logo
بالأرقام .. خسائر "إسرائيل" الاقتصادية من ضربات إيران

بالأرقام .. خسائر "إسرائيل" الاقتصادية من ضربات إيران

جفرا نيوزمنذ يوم واحد

جفرا نيوز -
في أول رد فعل اقتصادي مباشر على التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، سجلت بورصة تل أبيب تراجعاً ملحوظاً مع افتتاح جلسات التداول ليوم الأحد، حيث انخفض مؤشر تل أبيب 35 للأسهم القيادية بنسبة 1.5%، بحسب بيانات رويترز.
كما انخفض مؤشر تل أبيب 125 الأوسع نطاقاً بنسبة 1.4%، في ظل حالة من القلق تسود أوساط المستثمرين نتيجة الضربات الصاروخية المتبادلة التي انطلقت مساء الجمعة وتواصلت لليوم الثاني على التوالي. ويعكس تراجع البورصة الإسرائيلية حالة عدم اليقين السياسي والأمني التي أثرت على سلوك المستثمرين، وتأثر السوق بالمخاوف من تمدد التوتر إلى مواجهات أشمل قد تضرب الاقتصاد الإسرائيلي.
وأدى التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل إلى تراجع ملحوظ في أداء أسهم قطاع التكنولوجيا والعقارات، وهما من أكثر القطاعات حساسية تجاه التوترات الجيوسياسية. وسجلت شركات كبرى مثل "إلبيت سيستمز" و"تشِك بوينت" تراجعات بين 2% و2.7% صباح الأحد، وفق موقع "غلوبس" الاقتصادي الإسرائيلي. كما تراجعت أسهم شركات تطوير عقاري بارزة مثل "عزرائيلي غروب" و"أفكا كابيتال"، بسبب مخاوف المستثمرين من تأجيل مشاريع التوسع أو تراجع الطلب. وتزامن ذلك مع تباطؤ في تداول أسهم شركات الطيران والنقل بسبب إغلاق المجال الجوي.
وقالت شركات طاقة إسرائيلية وإعلام عبري، اليوم الأحد، إن الهجمات الصاروخية الإيرانية الأخيرة تسببت في أضرار مادية مباشرة في منشآت نفطية استراتيجية في مدينة حيفا شمالي البلاد، من بينها خطوط أنابيب وخطوط نقل وقود، بحسب ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية الرسمية (كان). وأفادت شركة باز أويل (Baz Oil)، إحدى مشغلات مصافي النفط، بأن الانفجارات الليلية تسببت في اشتعال محدود وجرت السيطرة عليه، فيما أُوقفت عمليات النقل مؤقتاً لإجراء التقييمات الفنية. ولم تذكر التقارير الرسمية حتى اللحظة وقوع خسائر بشرية، لكن التقديرات الأولية تشير إلى تأثر مباشر في سلسلة الإمداد الداخلي في المنطقة الشمالية.
تُعد مدينة حيفا مركزاً حيوياً لقطاع الطاقة الإسرائيلي، حيث تضم مجمع مصافي النفط الأهم في البلاد الذي يزود السوق المحلية بنسبة تزيد عن 65% من احتياجات الوقود المكرر
وتُعد مدينة حيفا مركزاً حيوياً لقطاع الطاقة الإسرائيلي، حيث تضم مجمع مصافي النفط الأهم في البلاد الذي يزود السوق المحلية بنسبة تزيد عن 65% من احتياجات الوقود المكرر، وفقاً لتقرير سابق لمعهد الطاقة الإسرائيلي. كما ترتبط مصافي حيفا بشبكة أنابيب تنقل المشتقات البترولية إلى وسط البلاد والجنوب، ما يعني أن أي خلل فيها يهدد بتعطيل سلاسل التوزيع. وتشير خريطة شركة كاتسا، وهي مشغل أنابيب النقل، إلى أن الخطوط المتأثرة تشمل فرعاً ناقلاً نحو منشآت عسكرية ومناطق صناعية في الخضيرة وتل أبيب. وبحسب تقرير لقناة i24News، عُطّلت ثلاثة خطوط فرعية نتيجة الضغط الناتج عن القصف.
وأدى توقف بعض خطوط النقل إلى تأخير عمليات التوزيع المحلية للمشتقات النفطية، خصوصاً وقود المركبات والديزل الصناعي، ما دفع وزارة الطاقة الإسرائيلية إلى تفعيل مخزونات طوارئ جزئية، وفق ما أكده مسؤول في الوزارة لصحيفة ذي ماركر صباح الأحد. وبحسب المصدر نفسه، تُضخ كميات محدودة من الوقود من مخازن احتياطية في الجنوب إلى محطات مركزية بهدف استقرار السوق. ورغم عدم وجود أزمة وقود حتى اللحظة، فإن مصادر تجارية نقلت مخاوف من ارتفاع الأسعار مؤقتاً خلال الأسبوع الجاري في حال لم تُستأنف عمليات الضخ.
