
إما أن تكون زيلينسكي وإما كارني... أوطان للبيع
في قضية بيع الأوطان أو تأجيرها بعقود إذعان طويلة الأجل، إما أن تكون في موقف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وإما في صف رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، ورئيس وزراء جزيرة
غرينلاند
المستقلة، موتى إيجيدي، ورئيس دولة بنما خوسيه مولينو وغيرهم من القادة الذين رفضوا بيع أوطانهم للولايات المتحدة وغيرها.
الأول، زيلينسكي، أبرم صفقة مذلة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب حملت اسم "اتفاقية استغلال المعادن"، أو "
صفقة الثروات مقابل الدعم
"، وتنازلت أوكرانيا بموجبها عن نصف ثروتها المعدنية النادرة للولايات المتحدة، مع إتاحة الوصول لمستثمرين أميركيين إلى المعادن النادرة التي تشمل 57 نوعاً، من بينها النفط والغاز والتيتانيوم والليثيوم والمعادن الأرضية، والحصول على 50% من قيمة الثروات المعدنية والموارد الطبيعية المكتشفة في أوكرانيا والتي تتجاوز قيمتها 11 تريليون دولار وفق أحدث التقديرات.
وعندما اعترض زيلينسكي في بادئ الأمر على بعض بنود الاتفاق تعرض لإهانة شديدة وطرد من البيت الأبيض على يد
ترامب
في نهاية فبراير/شباط الماضي، وكان قبول اتفاق المعادن النادرة شرطاً لدى ترامب لدعوة زيلينسكي إلى لقائه في واشنطن. وعندما تعرض الأخير لانتقادات حادة بشأن بنود الاتفاقية خرج علينا ووصفها بأنها عادلة، وأنها صفقة اقتصادية بهدف إعادة إعمار أوكرانيا عبر إنشاء صندوق استثماري بين بلاده وأميركا، وليست ورقة ضغط أو تنازلاً عن ثروات بلاده مقابل الدعم الأميركي السخي خلال الحرب ضد روسيا كما ردد خصومه.
الحكومات المنتخبة لا تخشى التهديدات الخارجية حتى لو جاءت من قبل أقوى رئيس دولة في العالم، أما غير المنتخبة فهي تنبطح عند أول تهديد أو حتى تلويح بالتهديد
في مقابل موقف زيلينسكي كان هناك موقف مغاير من رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، لدى مقابلته ترامب في البيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضي، فعقب صدور تصريحات من الرئيس الأميركي أكد خلالها رغبته القديمة في تحويل كندا إلى ولاية أميركية، وأنه لا يزال يعتقد أن كندا يجب أن تُصبح الولاية رقم 51 في الولايات المتحدة، جاء الرد سريعاً وقوياً وحاداً من قبل كارني وأمام الصحافيين في البيت الأبيض قائلاً: "كندا ليست للبيع. ولن تكون للبيع أبداً، ولكن الفرص الحقيقية هي في الشراكة بيننا وبين الولايات المتحدة، وجزء من هذه الشراكة هو احترام الأمن، وحكومتي ملتزمة باتخاذ خطوات لتغيير الأمن الكندي من خلال الشراكة مع واشنطن".
تكرر المشهد مع دول أخرى اتخذت مواقف حادة من محاولات ترامب الاستيلاء عليها مثل بنما وجزيرة غرينلاند، ففي فبراير الماضي أعلنت مته فريدريكسن رئيسة وزراء الدنمارك، أن غرينلاند، المتمتعة بحكم ذاتي، ليست للبيع رداً على تصريحات ترامب، برغبته في شراء الجزيرة، وتهديداته بأنه سيجعل غرينلاند جزءاً من الولايات المتحدة، بل لم يستبعد في تصريحاته استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية لإقناع الدنمارك، التي كانت الجزيرة جزءًا منها لأكثر من 600 عام، بتسليمها.
