
مؤتمر «حل الدولتين» ينطلق بزخم استثنائي… وترمب لا يبدي «ممانعة»
وبزخم جديد انطلقت، الاثنين، أعمال المؤتمر الدولي رفيع المستوى الذي تستضيفه الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك على مدى يومين، وترعاه المملكة العربية السعودية بمشاركة فرنسية، «من أجل التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين»، وسط عدم اعتراض جدّي من الولايات المتحدة على الرغم من اختيارها عدم المشاركة.
وفي حين أن إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قراره الاعتراف بدولة فلسطين ربما كان مقدمة لسلسلة اعترافات أخرى لا سابق لها من دول غربية وأوروبية، بالإضافة إلى دول كبرى في الأميركيتين ومنطقة جنوب شرقي آسيا، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي سئل خلال اليومين الماضيين عن الموضوع، تجنب الخوض كثيراً في هذه الاعترافات المتوقعة بدولة فلسطين، قائلاً: «فليفعلوا ما يشاؤون»، في مؤشر لافت إلى «عدم قيام الولايات المتحدة بجهود خاصة لوقف هذا الزخم»، وفقاً لما قاله مصدر أوروبي كبير لـ«الشرق الأوسط».
وتدفق العشرات من وزراء الخارجية والمسؤولين الكبار من كل دول العالم إلى المؤتمر الذي انعقد تحت قبة الجمعية العامة في نيويورك للترويج لحل الدولتين، بقيادة وزيري الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، والفرنسي جان نويل بارو، ومشاركة العشرات من وزراء الخارجية الآخرين.
وتتغيب إسرائيل والولايات المتحدة عن الاجتماع. لكن عندما سئل ترمب عن احتمال إعلان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الاعتراف بدولة فلسطين، على غرار ما فعله ماكرون، قال: «لا أمانع أن يتخذ موقفاً». وهي عبارة قالها من قبل أيضاً، في مؤشر على عدم اعتراض إدارته على هذه الخطوات التي يرفضها بشدة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر قبيل اجتماعهما في منتجع في اسكوتلندا يوم الاثنين (إ.ب.أ)
في الافتتاح، شكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المملكة العربية السعودية التي ترعى المؤتمر الدولي بمشاركة فرنسا، قائلاً: «إن النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي مستمر منذ أجيال، متحدياً... الدبلوماسية، وقرارات لا تحصى... متحدياً القانون الدولي».
وأشار إلى أن استمرار النزاع جعل «حل الدولتين أبعد من أي وقت مضى».
وبينما أكد أنه «لا شيء يبرر هجمات (حماس) الإرهابية المروعة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 واحتجاز رهائن»، شدد أيضاً على أنه «لا شيء يبرر تدمير غزة... وتجويع السكان».
وتحدث الأمين العام أيضاً عن «التوسع الاستيطاني المتواصل، وتصاعد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين»، مؤكداً أن «الضم التدريجي للضفة الغربية المحتلة غير قانوني، ويجب أن يتوقف». ورأى أن ما يحدث «جزء من واقع منهجي يُفكك ركائز السلام في الشرق الأوسط».
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (الأمم المتحدة)
وقال غوتيريش إن مؤتمر حل الدولتين «يُمثل فرصة نادرة»؛ إذ «يمكنه، بل يجب، أن يكون نقطة تحول حاسمة، نقطة تُحفز تقدماً لا رجعة فيه نحو إنهاء الاحتلال»، داعياً إلى إنشاء «دولتين مستقلتين، متجاورتين، ديمقراطيتين، وذواتي سيادة، معترف بهما من الجميع، ومندمجتين بالكامل في المجتمع الدولي... على أساس خطوط ما قبل عام 1967، والقدس عاصمة لكلتا الدولتين».
من جانبه، أكد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، أن المملكة تؤمن بأن حل الدولتين مفتاح لاستقرار المنطقة، مشيراً إلى أن مؤتمر نيويورك محطة مفصلية نحو تنفيذ هذا الحل.
