
أوروبا في قبضة الحرّ والحرائق
في إسبانيا، حيث أُبلغ عن عشرات الحرائق المتفاوتة الشدة، لقي رجل حتفه ليلا في حريق اندلع مساء الاثنين في بلدة تريس كانتوس الواقعة على بُعد 25 كيلومترا شمال مدريد، وأتى على أكثر من ألف هكتار. وأصيب الرجل بحروق طالت أكثر من 90% من جسده.
وعلق رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز على منصة إكس قائلا "نحن مُعرّضون لخطر شديد بسبب حرائق الغابات".
واضطر آلاف الأشخاص إلى قضاء الليل خارج منازلهم، مع إجراء عمليات إجلاء طارئة في بعض الأحيان.
وفي فرنسا، أعلنت السلطات حالة تأهب قصوى لمواجهة موجة حرّ شديد في 14 مقاطعة في الجنوب الغربي والوسط الشرقي. وقالت أندريا التي تعمل لدى جمعية وتجمع التبرعات من المارة في مدينة ليون (وسط شرق البلاد) "الجو خانق ولا هواء".
كما اشتكى آلان بيشو قائلا "الجو حارٌّ جدا" وهو يجلس صباحا على شرفة في ديجون (وسط شرق) وأضاف "أفضل الذهاب إلى المكتب، على الأقل هناك مكيف هواء".
- ليست مفاجئة -
قال خبير الأرصاد بجامعة ريدينغ البريطانية أكشاي ديوراس، في تصريح مكتوب لفرانس برس "موجة الحر التي تؤثر حاليا على فرنسا وإسبانيا ودول البلقان ليست مفاجئة".
وأضاف "هذه الموجة ناجمة عن قبة حرارية مستقرة فوق أوروبا. وبسبب التغير المناخي، نعيش الآن في عالم أكثر دفئا بشكل ملحوظ، وهذا الواقع يزيد من تكرار موجات الحر وشدّتها".
وأشار إلى أن الجفاف يمثل واقعا لأكثر من نصف أوروبا، بشكل خاص في المناطق المحيطة بحوض البحر المتوسط منذ أشهر عدة، ما يوفر ظروفا ملائمة لاندلاع الحرائق.
وأعربت وكالة البيئة البريطانية الثلاثاء عن قلق متزايد من نقص المياه في إنكلترا، الذي أصبح يُصنف الآن "مسألة ذات أهمية وطنية". ويُعد النصف الأول من العام الجاري الأكثر جفافا منذ العام 1976، الذي شهد بدوره جفافا شديدا في أوروبا، ما يشير إلى ظاهرة مقلقة تهدد أوروبا برمتها.
وفي جنوب إسبانيا، تم تفادي كارثة مساء الاثنين بعد تجدد الحريق قرب تاريفا في الأندلس، وهي منطقة سياحية شهيرة تعرضت لحريق الأسبوع الماضي.
- "في وقت قياسي" -
قال مستشار الشؤون الداخلية في الحكومة الإقليمية للأندلس أنطونيو سانز، "عشنا لحظات من الخطر الشديد، إذ وصلت ألسنة اللهب إلى مداخل المناطق السكنية"، مضيفا أن عمليات الإجلاء جرت "في وقت قياسي".
وأُصيب أحد عناصر الحرس المدني خلال مشاركته في عمليات الإجلاء، بعدما صدمته سيارة.
وصباح الثلاثاء، سُمح لمئات الأشخاص من أصل نحو ألفي شخص تم إجلاؤهم من مقاطعة قادس بالعودة إلى منازلهم.
وتمكن حوالى 600 شخص من قرى متعددة أُجلي سكانها بسبب الحريق الذي اجتاح الموقع الطبيعي "لاس ميدولاس" المصنّف ضمن التراث العالمي لليونسكو في منطقة قشتالة وليون (شمال غرب مدريد)، من العودة إلى منازلهم صباح الثلاثاء، إلا أن حرائق عدة ظلت مشتعلة في المنطقة نفسها قرب مدينة سامورا.
