الولايات المتحدة ستفرض تعرفات بنسبة 17% على واردات الطماطم المكسيكية
وكانت واشنطن أعلنت في منتصف نيسان أنها قررت إلغاء هذه الاتفاقية التي أبرمت في 2019 خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب.
ويتطلّب دخول القرار حيّز التنفيذ مهلة 90 يوما انتهت الاثنين.
وفي البداية، هدّدت الحكومة الأميركية بفرض رسم جمركي بنسبة 21% على الطماطم المكسيكية لكنّها خفّضت هذه النسبة إلى 17% في نهاية المطاف.
وتتّهم وزارة التجارة الأميركية منتجي الطماطم المكسيكيين بممارسات لا تحترم المنافسة النزيهة، مشيرة إلى أنّها فرضت هذا الرسم الجمركي الإضافي للتعويض عن هذه الممارسات.
وقال وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك في بيان: "المكسيك تبقى أحد حلفائنا الرئيسيين، لكنّ مزارعينا يعانون منذ فترة طويلة من ممارسات تجارية غير عادلة تُخفّض بشكل مصطنع أسعار منتجات مثل الطماطم".
وقبل هذا الإعلان الأميركي، أكّدت الرئيسة المكسيكية كلاوديا شينباوم أنّها تعمل من أجل "الحدّ من تداعيات" الرسوم الإضافية.
وقالت: "من الصعب جدا وقف تصدير الطماطم إلى الولايات المتحدة لأنّ إنتاجهم المحلّي لا يلبّي الطلب".
وكان وزير الزراعة المكسيكي خوليو بيرديغي كشف في نيسان أنّ 90% من واردات الولايات المتحدة من الطماطم تأتي من المكسيك، متوقّعا أن تؤدّي الرسوم الجمركية الأميركية على صادرات بلاده من هذه الفاكهة إلى ارتفاع أسعارها في الجارة الشمالية لبلاده.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ 3 ساعات
- الميادين
"فورين أفيرز": معنى عصر عدم اليقين الاقتصادي للعالم
مجلة "فورين أفيرز" الأميركية تنشر مقالاً يتناول التحولات الجذرية في الاقتصاد العالمي في ظل الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة، خاصة في عهد دونالد ترامب، ويستعرض السيناريوهات المحتملة لمستقبل النظام المالي العالمي وتأثيرات سياسات واشنطن على الأسواق العالمية والدول الأخرى. أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية: بعبارة ملطّفة يمرّ الاقتصاد العالمي بتقلبات شديدة، وحتى قبل الانتخابات الأميركية الأخيرة كان تحت تأثير فعلي لصدمات جيوسياسية وما تفرضه آفاق الابتكارات التكنولوجية التحويلية. والآن أصبح على الاقتصاد العالمي أيضاً أن يتحمّل مستوى غير معتاد من تقلب سياسات أقوى دولة في العالم، ما يزيد عدم الاستقرار في سوق السندات والأسهم، والفوضى بين الخبراء وواضعي السياسات الاقتصادية. وعلى مستوى أعمق، أدت هذه الاضطرابات إلى التشكيك في السرديات المجمع عليها حول الولايات المتحدة. وقد تلاشت الافتراضات الراسخة التي كانت تشكّل أساس خيارات الأسر والشركات والمستثمرين، وأصبحت القواعد العامة أقلّ فائدة بكثير. وتراجعت مقاييس ثقة المستهلكين والمنتجين بشكل حاد. في غضون ذلك، ارتفعت توقعات التضخم إلى مستويات غير مشهودة منذ عام 1981. وسط حالة عدم اليقين العميقة هذه، واجه المتكهّنون صعوبة بمعرفة مصير الاقتصاد الأميركي في نهاية المطاف. وهناك رؤيتان رئيسيتان تشكّلان مجموعة متناثرة من التوقعات الفردية لأفكار غير مستقرة. في السيناريو الأول، تسير الولايات المتحدة في رحلة وعرة ستتوج بإعادة هيكلة اقتصادية تشبه تلك التي جرت في عهد الرئيس الأميركي رونالد ريغان ورئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر، حيث ستخرج منها بديون أقلّ وقطاع خاص أكثر كفاءة، يتيح تجارة دولية في إطار نظام أكثر عدالة. في السيناريو الثاني، تنزلق البلاد ببطء إلى حالة ركود تضخّمي كما حدث في عهد الرئيس الأميركي جيمي كارتر، قد ينتهي بها الأمر إلى ركود عميق، ربّما مع عدم استقرار مالي واضح. ومهما كانت النتيجة، فسيكون لها تداعيات دولية، لأنّ الاقتصاد والنظام المالي الأميركيين ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية يشكّلان محور الأسواق العالمية. ولطالما كانت الولايات المتحدة المحرك الوحيد الموثوق للنمو الاقتصادي العالمي، وهي رائدة في تطوير وتبنّي معظم الابتكارات المعززة للإنتاجية، مثل الذكاء الاصطناعي وعلوم الحياة والروبوتات. وقد استعان العديد من المستثمرين الأجانب بمصادر خارجية لإدارة مدخراتهم وثرواتهم في الأسواق المالية الأميركية، بفضل سيولتها العميقة وبنيتها التحتية القوية. كما أنّ الدولار هو العملة الاحتياطية العالمية، فإذا انزلقت الولايات المتحدة إلى حالة ركود تضخّمي، فإنّ أجزاء أخرى من العالم معرضة لخطر الوقوع في المصير عينه. ومعظم الحكومات تدرك هذا. ولذلك تسعى دول العالم إلى عزل نفسها عن تقلبات السياسات الأميركية. فأوروبا، على سبيل المثال، تسعى جاهدة لتحسين مكانتها الإقليمية، مع بناء علاقات اقتصادية جديدة وأكثر متانة مع أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. كذلك، ترى الصين فرصة لترسيخ مكانتها كقوة اقتصادية عظمى أكثر موثوقية. ومع ذلك، تواجه هذه الجهود حتّى الآن عقبات، لأنّه لا توجد دولة أخرى ثرية أو قوية بما يكفي لتضاهي الولايات المتحدة في ثرائها أو قوتها. ومع تضاؤل فرص الاستقرار، ستحتاج الحكومات والشركات والمستثمرون إلى بذل المزيد من الجهود ليتجنبوا أي أضرار محتملة. ويجب أن يتحلوا بالسرعة والمرونة، وهم بحاجة إلى رأس مال وحيوية بشرية، ليتمكنوا من استيعاب النكسات وتمويل مبادرات جديدة. كما أنّهم بحاجة إلى الانفتاح على أساليب تفكير ونهج جديدة. وإذا استطاعت هذه الجهات الفاعلة أن تصبح أكثر مرونة، فستتجاوز التقلبات وربما تخرج منها أفضل حالاً، وإذا تجمّدت، فإنّها ستقوض رفاهية الأجيال الحالية في العالم والأجيال المستقبلية على حد سواء. لا تزال الولايات المتحدة أقوى دولة وأكثرها ازدهاراً في العالم، ولديها مؤسسات ناضجة. لكن من الناحية الاقتصادية والمالية تتشابه أحياناً مع دولة نامية لديها الأنظمة الضريبية غير الناضجة التي تحتاج بشدة إلى الإيرادات، فرضت واشنطن تعرفات جمركية مرتفعة مفاجئة على معظم السلع الخارجية. ثم انزلقت إلى نهج أشبه بمنح الامتيازات بإعفاء بعض المنتجات والقطاعات بطريقة تبدو تعسفية. وقد فعلت كل هذا مع استمرار عجزها في الازدياد. وفي الواقع، يبدو أحياناً أن المسؤولين الأميركيين قد اعتمدوا نهجاً في صنع السياسات، أشبه بما حدث في أماكن من أميركا اللاتينية منه بما يتوقع من أقوى اقتصاد في العالم. وكلّما استمرّ هذا النهج ارتفع خطر تعرض الاقتصاد الأميركي لمشاكل أكثر شيوعاً في الدول النامية. وهناك بالفعل مؤشرات على هروب رؤوس الأموال وتزايد تردّد المستثمرين الأجانب، وهناك مخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي، وبعد عقود من الهيمنة، سجلت الأسواق الأميركية أداء ضعيفاً في بداية عام 2025، حيث يفقد الدولار الذي كان قوياً في السابق قيمته، حتّى مع ارتفاع العائدات المحققة من خلال الاحتفاظ به، ومن غير المرجّحِ أن تتلاشى هذه الاضطرابات. لقد ترشح الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرئاسة عام 2024، على وعد بقلب الاقتصاد الأميركي والعالمي رأساً على عقب، وسحب مظلة واشنطن الأمنية، وتوزيع تكلفة توفير السلع العامة العالمية الأساسية كالمساعدات والدفاع بشكل أكثر عدلاً. وهو يفي بهذه الوعود، ولا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأنّه سيتوقف قريباً، والسؤال هو إلى أيّ مدى سيصل وبأيّ سرعة سيتحرّك؟. في النهاية قد تأمل دول أخرى أن يؤدي نهج واشنطن الحالي في السياسة إلى زعزعة طفيفة للنظام الاقتصادي العالمي. لكنّ الرسوم الجمركية وضعف الدولار وخطر عدم الاستقرار المالي، والتلميحات إلى أنّ الولايات المتحدة