موقف
التحديثات الحية
صفقة ترامب مع أوكرانيا والنهب الناعم لثروات الدول
تكررت التصريحات مع رئيس وزراء غرينلاند المنتخب، موتى إيجيدي، الذي رد بعنف على ترامب قائلاً: "الجزيرة ليست للبيع. غرينلاند ملكنا، ونحن لسنا للبيع ولن نكون كذلك أبداً. يجب ألا نخسر نضالنا الطويل من أجل الحرية". وعندما هدد ترامب باحتلال
قناة بنما
أو السماح بعبور السفن الأميركية عبرها مجاناً خرج علينا رئيس بنما خوسيه مولينو قائلاً إن سيادة بلاده على القناة المائية "ليست محل نقاش"، بل قدمت الحكومة البنمية شكوى أمام الأمم المتحدة بشأن تهديد ترامب بالاستيلاء على قناة بنما، مطالبة بإحالة القضية إلى مجلس الأمن الدولي.
الحكومات المنتخبة مثل كندا والدنمارك وغيرها لا تخشى التهديدات الخارجية حتى لو جاءت من قبل ترامب أقوى رئيس دولة في العالم، أما غير المنتخبة فهي تنبطح عند أول تهديد أو حتى تلويح بالتهديد.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


منذ ساعة واحدة
الولايات المتحدة تُسيّر أول رحلة 'مغادرة طوعية' للمهاجرين بمكافأة ألف دولار
واشنطن- 'القدس العربي': أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، الإثنين، عن تنظيم أول رحلة طيران مستأجرة ضمن برنامج 'الترحيل الذاتي' الجديد، والذي يتيح للمهاجرين غير النظاميين مغادرة البلاد طواعية مقابل منحة مالية قدرها 1000 دولار. وأفادت الوزارة في بيان صحافي أن الرحلة شملت 64 مهاجرًا من كولومبيا وهندوراس، عادوا إلى بلدانهم بموجب البرنامج، مشيرة إلى أن 'الرحلة كانت طوعية بالكامل، وليست جزءًا من عمليات الترحيل القسري التي تنفذها هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك'. وحصل المشاركون في البرنامج على المزايا الكاملة، بما في ذلك مساعدة لوجستية في ترتيبات السفر، ومنحة مالية، بالإضافة إلى احتفاظهم بإمكانية العودة المستقبلية إلى الولايات المتحدة بصورة قانونية. وكانت إدارة الرئيس دونالد ترامب قد أعلنت مطلع مايو/ أيار الجاري إطلاق البرنامج عبر تطبيق إلكتروني جديد يُعرف باسم CBP Home، وهو نسخة مطورة من تطبيق CBP One الذي أطلقته إدارة بايدن، وكان يتيح حجز مواعيد لتقديم طلبات اللجوء. ويمنح البرنامج المهاجرين مهلة تقارب ثلاثة أسابيع لترتيب أوضاعهم قبل المغادرة، مع وعد بالمساعدة في تكاليف العودة، ومنحة مالية تُحوّل لهم بعد التأكد من مغادرتهم البلاد. ولكن في المقابل، حذّرت رابطة محامي الهجرة الأمريكية (AILA) من أن الإعلان الحكومي قد يكون مضلّلًا، مشيرة إلى أن بعض المشاركين قد يواجهون عواقب قانونية، من بينها منع دخول الولايات المتحدة لعدة سنوات، خاصة إذا كانوا قد أقاموا فيها بصورة غير قانونية لفترة طويلة. وقالت الرابطة في بيان سابق: 'من غير الأخلاقي أن توحي الحكومة بأن الترحيل الذاتي آمن وخالٍ من العواقب دون توضيح التبعات القانونية، خصوصًا لمن لا يملكون تمثيلًا قانونيًا ولا يدركون حقوقهم.' وأظهرت صور نشرتها وزارة الأمن الداخلي مهاجرين مبتسمين لدى وصولهم إلى بلدانهم، حيث كان في استقبالهم ممثلون عن حكوماتهم، وقدّموا للأطفال دمى محشوة. وأشارت الوزارة إلى أن العائدين إلى هندوراس، على وجه الخصوص، كانوا مؤهلين للحصول على مساعدات حكومية إضافية بقيمة 100 دولار وقسائم غذائية.