وفي البرتغال، لا تزال ثلاثة حرائق مستعرة، أبرزها حريق ترانكوسو (وسط البلاد) الذي اندلع السبت، ويشارك في احتوائه 700 عنصر إطفاء مدعومين بأربع طائرات.
وتخشى السلطات يوما بالغ الصعوبة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، التي قد تصل إلى 44 مئوية في الجنوب.
ولم تسلم إيطاليا من موجة الحر، حيث فُرض أعلى مستوى من التحذير في 11 مدينة، من بينها كبرى المدن الإيطالية مثل روما وميلانو وتورينو.
وسط هذا المشهد القاتم، شكّل التقدُّم في احتواء حريقٍ اندلع منذ السبت في منطقة شاسعة من متنزه جبل فيزوف الوطني، البركان المطل على خليج نابولي، بارقة أمل.
وفي جنوب شرق أوروبا، تصدرت منطقة البلقان المشهد، حيث لا تزال 14 بؤرة حريق نشطة في ألبانيا حتى الاثنين، إضافة إلى حرائق مستعرة في مونتينيغرو وكرواتيا. أما كوسوفو، فشهدت في تموز/يوليو الماضي أعلى درجة حرارة سجلت في تاريخها، بلغت 42,4 مئوية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 5 أيام
- رؤيا نيوز
حرائق الغابات تجتاح أوروبا.. وتضرر منازل ومصانع
انتشرت حرائق الغابات التي أججتها موجة الحر والرياح القوية في أنحاء جنوب أوروبا يوم الأربعاء، مما أدى إلى احتراق منازل ومزارع ومصانع وإجلاء الآلاف من السكان والسياح. وتصاعدت ألسنة اللهب والدخان الأسود فوق مصنع إسمنت اشتعلت فيه النيران بسبب حريق هائل اجتاح بساتين زيتون وغابات وعرقل حركة السكك الحديدية في ضواحي مدينة باتراس اليونانية غربي العاصمة أثينا. وأمرت السلطات سكان بلدة يبلغ تعدادها نحو 7700 شخص بالقرب من باتراس بإخلاء منازلهم الثلاثاء فيما أصدرت الأربعاء تنبيهات جديدة نصحت فيها سكان قريتين قريبتين بمغادرة منازلهم. وفي جزيرتي خيوس بشرق اليونان وسيفالونيا في الغرب، وكلاهما مقصدان للسائحين، طلبت السلطات من الناس الانتقال إلى مناطق آمنة مع انتشار الحرائق. وفي اسبانيا، لقي رجل إطفاء متطوع حتفه متأثرا بحروق شديدة بينما نُقل عدد من الأفراد إلى المستشفى. وحذرت وكالة الأرصاد الجوية الحكومية من أن جميع أنحاء البلاد تقريبا معرضة لخطر شديد أو مرتفع جدا من نشوب حرائق. وأخمد أفراد الإطفاء نيرانا اشتعلت بمنازل ومستودعات بعدد من القرى في منطقة قشتالة وليون حيث تم إجلاء أكثر من 5000 شخص. وأعلنت مدريد مساء الأربعاء أنها طلبت من الاتحاد الأوروبي تفعيل الآلية الأوروبية لمكافحة الحرائق بهدف مساعدتها في إخماد حرائق الغابات العديدة التي تجتاح البلاد. وذكرت السلطات الإسبانية في تحديث أنها أجلت ما يقرب من ستة آلاف شخص من منازلهم في 26 قرية تتهدّدها النيران، مشيرة إلى أنّ فرق الإطفاء تكافح 14 حريقا كبيرا ولا سيّما في شمال البلاد. وفي ألبانيا، قال وزير الدفاع بيرو فينجو إن هذا 'الأسبوع حرج' وإن عددا من حرائق الغابات الكبرى استعرت في أنحاء البلاد. وعاد من سبق إجلاؤهم إلى منازلهم في مدينة دلفينا بجنوب ألبانيا لكن السلطات لا تزال في حالة تأهب. وتتعثر محاولات إخماد الحرائق بسبب الموجة الحارة التي اجتاحت أنحاء واسعة من أوروبا. وتشهد إسبانيا موجة حارة منذ 10 أيام بلغت ذروتها الثلاثاء بتسجيل 45 درجة مئوية، وتتوقع وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية أن تستمر الموجة حتى يوم الإثنين المقبل، مما يجعلها واحدة من أطول الموجات المسجلة. وفي البرتغال، اندلعت خمسة حرائق كبيرة شمالي ووسط البلاد، حيث يشارك أكثر من 1800 عنصر إطفاء في احتواء النيران. وفي جنوبي فرنسا، يظل التأهّب في أعلى مستوياته لمنع تجدد الحريق الهائل الذي التهم 16 ألف هكتار قبل أيام.


