logo
ضربات أميركا في اليمن.. هل حققت أهدافها ضدّ الحوثيين؟

ضربات أميركا في اليمن.. هل حققت أهدافها ضدّ الحوثيين؟

ليبانون 24٠٥-٠٤-٢٠٢٥

نشر موقع "الجزيرة نت" تقريراً تحت عنوان "هل حققت الضربات الأميركية على معاقل الحوثيين أهدافها؟"، وجاء فيه:
مرّ نحو 3 أسابيع منذ استئناف أميركا ضرباتها على مواقع للحوثيين في اليمن، وسط تساؤلات بشأن نتائج هذه الغارات المكثفة وغير المسبوقة منذ تدخل واشنطن عسكرياً بشكل مباشر مطلع عام 2024 ضد الجماعة المتحالفة مع إيران.
ومنذ استأنفت الضربات في 15 آذار الماضي، وحتى الآن، شنت أميركا نحو 300 غارة، حسب بيانات لجماعة الحوثي رصدتها الجزيرة نت، وأدت حتى الأربعاء الماضي لمقتل 61 مدنيا وإصابة 139 آخرين، وفق بيان لوزارة الصحة بحكومة الحوثيين، التي لم تذكر الضحايا العسكريين.
ومنذ أكثر من أسبوعين رصدت الجزيرة نت، تشييع أكثر من 30 ضابطا حوثيا، سقطوا بـ"معركة الجهاد المقدس والفتح الموعود"، بنيران أميركية، وفي أحدث استهداف أميركي لليمن، أعلنت جماعة "الحوثي" ، اليوم الجمعة، أن غارات استهدفت محافظة صعدة شمال غربي البلاد، المعقل الرئيسي للجماعة، والتي ترتبط بحدود برية مع السعودية.
ويأتي ذلك، بعد أيام من بيان للرئيس الأميركي دونالد ترامب -عبر منصة "تروث سوشيال"- توعد فيه الحوثيين بأنهم "ما لم يكفوا عن مهاجمة السفن الأميركية، فإن الألم الحقيقي لم يأتِ بعد، لهم أو لرعاتهم بإيران".
وبالمقابل، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، اليوم الجمعة، تنفيذ عملية عسكرية استهدفت بالصواريخ المجنحة والطائرات المسيّرة القطع الحربية "المعادية" في البحر الأحمر وعلى رأسها حاملة الطائرات الأميركية، مؤكدا مواصلة الصراع مع أميركا وإسرائيل، ومقللا من تأثرهم بهجمات واشنطن، رغم أن خبراء يرجحون تضرر الحوثيين فعلاً.
يرى الباحث اليمني في الشأن العسكري علي الذهب، أن الضربات الأميركية الحالية وسابقاتها أثرت بقدرات الحوثيين، وازداد الضرر بالضربات الأخيرة، ويدلل على ذلك، توقف هجمات الحوثيين على سفن النقل، وتركيزهم على السفن الحربية الأميركية التي تهاجمهم.
ولفت الذهب، في حديثه للجزيرة نت، إلى تكتم الحوثيين حول خسائرهم نتيجة الضربات الأميركية، "ما يشير لوجودها فعلا في القوى البشرية والوسائل والبنى والهياكل العسكرية"، كما أنه من غير المعقول عسكريا وتحت أي مقياس -حسب الذهب- أن تهاجم أميركا بطائراتها وسفنها الحربية وبكل وسائل التدمير "مناطق ميتة".
ويعتقد الخبير اليمني أن الحوثيين لا يمنحون واشنطن أي فرصة لتقييم نتائج الضربات عليهم، لذلك ينكرون أي خسائر، أو يتجاهلون الإعلان عنها، لأن اعترافهم بخسائر كبيرة يغري الأميركيين باستثمار ذلك لتحريك القوى المناوئة للجماعة بريا في اليمن، وهو ما يحرص الحوثيون على منعه.
وحول استمرار إسقاط الحوثيين طائرات أميركية مسيّرة، يقول الذهب إنه "أمر مثير للجدل"، ويضيف إن كانت لديهم مضادات قوية تسقط المسيَّرات، فلماذا لا يسقطون بها الطائرات الحربية التي تحلق بانخفاض فوق محافظات صعدة وعمران.
وأوضح الذهب أن الحوثيين خلقوا "منطقة ظلام معلوماتية" بالتكتم على نتائج الغارات، وإخفاء وتمويه مناطق إنتاج أو تجميع أو تخزين الأسلحة، خاصة الصواريخ الباليستية والمسيّرات.
ومع ذلك، ينوه الخبير إلى أن اشتداد الهجمات الأميركية واتساع رقعتها الجغرافية يعكس تطور بنك المعلومات الأميركي، بمقابل تراجع نسبي للحوثيين بحجب المعلومات.
وكلاء أم أصحاب حق؟
