
دراسة تكشف عن أمل جديد للقضاء على مرض "لايم"
كشف باحثون عن اكتشاف إنزيم يمكن أن يكون هدفاً مثالياً لتطوير علاجات جديدة ضد مرض "لايم"، وعلى الأرجح ضد أمراض أخرى ينقلها القراد.
وتُمثّل النتائج المنشورة في دورية الجمعية الأميركية لعلم الأحياء الدقيقة، خطوة مهمة نحو فهم أفضل لآليات بقاء مسببات الأمراض المنقولة بالقراد وتطوير علاجات فعّالة ضدها.
ويُعتبر مرض "لايم" أكثر الأمراض شيوعاً التي ينقلها القراد في الولايات المتحدة وأوروبا، وهو ناتج عن عدوى بكتيرية تسببها بكتيريا تُعرف باسم "بوريليا برجدورفيرية".
وتمتلك هذه البكتيريا قدرة فريدة على التكيف مع بيئتها، حيث طورت مسارات أيضية معقدة تمكنها من البقاء داخل جسم القراد لفترات طويلة، ثم الانتقال إلى الإنسان أو الحيوانات المضيفة الأخرى عند اللدغ.
ويتسم هذا المرض بكونه متعدد المراحل، إذ يبدأ عادة بظهور طفح جلدي مميز يشبه عين الثور في مكان اللدغة، لكنه قد يتطور لاحقاً ليشمل أعراضاً أكثر حدة، مثل آلام المفاصل، والتهاب الأعصاب، واضطرابات الجهاز العصبي والقلب.
خطورة البكتيريا
وما يجعل هذه البكتيريا خطيرة هي قدرتها على تفادي جهاز المناعة، إذ تغيّر من بنيتها السطحية لتفادي الاستجابة المناعية للجسم، ما يسمح لها بالتكاثر، دون أن يتمكن الجسم من القضاء عليها بسهولة.
كما أن دورة حياة القراد المعقدة، التي تشمل مراحل مختلفة من اليرقة إلى الحشرة البالغة، توفر للبكتيريا بيئة مثالية للانتقال بين العوائل، دون أن تفقد قدرتها على العدوى، ولهذا السبب، فإن السيطرة على مرض "لايم" تتطلب استراتيجيات متعددة، تشمل الوقاية من لدغات القراد، والتشخيص المبكر، والعلاج الفوري بالمضادات الحيوية.
ومع تزايد معدلات الإصابة في السنوات الأخيرة نتيجة التغيرات البيئية وزيادة أعداد القراد، أصبح البحث عن لقاحات أو طرق علاج جديدة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، خاصة في ظل وجود بعض الحالات التي لا تستجيب للعلاج التقليدي، وتتحول إلى حالات مزمنة تستمر أعراضها لسنوات طويلة.
وبالتالي فإن فهم التفاعل المعقد بين البكتيريا والقراد، والجسم المضيف يُمثّل خطوة أساسية نحو تطوير علاجات أكثر فاعلية، تحدّ من انتشار المرض ومضاعفاته الخطيرة.
يمر القراد بثلاث مراحل رئيسية في دورة حياته "اليرقة، والحورية، والبالغ"، وفي كل مرحلة من هذه المراحل، يحتاج القراد إلى وجبة دم ليكمل نموه ويتطور إلى المرحلة التالية، وإذا كان القراد يحمل البكتيريا المسببة لمرض "لايم"، يمكن أن ينقلها إلى المضيف الجديد، مثل الإنسان، أثناء عملية اللدغ.
عندما يلدغ القراد الإنسان، تدخل البكتيريا إلى مجرى الدم عبر لعاب القراد، وعادة ما يستغرق انتقالها ما بين 36 إلى 48 ساعة بعد التصاق القراد بالجلد، لذا فإن إزالته بسرعة تقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالمرض.
وبعد دخول البكتيريا إلى الجسم، تبدأ في الانتشار عبر مجرى الدم والأنسجة، مما يؤدي إلى ظهور أعراض مرض "لايم" إذا لم يتم علاج العدوى بشكل سريع وفاعل.