قد تحاول إجبار بعض دائنيها الخارجيين على تمديد آجال استحقاق سندات الخزانة الأميركية، قد تركت العالم في حالة من القلق، حتّى أنّ المراقبين المخضرمين يجدون صعوبة في فهم ما يخبّئه المستقبل. ببساطة، لقد هزّت واشنطن أسس النظام العالمي، ولا يوجد قائد موثوق به لإرشاد الدول والشركات خلال هذه المرحلة الانتقالية المعقدة نحو ما هو آت. وقائمة الشكوك طويلة ومرعبة. فمن غير الواضح، على سبيل المثال، إذا ما كانت واشنطن قادرة على قلب التجارة العالمية رأساً على عقب من دون قلب تدفقات رأس المال العالمية. ولا يعرف الخبراء إذا ما كان تأثير الرسوم الجمركية على الأسعار سيثبت أنّه أمر لمرّة واحدة أو أنّه سيغذّي دورة تضخّمية متسلسلة. ومن غير المؤكّد كيف ستتعامل البنوك المركزية، وخاصة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مع التوازن الدقيق بين ترويض الأسعار وتجنب الانكماش الاقتصادي الحاد. كما أنّ التوتر بين ترامب ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، يزيد حالة عدم اليقين، ويهدّد استقلال البنك وفعاليته ومصداقيته. لا يمكن لأحد التنبؤ بالعواقب طويلة المدى لانقطاعات سلسلة التوريد الناجمة عن الوباء، والتي تفاقمت بسبب التوترات الجيوسياسية. ولا يزال العديد من الدول ينتظر لمعرفة إذا ما كانت ستضطرّ إِلى الاختيار بين الصين والولايات المتحدة مع تصاعد التوترات في المحيط الهادئ. من الواضح أنّ هذه الأسئلة المفتوحة تصعّب الأمور على الحكومات، وتعقّد أيضاً الأمور على الشركات والمستثمرين. فلقد كانت الارتباطات التاريخية الراسخة بين فئات الأصول، وأهمّها أسعار الأسهم والسندات، ركيزة أساسية لاستراتيجيات الاستثمار. أمّا الآن، فقد أصبحت هذه العلاقات غير عادية وغير مستقرّة. كذلك لم تعد الملاذات التقليدية آمنة بالفعل. ونتيجة لذلك يكافح المستثمرون من أجل كيفية تخصيص الأصول وكيفية التخفيف من المخاطر، وهم يعرفون أنّهم بحاجة إلى تطوير نهجهم، لكن ليس من الواضح على الإطلاق ما يجب أن يتطوروا إليه. اليوم 12:31 اليوم 11:09 في محاولتهم لمعرفة ما سيحدث انحرف المتكهنون الاقتصاديون عموماً نحو أحد اتجاهين متطرفين. أولهما، متفائل بشأن المسار الحالي، على الرغم من التعثرات. ووفقاً لهذه الرؤية، ستنجح إدارة ترامب في تقليص حجم البيروقراطية، وإلغاء اللوائح غير الضرورية، وتقليص الإنفاق، ما يؤدي إلى إنشاء حكومة أكثر كفاءة وأقلّ إرهاقاً بالديون مع انتعاش النمو. وسيخرج الاقتصاد من الأزمة الحالية بقطاع خاص متحرّر قادر على اغتنام الابتكارات المحفّزة للإنتاجية في المجالات التي تتصدّرها الولايات المتحدة بالفعل، مثل الذكاء الاصطناعي، والعلوم الطبيعية، والروبوتات، والحوسبة الكمومية مستقبلاً. ربما لا تزال واشنطن لديها تعرفات جمركية أعلى ممّا كانت عليه قبل تولي ترامب منصبه. لكنّ هذه التعرفات كانت ستنتج نظاماً تجارياً أكثر عدلاً، في حين قامت دول أخرى بتفكيك التعرفات الجمركية المرتفعة والحواجز غير الجمركية المرهقة، وهي تتحمل أيضاً المزيد من تكلفة توفير السلع العامة العالمية. وهذا السيناريو لا يذكرنا فقط بالإصلاحات المبكّرة في الثمانينات التي اتبعها ريغان وتاتشر، بل ذهب إلى أبعد من ذلك. لكن، هذا يستلزم إعادة ضبط ليس فقط النظام الاقتصادي المحلي، ولكن النظام العالمي أيضاً. ولتحقيق هذه النتيجة يجب أن تسير قطاعات أخرى بصحة جيدة. والأهمّ هو تحقيق نموّ أعلى بسرعة لتخفيف عبء الديون المتراكم، وأن تتحلى الأسواق المالية بالصبر، وتستوعب الشكوك المحيطة بالدولار وسندات الحكومة الأميركية. وعلى الصعيد العالمي، يجب أن تثق الدول بأنّ واشنطن ستلتزم بما تتفق عليه بشأن التجارة والرسوم الجمركية، ويجب أن تشعر هذه الدول بمزيد من الارتياح تجاه حيازاتها الكبيرة من الدولار وسندات