
الكونغرس منقسم بشأن "الأسد الصاعد" و"ماغا" الجمهوري يحذر
واشنطن- بينما كانت الساعات الأولى من فجر يوم الجمعة الماضي، تشهد تبادلا متسارعا للهجمات الصاروخية بين إسرائيل وإيران، بدا أن تداعيات هذا التصعيد العسكري لم تقتصر فقط على ساحة المواجهة المباشرة، بل امتدت إلى قاعات الكونغرس الأميركي في واشنطن، ودوائر صنع القرار في الحزب الجمهوري بشكل أكثر تحديدا.
فالضربات الإسرائيلية خلقت حالة من الجدل بين المشرّعين من الحزبين الجمهوري و الديمقراطي ، الذين عبّر بعضهم عن دعمهم المباشر لما وصفوه بـ"الحق المشروع لإسرائيل في الدفاع عن نفسها"، في حين أبدى آخرون قلقا من أن يؤدي المسار العسكري إلى توريط الولايات المتحدة في صراع لا يخدم مصالحها الإستراتيجية.
انقسام ديمقراطي
في الساعات التي سبقت الضربات الجوية الإسرائيلية على إيران، كان المشرعون الديمقراطيون يقفون على جبهة موحّدة، مدفوعين بحادثة الاعتداء الجسدي التي تعرّض لها السيناتور أليكس باديا، وشاركوا في مسيرة جابت أروقة الكابيتول مطالبين بفتح تحقيق رسمي في ملابسات الحادثة.
غير أن الغارات الإسرائيلية أتت على غير المتوقع وأثارت حالة من الانقسام في صفوف الديمقراطيين حول التصعيد العسكري الذي أقدم عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو – المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- تجاه طهران.
ولطالما انتقد ديمقراطيون العدوان الإسرائيلي على غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، محذرين من تداعيات الحرب الكارثية. واتخذ هؤلاء الموقف ذاته تجاه التصعيد مع إيران، مشيرين إلى أن العالم لم يعد يحتمل حروبا جديدة.
السيناتور جاك ريد، أحد أبرز الأعضاء الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، حذّر من أن التصعيد الإسرائيلي لا يهدد فقط حياة الأبرياء، بل يعصف أيضا باستقرار الشرق الأوسط وسلامة القوات الأميركية في المنطقة.
بدورها، عبّرت السيناتور جين شاهين، عضو لجنة العلاقات الخارجية عن ولاية هاواي، عن بالغ قلقها، ووصفت الهجمات بأنها "تصعيد مثير للقلق العميق من شأنه أن يُفضي حتما إلى ردود انتقامية قد تخرج عن السيطرة".
من جهته، تساءل النائب خواكين كاسترو تساءل، عبر منصة "إكس"، عن مغزى شعار " أميركا أولا" الذي رفعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، قائلًا "أيّ معنى لذلك إذا كان ترامب يسمح لنتنياهو بجرّ البلاد إلى حرب لا يريدها الأميركيون؟".
في المقابل، لم يخل المعسكر الديمقراطي من أصوات دافعت عن الهجمات الإسرائيلية على إيران واعتبرتها خطوة ضرورية لردع طموحها النووي. فقد أكد النائب جاريد موسكوفيتز، أن السماح لإيران بتطوير سلاح نووي "سيُعرّض إسرائيل والولايات المتحدة وشركاءها الإقليميين لخطر دائم ومباشر".
"ماغا" تحذر
في خضم الحرب المشتعلة بين إسرائيل وإيران، وجد الجمهوريون أنفسهم أمام مشهد أكثر انقساما، فالكتلة الجمهورية انقسمت بشكل رئيسي بين قيادات تقليدية تجدد التزامها بدعم إسرائيل دون تحفظ، وبين المنتمين لحركة "ماغا" (اجعلوا أميركا عظيمة مجددا)، الذين يعارضون أي انخراط أميركي في أي نزاع إقليمي لا يخدم المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة، ويتمسكون بشعار "أميركا أولا" الذي شكّل أحد أهم الوعود الانتخابية للرئيس ترامب.