في الأبحاث السابقة التي أجراها علماء من جامعة "فرجينيا كومنولث"، تم اكتشاف أن بكتيريا "بوريليا برجدورفيرية"، المسببة لمرض "لايم"، تمتلك مسارات أيضية فريدة تختلف عن معظم البكتيريا الأخرى.
وعلى عكس العديد من الكائنات الحية التي تعتمد على الثيامين، فيتامين B1 كعامل مساعد أساسي في التفاعلات الأيضية، تبيّن أن هذه البكتيريا لا تستخدم الثيامين على الإطلاق.
وبدلاً من ذلك، تعتمد على إنزيم يُسمى "لاكتات ديهيدروجينيز" (Lactate Dehydrogenase) للقيام بعملية تحويل البيروفات إلى لاكتات.
ولهذه العملية أهمية حيوية كبيرة، إذ تلعب دوراً رئيسياً في الحفاظ على التوازن بين مركّبين مهمين داخل الخلية، يُعرفان باسم (NADH، وNAD+)، وضروريان لعمليات الأكسدة والاختزال التي تتحكم في إنتاج الطاقة الخلوية.
وبفضل هذا التكيف الفريد، تستطيع "بوريليا برجدورفيرية" البقاء في بيئات منخفضة المغذيات، مثل جسم القراد، ومن ثم الانتقال إلى جسم الإنسان ومواصلة نشاطها دون الحاجة إلى الاعتماد على المصادر الغذائية التقليدية التي تحتاجها معظم البكتيريا الأخرى.
تطوير الأدوية
في الدراسة الجديدة، حدد الباحثون دور إنزيم Lactate Dehydrogenase في الفيسيولوجيا المرضية لتلك البكتيريا، واستكشاف إمكانية استخدامه كهدف علاجي جديد.
وباستخدام مجموعة من التقنيات بما في ذلك علم الوراثة، والكيمياء الحيوية، ودراسة البلورات بالأشعة السينية، تمكّن الباحثون من توضيح الخصائص الكيميائية الحيوية والهيكلية لهذا الإنزيم.
وأظهرت الدراسة أن ذلك الإنزيم ضروري لنمو البكتيريا في المختبر وقدرتها على إحداث العدوى في الكائنات الحية.
كما أجرى الباحثون فحصاً عالي الإنتاجية لاكتشاف مثبطات جديدة للإنزيم، وتمكنوا من تحديد عدة مركبات واعدة.
ومع استمرار الأبحاث، يمكن أن تؤدي هذه النتائج إلى تطوير أدوية جديدة تستهدف ذلك الإنزيم بشكل خاص، مما يقلل من الآثار الجانبية، ويحسن فاعلية العلاج، بالإضافة إلى ذلك، قد تساعد هذه الاكتشافات في تطوير استراتيجيات وقائية جديدة ضد الأمراض المنقولة بالقراد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 8 ساعات
- صحيفة سبق
الاستحمام صباحًا أم مساء؟.. دراسة توضح التوقيت الأنسب لصحة أفضل ونظافة أعمق
بينما يفضل البعض بدء يومهم بنشاط من خلال الاستحمام الصباحي، ويجد آخرون في الاستحمام الليلي وسيلة للاسترخاء بعد يوم طويل، تكشف دراسات علمية حديثة أن توقيت الاستحمام قد يؤثر بشكل مباشر على النظافة الشخصية، وجودة النوم، والصحة العامة؛ ما يثير التساؤل حول: أي الخيارين أفضل لصحتنا؟ في مقال نُشر عبر موقع The Conversation توضح بريمروز فريستون، المحاضرة في علم الأحياء الدقيقة السريرية بجامعة ليستر، أن الاستحمام في الصباح هو الأفضل من منظور النظافة والصحة البيولوجية. وتشير فريستون إلى أن الاستحمام بعد الاستيقاظ يساهم في إزالة خلايا الجلد الميتة، والعرق، والبكتيريا التي تتراكم على الجلد أثناء النوم؛ ما يقلل من احتمالية انبعاث الروائح الكريهة، ويمنح الجسم بداية