رؤيا نيوز
منذ 6 أيام
- رؤيا نيوز
كيف يمكن تجنب الأثر الاقتصادي للظروف المناخية؟
بحرارة لاهبة تتجاوز معدلاتها المعتادة، يعيش الأردن منذ أيام تحت وقع موجة حر حادة تضغط على قدرات الأفراد والمنشآت على حد سواء. ومع استمرار هذه الموجة، يجد الاقتصاد الوطني نفسه أمام معطيات ومتغيرات صعبة تتمثل بطلب متزايد على الطاقة، إضافة إلى تراجع الإنتاجية في مواقع العمل، إضافة إلى ارتفاع تكاليف التشغيل. وفي هذا السياق، يؤكد خبراء اقتصاديون أن التغيرات المناخية التي يشهدها الأردن مؤخرا، سواء في الصيف أو الشتاء، تمثل تحديا كبيرا للاقتصاد الوطني، وتؤثر سلبا على حركة الأسواق ودخل الأسر، إضافة إلى انعكاسها سلبا قطاعات الزراعة والسياحة والصناعة، ما يهدد أحيانا النمو الاقتصادي والإنتاجية ويزيد الكلف الاقتصادية. ويحذر هؤلاء الخبراء من أن الظواهر المناخية المتطرفة لم تعد مجرد حالة طارئة، بل واقع اقتصادي جديد يحتاج إلى إدارة مبتكرة، داعين في هذا الصدد إلى ضرورة تحديث البنية التحتية في الأردن لمواجهة الظواهرة المناخية المستجدة والأستثمار بهذه بالبنية التحتية لتفادي خسائر أكبر مستقبلا. ويضاف إلى ذلك أهمية توسعة مشاريع الطاقة المتجددة والبديلة، خاصة الطاقة الشمسية، لتوفير كهرباء بأسعار منخفضة تخفف العبء على القطاعات الاقتصادية الحيوية خلال الظروف المناخية، من تجارة وخدمات وفنادق، معتبرا بأنه دون التحول الطاقوي، بما يتيح لها استدامة عمل القطاعات الاقتصادية. ويشار إلى أن موجة حر استثنائية بدرجات حرارة قياسية ورطوبة خانقة، تضرب منذ عدة أيام مجموعة من الدول العربية ومن بينها الأردن، التي سجلت درجات تزيد بنحو 8 درجات على معدلاتها المعتادة في هذا الوقت من العام متجاوزة 40 درجة مئوية في معظم مناطق المملكة. التغير المناخي يشكل تهديدا إستراتيجيا للاقتصاد الأردني ويرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن التغيرات المناخية التي يشهدها الأردن تمثل تحديات كبيرة وإستراتيجية، مشيرا إلى أن من أبرز مظاهرها موجات الحرارة المرتفعة وتراجع هطول الأمطار، بالإضافة إلى تفاقم مشكلة الفقر المائي، وهو ما يؤثر سلبا على قطاعات الزراعة والسياحة والصناعة، ويهدد النمو الاقتصادي والإنتاجية ويزيد الكلف الاقتصادية. وأوضح عايش أن تأثيرات تغير المناخ تمتد لتشمل مختلف أوجه العملية الاقتصادية والاجتماعية، سواء على مستوى النمو الاقتصادي، أو الإنتاجية، أو الكلف التي تتحملها القطاعات الاقتصادية، علاوة على تأثيرها المباشر على الحياة اليومية ومتطلبات التكيف مع وضع خطير ومستمر. وأشار إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة استهلاك الكهرباء، كما أن انخفاضها في فصول معينة يرفع أيضا فاتورة الطاقة والتشغيل، ما يثقل