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
رجال تحت النار... تقويض إسرائيلي ممنهج للدفاع المدني في غزة
يتلقى رجال الدفاع المدني الفلسطيني تهديدات إسرائيلية لمنعهم من القيام بواجبهم في إنقاذ ضحايا الحرب على غزة، ومع ذلك يُصرون على العمل رغم استشهاد رفاقهم والتدمير الممنهج لمعداتهم، حتى أصبحوا يحفرون الركام بأياديهم. - مهرولاً لتلبية نداء الواجب، أسرع ضابط الدفاع المدني الفلسطيني رائد عاشور برفقة زملائه من عناصر الإنقاذ لدى توجّههم إلى حي الزهور بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، بعد ورود بلاغ من جيران منزل تعرض للقصف في نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم، وما إن وصل الفريق إلى الموقع، حتى فوجئوا بعاشور يخرُّ مغشياً عليه، فقد كان البيت المستهدَف يخصُّ شقيقه موسى، وتحولت طوابقه الثلاثة إلى ركام . "كانت الصدمة أكبر من أن أتحملها"، يروي عاشور النازح وعائلته من رفح ما جرى يومها، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، بثبات يحسد عليه: "انتشل زملائي سبعة شهداء من تحت الركام، من بينهم موسى وأبناؤه وأحفاده". وبالرغم من الفاجعة، لم يتوقف عاشور عن أداء واجبه الإنساني والمهني، إذ يواصل عمله في الدفاع المدني جنوب القطاع منذ 19 شهراً دون انقطاع، وإن كان تقريباً بلا راتب مثل بقية رفاقه، إذ لا يُصرف له سوى أقل من نصف المبلغ كل شهرَين. ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فبعد شهر فحسب من الكارثة الأولى، خرج عاشور في مهمة جديدة، وعقب الوصول تبيّن أن القصف طاول منزل شقيقه الثاني إسماعيل، إلّا أن رد فعله اختلف هذه المرة، وبدلاً من الانهيار، اندفع نحو أنقاض المبنى، بكل قوة وانتابته حالة غريبة، يصفها قائلاً: "كنت أحفر بيدي، حتى إنّني أصبت بثلاثة جروح كبيرة بسبب الخرسانة، إلّا أنني لم أشعر بالألم، وكلّما انتشل زملائي جثماناً، كنت أتقدم للتعرف عليه، أبكي بصمت ثم أواصل الحفر، لربما أعثر على ناجين". وبالفعل بعد ساعات طويلة أنقذ اثنين من أبناء شقيقه كانا لا يزالان على قيد الحياة تحت الأنقاض ، وتمكن بمفرده من انتشال ثمانية شهداء. تحقيق مذبحة جباليا... جريمة حرب في سوق المخيم تحدي المستحيل منذ بداية الحرب قبل عشرين شهراً، ينام عاشور وزملاؤه داخل المركبات أو بجانبها، وتمرّ أيام طويلة لا يرون أفراد عائلاتهم، إذ يعملون بين 10 و18 ساعة يومياً، وكلّها مليئة بالدم والدموع، حتّى غدا إخراج الأشلاء والشهداء مشهداً اعتيادياً، ليس على مستوى عائلاتهم ورفاقهم فحسب، بل كثيراً ما كان أحدُهم هو الضّحية، إذ وضع الاحتلال طواقم الإنقاذ والإسعاف ضمن بنك أهدافه، لشلّ قدرة القطاع على مواجهة الكوارث الإنسانية الناجمة عن القصف المستمر، كما يقول إسماعيل الثوابتة، المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة. لذا؛ يحصي الدكتور محمد المغير، مدير الإمداد والتجهيز في الدفاع المدني، حصيلة ثقيلة لشهداء الجهاز، فقد قتلت إسرائيل 111 عنصراً وضابط إنقاذ وإسعاف، من كوادر الدفاع المدني، وأصابت 329 آخرين، واعتقلت 30 عنصراً، ودمرت 54 مركبة إسعاف وتدخل سريع، واستهدفت 14 مقراً ومركزاً من