وفي السياق، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي عبد الباقي شمسان إن "معركة أميركا ضد الحوثي ترتبط أولاً، بالحفاظ على أمن إسرائيل وإحلال إيران كمهدد أول بدلاً عنها، وبالمقابل إظهار أن إسرائيل قادرة على مواجهة الخطر الإيراني، وبالتالي ينبغي التطبيع والتحالف معها لمواجهة هذا الخطر".
وفي حديثه للجزيرة نت، اعتبر شمسان أن الصراع بين أميركا والحوثيين ليس ثنائيا، وأن الجماعة "ورقة إيرانية" لتحسين الموقف التفاوضي لطهران، وأن "لا علاقة لما يتحدث عنه الحوثيون عن إسناد غزة بمبادئ البعد الإنساني والأخلاقي أو القومي".
وأوضح شمسان أن الحوثيين تضرروا فعلا بالضربات الأميركية، وأن ذلك يهدد مصالحهم الخاصة المتعلقة باستعادة الحكم، حيث يعتقدون أنهم "أصحاب الحق الإلهي لحكم اليمن، ويعتبرون ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962 انقلابا على الحكم، وأنهم الآن يستعيدون السلطة".
وتابع بقوله إن "الحوثيين الآن بمرحلة صعبة، لأنهم لا يستطيعون صناعة السلام مع أميركا للحفاظ على قوتهم لأجل الاستمرار في الحكم"، موضحا أن "أميركا تريد أن تصبح إيران دون وكلاء بالمنطقة، بحيث تتفاوض كدولة دون أنياب، ما يجعل سقف التفاوض منخفضا بينها وبين أميركا والمجتمع الدولي".
وأشار الأكاديمي شمسان إلى عدة سيناريوهات حول مستقبل الصراع بين أميركا والحوثيين:
الأول: وضع معقد يرتبط بالرهانات الحوثية المحلية والإيرانية، تواصل فيه أميركا استهداف الحوثيين حد إضعافهم تدريجيا، إلى حين لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع السعوديين، لوضع الخطوات النهائية لإنهاء الحوثيين حد الاختفاء، مقابل أن تقبل المملكة بالتطبيع مع إسرائيل.
الثاني: في حال رفض السعودية التطبيع مع إسرائيل، سيتم إبقاء الحوثي كطرف مقلق ومهدد دون الاختفاء.
الثالث: خسارة الحوثيين، لأن إيران ستضحي بهم بحال أنها هُددت بشكل مباشر، وهذا يتوجب اجتثاث خطرهم بالبحر الأحمر، وبالتالي سيصبح لإيران امتداد في العراق فقط، تحت ضغط وهيمنة إيرانية، وما سيحدث باليمن والعراق مرتبط بالتفاوض بين أميركا وإيران وأمن إسرائيل.
بدوره، يعتقد رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث عبد السلام محمد، أن الضربات الأميركية على الحوثيين "نوعية" من حيث الدقة والمواقع وتحديد الأهداف، سواء مخازن الأسلحة أو منصات الصواريخ أو منظومات الدفاع الجوي، وحتى الشخصيات الميدانية للجماعة.
ومع ذلك، يرى أن هذه الضربات "ليست حاسمة"، كونها لا تؤدي لهزيمة الحوثيين أو استسلامهم، وقد تخلق بالأخير حالة ردع حال شعر الحوثيون بأن تحركا ميدانيا سيسقط سلطتهم بصنعاء.
وحول أسباب استمرار الهجمات العسكرية للحوثي رغم كثافة الضربات عليهم، يرجع الباحث ذلك إلى الآلية التي تتعامل بها الجماعة، من حيث تحويل جبال اليمن لمخازن أسلحة، ونقل الصواريخ على منصات متنقلة بشحنات كبيرة أو متوسطة، وبالتالي تمكنها من استمرار هجماتها.
ورغم الضربات الأميركية، لا يزال الحوثي -حسب محمد- يمتلك بعض مخازن السلاح النوعي من الصواريخ والمسيَّرات، لكن لا يمكنه تحريكها بنفس القدرة والكفاءة كما كان قبل العمليات الأميركية، كما قيَّدت غارات واشنطن الحوثي بالتحرك بريا من أجل السيطرة على مناطق أخرى باليمن لكسب معنويات أنصاره كسلوك دأب عليه سابقا.
وحول مسار هذا الصراع، يرجح الخبير اليمني استمرار ضربات واشنطن ضد الحوثيين، حتى تضع أميركا واقعا جديدا في ممرات الملاحة الدولية وتنهي خطر الجماعة، أو تستسلم الأخيرة وتوقف هجماتها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

