريث، والأستاذ علوان الشيباني، والأستاذ أحمد كلز، وغيرهم؛ ظنًا منه أنَّ ذلك سجمل صورته القبيحة، ويرفع من ضِعته التي يعيش عقدتها كجمرة تأكله وتنخر في أعماقه. وفي الوقت الذي كان رئيس التحرير السابق لطف الصراري عاكفًا على عمله، متفانيًا فيه، ينجزه أولاً بأول: تحريرًا، وتواصلاً مع المستكتبين، ومراجعةً للموقع، إلى مهام أخر يقوم بها في غاية من الدقة والإتقان. وهو مع ذلك مواظب على عمله داخل الحاضنة لا يتخلف عنها إلا لعذر؛ فلا تأتي عليه الساعة الثامنة صباحًا إلا وقد وصل إلى مقر عمله، مزاولاً فيه أعماله التي يستمر فيها إلى حدود الساعة الثانية بعد الظهر، ثم يعود للبيت لتناول الغداء، والبدء في المقيل، ثم استئناف العمل حتى ساعات متأخرة من الليل؛ حتى يدهمه النوم في كثير من الأوقات واللابتوب في حضنه؛ حتى سقط أخيرًا في مقر عمله بمرأى مني، أثناء حديث له في التلفون مصابًا بجلطة قلبية جراء العمل الشاق والإجهاد المتواصل. وبعد أن تَمَّ الاستغناء عن الأخ لطف من قبل منظمة مواطنة بدلاً عن مكافأته، والتكفل بعلاجه، وصرف حقوقه، مع الساعات الإضافية التي يستحقها، كان محمد عبد الوهاب الشيباني أحد الوسطاء من جهة الأخ لطف، وكان أحد من يثق بهم، ويعول عليهم كثيرًا، ثم يفاجأ الأخ لطف -بعد ذلك- بقبوله منصب رئيس تحرير «منصة خيوط» بديلاً عنه. وحين تم تعيينه، ذهب ليعاين مكتبه الجديد مع الأستاذ والشاعر عبد الكريم الرازحي، فساءه ألا يكونَ المكتب بتلك الفخامة التي كان يحلم بها، ويمني بها نفسه؛ فهو- في الأخير- ليس إلا مكتبًا عاديًا لم يملأ عينيه الشرهتين لكل أبهة فارغة ومظهر كاذب؛ فأخبر المعنيين أنه سيقوم بممارسة أعماله من البيت، بعد أنْ يقضي سحابة نهاره كله يتقاسم أحاديثه المُمَلَّحَة بالسماجات، ولساعاتٍ طوال مع بعض الأصدقاء في بوفية الدملوه. 3- القدرة على التأنق، ولبس الـ «كاجول»، مع حسن اختيار وتناسق مدهش للألوان والماركات التي يختارها بعناية ودقة فائقة. وقد كان في الزمن الغابر-ونحن الآن في زمنٍ أغبر منه- زارَ اليمن صحفي فرنسي بغرض إجراء مقابلة مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وبعد إتمامها، سأله صديق يمني عن انطباعه عن شخصية علي صالح؛ فأجاب: إنه يحسن لبس واختيار البدلات الرسمية ذات القيمة العالية. هذه هي بعض من سيرة محمد عبد الوهاب، ولو أردت أن أستقصي معايب ومثالب هذا الشخص، لما كفتني الساعة ولا اليوم ولا الشهر ولا حتى الدهر كله؛ فمخازيه ومساويه ليس لها حد تقف عنده، أو تنتهي إليه. ولولوع هذا الشخًص بالاستعراض، وحُبّ الظهور، فقد هدته ألمعيته الخارقة أثناء تقلده رئاسة تحرير خيوط- لفكرة عمل اجتماع أسبوعي يعقده مع الموظفين. وأين يكون هذا الاجتماع؟ إنه في «منظمة مواطنة» التي أحب بستانها النضير، ووردها الذي يفوحُ عِطرًا وعبيرًا؛ فأدمن التردد عليها، وأحبها حبًا ملأ عليه شغاف قلبه. وكان في أثناء هذا الاجتماعات المتكررة والسمجة يفيض هذا المفكر العظيم في أحاديثه التي هي كما يقول أصحاب تهامة: «تقَطِّعْ أمْغَالْ امبِسَسْ». وفي إحدى المرات، وفيما هو يتحدث بأحاديثه التافهة، أخذته النشوة، وتراءى نفسه عظيمًا من عظماء القرن الواحد والعشرين، وظنَّ -بالسكرة التي لَحَستْ عقله – أنه من نظراء الدكتور عبد العزيز المقالح، فأخذ يشكو بمرارة مثيرة للشفقة -بما طُبِعَ عليه من عقدة النقص والشعور بالاضطهاد- من الدكتور عبد العزيز المقالح، وأنه -مع بعض الشخصيات- قام بتأسيس جمعية اسمها «سُوبان»؛ باسم منطقة يمنية أثرية تعود إلى عهود الحضارات اليمنية القديمة، وأنَّ لهذه الجمعية طابعًا مناطقيًا وجَهويًّا. إنَّ أقصى ما وصل إليه عقل هذا المفكر الأسطوري هو ديوان صغير يحكي حالته البائسة بعنوان «أوسع من شارع، أضيق من جينز»، أصدره في 2003، عن مركز عبادي، ثم ترقى به الحال قليلاً بعد طُولِ مخاض، فكتب كتابًا عن الأستاذ السفاري بعنوان «حياة السفاري التي مَلَّحَتها الحكايات»، وكتاب آخر عن الغِنَاء لا أعرفه ولا يهمني أن أعرفه. ولا تظنَّ أنَّ لفظة «مَلَّحَتها»، جاء بها من عند نفسه، أو جادت بها عليه عبقريته الاستثنائية؛ فقد «شَلطَها» من الشاعر العراقي العظيم الجواهري. هذه شذرة بسيطة، ومطرة خفيفة من سيرة هذه الإنسان المزيف، آثرت فيها الإيجاز وعدم التطويل. فالوقت ثمين، ودقات قلب المرء قائلةٌ له..، والناس زهقانه، والبلاد تعبانه، والأمة مش لاقيه ما تاكل، والشباب عاطل، والحالة مزريه. وحسبك مِنْ القلادة أن تحيط بالعنق. ملاحظة للرجوع للمقال الذي كتبه عن القاضي أحمد بن عبد الرحمن الآنسي يرجع لرابط خيوط: ، ومقارنته بمقالي المنشور في اليمني الأمريكي، وهو منشور ضمن كتابي «الفنون جنون». إيطاليا تلغراف