تراجع الشيكل
وتشير تقديرات بنك إسرائيل المركزي إلى أن النمو المتوقع لعام 2025 يبلغ نحو 2.3%، إلا أن استمرار الضربات قد يضرب هذا التقدير في الصميم. ووفق تحليل نشرته صحيفة كالكاليست الاقتصادية أمس السبت، فإن قطاعات التصدير التكنولوجي والخدمات المالية هي الأكثر عرضة للتأثر نتيجة تذبذب بيئة الأعمال وتراجع شهية الاستثمار الأجنبي. ويواجه الشيكل الإسرائيلي ضغوطاً في أسواق الصرف، إذ سجل تراجعاً بنسبة 1.1% مقابل الدولار خلال 48 ساعة من بدء التصعيد بحسب بيانات "بلومبيرغ ". ويرى محللون أن أي تأخير في تهدئة الأوضاع سيؤدي إلى توسع عجز الحساب الجاري وتآكل الثقة بالمركز المالي لإسرائيل. كما يُخشى من تراجع التصنيف الائتماني إذا طال أمد المواجهات.
وفي المقابل، جاءت ردود فعل الأسواق الإقليمية أكثر هدوءاً رغم الترقب الشديد. فقد افتتحت مؤشرات البورصة في السعودية والإمارات وقطر على استقرار نسبي في ظل غياب عمليات بيع جماعي، لكن مع تراجع محدود في قطاعات السفر والنقل الجوي. وذكرت "سي إن بي سي عربية" أن الشركات الخليجية الكبرى تتابع من كثب تطورات الموقف لتقييم أثره على خطوط الإمداد، خصوصاً مع احتمال تعطل الملاحة في شرق المتوسط. كما ارتفعت أسعار النفط بنسبة 2.3% يوم السبت مدفوعة بالمخاوف من توسع النزاع وفق بيانات وكالة بلومبيرغ. وتُظهر هذه المؤشرات أن الأسواق الإقليمية تميل إلى الحذر، مع تركيز المستثمرين على الأخبار العاجلة أكثر من الأساسيات الاقتصادية.
تكبدت الأسواق الإسرائيلية خسائر كبيرة بنهاية تعاملات الأسبوع، إذ خسرت بورصة تل أبيب نحو 3.64% في تداولات يوم الجمعة، بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران
وتكبدت الأسواق الإسرائيلية خسائر كبيرة بنهاية تعاملات الأسبوع، إذ خسرت بورصة تل أبيب نحو 3.64% في تداولات يوم الجمعة، بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران، مسجلة نحو 5830 نقطة، بحسب "رويترز". كما تراجع سعر صرف الشيكل الإسرائيلي بنسبة تجاوزت 5% في تعاملات الجمعة، ليسجل 3.66 مقابل الدولار الأميركي، مقارنة بـ3.48 شيكلات صباح الخميس، وفقا لبيانات بنك إسرائيل، في أكبر هبوط يومي للعملة منذ إبريل/نيسان الماضي. وعزز التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران مخاوف المستثمرين الأجانب من اتساع رقعة المواجهة وهروب رؤوس الأموال قصيرة الأجل نحو عملات الملاذ الآمن، وفق "غلوبس".
ويُعد الشيكل من أكثر العملات تأثراً بالمتغيرات السياسية. وكان الشيكل قد سجل أداءً قويّاً مطلع العام بفضل رفع أسعار الفائدة وثقة المستثمرين، قبل أن تتبخر تلك الثقة تدريجيّاً مع تصاعد التهديدات الأمنية وتفاقم العجز في الميزانية نتيجة الإنفاق العسكري. وبسبب قرارات إسرائيل العسكرية بضرب المنشآت الإيرانية، انتشر الذعر في الداخل الإسرائيلي، وتهافت المواطنون على شراء المزيد من احتياجاتهم تحسباً لطول أمد الحرب التي قد لا تنتهي قريباً، مع وعيد إيران بالرد الانتقامي وتدخل الولايات المتحدة في الرد على تهديدات طهران.