وشكلت دعوة تيار ماغا لإنهاء التدخل الأميركي في حروب الشرق الأوسط تحديا مفاجئا للعلاقة شبة المقدسة في واشنطن بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وفي نظر هذا التيار، يجب الحد من التدخل الأميركي لدعم كل ما تقوم به إسرائيل، والتي تراه في كثير من الأحيان ضارا بمصالح واشنطن المتنوعة بالشرق الأوسط. ويشكك أنصار هذا التيار في توافق مصالح إسرائيل دائما مع مصالح الولايات المتحدة.
وأدت الضربات الإسرائيلية، التي جاءت قبل يوم من بدء الجولة السادسة من مفاوضات البرنامج النووي بين الولايات المتحدة وإيران، إلى تأجيج النقاش داخل دوائر تيار "ماغا" حول درجة توافق "العلاقة الخاصة" بين أميركا وإسرائيل مع مبادئ السياسة الخارجية لـ"أميركا أولا".
ونشرت مؤسسة "قف معا" البحثية، والممولة من عائلة كوخ الجمهورية النافذة، مؤخرا ورقة حذرت فيها من طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وطالبت بتقليل الاعتماد الإسرائيلي على الولايات المتحدة. وقالت الورقة "إن إسرائيل الأكثر أمانا وارتباطا دبلوماسيا ستعتمد بدرجة أقل على الدعم العسكري الأميركي وأكثر على الشراكات الإقليمية لضمان مستقبلها".
ويخشى تيار ماغا من أن عمل القوات الأميركية بالشرق الأوسط جوا وبرا وبحرا لإسقاط الصواريخ الإيرانية التي تطلق على إسرائيل قد يدفع في النهاية لتدخل مباشر ضد إيران. كذلك يرى أن التحركات العسكرية الضخمة مثل نقل الصواريخ أو حاملات الطائرات للشرق الأوسط من شأنها أن تعرض الاستعداد العسكري الأميركي للخطر في صراع محتمل مع الصين أو كوريا الشمالية.
يقول دبلوماسي أميركي سابق للجزيرة نت، مفضلا عدم ذكر اسمه "يجب التمييز بين الدعم الدفاعي الأميركي لإسرائيل الذي أراه جاريا منذ بدء رد إيران على هجمات إسرائيل في المساعدة على رصد الصواريخ والمسيرات الإيرانية، في حين أن الدعم الهجومي يختلف تماما عما يجري الآن، وهو ليس حاصلا بعد، وقد لا يحدث".
إعلان
من جانبه، أجرى النائب الجمهوري بمجلس النواب توماس ماسي، استطلاعا للرأي بين متابعيه، وطرح سؤال "هل ينبغي تقديم السلاح الأميركي لإسرائيل لتستمر في مهاجمة إيران، ورد أكثر من 126 ألف مشارك، وقال 85% منهم إن على واشنطن وقف شحن السلاح لإسرائيل، في حين وافق 15% فقط.
ذرائع المحافظين الجدد
كرر تيار "المحافظون الجدد" التقليدي داخل المعسكر الجمهوري تصورات راجت بعد هجمات 11 سبتمبر /أيلول 2001 والتي دفعت لحربي العراق و أفغانستان واحتلالهما لما يقرب من العقدين.
ويرى هذا التيار أن الحفاظ على "العلاقة الخاصة" لا يزال جزءا لا يتجزأ من سياسة ترامب الخارجية، وأن المطالبة بأن يتخلى ترامب عن إسرائيل خطأ إستراتيجي يضر بمصالح واشنطن، وأن هذه الدعوات هي انعزالية وضارة في جوهرها.
ويكرر هذا التيار أن إسرائيل تحارب إيران نيابة عن الولايات المتحدة والغرب كله، ويذهبون أبعد من ذلك بالقول إن دول الخليج ترحب بإضعاف إيران وتحجيم قدراتها العسكرية.
وعقب الغارة الإسرائيلية الأولى على المنشآت الإيرانية، انهالت البيانات والمنشورات على منصة "إكس" من أنصار نتنياهو من الجمهوريين، عبروا خلالها عن دعمهم للعمليات العسكرية، وأثنوا على فاعليتها، وأبرزهم رئيس مجلس النواب مايك جونسون ، الذي سارع إلى القول بأن إسرائيل "تمارس حقها المشروع في الدفاع عن النفس".
