
ما وراء أَكَمة منتجي فيلم 'الزعيم' الوثائقي
أجد أنها رسائل مزدوجة، سياسية الهوى، تُبث بلغة بصرية ناعمة وبتوقيت شديد الدقة، أن فيها تأكيد لتلك الهبة التي دعا إليها في تلك الكلمة التي بثتها قناة يمن اليوم حينها، ورسالة تؤدي لأتباعه أن امضوا في سبيل تعزيز علاقتكم مع دول الجوار فهذه هي وصية زعيمكم.
كما أن الفيلم لم يكتفِ بسرد ما حدث في يوم 4 ديسمبر 2017، بل أعاد رسم صورة الزعيم بطريقة تبتعد عن الأسطورة التي صاغها المؤتمر الشعبي العام منذ مقتله، تلك التي تقول إن صالح قاتل حتى الرمق الأخير في منزله المسمى بدار الثنية الكائن بشارع حدة قرب مركز الكميم التجاري بصنعاء، رافضاً الهروب أو المساومة. بدلاً من ذلك، يعيد الفيلم تقديمه كزعيم كان مستعداً للنجاة، وطلب من الرياض العون والمساعدة ، بل وأرسل رسائل عبر وسطاء.
هذه ليست مجرد إعادة كتابة لرواية الوفاة، بل محاولة واعية لتبديل الموقع السياسي للرجل، من زعيم مقاتل إلى زعيم تفاوضي. هذا التحول في السرد، الذي يترافق مع تصريحات نجل الرئيس السابق 'مدين' علي عبدالله صالح، يشكل انقلاباً ناعماً على الأسطورة، ويقترح بديلاً سياسياً لها: أن صالح لم يكن يائساً ولا مستميتاً في القتال، بل كان مستعداً لصفقة أخيرة.
ورسالة تؤكد تورط صالح حتى العظم في الإنقلاب على العملية السياسية السلمية، وأنه من خطط ومن نفذ لأحداث ما سمي بثورة ال 21 من سبتمبر، وهي رسالة ضغط على المؤتمر في الخارج والداخل أنكم وراء ما جرى ويجري في اليمن من مآسي، وبالمثل الشعبي 'هذه عصيدتكم متنوها'
لكن التوقيت في اعتقادي هو لبّ الحكاية!!؟؟.
ما الذي يدفع قناة 'العربية' السعودية لبث هذا الفيلم الآن!!!؟؟ بعد مرور نحو ثماني سنوات على مقتل صالح؟ ولماذا تترافق هذه الخطوة الإعلامية مع تصريح لابنه مدين، الذي لم يتحدث سابقاً علناً؟ الإجابة الأرجح أن المملكة السعودية ترسل إشارات باتجاه تيار صالح، وبالذات إلى جناحه الداخلي في المؤتمر الشعبي، تقول فيها إنها لا تزال تعتبر الزعيم جزءاً من تاريخها السياسي في اليمن، وإن من كانوا قريبين منه وورثوا رمزيته، يستطيعون أن يكونوا جزءاً من المستقبل، لكن بشروط جديدة!!؟؟.
الفيلم إذن ليس لحظة تذكّر او تذكير بما حصل بل لحظة تفاوض قادم، ليست موجهة إلى انصار الله فحسب، بل إلى جناح المؤتمر الشعبي العام نفسه الذي لا يزال يبحث عن موقع وسط خارطة تواجدة الممزقة بين 'الرياض' و'أبو ظبي' والقاهرة واسطنبول وصنعاء وعدن وتعز …!!.
المفارقة الأبرز في المشهد كانت في تغييب اسم طارق محمد عبدالله صالح من رواية مدين. رغم أن طارق هو الشخصية الأقوى عسكرياً، والأكثر فاعلية على الأرض، لم يُذكر اسمه إلا عرضا حين تحدث 'مدين' عن من بقي مع والده في لحظة النهاية. أشار فقط إلى نفسه وشقيقه صلاح، بينما طارق بدا وكأنه كان أول الهاربين بجلودهم مع اولئك الذين تم التواصل معهم من قبل الحوثيين بأن ينجو بجلودهم أي انه كان غائباً عن لحظة المصير الذي واجهه صالح ، وهو يتخبط في قرى سنحان لا من يلبيه او ينقذه.