الخزانة، وأن تتعامل مع التوترات التي يحتمل أن تستمرّ بين الصين والولايات المتحدة من موقعهما كأعظم قوتين اقتصاديتين في العالم. في عالم يشهد نموّاً إنتاجياً أعلى، وتضخّماً وعجزاً وديوناً أقلّ خطورة، على البنك المركزي أن يكون لديه المزيد من الاستعداد والقدرة على خفض أسعار الفائدة بشكل كبير. ولتحقيق ذلك، سيتعين على ترامب وباول حل خلافاتهما، إما بتنحي باول أو بإبداء ترامب صبراً أكبر حتى موعد انتهاء ولاية باول في العام المقبل. وفي سيناريو أكثر تشاؤماً، قد يحصل ترامب أيضاً على تخفيض في أسعار الفائدة، ولكن ليس بالطريقة التي يريدها. ففي عالم اليوم لا تسيطر واشنطن على عجزها المالي المتفاقم، والثقة بمؤسساتها تتآكل باستمرار، مع تزايد المخاوف بشأن سيادة القانون وتجاوزات السلطة التنفيذية. كما تبدي الولايات المتحدة اهتماماً أقلّ بوضع المعايير واللوائح العالمية والالتزام بها، بينما تعيد دول أخرى النظر في دورها في النظام العالمي. وعلى أقلّ تقدير يجبر هذا الدول على تعزيز اعتمادها على نفسها، سعياً وراء مرونة محلية أكبر في مواجهة عالم متغير. قد ينتهي بها الأمر إلى تشكيل تحالفات متعدّدة للولايات المتحدة ليس فقط اقتصادياً، بل أيضاً فيما يتعلق بأمنها القومي. سيكرّر هذا السيناريو فعلياً الكثير مما شهده العالم في سبعينات القرن الماضي، عندما عانى الاقتصاد العالمي أيضاً من صدمات في السلع المعروضة، وارتفاع أسعارها الأساسية، وأخطاء السياسات. حينذاك، سيكون الوضع قاتماً للجميع، حيث ستضطر الشركات أيضاً للتوفيق بين ارتفاع التكاليف وضعف الطلب. وسيكافح المستثمرون لتحقيق عوائد في بيئة تعاني فيها السندات والأسهم من الهشاشة. كما ستعاني الأسر من ضعف القدرة الشرائية والأمن الوظيفي، وقد ينزلق العالم بأسره إلى ركود مفزع يخلف آثاراً سلبية على جيل يعاني أصلاً من ضعف في المرونة المالية والبشرية، وستعاني الأجيال المقبلة، التي سترث عالماً من الديون المرتفعة، وعدم المساواة، وأزمات المناخ. حالياً كلّ من الرؤيتين الجيدة والسيئة وارد، كما العديد من النقاط المحيطة بهما. وفي بداية عام 2025، أظهرت مؤشرات أسعار السوق المختلفة إلى وجود فرصة بنسبة 80% تقريباً للتغيير نحو الأفضل وفرصة بنسبة 20% للتغيير نحو الأسوأ، وانخفضت توقعات السيناريو الجيد إلى أقل من 50% في أوائل نيسان/ أبريل الماضي، حين أعلن ترامب عن رسوم جمركية أعلى بكثير مما توقعته الأسواق، ثمّ أصبحت التوقعات أكثر إيجابية بحلول نهاية الشهر، حيث ازدادت ثقة المتداولين والمستثمرين في أنّ تأجيله التطبيق اللاحق لمدّة 90 يوماً سيؤدّي إلى رسوم جمركية يمكن التحكم فيها، وعدم حدوث صدمة كبيرة للنظام التجاري العالمي، لكنّ هذا المزيج متقلب بطبيعته ومن المرجح أن يستمرّ في التبدّل، على الأقلّ في المرحلة المقبلة. بعد كلّ شيء تعافت الأسواق بالفعل من تصريحات ترامب حول التجارة الشاملة، حيث سجّلت مؤشّرات الأسهم الرئيسية مستويات قياسية جديدة. بينما يتحدّث الرئيس الأميركي ويتفاوض مع دول مختلفة، قد يسود خفض التصعيد. وبغض النظر عمّا سيحدث، سوف ينتهي الأمر بالولايات المتحدة إلى الاحتفاظ بديناميكية القطاع الخاص، والإبداع، وروح المبادرة، وسوف تبقى تقود العالم في التكنولوجيا والتطور البيولوجي. كما يذهب بعض الاقتصاديين إلى حد القول إن سوق الخزانة الأميركية غير المستقرّة والمتقلبة لا تحتاج إلى تلويث قطاع الشركات القوي، بالنسبة لهم، يمكن للمرء أن يكون لديك منزل جيد في حي متغير. قد تعمل دول أخرى على إصلاح مشاكلها الاقتصادية، مضطرة للقيام بذلك بسبب سحب الغطاء الأمني الأميركي. وبوسع أوروبا أن تحفّز المزيد من النموّ من خلال ترشيد نظامها المعقد، وتشجيع الإبداع والانتشار، وبالتالي تعزيز الإنتاجية. وسيكون هذا مدعوماً بجهود أفضل