logo
أي دور للبنوك الإسلامية بالمغرب في تمويل مشاريع مونديال 2030؟

أي دور للبنوك الإسلامية بالمغرب في تمويل مشاريع مونديال 2030؟

الجزيرةمنذ 2 أيام
الرباط – يعد التمويل الإسلامي خيارا بديلا متناميا في منظومة المال والأعمال في المغرب بسبب تطلع الفاعلين لأن يقدم حلولا تمويلية مبتكرة تتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية.
ورغم ذلك، لا يزال ثمة تحديات تقنية وتنظيمية وهيكلية تعرقل استثمار التمويل الإسلامي، لا سيما في تمويل المشاريع الكبرى التي تتطلب موارد مالية ضخمة.
ويمر القطاع المصرفي التشاركي في المغرب بمرحلة حاسمة، فبينما يحقق نموا ملحوظا في الودائع والتمويلات الموجهة للأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة، لا يزال بعيدا عن المساهمة الفعالة في المشاريع الإستراتيجية، ومنها المشاريع المرتبطة باستضافة المغرب لمونديال 2030.
ويثير هذا التباين تساؤلات حول قدرة هذا القطاع على تجاوز قيوده البنيوية، وتحقيق الاندماج الكامل في النسيج الاقتصادي الوطني، لاسيما في ظل الحاجة المتزايدة لتنويع مصادر التمويل وتعبئة رؤوس الأموال الضخمة.
صعوبات بنيوية
ظل حضور التمويلات الإسلامية في السوق المغربية محدودا منذ إدماجها الرسمي في المنظومة البنكية عام 2017، إذ بقي التركيز منصبا على القروض العقارية والاستهلاك الفردي، مع غياب شبه كامل عن تمويل المشاريع الإنتاجية.
ويعكس هذا التوجه بنية قطاع لا يزال في طور التكوين، ويواجه تحديات تتعلق بحجم أصوله وخبرته في التعامل مع المشاريع المعقدة.
ويقول الخبير في الاقتصاد والمالية الإسلامية محمد طلال لحلو للجزيرة نت إن المصارف التشاركية تواجه عوائق فكرية وتقنية أبرزها ضعف الوعي العام بطبيعة عملها، مما يؤدي إلى إبقاء الحسابات الجارية في البنوك التقليدية ويسبب شحا في السيولة.
بدوره، يؤكد الخبير الاقتصادي في المالية الإسلامية هشام بنلامين للجزيرة نت أن هذا النقص في السيولة يجعل المصارف التشاركية تركز على تمويلات متوسطة أو صغيرة الحجم، وتلجأ إلى الوكالة بالاستثمار، أي الاعتماد على البنوك التقليدية لاستقدام أموال لاستثمارها.
ويعود الأكاديمي لحلو لينبه إلى أن الاعتماد المتزايد على الوكالة بالاستثمار يؤدي إلى تراجع الابتكار، إذ تقلل هذه الصيغة من قدرة المصارف التشاركية على تطوير أدوات تمويلية جديدة تلبي حاجيات المشاريع الكبرى والاقتصاد الوطني.
وتشير بيانات بنك المغرب (البنك المركزي) لشهر ديسمبر/كانون الأول 2024 إلى أن إجمالي ودائع البنوك المغربية بلغ تريليون درهم (ما يعادل 110 مليارات دولار)، بينما بلغت الودائع الجارية للتمويلات التشاركية حوالي 12 مليار درهم (1.3 مليار دولار) بنمو سنوي 33.6%، وبلغت الودائع الاستثمارية 3.5 مليارات درهم (388 مليون دولار).