هل هو تغييب 'طارق' كان مقصودا، أم صدفة غير بريئة؟ في السياسة، الصدف نادرة. والمؤكد أن غياب طارق من الرواية الجديدة يعبّر عن رغبة ضمنية – سواء من داخل العائلة أو من الدوائر المحيطة بها – في تحجيم دوره أو فصله عن سردية 'الوفاء للزعيم'، وهو ما يخدم مناخاً سياسياً يرى في طارق جزءاً من تحالف الإمارات، لا من تحالف صنعاء أو الرياض.
ما يفعله هذا الفيلم الوثائقي، في الجوهر، هو إعادة هندسة للسردية المرتبطة بمقتل صالح. لم يعد السؤال عن تفاصيل ما جرى فقط، بل عمّا تعنيه هذه التفاصيل للسياسة اليوم. إذا قُتل صالح وهو يحاول الفرار من صنعاء إلى قريته، ولم يجد في قرى سنحان من ينقذه ، بل وجد كمائن له بالمرصاد في كل شبر من سنحان، ولم يكن يقاتل حتى الموت كما قيل، نخلص مما سبق بإن رمزية الرجل تُعاد تشكيلها، من قائد مقاوم إلى سياسي خاسر. وإذا كان قد طلب من الرياض المساعدة، فإن الرواية السعودية تصبح أكثر صدقية لدى جمهور المؤتمر، وقد تفتح الطريق لإعادة تطبيع العلاقة بين من تبقى من النظام السابق وبين السعودية.
كما أنني أجد رسالة أقوى موجهة لأحمد علي الذي لم يرد له ذكر في الفيلم الوثائقي، وقد ظهر مدين أكثر كارزمية من أخيه الأكبر وأكثر لباقة وشجاعة فهو الذي ظل في كمين يحمي ويدافع عن أبيه الذي يواجه مصير الموت ولم يتبق سواه في الميدان مع ابن ابو شوارب.
نعم ليس غريباً أن يُعاد اليوم استدعاء هذه اللحظة. فالمؤتمر الشعبي يعاني من فراغ قيادي حقيقي، وطارق صالح الذي يبدو الأقدر عسكرياً، لا يزال محسوباً على جناح خارجي تديره أبوظبي أكثر مما تديره الرياض. في المقابل، فإن إظهار شخصيات مثل 'مدين' و'صلاح' في موقع أبناء الوفاء، قد يسمح بتشكيل مركز جديد داخل صنعاء، أقرب إلى التحالف السعودي، وأقل تصادماً مع حسابات المملكة الإقليمية.
ومما سبق فإن الحكاية ليست مجرد رواية عن اللحظات الأخيرة لرئيسٍ مقتول، بل رواية عن دور السعودية في ما بعده. الوثائقي يقول، دون أن يصرّح: إن المملكة لم تكن خصماً لصالح، بل فرصة لم يستطع الوصول إليها. ومع هذه الرسالة، تُفتح من جديد صفحة لم تُطوَ من السياسة اليمنية، تُكتب لا بالحبر وحده، بل بالكاميرا، والمونتاج، وتوقيت البث.