على مستوى المنطقة لاستكمال بنية الاتحاد الأوروبي، الذي يعتمد بشكل كبير على النقد الموحّد، ويحتاج بشدّة إلى إحراز تقدم في اتحاداته المالية والمصرفية. وبينما قد تقيد بكين صادراتها إلى آسيا، حتّى لا تثير قلق الدول من إغراق أسواقها بالمنتجات الصينية، تماما كما فعلت اليابان قبل بضعة عقود بفرضها قيوداً طوعية على الصادرات. كما يمكن للصين أن تجري إصلاحاً جذرياً لنموذج نموّها، مستبدلة محرّكات التصدير والاستثمار الحكومي التقليدية بإطلاق العنان للاستهلاك والاستثمار المحلي الخاص. وفي ظل حالة عدم اليقين قد لا ترغب الشركات ولا الحكومات في المراهنة بكل شيء على مثل هذه النتيجة السعيدة، فَإذا أصبح دور الولايات المتحدة في النظامين الاقتصادي والمالي العالمي بطبيعته أكثر غموضاً وفوضوية، فإنّ صانعي القرار بحاجة إلى الاستعداد لعالم أكثر تجزئة مع مخاطر أكثر ولو كانت عنيفة. فعالم اليوم ترتفع فيه التقلبات الناجمة عن السياسات، وسلاسل التوريد العالمية غير مستقرة، وأسواق الديون المالية متوترة. وبينما تحاول الدول تقليل المخاطر، ما يؤدّي إلى فكّ ارتباط أعمق مع النظام التجاري الدولي، حيث ستزداد حدة المنافسة بين بكين وواشنطن، يمكن لعدد قليل من الدول المتأرجحة المهمّة، وهي البرازيل والهند والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أن تحافظ على علاقات جيدة مع واشنطن وبكين، ولكن سيتعيّن على معظم الدول الاختيار. في هذه الحالة، سيحتاج صنّاع القرار إلى بذل جهود أكبر بكثير لاستعادة السيطرة على مصائرهم الاقتصادية والمالية. بينما سيتعيّن على أوروبا وبقيادة ألمانيا التي أصبحت أكثر اهتماماً بالدفاع والبنية التحتية، التغلب على تردّدها الطويل في إصدار ديون مشتركة، وتفويض بروكسل المزيد من الصلاحيات، والقيام بمزيد من المبادرات الإقليمية، بما في ذلك في المجال الأمني. كما، سيتعيّن على الصين أن تكون أقلّ تردّداً في التضحية بالنموّ قصير الأجل سعياً إلى إصلاح جذري لاقتصادها، لكنّ البلدان النامية الكبرى مثل البرازيل والهند، ستصبح أكثر توجهاً نحو الإصلاح، وتدفع اقتصاداتها إلى فخ الدخل المتوسط العنيد. ولحسن الحظ قد يوفر سلوك واشنطن الزخم اللازم لإجراء مثل هذه التغييرات. ويمكن لأوروبا، على وجه الخصوص أن تستخدم حالة عدم الاستقرار الراهنة كغطاء لمواصلة الإصلاحات التي اقترحها رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراغي، والتي تسعى إلى معالجة نقص الابتكار ونمو الإنتاجية والتمويل الداخلي في القارّة. وقد تنشئ أوروبا أيضاً أسواقاً رأسمالية أكثر تجانساً، قادرة على استيعاب استثماراتها المفرطة في الأصول الأميركية. لكنّ التغيير الجذري بالاستمرار على النهج نفسه، ينطوي على مخاطر أيضاً. فإذا كان المستقبل غامضاً، فقد لا يرغب صانعو السياسات في إجراء تغييرات جذرية لا رجعة فيها. بل قد يفضّلون اتّباع نهج وسطي، يمكّنهم من تقليل تعاملاتهم مع الولايات المتحدة، ولكن بشكل هامشي، وبطريقة قابلة للتغيير، وقد يفعلون ذلك بهدوء، لتجنّب إثارة غضب واشنطن. على كلّ لاعب أن يقرّر ما يناسبه. ولكن في عالم يزداد فوضوية، سيتعيّن على أيّ دولة أن تتعلم التكيف بسرعة، حتى تلك التي تعتقد أنّ العالم لن يتغيّر كثيراً. وهذا يعني أنّ الجهات الفاعلة يجب أن تحاول بناء قدر كبير من المرونة المالية والبشرية والتشغيلية. على سبيل المثال، ينبغي على الشركات والمستثمرين امتلاك المزيد من السيولة النقدية وتعزيز ميزانياتهم العمومية، وتنويع سلاسل التوريد ومحافظهم الاستثمارية، وزيادة الاستثمار في تطوير الموظفين باستخدام أدوات مبتكرة، والتواصل بفعالية أكبر. كما يجب على القادة تحسين قدراتهم على استشراف السيناريوهات المستقبلية، واختبار استراتيجياتهم، وتحديد نقاط الضعف المحتملة. وهذا يعني