
خفايا "لص البطاريّات" في برج حمود... وشمس الدين يوضح الأرقام الصادمة!
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
مع كل استحقاق سياسي جديد، يعقد اللبنانيون آمالهم على انفراج ولو طفيف في أزماتهم المتراكمة. فالبلاد التي تعاني من انهيار اقتصادي غير مسبوق، باتت تشهد موجة جرائم غير مألوفة في شراستها، حيث تحوّلت السرقة من مجرد اعتداء على الممتلكات إلى جريمة قتل بدم بارد. وكأننا أمام مشهد يعيد رسم ملامح الفلتان الأمني الذي يعكس تفكك منظومة الردع، ويفتح الباب أمام تساؤلات مقلقة حول قدرة الدولة على حماية مواطنيها، في زمن باتت فيه العدالة تقتصر على التمني. لكن ليس من المنطق تحميل العهد الجديد حكومةً ورؤساء أجهزة امنية مسؤولية ما يجري، لان المحن الراهنة تتطلب العمل الدؤوب للتغلب عليها. لذا من المبكر تحميل هؤلاء جميعا خطايا من سبقوهم.
يوضح الباحث في "الدولية للمعلومات" السيد محمد شمس الدين لـ "الديار" أن "حوادث القتل في الفترة الممتدة من 2016 حتى 2019، أي قبل الأزمة، تراوحت بين 104 و137 كحد أقصى. أما في الفترة بين 2020 و2023، فقد شهدنا ارتفاعاً في الأعداد، حيث بلغت في عام 2021 نحو 190 قتيلًا سنويًا، ثم انخفضت تدريجيًا إلى 158، وفي عام 2024 تراجع العدد إلى 153".
ويكشف أنه "في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، بلغ عدد القتلى 57 مقابل 50 في الفترة ذاتها من العام الماضي، ما يشير إلى ارتفاع طفيف".
ويشير إلى أن "حوادث السرقة بشكل عام، تراوحت بين 1,382 و2,350 حالة في الفترة الممتدة من 2016 إلى 2019. لكن بعد عام 2020 ارتفعت لتصل إلى 2,536، وبلغت ذروتها في عام 2021 عند 5,940 حالة، ثم بدأت بالتراجع لتصل إلى 2,782 في عام 2024. لذا، يمكن القول إن معدلات حوادث السرقة والقتل في عام 2024 عادت إلى مستويات قريبة من تلك التي كانت عليها قبل الانهيار في عام 2020. وهذا مؤشر مهم يعكس أولًا نشاط القوى الأمنية، وثانياً حذر المواطنين، حيث أصبح الأفراد أكثر حرصًا على اتخاذ جميع الإجراءات الوقائية لحماية أنفسهم وعائلاتهم، مثل التأكد من هوية أي طارق قبل فتح الأبواب، وإخفاء أموالهم بشكل أكثر أماناً. وبالتالي، أسهم كل من حزم القوى الأمنية ووعي المواطنين في الحد من حوادث السرقة".
ويضيف "أما بالنسبة إلى جرائم القتل، فبعدما شهدت ارتفاعاً خلال الأزمة، بدأت بالتراجع مجدداً إلى 153 حالة في عام 2024، ومن الممكن أن تنخفض أكثر، مما يدل على عودة الاستقرار".
انطلاقا من كل ما تقدم، شهد لبنان مؤخرا سلسلة من جرائم القتل وحوادث السرقة في مختلف المناطق اللبنانية، ومنها الجريمة التي هزّت الرأي العام، حيث عثر على السيدة وفيقة أحمد سرحان جثة هامدة داخل منزلها في حارة حريك. لم يكن الأمر مجرد وفاة طبيعية كما أشار التقرير الأولي، فسرعان ما تكشّفت خيوط الجريمة مع اختفاء مجوهراتها. وقد قادت التحقيقات إلى المدعو ي. ح.، الذي حاول التنصل عبر تبريرات واهية، لكن الأدلة حاصرته حتى انهار معترفاً بأنه أنهى حياة العجوز كما يُطفىء المصباح عند انتهاء الزيت، مستخدما منديلًا مبللًا بمواد عطرية لشلّ مقاومتها قبل أن يسرق مجوهراتها.
