
قتل المشتغلين بالقرآن نهج الإمامة منذ قرون
الشيخ أحمد بن زيد الشاوري، عاش في تهامة، واشتهر بعلمه وزهده وأمانته. ألّف رسالة تحث على لزوم السنة، فاستفزت الإمام محمد بن علي الهدوي، الملقب بصلاح الدين، فقاده الغضب إلى إرسال حملة عسكرية قتلت الشيخ وابنه أبا بكر وعددا من أهله وأصحابه.. لم تكتفِ الحملة بالقتل، بل نهبت الأموال المودعة في داره، وخلّفت الدمار وراءها.
بعد أسابيع، سقط الإمام من على دابته، وتوفي فجأة. رأى معاصروه في موته عقوبة إلهية. ورثاه الفقيه شرف الدين المقري بأبيات مؤلمة، أدانت الإمام القاتل، وخلّدت مظلومية الشيخ الشهيد:
لقد أطفأت للإسلام نورا*** يضيء العلم منه والصلاح
فتكت بأولياء الله بغيا*** وعدوانا ولج بك الجماح
فتكت بأحمد فانهدَّ ركنٌ*** من الإيمان وانقرض السماح
فلا تفرح بسفك دم ابن زيدٍ*** فما يرجى لقاتله فلاح بعد ستة قرون، وفي الأول من يوليو 2025، تكررت المأساة في محافظة ريمة؛ الشيخ صالح أحمد حنتوس، معلم قرآن سبعيني، عاش في قرية نائية، وكرّس حياته للتعليم. لم يعلن خصومة، ولم يؤذ أحدا، لكنه رفض أن يورّط طلابه في برامج التعبئة الحوثية، فلم تحتمل السلطات هذا الرفض الصامت. حاصرت ميليشيا الحوثي بيته، وقصفته بالقذائف، فاستشهد مع أقارب له، وأصابوا زوجته الفاضلة بجراح خطيرة. خطفوا أبناءه وأبناء أخيه، وسلبوا جثته من أهله، وأبعدوها عن القرية كما لو أرادوا محو أثره.
هؤلاء لا يطيقون معلما لا يسبح بحمدهم. يخافون من الكلمة أكثر من السلاح. من يعلم الأطفال أن 'إن أكرمكم عند الله أتقاكم'، يهدم أساس امتيازهم السلالي، لذلك يستهدفون هذا النوع من الشيوخ ليس لأنهم يشكلون خطرا مباشرا، وإنما لأنهم يزرعون الحصانة ضد الاستعباد.
السلاليون لا يكتفون بمواجهة السلاح، فهم يطاردون الكلمة الحرة، والتعليم المستقل، وكل وعي يهدد سلطتهم. المسجد الحر يقلقهم، والمعلم الذي لا يربط الدين بالطاعة لهم يتحوّل في أعينهم إلى عدو يجب إسكات صوته أو إخماد روحه. ما فعله الإمام الهدوي في تهامة فعله الحوثيون في ريمة.. كلاهما رأى في التعليم تهديدا، وفي الفقيه خطرا. كلاهما أرسل الحملة، وقتل، ونهب، واختطف. تغيّرت الأدوات، وبقي المنهج والأسلوب كما هو.
إن استشهاد الشيخ صالح حنتوس حرر الحقيقة من الصمت، ودفعها لتواجه قاتليه.. من جلسوا إليه سيحملون صوته، ومن رأوا دمه سيروون قصته.. والأجيال التي ودعته ستبني ذاكرتها على ما علّمه، وعلى وقفته الأخيرة.
لقد أرّخ الزبيدي جريمة (تهامة) قبل ستة قرون، وخلدها.. وما وقع في (ريمة) يسير في الدرب ذاته، ويظل حاضرا في ضمير الأجيال. تاريخ القمع يطرح السؤال نفسه في كل جيل: لماذا يخافون من معلّم القرآن؟
لأنهم لا يحتملون ضوءا ينبثق من غيرهم.
يتغير القاتل، لكن الدم واحد، والخوف هو الخوف، والجريمة هي الجريمة.