تمكين الوحدات المحلية والمسؤولين والأفراد من وضع الخطط واختبار السياسات المناطقية. ويجب على الدول تجنب الوقوع في فخاخ النهج غير الحيوي في أوقات عدم اليقين، حيث يكون الناس أكثر عرضة من المعتاد للتحيزات المعرفية التي تؤدّي إلى قرارات خاطئة. ويتجاوز هذا الميل إنكار حدوث التغيير، إذ غالباً ما ينطوي على ما يطلق عليه علماء السلوك "القصور الذاتي النشط"، عندما يدرك الفاعلون أنّهم بحاجة إلى نهج مختلف، لكنّهم في النهاية يصرّون على الأنماط والأساليب المألوفة بغض النظر عن الحاجة. ويقدم مصير شركة "آي بي إم" التي كانت عظيمة ذات يوم، مثالاً واضحاً على ذلك. ففي أوائل ثمانينات القرن الماضي، تعرّض تركيز الشركة الفريد على الحوسبة المركزية لتهديد متزايد بسبب انتشار الحواسيب الشخصية. واستجابة لذلك، وافق مجلس الإدارة على قرار استراتيجي صائب في إعادة تخصيص الموارد البشرية والمالية والابتكارية لإنتاج الحواسيب الشخصية. إلّا أنّ محاولتها للتحول باءت بالفشل عندما واجه المديرون التنفيذيون صعوبة في نقل العمال والموارد المالية بعيداً عن المألوف، حيث سرعان ما تفوقت عليها شركات أحدث، ما اضطرها إلى إعادة تشكيل نفسها، لتصبح شركة خدمات لضمان بقائها، ولم تستعد أبداً مكانتها المهيمنة في هذا القطاع. يواجه العالم حالة من انعدام الأمن. هناك القليل من المبادئ والقواعد والمؤسسات التي يمكن للمسؤولين والمستثمرين الاعتماد عليها. الاقتصاد الأميركي يزداد ضعفاً، وواشنطن أقلّ انخراطاً في تنسيق السياسات العالمية. وبعد ما يقرب من 80 عاماً يواجه النظام التجاري العالمي خطر التفكك، بينما لا توجد رهانات أكيدة على المستقبل. هذه النتيجة ليست سيئة في حد ذاتها، لكنها تعني أنّ على صانعي القرار توخي الحذر الشديد. فالخيارات التي سيتخذها الناس في الأشهر المقبلة ستكون لها عواقب وخيمة على مستقبل الاقتصاد العالمي ورفاهية الشعوب. وعلى المسؤولين الحكوميين التحلي بالتواضع، لكن الآن ليس وقت الخجل، بل هو وقت الجرأة والإبداع والتخطيط المبتكر للسيناريوهات، وتحدي الأفكار السائدة. إنّ المرحلة المقبلة صعبة، ومهامّها تتطلب إعادة نظر جذرية في كيفية إدارة الاقتصادات والأعمال والاستثمارات. ولكن إذا كان القادة قادرين على مواجهة التحدي، وهذا ما ينبغي أن يكونوا عليه، فالعالم قادر على تجاوز هذه الأزمة، بل سيخرج منها أقوى وأكثر ازدهاراً ممّا كان عليه. نقله إلى العربية: حسين قطايا.


الميادين
منذ 4 ساعات
- الميادين
"وول ستريت جورنال": مسؤولون أوروبيون يتوجهون إلى واشنطن لـ"إنقاذ اتفاق التجارة"
أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أنّ مسؤولون من الاتحاد الأوروبي يتوجهون إلى الولايات المتحدة في "محاولة لإنقاذ اتفاق التجارة"، في ظل تهديد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية بنسبة 30%. وصرح متحدث باسم الاتحاد الأوروبي بأن المفوض التجاري للاتحاد، ماروش شيفتشوفيتش، تحدث مع وزير التجارة الأميركي، هوارد لوتنيك، ومن المقرر أن يجري مكالمة هاتفية مع الممثل التجاري الأميركي جيميسون جرير اليوم الثلاثاء. اليوم 12:10 اليوم 08:31 ورأت الصحيفة أنّ رسالة ترامب (التي هدّد فيها بالرسوم الجمركية)، فاجأت المسؤولين الأوروبيين الذين ظنوا أن الاتحاد قريب من التوصل إلى اتفاق مبدئي مع الولايات المتحدة. وذكرت أنّ زيارة المسؤولين الأوروبين إلى واشنطن تأتي في "إطار جهود الاتحاد الأوروبي لإعادة محادثات التجارة إلى مسارها الصحيح". وأشارت إلى أنّ الاتحاد الأوروبي وزع تعريفات جمركية انتقامية مقترحة تستهدف الواردات الأميركية، بما في ذلك الطائرات والمشروبات الكحولية. بينما أوضحت الصحيفة، أنّ الاتحاد لا يخطط لأي إجراءات مضادة قبل الأول من آب/أغسطس المقبل، ريثما تستمر المحادثات.