داعش يبعث برسائل الدم إلى دمشق ويعلن "الجهاد" ضد الشرع
داعش يبعث برسائل الدم إلى دمشق ويعلن "الجهاد" ضد الشرع

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 2 ساعات

  • القناة الثالثة والعشرون

داعش يبعث برسائل الدم إلى دمشق ويعلن "الجهاد" ضد الشرع

من بين ركام الهدوء الهش الذي يغلف المشهد السوري يعود تنظيم "داعش" ليُعلن عن نفسه من جديد، ليس بهجوم واحد أو تفجير معزول بل بحملة من الهجمات المتصاعدة والمنظمة التي طالت مناطق شرق سوريا، وصولًا إلى مراكز نفوذ الحكومة الجديدة في دمشق. شهدت مدينة دير الزور، خلال الأشهر الأخيرة، تصاعدًا ملحوظًا في نشاط تنظيم "داعش"، وفقًا لِما أفادت به مصادر محلية. حيث كثف التنظيم من هجماته ضد قوات (قسد)، رغم الإجراءات الأمنية المشددة في المنطقة، ولم تتوقف العمليات عند هذا الحد، بل امتدت لتطال مواقع تابعة للقوات الحكومية السورية، وذلك في أعقاب اتهامات وجهها التنظيم للرئيس السوري أحمد الشرع بـ"التحالف مع الطواغيت"، في إشارة إلى اللقاء الذي جمعه مؤخرًا بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب. هجوم في بلدة الطيانة، تلاه هجوم ثانٍ على موقع عسكري في ذيبان ، ثم اشتباك في الشحيل وهجوم استهدف نقطة عسكرية في بلدة الكبر بريف دير الزور الشمالي الغربي، وجميعها مناطق تتكرر فيها بصمات "داعش"، وتكشف عن خلايا محلية تعيد ترتيب صفوفها بهدوء ودموية، حيث تزامنت هذه الهجمات أيضًا مع إرسال رسائل تهديد علنية للتجار لدفع الزكاة. وفي تطور خطير شهدت مدينة الميادين شرقي محافظة دير الزور انفجارًا ناجمًا عن سيارة مفخخة استهدفت مقر قيادة الشرطة؛ ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى من المدنيين وعناصر الأمن، ولأن الحدث لم يكن معزولًا، فقد أعلنت وزارة الداخلية السورية قبل يوم واحد عن إحباط خلية من "داعش" في مدينة حلب خلال عملية أمنية أسفرت عن مقتل عنصر من قوى الأمن وتحييد 3 عناصر من التنظيم، وهو ما يؤكد أن التنظيم لم يُهزم بالكامل بل أعاد تشكيل نفسه في الظل ويمتلك القدرة على التخطيط والتمويه داخل المدن الكبرى. اللافت أن "داعش" لم يكتفِ بالهجمات الميدانية، بل انتقل إلى الهجوم السياسي العلني، إذ أصدر بيانًا ضد الرئيس السوري أحمد الشرع، عقب لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ووصف البيان الشرع بـ"الطاغوت"، معلنًا الجهاد ضده، وداعيًا الجهاديين الأجانب إلى العودة والانضمام إلى سرايا التنظيم في الأرياف والأطراف، وهو ما حمل دلالة مقلقة لأنه اعتراف بوجود خلايا نشطة داخل مناطق سيطرة الحكومة، واستعداد لإطلاق موجة جديدة من الهجمات ضمن تحرك ميداني محتمل. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

بوتين غير مستعد للسلام.. هذا ما أخبره ترامب لقادة أوروبيين
بوتين غير مستعد للسلام.. هذا ما أخبره ترامب لقادة أوروبيين