ولطالما حاولت إسرائيل ترويج نفسها مركزاً إقليمياً للتكنولوجيا والاستثمار، إلا أن تكرار الضربات الصاروخية على العمق الإسرائيلي يهدد هذه الصورة الذهنية عالمياً، وقد يتسبب في زلزال مالي للاقتصاد المحلي. ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن مصادر مصرفية، أمس السبت، أن كبار المستثمرين الأجانب أعادوا تقييم محافظهم المرتبطة بالشركات الإسرائيلية. كما علقت بعض الصناديق الاستثمارية في أوروبا عمليات ضخ تمويل جديدة في السوق انتظاراً لتطور الأوضاع الأمنية. ويخشى محللون من أن تؤدي الضربات إلى تغير قواعد اللعبة في بيئة المخاطر، ما يُجبر شركات التكنولوجيا على نقل بعض مقارها أو مصانعها إلى دول أكثر استقراراً. وهذا قد تكون له تبعات استراتيجية على المدى المتوسط.
ونشرت مجموعة أكسفورد إيكونوميكس تحليلاً أمس السبت، قالت فيه إن استمرار التصعيد أكثر من أسبوعين قد يؤدي إلى انكماش ربع سنوي في الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 1.1%. ويعود ذلك إلى احتمال انخفاض إنفاق المستهلكين، وتراجع قطاع السياحة، وتعليق مشاريع كبرى للبنية التحتية. كما أن ارتفاع كلفة التأمين على الشحنات الجوية والبحرية قد يرفع أسعار السلع المستوردة، ويؤدي إلى ضغوط تضخمية جديدة. أما في حال تحول المواجهة إلى حرب مفتوحة، فستدخل إسرائيل مرحلة ركود فوري يتطلب تحفيزاً مالياً واسعاً لتجنب التراجع في مستويات التشغيل والنمو. ويرى مراقبون أن الاقتصاد الإسرائيلي يقف الآن عند مفترق طرق حساس بين الانضباط والتدهور.
ويعاني الاقتصاد الإسرائيلي من ارتفاع التضخم، إذ بلغ معدل التضخم السنوي 3.6% في إبريل/نيسان 2025 مقارنة بـ3.3% في مارس/آذار. وارتفعت الأسعار بوتيرة أسرع في قطاعي النقل والاتصالات (2.3% مقابل 1.1% في مارس)، والخضراوات والفواكه (3.9% مقابل 2.4%). قابل ذلك جزئيّاً تباطؤ في التضخم في أسعار المواد الغذائية باستثناء الخضراوات والفواكه (4.7% مقابل 4.8%)، وانكماش أكبر في أسعار الملابس والأحذية (-2.6% مقابل -2.2%)، بحسب "ترايدينغ إكونومي".
تعرضت سلاسل البيع الكبرى في تل أبيب وباقي المدن لضغط هائل، فيما اصطفت طوابير طويلة من المتسوقين أمام المتاجر والمولات، وسط تقارير عن نفاد سريع للسلع الأساسية
وأبقى بنك إسرائيل سعر الفائدة المرجعي ثابتاً عند 4.5% للاجتماع الحادي عشر على التوالي في 26 مايو/أيار 2025، تماشياً مع توقعات السوق. وتباطأ النمو الاقتصادي الإسرائيلي إلى 0.9% في عام 2024، مقابل نمو قدره 1.8% في 2023، ويمثل هذا أضعف نمو منذ عام 2020، حين أثّرت الجائحة بشدة على الاقتصاد. ويُعزى هذا التباطؤ بشكل أساسي إلى الحرب الإسرائيلية على غزة. وارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 1.1% في إبريل/نيسان، وهي أعلى زيادة شهرية منذ يوليو/حزيران 2022. كما تجاوز هذا بشكل كبير توقعات السوق بارتفاع قدره 0.6%، وتسارع من زيادة قدرها 0.5% في مارس/آذار.
وتعرضت سلاسل البيع الكبرى في تل أبيب وباقي المدن الإسرائيلية لضغط هائل، فيما اصطفت طوابير طويلة من المتسوقين أمام المتاجر والمولات، وسط تقارير عن نفاد سريع للسلع الأساسية. ووفقاً لوسائل إعلام إسرائيلية، قدّر مراقبون أن وتيرة التسوق ارتفعت بنسبة 300%، حيث تركز الإقبال الكثيف على المواد الغذائية، والمياه، والمستلزمات الطبية، إلى جانب بطاريات الشحن والمولدات التي سجلت طلباً قياسيّاً. ولم تصمد المخازن أمام هذا الإقبال المفاجئ، ما أثار مخاوف من نقص واسع في المعروض، في وقت يتصاعد فيه القلق من موجة تضخم مرتقبة بفعل ارتفاع الطلب وضعف الإمدادات. وتؤكد مشاهد الأسواق الإسرائيلية أن تأثير التوترات الجيوسياسية انتقل سريعاً إلى حياة الناس اليومية وسط مخاوف من تصعيد أوسع.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اعتراض على إقامة حفلة زفاف جيف بيزوس في البندقية: "غير مرحب به"
اعتراض على إقامة حفلة زفاف جيف بيزوس في البندقية: "غير مرحب به"

جو 24

timeمنذ ساعة واحدة

  • جو 24

اعتراض على إقامة حفلة زفاف جيف بيزوس في البندقية: "غير مرحب به"

جو 24 : عُلّقت لافتة كبيرة على برج جرس يُطل على بحيرة البندقية، عليها صورة مؤسس شركة "أمازون" جيف بيزوس مشطوبة بعلامة حمراء، اعتراضا على زواجه المزمع إقامته في نهاية يونيو. متظاهرون في البندقية يعلقون لافتة مناهضة لبيزوس على جسر ريالتو قبل حفل زفاف الملياردير - رويترز ومن المقرر أن يحتفل الملياردير الأميركي البالغ 61 عاما وخطيبته الصحافية لورين سانشيز بزفافهما في البندقية من 24 إلى 26 يونيو، بحضور عدد كبير من كبار الشخصيات. وفي منشور عبر فيسبوك، كتبت مجموعة "نو سبايس لبيزوس" (لا مكان لبيزوس) التي علقت اللافتة التي أُزيلت الخميس، وألصقت دعوات إلى مظاهرة ضد هذا الحدث: "غير مرحب به لا في البندقية ولا في أي مكان آخر!". في العام 2014، استضافت المدينة حفلة زفاف الممثل الهوليوودي جورج كلوني والمحامية أمل علم الدين. وأكدت المجموعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن "البندقية مدينة نابضة بالحياة، وليست مكانا للإيجار بأفضل الأسعار". من جانبه، رحّب رئيس البلدية لويجي برونيارو، بقرار الزوجين اختيار البندقية لإقامة حفلة زفافهما، وقال لصحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية في آذار/مارس إن الفوائد الاقتصادية للزفاف ستبلغ ملايين الدولارات. وأكدت البلدية أن الحفلة ستضمّ 200 ضيف فقط، ولن تتسبب تاليا أي ضرر للمدينة. وقد أفادت وسائل الإعلام الإيطالية بحجز خمسة فنادق لهذه المناسبة، بالإضافة إلى أسطول ضخم من قوارب التاكسي المائي ومرسى ليخت بيزوس العملاق. وأشار معارضو الحدث إلى خصخصة جزء من المدينة التي تواجه أصلا أعدادا هائلة من السياح بالكاد تنجح السلطات في الحدّ منها. تابعو الأردن 24 على

