
هل نستطيع مواجهة إسرائيل فعلًا؟؟
مثّل رفض الأردن عام 2016 لصفقة القرن دلالة واضحة على قوة ديبلوماسية واختبارًا مهمًا للعلاقات الأردنية الأمريكية بعد فترة استقرار نسبي منذ معاهدة وادي عربة التي وُقعت عام 1994 بين الأردن وإسرائيل. وتبلورت القوة الديبلوماسية الأردنية أكثر عندما رفضت عمّان فكرة تهجير الفلسطينيين بشكل قاطع على لسان جلالة الملك في البيت الأبيض، ورافق ذلك تلويح من قبل وزارة الخارجية بخيار الحرب في حالة أقدمت إسرائيل على هذه الخطوة.
هذه القوة الدبلوماسية لم تأتي صدفة، بل هي نتاج خبرة سياسية أسس لها الهاشميون منذ ما قبل الثورة العربية الكبرى، وتوجت اليوم بذكاء وديناميكية الملك عبد الله الثاني وقدرته على تغيير التصورات الغربية المشوهة عن مشاكل المنطقة، وقد ظهر ذلك مكثفًا من خلال التعامل الأردني مع العدوان الإسرائيلي على غزة.
هذه القدرة الأردنية الديبلوماسية العالية تستند أيضًا إلى رواسخ عسكرية واجتماعية، فالأردن تاريخيًا يتبنّى عقيدة دفاعية عسكرية تقوم على الردع الدفاعي أكثر من الهجوم، والمعروف أن السياسة الدفاعية توفر مساحة أكبر للحركة الديبلوماسية، إذ لا يمكن أن تكون هجوميًا وتحصّل على هذا المستوى المرتفع من القبول الدولي. أما الرواسخ الإجتماعية الداعمة لهذه الديبلوماسية فتتمثل بوقوف العشيرة الأردنية بثبات خلف القيادة كإسناد قوي لديه خبرة في الدفاع عن الأرض مند مئات السنين، إضافة إلى أن العشائر الأردنية ترتبط بعلاقة متينة "باتجاهين" مع الجيش، وهذا يجعلها أحد نقاط الارتكاز في معادلة الردع الأردنية التي تدعم السياسي والدبلوماسي.
وللتوضيح، يجب أن نتحدث عن عناصر القوة والضعف في أي مواجهة عسكرية محتملة مع إسرائيل، فرغم أن الأردن يملك قوة جوية جيدة ودفاعات جوية ممتازة، إلا أنه لا يمتلك تفوقًا جوّيًا أو ترسانة صاروخية هجومية كبيرة كالتي لدى إسرائيل، لكن في المقابل فأن لديه قوة ردع معتبرة مبنية على أربعة محاور رئيسية:
أولًا، الدفاع الأرضي المعتمد على الطبوغرافيا والجغرافيا، حيث يشكل وادي الأردن والجروف الغربية مسرحًا لصد أي هجوم بري بالمدفعية والدروع وغيرها من وسائل الدفاع والتخفي. كما تشكل المسافات بين الحدود الغربية وأقاصي النقاط الحدودية باتجاه الشرق عمقًا استراتيجيًا، حيث يتراوح هذا العمق بين 250 كم في المنطقة الجنوبية و340 كم في المنطقة الشمالية، وهذا ما لا تملكه إسرائيل بالمناسبة؛ فأكبر مسافة كعمق بين الحدود الشرقية لإسرائيل والبحر الأبيض لا تتجاوز 120 كم. والعمق الاستراتيجي هذا مفيد للأردن، إذ يوفر خطوطًا وطرقًا داخلية تمنحه قدرة على التحشيد السريع والدفاع النقطي، بالإضافة إلى ميزة الاستفادة من الوقت في حال وقع هجوم.
ثانيًا، القوات الخاصة، إذ أصبح الأردن أحد أهم الدول في مجال تدريب العمليات الخاصة، وتحول مركز الملك عبدالله لتدريب العمليات الخاصة (KASOTC) في عمّان إلى مرجع عالمي في إعداد قوات قادرة على التسلل، والاستطلاع الخاص، وتعطيل مراكز الثقل خلف الخطوط. وهذا مهم في إدارة أي مواجهة مع إسرائيل.