من الحارة الى طرابلس، تكرّرت مشاهد الرعب، حيث تعرّضت السيدة نادين بركة ووالدتها لمحاولة سلب عنيفة على طريق المئتين. لم يكتفِ الجاني بالاعتداء، بل أطلق النار بدم بارد في سعيه لنزع الحقائب، وكأننا في مشهد من أفلام العصابات، حيث لم يعد السطو يقتصر على التهديد بل بات يُمارس بالقوة المفرطة، ما أثار هلع السكان الذين أصبحوا يخشون السير في شوارع مدينتهم حتى في وضح النهار.
من الحارة وطرابلس الى عين الرمانة ومعوّض في الضاحية الجنوبية، ومن الأشرفية إلى الضواحي، باتت أعمال السلب والنهب تتسابق مع الزمن، وكأن الجريمة أضحت جزءا من الروتين اليومي. لا يمر يوم دون تسجيل حادثة جديدة، فالمواطن لم يعد يخشى فقط من ارتفاع الأسعار، بل صار يترقب متى يصبح هو الضحية التالية في مسلسل العنف المتصاعد.
عمليات مكرّرة تكشف عن جريمة منظمة؟
وفي الوقت الذي يغرق فيه الجميع في نوم عميق، يخرج السارق من مخبئه متسللاً بين الأزقة المظلمة في برج حمود. هكذا يعمل اللص الذي يعمد إلى سرقة بطاريات السيارات، بعدما يتأكد تماما من غياب أي شهود، مقتنصاً الفرص في ساعات الليل الهادئة او في ساعات الصباح الأولى، حيث يكون الناس جميعهم نياماً. لكن كما هي العادة، لم يكن الحظ إلى جانبه هذه المرة، فوقع في كمينٍ خفي، حيث كانت كاميرا مراقبة لصاحب احدى السيارات المستهدفة تُوثّق جريمته بكل تفاصيلها.
في ضوء ما تقدّم، كشف السيد جورج، شقيق صاحب السيارة التي تعرضت للسرقة ثلاث مرات على التوالي، ان "السارق كان يقصد منطقة برج حمود تحديدا على الخط الفاصل بين البلدة وسن الفيل بالقرب من كنيسة مار ضومط، حيث يأتي بشكل دوري، ومن الواضح أنه يتقصد السيارات التي يتمكن من فتح غطائها. لم يكن في البداية سوى ظل يختفي في الظلام، لكن بفضل الكاميرا التي وضعها شقيقي على مركبته، تمكّنا من تحديد هويته بعد ان قام بسرقة البطارية لثلاث مرات على التوالي، وقد وثقت الكاميرا افعاله بتاريخ 31/3/2025".
وأضاف "لم يكتفِ بسرقة البطارية مرة واحدة، ولا مرتين، بل قام بذلك ثلاث مرات، وفي المرة الرابعة حاول لكنه فشل بتاريخ 07/04/2025. في البداية، لم نتمكّن من تحديد هويته، لكن بعدما نشرنا الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، تم الكشف عن هويته، وهو أحمد محمود أشقر، سوري الجنسية، وله سجل حافل بالجرائم".
تجدر الإشارة الى ان أشقر كان يراقب الآليات بشكل دقيق، ليبدأ بعدها في سرقة البطاريات، دون أن يدرك أنه بات تحت المراقبة. وما يثير الدهشة هو جرأة هذا اللص، حيث كرر الجريمة نفسها ثلاث مرات في أسبوع واحد، مستهدفا السيارة نفسها، ولا ندري عدد السيارات التي قام بنزع بطارياتها، وكأنّه يريد اختبار حدود الأمن في المنطقة. علماً بأن البطاريات التي تتراوح أسعارها بين 60 و70 دولارا، تُباع في السوق السوداء بثمن بخس لا يتعدى 20 دولارا، ما يعكس مدى ربحية هذه التجارة غير المشروعة، التي يُحتمل أن تقف وراءها شبكة منظمة.
في ضوء تفاصيل هذه الواقعة، وبعد أن تكشّفت هوية السارق، يبقى السؤال الأكثر إلحاحاً: هل ستتحرك القوى الأمنية لاعتقاله ووضع حد لنشاطه الإجرامي؟ بحسب المعلومات فإن السارق لا يزال حرا طليقا، مما يعني ان الخطر باق الى حين القاء القبض عليه.
كما بات واضحاً ان عمليات سرقة البطاريات في برج حمود ليست مجرد جريمة فردية، بل قد تكون بداية لشبكة إجرامية، تعمل على سرقة الممتلكات وبيعها في الأسواق السوداء. الآن، الأمر في يد السلطات، وعليها أن تثبت قدرتها على التصدي لمثل هذه الظواهر، التي باتت تهدد استقرار المنطقة. وفي هذا الإطار، علمت "الديار" ان هذه البطاريات تباع الى بعض محلات تصليح السيارات، كما انه يطلب من هؤلاء اللصوص سرقة موديلات سيارات معينة.