الشيكل يرتفع وسط استمرار المواجهة
الشيكل يرتفع وسط استمرار المواجهة

جفرا نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • جفرا نيوز

الشيكل يرتفع وسط استمرار المواجهة

جفرا نيوز - ارتفع الشيكل الإسرائيلي نحو اثنين بالمئة مقابل الدولار اليوم الاثنين في مستهل أول جلسة تداول منذ يوم الجمعة، معوضا معظم الخسائر التي تكبدها الأسبوع الماضي قبل اندلاع المواجهة بين إسرائيل وإيران. وبلغ الشيكل 3.55 للدولار، مرتفعا 1.9 بالمئة عن يوم الجمعة. وكانت العملة الإسرائيلية تراجعت من مستوى 3.50 إلى 3.61 شيقل للدولار خلال الفترة من 11 إلى 13 يونيو حزيران. وتبادلت إسرائيل وإيران الهجمات الليلة الماضية لليوم الثالث على التوالي. وشنت إسرائيل ضربات واسعة النطاق على إيران يوم الجمعة 13 يونيو/حزيران 2025 وقالت إنها استهدفت منشآت نووية ومصانع صواريخ باليستية وقادة عسكريين، وإن هذه بداية عملية مطولة لمنع طهران من صنع سلاح نووي. وأكد الجيش الإسرائيلي في بيان أن الهجوم نفذته 200 مقاتلة إسرائيلية ضد أكثر من 100 هدف. بدورها، أعلنت هيئة الأركان العامة الإيرانية عن مقتل رئيس الأركان العامة محمد باقري، وقائد مقر "خاتم الأنبياء' المركزي غلام علي راشد، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، جراء الغارات الإسرائيلية، وعدة قادة آخرين، إضافة إلى مقتل عدد من علماء إيران النوويين. واعتبرت إيران، الجمعة، الهجوم الإٍسرائيلي على منشآتها العسكرية والنووية بمثابة "إعلان حرب'، بحسب ما نشر على موقع "إكس'. وشنت طهران 5 موجات من الضربات الجوية ضد إسرائيل منذ ليل الجمعة إلى صباح اليوم السبت، ما تسبب في سقوط 3 قتلى وأكثر من 90 مصابا. ودوت صفارات الإنذار في تل أبيب والقدس، ما دفع السكان إلى الملاجئ. وقال الجيش الإسرائيلي إنه جرى تفعيل أنظمة الدفاع الجوي التابعة له لاعتراض الصواريخ الإيرانية. والهجوم الإسرائيلي الحالي على إيران يعد الأوسع من نوعه، ويمثل انتقالا واضحا من "حرب الظل' التي كانت تديرها تل أبيب ضد طهران عبر التفجيرات والاغتيالات، إلى صراع عسكري مفتوح يتجاوز ما شهده الشرق الأوسط منذ سنوات.

البطوش تكتب: أزمة الوعي بزمن الحروب الذكية
البطوش تكتب: أزمة الوعي بزمن الحروب الذكية