المقال نقلاً من صفحة الكاتب على فيسبوك مقالات ذات صلة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
الحسين رمز الصمود'.. رغد صدام تنشر مقطعاً مؤثراً لوالدها في ذكرى كربلاء
في مناسبة دينية ذات رمزية عميقة، نشرت رغد صدام حسين، ابنة الرئيس العراقي الأسبق، مقطع فيديو نادراً لوالدها يتحدث فيه عن الإمام الحسين عليه السلام، وذلك عبر حسابها الرسمي على منصة 'إكس' (تويتر سابقاً)، تزامناً مع ذكرى عاشوراء لعام 2025. وأرفقت رغد الفيديو بتعليق جاء فيه: 'الإمام الحسين عليه السلام هو رمز الصمود والتضحية، الذي واجه الظلم والطغيان بقلوب مؤمنة مع سبعين رجلاً فقط.. عظم الله أجرنا وأجركم في ذكرى استشهاد جدنا الإمام الحسين، ونسأل الله عز وجل أن يثبتنا وإياكم على طريق الحق والعدل'. في المقطع المصوّر، ظهر صدام حسين متحدثاً عن رمزية الإمام الحسين في مواجهة الظلم، قائلاً: 'أنتم ليش حساسين من أن تسموا الأمور بأسمائها؟ سكود روسي، أما هذا صاروخ عراقي واسمه الحسين، وعندنا أخو العباس… اسم الحسين يذكر بأن الحسين هو جدنا، قاتل الانحراف والجور بـ70 رجلاً، فكيف نحن الذين نملك الملايين لا نقاتل الانحراف والجور؟' وأضاف: 'من يذكر اسم الحسين سيتذكر أنه قاتل الجور بـ70 واحد، وبالتالي سيتذكر العراقيون اليوم، وهم 18 مليوناً، أنهم قادرون على القتال حتى ينتصر الحق على الباطل'. ⚖️ رمزية عاشوراء في الخطاب السياسي يأتي نشر هذا الفيديو في سياق استحضار الرموز الدينية في الخطاب السياسي، حيث يُوظف اسم الإمام الحسين كرمز للمقاومة والصمود في وجه الظلم، وهو ما يعكس محاولة لربط الماضي بالحاضر، واستنهاض الهمم الوطنية من خلال استدعاء التاريخ الإسلامي. الرموز الدينية رغد صدام حسين رمزية الإمام الحسين يوم عاشوراء شارك على فيسبوك شارك على تويتر تصفّح المقالات السابق أنقذ كليتيك الآن: 8 عادات تمنع الفشل الكلوي قبل أن يتفاقم الخطر'


وكالة الأنباء اليمنية
منذ ساعة واحدة
- وكالة الأنباء اليمنية
قطاع التربية بعمران ينظم ندوة بذكرى استشهاد الإمام الحسين
عمران - سبأ : نظّم قطاع التربية بمحافظة عمران، اليوم ندوة ثقافية بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام. وفي الندوة أكد وكيل المحافظة حسن الأشقص ومسؤول قطاع التربية زيد رطاس، أهمية التمسك بالقيم والمبادئ التي ضحى من أجلها الإمام الحسين بن علي عليهما السلام. وأشارا إلى ضرورة استلهام الدروس والعِبر من مواقف سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نصرة الحق، وصبره وثباته، وتضحيته في مواجهة الطغاة والمستكبرين. ولفت الأشقص ورطاس إلى أن فاجعة كربلاء لم تكن إلا نتيجة لانحراف الأمة عن نهج الحق، وتخاذلها، وضعف إيمانها وانعدام بصيرتها. فيما ألقى الناشط الثقافي صالح الزافني، محاضرة تحدث فيها عن ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، وما مثلته من مأساة للأمة الإسلامية. واعتبر هذه الذكرى، محطة إيمانية للتزود بقيم الصبر والثبات على الحق ومواجهة الباطل ورفض الخضوع لأعداء الأمة وتصحيح واقعها وتعزيز صمودها بوجه قوى الشر العالمي. ولفت الزافني إلى أهمية الاقتداء بثورة الإمام الحسين عليه السلام في مواصلة الصمود والتضحية لمواجهة قوى العدوان والاستكبار العالمي، ونصرة الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية حتى تحقيق النصر.


وكالة الأنباء اليمنية
منذ ساعة واحدة
- وكالة الأنباء اليمنية
السلطة المحلية بالبيضاء تنعي الشيخ ناصر عبدالله الحميري
البيضاء - سبأ : نعت قيادة السلطة المحلية بمحافظة البيضاء الشيخ ناصر عبدالله أبوسنه الحميري الذي وفاه الأجل عن عمر ناهز 65 عامًا بعد حياة حافلة بالعطاء في خدمة الوطن. وأشادت السلطة المحلية في بيان نعي، بمناقب الفقيد وإسهاماته في خدمة القضايا التنموية والخدمية وحل القضايا المجتمعية وإصلاح ذات البين. وعبرت عن خالص العزاء وعظيم المواساة لأبناء الفقيد قائد وعبدالله وعلي ومجلي وآل أبوسنه والحميري كافة بهذا المصاب، سائلة الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته وعظيم مغفرته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. "إنا لله وإنآ إليه راجعون".