ولا تمثل أصول البنوك التشاركية في المغرب سوى 2% من إجمالي أصول القطاع المصرفي المحلي البالغة 1.9 تريليون درهم (190 مليار دولار)، ما يؤكد محدودية قدرتها التمويلية.
مشاريع مونديال 2030 ودور الصكوك الإسلامية
تغيب الصكوك الإسلامية حاليا عن تمويل المشاريع الكبرى في المغرب، ويبدو أن الحاجة إليها تزداد مع قرب مونديال 2030، لأنها قد توفر فرص تمويل جديدة تدعم المشاريع الحيوية، إذا صاحب ذلك ابتكار وتنويع.
ويقول محمد طلال لحلو إن الصكوك السيادية تمثل آلية تمويل بديلة عن الإقراض التقليدي، ويضيف أن هذه الصكوك تقوم على تمويل تشاركي موجه لمشاريع إنتاجية كالمصانع والقناطر والمطارات، يتم سدادها من مداخيل استخدام المنشآت نفسها، مما يحقق عدالة تمويلية ويخفف من مديونية الدولة.
من جهته، يقول أستاذ الاقتصاد والمالية بكلية الاقتصاد والتدبير، بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، المهدي فروحي إن قدرة البنوك التشاركية على تمويل مشاريع الملاعب والفنادق والبنية التحتية لمونديال 2030 محدودة بسبب ضعف حجم الودائع لديها وقلة خبرتها. مع ذلك، يتيح القانون المصرفي تقديم منتجات مثل المشاركة والمضاربة والإجارة والاستصناع، وهي صيغ أكثر ملاءمة لمشاريع استثمارية طويلة الأجل.
ويؤكد فروحي للجزيرة نت أن تفعيل هذه المنتجات يسهم في جذب عملاء ومستثمرين جدد، ويعزز السيولة، مشيرا إلى أن البنوك التشاركية يمكن لها، بالشراكة مع الدولة، إصدار صكوك خاصة بالمشاريع، وهي أداة تمويلية فعالة ومعتمدة عالميا لتمويل البنية التحتية الكبرى.
في المقابل، يرى الاقتصادي المغربي بنلامين أن فرص البنوك التشاركية في تمويل مشاريع المونديال ليست كبيرة، ما دامت المشاريع لم تطلَق وفق صيغة الصكوك الإسلامية، والتي يمكن أن تُبنى على الاستثمار أو الإجارة.
ويضيف أن صفقات البنية التحتية المرتبطة بالمونديال ضخمة بمبالغ تصل إلى مليارات الدراهم، ولا تملك البنوك التشاركية القدرة على تمويلها إلا جزئيا.
ويظهر هذا التباين أن حجم التمويلات لدى البنوك التشاركية، والتي تصل إلى 35 مليار درهم (3.5 مليارات دولار) مقابل حجم ادخار لا يتجاوز 12 مليار درهم (1.2 مليار دولار)، يفرض ضرورة تفعيل الصكوك لتجاوز فجوة السيولة والمساهمة في المشاريع الضخمة.
إصلاحات
وثمة حاجة إلى إصلاحات قانونية ومؤسساتية ضرورية لتفعيل دور المالية الإسلامية في الاقتصاد المغربي، وقد تفتح هذه الإصلاحات الباب أمام تجاوز القيود الحالية وتمكين القطاع من الإسهام الفعلي في تمويل التنمية، كما أن التطور البطيء للقطاع يعود جزئيا إلى غياب إطار تنظيمي متكامل يدعم نمو منتجاته وخدماته وفق مراقبين.