كاهل الاقتصاد والأسرة الأردنية. ولفت عايش إلى أن الظروف المناخية القاسية، كارتفاع درجات الحرارة، تؤثر بشكل مباشر على إنتاجية العاملين، خاصة في القطاعات التي تتطلب العمل في الهواء الطلق أو في أماكن غير مجهزة بأنظمة تكييف مناسبة. وقال: «الضغط الحراري يؤدي إلى إرهاق بدني وذهني للعاملين، ما يخفض التركيز ويزيد احتمال وقوع الأخطاء والحوادث، ويؤدي إلى انخفاض الإنتاجية بنسبة قد تصل إلى 20 % أو أكثر في درجات الحرارة المرتفعة جدا». وأضاف أن قطاعات البناء والزراعة التي تعتمد بشكل كبير على العمل اليدوي في الظروف المناخية الصعبة قد تواجه خسائر إنتاجية تصل إلى 30 % أو 40 % وحتى 50 % في أيام الحرارة القصوى، وهو ما ينعكس سلبا على الاقتصاد الوطني بشكل عام. وبين أن مشكلة قلة الأمطار والفقر المائي التي يعاني منها الأردن تشكل خطرا حقيقيا على المواطن، لا سيما مع الحصة السنوية للفرد التي تبلغ نحو 60 مترا مكعبا فقط، مقارنة بحد الفقر المائي العالمي البالغ 500 متر مكعب». وتطرق عايش إلى تداعيات ذلك على قطاعات الزراعة والصناعة والطاقة والصحة، حيث يؤدي الضغط المستمر على الموارد إلى زيادة كلفة الإنتاج، مما يؤثر سلبا على قدرة القطاعات الاقتصادية على الاستمرار والتطور. وشدد على ضرورة تطوير آليات التكيف الذكية والمستمرة مع هذه التغيرات، من خلال تحسين كفاءة استخدام المياه وترشيد استهلاك الطاقة في المنازل والمؤسسات الحكومية، واعتماد أجهزة ذات كفاءة عالية في استهلاك الطاقة، بالإضافة إلى أنظمة تبريد فعالة تخفض من الطلب على الكهرباء. وأكد ضرورة تحديث البنية التحتية في الأردن لمواجهة الفيضانات وارتفاع درجات الحرارة والجفاف، مشيرا إلى أن هذه البنية الحالية لم تصمم لمواجهة هذه الظروف المناخية المتطرفة، وهو ما يستدعي استثمارات وتكاليف إضافية لكنها ضرورية لتفادي خسائر أكبر مستقبلا. وحذر عايش من أن عدم التعامل مع هذه التحديات المناخية بشكل فوري وذكي سيؤدي إلى مخاطر وتكاليف تراكمية أكبر، داعيا إلى ضرورة دعم الابتكار في تقنيات التقاط الكربون وغيرها من الحلول البيئية المستدامة لحماية الاقتصاد الوطني. الحاجة إلى تحرك إستراتيجي متكامل بدوره، أكد الخبير الاقتصادي وجدي مخامرة أن موجة الحر القياسية التي تشهدها المملكة، تفرض ضغوطا متعددة على الاقتصاد الوطني مما يستدعي تحركا إستراتيجيا متكاملا. وأشار مخامرة إلى أن هذه الظواهر المناخية تؤثر سلبا على مختلف القطاعات الاقتصادية من خلال تعطيل سلاسل الإمداد وزيادة استهلاك الطاقة وتراجع الإنتاجية، فضلا عن ارتفاع تكاليف التشغيل، مؤكدا ضرورة تبني إدارة اقتصادية مبتكرة للتكيف مع هذا الواقع الجديد. وأوضح أن من أبرز التأثيرات الاقتصادية لموجات الحر الحالية تراجع الإنتاجية، إضافة إلى