بيروت نيوز

timeمنذ 3 ساعات

  • بيروت نيوز

بوتين غير مستعد للسلام.. هذا ما أخبره ترامب لقادة أوروبيين

أخبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب قادة أوروبيين أن سيد الكرملين أي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غير مستعد للسلام وإنهاء الحرب في أوكرانيا. فقد أفادت 3 مصادر مطلعة أن ترامب أوضح في مكالمة هاتفية ضمت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، فضلا عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين الماضي، أن الرئيس الروسي ليس مستعدًا لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لأنه يعتقد أنه منتصر، وفق ما نقلت صحيفة 'وول ستريت جورنال'، اليوم الخميس. كما أشارت المصادر إلى أن الرئيس الأميركي بدا غير مُلتزم بمواصلة الدور الأميركي في الملف الروسي الأوكراني. علما أن ترامب كان قد أشار في اتصال هاتفي مع القادة الأوروبيين يوم الأحد، ومن بينهم ماكرون وميرتس وميلوني ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إلى أنه سيرسل وزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص كيث كيلوج إلى المحادثات المتوقع إجراؤها في الفاتيكان. في حين أصر بعض الأوروبيين الذين شاركوا في المكالمة يوم الاثنين الماضي على أن نتيجة أي محادثات في الفاتيكان يجب أن تكون وقف إطلاق نار غير مشروط. 'غير مشروط' لكن ترامب اعترض مجددًا، قائلاً إنه لا يحبّذ مصطلح 'غير مشروط'. وقال إنه لم يستخدم هذا المصطلح قط، على الرغم من أنه استخدمه عند دعوته إلى وقف إطلاق نار لمدة 30 يومًا في منشور على منصته 'تروث سوشيال' في 8 أيار. فما كان من القادة الأوروبيين لاحقا إلا التخلي عن إصرارهم على استخدام هذه الصفة. في المقابل، رفض البيت الأبيض التعليق على المحادثة، مكتفيا بالإشارة إلى منشور ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي، الاثنين، حول محادثته مع بوتين التي وصفها بالممتازة.(العربية)

تسريب مقصود أم تهديد حقيقي؟ واشنطن تلوّح وطهران تردّ
تسريب مقصود أم تهديد حقيقي؟ واشنطن تلوّح وطهران تردّ