الميادين
منذ 12 ساعات
- الميادين
الإمارات في القوقاز: اليد الناعمة لواشنطن في خاصرة روسيا والصين
كانت لافتة استضافة الإمارات العربية المتحدة لمحادثات سلام بين رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان مع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في لقاء هو الأول بين قادة البلدين منذ أربعة عقود. وعلى الرغم من عدم تحقيق المباحثات أي اختراق لحل المسائل الخلافية بين يريفان وباكو، إلا أن هذا طرح تساؤلات حول أهداف أبو ظبي من رعاية محادثات كهذه، بل وخلفيات الولايات المتحدة من خطوة كهذه، في وقت تشهد فيه العلاقات الأرمينية الروسية من جهة، والأرمينية الأذربيجانية من جهة أخرى، توتراً كبيراً بما يعكس تآكلاً في النفوذ الروسي في منطقة جنوب القوقاز التي تعتبر ذات أهمية كبرى بالنسبة لأمنها القومي. وتُعد دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم فاعلًا جيوسياسيًا بارزًا، يتجاوز وزنها الجغرافي والديمغرافي. فبينما تتجه الولايات المتحدة نحو إعادة توزيع أولوياتها بين أوروبا وآسيا، تملأ أبوظبي الفراغ بهدوء، وتؤدي دورًا استراتيجيًا في مناطق حسّاسة، أبرزها جنوب القوقاز، بما يخدم أهداف الحلف الأميركي - الإسرائيلي، ويضع المصالح الروسية والصينية تحت ضغوط غير مباشرة. شهدت السنوات الأخيرة تضخمًا في الحضور الإماراتي داخل أرمينيا وأذربيجان وجورجيا. لم يقتصر الأمر على الاستثمارات في الطاقة المتجددة، بل تعدّاه إلى البنية التحتية والنقل والموانئ، لتصبح الإمارات العربية المتحدة أحد أكبر المستثمرين الأجانب في هذه البلدان، علماً أنه في العام 2023، تجاوزت الاستثمارات الإماراتية في أرمينيا الاستثمارات الروسية في أرمينيا. وما يجب أن يثير قلق روسيا هو دعم الإمارات لمشروع الممر الأوسط الذي يفترض أن ينطلق من تركيا عبر جنوب القوقاز باتجاه وسط آسيا وصولاً الى الصين، بما يهمّش روسيا، علماً أن أبو ظبي هي من تقوم بتمويل وتأهيل المرافئ وطرق السكك الحديد في جورجيا، ما سيمنحها نفوذاً على طريق تجارة استراتيجي لن يكون لروسيا أي حضور فيه. والجدير ذكره أن من شأن هذا أن يعزز نفوذ الولايات المتحدة في منطقة حيوية بالنسبة للأمن القومي الروسي، ويجعلها تصل إلى وسط آسيا التي تعتبر الخاصرة الرخوة بالنسبة لموسكو. فأبو ظبي اليوم تعتبر حليفاً وثيقاً للولايات المتحدة، لا فقط على المستوى العسكري، بل أيضاً على المستويات الاستراتيجية والاقتصادية، حيث ترتبط بها بسلسلة اتفاقيات اقتصادية وأمنية، ومن ضمنها التحالف الرباعي الذي يضم أيضا الهند و "إسرائيل" والمعروف ب "آي تو يو تو" الذي يسعى لأن يكون حلقة الوصل بين البحر المتوسط من جهة، وجنوب آسيا والقوقاز ووسط آسيا من جهة أخرى. لذا فإنه من الممكن اعتبار أن الإمارات العربية المتحدة باتت تمثل أداة القوة الناعمة لاختراق المناطق ذات النفوذ الروسي التقليدي، من خلال الاستثمارات الاقتصادية والبنى التحتية والموانىء، الذي يخوّل أبو ظبي أن تمد نفوذها في تلك المناطق من دون استفزاز موسكو، بما يضعف نفوذ هذه الأخيرة في هذه المناطق على المدى الطويل. اليوم 09:13 اليوم 08:30 رغم كونها تعمل تحت المظلة الأميركية، إلا أن أبو ظبي تسعى لإبقاء قنواتها مفتوحة مع موسكو وبكين. فهي تمتلك علاقات قوية مع روسيا ما جعلها لا تنتقد العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، ودفعها إلى إقامة علاقات تجارية ومالية قوية مع موسكو. في الوقت نفسه، فإن الإمارات العربية المتحدة تسعى لتعزيز تعاونها مع الصين في مجالات التكنولوجيا والطاقة والبنية التحتية. هذا التموضع البراغماتي يمنحها هامش مناورة فريداً، ويجعل منها شريكاً للولايات المتحدة يراوغ في علاقته مع بكين وموسكو، في الوقت الذي يسهم فيه في تقويض نفوذهما في مناطق حيوية بالنسبة لأمنهما القومي، وخصوصاً في وسط آسيا لمصلحة الولايات المتحدة. فعبر تمويل وتطوير الممر الأوسط، تدعم الإمارات حضورها في القوقاز كبوابة للانطلاق