ويقول الخبير المالي بنلامين إن تبني الحكومة لصيغة التمويل بالصكوك السيادية هو مفتاح تفعيل فرص البنوك التشاركية في تمويل مشاريع مونديال 2030، لكنّ الواقع يكشف عن تأخر واضح في هذا المسار، ما يضعف من قدرة هذه البنوك على التحرك بفعالية.
بدوره، يؤكد لحلو أن المغرب بصدد إصدار صكوك تمويلية جديدة، مشيرا إلى أن الإصدار الأول كان يعاني من مشاكل هيكلية كبيرة واحتوى على مخالفات لاحظها بعض المتخصصين بعد التنفيذ.
ويشير لحلو إلى أهمية أن تكون هذه الصكوك الجديدة خالية من ضمانات جهة الإصدار على الأصل أو الأداء، إذ إن هذا محظور شرعا.
أما الخبير في المالية التشاركية نبيل الغزال فيرى في تصريح للجزيرة نت أنه بالرغم من أن الإطار القانوني والمؤسساتي متقدم في المغرب، إلا أن الإشكال الحقيقي يكمن في ضعف التفعيل العملي وغياب قرارات إستراتيجية تخرج هذه الإمكانيات إلى حيز التنفيذ، خاصة في مجال تمويل المشاريع الكبرى.
خدمات رقمية
تفتح التمويلات الإسلامية آفاقا واعدة في المغرب، خاصة في مجالات التمويل العقاري والرقمنة والشمول المالي.
وتمثل هذه المجالات فرصا يجب تفعيلها لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز الاستدامة المالية، إذ إن التوسع في هذه المجالات يمكن أن يعوض عن بعض القيود البنيوية التي يواجهها القطاع حاليا.
ويقترح الأكاديمي المغربي فروحي دمج التمويل التشاركي ضمن وسائل تمويل مشاريع 2030، الأمر الذي توقع أن يكون له آثار إيجابية متعددة، ويساعد في تنويع مصادر التمويل وجذب مستثمرين يبحثون عن استثمارات متوافقة مع مبادئ الشريعة.
ووفقا لتقرير فندكس حول الشمول المالي، يُعد العامل الديني أحد الأسباب الرئيسية لعدم تعامل العديد من العملاء مع البنوك التقليدية، مما يجعل التمويل التشاركي أداة فعالة لتعزيز الاندماج المالي.
ويشير الخبير المالي بنلامين إلى الصعوبات والتحديات التي تواجهها البنوك التشاركية في التوسع، ويؤكد أنه يمكن التغلب عليها عبر زيادة الاستثمار ورفع رؤوس أموال هذه البنوك، وفتح وكالات في مختلف المدن لتحقيق القرب من العملاء، والمناطق التجارية، والأحياء المتوسطة، وكذلك في المدن.
ويرى أن هذا التوسع يعتبر ضروريا، بجانب الانفتاح على المجال الرقمي عبر تطوير خدمات رقمية تضمن دورة بنكية متكاملة بشكل دقيق، سريع وسهل.
من جانبه، يعتقد الخبير المالي غزال أن التحول الرقمي يعد عاملا أساسيا لتعزيز مصداقية المعاملات وتوفير شفافية أكبر، وهو ما يطمئن الجمهور ويزيد من ثقتهم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

التحويلات المالية عبر الهاتف تعيد تشكيل الاقتصاد بأفريقيا جنوب الصحراء
التحويلات المالية عبر الهاتف تعيد تشكيل الاقتصاد بأفريقيا جنوب الصحراء

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

التحويلات المالية عبر الهاتف تعيد تشكيل الاقتصاد بأفريقيا جنوب الصحراء

كشفت تقارير اقتصادية متخصصة أن صناعة الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول تصاعدت بشكل لافت في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث بلغت أكثر من تريليون دولار من مجموع المعاملات في جميع أنحاء العالم سنة 2023. وبالنسبة لملايين الأفارقة، فإن المعاملات المالية التي تتم عبر تطبيقات الهاتف المحمول تشكل بوابة نحو الوصول إلى الأموال والأسواق، والمشاركة في الاقتصاد بشكل حيوي وفعال. وقد أسهمت جائحة كوفيد-19 في اندفاع ملايين الأفارقة إلى هذا النوع من الخدمات المالية، إذ دفعت إجراءات الحظر وإغلاق البنوك التقليدية بالعاملين في المجال الاقتصادي إلى الابتكار والبحث عن حلول بديلة تجعل المستخدمين على اتصال دائم بالمستثمرين والعاملين في مجال الصناعات المالية. وبعد فترة كورونا، أصبحت المنصات المالية المرتبطة بالهاتف تقدم حلولا بديلة وطريقة آمنة وسهلة لدفع الأموال مثل تسديد الفواتير، وإرسال الأموال، وتلقي التحويلات الحكومية. هذا التحول الملاحظ في خدمات الصناعات المالية ترك أثرا كبيرا، ليس على الأفراد فحسب، وإنما تجاوز إلى ميادين التجارة والنمو. فقد أفادت دراسة صادرة عن البنك الدولي سنة 2023 أن المناطق التي تشهد معدلات استخدام عالية للأموال عن طريق الهواتف شهدت نشاطا تجاريا محليا بنسبة 12%، مقارنة بالمناطق ذات الاستخدام المنخفض. ووفقا لنتائج هذه الدراسة فإن التأثير الاقتصادي لهذه المعاملات يكمن في كونه يساعد في خلق النمو الذي يبدأ من القاعدة نحو القمة. شركات نشطة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، عالجت منصات الأموال عبر الهاتف المحمول ما يزيد على 1.4 تريليون دولار من قيمة المعاملات المالية في سنة 2023 مشكّلة بذلك أكبر مساهمة للمنطقة. ويأتي هذا النمو متزامنا مع التوسع المستمر في استخدام الهواتف المحمولة، مما أتاح أدوات مالية لمن تم استبعادهم من النظام المصرفي التقليدي. ففي دولة غانا مثلا كانت التحويلات المالية عن طريق الهاتف في تصاعد لافت، إذ بلغت قيمتها 1.912 تريليون سيدي غاني في سنة 2023، وهو ما يمثل زيادة 78% مقارنة بسنة 2022 التي كانت فيها التحويلات عند عتبة 1.07 تريليون سيدي. وفي دولة الكاميرون، أفاد بنك دول وسط أفريقيا أن التحويلات المالية عن طريق الهاتف المحمول تصدرت المعاملات، وباتت الأداة الأكثر استخداما بين المتعاملين. وتعمل منصة مومو (MOMO) التابعة لشركة "إم تي إن" (MTN) في 17 دولة أفريقية لربط غير المتعاملين مع البنوك بالاقتصاد الرقمي، ومساعدة الحكومات في توصيل الإعانات والمدفوعات الاجتماعية بطريقة سلسلة وآمنة. ووفقا لمسؤولين من منصة "مومو" فإن الخدمات التي تقدمها للمتعاملين تتجاوز ربطهم بالاقتصاد الرقمي، إلى المساهمة في خلق واستعادة الكرامة من خلال الاستقلال المالي. ويقول سرين ديووم، الرئيس التنفيذي للخدمات المالية الرقمية في شركة "إم تي إن" إن الخدمات التي تقدمها مجموعته تهدف بالأساس إلى تمكين الناس من إدارة حياتهم وتنظيمها بسهولة، بعيدا عن تدخلات الآخرين. وبفعل هذه المنصات المالية، أصبحت منطقة غرب أفريقيا تتصدر الابتكار المالي في القارة السمراء، حيث سجلت غانا وساحل العاج أسرع معدلات نمو في 2023، متفوقتان على دول شرق أفريقيا بفارق 12 نقطة مئوية. تحديات تطوّر مشهد الأموال الرقمية في أفريقيا مع دخول شركات جديدة تقدم نماذج بديلة وأسعارا منخفضة وخدمات مبتكرة، الأمر الذي شكل منافسة شرسة للاعبين التقليديين. ورغم تلك النجاحات، تواجه المنصات العاملة في مجال صناعة الاقتصاد وتحريك الأموال عبر الهاتف المحمول عدة تحديات، أبرزها الأمن السيبراني ، إذ تم الإبلاغ في سنة 2023 عن جرائم ومحاولات احتيال بزيادة 22% عن العام الذي سبقه. وبالإضافة لمخاطر الاحتيال، تحتاج الأطر القانونية والتنظيمية إلى التطور لمواكبة القطاع، مع ضرورة الموازنة بين الابتكار وحماية المستخدمين، خاصة في ظل اتجاه الحكومات نحو فرض ضرائب على الخدمات المالية الرقمية.