ليبانون 24

timeمنذ 3 ساعات

  • ليبانون 24

تسريب مقصود أم تهديد حقيقي؟ واشنطن تلوّح وطهران تردّ

في توقيت دقيق لا يخلو من دلالات سياسية ، برز تسريب إعلامي منسوب لمصدر أميركي عبر قناة CNN، يتحدث عن سعي إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب لجمع معلومات استخبارية عن احتمال قيام إسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية لإيران. تسريب بدا، وفق مصدر مطّلع على مجريات الكواليس الإقليمية، أقرب إلى الرسالة منه إلى الكشف الأمني، وجاء ليزيد من منسوب التوتر في مشهد تفاوضي بالغ التعقيد. المصدر المطّلع، والذي يتابع عن كثب حركة الاتصالات الخلفية بين أطراف المعادلة، يرى أن اختيار واشنطن لمنبر إعلامي واسع الانتشار مثل CNN لا يمكن اعتباره تفصيلاً عابراً. فالولايات المتحدة الاميركية تدرك تماماً أثر الإعلام في صياغة المناخ السياسي، واستخدامه في هذا السياق يعكس رغبة في إرسال إشارات مزدوجة؛ احدها إلى طهران بأن الوقت يضيق وأن البدائل قد تكون مكلفة، وأخرى إلى تل أبيب بأن القرار ليس منفصلاً عن واشنطن وأن هامش المناورة الإسرائيلي له حدود. اللافت، كما يوضّح المصدر، أن التحوّل في النبرة الأميركية لم يأتِ من فراغ، إذ كانت المفاوضات بشأن الملف النووي قد بلغت مراحل متقدّمة من التفاهمات، تشمل العودة إلى نسب التخصيب المنصوص عليها في الاتفاق السابق، واستئناف العمل بآليات الرقابة التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتحديد مصير مخزون اليورانيوم من خلال إتلافه أو نقله إلى طرف ثالث. إلا أن اللهجة الأميركية تبدلت بشكل مفاجئ، مع تصريحات حادة من مسؤولين كبار تعلن التراجع عن مسارات التفاهم وتعيد فتح الملف من زاوية أكثر تصلّباً. هذا التحوّل لا يمكن فصله عن طبيعة الحسابات السياسية التي تحكم المشهد الإقليمي. ففي حين كانت المفاوضات تتقدّم باتجاه تفاهمات دقيقة بشأن التخصيب والمراقبة، برز خطاب أميركي أكثر تشدداً يُعيد المسألة إلى نقطة الصفر، ويُسقِط ما سبق من أرضيات مشتركة. ولعلّ هذا التبدّل لا يندرج ضمن موقف مبدئي من التكنولوجيا النووية بحد ذاتها، بقدر ما يكشف عن معيار مزدوج في مقاربة الملفات النووية في المنطقة، حيث تغضّ الأطراف الغربية الطرف عن طموحات بعض الدول المتحالفة، وتُشدّد الخناق على دول أخرى، وفق ما تمليه الاعتبارات الجيوسياسية. من وجهة نظر المصدر، فإنّ هذا الانقلاب في الخطاب الأميركي لا يعكس بالضرورة تحضيراً لحرب، بقدر ما يهدف إلى تضييق الخناق على طهران ودفعها إلى تقديم تنازلات إضافية في اللحظة الأخيرة. وبمعنى أوضح، فإنّ واشنطن تُلوّح بإسرائيل لكنها لا تترك لها حرية الفعل، فالتصعيد محسوب في مضمونه وسقفه ولا يُراد له أن يتحول الى مواجهة شاملة خارج السيطرة. في المقابل، جاء ردّ طهران سريعاً وحازماً وذلك عبر موقف مباشر من المرشد الأعلى السيد علي خامنئي ، الذي ذكّر بحدود الخطاب أثناء التفاوض، وأكّد أن سقف التفاهم تحدده إيران لا الضغوط الخارجية. وهو ما فُهم في بعض الأوساط على أنه تمسّك بصلابة الموقف من جهة، واستعداد لخيارات أخرى إذا ما تراجعت واشنطن عن تفاهماتها الأولية. وبين التصعيد الكلامي والتسريبات المدروسة، يُبقي اللاعبون الكبار المنطقة على حافة التوتر. فاحتمال الضربة، وإن بدا قائماً نظرياً، لا يزال من وجهة نظر المصدر منخفضاً ولا يتجاوز حدود المناورة السياسية في انتظار أن تُحسم الحسابات الإقليمية والدولية. ويرى المصدر أنه في حال وقع الهجوم بالفعل، فإن القرار لا يعود لتل أبيب وحدها، إذ إنّ إسرائيل لا تملك القدرة على خوض حرب واسعة من دون غطاء أميركي مباشر، سواء سياسياً أو عسكرياً. وبالتالي، فإن أي تصعيد بهذا الحجم سيكون قراراً أميركياً بالدرجة الأولى وليس مجرد رعونة إسرائيلية. وهذا ما يفسّر حساسية الخطاب والتسريبات الأخيرة، التي تحرص واشنطن من خلالها على إبقاء التهديد في دائرة الضغط من دون أن يُفسّر ذلك كموافقة ضمنية على المغامرة. أما إذا ردّت طهران على أي استهداف يُوجَّه إليها، فإن " حزب الله" في لبنان ، وفق المعطيات، ليس معنياً بالانخراط في مواجهة لا تستدعي تدخله الميداني المباشر. ووفق المصدر، فإنّ قرار "الحزب" في هذا النوع من الحالات يُبنى على طبيعة المعركة ومقتضياتها. ويضيف، أن الرد الإيراني ، إن تقرّر، سيكون كافياً لفرض التوازن المطلوب من دون الحاجة إلى توسعة رقعة الاشتباك. إذ إنّ المقاومة ، كما يُفهم من سياق موقفها، تحفظ قدراتها لمعركة ترتبط بالأرض والسيادة، حيث يكون التدخل دفاعاً واضحاً عن الجغرافيا أو في سياق مواجهة مصيرية تمسّ قواعد الاشتباك الكبرى. وبهذا المشهد المعقّد، يبدو أن الضربة، وإن طُرحت كاحتمال، ما زالت أداة في لعبة توازن دقيقة أكثر من كونها خياراً جاهزاً للتنفيذ. فالأطراف تتقن استخدام التصعيد من دون الانزلاق إلى المواجهة، وتدير أوراقها تحت سقف الضغط لا الانفجار. وما يجري اليوم هو اختبار إرادات وليس بداية حرب. أما الغد ، فمرهون بلحظة قرار قد لا تُتخذ بالسلاح وحده، بل بالمصالح التي تحكم متى تُشعل النار ومتى يُعاد سحب الفتيل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store