وأضاف خلال كلمته في المؤتمر أن تحقيق الاستقرار في المنطقة يبدأ بمنح الشعب الفلسطيني حقوقه، وقال: «المملكة تؤمن بأن حل الدولتين مفتاح لاستقرار المنطقة»، مثمناً إعلان الرئيس الفرنسي نيته الاعتراف بدولة فلسطين.
وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في كلمته بمؤتمر حل الدولتين (أ.ف.ب)
وأكد الوزير السعودي أن الكارثة الإنسانية في غزة يجب أن تتوقف فوراً، وأن بلاده أمَّنت مع فرنسا تحويل 300 مليون دولار من البنك الدولي لفلسطين.
وقال وزير الخارجية الفرنسي بارو: «لا يمكن القبول باستهداف المدنيين في غزة»، مشيراً إلى أن الحرب في القطاع دامت فترة طويلة، ويجب أن تتوقف.
وتابع في كلمته في المؤتمر: «علينا أن نعمل على جعل حل الدولتين واقعاً ملموساً»، مبيناً أن حل الدولتين يلبّي الطموحات المشروعة للفلسطينيين، وأن مؤتمر حل الدولتين يجب أن يكون نقطة تحوُّل لتنفيذ الحل، وأضاف: «أطلقنا زخماً لا يمكن وقفه للوصول إلى حل سياسي في الشرق الأوسط».
ومضى قائلاً: «كان من الضروري للغاية استئناف العملية السياسية، عملية حل الدولتين، التي تتعرض اليوم لتهديد أكبر من أي وقت مضى».
وتشارك في المؤتمر 17 دولة، فضلاً عن الرئاسة السعودية - الفرنسية المشتركة في لجان مختلفة لإعداد وثيقتين رئيسيتين يُتوقع صدورهما عن المؤتمر، وتشيران على نحو خاص إلى منشأ المشكلة مع انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، والتصورات التي وضعتها خطة التقسيم التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1947 بدولتين، يهودية وعربية.
وعلى الرغم من أن إسرائيل قبلت الخطة بداية، فإنها تراجعت لاحقاً، وبقيت الخطة منذ ذلك الحين حبراً على ورق. وشكلت فكرة حل الدولتين، المستندة إلى حدود ما قبل حرب عام 1967، أساس محادثات السلام التي بدأت منذ تسعينات القرن الماضي.
وحيال الوضع المتفجر في المنطقة، أطلقت المملكة العربية السعودية بمشاركة فرنسا زخماً جديداً لتجسيد حل الدولتين بوصفه السبيل الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، وعملتا على إعداد «خريطة طريق» تتضمن خطوات محددة، أولاها إنهاء الحرب في غزة، مع تحديد الإجراءات التي ينبغي أن تتخذها «كل الجهات الفاعلة ذات الصلة لتنفيذ حل الدولتين... من خلال التزامات ملموسة ومحددة زمنياً».
وقالت الدبلوماسية السعودية منال رضوان إن المؤتمر يجب أن «يرتكز على خطة سياسية موثوق بها لا رجعة فيها، تعالج السبب الجذري للصراع، وتوفر مساراً حقيقياً للسلام والكرامة والأمن المتبادل».
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو ونظيره الإسباني خوسيه مانويل آلباريز خلال اجتماعهما في مقر البعثة الفرنسية في نيويورك يوم الاثنين (أ.ف.ب)
ومع فرنسا، تجاوز عدد الدول المعترفة بفلسطين 145 من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، البالغ عددها 193. ومن المتوقع أن تعلن دول أخرى عن اتخاذ خطوات مماثلة لقرار الرئيس الفرنسي ماكرون.