رجل أعمال مقرب من زعيم المعارضة النيجيرية يثير قلق الرئيس وحاشيته
رجل أعمال مقرب من زعيم المعارضة النيجيرية يثير قلق الرئيس وحاشيته

الجزيرة

timeمنذ 11 ساعات

  • الجزيرة

رجل أعمال مقرب من زعيم المعارضة النيجيرية يثير قلق الرئيس وحاشيته

مع اقتراب عام 2027، يزداد القلق داخل الدائرة المقربة من الرئيس بولا تينوبو بشأن العلاقة بين رئيس شركة النفط الوطنية النيجيرية، بايو أوجولاري، ورجل أعمال يتمتع بنفوذ سياسي وهو أحد كبار المتعهدين مع الشركة، ومتزوج من ابنة السياسي المنافس أتيكو أبو بكر. ويواجه أوجولاري تدقيقًا شديدًا بعد مزاعم بأنه منح عقودًا مربحة لبشير هاسكي، صهر زعيم المعارضة ونائب الرئيس السابق أتيكو أبو بكر. ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية، وظهور أتيكو كمنافس رئيسي لتينوبو، يشعر حلفاء الرئيس بالقلق من علاقات أوجولاري المزعومة مع المعارضة. لاعب غير معروف في قلب هذه العاصفة يقف بشير هاسكي، رجل أعمال يبلغ من العمر 38 عامًا، لم يكن معروفًا في قطاع النفط والغاز النيجيري حتى انطلاقته السريعة قبل 6 سنوات. دخل هاسكي دائرة الضوء لأول مرة عام 2019، عندما اكتشفت شركته "الاتحاد لخدمات حقول النفط" البترول في بئر نهر كولماني بولاية باوتشي. وقد تعاقدت معه شركة النفط الوطنية النيجيرية لتنفيذ عمليات حفر استكشافية في شمال نيجيريا. وكان الإعلان بمنزلة أول اكتشاف للنفط والغاز والمكثفات في شمال البلاد لحظة تاريخية لنيجيريا وهاسكي، الذي كان حينها في الـ32 من عمره. صفقات جريئة ونزاعات قانونية لم يتوقف هاسكي عند ذلك. ففي عام 2021، تصدّر العناوين مجددًا بمحاولة جريئة للاستحواذ على 51% من حصص في حقول نفط كانت تديرها شركة أداكس للبترول الصينية، التي كانت تبحث مغادرة السوق النيجيرية. وفي العام التالي، دخل في نزاع قانوني مع رجل الأعمال إيمكا أوفور، الرئيس التنفيذي لشركة كازتيك الهندسية، حول تلك الأصول نفسها، وانتهى النزاع باستعادة شركة النفط الوطنية النيجيرية لتلك الحقول. إمبراطورية أعمال متنوعة اليوم، يشغل هاسكي منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة "آي آي آند آر للاستثمار"، وهي تكتل ضخم يديره مع شقيقه عبد الرحمن. تشمل المجموعة قطاعات متعددة في مجالات النفط والغاز، وتكنولوجيا المعلومات، والطيران، والخدمات اللوجستية، والزراعة وتضم عشرات الشركات الفرعية العاملة في هذه المجالات. عصامي أم مدعوم؟ وفقًا لسيرته الذاتية الرسمية، بدأ هاسكي مسيرته المهنية عام 2005 في سن 18 كمقاول عام في قطاعات متعددة، منها النفط والغاز، والبناء، والمشتريات الحكومية. لكن مصادر في القطاع تقول إن علاقته الوثيقة بمايكانيتي بارو، الرئيس التنفيذي السابق لشركة النفط الوطنية النيجيرية، لعبت دورًا كبيرًا في صعوده السريع منذ أواخر عام 2016، إذ كان بارو هو من وافق على عقد الاستكشاف النفطي المربح لشركة هاسكي. ويرى منتقدون أن نجاح شركته يعكس نمطا مألوفا في قطاع النفط النيجيري، حيث تؤدي العلاقات الشخصية إلى صفقات بملايين الدولارات. ومع ذلك، يفضل هاسكي وصف نفسه بأنه "رائد أعمال عصامي، ومستثمر خاص، ومطور". الروابط مع أوجولاري منذ عام 2022، تباطأت أنشطة الحفر في شمال نيجيريا، مع تركيز شركة النفط الوطنية النيجيرية على الترويج للحفر في المياه العميقة، في ظل انسحاب شركات النفط الكبرى. وبعد تعيين أوجولاري رئيسًا للشركة في أبريل/نيسان الماضي، جعل من أولوياته إعادة تنشيط الحفر البري في المنطقة، خاصة حول كولماني، بعد سنوات من التأخير والتحول الإستراتيجي نحو الحفر البحري. وبفضل علاقاته الوثيقة بالرئيس التنفيذي الجديد، كان من المتوقع أن يستفيد هاسكي من هذا التوجه الجديد. وقد حصلت شركته مارس للطيران بالفعل على عقود خدمات من شركة النفط الوطنية النيجيرية، لكن بعض المسؤولين في الحكومة لم يكونوا راضين. قلق سياسي وانتخابي يرى بعض أفراد الدائرة المقربة من تينوبو أن العقود الممنوحة لشركات هاسكي تمثل مخاطرة إستراتيجية، إذ يخشون أن يؤدي توجيه موارد الدولة إلى صهر أتيكو إلى تمويل غير مباشر لحملة المعارضة في انتخابات يُتوقع أن تكون شديدة التنافس. العمل الخيري والصورة العامة بعيدا عن عالم الأعمال وحقول النفط، بنى هاسكي سمعة في مجال العمل الخيري، خاصة في شمال نيجيريا. ومن خلال مؤسسة عبد الله بشير هاسكي، يمول برامج طبية ويقدم منحًا للمجتمعات الفقيرة. وقد نال إشادة محلية ودولية على تدخلاته الإغاثية خلال جائحة كوفيد-19. وفي عام 2022، مُنح لقب "تشيروما غانيي"، مما جعله من أصحاب الألقاب التقليدية في ولاية أداماوا، مسقط رأسه وموطن نفوذ والد زوجته، أتيكو أبو بكر.