أصل 17 تتبع المديرية العامة للدفاع المدني بالقطاع، وذلك حتى نهاية إبريل/نيسان الماضي، كما دُمّرت مبانٍ ومعدات تُقدّر قيمتها بـ 30 مليون دولار، بعد أن طاولت الضربات الجرافات التابعة للبلديات، ولم تسلم حتى تلك المملوكة للقطاع الخاص، بعد ما اعتمد عليها الدفاع المدني في مهام الإنقاذ، يؤكد الثوابتة. و"قطعاً لن ولم يتوقف عمل الجهاز بعد كل ما سبق سرده، إذ تبنى استراتيجية العمل بالمتاح، في كل مناطق القطاع عبر 13 نقطة ميدانية، هي في حقيقتها أراضٍ خالية أو شوارع يتمركز فيها ما تبقى من طواقم ومعدات، لا تتجاوز ثلث ما كان متاحاً قبل الحرب"، يقول المغير وأربعة من عناصر الدفاع المدني تحدثوا لـ"العربي الجديد"، من أبرزهم الشهيد زهير الفرا، الذي التقاه مُعِدّ التحقيق قبل أن يقتله الاحتلال برفقة 14 من زملائه في جريمة إعدام جماعي تعرض لها طاقم الدفاع المدني والهلال الأحمر الفلسطيني أثناء تأديتهم مهامّهم الإنسانية عبر استهدافهم مباشرةً في حي تل السلطان برفح بتاريخ 23 مارس/آذار الماضي. /* ><!*/ "هنا بالفعل لا نبالغ إذا قلنا إنّنا اضطررنا للعمل بأدوات بدائية مثل المطرقة والفأس للوصول إلى العالقين، وكثير من عناصرنا أصيبوا بجروح وكسور، وهم يرفعون الركام بأياديهم العارية، دون حماية أو دعم لوجيستي" يقول المغير. ومن بين هؤلاء، ضابط الإنقاذ معتصم خريس، الذي شارك في مهمة انتشال ناجين من تحت أنقاض منزل تعرض للقصف في محافظة خانيونس خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ويروي مشهداً مؤثراً واجهه، إذ عثر على سيدة تحاصِرُ قدميها كتلةٌ خرسانية ضخمة، ما أعاق حركتها بالكامل، فقد "كان الركام بمثابة حزام يطوّق قدميها"، مشيراً إلى أنه استخدم مطرقة يدوية لتحطيم الكتلة الكبيرة وحمل القطع المتفتتة بيديه، ولم يتوقف عن العمل لأكثر من ساعتين، حتى بعد إصابته بجرح عميق في يده، تطلب تدخلاً طبياً فورياً، لكنه اكتفى بلفها بقطعة شاش لإيقاف النزيف، رافضاً المغادرة إلى أن تمكّن من إنقاذ السيدة، وهو ما تكرر مع خمسة من زملائه أكّدوا لـ"العربي الجديد" أن طبيعة القصف وفقدان المعدات فرضت عليهم العمل بأياديهم في محاولة للحفاظ على أرواح تتشبث بالأمل في الحياة. تحقيق متعدّد الوسائط تدمير بيئة غزة... من ينجُ من قنابل الاحتلال تصبه الأوبئة إرهاب طواقم الدفاع المدني يتعمد الاحتلال خلق بيئة من الرعب والضغط على طواقم الدفاع المدني بأساليب ترهيب ممنهجة، في محاولة لمنعهم من القيام بواجبهم في اللحظات الحرجة، وتعطيل مهام الإنقاذ، وعلى رأس تلك الممارسات، اتصالات هاتفية يتلقاها قادة فرق الإنقاذ الفلسطينية من جيش الاحتلال عقب تنفيذ القصف مباشرة، ليحذرهم الاحتلال من التوجّه إلى الموقع المستهدَف، ويُطلَب منهم صراحة وقف أي تحرك لإنقاذ الضحايا، بزعم أن "القصف سيُستأنف خلال لحظات"، بحسب المغير. تتصل قوات الاحتلال بالعاملين في الدفاع المدني لترهيبهم "هذا غيض من فيض"، يقول خريس، فقد سبق وأن نجا من قصف مباشر خلال تنفيذ مهمة في منطقة المواصي بخانيونس في نوفمبر الماضي، بعد استهداف منزل يعود لعائلة أبو شمّالة عبر قصف جوي نفذته طائرات الاحتلال، فانطلق فريق الدفاع المدني إلى الموقع، وفوجئ خريس بورود مكالمة من رقم خاص، لم تتعدّ 15 ثانية، أنذرهم فيها ضابط من الاحتلال صراحةً بأن فريق الإنقاذ سيكون الهدف، لكنّهم أصروا على تأدية واجبهم وبمجرد وصولهم، تكرر القصف إلّا أنهم نجوا بأعجوبة. يقول خريس لـ"العربي الجديد": "لم نفكر لحظة في العودة، ورغم القصف الذي كاد أن يودي بحياتنا، واصلنا التقدم ونحن نردد الأذكار ونتلو القرآن وهذا ما يُقوّينا ويمنحنا الثبات". قصص كهذه تكشف عمق الخطر الذي يواجهه الطاقم الطبي والإنساني في غزة، ودرجة الاستهداف المنهجي الذي يتعرضون له، رغم الحصانة المفترضة بموجب القانون الدولي، إذ يخالف استهداف طواقم الدفاع المدني، وتقييد عملها، المواد 61، 62، 63، 64، و65 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات "جنيف الرابعة" لعام 1977، بحسب المغير، وتنص المادة الـ 62 من البروتوكول على أنه: "يجب احترام وحماية تشكيلات ووحدات الدفاع المدني، وأفرادها، والمباني التي يشغلونها، والمعدات ووسائل النقل التي يستخدمونها، أثناء قيامهم بمهام الدفاع المدني، ما دامت لا تقوم في نفس الوقت بأعمال تُخل بطبيعتها المدنية". أما المادة الـ 63، نصت على ضرورة تلقي الأجهزة المدنية للدفاع المدني في الأراضي المحتلة التسهيلات اللازمة من السلطات لأداء مهامها، ولا يعيق الاحتلال التنفيذ السليم لمهامهم. وبسبب سياسة الاحتلال أصبحت كل مهمة مجازفةً مميتة، خاصة لدى وقوع الغارات الإسرائيلية داخل مناطق تُصنَّف عسكرياً باعتبارها "عازلة" أو "حمراء" يُمنع على الطواقم الاقتراب منها ميدانياً، ما يعيق الوصول إلى الضحايا ليُتركوا لمصيرهم المحتوم، خاصة أن سلطات الاحتلال ترفض التنسيق مع الجهات الإنسانية الدولية كالصليب الأحمر، وبلغ مستوى الخطر أنها تدمر الطرق المؤدية إلى المواقع المستهدفة، فضلاً عن نقص حاد في الوقود، وأعطال متكرّرة تضرب المركبات الميدانية المهترئة، التي يتعذر إصلاحها أو استبدالها بسبب الحصار، كما تقول مصادر التحقيق ومن بينهم المغير، مضيفاً: "بالرغم من كل هذا، لا نملُّ من استجداء وساطات مؤسسات دولية في سبيل تأمين ممرات آمنة للوصول إلى المناطق عالية الخطورة، غير أن معظم هذه المحاولات تُقابل برفض إسرائيلي قاطع". وبحسب المغير، فإنه قبل تجدد العدوان، كان هناك 10 آلاف جثمان تحت الأنقاض، أضيف إليها 3 آلاف أخرى، ليصبح هناك 13 ألف جثمان لم تتمكن فرقهم من انتشالها، بسبب وجودها تحت ركام كثيف، تتطلب إزالته معدات ثقيلة، وما زال الاحتلال يمنع وصولها، ولأن طواقم الإنقاذ تولي الأحياء أهمية أكبر في عمليات الإنقاذ، لذلك ينصبّ الاهتمام على المنازل التي تُقصف حديثاً. الصورة ترفض سلطات الاحتلال التنسيق مع الجهات الإنسانية الدولية لتسهيل مهام الإنقاذ (Getty) معجزات في قلب النار في الثالث من إبريل الماضي، تحوّلت مدرسة دار الأرقم شرقي مدينة غزة إلى هدف مباشر للقصف، وعندما وصل ضابط الإنقاذ نوح الشغنوبي إلى الموقع لتفقد الأضرار، فوجئ بشاب محاصر تحت الركام، وقد علقت قدمه بين كتلتين خرسانيتين ضخمتين، كان المشهد يوحي بأن الإنقاذ مستحيل، لكن التهديد الأكبر جاء بعد لحظات، حين أبلغت قوات الاحتلال بوجود قصف جديد وشيك يستهدف الموقع نفسه، وانسحب الجميع