ويُنتظر أن يؤدي هذا المؤتمر إلى دفعة جديدة في اتجاه انعقاد قمة لا تزال مُتوقعة في سبتمبر (أيلول) المقبل، إما في باريس وإما في نيويورك، على هامش الاجتماعات رفيعة المستوى ضمن الدورة السنوية الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 19 دقائق
- Independent عربية
البيت الأبيض يسمح بالصلاة والوعظ في أماكن العمل
في قرار من شأنه أن يهدد مبدأ فصل الدين عن الدولة المتبع لدى الديمقراطيات الغربية، الذي يمثل حجر الزاوية في التعديل الأول للدستور الأميركي، ستسمح إدارة الرئيس دونالد ترمب لموظفي الحكومة الأميركية بالوعظ ومناقشة الأمور الدينية في أماكن العمل. وبموجب إرشادات جديدة صدرت عن مكتب إدارة شؤون الموظفين بالحكومة الأميركية مطلع الأسبوع، فسيسمح لموظفي الحكومة بالصلاة ومناقشة الأمور الدينية، بما في ذلك محاولة "إقناع الآخرين بصحة معتقداتهم الدينية"، كما يسمح للمشرفين أيضاً بتشجيع الموظفين على ممارسة تعبيرات إيمانية، بما في ذلك الصلاة، لكن وفق الصحف الأميركية، فإن المذكرة لم تشر إلى ديانة معينة. وقال مدير مكتب إدارة شؤون الموظفين سكوت كوبور، في بيان يوضح السياسة الجديدة، "يجب ألا يجبر الموظفون الفيدراليون أبداً على الاختيار بين إيمانهم ومسيرتهم المهنية، هذه الإرشادات تضمن أن يكون مكان العمل الفيدرالي متوافقاً مع القانون ومرحباً بجميع الأميركيين من مختلف الأديان." وتنص المذكرة على أن الموظفين الفيدراليين يمكنهم عرض واستخدام رموز أو أدوات دينية على مكاتبهم، مثل الكتاب المقدس أو المسبحة الوردية أو التفلين (أدوات الصلاة اليهودية). كما يمكن للموظفين تشكيل مجموعات صلاة والتجمع للصلاة أو دراسة النصوص الدينية في مكان العمل، بشرط ألا يكون ذلك في وقت العمل الرسمي. وتضيف المذكرة أنه يمكنهم أيضاً "الدخول في محادثات حول مواضيع دينية مع زملائهم في العمل، بما في ذلك محاولة إقناع الآخرين بصحة معتقداتهم الدينية، شريطة ألا تكون هذه الجهود ذات طابع تحرشي أو مزعج". كما تسرد المذكرة حالات يمكن فيها للموظفين الفيدراليين التعبير عن معتقداتهم الدينية أمام أو مع أفراد من الجمهور، مثل حراس المنتزهات الوطنية أو الأطباء في مراكز شؤون المحاربين القدامى، إذ يمكنهم الصلاة من أجل شفاء المرضى. قلق في شأن الحرية الدينية وفي محاولة لردع الجدل المتوقع جراء القرارات الجديدة، أشار البيت الأبيض إلى مذكرة مشابهة، صدرت في عهد الرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون. لكن وفق الصحف الأميركية، شعر بعض المدافعين عن الحريات الدينية بالقلق. وقال رئيس ومؤسس مؤسسة حرية الدين في الجيش ميكي وينشتاين، إن الإرشادات تبدو متعارضة مع الدستور وحقوق العمال. وأضاف "إذا قرر مشرفك أن يوضح لك أهمية أن تتبنى نسقه من الكتاب المقدس، فماذا تعتقد ستكون فرصك في الترقي؟". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) أما أندرو ووكر العميد المشارك في المعهد اللاهوتي المعمداني الجنوبي، فقال إن السياسة الجديدة مجرد "إعادة ضبط" القواعد للحياد، مشيراً إلى أنه ليس لديه أية مشكلة معها على الإطلاق، وأيضاً "أراها تأكيداً بسيطاً على التعديل الأول في الدستور، الذي يحتوي على تحفظات مناسبة ما دام أنك لا تمارس سلوكاً مضايقاً، أعتقد أن هذا مجرد تكرار للمبادئ الأساسية للتعديل الأول." تديين الحكومة تأتي هذه المذكرة امتداداً لجهود سابقة قامت بها إدارة ترمب لتعزيز حضور الدين أو التعبير الديني في أماكن العمل الفيدرالية، ففي وقت سابق من الشهر الجاري أصدر مكتب إدارة شؤون الموظفين توجيهات للوكالات الفيدرالية تفيد "بتبني نهج متساهل في الموافقة على الترتيبات الدينية" المتعلقة بالعمل عن بعد، وذلك بعد أن كان الرئيس ترمب وجه الموظفين الفيدراليين بالعودة للعمل المكتبي خمسة أيام في الأسبوع. وفي فبراير (شباط) الماضي، وقع ترمب أمراً تنفيذياً يهدف إلى "القضاء على التحيز ضد المسيحيين"، إذ دعا مسؤولي الإدارة إلى تحديد وإنهاء وتصحيح "أي سلوك أو سياسات أو ممارسات غير قانونية أو غير سليمة تستهدف المسيحيين". وفي الأمر التنفيذي، يتهم ترمب الإدارة السابقة في عهد الرئيس جو بايدن بأنها "اتبعت نمطاً فاضحاً في استهداف المسيحيين المسالمين، بينما تجاهلت الأعمال العنيفة والمعادية للمسيحية"، كما أنشأ مكتب الإيمان في البيت الأبيض لتعزيز دور المنظمات الدينية في المجتمع الأميركي. ومطلع الشهر الجاري، أعلنت مصلحة الضرائب الأميركية أن الكنائس وغيرها من دور العبادة يمكنها تأييد المرشحين السياسيين أمام جماعاتها الدينية، وهو قرار يأتي تلبية لوعد ترمب بإلغاء ما يعرف بـ"تعديل جونسون"، البند الذي أدرج عام 1954 لمنع المنظمات المعفاة من الضرائب كدور العبادة من ممارسة أنشطة سياسية. وأعرب مراقبون عن قلقهم من تحول المؤسسات الدينية إلى قوى سياسية ضخمة، وأن يؤدي إلى معارك قضائية محتملة.


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
خامنئي: الغرب يتـذرع بالملف النووي للصدام مع إيران
بعد يوم من تحذير الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من إمكانية تجدد الضربات إذا استأنفت طهران أنشطتها النووية، اعتبر الزعيم الإيراني علي خامنئي، أن المطالب الغربية المتعلقة بالبرنامج النووي «ذريعة» للاصطدام مع بلاده. وقال خامنئي في تصريح، اليوم(الثلاثاء)، إن البرنامج النووي والتخصيب وحقوق الإنسان كلها «ذرائع»، لكن ما يسعون إليه هو دينكم وعلمكم، على حد قوله. من جانبه، حذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من أن بلاده سترد بحزم أكبر إذا تعرضت لهجمات أمريكية أو إسرائيلية جديدة. وكتب عراقجي في منشور على منصة إكس أنه «إذا تكرر العدوان فإننا بلا شك سنرد بحزم أكبر»، مضيفاً: «إذا كانت هناك مخاوف من احتمال تحويل برنامجنا النووي لأغراض غير سلمية، فقد أثبت الخيار العسكري أنه غير فاعل، لكن حلاً تفاوضياً قد ينجح». وخلال زيارة إلى أسكتلندا، قال ترمب: «لقد دمرنا قدراتهم النووية. يمكنهم البدء من جديد، لكن إذا فعلوا ذلك، سندمرها بلمح البصر». وشنت إسرائيل في 13 يونيو الماضي غارات جوية على إيران، مستهدفة البرنامج النووي، وردت طهران بإطلاق عدد من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، في حرب دامت 12 يوماً. وضربت الولايات المتحدة منشآت نووية إيرانية، خصوصاً فوردو وأصفهان ونطنز. ولم تستبعد إسرائيل شن