في جميع الأحوال، لا يمكن نكران نشاط الأجهزة الأمنية، وربما نحتاج الى مزيد من الوقت لضبط الوضع، رغم أن تصاعد معدل الجرائم بهذا الشكل يضع الدولة أمام اختبار وجودي. من المهم القول ان المواطن لديه ملء الثقة بالقوى المعنية، بقياداتها الجديدة، من اجل وقف هذا النزيف. كما ان ضبط الواقع لم يعد أكبر من قدرة المؤسسات. صحيح ان ما يجري اليوم ليس مجرد حوادث متفرقة، بل مشهد يعكس أزمة أعمق، لان السرقة باتت وسيلة بقاء، حتى وإن كان ثمنها أرواح الأبرياء. لكن المؤشرات تشير الى أن لبنان يتجه إلى مرحلة لن يكون فيها الأمن مجرد شعار، بل حقيقة ملموسة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
نتنياهو: لا خلاف مع ترامب
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إنه 'لا خلاف مع أميركا'. وتابع: ' الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونائبه جددا تعهدهما قبل أيام قليلة بضمان أمن إسرائيل'.


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
رجي: حصرية السلاح تحل كل المشاكل
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب ذكر وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي أنه 'لم يحول وزارة الخارجية إلى موقع قواتي فلم يدخل أي قواتي إلى الوزارة'. وأضاف رجي: 'هناك تموضع جديد لسوريا في المنطقة ويهمنا أن يتثبت النظام في سوريا وأن تكون دولة قانون والاستقرار في سوريا مهم جدا للإستقرار في لبنان'. واعتبر أن 'الحل في لبنان سهل وحصرية السلاح تحل كل المشاكل وتنفيذ القرارات الدولية هو الذي سينقذ'. وقال إن 'استدعاء السفير الإيراني لا يحتاج لجرأة ورجعت الخارجية سيادية'.


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
عباس في لبنان مؤيداً تسليم سلاح المخيمات للدولة اللبنانية قيادي في "فتح": نعمل بالحياد الإيجابي ووفق رسالتين نقديّتين
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب يزور لبنان اليوم رئيس السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن)، وكانت آخر زيارة له في العام 2011 في عهد الرئيس ميشال سليمان، وهو اول رئيس عربي يأتي الى بيروت ليقدم التهنئة للرئيس عون بانتخابه رئيساً للجمهورية، وهو ما سبق وقام به في زيارة الى سوريا قبل اشهر، لتهنئة احمد الشرع بوصوله الى السلطة وتسلم رئاسة الجمهورية مؤقتاً. والزيارة التي يصفها مصدر قيادي بارز في حركة "فتح" التي يرأسها عباس، بانها زيارة دولة ستدوم ثلاثة ايام، وسيلتقي خلالها كلًا من رؤساء الجمهورية جوزاف عون ومجلس النواب نبيه بري والحكومة نواف سلام، كما سيلتقي اركان السفارة الفلسطينية في لبنان، ويعقد اجتماعاً لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية. ويتقدم السلاح الفلسطيني زيارة "ابو مازن"، الذي يحتل صدارة الاهتمام في لبنان لجهة حصرية السلاح في يد الدولة اللبنانية، الذي يؤكد عليه رئيس الجمهورية منذ خطاب القسم بعد انتخابه، الى كل مواقفه وخطاباته ولقاءاته مع رؤساء دول وملوك وموفدين. وهذا الموضوع لا يشكل احراجا للرئيس الفلسطيني ان يبحثه في لبنان مع المسؤولين فيه، يقول القيادي "الفتحاوي"، الذي يكشف ان السلطة الفلسطينية سواء في الضفة الغربية او غزة، كانت تطالب بحصرية السلاح بيد السلطة الفلسطينية، فلماذا ترفضه في لبنان. وقامت حركة "فتح" بمراجعة نقدية للمرحلة التي حصلت فيها الحروب في لبنان، وكان "لفتح" وفصائل فلسطينية وقوى وطنية مشاركة