حفاظًا على أرواحهم، إلا الشغنوبي، قائلًا: "طلب مني الشاب أن أغادر، وقلت له: لن أتركك"، وحاول إقناعه ببتر قدمه لتسهيل الخروج، لكن الشاب رفض، وبينما كان الوقت يمضي، واصل الشغنوبي محاولاته إلى أن نجح في تحرير المصاب وحمله بعيدًا، مستذكرًا بقوله: "بعد لحظات فقط من ابتعادنا، سقط صاروخ ودمر المكان بالكامل، كنت مستعدًا للموت، لكني اخترت أن أنقذه ونعيش معًا". هذه المشاهد، على قسوتها، ليست استثناءات، بل تُمثل نماذج يومية من مئات عمليات الإنقاذ التي تنفَّذ وسط غيابٍ شبه كامل للمقومات الأساسية للعمل الإنساني، ويحيى سالم، أحد الناجين الذين التقاهم معد التحقيق بفضل تلك المهمات البطولية، يروي ما عاشه تحت أنقاض منزل عائلته، الذي استُهدف في قصفٍ جوي أدى إلى استشهاد ستة من أقاربه، بينما نجا هو وشقيقته بأعجوبة، كما يقول: "كانت لحظات ضبابية، رأيت وميضًا أحمر، شعرت بدوار، ثم فقدت الوعي واستيقظت لاحقًا على صوت رجل ينادي: "في حدا عايش؟"، بالكاد همست: "أنا هان"، واقترب المنقذ ومعه زملاؤه، كانوا يحفرون بأيديهم، أذكر أنني شعرت بعرقهم يتساقط على وجهي، وبعد دقائق من الجهد الخارق، أزالوا عني الركام وأنقذوني". الصورة يعمل عناصر الدفاع المدني بأدوات بدائية مثل المطرقة والفأس بعد تدمير الاحتلال لآلياتهم (Getty) صراع يومي مع الموت يتذكر كل من ضابطي الإنقاذ معاذ المصري ومعتصم خريس، طبيعة عملهما قبل اندلاع العدوان، حين كانت المهمات نادرة ومقرات العمل مجهزة، ويتبعان جداول دوام منتظمة تتيح لهما فترات راحة طويلة، ووقتًا عائليًا طبيعيًا، وكانت الحوادث عبارة عن حريق هنا أو حادث سير هناك وتلبية النداء كانت تحصل بهدوء وعلى فترات متباعدة، لكن كل شيء تغيّر منذ بدء العدوان، إذ باتا ينفذان ما يصل إلى عشر مهمات إنقاذ في اليوم الواحد، دون توقف، وفي ظل فقدان عدد كبير من زملائهما الذين قضوا خلال عمليات الإنقاذ، فتحولت حياتهما إلى مزيج من الخطر المستمر، والإنهاك النفسي. وحتى المصاب من ضباط الإنقاذ لا يتأخر عن واجبه الإنساني، إذ استأنف صالح معمر عمله عقب إصابته في كتفه وصدره في فبراير/شباط الماضي خلال مهمة لإنقاذ الجرحى في منطقة تل السلطان، بعد أن فتحت قوات الاحتلال النار عليه وعلى طاقمه، رغم تنسيق مسبق بوجودهم في الموقع، وخضع لعملية جراحية دقيقة، ومع ذلك لم ينتظر طويلا ليعود إلى عمله، مؤمنًا كما يقول شقيقه حسين بأن ما يفعله أعظم من أن يتوقف لأجل سلامته الشخصية، وفعلاً، ظل في الميدان حتى اللحظة الأخيرة، حين استُشهد بينما كان يحاول إنقاذ آخرين في مجزرة تل السلطان. أما من نجا منها فلا يزال يعاني من آثار نفسية عميقة بعد أن شاهد رفاقه يُقضى عليهم أمام عينيه، وهذا هو حال ضابط الإنقاذ منذر عابد، الذي يصف ما جرى بقوله: "وردنا بلاغ عن إصابات غربي رفح، تحركنا فورًا، وكانت سيارات الإسعاف مضاءة بالكامل كما يقتضي التنسيق، لكن فور وصولنا، انهال علينا وابل من الرصاص فاختبأت في الجزء الخلفي من السيارة، لم أسمع صوتًا من زملائي، فقط أنفاسهم الأخيرة، بعدها وصلت وحدة إسرائيلية خاصة، فتحت باب السيارة، واعتقلوني ونكلوا بي، وحققوا معي خمس عشرة ساعة ثم أطلقوا سراحي، لقد قتلوهم بدمٍ بارد".


