
البحرين أولًا.. ودائمًا
تمر منطقتنا هذه الأيام بمرحلة دقيقة وحساسة، تُعيد إلى الأذهان ما تعودنا تسميته بـ 'اللحظات الحرجة في تاريخ المنطقة'، لكننا اليوم لا نتحدث عن لحظة عابرة، بل عن مرحلة تحمل ملامح تحوّل كبير قد يُعيد رسم موازين القوى، ويترك تأثيراته السياسية والأمنية والاقتصادية على الجميع دون استثناء.
اندلاع المواجهة العسكرية المباشرة بين إسرائيل وإيران لم يكن مفاجئًا في جوهره، فالتوترات المتصاعدة بين الطرفين كانت بمثابة برميل بارود ينتظر شرارة. لكن المفاجئ أن الشرارة اشتعلت فعلًا. الحرب، سواء طالت أو قصرت، لن تكون محصورة بين طرفيها فحسب، بل ستطول بتبعاتها دول الإقليم بأشكال مباشرة وغير مباشرة.
في البحرين، وكما هو الحال في سائر دول المنطقة، نعيش جغرافيًّا في قلب الحدث، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن نكون طرفًا فيه، بل على العكس من ذلك، مصلحتنا كدولة صغيرة في عالم مضطرب تقتضي أن نكون ثابتين في مواقفنا، حذرين في ردودنا، متماسكين في جبهتنا الداخلية. وهنا أهمية البيان الرسمي الصادر عن وزارة الخارجية البحرينية الذي دان العدوان الإسرائيلي على إيران، وأكد خطورة التصعيد العسكري على أمن واستقرار المنطقة. إن هذا الموقف الواضح والمتزن يعكس سياسة الدولة الثابتة في رفض الاعتداءات أياً كان مصدرها، وفي الدعوة لخفض التصعيد وتغليب الحلول الدبلوماسية، لا العسكرية.
وهناك مسؤولية موازية تقع على عاتق المجتمع البحريني، وهي مسؤولية الحفاظ على وحدة الصف، وتجنب الانجرار وراء أي خطاب طائفي أو استفزازي أو موجه من الخارج. ففي مثل هذه الأجواء تزداد محاولات التشويش على وعي الناس، عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، أو من خلال بث الشائعات والمعلومات المضللة التي تهدف إلى بثّ القلق والانقسام والتشكيك.
اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى الهدوء والرصانة، لا إلى التهويل والارتباك. نحتاج إلى أن نُحسن التمييز بين التعبير عن الرأي، وبين الانجرار إلى تبني مواقف حادة أو انفعالية قد تضر ولا تنفع. نحتاج إلى أن نكون عقلاء في زمن الانفعال، وموحدين في وجه أي تهديد، سواء كان خارجيًّا أو داخليًّا.
ما يجري من حولنا قد لا يكون بيدنا تغييره، لكن بيدنا أن نحمي وحدتنا، ونصون مجتمعنا وجبهتنا الداخلية، ونتعامل مع الأحداث بعين وطنية يقظة، لا بعين حزبية أو مذهبية أو انفعالية. فالأوطان لا تُبنى بالشعارات، بل بالوعي والالتفاف حول الثوابت، وبالثقة في مؤسسات الدولة، وبالعمل الصامت حين يعلو الضجيج.
ففي أزمنة الحرب، كما في أزمنة السلم، يبقى الوطن هو الثابت، وكل ما عداه تفاصيل.
من جهتها، فإن الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، تعمل جاهدة من أجل إدارة الطوارئ المدنية، والتأكيد على جاهزية المؤسسات والجهات المعنية في التعامل مع مختلف الظروف، ووفق منهجية مؤسسية متكاملة، تحقق الأمن والاستقرار للمواطنين والمقيمين. ولا ننسى الخطوات التي تتخذها الجهات الحكومية في إطلاع المواطنين والمقيمين على كل الإجراءات والتعليمات اللازمة والطرق السليمة في التعاطي والتعامل مع مختلف الظروف والحالات.
ولا شك أن مساندة واهتمام ودعم صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وحرص سموه على المتابعة المباشرة لكل الجهود والتدابير التنظيمية لهو محل تقدير واحترام الجميع من مواطنين ومقيمين.