ثالثًا: إلى جانب ذلك كله، يستند الأردن إلى شبكة تعاون عسكري وثيق مع الولايات المتحدة وأوروبا وحلفاء آخرين. فلديه اتفاقية التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة، ولديه وبرنامج دائم من التدريبات والمناورات العسكرية تشارك فيها عشرات الدول جعلت القوات المسلحة الأردنية والاستخبارات في تطور دائم. ورغم الانتقادات لهذا التحالف، إلى أن نجاح الأردن في جَمع كل هذه الخيوط في ظل التغير الواضح في المواقف الدولية إزاء سلوك إسرائيل يعتبر إنجازًا مهمًا.
رابعًا: الخبرة التاريخية والذاكرة العملياتية من حروبٍ سابقة ومعارك وقعت ما بين 1948 و1967 ومعركة الكرامة 1968، دعك من المردود المعنوي لهذا التاريخ المشرّف من الانتصارات والذي يستثمر في سياق تعزيز الروح الوطنية ورفع الثقة بالقدرات.
هذا المزيج يجعل أي محاولة لفرض أمر واقع على الأردن مغامرة محفوفة بالخسائر؛ فلدينا قيادة سياسية ذكية تدرك الإمكانيات الذاتية للجيش والقوى الأمنية وتؤمن بقدرته على استغلال عناصر قوة إضافية مثل الجغرافيا الوعرة، والتاريخ المُشرِّف، والتركيبة العشائرية.
لا بد لنا أن ندرك قدراتنا وإمكانياتنا كما هي، فقد شاهدنا وتابعنا كيف حاول البعض تصغير أكتاف الأردن عسكريًا وسياسيًا على وقع إعلان نتنياهو لأحلامه في إقامة إسرائيل الكبرى، وتابعنا أن هناك من اعتبر طموحاته قدرًا لا مفر منه، وكأن الأردن دولة ضعيفة. نعم، هناك من فَرح بتصريحات نتنياهو في سبيل النكاية بالأردن ومواقفه وليس في سبيل دعوة الأردن لتطوير جاهزيته العسكرية والسياسية من باب الخوف عليه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
ملك تايلاند يعرب عن أمله في توطيد العلاقات مع الأردن
قدّم السفير إسماعيل المعايطة أوراق اعتماده إلى جلالة الملك ماها فاجير الونغكورن ملك مملكة تايلاند، سفيرًا فوق العادة ومفوّضًا غير مقيم للمملكة الأردنية الهاشمية لدى مملكة تايلاند، وذلك خلال مراسم في قصر دوست الملكي في العاصمة بانكوك. ونقل السفير المعايطة خلال تقديم أوراق اعتماده تحيّات جلالة الملك عبدالله الثاني إلى جلالة ملك تايلاند، وتمنياته للشعب التايلندي الصديق بمزيد من التقدّم والازدهار. بدوره، طلب جلالة الملك ماها فاجير الونغكورن ملك مملكة تايلاند، نقل تحيّاته إلى جلالة الملك عبدالله الثاني، وتمنياته الطيبة لجلالته وللشعب الأردني الصديق بالتقدّم والازدهار، مُعربًا عن أمله في توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات كافّة. وحضر مراسم تقديم أوراق الاعتماد عدد من كبار المسؤولين في القصر الملكي ووزارة الخارجية التايلاندية.

الدستور
منذ 2 ساعات
- الدستور
متحدثون: الحركة النسائية شهدت زخما سياسيا واجتماعيا ملحوظا خلال العقدين الماضيين
عمان - بترا أكد متحدثون في ملتقى "بادري – القيادة والتأثير السياسي"، الذي نظمته جمعية بادري للتنمية والتأهيل الخيرية، اليوم الاثنين، أن الحركة النسائية الأردنية تشكل ركيزة أساسية في تعزيز المشاركة السياسية والمجتمعية، وتعد قضية حقوق المرأة جزءاً محورياً من البناء الوطني، رغم التحديات الداخلية والإقليمية والدولية. وقالت الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، المهندسة مها علي، إن الحركة النسائية شهدت خلال العقدين الماضيين زخماً ملحوظاً بدعم من المجتمع المدني، أسهم في إبراز أهمية رفع نسبة تمثيل المرأة في مواقع صنع القرار والمشاركة في الحياة العامة. وأضافت أن عهد جلالة الملك عبد الله الثاني، منذ تسلمه سلطاته الدستورية عام 1999، شهد سلسلة إصلاحات سياسية وتشريعية عززت دور المرأة والشباب، مشيرة إلى أن إدخال نظام "الكوتا" النسائية لأول مرة في انتخابات مجلس النواب عام 2003، جاء بدعم من اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة برئاسة سمو الأميرة بسمة بنت طلال. وبينت أن مخرجات منظومة التحديث السياسي لعام 2022 شكلت نقلة نوعية في تمكين