من جهته، أشاد السيناتور الجمهوري توم كوتون ، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، عبر "إكس" بـ"شجاعة وجرأة" رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووصف السيناتور ليندسي غراهام ، بأنها "واحدة من أكثر الضربات العسكرية والاستخباراتية إثارة للإعجاب في تاريخ إسرائيل".
وقبيل انطلاق العملية الإسرائيلية، أجرى "معهد رونالد ريغان" استطلاعا للرأي حول رأيهم باحتمال شن إسرائيل غارات جوية على المنشآت النووية الإيرانية في حال فشل المسار الدبلوماسي. وأظهرت البيانات أن نحو 60% من الجمهوريين أيّدوا الضربات، مقابل 35% فقط من المستقلين و32% من الديمقراطيين.
وقال 45% من عموم المشاركين إنهم يدعمون تنفيذ ضربات جوية، في حين عارضها 37%، وأبدى 18% ترددا وعدم تأكيد.
وفي حديث للجزيرة نت، قلل ساؤل أنزيوس، المسؤول السابق بالحزب الجمهوري، من أهمية الانقسام بين الجمهوريين. وقال إن "أنصار تيار ماغا يميلون إلى أن يكونوا أقل تدخلا لكنهم يعتقدون أن النظام الإيراني لا يزال أكبر دولة راعية للإرهاب وأن برنامجه النووي يمثل تهديدا".
ولفت أنزيوس إلى أنه "طالما أن إسرائيل تركز هجماتها على الأهداف العسكرية والبنية التحتية، فإن معظم الجمهوريين، والديمقراطيين كذلك، سيظلون متحدين لدعم جهود إسرائيل".
وأضاف "يبدو أن الانقسام الجمهوري التقليدي بين ماغا والتيار التقليدي يقتصر في المقام الأول على دعم أوكرانيا، وليس إسرائيل. وبالنظر إلى الحقائق على الأرض، فإن هذا الموقف غير ثابت، ولكنه يعكس تأثير الرئيس ترامب على تفكير مؤيدي ماغا".
موقف إدارة ترامب
يعبر الرئيس ترامب عن مواقف متضاربة لا تعكس موقفا ثابتا واضحا تجاه الحرب بين إسرائيل وإيران. حيث يكرر ترامب الدعوة للتوصل لاتفاق نووي جديد بين بلاده وإيران، يمنع طهران من تطوير برامجها وتصنيع سلاح نووي، ولا يخفي رغبته باستثمار الحرب لهذا الغرض، لكنه في الوقت نفسه يؤكد نأي واشنطن بنفسها عن الصراع.
وبعد منتصف ليلة السبت، غرد ترامب على منصة تروث سوشيال مؤكدا عدم مشاركة بلاده في الهجمات على إيران، ومحذرا في الوقت ذاته طهران من مغبة شن أي هجوم على بلاده أو مصالحها بأي صورة من الصور.
من ناحية أخرى، يعد جيه دي فانس ، نائب الرئيس، أحد المؤيدين البارزين لضبط النفس في السياسة الخارجية داخل الحزب الجمهوري، ولم يستبعد ضرورة مراجعة قواعد العلاقة الخاصة مع إسرائيل.
في الوقت ذاته، نشرت مؤسسة هيريتيج، التي تعتبر وعاء فكريا لحركة "ماغا"، تقريرا يدعو إدارة ترامب إلى "إعادة توجيه علاقتها مع إسرائيل" من علاقة خاصة "إلى شراكة إستراتيجية متساوية" على أساس المصالح المتبادلة.
ولم يتردد الإعلامي الشهير، والمقرب من ترامب، تاكر كارلسون، عن قيادة تيار ماغا بصورة مباشرة، موجها سهام نقده إلى رموز اللوبي الإسرائيلي أو في الولايات المتحدة من رجال أعمال وإعلاميين ومفكرين.