ضربات جديدة في حال حاولت إيران إعادة بناء منشآتها. ويدور خلاف كبير بين الولايات المتحدة وإيران حول مسألة تخصيب اليورانيوم، فيما تؤكد إدارة الرئيس الأمريكي أن هذا الأمر خط أحمر. وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، فإن إيران هي الدولة الوحيدة غير النووية في العالم التي تخصب اليورانيوم بنسبة 60%. ويتخطى هذا المستوى السقف المحدد بـ3.67% في الاتفاق الدولي المبرم سنة 2015 مع القوى الكبرى والذي انسحبت منه الولايات المتحدة بقرار أحادي سنة 2018، خلال ولاية ترمب الأولى. ويتطلب بناء قنبلة ذرية تخصيباً لليورانيوم بنسبة 90%. أخبار ذات صلة


الاقتصادية
منذ ساعة واحدة
- الاقتصادية
إبقاء الفائدة الأمريكية عند مستوياتها الحالية يعمق الفجوة بين باول وترمب
من المتوقع أن يقرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) إبقاء سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعه غدا الأربعاء، للمرة الخامسة على التوالي، وهي خطوة من المرجح أن تُبرز الانقسام العميق بين رؤية جيروم باول، رئيس المجلس، والرئيس الأمريكي دونالد ترمب. من المؤكد كذلك أن الاحتياطي الفيدرالي ينقسم على نفسه بشكل متزايد حول الخطوات التالية. ويتوقع عديد من الاقتصاديين أن اثنين من أعضاء المجلس، عينهما ترمب، سيشقان الصف يوم الأربعاء لصالح خفض أسعار الفائدة. إذا حدث هذا، فستكون هذه المرة الأولى التي يُصوت فيها محافظان ضد رئيس المجلس منذ 1993 . على الرغم من هذا فإن الفجوة في الآراء بين لجنة تحديد أسعار الفائدة والبيت الأبيض ما زالت كبيرة على نحو غير معتاد. فآراء الرئيس الأمريكي تتقاطع في عدة مجالات وبشكل حاد مع آراء قيادة الفيدرالي، وهو الأمر الذي يمهد الأرض لخلافات محتملة تستمر لسنوات مقبلة، حتى بعد انتهاء ولاية باول كرئيس للمجلس في مايو المقبل. هوّة متنامية بين ترمب وأعضاء الفيدرالي أحد أوجه اختلاف وجهات النظر بين ترمب ولجنة السياسة النقدية، هو مطالبة الرئيس الأمريكي بخفض أسعار الفائدة، التي يستند فيها إلى ما يقول إنه تحسن في أداء الاقتصاد الأمريكي، كما لو أن الولايات المتحدة شركة رائدة ينبغي أن تدفع مقابل الاقتراض أقل مما على أي شركة ناشئة محفوفة بالمخاطر أن تدفعه . يرى مسؤولو الفيدرالي، وجميع الاقتصاديين تقريبا، الأمر في هذه النقطة بالتحديد من زاوية مختلفة. فالاقتصاد القوي من وجهة نظرهم يعني أن أسعار الفائدة يجب أن تكون مرتفعة نسبيا لمنع ارتفاع التضخم وتفاقمه . جينادي جولدبرج، رئيس إستراتيجية أسعار الفائدة الأمريكية في شركة "تي دي" للأوراق المالية قال بدوره: "أزعم أن أسعار الفائدة لدينا أعلى لأن اقتصادنا يعمل بشكل جيد إلى حد ما، وليس على الرغم من ذلك". يجادل ترمب بأن الفيدرالي بشكل عام، وباول بشكل خاص، يكلفان دافعي الضرائب الأمريكيين مئات المليارات من الدولارات في صورة مدفوعات فائدة بعدم خفضهم تكاليف الاقتراض. مع ذلك، لا يعتقد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أن خفض أسعار الفائدة التي تدفعها الحكومة على سندات الخزانة وسنداتها من مسؤولياتهم . ويليام إنجلش، الخبير الاقتصادي في كلية "ييل" للإدارة، والموظف السابق في