فما وراء أكمة الفيلم، ليس فقط قصة موت، بل مشروع نفوذ، ورسالة مفتوحة إلى من تبقّى من رموز الزعيم، بأن عودتهم إلى المشهد ممكنة، شرط أن تكون من بوابة الرياض، لا من بوابة المقاومة أو الحنين إلى مجد قديم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


26 سبتمبر نيت
منذ 23 دقائق
- 26 سبتمبر نيت
اللواء محمد القادري: لدينا مفاجآت كبيرة في المرحلة الرابعة من التصعيد
26 سبتمبرنت: قال اللواء أ/ح محمد علي القادري قائد قوات الدفاع الساحلي ان اليمن وخلال عقد من الزمن تمكن من بناء قوات بحرية محترفة رغم العدوان والحصار المستمر وذلك بفضل الله ثم بمتابعة واهتمام القيادة الثورية والسياسية والعسكرية كضرورة قومية ووطنية لحماية السيادة البحرية اليمنية وتأمين الممرات الدولية. وأضاف اللواء محمد علي القادري ان القوات البحرية اليمنية اثبتت جدارتها وتفوقها خلال معركة الاسناد اليمني لمظلومية الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة ومواجهة قوى الاستكبار العالمي في البحرين الأحمر والعربي أمريكا وبريطانيا وكيان العدو الصهيوني وتنفس العالم الصعداء وهو يتابع الانتصارات الكبيرة للقوات المسلحة اليمنية التي ألحقت هزيمة قاسية بأكبر قوة عسكرية في العالم، ليعرف العالم حينها أن العامل الحاسم في أي معركة هو الإنسان وليس السلاح، وها هو المقاتل اليمني يجسد هذه المقولة على أرض الواقع، ليسجل أمام العالم كله في معركة البحر الأحمر والعربي انتصاره الكاسح على أقوى قوة عسكرية في العالم. وأشار اللواء القادري الى الاسناد اليمني والمواجهة تدرجت على مراحل وها نحن ندشن المرحلة الرابعة بجاهزية عالية وعلى امريكا والصهاينة مراجعة حساباتهم مالم لدينا في المرحلة الرابعة من المفاجآت الكبيرة ما يردع غطرستهم وبشهادة الأعداء أنفسهم نجح اليمن في فرض معادلة ردع منخفضة الكلفة، والتي أربكت البحرية الأمريكية بشكل واضح ولدينا خيارات متعددة في منع مرور أي سفينة من أي جنسية كانت أو تابعة لأي شركة مالكة أو شركة مشغلة تتعامل مع الكيان . و دعا قائد قوات الدفاع الساحلي كافة الشركات المالكة والمشغلة للسفن والمجتمع البحري والأهالي بعدم التعامل مع الكيان الصهيوني مهما كانت العروض لضمان سلامة السفن وطواقمها.. مؤكداً أن الملاحة البحرية آمنة للجميع عدا السفن الإسرائيلية أو المتجهة إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة أو سفن الشركات التي انتهكت قرار الحظر حتى يتوقف العدوان والحصار على غزة واكد اللواء القادري ان القوات البحرية اليمنية قد أحكمت اليوم سيطرتها على البحر الأحمر وفرضت حصاراً فعالاً على الملاحة المرتبطة بالاحتلال دعما لغزة، يأتي هذا ليعكس قدرات البحرية اليمنية في تحدي القوى الكبرى وفرض معادلات جديدة في واحد من أهم الممرات الملاحية في العالم وحققت القوات البحرية اليمنية إنجازًا عسكريًا مذهلاً، بعد تمكنها من تفكيك أسطورة الهيمنة البحرية الأمريكية في البحر الأحمر وأربكت ايضا تحالفات "حارس الازدهار"، التي بدأت منذ ديسمبر 2023، في محاولاتها للسيطرة على مرور السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية عبر هذا الممر الاستراتيجي وهذه النجاحات جذبت أنظار العالم وجعلته يعيد التفكير في المعادلات الدولية ومع كل ضربة حقيقية، تكشفت ملامح جديدة لقوة دولية تتشكل في مضيق باب المندب، حيث أجبرت البحرية الأمريكية، على التراجع بعيدًا عن البحر الأحمر، وتعرضت قواتها البحرية لأضرار جسيمة، مما يعكس تفوق البحرية اليمنية وقدرتها على تقويض هيبة الأسطورة الأمريكية وحلفائها. وأشار اللواء محمد القادري ان التطورات في البحر الأحمر تبقى دليلاً على تحول جذري في موازين القوى في المنطقةش وعلى الجميع إعادة التفكير وسنقطع كل يد تحاول ان تمتد الى مياهنا الاقليمية.


