logo
ديكتاتورية الجغرافيا تعيد روسيا للبحث عن "يوم النصر" في القرن الـ21

ديكتاتورية الجغرافيا تعيد روسيا للبحث عن "يوم النصر" في القرن الـ21

النهار٠٩-٠٥-٢٠٢٥

لافتات تجسّد "نداء الوطن الأم" للنهوض وقتال الأعداء، وآليات عسكرية منها ما يعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية، وربما إذا استعرضنا تاريخ أحداث اليوم مع الصور الواردة من الساحة الحمراء لقلنا إن التاريخ يعيد نفسه.
في التاسع من أيار/مايو من كل عام تحتفل موسكو بذكرى انتصارها على النازية في الحرب الكبرى، وكانت طلائع هذا الانتصار معركة ستالينغراد.
وفي الذكرى نفسها قبل عامين قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنّ "هذا أمر لا يصدّق لكنّه حقيقي. نحن مهدّدون مجدّداً بدبابات ليوبارد ألمانية". وبعد ذلك بعام واحد أكد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديميتري مدفيديف أن الدبابات الروسية قادرة على الوصول إلى ساحة مبنى "الرايخستاغ"، رداً على ظهور مدرعات ألمانية ضمن الوحدات الأوكرانية في كورسك.
وفي الحرب العالمية الثانية كان الجيش الأحمر هو أول من دخل برلين ورفع العلم السوفياتي فوق مبنى الرايخ النازي (الرايخستاغ)، الذي هو اليوم مبنى البرلمان الألماني أو "البوندستاغ".
إضافة إلى كل هذا يقول زعيم الكرملين إن قواته دخلت أوكرانيا لمحاربة "النازية الجديدة"، وهي الدولة التي كانت من ضمن جمهوريات الاتحاد السوفياتي وشهدت بدورها معارك طاحنة.
بالنظر إلى هذه الخريطة تظهر روسيا كمن أصيب بـ"ديكتاتورية الجغرافيا". تسليح أوكرانيا بصواريخ طويلة المدى وعتاد حديث إلى جانب العقوبات الاقتصادية وتوسيع خريطة حلف شمال الأطلسي (الناتو) تجعل موسكو ترى نفسها أنها أمام "بارباروسا" جديدة، لكن مع فارق أساسي أن شركاء انتصار عام 1945 باتوا مصنفين على أنهم أعداء اليوم.
الباحث ومدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية ديميتري بريجع، يوصّف الواقع أعلاه بالقول: "ما إن وضعت الحرب (العالمية الثانية) أوزارها حتى عاد الغرب الجماعي إلى مشروع الاحتواء، لذلك ترى القيادة الحالية أن انقلاب المواقف الغربية ليس مفاجئاً، بل حلقة متكررة في صراع ممتد". و بناءً على ذلك تصوغ موسكو مطالبها الأمنية مثل تجميد توسع الناتو، ومنع البنية التحتية الهجومية في أوكرانيا "بوصفها استعادة لتوازن 1945 لا عدواناً جديداً".
تقاطع المصالح القومية
وفي الذكرى الثمانين يحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى جانب بوتين، ومن المفارقات التاريخية أن الدولتين شهدتا عداوة كادت تنفجر حرباً نووية في ستينيات القرن الماضي، وحالة العداء السياسي والاقتصادي مع واشنطن جعلتهما حليفين. ولمناسبة مرور 25 عاماً على توليه الحكم، تناول بوتين الطابع "الاستراتيجي" للشراكة مع بكين، مؤكداًَ أن "مصالحنا القومية تتقاطع".
وفي هذا الصدد يوضح بريجع، في حديث لـ"النهار"، أن القيادة الروسية "تقدّم مفهوم التحالف المرن لا التحالف الصلب". ويشرح أن الصين شريك استراتيجي، وأن "الفكرة ليست البحث عن درع عسكرية أجنبية بل خلق عمق اقتصادي وسياسي يجعل العزلة الكاملة مستحيلة، ويضغط على إرادة الدعم الغربي". بمعنى آخر، يوضح الباحث الروسي مقصده بأن الشراكة الاستراتيجية مع الصين تؤمّن لروسيا "عمقاً استهلاكياً ولوجستياً يتجاوز أيّ منفذ أوروبي"، ومن شأن هذه الشراكة أيضاً أن تفتح سوقاً للتقنيات "الثنائية الاستخدام من الشرائح الإلكترونية إلى الذكاء الاصطناعي". وما كان في ستينيات القرن الماضي "محور صراع أيديولوجي صار اليوم رافعة لإعادة تنظيم سلاسل القيمة العالمية بعيداً عن هيمنة الدولار ونظام سويفت".
قرون من الحروب
وفي سياق الأجواء التي تحيط موسكو والكرملين بعد ما يزيد عن ثلاث سنوات من الحرب في أوكرانيا، التي بدورها كانت تشكّل أحد مسارح "الجبهة الشرقية" في الحرب العالمية الثانية، فإنه عندما يتحدث الروس عن تاريخهم الطويل مع الحروب والغزوات وتحديداً منذ القرن الثالث عشر مع هجمات المغول والتتار على موسكو، ينتابهم نوع من الفخر بأن بلادهم لم تخسر حرباً على الرغم من الأثمان الكبيرة التي دفعتها. ومعركة اليوم لا تختلف عن سابقاتها، فلا سبيل للانتصار في مواجهة أي خطر خارجي إلّا بالوحدة الداخلية. ووفقاً لذلك فإن مناسبة "يوم النصر" وإرثه التاريخي ضد النازية، تشكّل جوهر سردية الكرملين الذي يؤكد أن الحرب ضد أوكرانيا هي امتداد للنزاع ضد "ألمانيا النازية".
وفي هذا السياق، يقول مدير وحدة الدراسات الروسية إنّ "الدرس المستخلص من الحرب الوطنية العظمى هو أن التفوّق الغربي في رأس المال والتكنولوجيا يمكن تعويضه بتكامل الجغرافيا والقدرة على التضحية المجتمعية، وفي هذه النقطة تحديداً تقوم الهوية الروسية على استيعاب الألم وتدويره إلى قوة دفع تاريخية". ويستطرد، أنه بهذا المعنى تصبح الحرب الحالية جزءاً من مسار يمتد خمسة قرون، تثبت فيه موسكو أن "الهزيمة النهائية مستحيلة ما دامت قادرة على تحويل كل ضربة إلى فرصة" لإعادة إنتاج ذاتها كقوة كبرى.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الكرملين: لم نتفق بعد على مكان انعقاد الجولات المقبلة مع أوكرانيا
الكرملين: لم نتفق بعد على مكان انعقاد الجولات المقبلة مع أوكرانيا