BBC عربية
منذ 5 ساعات
- BBC عربية
ترامب: روسيا وأوكرانيا ستبدآن فوراً بمحادثات لوقف إطلاق النار
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن روسيا وأوكرانيا ستبدآن "فوراً" مفاوضات لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، وذلك عقب مكالمة هاتفية أجراها مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، استمرت ساعتين. وقال ترامب إن المحادثة سارت "بشكل جيد للغاية"، مؤكداً ضرورة التفاوض بين الطرفين على شروط السلام. ورغم نبرة التفاؤل التي أبداها ترامب، الذي تحدث أيضاً مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلا أنه لا يبدو وشيكاً أي وقف لإطلاق النار، أو اتفاق سلام. من جهته، أعرب بوتين عن استعداده للعمل مع أوكرانيا على "مذكرة تفاهم بشأن اتفاق سلام مستقبلي محتمل"، بينما قال زيلينسكي: "هذه لحظة حاسمة"، وحثّ الولايات المتحدة على عدم النأي بنفسها عن المحادثات. وفي حين أبدى ترامب تفاؤله بمحادثاته مع بوتين، لم يُشر إلى موعد بدء مفاوضات السلام. كما لم يتطرق الرئيس الروسي إلى مطالب الولايات المتحدة والدول الأوروبية بوقف إطلاق نار غير مشروط لمدة 30 يوماً. وبعد مكالمته المنفردة مع ترامب، أكد زيلينسكي رغبة أوكرانيا في "وقف إطلاق نار كامل وغير مشروط"، وحذّر من أنه في حال عدم استعداد موسكو، "يجب فرض عقوبات أشد". وفي حديث سابق قبل محادثة ترامب مع بوتين، قال زيلينسكي إنه طلب ألا تُتخذ أي قرارات بشأن أوكرانيا دون موافقة بلاده، واصفاً الأمر بأنه "مسألة مبدأ" بالنسبة لبلاده. وأضاف أنه لا يملك أي تفاصيل بشأن "مذكرة التفاهم"، لكنه قال إنه بمجرد تلقي أي شيء من الروس، "سيتمكنون من صياغة رؤيتهم بناء على ذلك". وكتب ترامب على حسابه عبر منصة "تروث سوشيال"، عقب المكالمة: "ستبدأ روسيا وأوكرانيا فوراً مفاوضات لوقف إطلاق النار، والأهم من ذلك، إنهاء الحرب"، مضيفاً أنه أبلغ زيلينسكي بذلك في مكالمة هاتفية ثانية، شارك فيها أيضاً قادة عالميون. وأضاف أنه "سيتفاوض الطرفان على الشروط، وهو أمرٌ لا مفر منه، لأنهما يعرفان تفاصيل المفاوضات التي لا يعلمها أحدٌ سواهما". من جهته قال زيلينسكي إن عملية التفاوض "يجب أن تشمل ممثلين أمريكيين وأوروبيين على المستوى المناسب". وأوضح أنه "من الضروري لنا جميعاً ألا تنأى الولايات المتحدة بنفسها عن المحادثات وعن السعي لتحقيق السلام، لأن المستفيد الوحيد من ذلك هو بوتين". وفي حديثه خلال فعالية في البيت الأبيض في وقت لاحق اليوم، قال ترامب إن الولايات المتحدة لن تتراجع عن دورها في التوسط في المحادثات بين روسيا وأوكرانيا، لكنه يضع "خطاً أحمر" في ذهنه بشأن متى سيتوقف عن الضغط عليهما. كما نفى تراجع الولايات المتحدة عن دورها التفاوضي. وحذّر ترامب عدة مرات، في الأسابيع الأخيرة، من أن الولايات المتحدة قد تتراجع عن المفاوضات مع تزايد إحباطه من عدم إحراز أي تقدم في مسار السلام بين موسكو وكييف. وعندما سُئل عن رأيه في روسيا، قال إنه يعتقد أن بوتين سئم من الحرب ويريد إنهاءها. في غضون ذلك، وصف بوتين المكالمة