الاحتياطي الفيدرالي، يقول: "إنهم يستخدمون السياسة النقدية لتخفيف الضغط على صانعي السياسات المالية، وهذا يشير إلى ارتفاع التضخم ومشكلات أكبر في المستقبل". ويقول اقتصاديون "إنه إذا رأت الأسواق المالية تركيزا من جانب الاحتياطي الفيدرالي على إبقاء تكاليف الاقتراض منخفضة لمساعدة الحكومة، بدلا من التركيز على هدف تحقيق هدفي استقرار الأسعار وتوفير أقصى قدر من التوظيف، فإن مستثمري وول ستريت القلقين بشأن التضخم المستقبلي سيطالبون على الأرجح برفع أسعار الفائدة للاحتفاظ بسندات الخزانة". من وجهة نظر أصحاب هذا الرأي، فإن هذا سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض في جميع مفاصل الاقتصاد . التضخم على كفة ميزان أثر رسوم ترمب الجمركية يدفع ترمب في ضغطه من أجل خفض أسعار الفائدة بأنه "لا يوجد تضخم" وبالتالي يجب على الفيدرالي تخفيض سعر الفائدة قصيرة الأجل عن المعدل الحالي، البالغ نحو 4.3%، والذي جرى رفعه عامي 2022 و2023 لكبح جماح التضخم. وغالبا ما يؤثر سعر الفائدة الذي يحدده الفيدرالي في تكاليف الاقتراض طويلة الأجل للرهون العقارية وقروض السيارات وبطاقات الائتمان. لكن هذا الأثر لا يحدث دائما. كان التضخم قد سجل انخفاضا حادا، وهو ما جعل مسؤولي الفيدرالي يشيرون إلى أنهم سيخفضون الفائدة بما يصل إلى نصف نقطة مئوية هذا العام. لكن التضخم عاود الارتفاع قليلا في الشهرين الماضيين. وما زال عديد من صانعي السياسات، بمن فيهم باول، يرغبون في التأكد من أن الرسوم الجمركية لن ترفع التضخم كثيرا قبل اتخاذ أي إجراء . وأعلنت الحكومة الأمريكية في وقت سابق من الشهر الجاري أن التضخم تسارع إلى 2.7% في يونيو من 2.4% في مايو الماضي، متجاوزا هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. الأسعار الأساسية، التي تستثني فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت هي الأخرى إلى 2.9% من 2.8% في السابق. إلى أين تشير توقعات المحللين بشأن الفائدة؟ في الأسبوع الماضي، صعّد ترمب وعديد من مسؤولي البيت الأبيض هجماتهم على باول بشأن أسعار الفائدة، وانتقدوا التكاليف الضخمة لتجديد الفيدرالي اثنين من مبانيه، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان الرئيس يسعى إلى إقالة باول لسبب وجيه أم لاختلافات في السياسات. خاض ترمب وباول مواجهة غير عادية أمام عدسات الكاميرات حول تكلفة المشروع خلال زيارة الرئيس الأمريكي لموقع البناء يوم الخميس الماضي. بعيدا عن توقيت الخفض الأول، لا تزال هناك فجوة هائلة بين ما يريده ترمب، وما سيفكر الاحتياطي الفيدرالي في فعله. بينما توقع مسؤول الاحتياطي في يونيو تخفيضين فقط هذا العام وتخفيضا واحدا في 2026، فإنهم يعتقدون أن سعر الفائدة الرئيسي سيكون عند 3.6% بنهاية العام المقبل. وفي حين يضغط ترمب على مسؤولي المجلس لخفض الفائدة إلى 1% فقط، يرى الخبير الاقتصادي ويليام إنجلش أن هذا "لن يحدث في وجود أعضاء مثل الأعضاء الحاليين في اللجنة" . يتوقع مستثمرو وول ستريت أيضا تخفيضين هذا العام ومثلهما في 2026، وفقا لأسعار العقود الآجلة التي يتتبعها مؤشر "Fedwatch" التابع لبورصة شيكاغو التجارية، وهي تخفيضات قليلة نسبيا.