الميادين

timeمنذ 31 دقائق

  • الميادين

الكرملين: لم نتفق بعد على مكان انعقاد الجولات المقبلة مع أوكرانيا

أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن موسكو وكييف لم تتفقا بعد على مكان انعقاد الجولات المقبلة من المحادثات. وأشار بيكسوف، رداً على سؤال لوكالة "تاس"، إلى أن هذا القرار لا يمكن أن يتخذه طرف واحد، بل يتطلب موافقة الطرفين". وأضاف: "عندما يحين الوقت، سيُتخذ هذا القرار تلقائياً". اليوم 14:55 اليوم 14:28 ورجح دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي، بحسب وكالة "بلومبرغ"، أن الجولة الثانية من المحادثات المباشرة بين الطرفين قد تُعقد الأسبوع المقبل. ووفقاً للوكالة، يُناقش الفاتيكان كمكان محتمل للمحادثات، إلا أن مسؤولين أوروبيين أفادوا بعدم وجود اتفاقات واضحة بشأن مكان الاجتماع بين الوفود. ويتواصل ممثلون أميركيون مع الجانب الأوكراني للتحضير للجولة المقبلة من المفاوضات مع روسيا. وأوضحت مصادر بلومبرغ أيضاً أن واشنطن تُشير إلى موسكو بأنها تُفضل عدم المشاركة في اجتماع جديد مع الممثلين الروس الذين اتخذوا موقفاً تفاوضياً صارماً ضد كييف. ولفتت إلى أن روسيا تعتبر إسطنبول المكان المثالي لمواصلة المفاوضات. وكان الكرملين قد أشار منذ أيام إلى أن موسكو وكييف تواجهان "اتصالات معقدة" لصياغة مذكرة سلام ووقف إطلاق نار. ويوم الجمعة الماضي، انطلقت الاجتماعات الثلاثية بين روسيا وأوكرانيا في تركيا، للمرّة الأولى منذ العام 2022، بناءً على اقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

"طالبان" تجري محادثات مع روسيا والصين بشأن معاملات تجارية بالعملات المحلية
"طالبان" تجري محادثات مع روسيا والصين بشأن معاملات تجارية بالعملات المحلية