حفظ الله مملكتنا الغالية من كل شر ومكروه، وأنعم علينا نعمة الأمن والأمان في ظل قيادتنا الرشيدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 7 ساعات
- البلاد البحرينية
أسامة مهران حرب الصاروخ والجلباب! الجمعة 20 يونيو 2025
مع الفارق، وأثناء الحرب الأفغانية الأميركية، كان قد صدر كتاب عن المفكر الإعلامي المصري الراحل محمود المراغي، يحمل عنوانًا مثيرًا: 'حرب الصاروخ والجلباب'، وذلك في إشارة واضحة منه عن تلك الحرب التي تعكس التطور الحضاري لدى الغرب، والتراجع الكبير لدى الدول الإسلامية. كان يرمز الأستاذ المراغي للجلباب بأنه زي 'التراجع'، وإلى الصاروخ بأنه رمز التقدم والتحضر والإلمام بالعلوم الحديثة. وفي إشارات واضحة بالكتاب، يؤكد المؤلف حقيقة مهمة مفادها أن الزي الذي كان يرتديه المقاتلون في الجبال والتضاريس الأفغانية الصعبة لا يليق بمقاتل شرس، أو بجيش نظامي له تاريخ. لا أدري لماذا تذكرت هذا الكتاب الآن وأنا أتابع التصريحات الإيرانية التي أطلقها القادة العسكريون والدينيون قبل 48 ساعة، وتنبئ بمفاجأة مدوية لن ينساها الكون إلى الأبد. تذكرت شعارات القاعدة والجماعة الإسلامية آنذاك، وكيف أنها جرت البلاد والعباد إلى حرب ما زالت أفغانستان تعاني من ويلاتها وآثارها المدمرة حتى الآن. مع الفارق، ولكن مع القياس، أقلقني الخطاب السياسي للقادة الإيرانيين خلال الخمسة أيام الأولى من حرب تكسير العظام مع العدو الإسرائيلي. أقلقتني الطريقة التي يتم بها الإعلان والتسويق لتلك الانتصارات الإيرانية التي تحققت على الأرض بنقل القتال، ولأول مرة خلال الصراع العربي الإسرائيلي، إلى الداخل الإسرائيلي، إلى تل أبيب وحيفا والقدس وصحراء النقب. أقلقني توزيع الغنائم والحرب لم تضع أوزارها بعد، ولم تقلقن أبدًا تلك الانتصارات المجتزئة التي حطمت نظريات الأمن الإسرائيلية، وذهبت بها أدراج الرياح، ولم تقلقن تلك الحالة الصعبة التي يعيشها 'شعب الله المختار' في الملاجئ وهو يخشى الصواريخ الإيرانية الفعالة. 'حرب الصاروخ والجلباب' تحولت بقدرة قادر إلى حرب الصاروخ و'البدلة' العسكرية الزرقاء، إلى حرب الصواريخ الإيرانية المرعبة في مواجهة المقاتلات الإسرائيلية الأميركية الأحدث في تاريخ الصراع الجوي كله. إسرائيل بطبيعة الحال لم تقف مكتوفة الأيدي وهي التي بدأت الحرب متذرعة بـ 'النووي'، ومعتمدة على تقارير استخباراتية بأن إيران على وشك إنتاج قنبلة ذرية تعادل عشرات أضعاف قنبلتي 'هيروشيما' و'ناجازاكي'، ولابد من إجهاض التجربة في المهد وإلا سيحدث ما لا تحمد عقباه. حرب الجلباب والصاروخ.. لم تعد جلبابًا ولا صاروخًا، فالذي كان يتهكم قبل عشرين سنة وأكثر على الزي العربي أو الدين الإسلامي أصبح خصمه العقائدي هو الضليع في إطلاق الصواريخ، صحيح أن العكس لم يكن صحيحًا، حيث أصحاب 'الجلباب' يمتلكون الصواريخ العابرة، وأصحاب الصواريخ صاروا ينتجون التكنولوجيا الفارقة، والقنابل الموجهة بالليزر، وتلك الباحثة عن الأهداف، إلا أن الفارق الزمني تمامًا مثلما هو الفارق التقني، فكلا الطرفين يمتلك بنكًا للأهداف، وكلا الطرفين يتحدث عن التكنولوجيا العسكرية وفي كلتا يديه موجهات سحرية للصواريخ لا تتجاوز حبة العدس الصغيرة، هو الفارق الزمني بين من يحاربون بالكلاشينكوف رافعين كتاب الله عز وجل على أسنة الرماح، وأولئك الذين يحترفون صناعة المسيرات في مواجهة أشرس آلة عسكرية في الوجود، وهؤلاء الذين يتحدثون عن التخصيب النووي وكأنه حالة طارئة كان يعيشها 'المقاتلون' في المرتفعات الجبلية الأفغانية وهم لا يمتلكون سوى الدعوات الصالحات، وما تيسر من طلقات، وما ينبغي تخزينه من لقيمات. حرب الجلباب والصاروخ التي أسفرت في الماضي احتلال أفغانستان بالكامل، بينما الحرب الدائرة الآن قد لا تسفر هذه المرة عن احتلال كائن من كان لكائن من كان، فلكل ذي مقامٍ مقال، والله وحده أعلم.