إلى آسيا الوسطى. في هذا الإطار تجدر الإشارة إلى أن الإمارات العربية المتحدة ضاعفت استثماراتها في كازاخستان وأوزبكستان في مجالات المعادن النادرة والزراعة والطاقة، علماً أن بعض الدول في آسيا الوسطى يرى في الحضور الإماراتي والخليجي، بشكل عام، فرصة لتنويع شراكاته، بعيداً عن النفوذ الروسي والصيني. من ِشأن ما تقوم به الإمارات العربية المتحدة في منطقة جنوب القوقاز، بالتوازي مع تركيا الساعية أيضاً للانطلاق إلى وسط آسيا، أن يسهم في تقليص الدور الروسي التقليدي في هذه المنطقة، والذي يعود بحده الأدنى إلى القرن التاسع عشر، فيما تعود بدايات هذا الحضور إلى أواخر القرن السابع عشر مع توقيع موسكو لاتفاقية نيرشينسك مع بكين، والتي جرى تقاسم النفوذ فيها في آسيا الوسطى بين بكين وموسكو. منذ ذلك التاريخ باتت موسكو تعتبر جنوب القوقاز وآسيا الوسطى امتدادًا جيوسياسيًا طبيعيًا لها. لكن هذا الامتداد يتقلص مع كل مشروع بنية تحتية جديد تدعمه الإمارات، وكل محطة كهرباء أو ميناء يُدار خارج النفوذ الروسي. وهو ما يفرض على الكرملين إعادة حساباته في ملفات كثيرة، مثل علاقاته المتدهورة مع أرمينيا وأذربيجان والتهديد لحضوره في آسيا الوسطى. كذلك فإن من شأن ما تقوم به الإمارات العربية المتحدة بالتوازي مع تركيا وقطر أن يهدد مبادرة حزام وطريق، التي أطلقها الرئيس الصيني شي جينبنغ قبل عقد من الزمن، بغية إقامة شراكات اقتصادية مع دول البر الأوراسي. والجدير ذكره أن "الحزام والطريق" الصيني يعتمد على استقرار الممرات عبر آسيا الوسطى، خصوصاً في ظل تمكن الولايات المتحدة من عرقلة الخط البحري الذي ينطلق من جنوب شرق آسيا باتجاه غرب المحيط الهندي، عبر إطلاق مبادرة الممر الهندي الشرق أوسطي الأوروبي الذي تلعب فيه أبو ظبي دور حلقة الوصل الرئيسية. لكن تصاعد نفوذ الإمارات في منطقة جنوب القوقاز واحتمال تمدد هذا الحضور إلى وسط آسيا، بدعم غير مباشر من الولايات المتحدة، يُهدد بإيجاد مسارات بديلة تموّلها أبوظبي وتُهيمن عليها الولايات المتحدة بطريقة غير مباشرة، ما يعني تقليص هامش بكين في التحكم بحركة التجارة الدولية. يجب الاعتراف بواقع أن أبوظبي لا تتبنى النموذج الكلاسيكي للدول الإقليمية الكبرى. فهي لا ترسل جيوشاً ولا تحتل أراضي، بل تبني نفوذها من خلال المال والبنية التحتية والطاقة. وهذا النموذج يسمح لها بتحقيق أهداف جيوسياسية كبرى من دون كلفة عسكرية مباشرة. بل إن غموض سياساتها يشكل أحد أدوات قوتها: فهي تُعلن الشراكة مع الجميع، لكنها في العمق تعيد رسم خرائط النفوذ في قلب آسيا لمصلحة تحالف أميركي إسرائيلي يسعى للانطلاق من الشرق الأوسط، الذي بات يسيطر على معظمه بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد ليمد يده إلى الحديقة الخلفية لروسيا والصين في القوقاز ووسط آسيا. وفي هذا الإطار يمكن فهم زيارة الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع لأبو ظبي وإتباعها بزيارة أخرى لباكو بعد أيام قليلة. وتشير التقديرات إلى أن الاستثمارات الإماراتية في الطاقة والموانئ ستعزز حضور أبو ظبي كلاعب جيوسياسي مستدام في المنطقة على حساب النفوذ الروسي التقليدي، بما سيعزز النفوذ الأميركي في هذه المنطقة بطريقة غير مباشرة. هذا سيعزز فرص الحضور الإماراتي في كازاخستان وأوزبكستان عبر مشاريع نقل ضخمة تقيمها الشركات الإماراتية، بما سيمنحها حضوراً قوياً على أحد طرق التجارة بين أوروبا والصين. وقد يشكل هذا نواة لتحالف استراتيجي مع دول في جنوب القوقاز ووسط آسيا على غرار "أي تو يو تو" يعزز الحضور الأميركي على حساب شبكة العلاقات التي حاولت منظمة شنغهاي للتعاون ترسيخها في وسط آسيا. ما يحدث في القوقاز ليس مجرد استثمار اقتصادي عابر. إنه إعادة تشكيل ناعمة لمناطق النفوذ عبر المال والبنى التحتية. ومع استمرار هذا التمدد، قد تصبح الإمارات واحدة من أهم أدوات واشنطن في تحجيم نفوذ روسيا والصين في عمق أوراسيا. فماذا سيكون رد الفعل الروسي والصيني؟