النهار

timeمنذ 43 دقائق

  • النهار

"طالبان" تجري محادثات مع روسيا والصين بشأن معاملات تجارية بالعملات المحلية

أفاد القائم بأعمال وزير التجارة الأفغاني بأن إدارة "طالبان" في مرحلة متقدمة من المحادثات مع روسيا بشأن تسوية بنوك من كلا الاقتصادين الخاضعين للعقوبات معاملات تجارية بمئات الملايين من الدولارات بالعملتين المحليتين للبلدين. وقال نور الدين عزيزي لرويترز أمس الخميس إن الحكومة الأفغانية قدمت مقترحات مماثلة للصين. وأضاف أن بعض المناقشات أجريت مع السفارة الصينية في كابول. وأضاف أن فرقا فنية من البلدين تعمل على المقترح مع روسيا. وتأتي هذه الخطوة في وقت تركز فيه موسكو على استخدام العملات الوطنية للابتعاد عن الاعتماد على الدولار في وقت تواجه فيه أفغانستان انخفاضا حادا في موارد البلاد الدولارية بسبب خفض المساعدات. وقال: "ننخرط حاليا في مناقشات متخصصة في هذا الشأن، مع الأخذ في الاعتبار وجهات النظر الاقتصادية الإقليمية والعالمية والعقوبات والتحديات التي تواجهها أفغانستان حاليا، وكذلك التحديات التي تواجهها روسيا. المناقشات الفنية جارية". ولم ترد وزارة الخارجية الصينية ولا البنك المركزي الروسي بعد على طلبات للتعليق. وقال عزيزي إن حجم التبادل التجاري بين روسيا وأفغانستان حاليا عند نحو 300 مليون دولار سنويا، مرجحت أن يشهد نموا كبيرا مع تعزيز الجانبين للاستثمار. وقال إن الإدارة في أفغانستان تتوقع زيادة مشتريات البلاد من المنتجات النفطية والبلاستيك من روسيا. وأضاف: "أنا واثق من أن هذا خيار جيد للغاية... يمكننا استخدام هذا الخيار لمصلحة شعبنا وبلدنا". وتابع: "نريد أن نتخذ خطوات في هذا الاتجاه مع الصين أيضا"، مضيفا أن أفغانستان تجري معاملات تجارية بنحو مليار دولار مع الصين كل عام. وقال: "تم تشكيل فريق عمل يتألف من أعضاء من وزارة التجارة (الأفغانية) والسفارة الصينية... والمحادثات جارية". قطاع الخدمات المالية في أفغانستان معزول إلى حد كبير عن النظام المصرفي العالمي بسبب العقوبات المفروضة على بعض قادة حركة "طالبان" التي استولت على حكم البلاد في 2021 مع انسحاب القوات الأجنبية. وتأثر وضع هيمنة الدولار بين العملات العالمية في السنوات القليلة الماضية بسبب منافسة مع الصين وتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا.

نائب أميركي جمهوري يدعو إلى قصف غزة نووياً!
نائب أميركي جمهوري يدعو إلى قصف غزة نووياً!

IM Lebanon

timeمنذ ساعة واحدة

  • IM Lebanon

نائب أميركي جمهوري يدعو إلى قصف غزة نووياً!

دعا النائب الجمهوري في الكونغرس الأميركي راندي فاين إلى قصف قطاع غزة بالأسلحة النووية. وقال، في مقابلة مع قناة 'فوكس نيوز' بعد إطلاق النار على اثنين من موظّفي السفارة الإسرائيلية أمام المتحف اليهودي في واشنطن: 'الحقيقة أن القضية الفلسطينية قضية شريرة. هذا هو ما يبدو عليه تعميم الانتفاضة. (الفلسطينية) مبنية على العنف… علينا أن نبدأ بتسمية الشرّ باسمه الحقيقي، لا أن نبحث له عن أعذار'. وأضاف: 'النهاية الوحيدة للصراع (في غزة) هي الاستسلام التام والكامل لمن يدعمون الإرهاب الإسلامي'. وأردف: 'في الحرب العالمية الثانية، لم نتفاوض على الاستسلام مع النازيين. لم نتفاوض على الاستسلام مع اليابانيين. قصفنا اليابانيين مرّتين بالسلاح النووي للحصول على استسلام غير مشروط… يجب أن يكون الأمر نفسه هنا. هناك خطأٌ عميقٌ في هذه الثقافة، ويجب دحره'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store