البلاد البحرينية
منذ 7 ساعات
- البلاد البحرينية
البحرين أولًا.. ودائمًا
تمر منطقتنا هذه الأيام بمرحلة دقيقة وحساسة، تُعيد إلى الأذهان ما تعودنا تسميته بـ 'اللحظات الحرجة في تاريخ المنطقة'، لكننا اليوم لا نتحدث عن لحظة عابرة، بل عن مرحلة تحمل ملامح تحوّل كبير قد يُعيد رسم موازين القوى، ويترك تأثيراته السياسية والأمنية والاقتصادية على الجميع دون استثناء. اندلاع المواجهة العسكرية المباشرة بين إسرائيل وإيران لم يكن مفاجئًا في جوهره، فالتوترات المتصاعدة بين الطرفين كانت بمثابة برميل بارود ينتظر شرارة. لكن المفاجئ أن الشرارة اشتعلت فعلًا. الحرب، سواء طالت أو قصرت، لن تكون محصورة بين طرفيها فحسب، بل ستطول بتبعاتها دول الإقليم بأشكال مباشرة وغير مباشرة. في البحرين، وكما هو الحال في سائر دول المنطقة، نعيش جغرافيًّا في قلب الحدث، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن نكون طرفًا فيه، بل على العكس من ذلك، مصلحتنا كدولة صغيرة في عالم مضطرب تقتضي أن نكون ثابتين في مواقفنا، حذرين في ردودنا، متماسكين في جبهتنا الداخلية. وهنا أهمية البيان الرسمي الصادر عن وزارة الخارجية البحرينية الذي دان العدوان الإسرائيلي على إيران، وأكد خطورة التصعيد العسكري على أمن واستقرار المنطقة. إن هذا الموقف الواضح والمتزن يعكس سياسة الدولة الثابتة في رفض الاعتداءات أياً كان مصدرها، وفي الدعوة لخفض التصعيد وتغليب الحلول الدبلوماسية، لا العسكرية. وهناك مسؤولية موازية تقع على عاتق المجتمع البحريني، وهي مسؤولية الحفاظ على وحدة الصف، وتجنب الانجرار وراء أي خطاب طائفي أو استفزازي أو موجه من الخارج. ففي مثل هذه الأجواء تزداد محاولات التشويش على وعي الناس، عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، أو من خلال بث الشائعات والمعلومات المضللة التي تهدف إلى بثّ القلق والانقسام والتشكيك. اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى الهدوء والرصانة، لا إلى التهويل والارتباك. نحتاج إلى أن نُحسن التمييز بين التعبير عن الرأي، وبين الانجرار إلى تبني مواقف حادة أو انفعالية قد تضر ولا تنفع. نحتاج إلى أن نكون عقلاء في زمن الانفعال، وموحدين في وجه أي تهديد، سواء كان خارجيًّا أو داخليًّا. ما يجري من حولنا قد لا يكون بيدنا تغييره، لكن بيدنا أن نحمي وحدتنا، ونصون مجتمعنا وجبهتنا الداخلية، ونتعامل مع الأحداث بعين وطنية يقظة، لا بعين حزبية أو مذهبية أو انفعالية. فالأوطان لا تُبنى بالشعارات، بل بالوعي والالتفاف حول الثوابت، وبالثقة في مؤسسات الدولة، وبالعمل الصامت حين يعلو الضجيج. ففي أزمنة الحرب، كما في أزمنة السلم، يبقى الوطن هو الثابت، وكل ما عداه تفاصيل. من جهتها، فإن الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، تعمل جاهدة من أجل إدارة الطوارئ المدنية، والتأكيد على جاهزية المؤسسات والجهات المعنية في التعامل مع مختلف الظروف، ووفق منهجية مؤسسية متكاملة، تحقق الأمن والاستقرار للمواطنين والمقيمين. ولا ننسى الخطوات التي تتخذها الجهات الحكومية في إطلاع المواطنين والمقيمين على كل الإجراءات والتعليمات اللازمة والطرق السليمة في التعاطي والتعامل مع مختلف الظروف والحالات. ولا شك أن مساندة واهتمام ودعم صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وحرص سموه على المتابعة المباشرة لكل الجهود والتدابير التنظيمية لهو محل تقدير واحترام الجميع من مواطنين ومقيمين. حفظ الله مملكتنا الغالية من كل شر ومكروه، وأنعم علينا نعمة الأمن والأمان في ظل قيادتنا الرشيدة.