وفاة نجمة باب الحارة.. الفنانة السورية فدوى محسن
وفاة نجمة باب الحارة.. الفنانة السورية فدوى محسن

النهار

timeمنذ 8 ساعات

  • النهار

وفاة نجمة باب الحارة.. الفنانة السورية فدوى محسن

توفيت الممثلة السورية فدوى محسن، نجمة مسلسل 'باب الحارة' الشهير، عن عمر يناهز 82 عامًا. ونعت نقابة الفنانين في سوريا، الفنانة، في بيان رسمي عبر صفحتها الخاصة على موقع الفيسبوك. وكتبت الصفحة الرسمية لنقابة الفنانين في سوريا: 'فرع دمشق لنقابة الفنانين ينعى الزميلة الفنانة القديرة فدوى محسن. ونوافيكم لاحقا بموعد الدفن والتعزية'. كما نشر هامي البكار صورة لوالدته الراحلة عبر حسابه في 'إنستغرام'، وكتب: 'أمي في ذمة الله.. الله يرحمك يا أمي.. رحتي لعند أرحم الراحمين'. ووُلدت فدوى محسن في مدينة دير الزور في 20 أكتوبر عام 1938. وقدمت خلال مسيرتها الفنية العديد من الأعمال التي تركت بصمة كبيرة في والعربية. وبدأت فدوى محسن مشوارها الفني في عام 1992 من خلال 'طرابيش'. ليكون بداية انطلاقتها الفنية التي شهدت تألقًا كبيرًا في التلفزيون والمسرح والسينما. ومن أبرز أعمالها مسلسل 'باب الحارة' الذي شاركت فيه بأكثر من جزء، إذ جسدت شخصية 'أم إبراهيم'. كما شاركت في مسلسل 'ما ملكت أيمانكم' ومسلسل 'قلوب صغيرة' ومسلسل 'أبناء القهر' الذي عُرض في 2009. أما في السينما، شاركت فدوى في عدة أفلام، منها 'أمينة' الذي تم عرضه في عام 2018، و'رد القضاء سجن حلب' في 2016. كما قدمت العديد من الأعمال المسرحية المميزة مثل 'الملك لير' و'الزير سالم'.