وجادل كارلسون بأن المخاوف من حصول إيران على سلاح نووي في المستقبل القريب لا أساس لها من الصحة، وقال إن الحرب معها لن تؤدي فقط إلا إلى "الآلاف" من الضحايا الأميركيين في الشرق الأوسط.
وقال كارلسون إن التدخل الأميركي المباشر في الحرب مع إيران "سيكون صفعة على وجوه ملايين الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم على أمل تشكيل حكومة تضع مصالح الولايات المتحدة في المقام الأول".
وغرد كارلسون مهاجما أي دعوات للانخراط في الحرب إلى جانب إسرائيل. وقال "الفارق الحقيقي ليس بين الأشخاص الذين يدعمون إسرائيل والأشخاص الذين يدعمون إيران أو الفلسطينيين، الفارق الحقيقي هو بين أولئك الذين يشجعون العنف دوما، وأولئك الذين يسعون إلى منعه، بين دعاة الحرب وصانعي السلام".
وأجاب على سؤال "من هم دعاة الحرب؟" قائلا "يشمل ذلك أي شخص يتصل بدونالد ترامب اليوم للمطالبة بشن ضربات جوية وغيرها من التدخل العسكري الأميركي المباشر في الحرب ضد إيران".
ولم يتردد في ذكر عدد من هؤلاء وقال إن في تلك القائمة كلا من: شون هانيتي (مذيع بشبكة فوكس) ومارك ليفين (مقدم برنامج بشبكة فوكس) و روبرت مردوخ (ملياردير يهودي ومالك صحيفة وول ستريت جورنال) وآيكبير لموتر (ملياردير ورجل أعمال يهودي أميركي) و ميريام أديلسون (مليارديرة يهودية).
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 25 دقائق
- الجزيرة
هآرتس: إسرائيليون وأجانب يدفعون آلاف الدولارات للخروج بحرا إلى قبرص
كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن فرار مئات الإسرائيليين والأجانب يوميا عبر يخوت إلى قبرص، مع استمرار الحرب واستهداف إسرائيل بالصواريخ الإيرانية. ومنذ بداية الحرب، أغلقت إسرائيل مجالها الجوي، ونقلت سرا عشرات الطائرات المدنية إلى الخارج، مما جعل الملايين عالقين في مواجهة الصواريخ الإيرانية التي أسفرت عن قتلى وأضرار مادية كبيرة في مواقع مختلفة. والتقت الصحيفة بعدد من الفارين في مرسى مدينة هرتسليا على ساحل البحر المتوسط، وقالت "بحسب مجموعات فيسبوك مخصصة لمغادرة إسرائيل عبر البحر، هناك مئات الأشخاص يرغبون الآن في المغادرة بهذه الطريقة. وكما هو معروف، عندما يكون هناك طلب، هناك دائما من يسارع لعرض خدماته مقابل المال". وأضافت "كما في هرتسليا، في مرسى حيفا (شمال) و عسقلان (جنوب) أيضًا، ينظم أصحاب اليخوت الصغيرة رحلات لنقل مجموعات لا تزيد على 10 أشخاص". وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن المغادرين خططوا لرحلات مغادرتهم مقابل دفع آلاف الدولارات. وأوضحت أن "معظم المسافرين يقولون إنهم لا يعيشون في إسرائيل ويريدون العودة إلى بلادهم، أو الانضمام إلى أبنائهم بالخارج" وقالت إن "قلّة يعترفون بأنهم يفرّون من الصواريخ الإيرانية" لأنه "لا أحد لديه الاستعداد للتحدث بصراحة مع الصحفيين". والجمعة الماضية، أطلقت إسرائيل هجوما واسعا على إيران بقصف منشآت نووية وقواعد صواريخ واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، مما خلف إجمالا 224 قتيلا و1277 جريحا. وفي اليوم ذاته، بدأت إيران الرد بهجمات صاروخية باليستية وطائرات مسيّرة، خلفت أيضا أضرارا مادية كبيرة و24 قتيلا و592 مصابا، وفق مكتب الإعلام الحكومي الإسرائيلي.