يوم نظيفة وصحية، خاصة عند ارتداء ملابس نظيفة بعده. وفي المقابل، يساعد الاستحمام مساء في إزالة الأوساخ والملوثات التي تراكمت خلال اليوم، إلا أن التعرق أثناء النوم يعيد إفراز الزيوت على الجلد؛ ما يغذي ميكروبات البشرة، ويسهم في تكاثرها على ملاءات السرير؛ وهو ما يشكل بيئة مثالية لـعث الغبار، الذي يتغذى على خلايا الجلد الميتة، وقد يؤدي إلى زيادة فرص الحساسية، أو تفاقُم الربو، وخصوصًا عند إهمال تنظيف أغطية السرير بانتظام. وتؤكد فريستون أن العامل الأهم في النظافة ليس فقط توقيت الاستحمام، بل الانتظام في غسل أغطية السرير مرة واحدة أسبوعيًّا على الأقل؛ إذ إن ذلك يزيل العرق، والبكتيريا، والزيوت، والجراثيم الفطرية التي تجد بيئة خصبة على الأقمشة الدافئة. وتخلص الدراسة إلى أن الاستحمام صباحًا يمنح الجسم بداية صحية، ويقلل فرص تراكم الميكروبات خلال اليوم، لكنه لا يغني عن نظافة السرير المنتظمة، التي تبقى خط الدفاع الأهم ضد أسباب الحساسية والروائح والبكتيريا.


صدى الالكترونية
منذ 2 أيام
- صدى الالكترونية
مركّب مشتق من فيتامين B1 يرفع مستويات اليقظة ويعزز النشاط البدني
كشفت دراسة حديثة عن قدرة مركّب «تي.تي.إف.دي» (TTFD)، وهو شكل مُحسَّن من الثيامين ⁄ فيتامين B1، على تنشيط الدماغ والجسم معًا، مُحدثًا زيادة ملحوظة في حالة اليقظة والحركة. وفي الدراسة التي أجراها باحثون بجامعة تسوكوبا، فقد تم حقن فئران التجارب بالمركب عبر الصفاق، ثم راقبوا أنماط النوم والنشاط باستخدام تخطيطي كهرباء الدماغ والعضل، وأظهرت القياسات تراجع فترات النوم العميق وارتفاعًا واضحًا في الحركة. ويُعتقد أن التأثير يرتبط برفع مستويات الدوبامين في القشرة الجبهية الأمامية الإنسية، إلى جانب تنشيط مراكز عصبية مثل المنطقة السقيفية البطنية والموضع الأزرق، وهي دوائر مسؤولة عن التحفيز والانتباه. ويرى الباحثون أن فهم الآليات العصبية لهذا المركّب قد يمهّد لاستعماله كمكمّل يعزّز الحيوية في الحياة اليومية أو كمدخل علاجي لبعض اضطرابات الجهاز العصبي مستقبلاً، لا سيما وأن TTFD يُستخدم بالفعل كمكمّل غذائي لدعم الطاقة في أنحاء مختلفة من العالم. إقرأ أيضًا

سعورس
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- سعورس
"الغذاء والدواء": ثلاثة أنواع من البكتيريا تهدد السلامة
حذّرت الهيئة العامة للغذاء والدواء من ثلاثة أنواع من البكتيريا، التي قد تسبب التسمم الغذائي، وتؤثر سلبًا على صحة المستهلك، وذلك ضمن جهودها المستمرة لرفع الوعي العام بأهمية السلوكيات الصحية السليمة للوقاية من هذه الأمراض. وأوضحت الهيئة أن الإشريكية القولونية تُعد من أبرز مسببات التسمم الغذائي؛ إذ تعيش بشكل طبيعي في أمعاء الإنسان والحيوان، إلا أن بعض سلالاتها قد تسبب أمراضًا معوية خطيرة. ويمكن أن تنتقل إلى الغذاء نتيجة تلوث الأيدي والأسطح. كما بينت "الهيئة" أن السالمونيلا من البكتيريا التي تؤدي إلى الإصابة بالتسمم الغذائي، وغالبًا ما تنتقل عبر تناول الدواجن والبيض النيء والحليب غير المبستر.