الهاتفية مع ترامب، التي أجراها من مدرسة موسيقية خلال زيارة لمدينة سوتشي، بأنها "صريحة ومفيدة وبناءة"، وتحدث أيضاً عن إمكانية وقف إطلاق النار. وقال "اتفقنا مع الرئيس الأمريكي على أن روسيا ستعرض، وهي مستعدة للعمل مع أوكرانيا، مذكرة تفاهم بشأن اتفاق سلام مستقبلي محتمل". وأضاف أن هذه المذكرة ستحدد "عدداً من المواقف"، بما في ذلك "مبادئ التسوية وجدول زمني لإبرام اتفاق سلام محتمل. بما في ذلك وقف إطلاق نار محتمل لفترة زمنية محددة، في حال التوصل إلى اتفاقات ذات صلة". وقال يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي، إن الإطار الزمني لوقف إطلاق النار "لم يُناقش. مع أن ترامب، بالطبع، يؤكد اهتمامه بالتوصل إلى اتفاق أو آخر في أقرب وقت ممكن". وأجرى زيلينسكي مكالمة هاتفية ثانية مع ترامب بعد أن تحدث الرئيس الأمريكي مع بوتين، وشملت أيضاً رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وقادة فرنسا وإيطاليا وألمانيا وفنلندا. وقالت فون دير لاين: "أود أن أشكر الرئيس ترامب على جهوده الدؤوبة للتوصل إلى وقف إطلاق نار في أوكرانيا"، مضيفة "من المهم أن تبقى الولايات المتحدة منخرطة في المحادثات". وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، إن عرض البابا لاون الرابع عشر استضافة محادثات سلام محتملة كان بادرة ترحيب من الولايات المتحدة والقادة الآخرين في المكالمة، و"استُقبلت بإيجابية". وفي وقت سابق من هذا الشهر، عرض البابا الجديد، الفاتيكان كمكان لمحادثات سلام محتملة بعد أن رفض بوتين عرض زيلينسكي للقاء وجهاً لوجه في تركيا لإجراء مفاوضات. وسبق أن وصفت كييف تصريحات بوتين التي قال فيها إنه يرغب في السلام بأنها جوفاء. وقال أندريه يرماك، أحد كبار مساعدي الرئيس الأوكراني، بعد أن شنت روسيا يوم الأحد، ما وصفته أوكرانيا بأنه أكبر هجوم بطائرات مسيرة منذ بدء الغزو الشامل "بوتين يريد الحرب". وتقول أوكرانيا إن ما لا يقل عن 10 أشخاص قُتلوا في غارات روسية خلال الأيام الأخيرة، بينهم تسعة أشخاص في هجوم على حافلة مدنية صغيرة شمال شرق أوكرانيا. وتؤكد روسيا كذلك أنها اعترضت طائرات مسيرة أوكرانية. ووقع الهجوم على الحافلة بعد ساعات فقط من عقد روسيا وأوكرانيا أول محادثات مباشرة بينهما منذ أكثر من ثلاث سنوات. حيث توصل البلدان لاتفاق لتبادل السجناء، لكن دون التزام بوقف إطلاق النار. وكان ترامب قد عرض حضور المحادثات في تركيا إذا حضر بوتين أيضاً، لكن الرئيس الروسي رفض الحضور. وسبق أن أعلنت روسيا وقف إطلاق نار مؤقت، في الفترة من 8 إلى 11 مايو/ أيار، بالتزامن مع احتفالات النصر في نهاية الحرب العالمية الثانية، لكن كييف رفضته، قائلة إنه لا يمكن الوثوق ببوتين، وإن وقف إطلاق نار فوري لمدة 30 يوماً ضروري. وأعلن الكرملين عن هدنة مماثلة لمدة 30 ساعة خلال عيد الفصح، لكن بينما أفاد كلا الجانبين بانخفاض حدة القتال، تبادلا الاتهامات بمئات الانتهاكات. وتخوض روسيا وأوكرانيا حرباً منذ أن شنت موسكو غزواً شاملا لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022.