استديو Naughty Dog يعمل رسميًا على مشروع لعبة جديدة غير معلنة قيد التطوير
استديو Naughty Dog يعمل رسميًا على مشروع لعبة جديدة غير معلنة قيد التطوير

VGA4A

timeمنذ 14 ساعات

  • VGA4A

استديو Naughty Dog يعمل رسميًا على مشروع لعبة جديدة غير معلنة قيد التطوير

كشف نيل دراكمان ، المخرج الإبداعي الشهير لسلسلة ألعاب The Last of Us، أن استوديو Naughty Dog يعمل حالياً على تطوير لعبة جديدة أخرى غير معلن عنها، بالإضافة إلى مشروعهم المعلن عنه سابقاً Intergalactic: The Heretic Prophet. جاء هذا الكشف خلال مشاركة دراكمان في بودكاست بعنوان Press X to Continue، حيث أوضح أيضاً أنه لا يقود هذا المشروع الجديد بشكل مباشر، وبدلاً من ذلك، يتولى دراكمان دور المنتج والمشرف على هذه اللعبة الجديدة. وخلال حديثه في البودكاست، أشار دراكمان أن دوره الجديد هذا يتضمن توجيه الفريق وتدريبه، ومراقبة تقدمهم وتقديم الملاحظات والآراء، بالإضافة إلى كونه شخصية تنفيذية في غرفة التطوير، وقد أعرب عن استمتاعه الشديد بهذا التنوع في طبيعة عمله، مؤكداً أنه يحافظ على حيوية وتجديد التجربة بالنسبة له ويمنعه من الشعور بالملل، حيث قال دراكمان: 'هناك لعبة أخرى يجري العمل عليها في Naughty Dog حيث أكون في دور أقرب للمنتج، وأتاح لي ذلك فرصة توجيه ومشاهدة هذا الفريق الآخر وتقديم الملاحظات، وأن أكون بمثابة الشخصية التنفيذية في الغرفة. أنا أستمتع بكل هذه الأدوار.' لسوء الحظ، لم يتم تقديم أي تفاصيل إضافية حول هذه اللعبة الجديدة، وهذا، ونوعها الغير الواضح، يتركنا في حيرة من أمرنا، ولكن على الرغم من أن البعض قد يتوقع بأنها قد تكون الجزء الثالث من لعبة لعبة البقاء The Last of Us Part 3، إلا أن نيل دراكمان صرح سابقاً في مقابلة بأننا لا يجب أن نراهم على وجود جزء جديد، وهذا ما يشير إلى أن هذا الاحتمال ليس مرجحاً. فهل يمكن أن يكون هذا المشروع لعبة جديدة كليًا على غرار Intergalactic: The Heretic Prophet؟ أم أن Naughty Dog أصبحت أخيراً مستعدة لإعادة إطلاق سلسلة Jak & Daxter المحبوبة أم سنشهد عود سلسلتنا المحبوبة Unchatred؟ يبقى الأمل قائماً لدى المعجبين. تابعنا على مواضيع ذات صلة.. اقرأ ايضا

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store