المرأة برلمانياً وحزبياً ومحلياً، مؤكدة أهمية الشراكة مع وسائل الإعلام والمجتمع المدني لتسليط الضوء على قضايا المرأة ومعالجة التحديات بخطاب مهني ومتوازن. وأشارت المهندسة علي، إلى جهود اللجنة في إشراك الشباب، من خلال النواة الشبابية التي تأسست عام 2019 وأعيد تشكيلها العام الحالي، وتضم 27 شاباً وشابة من مختلف المحافظات، بهدف تعزيز وعيهم وبناء قدراتهم وإشراكهم في القضايا المتعلقة بحقوق المرأة. بدورهم، أكد المشاركون، أن النساء يشكلن ركناً أساسياً في الاقتصاد والسياسة والتنمية، مع ضرورة تعزيز تمثيلهن في المواقع القيادية، لافتين إلى وجود فجوة بين النصوص القانونية والتطبيق العملي، خاصة في الأحزاب. وشددوا على أن الحركة النسوية في الأردن متجذرة في القيم الوطنية والعشائرية، وتمثل امتداداً لدور الأردنيات في العمل المجتمعي والخيري والتحرر الوطني، مؤكدين أن دعم القيادة الهاشمية والإرادة السياسية أسهما في تطوير التمثيل السياسي للمرأة منذ عام 2003 وصولاً إلى التعديلات الدستورية الحديثة. وركز المتحدثون على أهمية الإعلام في تغيير الصورة النمطية عن المرأة وإبراز نماذج نسائية ناجحة، إضافة إلى دور المجتمع المدني في تعزيز ثقافة النوع الاجتماعي، وإشراك الشباب في العمل السياسي والمجتمعي من خلال مبادرات جامعية وبرامج وطنية. كما أشاروا إلى قدرة المرأة الأردنية على المساهمة في المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر والمبادرات الزراعية، بما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي، خاصة في ظل التحديات المناخية وجائحة كورونا، مؤكدين أهمية الدمج الشامل للنساء ذوات الإعاقة، إلى جانب تمكين المرأة نفسياً واقتصادياً وسياسياً. وبين المشاركون دور التعليم والمعلم في ترسيخ قيم المساواة منذ الصغر، وأهمية البرامج الأكاديمية النسوية في رفد الطلبة بمعارف نظرية وتطبيقية حول حقوق الإنسان. واختتم المتحدثون بالتأكيد على أن نجاح الحركة النسوية الأردنية يتطلب شراكات قوية بين المجتمع المدني والإعلام والمؤسسات التعليمية والدينية، بما يضمن خطاباً متوازناً يعكس أولويات المجتمع، ويحقق تمكيناً مستداماً للمرأة الأردنية في مختلف المجالات. وشارك في الجلسة، التي أدارتها مديرة إذاعة راديو البلد عطاف الروضان، الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة المهندسة مها علي، والمدير التنفيذي في مركز الحياة – راصد عمرو النوايسة، ورئيسة اتحاد المرأة الأردنية سابقاً آمنة الزعبي، والباحثة في شؤون المرأة الدكتورة زهور الغرايبة. "بترا - أمل الدهون"

سرايا الإخبارية
منذ 2 ساعات
- سرايا الإخبارية
ترامب: أنا موجود لوقف حرب أوكرانيا وليس لمواصلة تأجيجها
سرايا - أعلنت المفوضية الأوروبية، الإثنين، أن القادة الأوروبيين سيلتقون بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قبل الاجتماع المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض. وأشارت المفوضية الأوروبية في جدول أعمالها الرسمي إلى أن "اجتماعا تحضيرا" سيُعقد قبل لقاء الرئيس الأميركي، والذي يأتي بعد أيام من قمة جمعت بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ولاية ألاسكا. ومن المقرر أن يكون برفقة زيلينسكي عدد من الحلفاء الأوروبيين، من بينهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، كما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب، عن مشاركتهم. ودعا زيلينسكي، قبل الاجتماع، إلى تقديم ضمانات أمنية لبلاده على غرار ما هو معمول به في حلف شمال الأطلسي (الناتو). وتراجع ترامب عن مطلبه الأساسي بوقف إطلاق النار كشرط لمفاوضات السلام، بعد اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا يوم الجمعة الماضي. وبدلا من ذلك، يريد ترامب التحدث مباشرة عن عقد اتفاق سلام، بما يتماشى مع رغبة بوتين. مع ذلك، لا تزال الآراء بشأن هذا الموضوع متباينة بشكل كبير.