الضغوط على قطاع الطاقة، لا سيما مع توقع زيادة الطلب على الكهرباء بنسبة تصل إلى 30 % خلال موجات الحر، مما يؤدي إلى ارتفاع فاتورة استيراد الوقود، ويرافقه خطر انقطاع التيار الكهربائي الذي يؤثر على جميع القطاعات الإنتاجية. ويضاف إلى ذلك تأثيرات على القطاع الزراعي والأمن الغذائي: نتيجة لتدهور إنتاجية المحاصيل ببسبب الجفاف وارتفاع معدلات تبخر المياه، إلى جانب زيادة الطلب على المياه للري مع شح الموارد المائية، فضلا عن انخفاض نشاط قطاعي السياحة والخدمات: حيث تؤدي هذه الظروف إلى انخفاض أعداد السياح، وارتفاع تكاليف صيانة المنشآت السياحية جراء الاستخدام المكثف لأجهزة التبريد. وعن إستراتيجيات التكيف الاقتصادي المبتكرة والمبكرة، التي يجب أن تتبعها الحكومة في ظل المتغيرات المناخية، يرى مخامرة، أنها مطالبة في التوسع في مجال الطاقة المتجددة من خلال الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية لخفض فاتورة الوقود، مع خطة الأردن لرفع مساهمة الطاقة المتجددة إلى 50 % من مزيج الطاقة بحلول عام 2030، إضافة إلى دعم مشاريع الهيدروجين الأخضر كبديل مستدام للصناعات الثقيلة. كما طالب بوجوب إعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية وتعديل ساعات العمل بتبني نظام عمل مرن (صباحي ومسائي) في القطاعات الخارجية لتجنب ساعات الذروة الحرارية من 11 صباحا حتى 4 عصرا، إضافة إلى التحول إلى صناعات مرنة مناخيا ودعم الصناعات القائمة على المعرفة مثل الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا الخضراء، والتي تتأثر أقل بالتغيرات المناخية، علاوة على تطوير قطاع التعدين عبر التحول للصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة العالية في مجالات مثل الفوسفات والبوتاس. وشدد مخامرة على أن مواجهة هذه التحديات المناخية تتطلب تعاونا حكوميا ومؤسساتيا واسعا لتطبيق هذه الإستراتيجيات وتحويل التحديات إلى فرص حقيقية للاستدامة والتنمية الاقتصادية. التغيرات المناخية تتطلب خطة اقتصادية متكاملة من جانبه، اتفق الخبير الاقتصادي منير دية مع سابقيه بأن التغيرات المناخية التي يشهدها الأردن تتطلب خططا وإستراتيجيات مسبقة لمواجهة تداعياتها على الاقتصاد الوطني والمواطنين. وأشار دية إلى أن الظواهر المناخية الجديدة، من أمطار غزيرة مفاجئة وهطول ثلوج في مناطق غير معتادة، وصولا إلى ارتفاع درجات الحرارة صيفا لأرقام قياسية، تعكس واقعا مناخيا متغيرا يستوجب تعاطيا مرنا ومتوازنا. واعتبر أن التغيرات المناخية لم تعد أمرا مؤقتا أو طارئا، بل هي واقع جديد يتطلب من الحكومة والقطاعين العام والخاص وضع خطة شاملة ومتكاملة، تواكب هذا التحول المناخي وتحمي الاقتصاد والمواطن على حد سواء. وأكد أن هذا الواقع يستوجب بناء