الجزيرة
منذ 40 دقائق
- الجزيرة
ماكرون: الرغبة في تغيير النظام في إيران بالقوة ستكون خطأ إستراتيجيا
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: ترامب أبلغ زعماء مجموعة السبع بوجود مناقشات للتوصل إلى وقف إطلاق نار بين إسرائيل وإيران. الأميركيون عرضوا لقاء مع الإيرانيين والآن سنرى ما سيحدث. نريد وقفا لإطلاق النار ويجب العودة للتفاوض بشأن برنامج إيران النووي. يجب الحفاظ على أرواح المدنيين في إيران وإسرائيل. الشركاء الأوروبيون مستعدون للمشاركة في مفاوضات نووية جادة مع إيران في حالة التوصل إلى وقف لإطلاق النار.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
أمن الملاجئ وتصريح وزيرة يثيران غضب الإسرائيليين بمنصات التواصل
في خضم التصعيد المتبادل بين إسرائيل و إيران ، لم تعد صفارات الإنذار وحدها ما يؤرق الإسرائيليين، بل اتسع نطاق القلق ليشمل ما يفترض أن يكون ملاذا آمنا وهو الملاجئ. فبعد مقتل 4 أشخاص في بيتاح تكفا إثر اختراق صاروخ باليستي إيراني لملجأ بشكل مباشر، تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة غضب افتراضية، تجسد فيها هلع الداخل الإسرائيلي من هشاشة الجبهة الداخلية. وحمل تقرير مراسلة الجزيرة فاطمة الخميسي مزيجا من المشاهد والانفعالات التي عكست عمق القلق الإسرائيلي، خصوصا بعد انتشار مقاطع مصورة من مدينة بني براك قرب تل أبيب ، يُظهر أحدها امرأة تصرخ متهمة السلطات بالفساد والتقاعس عن فتح ملجأ عام لجأت إليه دون جدوى. وفي مقطع آخر أكثر دلالة، يظهر ملجأ عام وقد تحول إلى مستودع تكدست فيه الصناديق، فيما ما بدا تجسيدا واضحا لتآكل الثقة بالبنية التحتية المفترض أن توفر الحماية وقت الحرب. ومع تزايد هذه المشاهد، تعمّق السجال المجتمعي داخل إسرائيل، ودخلت وسائل إعلامها خط الجدل، فأفردت تغطيات إخبارية مكثفة، استضافت خلالها مختصين نفسيين ونشرت تعليمات الدفاع المدني، في محاولة لاحتواء التوتر المتصاعد. غزة والأسرى ورغم انشغال الإعلام بالتصعيد الإيراني، لم تغب غزة عن الأفق، فقد ظل ملف الأسرى حاضرا بقوة في البرامج الحوارية، كأنه الجرح المفتوح الذي يرفض الالتئام. وقد قال ضيف إحدى القنوات الإسرائيلية بوضوح "لا يمكن الحديث عن الحصانة الوطنية بينما المختطفون ما زالوا في غزة ، دون استعادة هؤلاء لا أمل في تعافي المجتمع الإسرائيلي". ولم يقتصر الغضب الشعبي على أداء الحكومة في تأمين الجبهة الداخلية، بل تمدد نحو تصريحات وزيرة المواصلات ميري ريغيف التي أثارت جدلا واسعا بعد دعوتها لمنع الإسرائيليين من مغادرة إسرائيل. أما رسالتها لمن هم بالخارج فكانت أوضح ما تكون استفزازا "استمتعوا بأوقاتكم، اغتنموا الفرصة" وهي كلمات أشعلت مواقع التواصل، ودفعت إحدى الناشطات للتساؤل بمرارة "هل تدرك الوزيرة أن بعض الإسرائيليين عالقون في الخارج ولا يملكون ثمن العودة؟". ووسط هذه العاصفة من الانتقادات، كشفت صحيفة "جيروزاليم بوست" عن جبهة موازية لا تقل ضراوة، تدور خلف شاشات الحواسيب. فالهجمات الإلكترونية على إسرائيل -وفق الصحيفة- ارتفعت بنسبة 700% بالتزامن مع القصف الإيراني، في ما يبدو أنه امتداد رقمي للحرب، يستهدف المفاصل السيبرانية.