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
تحريف خطير في فيلم "المعركة الأخيرة".. فيصل الشبيبي يكشف المستور
فجّر الإعلامي البارز فيصل الشبيبي، المدير السابق لقناة "اليمن اليوم"، موجة جدل واسعة بعد كشفه عن تحريف خطير لما أدلى به في شهادته ضمن الفيلم الوثائقي "المعركة الأخيرة" الذي بثته قناة "العربية" يوم السبت، والذي تناول اللحظات الأخيرة من حياة الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح. وفي منشور شديد اللهجة على صفحته في "فيس بوك"، اتهم الشبيبي منتجي الفيلم بـ"الاجتزاء المتعمّد"، مؤكدًا أن شهادته التي استمرت أكثر من 15 دقيقة لم يُعرض منها سوى ثوانٍ معدودة، تم انتقاؤها بشكل يخدم "رواية مسبقة وموجّهة". وقال الشبيبي: "هنا تكمن خطورة الأفلام الوثائقية، خصوصًا عندما يُستخدم السرد لخدمة رواية معينة يراد فرضها على الجمهور"، محذرًا من أن مثل هذا التلاعب قد يؤدي إلى تزوير الوعي الجمعي وتشويه الذاكرة الوطنية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بمحطات مفصلية في تاريخ اليمن المعاصر. وأوضح الشبيبي أن ما قيل في الفيلم عن سقوط بث قناة "اليمن اليوم" غير دقيق، مشيرًا إلى أن الانقطاع حدث نتيجة هجوم سيبراني نفذته خلية تابعة لحزب الله في نيويورك، وليس بسبب اقتحام ميليشيات الحوثي، والذي حدث فعليًا بعد التاسعة مساءً، أي بعد أكثر من 12 ساعة من المقاومة الشرسة التي خاضها حراس القناة، باستخدام أسلحة محدودة، في وجه قصف عنيف بالرشاشات و"الآر بي جي". واتهم الشبيبي القائمين على الفيلم بـ"طمس السياق الكامل" للوقائع، وتجاهل حقيقة ما وصفه بـ"التحالف الصوري" بين المؤتمر الشعبي العام والحوثيين، والذي كان الهدف منه حماية مؤسسات الدولة، بينما كانت الجماعة تخطط في الخفاء لتصفية الحزب وزعيمه. وأضاف أن الحوثيين سعوا لإفشال مهرجان الذكرى الـ35 لتأسيس المؤتمر، وصادروا الكاميرات ومنعوا التغطية الإعلامية في تحركات وصفها بـ"العدائية"، مما يكشف عن نية مبيّتة للقضاء على صالح ورفاقه. وفي ختام حديثه، أكد الشبيبي أن الزعيم صالح كان ثابتًا وشجاعًا حتى اللحظة الأخيرة، وقال: "ستأتي ساعة قول الحقيقة كاملة... رحم الله الزعيم صالح ورفاقه الأبطال الذين سطروا ملحمة الكرامة".


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
منسقية الانتقالي في جامعة عدن تعزي الدكتور عيدروس اليهري بوفاة والدته
بعثت قيادة منسقية الانتقالي في جامعة عدن، برقية تعزية ومواساة إلى عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، عضو الهيئة التدريسية في كلية الهندسة بالجامعة، الدكتور عيدروس محسن اليهري، وذلك في وفاة المغفور لها بإذن الله تعالى، والدته. وعبرت قيادة المنسقية، في البرقية عن خالص تعازيها وعظيم مواساتها إلى أولاد الفقيدة، فضل محسن، والدكتور عيدروس محسن، وعبداللاه محسن، وعبدالفتاح محسن اليهري، وأولادهم، وأسرة الفقيدة وذويها كافة، ومشاركتهم لهم أحزانهم بهذا المصاب الأليم. وابتهلت قيادة المنسقية في ختام برقيتها إلى المولى عز وجل، أن يتغمد الفقيدة بواسع رحمته ويسكنها فسيح جناته، وأن يلهم أهلها وذويها الصبر والسلوان. اقرأ المزيد... قوات الحزام الأمني تضبط أحد مروجي المخدرات في مديرية المنصورة 29 يوليو، 2025 ( 12:11 صباحًا ) محافظ شبوة يتفقد مقر القيادة العامة لقوات دفاع شبوة 28 يوليو، 2025 ( 11:54 مساءً ) إنّا لله وإنّا إليه راجعون