فيها، فتوجه ممثل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي في 29 نيسان 2008 بكلمة شرف وعهد وفاء الى المسيحيين في لبنان، وسميت اعلان فلسطيني في لبنان"، حيث رسم فيها زكي كما قال "خياراتنا وتوجهاتنا، بعد مراجعة لتجربتنا في هذا البلد المعطاء، اردناها مراجعة صادقة وصريحة، نعاهدكم فيها على الاحترام الكامل لخصوصيتكم اللبنانية والمشرقية، وأن نكون معا لدرء الاذى الذي يترصد لبنان العزيز، بوصفه كيانا مستقلا ودولة سيدة". على هذه الكلمة وقبلها، رسالة من سفارة فلسطين في لبنان التي كان يتولاها زكي، واكد فيها على "تجاوز الماضي باخطائه وخطاياه، والانفتاح الصادق على مصالحة في العمق تليق باصالة شعبينا، كما نشعر بامتنان عظيم للشعب اللبناني الشقيق على ما قدم من تضحيات جسام لقضيتنا الفلسطينية على مدى عقود". من هذه الثوابت والمنطلقات، التي وضعت قبل حوالى 20 عاماً، تأتي زيارة الرئيس الفلسطيني ليطبق مع الحكم الجديد في لبنان، واقامة علاقات لبنانية ـ فلسطينية سليمة، ولن يكون السلاح عائقا امام الارتقاء بها، يقول القيادي في "فتح" الذي يؤكد ان منظمة التحرير الفلسطينية تحت سقف الدولة، وهذا امر ثابت ولا تراجع عنه، لانه من حق لبنان، ان تكون الدولة فيه تمتلك السلاح، ولا يشاركها اي طرف آخر فيه مهما كانت جنسيته. الفلسطينيون في لبنان مروا بتجربة مريرة ولن يكرروها، وهم على حياد ايجابي بين اللبنانيين يقول المصدر، الذي يكشف عن ان الزيارة سترسم المستقبل للوجود الفلسطيني في لبنان والذي سيكون مدنيا فقط، وسيتم وضع آلية لتنظيم السلاح داخل المخيمات، بعد ان انتهى وجوده خارجها، وتسليمه للجيش اللبناني مع المراكز التي كانت تابعة للجبهة الشعبية ـ القيادة العامة و"فتح الانتفاضة" في قوسايا وكفرزبد وحلوى والناعمة، دون حصول اي اشكال. وتمت العملية بسلام وتفاهم وتوافق، وهذا ما سيطبق على السلاح داخل المخيمات. هذا، وعقد لقاء في السفارة الفلسطينية حضرته فصائل تباحثت في زيارة الرئيس الفلسطيني، فأكد المجتمعون على ان ما يتفق عليه اللبنانيون يقبله الفلسطينيون وينفذونه، لا سيما في موضوع السلاح الذي لا وجود للثقيل منه، وان اطلاق صواريخ في فترات متباعدة، وكان آخرها من محيط النبطية، كان عملاً مشبوهاً وفق المصدر، الذي يشير الى ان مخابرات الجيش كشفت الجهة المنفذة، وان افرادها ينتمون الى حركة "حماس" التي سلمت اربعة منهم. فالسلاح الفلسطيني خارج المخيمات ازيل بعد اجتماع للجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني في 14 كانون الثاني الماضي، وبعد حوالى اسبوع على انتخاب الرئيس عون، الذي سيتعاطى بهدوء مع السلاح غير الشرعي، وهو ما سيبحثه مع الرئيس الفلسطيني المنفتح بدوره على الحلول السلمية، بعد ان اعلن رئيس الجمهورية انه لن يلجأ الى القوة في معالجة السلاح عند اي طرف لبناني وغير لبناني، وان من يحملون السلاح داخل المخيمات من "جماعات اسلامية متطرفة"، باتوا جميعهم في اطار "هيئة العمل الفلسطيني المشترك"، وان مخيم عين الحلوة الاكثر اكتظاظا بالسكان ويوجد تفلت امني فيه، فان "عصبة الانصار" بات تحركها فيه مضبوطًا، وان حيين هما "الطوارىء" و "التعمير" ويسكنهما فلسطينيون، وفيهما جماعات تكفيرية يمكن للسلطة اللبنانية معالجتهما. ويحضر عباس الى لبنان مع تحولات حصلت، حيث سقط النظام في سوريا، وتراجع دور "محور المقاومة" العسكري، وهو يمسك بورقة التمثيل الفلسطيني، لتقديم الدعم للشرعية اللبنانية.