نفق يمتد لقرن ونصف من الطموح.. هل آن أوان الربط القاري بين المغرب وإسبانيا؟
نفق يمتد لقرن ونصف من الطموح.. هل آن أوان الربط القاري بين المغرب وإسبانيا؟

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

نفق يمتد لقرن ونصف من الطموح.. هل آن أوان الربط القاري بين المغرب وإسبانيا؟

بعد سنوات من التعثر، يشهد مشروع الربط الثابت بين ضفتي المتوسط عبر مضيق جبل طارق ديناميكيات استثنائية في ظل الطفرة النوعية التي تطبع العلاقات السياسية والاقتصادية بين المغرب وإسبانيا، وهو ما يعكسه انتظام أشغال الأجهزة المكلّفة بتدبير المشروع والتقدم الملحوظ في إنجاز الدراسات التقنية ودراسات الجدوى. وقد تنامى الاهتمام الأوروبي بالعوائد الإستراتيجية والمالية للربط الثابت بين القارتين الأوروبية والأفريقية في خضم تقلّب خرائط التحالفات الدولية وتزايد جاذبية مضيق جبل طارق ضمن المشاريع الجيوسياسية العابرة للقارات، كبوابة أوروبا العالمية وأنبوب نقل الغاز النيجيري إلى الدول الأوروبية عبر المغرب. وتسعى ورقة تحليلية نشرها مركز الجزيرة للدراسات بعنوان " ديناميكيات مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا: الحوافز والكوابح" للباحث عبد الرفيع زعنون، إلى تتبع السياقات والخلفيات الكامنة وراء مشروع بناء نفق تحت قاع البحر للربط بين المغرب وإسبانيا، مع إبراز تقاطع المصالح والرهانات المحلية والقارية، إضافةً إلى استشراف السيناريوهات المتوقعة لتشغيله والمخاطر المحتملة التي قد تؤدي إلى إبطاء وتيرة إنجازه أو حتى إلى وأده في المهد. حلم جيوسياسي مؤجل فكرة الربط بين أوروبا وأفريقيا عبر مضيق جبل طارق ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى عام 1869 مع افتتاح قناة السويس ، قبل أن يتم التبني الرسمي للمشروع سنة 1979 باتفاق بين الملك الحسن الثاني والملك الإسباني خوان كارلوس. ومنذ ذلك الحين، عُهد إلى شركتين حكوميتين؛ الشركة الوطنية لدراسات مضيق جبل طارق بالمغرب، والشركة الإسبانية للدراسات من أجل الربط الثابت عبر مضيق جبل طارق، بمهام دراسات الجدوى والتخطيط التقني. بعد استبعاد فكرة الجسر بسبب تأثيراته البحرية والأمنية، حُسم التوجه نحو نفق بحري مخصص للسكك الحديدية، بامتداد يناهز 42 كيلومترا، منها 28 كيلومترا تحت قاع البحر. ووقع الاختيار على مسار "عتبة المضيق" بين طريفة و طنجة ، لكن الأزمة المالية العالمية لعام 2008 جمّدت التمويل، وتوقف المشروع لسنوات بسبب توتر العلاقات السياسية بين مدريد و الرباط ، خاصة في فترة 2010-2021. لكن الزخم للمشروع عاد مع اعتراف إسبانيا في مارس/آذار 2022 بمبادرة الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية، ما أسهم في استئناف اجتماعات اللجنة المشتركة بين البلدين، وصولا إلى توقيع اتفاقيات تقنية ومؤسساتية في عامي 2023 و2024. كما حصل المشروع على دفعة معنوية بعد قبول الملف المغربي – الإسباني – البرتغالي المشترك لتنظيم كأس العالم 2030. خصصت الحكومتان أكثر من 100 مليون يورو لدراسات الجدوى، وكلفتا شركة "إينيكو" الإسبانية بتطوير النموذج الهندسي. كما التزمت مدريد بتوفير نصف مليار دولار لتجهيزات رصد زلزالي في قاع البحر، وتم توقيع شراكات علمية مع مراكز بحث مغربية وإسبانية لتعميق الفهم الجيولوجي والهندسي للممر. مشروع بنَفَس قاري وأبعاد عالمية تحوّل المشروع من مجرد ربط ثنائي إلى مبادرة إقليمية تربط أوروبا بأفريقيا، خاصة مع إدماجه في شبكة النقل الأوروبية، ورهان الاتحاد الأوروبي عليه لتعزيز البنية التحتية الأورو-متوسطية. كما أبدت بريطانيا اهتمامها بتمويل المشروع بعد تخليها عن فكرة الربط القاري لجبل طارق بمدينة طنجة لأسباب سياسية وتقنية، وأصبحت أكثر حماسا لدعمه بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، بما يخدم سعيها نحو تعزيز شراكتها مع الدول الأفريقية. وسيُربط النفق بالقطارات فائقة السرعة من الجانبين: في إسبانيا نحو مدريد وبرشلونة، وفي المغرب نحو الدار البيضاء وأغادير، حيث سيقلص زمن السفر من طنجة إلى مدريد إلى 6 ساعات، وإلى باريس في 10 ساعات. وتشير التقديرات إلى عبور سنوي يصل إلى 13 مليون طن من البضائع و12.8 مليون مسافر. وتمثل الاهتمام الأوروبي فعليا بمساهمة من برنامج "الجيل الأوروبي المقبل" بـ1.6 مليون دولار لدراسات الجدوى، مع انخراط صناديق أوروبية في تقييم سيناريوهات العائد الاقتصادي للمشروع. من جهة أخرى، يعزز المشروع المبادرات المغربية في جنوب الصحراء، مثل ميناء الداخلة الأطلسي ومبادرة الولوج إلى المحيط الأطلسي، ما يحوّل المغرب إلى محور لوجستي يربط القارة السمراء بأوروبا. تحديات وحساسيات ماليا، رغم هذا الزخم، تظل العقبة الكبرى هي الكلفة المالية غير المؤكدة؛ فبينما تقدّر الحكومات أن المشروع سيكلف 15 مليار دولار، تشير التقديرات الفنية الأولية إلى إمكانية مضاعفة هذا الرقم إلى أكثر من 30 مليار دولار، خاصة بسبب التحديات الجيولوجية في المضيق، منها الصخور الصلبة، والعمق البحري (يصل إلى 900 متر)، والنشاط الزلزالي، والتيارات البحرية القوية. هندسيا، يعتبر المشروع تحديا من الطراز العالي، ويتطلب تقنيات معقدة لدعم البنية التحتية في منطقة ذات ظروف طبيعية متقلبة. سياسيا، يواجه المشروع عراقيل عدة، منها فتور بعض المؤسسات الإسبانية، ورفض وكالة السكك الحديدية الإسبانية للمشروع بدعوى ضعف البنية الحالية. كما أن مخاوف الاتحاد الأوروبي من تحوّل النفق إلى بوابة جديدة للهجرة غير النظامية تدفعه إلى التردد، ولا سيما مع صعود اليمين المتطرف في أوروبا. العلاقات المغربية الإسبانية نفسها توصف بأنها "علاقات بأسنان منشار"، أي أنها متقلبة، مما يجعل المشروع عرضة للتجميد عند كل أزمة دبلوماسية، خاصة في ظل احتمال فوز قوى يمينية أو يسارية متطرفة في الانتخابات الإسبانية، وهي قوى ليست متحمسة لعلاقات شراكة إستراتيجية مع المغرب. كما أن الموقع الجيوسياسي للمضيق، ومرور قرابة 20% من التجارة العالمية عبره، يضع النفق تحت أعين القوى الكبرى التي قد لا توافق بسهولة على مشروع قد يؤثر على حركة السلع والطاقة والسلاح. بين السيناريو المتفائل والواقعي هناك سيناريوهان محتملان لمصير المشروع: السيناريو التفاؤلي: يفترض البدء في البناء عام 2026 والانتهاء منه في 2030، تزامنا مع مونديال 2030، كوسيلة لإبراز التكامل الإقليمي بين أوروبا وأفريقيا. لكن هذا السيناريو مستبعد حاليا، نظرا لتعقيدات التمويل والهندسة، وعدم استكمال الدراسات بعد. السيناريو الواقعي/الإستراتيجي: يقضي ببدء الأشغال فعليا في 2030 والانتهاء منها في حدود عام 2040، بعد استكمال الدراسات بحلول 2028، وهو السيناريو الأكثر ترجيحا، نظرا لتشابه مدته مع تجارب أنفاق مماثلة في العالم. خلاصة يمثل مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا حلما جيوسياسيا كبيرا يتجاوز الربح الثنائي ليصل إلى تعزيز الربط بين قارتي أفريقيا وأوروبا. وفي ظل الديناميكيات الدبلوماسية الراهنة، وتسارع الجهود التقنية، يبدو المشروع أقرب من أي وقت مضى إلى التحقق. لكن لا يزال مصيره مرتهنا بعدة محددات، منها مدى الجاهزية التقنية، وقدرة المغرب وإسبانيا على تجاوز تقلبات السياسة، وجاهزية التمويل الأوروبي والدولي، فضلا عن العامل الزمني الحاسم المرتبط بمونديال 2030. فإذا لم يتحقق اختراق فعلي قبل هذا الموعد، فقد يعود المشروع إلى حالة الجمود، ويظل الحلم معلقًا في مهب الريح.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store