البلاد البحرينية
منذ 8 ساعات
- البلاد البحرينية
النائب حسن إبراهيم: التنوع مصدر قوة والإقصاء لا يبني المجتمعات
أكد النائب حسن إبراهيم أن مملكة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، تُعدّ نموذجًا يُحتذى به في تعزيز قيم التسامح والتعايش بين الأديان والثقافات، نظراً لسعيها الدؤوب على مدى سنوات طويلة من أجل ترسيخ مبدأ الحوار بين الأديان كدعامة أساسية لبناء مجتمع مستدام يتسم بالسلام والاحترام المتبادل. جاء ذلك خلال مداخلة ألقاها أمس (الخميس) ضمن مشاركة وفد الشعبة البرلمانية لمملكة البحرين في جلسة العمل المواضيعية المتعلقة ببحث تعزيز التعايش السلمي، وذلك ضمن المؤتمر البرلماني الثاني لحوار الأديان، الذي يُعقد في العاصمة الإيطالية روما، بمشاركة سعادة النائب محمد الأحمد، وسعادة النائب علي النعيمي، وفي ظل حضور نخبة من البرلمانيين وقادة الفكر من مختلف دول العالم، وذلك لمناقشة سبل تعزيز التعايش السلمي بين الأديان والثقافات، ودور البرلمانات في ترسيخ قيم التسامح والاحترام المتبادل. وفي مداخلة له خلال الجلسة، أكد أن التعايش السلمي يُعدّ أحد أنبل القيم الإنسانية وأساسًا متينًا للاستقرار والتنمية، مشيرًا إلى أن العالم اليوم يواجه تحديات متصاعدة، من نزاعات الهوية إلى تصاعد خطاب الكراهية، مما يجعل الحوار والتفاهم وقبول الآخر ضرورة حتمية لبناء مجتمعات آمنة ومزدهرة. وأشار إلى أن مملكة البحرين جعلت من تعزيز الحوار بين الأديان وحماية حقوق الإنسان جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيتها الوطنية، وأطلقت العديد من المبادرات الرائدة التي رسّخت اسم المملكة كمثال عالمي في التسامح والتعايش. وبيّن أن البحرين تعتبر 'التنوع مصدر قوة'، وأن المجتمعات لا تبنى على مبدأ الإقصاء بل بالتعدد والتكامل والتعاون، مشيرا إلى أن السلطة التشريعية في مملكة البحرين اضطلعت بدور محوري في ترسيخ ثقافة التسامح، عبر تطوير تشريعات حقوق الإنسان، وحماية الحريات الدينية. وأكد أن السلطة التشريعية في مملكة البحرين تعمل بجد في المحافل الإقليمية والدولية لنشر هذه الرؤية الإنسانية الرائدة، عبر دعم المبادرات التشريعية والرقابية التي تسهم في بناء بيئات قانونية عادلة تُعزّز من قيم السلام الداخلي، وتكافح كافة أشكال التمييز والتطرف وخطاب الكراهية، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن التعايش السلمي ليس مجرد شعار يُرفع، بل هو مسؤولية تشاركية تتطلب إرادة سياسية واعية، ومبادرات تشريعية فاعلة، وتعاونًا دوليًا صادقًا، بما يُرسّخ أسس المجتمعات المتسامحة، ويُعلي من قيمة الإنسان، أيًّا كان دينه أو معتقده أو خلفيته الثقافية.