آليات فعالة للتعامل مع تأثيرات المناخ، بحيث توازن بين تحذير المواطنين وتوعيتهم دون أن تؤدي إلى تعطل الحياة اليومية أو الإضرار بالاقتصاد، موضحا من المهم أن تصل المعلومات بشكل دقيق وموضوعي للمواطنين، دون مبالغة قد تؤدي إلى تعطيل الحركة الاقتصادية. وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في الصيف يزيد من استهلاك الطاقة، ما يرفع فواتير الكهرباء، ويشكل ضغطا إضافيا على دخل الأسر الأردنية في ظل الظروف المعيشية الصعبة وغلاء المعيشة لافتا إلى أن ذلك سينعكس سلبا على القدرة الشرائية ويؤثر على حركة الأسواق، حيث يتجنب الناس التسوق خلال ساعات النهار الحارة، مما يتركز البيع على فترة المساء فقط، وهو ما يسبب أعباء مالية على أصحاب المحال التجارية دون مردود مناسب. وشدد منير دية على ضرورة أن تتضمن الخطط المستقبلية لمواجهة التغير المناخي توسعة مشاريع الطاقة المتجددة والبديلة، خاصة الطاقة الشمسية، لتوفير كهرباء بأسعار منخفضة تخفف العبء على القطاعات الاقتصادية الحيوية، من تجارة وخدمات وفنادق، معتبرا بأنه دون التحول الطاقوي، ستظل الفواتير المرتفعة عائقا كبيرا أمام استدامة القطاعات الاقتصادية. كما أكد دية أهمية مراجعة البنية التحتية في الأردن، لضمان جاهزيتها للتعامل مع الظروف المناخية الجديدة، سواء من حيث تصريف مياه الأمطار الغزيرة أو التأقلم مع موجات الحر ودرجات الحرارة المرتفعة، حفاظا على سلامة المنشآت وتفاديا للخسائر الاقتصادية المحتملة. — الغد


الرأي
منذ 6 أيام
- الرأي
أوروبا في قبضة الحرّ والحرائق
تختنق أوروبا الثلاثاء تحت وطأة موجة حرّ خانقة، فيما تتزايد الحرائق التي يُؤججها الاحترار المناخي، لا سيما في شبه الجزيرة الأيبيرية. في إسبانيا، حيث أُبلغ عن عشرات الحرائق المتفاوتة الشدة، لقي رجل حتفه ليلا في حريق اندلع مساء الاثنين في بلدة تريس كانتوس الواقعة على بُعد 25 كيلومترا شمال مدريد، وأتى على أكثر من ألف هكتار. وأصيب الرجل بحروق طالت أكثر من 90% من جسده. وعلق رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز على منصة إكس قائلا "نحن مُعرّضون لخطر شديد بسبب حرائق الغابات". واضطر آلاف الأشخاص إلى قضاء الليل خارج منازلهم، مع إجراء عمليات إجلاء طارئة في بعض الأحيان. وفي فرنسا، أعلنت السلطات حالة تأهب قصوى لمواجهة موجة حرّ شديد في 14 مقاطعة في الجنوب الغربي والوسط الشرقي. وقالت أندريا التي تعمل لدى جمعية وتجمع التبرعات من المارة في مدينة ليون (وسط شرق البلاد) "الجو خانق ولا هواء". كما اشتكى آلان بيشو قائلا "الجو حارٌّ جدا" وهو يجلس صباحا على شرفة في ديجون (وسط شرق) وأضاف "أفضل الذهاب إلى المكتب، على الأقل هناك مكيف هواء". - ليست مفاجئة - قال خبير الأرصاد بجامعة ريدينغ البريطانية أكشاي ديوراس، في تصريح مكتوب لفرانس برس "موجة الحر التي تؤثر حاليا على فرنسا وإسبانيا ودول البلقان ليست مفاجئة". وأضاف "هذه الموجة ناجمة عن قبة حرارية مستقرة فوق أوروبا. وبسبب التغير المناخي، نعيش الآن في عالم أكثر دفئا بشكل ملحوظ، وهذا الواقع يزيد من تكرار موجات الحر وشدّتها". وأشار إلى أن الجفاف يمثل واقعا لأكثر من نصف أوروبا، بشكل خاص في المناطق المحيطة بحوض البحر المتوسط منذ أشهر عدة، ما يوفر ظروفا ملائمة لاندلاع الحرائق. وأعربت وكالة البيئة البريطانية الثلاثاء عن قلق متزايد من نقص المياه في إنكلترا، الذي أصبح يُصنف الآن "مسألة ذات أهمية وطنية". ويُعد النصف الأول من العام الجاري الأكثر جفافا منذ العام 1976، الذي شهد بدوره جفافا شديدا في أوروبا، ما يشير إلى ظاهرة مقلقة تهدد أوروبا برمتها. وفي جنوب إسبانيا، تم تفادي كارثة مساء الاثنين بعد تجدد الحريق قرب تاريفا في الأندلس، وهي منطقة سياحية شهيرة تعرضت لحريق الأسبوع الماضي. - "في وقت قياسي" - قال مستشار الشؤون الداخلية في الحكومة الإقليمية للأندلس أنطونيو سانز، "عشنا لحظات من الخطر الشديد، إذ وصلت ألسنة اللهب إلى مداخل المناطق السكنية"، مضيفا أن عمليات الإجلاء جرت "في وقت قياسي". وأُصيب أحد عناصر الحرس المدني خلال مشاركته في عمليات الإجلاء، بعدما صدمته سيارة. وصباح الثلاثاء، سُمح لمئات الأشخاص من أصل نحو ألفي شخص تم إجلاؤهم من مقاطعة قادس بالعودة إلى منازلهم. وتمكن حوالى 600 شخص من قرى متعددة أُجلي سكانها بسبب الحريق الذي اجتاح الموقع الطبيعي "لاس ميدولاس" المصنّف ضمن التراث العالمي لليونسكو في منطقة قشتالة وليون (شمال غرب مدريد)، من العودة إلى منازلهم صباح الثلاثاء، إلا أن حرائق عدة ظلت مشتعلة في المنطقة نفسها قرب مدينة سامورا. وفي البرتغال، لا تزال ثلاثة حرائق مستعرة، أبرزها حريق ترانكوسو (وسط البلاد) الذي اندلع السبت، ويشارك في احتوائه 700 عنصر إطفاء مدعومين بأربع طائرات. وتخشى السلطات يوما بالغ الصعوبة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، التي قد تصل إلى 44 مئوية في الجنوب. ولم تسلم إيطاليا من موجة الحر، حيث فُرض أعلى مستوى من التحذير في 11 مدينة، من بينها كبرى المدن الإيطالية مثل روما وميلانو وتورينو. وسط هذا المشهد القاتم، شكّل التقدُّم في احتواء حريقٍ اندلع منذ السبت في منطقة شاسعة من متنزه جبل فيزوف الوطني، البركان المطل على خليج نابولي، بارقة أمل. وفي جنوب شرق أوروبا، تصدرت منطقة البلقان المشهد، حيث لا تزال 14 بؤرة حريق نشطة في ألبانيا حتى الاثنين، إضافة إلى حرائق مستعرة في مونتينيغرو وكرواتيا. أما كوسوفو، فشهدت في تموز/يوليو الماضي أعلى درجة حرارة سجلت في تاريخها، بلغت 42,4 مئوية.