جفرا نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • جفرا نيوز

البطوش تكتب: أزمة الوعي بزمن الحروب الذكية

جفرا نيوز - كتبت - حنين البطوش / استشارية نفسية أسرية وتربوية في الوقت الذي تتساقط فيه الصواريخ في سماء المنطقة وتشتعل فيه المواجهات بين القوى الكبرى، يظهر في مجتمعاتنا مشهد عبثي لا يشبه حجم الحدث ولا خطورته، تتحوّل لحظات التوتر إلى عروض تصوير وترفيه فوق الأسطح، حيث يتسابق البعض لتوثيق "لقطات الصواريخ' كأنهم يشاهدون ألعاباً نارية ليلة رأس السنة، بينما تتصدر المقاطع منصات التواصل في سباق محموم على المشاهدات والترندات، لاقتناص "اللقطة الذهبية'، وتنشط منصات التواصل في سباق محموم: من صوّر أكثر؟ من التقط المشهد الأوضح؟ من أطلق المقطع الأعلى تداولاً؟ كل شيء يتحول إلى مادة استهلاكية في سوق الترندات الفارغة. في المقابل، تُدار المعركة الحقيقية في غرف عمليات متطورة، حيث تتحرك إسرائيل بمنظومات تكنولوجية معقدة، تدير الصراع من خلال الذكاء الاصطناعي والتحليل الاستباقي وإدارة البيانات في الزمن الحقيقي، شبابهم في مراكز التحكم يبرمجون الطائرات المسيّرة عن بُعد، يراقبون الأقمار الصناعية، ويتخذون قرارات لحظية عالية الدقة، بينما كثير من شبابنا لا يزال يتساءل بدهشة: "كيف يفعلون هذا؟' ليست أزمتنا في نقص التكنولوجيا فقط، بل في العقلية المنتجة لها، هناك من يستخدم الذكاء الاصطناعي لرسم مستقبل الصراع، حيث تتحرك الخوارزميات وتشتغل أنظمة التحليل التنبئي لتصنع القرار العسكري والسياسي لحظة بلحظة، وفي المقابل نقف نحن في الضفة الأخرى، أسرى ثقافة استهلاكية سطحية، نتلقف كل صورة غريبة أو مشهد مثير لنحوّله إلى مادة ضحك عابرة ومحتوى ترفيهي سريع يُستهلك في دقائق، ثم يُقذف في هوامش "الترند' دون وعي يُقرأ، أو تحليل يُبنى عليه، أو إدراك يُنتج فهماً أعمق لما تعنيه تلك الأحداث لمستقبل المنطقة. لقد تحوّلت ملفات الصراع الجيوسياسي الكبرى إلى محتوى تيك توك وفيديوهات كوميدية، بينما الحقيقة على الأرض تتجاوز هذا المشهد الاستهلاكي بكثير؛ إذ إن الحرب اليوم لم تعد مجرد تبادل نيران، بل معركة عقول ومراكز أبحاث وهندسة معلومات متقدمة ترسم عبرها القوى الكبرى خرائط المستقبل وتعيد تشكيل موازين القوة في المنطقة. الأخطر من ذلك، هو الاستهانة بالمعلومة نفسها؛ نتلقف العناوين دون تمحيص أو تحقق، ونحول النكبات إلى نكات والدمار إلى محتوى ساخر، حتى أصبحت غالبية الجمهور تعيش داخل فقاعة من الانفصال عن خطورة ما يجري فعلاً في محيطنا، وبدلاً من تفكيك الخبر واستقراء أبعاده، أصبحنا نتعامل معه كوجبة سريعة على موائد الترفيه الرقمي؛ نستهلكه لنملأ لحظات الفراغ لا لنفهم ديناميكياته، وفي عمق هذه الأزمة تغيب بنية التفكير الواعي، معركتنا الحقيقية معركة فكر، لا معركة عتاد فقط، نفتقد الوعي الاستراتيجي، والثقافة السياسية، والمسؤولية تجاه مستقبل المنطقة. لا يمكن تفكيك هذا المشهد دون التوقف أمام التحوّلات الجذرية في بنية الأسرة ودورها الأساسي كمنظومة تربوية يفترض بها أن تكون الحاضنة الأولى لبناء الوعي وتشكيل أنماط التفكير لدى الأجيال الناشئة، إذ في ظل الانزلاق الجماعي نحو الترفيه الرقمي الاستهلاكي، تحولت كثير من البيوت إلى مجرد امتدادات مفتوحة لمنصات التواصل الاجتماعي، حيث يتماهى الأبناء مع دوامة الترندات العابرة بلا رقيب معرفي أو مرجعية تربوية فاعلة تضبط هذا الانجراف المتسارع. الأكثر خطورة أن الأطفال والمراهقين باتوا لاعبين أساسيين في إنتاج هذا المحتوى الفارغ، مستغلين أدوات الإعلام الجديد في تكرار أنماط التحديات العبثية والمقاطع السطحية التي تعزز ثقافة الفراغ المعرفي، في غياب شبه كامل لدور الأسرة بوصفها الحارس الأول للوعي، والقادرة على رسم الحدود السلوكية والمعرفية التي تقي أبناءها من هذا الانهيار الجماعي للمعايير والقيم. المعركة الحقيقية اليوم هي معركة وعي قبل أن تكون معركة سلاح أو تكنولوجيا؛ فالأزمة الأعمق تكمن في بنية فكرية هشّة لجيل يرى أخطر صراعات المنطقة كعروض ترفيهية موسمية تُستهلك في دقائق، نعاني من غياب الوعي الاستراتيجي والثقافة السياسية والجيوسياسية، وانعدام الفهم العميق لديناميكيات الصراع، وتراجع الحس بالمسؤولية تجاه مستقبل المنطقة، وغياب ثقافة التحليل المنهجي والاكتفاء بالمعلومة السطحية السريعة الجاهزة للاستهلاك الفوري دون أي تدقيق أو فحص. خلاصة المشهد المؤلم إن الفجوة الأعمق اليوم ليست فجوة أدوات، بل فجوة عقول ووعي؛ ففي حين تُدار المعارك بخوارزميات متقدمة وذكاء اصطناعي يرسم تفاصيل الصراع بدقة، ينشغل البعض في مجتمعاتنا بتوثيق المشهد كعرض ترفيهي موسمي، وبينما ينتج الآخرون المعرفة والتكنولوجيا، ننتج نحن ضجيجاً استهلاكياً فارغاً، إنها أزمة عقل عاجز عن الفهم والتحليل والمشاركة الفاعلة في صناعة القرار، يتحوّل أمام أخطر أحداث المنطقة إلى متفرج مسحور بالمشاهد لا مدرك لأبعادها. ويبقى السؤال المؤلم معلقاً في عمق هذا المشهد: إلى متى سيبقى شبابنا غارقين في ترندات فارغة وتحديات عبثية، بينما ينشغل شباب العدو في المختبرات وصناعة أدوات الهيمنة عبر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي؟ إنها فجوة مؤلمة بين جيل يستهلك بلا وعي، وجيل يصنع مستقبله بمنهجية ومعرفة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store